الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكره في التحقيقية والمكني عنها. ويمكن دفعه بأن الاستعارة التخييلية صورة وهمية مخترعة اخترعها البليغ، وأضافها إلى المشبه مشابهة للازم المشبه به، وهو أمر مبطن غير مصرح به في الكلام، فلا يمكن بيان التفاوت فيه، وضبط درجات حسنه بتفاوت حسن التشبيه المعتبر فيه، فتأمل.
[فصل: قد يطلق المجاز على كلمة تغير حكم إعرابها]
(فصل: وقد يطلق المجاز) إما على سبيل الاشتراك أو التشابه (على كلمة تغير حكم إعرابها) الإضافة لأمية أي: حكم لإعرابها، لأنها إضافة العام إلى الخاص كشجر الأراك، فقول الشارح:«هي للبيان على نحو من النحو» .
قال في المفتاح: يتغير إعرابها من نوع إلى نوع آخر (بحذف لفظ أو زيادة لفظ) خرج بهذا القيد لغير حكم إعراب «غير» في: جاءني القوم غير زيد، فإن حكم إعرابه كان الرفع على الوصفية، فتغير إلى النصب على الاستثناء، لكن لا يحذف لفظ أو زيادة، بل لنقل «غير» عن الوصفية إلى كونه أداة استثناء، لكنه يخرج عنه ما ينبغي أن يكون مجازا، وهو جملة حذف ما أضيف إليها، وأقيمت مقامه، نحو: ما رأيته مذ سافر، فإنه في تقدير: مذ زمان سافر إلا أن يؤول قوله كلمة بما هو أعم من الكلمة حقيقة، ومنها حكما، ويدخل فيه ما ليس بمجاز نحو: إنما زيد قائم، فإنه يغير حكم إعراب زيد بزيادة «ما» الكافة، وإن زيدا قائم، فإنه يغير إعراب زيد من النصب إلى الرفع بحذف إحدى نوني إنّ وتخفيفها، وغير ذلك مما تعرفه لو كنت في درجة من التفطن.
فالصحيح كلمة تغير حكم إعرابها الأصلي إلى غيره، أي: إلى غير الأصلي فإن ربك في وَجاءَ رَبُّكَ (1) تغير حكم إعرابه الأصلي أي: إعرابه الذي يقتضيه بالأصالة لا بتبعية شيء آخر، وهو الجر في المضاف إليه أي: إلى غير الأصلي الذي حصل بمتابعة أمر آخر، كالرفع الذي حصل فيه بفرعية مضافة المحذوف وثباته له، وليس ما غير إليه الإعراب الأصلي في الأمثلة المذكورة إلى غير الأصلي، بل إلى أصل آخر.
وكذلك يدخل فيه نحو: ليس زيد بمنطلق، وما زيد بقائم، مع أن المفتاح صرح بأنهما ليسا بمجازين، إذ قيدا لإخراجهما بأن قال: أو زيادة لفظ مستغنى
(1) الفجر: 22.
عنه استغناء واضحا نحو: كفى بالله، وبحسبك زيد بخلاف: ليس زيد بقائم، وما زيد بقائم.
وفسر شارحوا المفتاح الاستغناء الواضح بما لم يظهر لزيادته فائدة أصلا، وزيادة الباء في النفي لتأكيد النفي.
قال الشارح: وظاهر عبارة المفتاح أن الموصوف بهذا النوع من المجاز هو الإعراب، يريد به أنه قال: الحكم الأصلي لقوله: ربك هو الجر، وأما الرفع فمجاز فيه.
كذا قال المصنف: النصب في قوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ (1) مجاز، والجر في لَيْسَ كَمِثْلِهِ (2).
واعترض عليه: بأن الأقرب أن يكون المجاز هو الكلمة دون الإعراب؛ لأنه لا يتم في المجاز بالزيادة نحو: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ أنه تعدى الإعراب عن محله، وقد صرح المفتاح بأن اعتبار التجوز هنا باعتبار مشابهته المجاز في التعدي عن الأصل إلى غير الأصل.
وردّ ذلك بأن ظاهر عبارة تعريفه الذي يجب حفظه أنه نفس الكلمة؛ حيث قال: وهو عند السلف أن تكون الكلمة منقولة عن حكم لها أصلي إلى غيره، فليؤول قوله: وأما الرفع المجاز بأن المراد فحكم مجازي بمنزلة المعنى المجازي في المجاز، والمجاز شائع بالمعنى السابق، لا بهذا المعنى فإنه قلما يستعمل كما دل عليه قوله:
وقد يطلق إذ لا غرض متعلق به في فن البيان.
قال الشارح: حاول المصنف التنبيه عليه اقتداء بالسلف، وحفظا للمتعلم عن الزلق عند استعمال المجاز بهذا المعنى، هذا والأولى القناعة بالوجه الثاني؛ إذ لا بد لتعرض السلف لهذا المعنى من جهة، وهي ليست إلا المعنى المذكور، وستعرف تحقيق هذا المجاز على وجه يكون مقصودا في البيان.
فالأول: (كقوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ) لاستحالة مجيء الرب (3)،
(1) يوسف: 82.
(2)
الشورى: 11.
(3)
مذهب أهل السنة في هذا وأمثاله هو الحمل على الحقيقة مع نفي المشابهة بينه وبين خلقه، فما ....... -