المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادمعالي الدكتور محمد علي البار - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الخامس

- ‌حول تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور حسان حتحوت

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادمعالي الدكتور محمد علي البار

- ‌تنظيم النسل أو تحديدهفيالفقه الإسلاميإعدادالأستاذ الدكتور حسن على الشاذلي

- ‌تنظيم النسل ورأي الدين فيهإعدادالدكتور/ محمد سيد طنطاوي

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور علي أحمد السالوس

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ د. الطيب سلامة

- ‌رأي في تنظيم العائلةوتحديد النسلإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌مسألة تحديد النسلإعدادالدكتور محمد القري بن عيد

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالدكتور مصطفى كمال التارزي

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالشيخ رجب بيوض التميمي

- ‌تناسل المسلمينبين التحديد والتنظيمإعدادالدكتور أحمد محمد جمال

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ محمد بن عبد الرحمن

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالأستاذ تجاني صابون محمد

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالحاج عبد الرحمن باه

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ الشريف محمد عبد القادر

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادأونج حاج عبد الحميد بن باكل

- ‌تحديد النسلإعدادالشيخ محمد علي عبد الله

- ‌تنظيم النسل وتحديده فيالإسلامإعدادالدكتور دوكوري أبو بكر

- ‌تنظيم الأسرةفي المجتمع الإسلاميالاتحاد العالمي لتنظيم الوالديةإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

- ‌تنظيم النسلوثيقة من المجلس الإسلامي الأعلىبالجمهورية الجزائرية

- ‌قوة الوعد الملزمةفي الشريعة والقانونإعدادالدكتورمحمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌الوفاء بالوعدإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌الوفاء بالوعدإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الوفاء بالوعدفي الفقه الإسلاميتحرير النقول ومراعاة الاصطلاحإعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌الوفاء بالوعدإعداد الأستاذ الدكتور يوسف قرضاوي

- ‌الوفاء بالوعد وحكم الإلزام بهإعدادالشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌الوفاء بالوعد في الفقه الإسلاميبقلمالشيخ هارون خليف جيلي

- ‌الوفاء بالعهد وإنجاز الوعدإعدادفضيلة الشيخ الحاج عبد الرحمن باه

- ‌الوفاء بالوعدإعدادالشيخ شيت محمد الثاني

- ‌المرابحة للآمر بالشراءبيع المواعدةالمرابحة في المصارف الإسلاميةوحديث ((لا تبع ما ليس عندك))إعدادالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌المرابحة للآمر بالشراءإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌المرابحة للآمر بالشراءدراسة مقارنةإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌المرابحة للآمر بالشراءنظرات في التطبيق العمليإعدادالدكتور علي أحمد السالوس

- ‌بيع المرابحة للآمر بالشراءإعدادالدكتور سامي حسن محمود

- ‌نظرة شمولية لطبيعة بيعالمرابحة للآمر بالشراءإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌بيع المرابحة للآمر بالشراءفي المصارف الإسلاميةإعداددكتور رفيق يونس المصري

- ‌نظرة إلى عقدالمرابحة للآمر بالشراءإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌بيع المرابحة في الإصطلاح الشرعيوآراء الفقهاء المتقدمينفيهإعدادالشيخ محمد عبده عمر

- ‌بحث السيد إيريك ترول شولتزعندراسة تطبيقية: تجربة البنك الإسلامي في الدنمارك

- ‌بحث الدكتورأوصاف أحمدعنالأهمية النسبية لطرق التمويل المختلفة في النظام المصرفيالإسلامي

- ‌تغير قيمة العملة في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور عجيل جاسم النشيمي

- ‌النقود وتقلب قيمة العملةإعدادد. محمد سليمان الأشقر

- ‌تغير قيمة العملةإعدادأ0 د يوسف محمود قاسم

- ‌أثر تغير قيمة النقود في الحقوق والالتزاماتإعدادد. على أحمد السالوس

- ‌تغير العملة الورقيةإعدادالدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌تذبذب قيمة النقود الورقيةوأثره على الحقوق والالتزاماتعلى ضوء قواعد الفقه الإسلامي

- ‌تغيير قيمة العملةإعدادالشيخ محمد على التسخيري

- ‌موقف الشريعة الإسلامية منربط الحقوق والالتزامات المؤجلة بمستوى الأسعارإعدادعبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌مسألة تغير قيمة العملةوربطها بقائمة الأسعارإعدادالدكتور محمد تقي العثماني

- ‌المعاملات الإسلامية وتغيير العملةقيمة وعينًاإعدادالشيخ/ محمد الحاج الناصر

- ‌تغير قيمة العملةإعدادالشيخ محمد علي عبد الله

- ‌تغير قيمة العملة والأحكامالمتعلقة فيها في فقه الشريعة الإسلاميةإعدادالشيخ محمد عبده عمر

- ‌بيع الاسم التجاريإعدادالدكتور عجيل جاسم النشمي

- ‌بيع الحقوق المجردةإعدادالشيخ محمد تقي العثماني

- ‌بيع الاسم التجاري والترخيصإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌الحقوق المعنوية:حق الإبداع العلمي وحق الاسم التجاريطبيعتهما وحكم شرائهماإعدادالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌بيع الأصل التجاري وحكمهفي الشريعة الإسلاميةإعدادالشيخ مصطفى كمال التارزي

- ‌الأصل التجاريإعدادالدكتور – محمود شمام

- ‌الحقوق المعنويةبيع الاسم التجاري والترخيصإعدادالدكتور عبد الحليم محمود الجنديوالشيخ عبد العزيز محمد عيسى

- ‌الفقه الإسلامي والحقوق المعنويةإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌حول الحقوق المعنوية وإمكان بيعهاإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌بيع الاسم التجاري والترخيصإعدادالدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌التأجير المنتهي بالتمليكوالصور المشروعة فيهإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكإعدادالدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌الإيجار الذي ينتهي بالتمليكإعدادالشيخ عبد الله الشيخ المحفوظ بن بيه

- ‌الإجارة بشرط التمليك - والوفاء بالوعدإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌التأجير المنتهي بالتمليكإعدادالدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌تحديد أرباح التجارإعدادالشيخ محمد المختار السلامي

- ‌تحديد أرباح التجارإعدادالدكتور يوسف القرضاوي

- ‌مسألة تحديد الأسعارإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌بحثتحديد أرباح التجارإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌تحديد أرباح التجارإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌العرفإعدادالشيخ خليل محيى الدين الميس

- ‌ موضوع العرف

- ‌العرفإعدادالشيخ كمال الدين جعيط

- ‌نظرية العرف في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌العرفإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌العرف بين الفقه والتطبيقإعدادد. عمر سليمان الأشقر

- ‌العرف (بحث فقهي مقارن)إعدادالدكتور محمد جبر الألفي

- ‌العرف في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور إبراهيم كافي دونمز

- ‌العرف بين الفقه والتطبيقإعدادمحمود شمام

- ‌العرف ودوره في عملية الاستنباطإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌العرفإعدادالدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌منزلة العرف في التشريع الإسلاميإعدادالشيخ محمد عبده عمر

- ‌تطبيق أحكام الشريعة الإسلاميةإعدادأ. د. عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان

- ‌أفكار وآراء للعرض:المواجهة بين الشريعة والعلمنةإعدادالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌تطبيق الشريعةإعدادالدكتور صالح بن حميد

الفصل: ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادمعالي الدكتور محمد علي البار

‌تنظيم النسل وتحديده

إعداد

معالي الدكتور محمد علي البار

عضو الكليات الملكية للأطباء بلندن وجلاسكو وأدنبره

مستشار قسم الطب الإسلامي بمركز الملك فهد للبحوث الطبية

جامعة الملك عبد العزيز

بسم الله الرحمن الرحيم

منع الحمل

وحكمه في الإسلام

إن هناك طرقا عديدة لمنع الحمل مارسها الإنسان منذ القدم.. وقد استحدثت وسائل جديدة في القرن العشرين واتسع نطاق استخدام هذه الوسائل حتى أصبح عدد اللواتي يستخدمن وسائل منع الحمل يعد بالملايين بل بمئات الملايين.. ومع هذا فإن الحمل قد يحدث رغم استخدام وسائل منع الحمل إذا أراد الله ذلك مصداقا لقوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء)) أخرجه مسلم.

وطرق منع الحمل كثيرة نوجزها فيما يلي:

أ- طرق منع وصول الحيوانات المنوية إلى عنق الرحم.

1-

الجماع بدون إيلاج.

2-

العزل Coitus Interruptus

3-

استعمال الرفال (Condom) وهو يغطي الإحليل.

4-

استعمال الحواجز والقلنسوة (القبعة الهولندية) Diaphrafms and Caps

5-

استعمال المراهم واللبوس (Suppiditeries) والدوش المهبلي.

ب - تنظيم الجماع:

بحيث يقع في أول الدورة وآخرها ويتجنب وسطها الذي تخرج فيه البويضة من المبيض والذي يقع عادة في اليوم الرابع عشر قبل بدء الحيض من الدورة التالية.

ج- طرق تمنع المبيض من إفراز البويضة:

وأهم هذه الطرق هو حبوب منع الحمل التي ظهرت عام 1956 والتي تستعملها حاليا أكثر من مائة مليون امرأة في العالم (1)

د- استعمال أداة داخل الرحم (اللولب) . D. لا.1

ويعتقد أن اللولب يعمل بواسطة منع علوق البويضة الملقحة في جدار الرحم.

ويقال: إن العرب في الصحراء هم الذين ابتكروا هذه الطريقة حيث كانوا يدخلون أحجارا صغيرة في رحم الناقة عندما يريدون السفر الطويل ويخشون عليها من أن تحبل.. ويقدر عدد النساء اللائي يستخدمن هذه الطريقة بخمسين مليون امرأة في العالم نصفهن في الولايات المتحدة الأمريكية (2) .

(1) Hexagon Vol4 No.5 1976

(2)

Time. May 26، 1980

ص: 37

هـ- الرضاعة:

تعتبر الرضاعة من الوسائل الفسيولوجية لمنع الحمل.. وهي طريقة موغلة في القدم، وقد وجد أن افراز البرولاكتين Prolactin من الغدة النخامية Pitfond وخاصة إذا كانت المرأة تعاني من نقص في التغذية يؤدي إلى منع إفراز البويضة.. وهذه الطريقة قد هيأها الله تعالى للمرأة في الأزمنة الغابرة والحاضرة لمنع الحمل أثناء الرضاع بصورة فسيولوجية.. إلا أن هذه الطريقة نسبة الفشل فيها عالية. ولذا فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن وطء المرضع وسماه وطء الغيلة وأنه يدرك الفارس قيد عثرة، وقد أخرج الإمام أحمد في مسنده قوله صلى الله عليه وسلم ((لا تقتلوا أولادكم سرا فإن الغيل يدرك الفارس قيد عثرة من فوق فرسه)) (1) .

ثم أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم وطء المرضع عندما رأي أنه لا يضر أمتين قويتين آنذاك هما الفرس والروم وكانوا يفعلونه – عن أسامة بن زيد أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إني أعزل عن امرأتي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تفعل ذلك؟ فقال الرجل أشفق على ولدها فقال الرسول: لو كان ضارا لضر فارس والروم)) أخرجه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده (2) .

وقد أزال العلماء التعارض الظاهر بين الحديثين ومن أحسن ما كتب ما قاله ابن القيم في زاد المعاد ثم في مفتاح دار السعادة (3) . فقد أخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم أن وطء المرضع يضعف المولود حتى إن ذلك الضعف قد يدركه وهو على فرسه قيد عثرة فأرشدهم إلى تركه ولم ينه عنه نهيا قاطعا. ولما رأى أن الإمساك عن وطء النساء مدة الرضاع ولا سيما من الشباب وأرباب الشهوة التي لا يكسرها إلا مواقعة نسائهم يؤدي إلى مفسدة أعظم.. رأى صلى الله عليه وسلم أن دفع المفسدة الأعظم أهم من دفع المفسدة الأصغر.. وقد رأى أن الغيل (وطء المرضع) لا يضر أمتين قويتين هما فارس والروم فعندئذ أرشد إلى مواقعة المرضع.

(1) أخرجه أحمد في مسنده 6/453، 458 وأبو داود في كتاب الطب باب الغيل 4/13 وابن ماجة في السنن كتاب النكاح باب الغيل 6481

(2)

صحيح مسلم كتاب النكاح باب جواز الغيلة ومسند أحمد 5/203

(3)

زاد المعاد 4/18 ومفتاح دار السعادة 2/270

ص: 38

و التعقيم:

ويتم تعقيم الرجل بقطع الحبل المنوي في الجهتين.. وقد انتشرت هذه الطريقة في الهند خاصة عندما أمرت بتنفيذها قسرا أنديرا غاندي وأدى ذلك إلى اضطرابات كثيرة وسقوط حكمها آنذاك.

أما تعقيم المرأة فقد يتم بإزالة الرحم أو المبايض وذلك عند إصابة هذه الأعضاء بمرض خطير أو نزف شديد.. أو ورم حميد أو خبيث.

كما يتم عادة بربط وقطع قناتي الرحم Tubal Ligation

ومن المعلوم أن ربط الحبل المنوي من الجهتين وقطعه لا يؤدي إلى العقم مباشرة ولا بد من مرور ثلاثة أشهر على الأقل قبل التأكد من أن الرجل أصبح عقيما.. ومع هذا فإن هناك نسبة لا يستهان بها بقيت لهم قوة الإخصاب رغم قطع الحبل المنوي من الجهتين حتى بعد مرور فترة طويلة من الزمن.

وكذلك فإن هناك نساء عديدات حملن رغم ربط الأنابيب (قناتي الرحم) وقطعها وهذا مصداق لقوله تعالى {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء)) أخرجه مسلم.

ز- الإجهاض:

قد يعتبر بعضهم الإجهاض أحد وسائل منع الحمل

وهناك 25 مليون حالة إجهاض جنائي Induced or criminal abortion في العالم سنويا، ورغم أن هذه أبشع الوسائل لمنع الحمل فإنها للأسف لا تزال واسعة الانتشار.

وتختلف وسائل منع الحمل في درجة نجاحها فبعضها ذات نسبة نجاح عال مثل حبوب منع الحمل وربط الأنابيب واللولب وبعضها ذات نسبة فشل كبيرة تصل إلى 30 بالمائة مثل العزل والرضاعة.

ص: 39

سياسة منع الحمل في البلاد الإسلامية (عربية وأعجمية) :

بما أن الإسلام شجع على التناسل والنكاح ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم)) رواه أبو داود والنسائي والحاكم وفي رواية ((تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم)) والأحاديث والآيات الحاثة على الزواج والتناسل كثيرة جدا فإن سياسة منع الحمل أو ما يسمى تنظيم الحمل والذي تقوم به كثير من الدول في البلاد الإسلامية (عربية وأعجمية) هو سياسة خاطئة تضاد مقاصد الشريعة من كثرة التناسل والزواج والحث عليهما.

والأغرب من ذلك أن تقوم بعض الدول (المسلمة) بإكراه النساء على وسائل منع الحمل دون مراعاة لأدنى نصيب من إنسانية الإنسان وكرامته.. ففي بعض البلاد العربية التي تبذل كل جهدها في نشر وسائل منع الحمل بكافة الطرق يقوم الطبيب بإدخال اللولب I.U.D إلى رحم المرأة عند قيامه بفحصها دون علمها ولا رغبتها ولا موافقتها!! وذلك تنفيذا لأوامر الدولة!! وهو أمر يجافي أبسط المبادئ الإنسانية.

كما أن هذه الدول تستدين مئات الملايين من الدولارات لتنفيذ سياسة منع الحمل.. وتوجه إعلامها لنشر هذه الوسائل والدعوة إليها.. والسخرية من الحمل وكثرة النسل.

وإذا علمنا أن إسرائيل تشجع سكانها على التناسل.. وبدرجة مثيرة للتقزز عندما وقف بيجن وطلب من الإسرائيليات أن ينجبن سواء كان ذلك بطريق شرعي أو غير شرعي – إذا علمنا ذلك أدركنا أن أعداء الإسلام يعملون دائبين على منع الحمل بين المسلمين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

وفي البلاد الاشتراكية (الشيوعية) تقوم الدولة بتشجيع الحمل إلا بين الفئات الإسلامية ففي الاتحاد السوفيتي مثلا انزعج المسئولون انزعاجا شديدا عندما رأوا أن المسلمين في آسيا الوسطى (جمهوريات أوزبكستان، طادجيكستان، قزقستان قرغيزيا وتركمنستان) وفي جمهورية أذربيجان وبقية مناطق القوقاز يتكاثرون بنسبة تبلغ ضعف ما عليه الروس والأوكران وهم يعملون بكافة الوسائل لنشر منع الحمل بين المسلمين وزيادة الحمل بين الروس والأوكران وبقية المجموعات غير المسلمة.

ص: 40

وتقدم الدولة في الغرب وفي الاتحاد السوفيتي كافة المعونات للنساء الحوامل والمرضعات وتخفف الضرائب عن الأسر التي تعول أطفالا عديدين.. وكلما زاد عدد الأطفال كلما خففت الضرائب وزادت المعونة من الدولة على هيئة غذاء مجاني للأطفال.. بينما تقوم الدولة هناك بفرض ضرائب مرهقة على غير المتزوجين وعلى الأسر بغير أطفال. وأشد هذه الدول الغربية انزعاجا من قلة النسل هي الدولة الألمانية حيث انخفض أطفال الأسرة الواحدة في المعدل إلى 1.6 ومعنى ذلك ببساطة أن سكان ألمانيا (من الألمان) سينخفضون تدريجيا.. ويواجهون مشكلة الانقراض إذا استمر انخفاض التناسل على ما هو عليه.

ولا شك أن ارتفاع عدد السكان في أوربا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر وأوائل العشرين هو الذي مكن لهذه الدول أن تبسط سيطرتها ونفوذها على مناطق العالم، وإذا علمنا أن كثرة النسل وزيادته في بريطانيا قد أدت إلى أن يستوطن البريطانيون أستراليا ونيوزيلنده وكندا والولايات المتحدة وبالتالي يفرضوا سيطرتهم ولغتهم وثقافتهم على تلك البلاد الشاسعة.

ونظرة إلى الوراء توضح لنا سكان بريطانيا.. ففي عام 1400م كان عدد سكانها لا يجاوزون مليونين فقط وفي عام 1500 بلغوا ثلاثة ملايين وفي عام 1600م بلغوا خمسة ملايين وفي عام 1700 بلغوا سبعة ملايين وفي عام 1800 بلغوا عشرة ملايين، ثم حدثت الطفرة التي جعلت بريطانيا الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس في القرن التاسع عشر وأوائل العشرين ففي عام 1847 بلغ عدد السكان 20مليونا وفي عام 1882 قفزوا إلى ثلاثين مليونا وفي أوائل القرن العشرين (1911) كانوا قد قفزوا إلى رقم 40 مليونا.. وفي عام 1951 وصلوا إلى 50 مليونا (1) وفي عام 1978 كان عدد السكان قد تجاوز 56مليونا (2) ..

وإذا قارنا الجزيرة البريطانية بالجزيرة العربية من حيث المساحة والسكان فإننا سنذهل للفارق الكبير بينهما فبينما نجد سكان المملكة العربية السعودية لا يتجاوزون ثمانية ملايين بما فيهم الأجانب نجد سكان بريطانيا قد تجاوزوا 56 مليونا

وبينما نرى مساحة المملكة العربية السعودية تبلغ 2.240.000 كيلو مترا مربعا نجد أن مساحة المملكة المتحدة (إنجلترا وويلز وأسكوتلندة وشمال أيرلندة) تبلغ 244.104 كيلو مترا مربعا..

(1) Hawkins and Elders: Human Fertility Control P466، Buttey Worths – London، 1979

(2)

من كتاب "التحكم في الخصوبة الإنسانية" Hawkins، Elders: Human Fertility Control PP446، Butterworths – London، 1979

ص: 41

وتذكر دائرة المعارف البريطانية (1) أن سكان المملكة العربية حسب إحصاء عام 1974 كانوا 7.012.642 (بما فيهم الأجانب الذين قدروا بأكثر من ثلاثة ملايين) أما الكثافة السكانية فتبلغ في المملكة 3.1 لكل كيلو متر مربع (وإذا أخذنا الرقم بالنسبة للسعوديين فهو أقل من شخصين لكل كيلو متر مربع) .

وبالمقارنة فإن الكثافة السكانية في المملكة المتحدة حسبما ذكرته دائرة المعارف البريطانية (2) كانت 229.3 في كل كيلو متر مربع.

أما عدد المواليد في المملكة فكانوا (في الفترة 1970- 1975)49.5 لكل ألف من السكان. أما عدد الوفيات فكانوا 20.2 لكل ألف من السكان أي أن الزيادة هي 29.3 لكل ألف نسمة من السكان.

وسجل معدل الأعمار في المملكة بـ 44 عاما للذكور و46 عاما للإناث (دائرة المعارف البريطانية)(3) .

وبالمقارنة فإن معدل الأعمار في المملكة المتحدة هو 70 عاما للذكور و76 عاما للإناث.

أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وكندا (أمريكا الشمالية) فقد كان عدد سكانها عام 1750 م مليون نسمة فقط. وبعد قرن واحد (أي عام 1850م) بلغوا 26 مليون نسمة، وبعد قرن آخر بلغ عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية (بدون كندا) أكثر من 166 مليونا وهذا ما أعطى الولايات المتحدة الزحم السكاني وحولها من مستعمرة لبريطانيا في القرن التاسع عشر إلى أعظم دول الأرض قاطبة في القرن العشرين.. وقد ارتفع السكان ارتفاعا حثيثا في هذه الفترة ولا يزال ارتفاع معدل السكان عاليا فقد زاد السكان عام 1972 إلى 209 مليون نسمة (4) .. وفي عام 1980 بلغ عدد السكان أكثر من 230 مليونا وبالمقارنة فإن كندا التي تبلغ مساحتها 9.976.139 كيلو مترا مربعا فإن سكانها حسب إحصاء 1971 كانوا أقل من 22 مليونا (5) .

وهذا ما جعل الولايات المتحدة التي تقل مساحتها عن مساحة كندا دولة عظمى بينما نرى كندا دولة من الدرجة الثالثة.

(1) الميكروبيديا المجلد 8/920 طبعة 1982

(2)

الميكروبيديا المجلد 10/266 طبعة 1982

(3)

المجلد 8/920

(4)

الميكروبيديا المجلد 10/270

(5)

الميكروبيديا المجلد 2/496

ص: 42

ويقدر عدد سكان العالم العربي عام 1976 بـ 146 مليونا (1) مليونا، بينما بلغ سكان العالم 4045 مليونا في نفس العام. وبما أن مساحة العالم العربي تشكل 1/10 من مساحة اليابسة من الكرة الأرضية فإن سكان العالم العربي ينبغي أن يكونوا أكثر من ثلاثمائة مليون نسمة..

وبما أن الموارد النفطية والمعدنية والزراعية في البلاد العربية كبيرة جدا فإن تقارير الجامعة العربية تؤكد أن البلاد العربية تستطيع أن تضاعف عدد سكانها دون أن تجد أي صعوبة في إطعامهم وإسكانهم وإيجاد العمل المناسب لهم إذا استغلت الطاقات العظيمة الموجود حاليا، وإذا نظمت الأمور تنظيما دقيقا نسبيا على التعاون والتكامل بين كافة الأقطار العربية (2) . وقد جاء في تقرير برنامج الأمن الغذائي الذي أصدرته المنظمة العربية للتنمية الزراعية بالجامعة العربية أغسطس 1980 ما يلي:

1-

إن حجم الموارد الطبيعية سواء كانت الأرضية أو المائية يعد كافيا للوفاء باحتياجات الأمة العربية في المستقبل القريب والبعيد.

2-

إن آفاق التنمية الزراعية واسعة وإمكانياتها متاحة بلا حدود فيمكن زيادة الموارد المائية السطحية من 139 مليار متر مكعب إلى 202 مليار متر مكعب وذلك بالتحكم فقط في فواقد الأنهار الحالية وتنفيذ مشروعات التخزين السنوي والمستمر. وكذلك نستطيع أن نضاعف مياهنا الجوفية المستغلة من 12 مليار إلى 25 مليار متر مكعب سنويا.. وعلى ذلك يمكن مضاعفة المساحة المروية سنويا إذ يمكن زيادتها من نحو 12.5 مليون هكتار إلى 21.6 مليون هكتار عام 2000 الأمر الذي يشير إلى أن هناك إمكانيات هائلة لتنمية إنتاج الغذاء خاصة إذا استغلت هذه الموارد على الوجه الصحيح.

3-

إن مساحة الأرض الصالحة للزراعة في الوطن العربي تبلغ 236 مليون هكتار لا يستغل منها حاليا سوى 46 مليون هكتار. ويعتمد منها على الأمطار 80 % من هذه المساحة وينخفض التكثيف الزراعي على هذه الأراضي المطرية بحيث لا يتعدى 50 % وهو معدل ضئيل للغاية.

(1) كتاب أحوال السكان في العالم العربي للدكتور عزت النصر

(2)

برنامج الأمن الغذائي- جامعة الدول العربية المنظمة العربية للتنمية الزراعية. أغسطس 1980

ص: 43

ويستعرض ذلك البحث الضخم المكون من 8 مجلدات كيفية الاستفادة من الإمكانيات الزراعية الهائلة المتاحة وغير المستغلة حاليا، كما يورد إحصائيات دقيقة عن الموارد المائية الممكنة في الدول العربية من مصادرها المختلفة والتي تبلغ 238 مليار متر مكعب والذي لا يستغل منها حاليا سوى 156 مليار، وبطرق بدائية تسبب عدم الاستفادة حتى من هذه الكمية المستخدمة، كما يتحدث الباحثون بعمق عن مصادر الثروات الحيوانية وكيف يمكن مضاعفتها عدة مرات وكذلك الثروات السمكية والداوجن وغيرها.

وخلاصة البحث أن البلاد العربية تستطيع أن تعتمد على نفسها في إطعام سكانها، حتى لو تضاعفوا إذا استخدمت الموارد المتاحة بطرق فنية جيدة وبتعاون وثيق بين مختلف الدول العربية.

ويكفي أن تعلم أن السودان وحدها إذا استغلت إمكانياتها الزراعية والحيوانية تستطيع أن تطعم العالم العربي بأكمله، وهي تحتاج إلى أموال وإلى وفرة سكانية يمكن أن تأتيها من مصر التي تعاني من زيادة نسبية في السكان. ولهذا فقد أسمت الدوائر المطلعة السودان "سلة الخبز" للعالم العربي.

إذن نخلص من هذا إلى أن سياسة منع الحمل التي تسير عليها الدول العربية والإسلامية الأخرى هي سياسة خاطئة علميا ودينيا وديموجرافيا.

منع الحمل على مستوى الأفراد.

إذا قررنا أن سياسة منع الحمل على مستوى الدولة سياسة خاطئة، فإننا نعتقد أن موضوع منع الحمل على المستوى الفردي يختلف تمام الاختلاف عن موضوع سياسة منع الحمل على مستوى الدولة.

يقرر الإسلام أهمية الحمل والتناسل وما يكون فيهما من أجر للوالدين وخاصة الأم، ويعتبر الإسلام مشقة حملها وولادتها مثل مشقة الجهاد، ولها في ذلك مثل أجر المجاهد، ومع هذا فإن وسائل منع الحمل يمكن أن تمارس بشرط:

ص: 44

1-

أن لا تكون وسائل دائمة أي تؤدي إلى العقم مثل قطع الأنابيب وربطها وقطع الحبل المنوي وربطه أو استئصال الرحم ما لم يكن هناك سبب طبي قوي جدا لذلك الإجراء.

2-

أن لا يعقب استخدام وسائل منع الحمل خطر وضرر على صحة المرأة التي تستخدمها، فمثلا لا ينصح باستخدام حبوب منع الحمل في الحالات التالية:

1-

أمراض القلب وضغط الدم.

2-

أمراض الكلى.

3-

أمراض الكبد.

4-

امرأة بلغت سن الخامسة والثلاثين فما فوقها.

5-

البول السكري.

6-

امرأة أصيبت بنوع من أنواع السرطان وخاصة سرطان الثدي وعولجت منه.

7-

امرأة أصيبت بجلطة أو تخثر في الدم.

8-

الأمراض النفسية مثل الكآبة والقلق والشيزوفرانيا.

9-

تزداد أضرار حبوب منع الحمل مع التدخين إذ أن كلاهما يؤثر على شرايين القلب والدماغ والأطراف وكلاهما يزيد من احتمال الإصابة بالجلطات.

وتعتبر الوسائل الفسيولوجية هي أسلم الوسائل لمنع الحمل وهي العزل أي القذف خارج الرحم، وتنظيم الجماع بحيث يتجنب فترة نزول البويضة، والرضاعة أما الوسائل الميكانيكية فهي قليلة الضرر مثل الرفال Condon والحواجز والقبعة وهذه الوسائل جميعها نسبة الفشل فيها عالية إذ تترواح ما بين 10 بالمائة إلى 30 بالمائة. وترتفع نسبة النجاح في استعمال اللولب ولكن محاذير اللولب كثيرة وهي:

ص: 45

1-

أن طريقة عمل اللولب وهو منع العلوق يعتبر نوعا من الإجهاض المبكر جدا، ويحرمه الإمام مالك والظاهرية (ابن حزم) .

2-

النزف المتكرر.

3-

آلام شديدة عند بعض النساء في الظهر وأسفل البطن.

4-

التهابات ميكروبية في الجهاز التناسلي.

5-

انثقاب الرحم وهو أمر نادر الحدوث ولكنه خطير.

6-

انغراز اللولب في جدار الرحم.

7-

قد يطرد الرحم اللولب دون أن تشعر المرأة فتحمل.

8-

تزداد نسبة الحمل خارج الرحم مع وجود اللولب.

9-

حدوث الحمل وغم وجود اللولب (بنسبة 6 %) .

المسوغات لتنظيم النسل:

1-

الخشية على حياة الأم أو صحتها من الحمل والولادة إذا أخبر بذلك طبيب ثقة.

2-

الخشية من وقوع حرج دنيوي قد يفضي إلى حرج في دينه فيرتكب المحظور من أجل الأولاد.

3-

الخشية على الأولاد أن تسوء صحتهم أو تضطرب تربيتهم

4-

الخشية على الرضيع من حمل جديد.

وقد أورد الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين (1) النيات الباعثة على العزل وقال هي خمس:

الأولى: في الإماء، لأن حمل الأمة (الجارية) يمنع التصرف فيها حيث تصبح أم ولد.

الثانية: استبقاء جمال المرأة واستبقاء حياتها خوفا من خطر الطلق

وتكرر الحمل والولادة وهذا ليس منهيا عنه.

الثالثة: الخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد والاحتراز من الحاجة ودخول مداخل السوء، وهذا غير منهي عنه فإن قلة الحرج معين على الدين.

الرابعة: الخوف من الأولاد الإناث.

الخامسة: أن تمتنع المرأة لتعززها ومبالغتها في النظافة والتحرز من الطلق والنفاس والرضاع وكان ذلك عادة الخوارج.

وهاتان النيتان (الرابعة والخامسة) نيتان فاسدتان ولا يجوز العزل من أجلهما.

(1) أبو حامد محمد بن محمد الغزالي: إحياء علوم الدين مجلد 2/ كتاب النكاح ص51 – 53 طبعة دار المعرفة بيروت

ص: 46

الأحاديث الواردة في العزل:

1-

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: ((كنا نعزل على عهد رسول الله والقرآن ينزل)) أخرجه البخاري ومسلم وزاد مسلم: ((فبلغ ذلك رسول الله فلم ينهنا)) .

2-

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بني المصطلق فسبينا كرائم العرب فطالت علينا العزبة ورغبنا في الفداء فأردنا أن نستمتع ونعزل فقلنا نفعل ذلك ورسول الله بين أظهرنا لا نسأله، فسألنا رسول الله فقال: لا عليكم ألا تفعلوا ما كتب الله خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون)) أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه والدارمي وأحمد.

3-

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: ((أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن لي جارية هي خادمتنا وساقيتنا -وفي رواية: سانيتنا وهي بمعناه - وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها فلبث الرجل، ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت فقال: قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها)) رواه مسلم وابن ماجه وأحمد والدارمي.

4-

عن جابر بن عبد الله قال ((قلنا يا رسول الله كنا نعزل فزعمت اليهود أنه الموءودة الصغرى. فقال: كذبت اليهود إن الله إذا أراد خلقه لم يمنعه)) وفي رواية ((إذا أراد الله خلقه لم تستطع رده)) . أخرجه الترمذي وأحمد وأبو داود.

5-

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن العزل عن الحرة إلا بإذنها رواه أحمد في مسنده.

6-

قال رجل في مجلس عمر رضي الله عنه العزل كالوأد. فقال الإمام على وكان حاضرا المجلس: لا تكون موءدة حتى تمر عليها التارات (وفي لفظ: الأطوار) السبع: حتى تكون سلالة من طين ثم تكون نطفة ثم تكون علقة ثم تكون مضغة ثم عظاما ثم تكسى لحما ثم تكون خلقا آخر. فقال عمر رضي الله عنه: صدقت أطال الله بقاءك (ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم) .

7-

ص: 47

وقد أباح أصحاب المذاهب الأربعة العزل عن الأمة برضاها وبدون رضاها كما أباحوا العزل عن الزوجة الحرة برضاها لأن لها حقا في الولد. ولكن جاء في مذهب الأحناف: "إن خاف فساد الولد لسوء الزمان فله أن يعزل بغير رضاها، وكذلك إذا كانت الزوجة سيئة الخلق ويريد فراقها مخافة أن تحبل"(1) وأما المالكية والحنابلة فقالوا: لا يجوز له أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها لأن لها حقا في الولد (2)، وقال ابن قدامة: ظاهر كلام أحمد وجوب الاستئذان من الزوجة ويحتمل أن يكون مستحبا لأن حقها في الوطء دون الإنزال.

وأما الشافعية فأباحوا العزل عن الزوجة على قولين أحدهما "أنه يجب إذنها والقول الآخر أنه لا يجب إذنها لأن لها حقا في الوطء فقط"(3) .

وأما الظاهرية فقال ابن حزم (أبو محمد) : "لا يحل العزل عن حرة ولا عن أمة"(4) .

ومما تقدم يتضح أن المذاهب الأربعة على إباحة العزل على ما ذكرنا من نياته الباعثة له كما ذكرها الإمام الغزالي في الإحياء مع اشتراط موافقة الزوجة ورضاها عند أغلب الفقهاء لأن لها حقا في الولد ولحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن العزل عن الحرة إلا بإذنها)) رواه أحمد.

فلا مسوغ إذن لمنع هذه الرخصة والتشدد فيها كما فعل بعض العلماء المحدثين مثل الإمام أبو الأعلى المودودي في كتابه حركة تحديد النسل، والباحثة أم كلثوم يحيى مصطفى الخطيب في رسالتها التي نالت بها الماجستير من كلية الشريعة جامعة الأزهر "قضية تحديد النسل في الشريعة الإسلامية". حيث حددوها فقط بوجود سبب طبي قوي وحيث رفضوا البواعث الأخرى التي ذكرها العلماء وأقروها.

الدكتور محمد علي البار

(1) حاشية ابن عابدين 2/521

(2)

المنتقى شرح الموطأ للباجي 4/128 وكتاب قضية تحديد النسل لأم كلثوم يحيى مصطفى الخطيب.. والحلال والحرام في الإسلام للشيخ يوسف القرضاوي والمغني لابن قدامة

(3)

المجموع شرح المهذب للنووي 15/577

(4)

المحلى لابن حزم 10/87

ص: 48