المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التأجير المنتهي بالتمليكإعدادالدكتور عبد الله إبراهيم - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الخامس

- ‌حول تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور حسان حتحوت

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادمعالي الدكتور محمد علي البار

- ‌تنظيم النسل أو تحديدهفيالفقه الإسلاميإعدادالأستاذ الدكتور حسن على الشاذلي

- ‌تنظيم النسل ورأي الدين فيهإعدادالدكتور/ محمد سيد طنطاوي

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور علي أحمد السالوس

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ د. الطيب سلامة

- ‌رأي في تنظيم العائلةوتحديد النسلإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌مسألة تحديد النسلإعدادالدكتور محمد القري بن عيد

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالدكتور مصطفى كمال التارزي

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالشيخ رجب بيوض التميمي

- ‌تناسل المسلمينبين التحديد والتنظيمإعدادالدكتور أحمد محمد جمال

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ محمد بن عبد الرحمن

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالأستاذ تجاني صابون محمد

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالحاج عبد الرحمن باه

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ الشريف محمد عبد القادر

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادأونج حاج عبد الحميد بن باكل

- ‌تحديد النسلإعدادالشيخ محمد علي عبد الله

- ‌تنظيم النسل وتحديده فيالإسلامإعدادالدكتور دوكوري أبو بكر

- ‌تنظيم الأسرةفي المجتمع الإسلاميالاتحاد العالمي لتنظيم الوالديةإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

- ‌تنظيم النسلوثيقة من المجلس الإسلامي الأعلىبالجمهورية الجزائرية

- ‌قوة الوعد الملزمةفي الشريعة والقانونإعدادالدكتورمحمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌الوفاء بالوعدإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌الوفاء بالوعدإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الوفاء بالوعدفي الفقه الإسلاميتحرير النقول ومراعاة الاصطلاحإعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌الوفاء بالوعدإعداد الأستاذ الدكتور يوسف قرضاوي

- ‌الوفاء بالوعد وحكم الإلزام بهإعدادالشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌الوفاء بالوعد في الفقه الإسلاميبقلمالشيخ هارون خليف جيلي

- ‌الوفاء بالعهد وإنجاز الوعدإعدادفضيلة الشيخ الحاج عبد الرحمن باه

- ‌الوفاء بالوعدإعدادالشيخ شيت محمد الثاني

- ‌المرابحة للآمر بالشراءبيع المواعدةالمرابحة في المصارف الإسلاميةوحديث ((لا تبع ما ليس عندك))إعدادالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌المرابحة للآمر بالشراءإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌المرابحة للآمر بالشراءدراسة مقارنةإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌المرابحة للآمر بالشراءنظرات في التطبيق العمليإعدادالدكتور علي أحمد السالوس

- ‌بيع المرابحة للآمر بالشراءإعدادالدكتور سامي حسن محمود

- ‌نظرة شمولية لطبيعة بيعالمرابحة للآمر بالشراءإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌بيع المرابحة للآمر بالشراءفي المصارف الإسلاميةإعداددكتور رفيق يونس المصري

- ‌نظرة إلى عقدالمرابحة للآمر بالشراءإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌بيع المرابحة في الإصطلاح الشرعيوآراء الفقهاء المتقدمينفيهإعدادالشيخ محمد عبده عمر

- ‌بحث السيد إيريك ترول شولتزعندراسة تطبيقية: تجربة البنك الإسلامي في الدنمارك

- ‌بحث الدكتورأوصاف أحمدعنالأهمية النسبية لطرق التمويل المختلفة في النظام المصرفيالإسلامي

- ‌تغير قيمة العملة في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور عجيل جاسم النشيمي

- ‌النقود وتقلب قيمة العملةإعدادد. محمد سليمان الأشقر

- ‌تغير قيمة العملةإعدادأ0 د يوسف محمود قاسم

- ‌أثر تغير قيمة النقود في الحقوق والالتزاماتإعدادد. على أحمد السالوس

- ‌تغير العملة الورقيةإعدادالدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌تذبذب قيمة النقود الورقيةوأثره على الحقوق والالتزاماتعلى ضوء قواعد الفقه الإسلامي

- ‌تغيير قيمة العملةإعدادالشيخ محمد على التسخيري

- ‌موقف الشريعة الإسلامية منربط الحقوق والالتزامات المؤجلة بمستوى الأسعارإعدادعبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌مسألة تغير قيمة العملةوربطها بقائمة الأسعارإعدادالدكتور محمد تقي العثماني

- ‌المعاملات الإسلامية وتغيير العملةقيمة وعينًاإعدادالشيخ/ محمد الحاج الناصر

- ‌تغير قيمة العملةإعدادالشيخ محمد علي عبد الله

- ‌تغير قيمة العملة والأحكامالمتعلقة فيها في فقه الشريعة الإسلاميةإعدادالشيخ محمد عبده عمر

- ‌بيع الاسم التجاريإعدادالدكتور عجيل جاسم النشمي

- ‌بيع الحقوق المجردةإعدادالشيخ محمد تقي العثماني

- ‌بيع الاسم التجاري والترخيصإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌الحقوق المعنوية:حق الإبداع العلمي وحق الاسم التجاريطبيعتهما وحكم شرائهماإعدادالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌بيع الأصل التجاري وحكمهفي الشريعة الإسلاميةإعدادالشيخ مصطفى كمال التارزي

- ‌الأصل التجاريإعدادالدكتور – محمود شمام

- ‌الحقوق المعنويةبيع الاسم التجاري والترخيصإعدادالدكتور عبد الحليم محمود الجنديوالشيخ عبد العزيز محمد عيسى

- ‌الفقه الإسلامي والحقوق المعنويةإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌حول الحقوق المعنوية وإمكان بيعهاإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌بيع الاسم التجاري والترخيصإعدادالدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌التأجير المنتهي بالتمليكوالصور المشروعة فيهإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكإعدادالدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌الإيجار الذي ينتهي بالتمليكإعدادالشيخ عبد الله الشيخ المحفوظ بن بيه

- ‌الإجارة بشرط التمليك - والوفاء بالوعدإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌التأجير المنتهي بالتمليكإعدادالدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌تحديد أرباح التجارإعدادالشيخ محمد المختار السلامي

- ‌تحديد أرباح التجارإعدادالدكتور يوسف القرضاوي

- ‌مسألة تحديد الأسعارإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌بحثتحديد أرباح التجارإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌تحديد أرباح التجارإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌العرفإعدادالشيخ خليل محيى الدين الميس

- ‌ موضوع العرف

- ‌العرفإعدادالشيخ كمال الدين جعيط

- ‌نظرية العرف في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌العرفإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌العرف بين الفقه والتطبيقإعدادد. عمر سليمان الأشقر

- ‌العرف (بحث فقهي مقارن)إعدادالدكتور محمد جبر الألفي

- ‌العرف في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور إبراهيم كافي دونمز

- ‌العرف بين الفقه والتطبيقإعدادمحمود شمام

- ‌العرف ودوره في عملية الاستنباطإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌العرفإعدادالدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌منزلة العرف في التشريع الإسلاميإعدادالشيخ محمد عبده عمر

- ‌تطبيق أحكام الشريعة الإسلاميةإعدادأ. د. عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان

- ‌أفكار وآراء للعرض:المواجهة بين الشريعة والعلمنةإعدادالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌تطبيق الشريعةإعدادالدكتور صالح بن حميد

الفصل: ‌التأجير المنتهي بالتمليكإعدادالدكتور عبد الله إبراهيم

‌التأجير المنتهي بالتمليك

إعداد

الدكتور عبد الله إبراهيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.

1-

مقدمة:

من وسائل التمويل الخاص لمساعدة ذوي الدخل المحدود من أفراد المجتمع للحصول على حاجة من حاجاتها الأساسية كالمسكن والسيارة وأدوات الزراعة ومكائن الصناعة هو التأجير المنتهي بالتمليك.

وقد مارسته البنوك الربوية طبقًا لنظامها القائم على الفائدة الربوية. فلا تخرج هذه المعاملة عن دائرة القروض الربوية وإن كان التمويل يتم باسم التأجير، وانتهى الأمر بعد انتهاء المدة المتفق عليها، وتم فيها دفع الأقساط الشهرية وهي تمثل القرض المقدم للعميل مع فائدته المقررة، انتهى الأمر بعد ذلك إلى انتقال ملك السلعة أوتوماتيكيًّا إلى العميل وما عليه إلا أن يستحصل من البنك الممول شهادة بإتمامه دفع جميع الأقساط المطلوبة منه ويذهب بها إلى الجهة الخاصة لإبطال حق طلب البنك على السلعة بختم رسمي وتوقيع من المسؤول المختص بالمصلحة المعينة لذلك من قبل الحكومة.

قلنا آنفًا: إن هذه العملية لا تخرج عن دائرة القروض الربوية وذلك لأن البنك الذي يقوم بتمويل شراء حاجة العميل من سيارة ونحوها- كما هو معروف- إنما يقدم له قرضاً بفائدة معينة في السنة مضروبة في عدد السنوات المتفق عليه بين الطرفين يدفع العميل خلال أشهرها جملة القرض بفائدته المذكورة على أقساط معينة.

2-

تطبيق العملية بما يتفق والشريعة الإسلامية:

فقد أخذ البنك الإسلامي للتنمية بجدة هذه المعاملة وجعلها بيعًا تأجيرياً، وتتضمن العملية الإجارة ثم البيع منا تبين من الاستفسارات التي وجهها البنك إلى مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية.

ص: 2177

وقد ناقش المجمع هذه المسألة وانتهت المناقشات إلى قبول هذه العملية على أن تتضمن الإجارة على وعد بالبيع من قبل البنك صاحب السلعة المؤجر ووعد بالشراء من قبل العميل المستأجر.

وقرر المجمع أن هذا الوعد مقبول شرعًا وذلك في دورته الثالثة المنعقدة بعمان، المملكة الأردنية الهاشمية.

3-

جوانب تستحق المناقشة:

على أن الموضوع وإن كان قد سبق اتخاذ قرارات بشأنه إلا أنه لا يزال في حاجة إلى استمرار المناقشة في شأنه في جانب أو جوانب لم يسبق بحثها ولا مناقشتها ولا اتخاذ القرار بشأنها من قبل، من بينها صورة الممارسة بالكيفية التي لا شبهة فيها بالعملية الربوية (القرض الربوي) وكون الوعد المقترن بالعقد على هو من قبيل الشروط المنافية لمقتضى العقد أم لا؟

وهناك نقطة أخرى مهمة يجب ألا يترك الموضوع دون مناقشتها والبت في شأنها ألا وهي مسألة تحديد مقدار الربح، أن العملية ستنتهي بتمليك المستأجر للسلعة المؤجرة له. وهذا التمليك إنما يكون عن طريق الهبة الموعود بها أو البيع الموعود به أيضًا. وعلى أي تقدير فإن المؤجر صاحب السلعة لا يتنازل عن بضاعته دون أن يحصل على الربح المناسب. فحينما يؤجر فلا يؤجرها بالإيجار المجرد مثل أي إجارة عادية بل لا بد أنه يضع ثمن الإيجار بما يتضمن قيمة التكلفة مضافاً إليه الربح ليتسنى له التنازل عن بضاعته بعد انتهاء المدة وإتمام دفع الأقساط بدون أن يخسر. فإنه هنا- وخاصة البنوك وأمثالها- إنما يتاجر وليس يقدم تبرعًا أو مساعدة من أجل الخير والبر، بل تجارة يقبض من ورائها الربح بأعلى مقدار ممكن.

الجانب الأول:

قد ذكرت من قبل أن صورة الممارسة لدى البنوك الربوية لا تخرج في الواقع عن دائرة القروض الربوية فعليه يجب علينا أن نقدم صورة جديدة للممارسة والتطبيق يصح أن تكون بديلة ومنزهة عن أية شبهة بالربا ويقتنع المسلم وهو يدخل في المعاملة ويثق بأنه قد تخلص من الربا وتحر من الظلم الذي طالما يبحث عن منفذ للخروج منه.

وهذه الصورة كما يتراءى لي يجب أن تتكون من العناصر الآتية:

1-

أن يتم العقد على عقد الإجارة العادية.

2-

أن تكون مدة الإجارة محددة ومعلومة.

3-

أن يكون ثمن الإيجار مناسبًا للسلعة (سكن أو سيارة أو ماكينة زراعية أو صناعية مثلًا) طبقًا لنظام العرض والطلب في المكان والزمان اللذين تم فيهما العقد ومناسبًا لحجمها ودرجة المنفعة التي يمكن الانتفاع منها.

ص: 2178

4-

أن يتحمل الطرفان تبعات ومسؤوليات تخص كلاً منهما كما هو مقرر في بابه.

5-

أن يقترن بالعقد وعد بالهبة أو بالبيع بعد انتهاء مدة الإجارة بالثمن المناسب لذلك كله أيضًا ووعد بالشراء.

6-

في حالة البيع يتفق الطرفان على اعتبار الإيجار المدفوع في المدة التي انتهت أو جزء معين منه قسمًا من قيمة البيع، سواء كان هذا مبنيًّا على وعد سابق يشتمل عليه الوعد بالبيع أو مبنيًّا على اتفاق جديد بينهما تم بعد المساومة الحرة بينهما.

7-

أن يعقد عقد جديد للبيع مستقل عن عقد الإجارة ويكون هذا العقد بعد انتهاء مدة الإجارة وبعد الاتفاق على ثمن البيع، وكيفية دفعه عاجلًا أو آجلًا في أقساط، ومدة التقسيط.

8-

أن تحدد مدة معلومة جديدة لدفع القيمة أو بقية القيمة المتفق عليها بين الطرفين وعلى أقساط أخرى.

9-

يكون لأحد الطرفين الحق في عدم تنفيذ الوعد بالبيع أو بالشراء بموافقة الآخر، لأنهما كانا متواعدين على ذلك، والمسلمون على شروطهم ما لم تحل حراماً أو تحرم حلالاً.

10-

تسجل السلعة باسم المشتري كما يسجل حق الطلب على السلعة للبائع على أنها رهن للدين (القيمة أو بقية القيمة المتفق على أنها رهن للدين، القيمة أو بقية القيمة المتفق على دفعها في أقساط في مدة محددة معلومة) .

11-

في حالة الوعد بالهبة بعد انتهاء مدة الإجارة تنتقل ملكية السلعة بعقد جديد للهبة. تلك هي الصورة للممارسة والتطبيق التي ظهر لي أنها تنقذ الطرفين من الظلم والاستبداد الذين اقترن بهما نظام التأجير الربوي المطبق في البنوك الربوية. وبهذا نطبق المبدأ الإسلامي (لا تظلمون ولا تظلمون) .

الجانب الثاني:

وهذا الجانب يتعلق بالوعد بالهبة أو بالبيع المقترن بعقد الإجارة في الصورة المقترحة للتطبيق كبديلة للصورة المطبقة في نظام التأجير الربوي لدى البنوك الربوية، هل هو من قبيل الشروط المقترنة بالعقود أي عقد إجارة بشرط الهبة وعقد إجارة بشرط البيع؟

ص: 2179

وفي حالة اعتباره بمنزلة الشرط المقترن بالعقد هل هو من قبيل الشروط المنافية لمقتضى العقود فيفسد العقد أو يبطل هو في نفسه فقط دون أي مساس بالعقد بأي خلل؟ على خلاف بين الفقهاء في المذاهب المختلفة في ذلك ولكل وجهته وأدلته، وموقفي بالنسبة لهذا الخلاف أني أميل إلى الثاني، أخذًا بما يدل عليه حديث عائشة رضي الله عنها في قضية بريرة المشهورة في باب البيوع في كتب الحديث، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحكم بفساد عقد بيع بريرة وإن اقترن به شرط باطل، وهو أن يكون ولاؤها لسيدها الذي باعها لعائشة. وإنما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها أن تستمر في عقدها وشرائها دون مبالاة بالشرط المذكور، وأعلن الرسول صلى الله عليه وسلم في استنكار لهذا الشرط الباطل لأنه ليس في كتاب الله وكل شرط ليس في كتاب الله (أي مخالف لما قرره الله وهو المخالف المنافي لمقتضى العقد) فهو باطل ولو كان مائة شرط. وشرط الله أحق وقضاؤه أوثق. والشرط الصحيح المقبول والذي هو كتاب الله بالنسبة لهذه القضية هو ((إنما الولاء لمن أعتق)) .

ومهما كان الأمر وعلى أن هذا الوعد بالهبة أو بالبيع المقترن بعقد الإجارة في مسألتنا هذه – كما هو ظاهر من قبيل الشروط المقترنة بالعقود إلا أنه ليس من قبيل الشروط المنافية لمقتضى العقد فلا يأتي هنا الخلاف في بطلان العقد وفساده ولا بطلان الشرط أو فساده في نفسه، بل هو من قبيل الشروط الجائزة المقبولة (وعد مقبول شرعًا) ولكلا الطرفين الحق في عدم تنفيذه لأنه وعد في المعاوضات. وبهذا أكتفي دون الإطالة في هذا الجانب، خاصة، وقد قرر مجمعنا في دورته الثالثة المنعقدة بعمان، الأردن بقبوله واعتباره وعدًا مقبولًا.

ص: 2180

الجانب الثالث:

وهذا يتعلق بمسألة تحديد الربح فإن المؤجر كما قلت آنفًا (بنكًا كان أو مؤسسة من مؤسسات التمويل العامة أو الخاصة) لا يقوم بالتأجير إجارة عادية وبالإيجار المجرد، بل إنه لا بد يضع ويحدد ثمن الإيجار بما يتضمن قيمة التكلفة مضافًا إليها الربح ليتسنى له التنازل بسهولة عن بضاعة بعد انتهاء مدة الإجارة وإتمام رفع الأقساط بدون أية خسارة تنزل وهو يتاجر ببضاعته بهذه الكيفية.

وبهذا أصبح الأمر واضحًا أمامنا أنه في حالة البيع يكون هناك ثمن الإيجار مضافًا إليه جزء من قيمة البيع الموعود به. وفي حالة الهبة يكون هناك ثمن الإيجار مضافًا إليه مقدار زائد عليه في مقابل الهبة الموعود بها.

ففي الحالة الأولى سيصبح الأمر بمنزلة اجتماع بين عقدي الإجارة والبيع وإن لم يتم البيع بعد. ومعلوم أن اجتماعهما لا يجوز لأنهما من العقود المتبانية وإن كانا من النوع الواحد حيث أن الإجارة نوع من البيوع لأن فيهما بيعًا. ففي البيع بيع أعيان وفي الإجارة بيع منافع. ولهما أثر واحد يتفقان فيه وهو انتقال ملكية العقود عليه بصفة التأبيد للطرف الآخر.

وتباينهما يأتي من حيث أن البيع يقصد به العين ومنفعتها معًا. بينما الإجارة يقصد بها منفعة العين فقط وملكية العين في الإجارة لا تزال لصاحبها وعليه تبعات ومسؤوليات خاصة تجاه العين حتى تبقى صالحة للانتفاع بها لا يجوز وليس من العدل أن تلقى على عاتق المستأجر، إلى آخر ما هنالك من فوارق بينهما معروفة مفصلة في بابها وليس هنا محل تفصيلها.

4-

تساؤل وحل للمسألة:

وإذا كان الأمر كما وضحت فهنا يقفز أمامي تساؤل وهو هل يجوز إضافة مقدار معين إلى ثمن الإيجار في مقابل البيع الموعود به وإن كان المشتري قد وعد بالشراء؟ إلى جانب أن الواضح للجميع أن الغرض من تقديم هذه الخدمة هو مساعدة ذوي الدخل المحدود للحصول على حاجة من حاجاتهم الأساسية؟

والحق أني أميل إلى أنه من الإنصاف بل من العدل أيضًا وللطرفين معًا لا للطرف الواحد فقط هو ألا يسمح بهذه الإضافة، خاصة أن هذا الوعد- كما هو اتجاه الأكثر- غير ملزم.

وإذا كان هذا هو المأخوذ به في حالة البيع فكذلك يجب أن يكون في حالة الهبة.

ص: 2181

وبقي الأمر بعد ذلك بالنسبة لموقف المؤجر هل يرضى بذلك وهو- كما هو معروف- ليس يتبرع ولكن يتاجر، وكل ما يهدف إليه الحصول على الربح بأعلى قدر ممكن؟

فهنا أميل إلى أن يسمح للطرفين بالاتفاق على أن يضع المستأجر قدرًا معينًا مستقلًا عن ثمن الإيجار، في حساب الودائع الاستثمارية في البنك الإسلامي كضمان للبائع يستفيد منه ومن أرباحه المتجمعة في آخر المدة بمجرد أن تم عقد البيع على أنه جزء من القيمة أو بقية القيمة ويتسلمه كله عاجلاً ويتسلم بقية القيمة في أقساط في خلال المدة المتفق عليها بين الطرفين، وفي حالة الهبة أميل إلى ألا يكون هناك أية إضافة على ثمن الإيجار وأميل إلى أن يكون هناك وعد بالبيع فقط، ولا يكون وعد بالهبة إلا ممن أراد أن يتبرع خالصًا لوجه الله لا تحايلًا إلى تحليل الربا أو إلى ارتكاب شبهة الربا باسم الهبة ثم يضع في مقابلها، وهي في مرحلة الوعد بها، مقدارًا معيناً زائداً على ثمن الإيجار على اعتبار أن الجميع هو ثمن الإيجار مع أن ثمن الإيجار المناسب العادل أقل من ذلك.

وبهذا- كما ظهر لي- نطهر العملية- عملية التأجير المنتهي بالتمليك - من أية شبهة بالربا ونطبق في آنٍ واحد المبدأ القرآني العادل المنصف (لا تظلمون ولا تظلمون) والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الدكتور عبد الله إبراهيم.

ص: 2182

الوثائق

توصيات وفتاوي

الندوة الفقهية الأولى

لبيت التمويل الكويتي

المنعقدة في الكويت

7 – 11 رجب 1407 هـ

7 – 11 آذار (مارس) 1987 م

مع نبذة عن وقائع الندوة

وقائمة بالأساتذة المشاركين فيها

بسم الله الرحمن الرحيم

أولًا- الفتاوي والتوصيات الفقهية

بشأن خيار الشرط وتطبيقه في معاملات المصارف الإسلامية

1-

أحكام مختارة في خيار الشرط:

(أ) خيار الشريط حق يثبت باشتراط المتعاقدين لهما أو لأحدهما أو لغيرهما، يخول من يشترط له إمضاء العقد أو فسخه خلال مدة معلومة.

(ب) اشتراط الخير كما يكون عند التعاقد يكون بعده باتفاق العاقدين.

(ج) يتم اشتراط الخيار بكل ما يدل عليه.

(د) يمكن اشتراط الخيار في جميع العقود اللازمة القابلة للفسخ مما لا يشترط القبض لصحته، فيمكن اشتراطه في البيع والإجارة مثلاً، ولا يسوغ اشتراطه في الصرف والسلم وبيع المال الربوي بجنسه.

(هـ) لا يجب تسليم البدلين (المبيع أو الثمن) في عقد البيع بشرط الخيار، ولكن يجوز قيام أحد العاقدين أو كليهما بالتسليم طواعية لا سيما بهدف التجربة والاختبار.

(ز) نماء المبيع في مدة الخيار يتوقف فيه إلى إمضاء البيع أو فسخه، فإن أمضي كان النماء للمشتري (المصرف) وإن فسخ كان للبائع.

(ح) إذا كان الخيار للمشتري وحده (المصرف) فإن تصرفاته، من بيع وإجارة ونحو ذلك، تصرفات صحيحة ناقلة للملك مسقطة للخيار ولو لم يسبق ذلك التصرف قبض المصرف الإسلامي للسلعة ما لم تكن قوتًا.

(ط) يسقط الخيار ويصبح العقد باتاًّ بمجرد انقضاء مدة الخيار إذا لم يصدر من المشتري (المصرف) فسخ العقد أو التصرف في السلعة.

ص: 2183

(ي) لا يشترط قيام المشتري (المصرف) بإعلام البائع بإبرامه للعقد أو فسخه له، لأن البائع بموافقته على جعل الخيار للمشتري خوله صلاحية اختيار الإمضاء أو الفسخ خلال المدة المعينة.

(ك) يضمن المشتري (المصرف) المبيع إذا قبضه وتلف مدة الخيار.

2-

تقديم صورتين لخيار الشرط للمارسة:

يمكن تطبيق إحدى الصورتين التاليتين:

الأولى – بناء على رغبة ووعد بالشراء:

(أ) يتلقى المصرف الإسلامي رغبة من عميله مع وعد بالشراء، وهو وإن كان لا يبالي –في الواقع- بمصير هذا الوعد، فإن من الضروري الإبقاء على جدية الوعد، تفاديًا للدخول في الصفقة بدءًا ثم إلغائها انتهاء، مما إذا تكرر يخل بسمعة المصرف كمستورد.

(ب) يشتري المصرف السلعة الموعود بشرائها مع اشتراط الخيار له (حق الفسخ) خلال مدة معلومة تكفي عادة للتوثق من تصميم الواعد على الشراء وصدور إرادته بذلك.

(ج) يطالب المصرف الواعد بتنفيذ وعده بالشراء، فإذا اشترى السلعة باعه المصرف إياها، وبمجرد موافقته على البيع يسقط الخيار.

الثانية- المبادرة لتوفير سلع مرغوبة في السوق:

(أ) يشتري المصرف الإسلامي سلعة من الأسواق المحلية أو العالية مع اشتراطه الخيار (حق الفسخ) خلال مدة معلومة تكفي عادة للتوثق من وجود راغبين يبرم معهم عقودًا على تلك الصفقة.

(ب) يحق للمشتري (المصرف) أن يبرم عقودًا على تلك الصفقة مع الراغبين في شرائها وبمجرد إتمام العقد ينتهي الخيار.

ثانيا- الفتاوي والتوصيات الفقهية

بشأن (التأمين وإعادة التأمين)

1-

ضرورة التعاون بين مؤسسات التأمين الإسلامية القائمة، ودعمها والحث على التعامل معها.

2-

بذل الجهد لإنشاء مؤسسات تأمين إسلامية تفي بحاجة السوق الإسلامية في مجالات التأمين أو إعادته.

3-

دعوة المصارف والمؤسسات الإسلامية إلى التعاون والإسهام في هذه المؤسسات ودعمها انطلاقًا من رسالتها الإسلامية.

ص: 2184

4-

حث مؤسسات التأمين الإسلامية على أن تكون إعادة التأمين منها لدى المؤسسات الإسلامية لإعادة التأمين ما أمكن ذلك.

5-

تأكيد ما انتهى إليه مجمع الفقه الإسلامي بجدة من عدم إباحة التأمين التجاري بصورته الحالية، وأن البديل المشروع المتفق على جوازه هو التأمين التعاوني.

6-

ضرورة تكوين لجنة فقهية- بمعرفة بيت التمويل الكويتي، أو غيره- للقيام بوضع صيغة نموذجية لكل من عقد تأسيس ونظام أساسي ووثيقة تأمين، لمؤسسة تأمين إسلامية ومؤسسة إعادة تأمين إسلامية وعرض ذلك على أول ندوة لاحقة.

ثالثاً- الفتاوي والتوصيات الفقهية

بشأن المخارج الشرعية (الحيل الجائزة)

1-

المخارج الشرعية: كل ما يحصل به التخلص من المآثم والحرام، والخروج إلى الحلال.

2-

تبين من الأبحاث التي اشتملت عليها الندوة في موضوع (المخارج الشرعية) ما بذله فقهاء المسلمين من جهود كبيرة في التأليف في هذا الموضوع، بقصد التيسير على المسلمين في معاملاتهم. والذين يوردون مخارج شرعية في أمر ما يقتربون أو يبتعدون من إصابة الحق بمقدار أخذهم وتقيدهم بالضوابط الشرعية المستمدة من الكتاب والسنة.

3-

إن من المتفق عليه أن الشرعية الإسلامية منهج حياة للناس في كل زمان ومكان، فكان لزامًا على كل باحث أن ينظر في نصوص الكتاب والسنة ليتوصل عن طريق الأدلة والقواعد والمقاصد إلى الأحكام الشرعية، وينبغي أن يستفيد من المخارج الشرعية، ولا سيما في التطبيقات العملية في المصارف الإسلامية مع مراعاة الضوابط والمناهج التي سلكها الأئمة الأعلام الذين كتبوا في ذلك.

4-

إن المخارج أو الحيل في مجال المعاملات وغيرها تنقسم إلى نوعين: مخارج شرعية (مقبولة) ، ومخارج غير شرعية (مردودة) .

فالأخيرة- وهي الباطلة الذميمة المنهي عنها هي ما هدم أصلاً شرعيًّا، أو ناقض مصلحة شرعية معتبرة، بحيث تكون وسيلة إلى العبث بمقاصد الشارع من إسقاط الواجبات وتحليل المحرمات، وقلب الحق باطلاً والباطل حقًّا.

ص: 2185

وأما المخارج المقبولة شرعًا فهي التي لم تهدم أصلاً شرعيًّا ولم تناقض مصلحة شهد الشرع باعتبارها ويترتب على سلوكها تحقيق مقاصد الشرع، من فعل ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه، وإحياء الحقوق ونصر المظلوم، والانتصاف من الظالم.

5-

ينبغي الحذر من التوسع في استخدام باب المخارج حتى لا يكون ذريعة لاستحلال الحرام أو ترك الواجب. ولا بد أن يعتمد من هيئات الفتوى والرقابة الشرعية أي مخرج يلجأ إليه في أي تطبيق لدى المصارف الإسلامية.

رابعًا – الفتاوي والتوصيات الفقهية

بشأن (خطابات الضمان المصرفية)

1-

الأجر الذي يأخذه المصرف الإسلامي عن إصدار خطابات الضمان يكون مقابل الأعمال التي يقوم بها المصرف لإصدار الخطاب وليس مقابل الضمان الذي يوفره هذا الخطاب لعميل المصرف.

2-

الأعمال التي يقوم بها المصرف عند إصدار خطابات الضمان منها ما هو عام يتكرر في كل خطاب، ومنها أعمال إضافية يقوم بها المصرف في بعض حالات إصدار خطابات الضمان وتختلف أنواع الضمانات وأحكامها على النحو المبين فيما يلي:

3-

خطابات الضمان للأنشطة غير التجارية:

مثل خطابات الضمان المطلوب تقديمها من الطلاب لبعض المعاهد العلمية، أو خطابات الضمان لنوادي السيارات بمناسبة مغادرتها البلاد، أو الخطابات المقدمة لوزارة المواصلات لتركيب هاتف مثلاً، ويقوم المصرف بالنسبة لها بالأعمال الموضحة في (خطابات الضمان الابتدائية) الآتي بيانها. وينبغي للمصرف في مثل هذه الحالات أن يأخذ أقل أجر ممكن لمقابلة التكلفة. ويفضل عمل ذلك مجانًا من قبيل البر.

4-

(خطابات الضمان الابتدائية) المطلوبة للتقدم لبعض العطاءات:

للمصرف أن يستوفي أجرًا مقابل الأعمال التالية:

(أ) دراسة حالة العميل المالية وسمعته وإمكاناته.

(ب) الجهد والوقت اللذين يبذلهما الموظفون الذين بناط بهم إعداد الخطاب وإجراء القيود الحسابية وما يستهلك من الأوراق والآلات.

(ج) مراجعة الخطاب من مدققي الحسابات والتوقيع باعتماده من المسؤولين.

ص: 2186

(د) متابعة الخطاب مع الجهة المستفيدة إلى حين انتهاء مدته أو إعادته، وإجراء القيود اللازمة في هذا الشأن.

5-

(خطابات الضمان النهائية) المطلوبة لضمان حسن التنفيذ أو الدفعات المقدمة:

يستحق المصرف الأجر على الأعمال السابقة في (خطابات الضمان الابتدائية) بالإضافة إلى أجر عن الأعمال التالية:

(أ) دراسة العطاء من جانب الجهات الفنية للاطمئنان إلى مناسبة الأسعار التي تحقق لطالب الخطاب نسبة معقولة من الربح.

(ب) دراسة حالة ومركز المستفيد من خطاب الضمان.

(ج) إجراء حوالة حق وإعلانها للجهة المحال عليها إذا دعت الحاجة إلى الحوالة.

(د) تحصيل الدفعات مقابل المستخلصات التي يتم صرفها من الجهة صاحبة العمل.

(هـ) متابعة تنفيذ عقد المقاولة في مختلف مراحله مع الجهة المستفيدة من خطابات الضمان حتى إعادة الخطابات إلى مصدرها.

6-

تمديد خطاب الضمان:

في حالة تمديد خطاب الضمان يقوم المصرف بالاتصال بالمستفيد من الخطاب ودراسة أسباب التمديد وتحرير خطاب بالتمديد يمر بالمراحل المشار إليها في (خطابات الضمان الابتدائية) وفي هذه الحالة يستوفي المصرف أجرًا بتناسب وجهده فيما قام به من أعمال.

خامسًا – الفتاوي والتوصيات الفقهية

بشأن (الأوراق النقدية وعلاقتها بالذهب)

1-

تأكيد ما انتهى إليه مجمع الفقه الإسلامي بجدة من أن هذه الأوراق قامت مقام الذهب والفضة في التعامل بيعًا وشراء وإبراء وإصداقًا، وبها تقدر الثروات وتدفع المرتبات. ولذا تأخذ كل أحكام الذهب والفضة ولا سيما وجوب التناجز في مبادلة بعضها ببعض، وتحريم النساء (التأخير) فيها.

2-

كل عملة من العملات جنس قائم بذاته.. فلا يجوز ربا الفضل فيها عند العقد أو في نهايته، سواء كانت معدنًا أو ورقًا إذا بيعت بمثلها، أما إذا بيعت عملة بعملة أخرى فلا يشترط في ذلك إلا التقابض.

3-

لا يجوز بيع الذهب بالعملات الورقية، ولا شراء الذهب بها، إلا يدًّا بيد.

ص: 2187

سادسًا- الفتاوي والتوصيات الفقهية

بشأن (التأجير المنتهي بالتمليك)

إذا وقع التعاقد بين مالك ومستأجر على أن ينتفع المستأجر بمحل العقد بأجرة محددة بأقساط موزعة على مدد معلومة، على أن ينتهي هذا العقد بملك المستأجر للمحل، فإن هذا العقد يصح إذا روعي فيه ما يأتي:

(أ) ضبط مدة الإجارة، وتطبيق أحكامها طيلة تلك المدة.

(ب) تحديد مبلغ كل قسط من أقساط الأجرة.

(ج) نقل الملكية إلى المستأجر في نهاية المدة بواسطة هبتها إليه، تنفيذًا لوعد سابق بذلك بين المالك والمستأجر.

هذا.. والندوة تؤكد ما صدر عن مجمع الفقه الإسلامي في هذا الموضوع ضمن (استفسارات البنك الإسلامي للتنمية) .

قائمة مرتبة ألفبائيًّا بالأستاذة المشاركين في الندوة الفقهية

لبيت التمويل الكويتي 7-11 (رجب، ومارس) 1407 هـ – 1987م

ص: 2188

الاسم الوظيفة الأصلية والمهمة المصرفية إن وجدت العنوان البريدي والهواتف

الشيخ إبراهيم فاضل الدبو أستاذ مساعد في كلية الشريعة كلية الشريعة. بغداد - باب المعظم، الجمهورية العراقية

الشيخ إبراهيم محمد آل محمود قاضٍ بالمحكمة الشرعية الكبرى- عضو بهيئة الرقابة الشرعية لبنك البحرين الإسلامي وشركة البحرين الإسلامية للاستثمار وزارة العدل والشئون الإسلامية المنامة – دولة البحرين

السيد أحمد بزيع الياسين رئيس مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي بيت التمويل الكويتي – الكويت

الشيخ بدر المتولي عبد الباسط هيئة الفتوى والرقابة الشرعية- بيت التمويل الكويتي بيت التمويل الكويتي

الشيخ جاسم محمد مهلهل الياسين عضو الهيئة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف بيان- الكويت ص. ب: 66520- الرمز البريدي: 4375

د. حسن عبد الله الأمين المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية صندوق بريد رقم 5925 جدة- جدة - المملكة العربية السعودية

د. حسن علي الشاذلي أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن كلية الشريعة والقانون- جامعة الأزهر- القاهرة- جمهورية مصر العربية

د. خالد عبد الله المذكور مدرس بكلية الشريعة- هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لبيت التمويل الكويتي

كلية الشريعة – جامعة الكويت

د. الصديق محمد الأمين الضرير أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الخرطوم كلية القانون – رئيس هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي السوداني والمستشار الشرعي لبنك البركة السوداني وعضو هيئة الرقابة الشرعية لدار المال الإسلامي جامعة الخرطوم - كلية القانون السودان: 70268- 225379

الشيخ عبد الحميد عبد الحليم محمد السائح رئيس المجلس الوطني الفلسطيني- المستشار الشرعي للبنك الإسلامي الأردني للتنمية والاستثمار عمان - جبل الزبيدة- ص. ب: 910244- هاتف المنزل: 618813- هاتف المكتب: 679891- تلكس الأقصى: 21411.

د. عبد الستار أبو غدة خبير ومقرر الموسوعة الفقهية- هيئة الفتوى والرقابة الشرعية ببيت التمويل الكويتي ص. ب. 3719 الصفاة: 13038 كويت - ت. عمل: 2468113 تلفاكس: 2468249- منزل: 5714288- تلكس: 44735 أوقاف

السيد عبد العزيز أبو الخير مدير مصرف فيصل الإسلامي - بالبحرين المنامة ص. ب 20493- ت: 275040- تلكس: 9270/ 9411مكاتب سمو الأمير محمد الفيصل الخاصة.

السيد عبد الله أحمد عبد الرحيم مدير عام شركة البحرين الإسلامية للاستثمار صندوق بريد رقم 5571 البحرين - هاتف رقم 271296

د. عبد الله محمد عبد الله مستشار بمحكمة الاستئناف العليا- الكويت وزارة العدل – محكمة الاستئناف العليا – دولة الكويت

السيد عبد اللطيف عبد الرحيم جناحي العضو المنتدب لبنك البحرين

د. عبد المنعم أحمد النمر وزير أوقاف سابق- وعضو مجمع البحوث مجلس الشورى 40 شارع صالح حقي الحي الثاني مصر الجديدة منزل: 2453197- 2441468

د. عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان أستاذ الفقه المقارن بقسم الدراسات العليا الشرعية- كلية الشريعة- جامعة أم القرى- المملكة العربية السعودية صندوق بريد رقم 496 مكة المكرمة تليفون رقم 5561169- 5584300

د. أحمد السالوس كلية الشريعة – جامعة قطر صندوق بريد رقم 2713 الدوحة - قطر

د. عجيل جاسم النشمي أستاذ مساعد بكلية الشريعة- جامعة الكويت جامعة الكويت- كلية الشريعة

د. عمر سليمان الأشقر أستاذ في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية- جامعة الكويت الكويت - حولي. ص. ب: 6609- الرمز البريدي: 32041- هاتف رقم 2640800

السيد فيصل عبد العزيز الزامل مساعد المدير العام لشؤون التخطيط والمتابعة ورئيس تحرير مجلة النور بيت التمويل الكويتي

السيد قاسم محمد قاسم مدير عام مصرف قطر الإسلامي صندوق بريد رقم 559 الدوحة - قطر

د. محمد الحبيب بن الخوجة الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي- جدة المملكة العربية السعودية صندوق بريد 13719 جدة- الرمز البريدي: 21414 مكتب: 6674488 جدة

الشيخ محمد عبد الحكيم زهير مراقب شرعي بنك دبي الإسلامي ورئيس بحوث الاقتصاد الإسلامي دبي- صندوق بريد رقم 1080 دبرة- تليفون رقم 214888 دبي- دبرة

د. محمد فوزي فيض الله أستاذ بكلية الشريعة بجامعة الكويت- عضو الهيئة العامة للفتوى بالأوقاف كلية الشريعة- جامعة الكويت

الشيخ محمد المختار السلامي مفتي الجمهورية التونسية الوزارة الأولى- ساحة القصبة تونس- أو 23 بهج محمود الماطري تونس المكتب: 263939- هاتف المنزل: 286135

د. يوسف محمود قاسم أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية كلية الحقوق- جامعة القاهرة الجيزة- جمهورية مصر العربية

ص: 2189

مطبوعات

بيت التمويل الكويتي

أولاً- سلسلة (الفتاوي) :

1-

الفتاوي الشرعية في المسائل الاقتصادية جزء1.

2-

الفتاوي الشرعية في المسائل الاقتصادية جزء 2.

ثانيًا- سلسلة (في ميدان الشريعة) :

1-

بيع المرابحة.

2-

بيع الأجل.

3-

الفوائد الربوية.

ثالثاً- سلسلة المؤتمرات والندوات:

1-

أعمال مؤتمر المصرف الإسلامي الثاني.

رابعًا- مطبوعات أخرى:

1-

النظام الأساسي.

2-

العقود.

3-

شروط الحسابات.

قيد الطبع

- أعمال الندوة الفقهية الأولى.

ص: 2190

مناقشة البحوث

التأجير المنتهي بالتمليك

الرئيس:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الموضوع الذي لدينا في هذه الجلسة الصباحية – المباركة بمشيئة الله تعالى- هو (الإيجار المنتهي بالتمليك) ، وقد جرى فيه عدد من البحوث وزرعت على أصحاب الفضيلة أعضاء وخبراء وباحثي هذا المجمع، والعارض هو فضيلة الشيخ عبد الله بن بيه، والمقرر وهو الشيخ عبد الله محمد.

فالشيخ عبد الله بن بيه: تفضل.

الشيخ عبد الله بن بيه:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.

سيدي الرئيس: إن هذا الموضوع، وهو موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك، قدمت فيه ثلاثة بحوث، بعضها قديم وبعدها حديث، وقد كتب فيه سعادة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي، وسعادة الدكتور عبد الله محمد عبد الله، وعبد الله العارض، وليس فيما كتبوا كبير تناقض أو تعارض، بل أفكارهم يكمل بعضها بعضًا، وتتماثل بعض الصور، وتختلف بسبب فهم خاص وتقدير في الموضوع يراه أحد الباحثين بينما لا يرى الآخر الإلحاح عليه، وبعد اجتماع بأصحاب البحوث، رأينا أن يقدم العارض بحثه وأن يكمل الباحثان بما تيسر لهما هذا البحث الذي أقدمه لأنه من المجدي أن يستمع مجلسكم الموقر إلى الآراء الفقهية التي وردت في هذه البحوث، وهذا البحث سيكون خلاصة قصيرة، أدخل عليه من التغيير والتحويل ما جعله موافقًا، أو قريبًا من الموافقة لبحوث الإخوان بعد مراجعة معهم وبعد تراجع وتفاوض مع أخي العلامة محمد سالم، فقد أحدثت تغييرًا في الفقرات الأخيرة، فيه نوع من التسهيل ونوع من التخفيف، بعد تشديد في بادئ الأمر والرجوع إلى الحق أولى من التمادي على الباطل.

الحمد لله الذي يخلق ما يشاء ويختار، يتصرف في خلقه بغالبات الأقدار، بدون وزير ولا معين ولا مستشار، ألزم بشريعته تنفيذًا لحكمته في الابتلاء والاختبار، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي المختار وعلى آله وصحبه الأخيار.

ص: 2191

وبعد: فهذا بحث يتعلق بإيجار البيع وبيع الإيجار، مسألة عمت بها البلوى في سائر الأقطار، فراجعة هذه المسألة على اشتغال وركوب أسفار، إلا أني سلكت في البحث عنها الأنجاد والأغوار، قصد إخارجها عن قاعدة الغرر والخطار، ونفي الضرر والضرار، عن طريق إجارة مع بيع بخيار، أو بيع لاحق ببيع أو هبة بعد تمام عقد الإيجار، على صعوبة في الإيراد ووعورة في الإصدار، آثرت في بحث هذا الاختصار ومحاولة القرب من أقوال ذوي الاستبصار، معترفًا بالقصور عن شأو الاجتهاد والاختيار.

سائلًا الله جل وعلا وهو الكريم الغفار أن يوفقنا فيما أردنا ويسلمنا من العثار وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وهذا البحث وهذا الموضوع: كما يتبين من العنوان هو موضوع جديد، وعقد حديث نشأ وترعرع في ظل القانون الوضعي، ومن المعلوم أن سنة التطور في هذا الزمان قد جرت بأن أقطارنا الإسلامية أصبحت تستورد السلع المصنوعة من العالم الآخر، وقد تستورد معها التكنولوجيا لتصنع هذه السلع محليًّا وهو أمر مرغوب فيه، إلا أنها قد تستورد مع هذه السلع أحيانًا كثيرة الأنظمة وطرق التعامل والتبادل ووسائل التقاضي والتراضي، حيث تكون إرادة الطرفين قانونًا للعقد، ورضاؤهما أساسًا للحكم الذي تصدر عنه القوانين، والذي يرجع إليه القضاة دون النظر إلى أصول خلقية، وقواعد ضابطة لا يمكن الخروج عنها، فحادوا بذلك عن الصراط المستقيم، واختلت لديهم موازين العدل التي لا تقوم إلا على الأنظمة الإلهية، التي لا يطمع في الاستلهام بمنهجها والاقتباس من نورها إلا من سلك سبيل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأخذ من الكتاب والسنة بقسط وافر، وأقام ميزانا على هديهما عن طريق القياس الصحيح، طبقًا لأصوله ومقاييسه التي وضعها وتواضع عليها سلف هذه الأمة، وهناك شرط آخر يغفله الكثيرون، ألا وهو أن يكون القائس عاملًا بما علم متبعًا للسنة النبوية، ولا يقوم على هذا الميزان من حاد عن السبل وجارت به الطرق وارتضى دينًا غير دين الإسلام، وقانونًا يخالف شريعة سيد الأنام، فعميت عليه الأنباء، ولعبت بعقله الأهواء، لهذا فإن مسألتنا من هذه المسائل الموجودة في غير بيئة هذا الميزان، وليس معنى هذا أن نرفضها سلفا ونصدف عن جوهرها ونتخذه صدفًا، قبل أن نعرضه على ميزان الصدق الذي أشرنا إًليه آنفًا، وعليه فسنفصل البحث فيها أولًا إلى مقدمة في تعريف العقد تعريفًا يشمل الجنس والفصل والخاصةـ وتكييفه من الناحية القانونية معتمدين في هذا على نقل أهل هذا الفن تاركين لهم الكلمة في تعريفه وتكييفه وتصنيفه، ثم نصنف بحثنا في مسائل تنبني على الفروض المختلفة تبين وجهة النظر الفقية باختصار غير متوسعين في عرض القضية، ثم نختم بخاتمة نقترح فيها ما يمكن أن يكون بديلًا أو أن يكون صيغة مقبولة.

ص: 2192

(الإيجار الذي ينتهي بالتمليك) :

أحد الأسماء الذي أطلقه المترجمون والقانونيون العرب على العقد المعروف في القانون الفرنسي Vente Location ومعناها الحرفي كما هو واضح إيجار بيعي لأنه اسم مركب من كلمتين، وقد تطور هذا العقد وتعددت الأسماء طبقًا لهذا التطور، فقد كان أولًا يعرف باسم البيع بالتقسيط مع الاحتفاظ بالملكية حتى استيفاء الثمن ثم تطور إلى إيجار ساتر للبيع، ثم تطور إلى ما سموه بالإيجار المقترن بوعد بالبيع، وهذه الأسماء التي كان موضوعها في الأصل متحدًا، إلا أن الأسماء ليست اعتباطية، وليست من باب المترادفات التي لا تخدم أي غرض، بل تعدد الأسماء كما يشير إليه القانوني السنهوري، في شرحه للقانون المدني، ناشئ عن تدرج نظرة المشرع لهذا العقد، في محاولة لترجمة هدف المشرع – يعني في اصطلاح أهل القانون – أما المشرع والشارع في الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم يطلق عليه الشارع، لأنه يبلِّغ عن الله جل وعلا – لترجمة الهدف الذي يرمي إليه، والمصلحة التي يحرص على حمايتها، وهي مصلحة البائع، كما هو واضح، فهو يرمي إلى الاستيثاق من أن المشتري سيفي بالثمن كاملًا في الوقت المحدد، وفي مقابل ذلك يشترط البائع أن تبقى ملكيته قائمة بشكل ما حتى وفاء المشتري بالتزامه، بحيث يكون له الحق أولًا في منع المشتري من تفويت الذات موضوع العقد، ثانيًا أن يكون له الحق في استرجاع الذات عند عدم الوفاء في الوقت المحدد.

الرئيس:

يا شيخ عبد الله، أحب أن تعرف – تفضل – أن الوقت عشرون دقيقة، وأننا نريد الموضوع ذاته، أما المقدمات هذه معلومة لدينا لأن بحثكم بين يدي الإخوان، نريد فقط ذات الموضوع.

الشيخ عبد الله بن بيه:

البحث يبدو ليس موزعًا بالقدر الذي فيه الكفاية.

الرئيس:

لا، موزع. أبدًا، موزع على الإخوان، بل وزع عليهم مرتين بعض الإخوان.

الشيخ عبد الله بن بيه:

حور تحويرًا كبيرًا.

المهم أعفيك من المقدمة. هذه المقدمة الصغيرة لا بد منها.

ص: 2193

وثالثًا: أن يكون له الحق في الحصول على مقابل انتفاع المشتري بالذات في حالة عدم البيع ونقتطف المقتطفات التالية نصها من السنهوري، هذه المقتصفات أعفيك منها.

هذه المسائل الفقهية:

المسألة الأولى: بيع بالتقسيط لا تنتقل فيه الملكية إلا بعد الوفاء بالأقساط، هذه المسألة مسألة مختلف فيها لوجود شرط غير ملائم للعقد، لأن الأصل في البيع أن يكون باتًّا، فتعليق البيع على هذا الشرط لا يوافق عليه أكثر العلماء، لأنه منافٍ لتمام الملكية التي ينبني عليها البيع، وفيه جهالة بالمال وهو يتخرج على الخلاف في الشروط، فتكون فيه ثلاثة أقوال: قول ببطلان البيع والشرط، وقول بصحة البيع وبطلان الشرط، وقول بصحة البيع وصحة الشرط، وهذه الأقوال كما هو معروف مبنية على اختلاف مواقف العلماء من أحاديث الشروط المعروفة: حديث جابر، حديث بريرة، حديث جابر الذي رواه مسلم في صحيحه مرة أخرى، حديث أبي هريرة: ((من باع بيعتين

)) ، الحديث الذي أخرجه الخمسة وفيه: ((لايحل سلف وبيع

)) ، الحديث الذي رواه أبو حنيفة في مسنده ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط)) ، ورواه الطبراني مع زيادة:((البيع باطل والشرط باطل)) .

ولاختلاف العلماء في كيفية الأخذ بهذه الأحاديث نشأ الخلاف في مسألة الشروط، فمنهم من أخذ ببعضها، ومنهم من حاول الجمع بينها، فذهب أبو حنيفة والشافعي إلى بطلان البيع والشرط، وأجاز ابن شبرمة البيع والشرط جميعًا، وأجاز ابن أبي ليلي البيع والشرط، وأجاز أحمد الشرط الواعد، هذه مذاهب باختصار شديد، أما مالك ففصل تفصيلًا وحاول الجمع بين الأخبار، ذكر ذلك ابن رشد في البيان والتحصيل، وذكر بعضه حفيده في بداية المجتهد، مؤداه أن الشرط الذي لا يناقض المقصود من العقد لا يبطله، إلا أنه مرة يكون مكروهًا ومرة يكون جائزًا، والشرط الذي يناقض المقصود تارة يلغيه دون العقد، وتارة يلغي العقد والشرط، وذلك بحسب مناقضة الشرط للعقد، فمرة يناقض أصل العقد مناقضة تامة، وتارة يناقض حكمًا من أحكام العقد أو شرطًا من شروطه لا يدخل في ماهيته، فلا يكون مبطلصا للعقد، وتفاصيل ذلك معروفة سترى بعضها في كلامنا على هذه المسألة وهي المعروفة عند المالكية بمسألة البيع على أنه إن لم يأتِ بالثمن لكذا فلا بيع، والمشهور في مذهب مالك إلغاء الشرط وصحة العقد، قال خليل في مختصره في سرد النظائر يصح فيه العقد ويبطل الشرط (كمشترط زكاة ما لم يطب وأن لا عهدة ولا مواضعة أو لا جائحة أو إن لم يأتِ بالثمن لكذا فلا بيع) ففي هذه المسائل يصح العقد ويبطل الشرط، إلا أن مسألتنا هي المسألة الأخيرة، وإن لم يأتِ بالثمن لكذا فلا بيع، فيها ثلاثة أقوال عن مالك، متخرجة على قاعدة الشروط السالفة الذكر، التي نقلها خليل في توضيحه عن ابن لبابة قائلًا: ذكر ابن لبابة عن مالك في هذه المسألة ثلاثة أقوال، إلى آخر الأقوال، وذكر الحطاب في التزاماته في هذه المسألة سبعة أقوال حصلها من كلام المدونة وشروحها

إلا أن خليلًا في باب النكاح مشى على شطر آخر من قاعدة الشروط فحكم بفسخ العقد قبل الدخول، فقال في سرد النظائر، التي يكون الشرط فيها موجبًا لفسخ النكاح قبل الدخول:(وقبل الدخول وجوبًا على ألا تأتية إلا نهارًا وبخيار لأحدهما أو غيره وعلى أن لم يأتِ بالصداق لكذا فلا نكاح، وجاء به، وما فسد لصداقة أو على شرط يناقض، كأن لا يقسم لها أو يؤثر عليها أو ألغي) ذكر نص خليل على طوله، لأنه يشير إلى نوعين من الشروط: شروط لا تلائم العقد لأن الحكم يوجب خلافها، وهي المشار إليها في الفقرات الأولى، وشروط تناقض العقد وهي المشار إليها في الفقرة الأخيرة، ليتضح الأمر لا بد من الإشارة إلى القاعدة التي أصلوها، والتي تفرق بين الشرط الذي يوجب الحكم خلافه، إلا أنه لا ينقاض العقد، مشيرة إلى الخلاف في هذا النوع من الشروط، بخلاف ما يناقض العقد، بأن يهدم ركنًا من ماهيته، فإنه إما أن يبطل العقد أو يلغى دونه، وإلى هذه القاعدة أشار الزقاق في المنهج بقوله:

هل الشرط ما لا يقتضي الفسادا

إن خالف الحكم اعتبارًا فادا

إلى آخر كلام الزقاق.

ص: 2194

إلا أن مسألتنا هذه لا تقتصر على كونها بيعًا لا يتم نقل الملكية فيه إلا باستيفاء الثمن ليكون داخلًا في الخلاف المشار إليه، فهي – زيادة على ذلك – بيع يتضمن غررًا ويخالف سنة العقد غي كل وجه، لأن المشتري إذا دفع الأقساط ولم يأت بآخر قسط منها ضاع عليه ما أدى وضاعت عليه السلعة محل البيع، ومعلوم أن البيع الفاسد يفوت فيه المشتري بالغلة في مقابل الضمان، فلو وثق العقد كان على البائع أن يرد الأقساط التي حصل عليها في مقابل الاستغلال، لأن الغلة في مقابل الضمان، كما ورد في الحديث الصحيح الذي أصبح فيما بعد قاعدة ((الخراج بالضمان)) أخرجه أبو دواد والترمذي والنسائي والإمام أحمد. قال في المنهج:((الخراج بالضمان)) أصل قد ورد في مستحق شفعة بيع فسد.

الخرج بالضمان أصل قد ورد

في مستحق شفعه بيع فسد

فهذه المسألة الأولى أو الفرض الأول لا يمكن أن تصح بوجه من الوجوه، يعني لا تصح بالوضع القانوني، أما إذا حورناها إلى صيغة أخرى كما سنرى في الصيغ التي اقترحها في الخلاصة فيمكن أن تصح، إلا بمخالفة الحديث الذي رواه أبو دواد وابن ماجه والدارقطني ورواه مالك عن الزهري وهو ((أيما رجل باع سلعة فأدرك سلعته بعينها عند رجل أفلس ولم يكن قد قبض من ثمنها شيئًا فهي له وإن كان قد قبض من ثمنها شيئًا فهو أسوة الغرماء)) .

المسألة الثانية: وهي عقد إيجار ساتر للبيع وهذه الصورة كما يبدو إنما هي بيع مع إيجار – سمي إيجارًا – لئلا تترتب عليه أثار البيع، فمن جهته البائع يحتفظ بملكيته ومن جهة المشتري فهو لا يستطيع التصرف، فكأنه إيجار بهذا المعنى لتلبية مطلب البائع، إلا أنه بيع من حيث أن الأقساط إذا وفَّى بها نشأ عن الوفاء بها نقل الملكية بأثر رجعي، وهو من آثار البيع وليس من لآثار الإجارة نقل ملكية الذات فهذا العقد بهذه الخصائص هو عقد غرر ومجازفة، لأن المشتري قد يعسر في آخر قسط وقد دفع أقساطًا لا تناسب الإجارة، لأنها تتجاوز قيمة المنافع، وهي في الأصل قيمة للرقبة، فقد خسر الثمن والثمون اللذين ربحهما البائع، ويكون بذلك البائع قد حصل على العوض والمعوض خلافًا للقاعدة الشرعية المشهورة التي ذكرها المقري وغيره، فقال أبو عبد الله المقري:(قاعدة الأصل ألا يجتمع العوضان لشخص واحد، لأنه بمعنى البعث وأمل أموال الناس بالباطل) ، قالوا في المنهج في سرد النظائر من القواعد التي تعتبر أصولًا.

والإذن لا العَدا وألا يجمعا

لشخص بين العوضين فاسمعا

ص: 2195

وليس كل عقد يتردد، ومن المسائل التي أجازوا فيها الغرر، أعفيكم أيضًا من هذا.

المسألة الثالثة: وهي الإجارة مع وعد بالتمليك بهبة أو بيع، وهي مسألة يجب أن ينظر إليها من عدة وجوه، أولها: هل هذه الإجارة إجارة جادة؟ بمعنى أن الأقساط المدفوعة تناسب قدر الإيجار فتكون إجارة حقيقية مصحوبة بوعد، ثانيًا: هل الوعد حصل في صلب العقد بحيث يؤثر على الثمن أو كان تطوعًا بعد العقد؟ وهل كان وعدًا بالهبة أو وعدًا بالبيع؟ كل هذه الأوجه تترتب عليها أحكام تخص كلًّا منها فنلبدأ بأقرب هذه الأوجه للصحة والقبول، وهو أن يكون الطرفان قد عقدا بيعهما إجارة – أرجوكم أن تصحِّحوا، فيه بعض الخطأ – وبعد العقد وعد البائع المشتري بأن يهبه تلك العين، إذ هو وفَّى بأقساط الإيجار في وقته المحدد يرغبه في الوفاء، فهذه الصورة تعتبر وعدًا بهبة، وهو وعد ملزم على أصل مالك في الوعد المعلق على سبب على ما استظهره بعض الشيوخ من الخلاف في مسألة الإلزام بالوعد، فمعلوم أن مذهب مالك فيه أربعة أقوال فيما يتعلق بالإلزام بالوعد، القول الأول: أن الوعد لا يلزم به شيء وأن الوفاء به إنما هو من مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال وهذا موافق للمذاهب الأخرى، (راجع المغني لابن قدامة)، والقول الثاني: عن مالك هو لزوم الوعد مطلقًا، وهو كما رأيت مخالف للمذاهب الأخرى، وقول بالتفصيل: عن مالك بالوعد الواقع على سبب فيلزم، وقول رابع: وهو المشهور أنه إذا أدخل الموعود في ورطة فإنه يلزم، وقد أجمل صاحب المنهج هذه الأقوال الأربعة بقوله:

هل يلزم الوفاء بالوعد نعم

أولًا نعم لسب وإن لزم

ص: 2196

فالمسألة هنا تدخل في قاعدة أن من التزم شيئًا بسبب عمل يجب على الملتزم له الإتيان به يلزمه إذا كان الملتزم بكسر الزاي يعلم بوجوب ذلك العمل على الملتزم له بدون مقابل، وأسوأ على ذلك كما قال الخطاب في التزاماته. النقل الذي أمامكم يمكن أن تراجعوه.

أفترض أنكم قرأتم كلام الحطاب في مسألة الزوجة التي تلتزم لزوجها إذا أذن لها بالحج.

تنبيه: فعلى ما قاله ابن رشد إذا كان الملتزم يعلم أن ذلك الفعل يجب على المتلزم له ثم علَّق الالتزام عليه فإنه يلزمه، ويحمل على أنه أراد ترغيبه في الإتيان بذلك الفعل، كقوله إن صليت الظهر اليوم فلك عندي كذا وكذا. والله أعلم.

وذكر كثيرًا من المسائل من هذا النوع. أما الوعد بالهبة في صلب العقد إذا كان من شأنه أن يؤثر على الثمن فهذا لا يجوز وهو من باب الجعل، والجعل لا يجوز جمعه مع الإجارة، فكأنه قال له: أن فعلت كذا فلك كذا، قال خليل في الإجارة:(وفسدت أن انتفى عرف تعجيل معين كمع جعل) قال الزرقاني لتنافي الأحكام فيهما، فهذا الوعد بالهبة كما ترى فهو من جهة جعل لا يجوز جمعه مع الإجارة، ومن جهة أخرى قد يؤثر في الثمن، أي في قدر الإيجار فلا يدري ما أعطى مقابل الوعد بالهبة، وهي هبة ثواب، وما أعطى مقابل الإيجار حقيقة.

والوعد بالهبة في صلب العقد بالإجارة أو بالمساقاة أو غيرها، لا يوجد فيه نص صريح مع ما عرف عن مالك وابن القاسم وسحنون من وجوب الوفاء بالوعد إذا أدخل الموعود في ورطة، إلا أنهم إنما افترضوا هذه المسألة في عقود أخرى كالخلع، قال خليل (أو الوعد إن ورطها) .

ص: 2197

أما في عقد البيع مثلًا فظاهر كلام مالك يدل على المنع إذا كان الأمر معلقًا على شيء لا يدري هل يقع أولًا.

قال الحطاب في التزاماته: (قال في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع: سمعت مالكًا يقول: لا أحب البيع على أنه إذا وجد شيئًا قضاه وإن هلك ولا شيء عنده فلا شي عليه) . قال ابن القاسم: فإن وقع هذا الشرط وفات لزم المشتري قيمتها يوم قبضها. قال محمد بن رشد: هذا الشرط من الشروط التي يفسد بها البيع لأنه غرر، فالحكم فيه الفسخ مع قيام السلعة شاءً أو أبياًًّ ويصح في فواتها بالقيمة بالغة ما بلغت، وهو ظاهر قول ابن القاسم وتفسيره لقول مالك، وقد يقول كثيرًا فيما يجب فيه الفسخ لا أحب هذا، أو أكرهه أو شبهه من الألفاظ فيكتفي بذلك من قوله، ونقله في النوادر وزاد فيه، قال ابن القاسم: هذا حرام ويرد فإن فات فعليه قيمتها يوم قبضها.

أما الوعد بالبيع فهو مؤثر على الثمن ومخل به، وسبب للجهالة، وأكثر التزامات نصوص المذهب وشروحه إنما هي في إيجاب الوعد في مسائل التبرعات كالهبة لأنها تملك بالقول عند مالك، وهذا من أسرار مذهب مالك في مسألة الوعد، وكذلك الصدقة والعتق والطلاق، أما البيع فإنه لا ينعقد إلا بالصيغ المشار إليها بقول خليل، ينعقد البيع بما يدل على الرضا إلى آخره، فالتزامه بالواعد إلزام بالبيع والنظر في العقود غالبًا إلى المال كما أشار إليه الزرقاني في مسائل الثنيا، وعليه فهذه الصيغة تعتبر تلفيقية في غاية الضعف.

أما الوعد بالبيع بعد عقد الإجارة فيخرج على المسألة المشهورة عند المالكية وهي إذا قال البائع للمشتري بعد عقد البيع: إذا أنا أتيتك بالثمن رددت إلي المبيع، فقبل المشتري بذلك، فإن ذلك يلزمه، قال الحطاب في التزاماته مسألة.

ص: 2198

قال في معين الحكام: ويجوز للمشتري أن يتطوع للبائع بعد العقد بأنه إن جاء بالثمن إلى أجل كذا فالمبيع له ويلزمه المشتري متى جاءه بالثمن في خلال الأجل، أو عند انقضائه أو بعده على القرب منه، ولا يكون للمشتري تفويت في خلال الأجل، فإن فعل ببيع أو هبة أو شبه ذلك نقض إن أراده البائع ورد إليه وإن لم يأتِ بالثمن الأعلى إلا بعد انقضاء الأجل فلا سبيل له إليه، وإن لم يضربا لذلك أجلًا فللبائع أخذه متى جاءه بالثمن في قرب الزمان أو بعده ما لم يفوته المبتاع فإن فوته فلا سبيل إليه، فإن قام عليه حين أراد التفويت فله منعه بالسلطان إذا كان ما له حاضرًا، فإن باعه يعد منع السلطان له رد البيع وإن باعه قبل أن يمنعه السلطان نفذ بيعه.

وتتخرج أيضًا قاعدة الشروط اللاحقة لا يبطل بها العقد، كما نقلنا عن ابن زرب من المالكية وابن بشر وتلميذه ابن عتاب.

خلاصة القول:

(وهنا انتبهوا لأن الذي أقرأه ليس مكتوبًا عندكم)

إن هذا العقد المسمى بالإيجار الذي ينتهي بالتمليك في شكله القانوني والعرفي الحالي لا يشبه العقود الجائزة ولا يمكن أن يكون جائزًا على بعض أقوال العلماء إلا إذا أخذ إحدى الصيغ الخمس التالية:

أولًا: أن يكون إيجارًا حقيقيًّا ومعه بيع خيار عند من يجيز الخيار المؤجل إلى أجل طويل كالإمام أحمد ومحمد بن الحسن وأبي يوسف وابن المنذر وابن أبي ليلي وإسحاق وأبي ثور، يشترط أن تكون المدة محدودة، واجتماع البيع مع الإجارة جائز في عقد واحد بشرط أن يكون لكل منهما موضوع خاص به في رأي كثير من العلماء كالشافعية والحنابلة والمالكية، قال خليل عاطفًا عطف مغايرة (كمع جعل لا بيع) ، قال الزرقاني، بعقد واحد، فلا يفسد كاشترائه ثوبًا بدارهم معلومة على أن يخيطه البائع. وإننا فرقنا بين هذا وبين الوعد المؤثر في الثمن للجهالة لأنه هنا إجارة حقيقية وبيع بالخيار بشرط أن يعقدا على ثمن خاص للبيع يشبه مثله، كما يمكن أن يبت البيع من غير تعليق، - وهذه صورة زائدة – بحيث لا يقع القبض إلا بعد زمن لا تتغير فيه السلعة كما يمكن أن يكون البيع باتًّا مع تأخير القبض في أمد لا يتجاوز سنتين على قول ابن حبيب في الدار المبيعة مع استثناء السكنى، ذكر ذلك شروح عند قول خليل في باب الإجارة وبيع دار لتقبض بعد عام أو أرض لعشر – أي بعد عشر سنوات – يجوز البيع فيما لا يتغير بشرط ألا يقبض إلا متأخرًا.

ص: 2199

المسألة الثانية: وعد ببيع لاحق بعد الإيجار، وقد علمت تخريجه على مسألة الإقالة السابقة وهذه الصيغة ضعيفة لا تجد سندًا إلا في أصل وجوب الوفاء بالوعد، وهو في البيوع غير مفرع عليه في المذهب كما أسلفنا، إلا أنها لما كانت بعد العقد كانت أخف من شرط البيع الواقع في العقد، فأمكن تخريجه على الوعد الواقع على سبب وقد تقدم ما فيه.

ثالثًا: وهو أن يبيعه بشرط ألا يمضي البيع إلا بدفع الثمن، وهذه ليست من باب البيع، على إن لم يأتِ بثمن النكاية فلا بيع، هذا بيع انعقد إلا أنه لا يمضي. وهناك فرق بين الانعقاد والمضي نبه عليه البناني، ألا يمضي البيع إلا بدفع الثمن فيكون المبيع معلقًا على دفع آخر الثمن. وحسب ما يفيده الزرقاني عن أبي الحسن على المدونة هذه الصيغة جائزة معمول بها وسلمه البناني ومع كلمة (ألا يمضي) بدلًا من (ألا ينعقد) ، فتكون الذات كالمحبوسة للثمن أو للإشهاد، كما أشار إليه خليل بقوله (وضمن بالقبض إلا المحوبسة للثمن أو للإشهاد كالرهن. فالبيع منعقد غير نافذ – أرجو أن تضربوا على كل ما تضمنته هذه المسألة الثالثة وأن تضعوا مكانه ما أقوله الآن فالبيع منعقد غير نافذ – فإذا دفع بعض الثمن وأراد البائع استرجاع السلعة رد ما أخذه.

صورة رابعة: وهي أن يبيعه بيعًا باتًّا على أن لا يتصرف في المبيع حتى يفي بالثمن فيلزمه الوفاء بذلك، وتصير كالمرهونة فلا يتصرف فيها إلا إذا وفي بالثمن وهي مستثناة من قول خليل:(وكبيع وشرط يناقض المقصود كأن لا بيع ".) قال الدردير: كأن يشترط البائع على المشتري أن لا يبيع أولا يهب أو لا يتخذها أم ولد) .

وفي سماع علي بن زياد، سئل مالك – رضي الله عنه – عمن باع عبدًا أو غيره وشرطه على المبتاع أن لا يبيعه، ولا يهبه، ولا يعتقه، حتى يعطيه ثمنه قال: لا بأس بهذا، لأنه بمنزلة الرهن إذا كان إعطاء الثمن لأجل مسمى.

هذه صيغة أخرى جديدة – الصيغة الخامسة والأخيرة.

وعد بهبة لاحق بعقد الإيجار جار على سبب، وهذا أجدر هذه الأوجه بالجواز وأولاها بالصواب، وهذا ما نراه في هذه المسألة. والله أعلم.

كلمة أخيرة: السمة المشتركة بين هذه البحوث هي أنها لا تجيز هذا العقد في بنيته، ومع نيته، لا بد من تغيير البنية وتغيير النية، حتى يجوز هذا العقد. إذا كان في بنيته يرد الأقساط، فلا شيء للمشتري، يكون المشتري دائمًا هو الطرف الأضعف، والبائع هو الطرف الأقوى، الذي يأخذ كل شيء ثمنه مذهبًا. وشكرًا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 2200

الدكتور حسن علي الشاذلي:

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا الموضوع الذي أحاط به الأخ الشيخ عبد الله إحاطة طيبة، وددت أن أضع التصور بشيء من التفصيل الموجز في النقاط التالية:

أولًا: من ناحية الصور التي احتوى عليها القانون، ثم بعد ذلك أفضل الحديث عنها في الفقه الإسلامي ما أمكن وما لم يمكن منها.

أما النقطة الأولى، فباستقصاء الصور وجدناها صورًا متعددة، أول صورة منها هي أن يعقد عقد إيجار على أنه في نهاية المدة وبعد سداد الأقساط المحددة تكون السلعة ملكًا لهذا الشخص، هذه صورة.

الصورة الثانية: أن يعقد عقد إجارة على أنه بعد نهاية المدة وسداد هذه الأقساط يكون هناك ثمن للسلعة إما رمزي وإما حقيقي. وبذلك تكون ثلاث صور.

ثم بعد ذلك صور أخرى، أن يعده – في الصورة المتقدمة – ببيع السلعة بعد انتهاء عقد الإيجار أن يبيعه هذه السلعة، فإذا وعده بالبيع، هذا الوعد إما أن يكون أيضًا البيع له ثمن رمزي أو ثمن حقيقي، وعد من جهة واحدة أو وعد من طرفين. ثم بعد ذلك آخر الصور، هي صورة يعقد فيها عقد إجارة ثم بعد نهاية المدة – وعادة ما تكون طويلة – يخيره بين ثلاثة أمور، الأمر الأول: هو أن يمد مدة الإجارة والخيار هنا للشخص المستأجر، وإما أن يأخذ السلعة بيعًا وهنا لازم يكون الثمن بثمن السوق في هذا الوقت أو ثمن مقدر فيه ما مضى على السلعة من زمن وما انتفع به فيها في خلال هذه المدة، أو بأن يردَّ السلعة إلى صاحبها. هذه هي الصور التي وجدت في القانون، حينما عرضناها على الفقه الإسلامي تبين ما يأتي:

أولًا: إن الفقه الإسلامي يرفض أن يتم التعاقد على سلعة غير مملوكة للشخص الذي يبيع أو يؤجر. وهذا أمر منتهى منه عرضناه في البحث، ثم بعد ذلك.

ثانيًا: لا بد من أن تكون هذه السلعة مقبوضة تحت يده حتى يمكن أن يتصرف فيها، وهذا ما رجحته في البحث.

ثالثًا: عرضت قضية اجتماع عقد البيع مع عقد الإجارة، وهذا الموضوع شائك ودقيق بالنسبة لأن جمهور الفقهاء يجعلون أن اشتراط عقد في عقد هو المنهي عنه بحكم النهي عن بيعتين في بيعة. وإن كان الفقهاء قد أجازوا، اجتماع – بعض الفقهاء – أجاز اجتماع عقد مع عقد صفقة واحدة. وبعضهم أجاز اشتراط عقد في عقد.

ص: 2201

رابعًا: عرضت أيضًا لاجتماع كثير من الشروط في هذا العقد بالذات ضمانًا لحق المؤسسة التي تعطي هذه العين. فهل اجتماع أكثر من شرط في هذا العقد لا يصح بناء على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي ينهى عن بيع وسلف وعن شرطين في عقد. رجحت ما ذهب إليه الحنابلة من أن المقصود بالشرطين هنا الشرطان الفاسدان. ثم بعد ذلك بدأت أعرض الصور، الصورة الأولى في القانون وهي إيجار ينتهي بالتمليك بمجرد الانتهاء من سداد هذه الأقساط. هذه الصورة- كما هو واضح لنا- تكتنفها عدة أمور. أولًا: هي إجارة لفظًا، ولفظ صريح وفي نهايتها بيع، والبيع الذي في نهايتها بمجرد الانتهاء من الأقساط. فماذا نصنع؟ بهذه الكيفية لا تصير هذه الصورة ولكن يمكن أن تحور ضمانًا لحق المؤسسة وأيضًا لنمكن الشخص المنتفع من أن ينتفع بهذه السلعة. وبناء على ذلك عرضت حلولًا. أما الحل الأول هو ما أشار إليه الأخ الزميل الأستاذ عبد الله، وهو أن يبيعه هذه السلعة على ألا يتصرف فيها لا ببيع ولا بشراء ولا تبرع، ولا، ولا، من كل التصرفات إلا بعد نهاية الثمن. وحينئذٍ لا تكون الصيغة هنا لا تكون الصيغة هنا لا تكون صورة عقد إجارة وإنما عقد بيع، وهذا البيع تحفظنا فيه أو حبسنا فيه السلعة عن الخروج من تحت يد المستأجر وجعلناها لازالت في يد المالك، وبالتالي في نهاية المدة إذا تم سداد الأقساط جميعها ينطلق حق الملكية ليضاف إلى حق المنفعة الذي هو موجود عند المستأجرت وبذلك يتم هذا العقد، وهناك حل ثانٍ: وهو إذا ما جعلنا البيع الذي في النهاية جعلناه هبة، وإذا جلعناه هبة إما أن يكون ذلك شرطًا في العقد، إذا كان حينئذٍ شرط في العقد فيؤدي إلى أن يكون اجتماع عقد الإجارة مع عقد الهبة على أنه أدى هذه الأقساط كانت له هبة، يبقى تعليقًا، علقنا عقد الهبة على سداد هذه الأقساط، وتعليق عقود التمليكات في الفقه الإسلامي ممنوع، ولكن يوجد بالنسبة لعقد الهبة بالذات، يوجد خلاف للمالكية، رأيان في عقود التبرعات أنه يمكن تعليقها على الشرط، وإذا أمكن تعليق عقد الهبة على الشرط، حينئذٍ يصاغ العقد على أنه عقد إجارة وأنه في نهاية المدة، تكون هذه العين هبة لهذا الشخص. إذن هذا من حيث أننا نحن جعلنا عقدًا بالهبة معلقًا، نقطة أخرى ممكن أن نعده بأنه عند سداد الأقساط تكون العين هبة له، وحينئذٍ نرجع إلى رأي المالكية في القول بالإلزام في عقد الهبة ويحل لنا المشكل، وبناء على ذلك تكون هناك في الصورة الأولي ثلاثة حلول كما رأينا فيها، الصورة الثانية، وهي أن يحدد إما ثمنًا رمزيًا أو ثمنًا حقيقيًّا. الصورة نفس الأولى بس غاية ما هنالك وضع في الصيغة ثمن رمزي وفي الصورة الثانية ثمن حقيقي. أما من حيث الثمن الرمزي ممكن في الفقه الإسلامي للإنسان يعني هناك خلاف بين الفقهاء، هل يجوز أن يبيع الإنسان ملكه ولو بقليل من المال لا يتعادل مع السلعة؟ أو أنه لا بد له من معيار؟ هناك خلاف فقهي. إذا أخذنا بأن للإنسان أن يتصرف كما يشاء في سلعته، حينئذٍ يمكن أن يطبق على هذه الصورة ما طبق على الصورة الماضية، وبالتالي الصورة الثانية التي فيها ثمن حقيقي يصبح أمام عقد اجتمع فيه عقد إجارة مع عقد بيع وهذا عقد البيع محدد فيه ثمن السلعة. وهذا سوف يخضع للكلام حول اجتماع عقدين في عقد كما سبق وأن أشرت، أما الصورة التي تلي هذا، فهي أن يعده بالبيع، أن يعد أحد الطرفين الآخر – واحدا منهما –مثلًا المستأجر يعد بالشراء، والآخر يعد بالبيع إما وعدًا منفردًا وإما متلازمان. فإذا كان الوعد منفردًا وعد بالبيع فهنا أتساءل على رأي من قال من المالكية: إن هذا ينحصر في التبرعات حول الوعد الملزم، وإن كنت أبديت وجهة نظري أنه إذا جاز أن يلزم في التبرعات وهي مال يخرج لا إلى بدل فلأن نجيزه في المعارضات وهو مال يخرج إلى بدل يكون بالأول. ولعلي أستفيد من علماء المالكية في هذا الجانب. فإذا قلنا: إنه ملزم أو على القول بأنه يجري في المعاوضات والتبرعات إذا قلنا ذلك، إذن نحن لازم ما قلناه في الوعد هنا أو نقوله في الوعد هنا، ويصبح بناء على ذلك العقد يسير بهذه الكيفية. الصورة الأخيرة وهي صورة ما إذا كان عقد إجارة وفي نهايته يخير المستأجر بين ثلاثة أمور: الأمر الأول: مد مدة الإجارة، الأمر الثاني: أن يبيعه السلعة بثمن يراعى فيه ما استهلك في خلال هذه المدة من الاستعمال أو كذا، أو كذا، أو بسعر السوق. والأمر الثالث أنه هو يرد السلعة إليه، وهذه الصورة واضح منها أنه أيضًا وعد بأن أعطى هذا الشخص الخيار في أن يختار ما يشاء ولا ضير في ذلك. وهذا ما أردت أن ألخصه بإيجاز وهو موجود بين حضراتكم في المبحث المقدم، علمًا بأن ما عرضته هنا هو عبارة عن رأي والرأي يؤخذ منه أو يرد. ونرجو أن يوفقنا الله إلى ما فيه الخير. وشكرًا.

ص: 2202

الشيخ عبد الله محمد عبد الله:

بسم الله الرحمن الرحيم: سيادة الرئيس. تبين أن هناك بحوثًا لم توزع إلا الآن، ولهذا لم نقرأها ولم يتم تلخيصها.

بقيت مسألة أخرى كنت فيما مضى في جلسة سابقة تكلمت في مذهب المالكية عن مسألة العدة مع حضور أئمة هذا المذهب من المشرق والمغرب، ولكني لم أكن في الواقع – يعنى – متجرئًا على حضراتهم في التعرض لمذهب درسناه من حيث المقارنة وفي كتب أحاديث الأحكام وآيات الأحكام، ولكن الإنسان قد ينقل ثم يفوته شيء في النقل. وتصحيحًا للوضع أريد أن أبين أن الصحيح في مذهب الإمام مالك أن العدة في التبرعات تدور بين أقوال أربعة بل خمسة، فقائل بلزوم الوعد مطلقًا، وقائل بعدم اللزوم، وقائل باللزوم إذا كان على سبب، والرأي الرابع يقول: إذا دخل في السبب، وقال ابن العربي في الأحكام عند الكلام على قوله تعالى:{لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} ، أن الوعد بالتبرعات يكون لازمًا إلا لعذر، أما في المعاوضات فيدور حكمه بين ثلاثة أحكام، بين الجواز وبين الحرمة وبين الكراهة، كما في بيع الطعام قبل قبضه وبيع الصور والصرف. واطلعت في كتاب (تحرير الكلام في مصادر الالتزام) في مسائل الالتزام والفرق بين الالتزام وبين العدة، والكتاب الآن بين يدي شيخنا الجليل الشيخ الضرير، ونص في هذا الكتاب أيضًا:(إذا وعد ولي المرأة على تزويج ابنته فإنه يجبر على تزويجها إلا إذا زوجها بآخر) هذا كلامه، هذا كلام الحطاب في تحليل الكلام، وأتى لنا بصورة في مسألة البيع والشراء، لن أتعرض لها اختصارًا للوقت. ثم أدخل في الموضوع (موضوع التأجير المنتهي بالتمليك) ، الذي يبدو لأول نظرة أن هذا العقد يعتبر عقدًا جديدًا الآن، ولكن المتأمل والقارئ لكتب الفقه يجد أن هذه الصورة لها نظائر ولها أشباه في كتب الفقه، ولها حلول، فذكروا – مثلًا – إذا أجر الإنسان شيئًا لآخر ثم أراد بيعه. فهذه الصورة منصوص على حكمها، واختلف العلماء في صحة البيع في هذه الحالة، فبين قائل بالجواز وهم الحنابلة وقول الشافعية، ومن قائل بالمنع، وأما الأحناف فقالوا: إن البيع موقوف، فإن أجازه المستأجر مضى، وإن منعه رد. فهذه صورة ولكن ليست مطلوبة أو ليست مطروحة في هذا الموضوع لأن الذين يتكلمون عن التأجير المنتهي بالتمليك يقصدون شيئًا آخر، يريد إنشاء البيع بداية ولكنه يأتي بضمانات لنفسه، يريد أن يضمن حقه في المستقبل من أن يتصرف المستأجر أو المشتري بهذه العين لغيره أو يزاحمه عند إفلاسه دائنون آخرون. فيلبس البيع ثوب الإجارة، وحتى يضمن حق الطرف الآخر يعده بالبيع أو يعده بالهبة عند نهاية الأجرة، وقد يأتيان بشروط منها أنه إذا لم يوفِ بقسط انتهى البيع أو استرد المبيع. فهذه شروط لها حلول بسيطة سهلة، إنما هذا النوع من التعاقد أيضًا له في الفقه حل، أنا عرضت لهذا الموضوع في المرة السابقة أو في الجزء الأول من البحث، بأن ناقشت هذا الموضوع من ثلاث جهات: من جهة العبرة باللفظ أو المعنى، ومن جهة الشروط، ومن جهة الحيل. فمن جهة اللفظ والمعنى هناك فريقان أو اتجاهان في الفقه الإسلامي؛ اتجاه يغلب المعنى على اللفظ طبقًا للقاعدة الفقهية المعروفة (العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني) ، فيعتبر العقد عقد بيع منذ البداية، وتجري أحكام عقد البيع على هذا النوع من التعاقد، فإذا كان هناك تضمن شرطًا فاسدًا، فهناك من الفقهاء من قال إن الشرط الفاسد يلغى ويصح العقد. ففي هذه الحالة نكون أمام عقد بيع ونجري أحكام عقد البيع. هذه الصورة لها حل آخر أو نظرة أخرى من جهة أخرى. هذا الحل أخذت به القوانين العربية والإسلامية، كثير من الدول أخذت بأن العبرة للفظ وأجرت على الإيجار الساتر للبيع عقد البيع، بيع بالتقسيط. وهذه سائر الأحكام منذ البداية وانتهت من مشكلة الحيلة أو التحايل أو التلاعب، من هذه القوانين قانون مصر المعمول به الآن، القانون المدني المصري والقانون التجاري الكويتي والقانون المدني الكويتي أيضًا، فهذه القوانين قضت على فكرة التأجير المنتهي بالتمليك، واعتبرت العقد منذ البداية عقد بيع. هنا مسألة فقهية في الواقع أريد أن أعرضها باختصار، اسمحوا لي يا سيادة الرئيس لو قرأت سطورًا قليلة في مسألة الاختلاف الفقهي. المعروف أن أي مسألة تعددت فيها الأراء الفقهية أصبحت مسألة خلافية، والمسألة الخلافية تنتهي إذا اتصل بها حكم الحاكم أو أمر السلطان، فهنا القوانين التي جعلت هذا النوع من التعاقد عقد بيع، هذا ينهي المشكلة ويعتبر المسألة منتهية، والرأي الراجح فيها هو الرأي الذي نصت عليه هذه القوانين، ولهذا ذكروا أن القضاء يتقيد ويتخصص بصوره خمس، بالزمان والمكان وببعض الخصومات وباستثناء بعض الأشخاص والعمل بقول مجتهد في المسائل الخلافية، وكانت مجلة الأحكام العدلية تنص على هذه الأحكام في المادة (1801)، ويقول الشيخ علي حيدر في شرحه لهذه المادة: إن من الواجب العمل بأمر إمام المسلمين بالعمل بأحد القولين في المسائل المجتهد فيها. وتكلم ابن نجيم عند المادة – الكلام على المادة الخامسة – في قولِه: تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة، ويختصر قول البشتاوي في كتابه (جواهر الروايات ودور الدرايات في الدعاوى والبينات) قوله: وحاصل ما ذكره علماؤنا أن كل مسألة اختلف فيها الفقهاء فإنها تصير محل اجتهاد. فإذا قضى قاضٍ أو أمر سلطان بقول ارتفع الخلاف، وهذا إذا لم يخالف الكتاب أو السنة المشهورة أو الإجماع أو يكون قولًا لا دليل عليه، فإن خالف واحدًا منها لا ينفذ لكونه ليس في محل الاجتهاد الصحيح وهو خلاف لا اختلاف.

ص: 2203

وهذا الموقف وقفه ولاة قرطبة في قضائهم فكانوا يلزمون القضاة العمل بمذهب ابن القاسم. قال الشاطبي: ومن هنا شرطوا في الحاكم بلوغ درجة الاجتهاد. وحين فقد لم يكن بد من الانضباط إلى أمر واحد كما فعل ولاة قرطبة حين شرطوا على الحاكم أن لا يحكم إلا بمذهب فلان ما وجده – يعني مذهب ابن القاسم – ثم بمذهب فلان. فانضبطت الأحكام، وبذلك ارتفعت المفاسد المتوقعة، فهذه القوانين في الواقع في كثير من حالاتها تجهز على الخلافات وعلى التلاعب في الأسواق وبين المتعاملين. أما الرأي الذي يقول: العبرة بالألفاظ. هو في اتجاه أيضًا له أنصاره في مختلف المذاهب، في المذهب الحنفي والشافعي، ويراجع في المذهب الشافعي وكذلك في المذهبين المالكي والحنبلي. فالذي يأخذ بالألفاظ وصيغ الألفاظ، العلماء الأحناف وجدوا حلًّا لهذه المعضلة، لهذه المشكلة. المشكلة حلت في زمنهم وهي أشبه بمشاكل الكساد الاقتصادي أو البوار الاقتصادي التي تحل بين حين وآخر في العالم الإسلامي ومختلف أنحاء العالم. فعندما هبط الكساد في سمرقند، وحلت بالناس كوارث اقتصادية، وأفلس كثير من التجار، لجأوا إلى بيع الوفاء وبيع الاستقلال. واختلف الرأي الفقهي عند أئمة المذهب الحنفي وذلك بالنسبة إلى تغليب اللفظ أو المعنى. فمن غلَّب المعنى اعتبر هذا البيع رهنًا منذ البداية وأجرى عليه كل أحكام الرهن، ومن نظر إلى اللفظ قال: لا، إننا نستعمل عقد بيع. فهذا البائع والمشتري يبيع أنه باع داره لهذا، وهو المدين غالبًا يبيع داره لدائنه، بدون ذكر شروط في هذا العقد، فيصبح العقد عقد بيع صحيح. ثم يلحق هذا العقد بعقد آخر، بشرط أنه متى أتى بالثمن أقاله من العقد. فهنا اشترطوا الإقالة أو الفسخ، ثم ألزموا الناس بالمواعدة، وقالوا: إن هذه المواعدة نقضي بلزومها لحاجة الناس، وبذلك قضوا على كثير من المفاسد وكثير من الأضرار التي حلت بهم. وأكتفي بهذا القدر وشكرًا.

الرئيس:

شكرًا. قبل أن أعطي الكلمة للشيخ علي، ما ذكر في بعض الولاة على أنه ألا يقضي إلا بقول ابن القاسم ما وجده، فأنا أذكر تعليقات لبعض المالكية ولغيرهم والشيخ الأمير رحمه الله تعالى صاحب (أضواء البيان) ذكر جملة منها في مذكرة له قدمت لهيئة كبار العلماء في عام 1393هـ. وكانت النقود المعلقة من بعض المالكية ومن غيرهم على هذه يقولون: يا ليته قال: إلا الدليل ما وجده.

تفضل يا شيخ علي.

ص: 2204

الشيخ محمد علي التسخيري:

بسم الله الرحمن الرحيم.

بكل اختصار هناك مقدمتان أطرحهما أولًا، ثم أتحدث عن موضوع بحثنا وأعطي الرأي فيه. وأسأل الله فيه الصواب.

أعتقد أننا يجب أن نلحظ أولًا ما طرحه العلماء من بحوث حول قاعدة ((المؤمنون عند شروطهم إلا شرطًا أحلَّ حرامًا أو حرم حلالًا)) ، هذه القاعدة ثابتة بلا ريب يستفاد من القادة ليس الحكم التكليفي أي الالتزام التكليفي بالشرط ضمن العقد وإنما الحكم الوضعي أيضًا.

وكذلك من ظهور ألفاظ دليل القاعدة يستفاد الشمول، فلا يختص بالشروط الواردة ضمن عقد، لأن النص هنا عام عند شروطهم، ويمكن أن يقول أحد بشمول الشروط للوعود الابتدائية الموثقة، لا الوعود العادية، وإنما الوعود الموثقة التي تعطى ابتداء يمكن أن يستدل للزومها بقاعدة (المؤمنون عند شروطهم) والشرط هو التزام مهما كان الشيء الآخر، ذكرت شروطًا لصحته الشرط في العقد. شروط كثيرة كالمقدورية، الغرض المعتد به، عدم المخالفة للكتاب والسنة بتحليل حرام أو تحريم حلال. وهنا بحث مفيد وشريف جدًّا ما معناه تحريم الحلال وكل اشتراط فيه تحريم لحلال. الرأي الذي انتهيت إليه هو أن تحريم الحلال يتحقق عندما يحرم جنس الحلال وبشكل دائم. عندما يحرم جنس الحلال، بحيث ينقطع أمام الطرف الآخر الإتيان بهذا الحلال دائمًا، هذا أمر يخالف مقصد الشريعة في حلِّيَّةِ هذا الموضوع ولذلك يبطل مثل هذا الشرط. أيضًا، ذكروا بالنسبة لصحة الشرط ألا ينافي مقتضى العقد، وذكروا أيضًا ألا يكون فيه جهالة. وهناك قول عند الإمامية باشتراط التنجيز وعدم التعليق، وقول آخر بعدمه، على أي حال هناك شروط ذكرت لقاعدة ((المؤمنون عند شروطهم)) حتى يمكن القبول بالشرط. هذا شيء. الشيء الآخر، كيفية الاشتراط ذكرت لها صورًا ثلاثة. يعنى، تارة يشترط الإنسان صفة في مورد العقد، وأخرى يشترط ما يسميه بعض الفقهاء بنتيجة العقد، بنتيجة الفعل، وأخرى يشترط الفعل. واضح، اشتراط الصفة واضح، اشتراط نتيجة الفعل. مثلًا في عقد إجارة وكما في موردنا نحن أؤجر له الدار شريطة أن يكون مالكًا بشكل طبيعي، يعنى يملك النتيجة في النهاية بنحو المصدر نتيجة الفعل أن يكون مالكًا عند انتهاء آخر قسط. هذا شرط النتيجة. وهناك شرط فعل شريطة أن يملكه في انتهاء آخر قسط. يقوم هو بإنشاء السبب وتحقيق التمليك. بالنسبة لشرط النتيجة يتوقف صحة هذا الشرط لدى العلماء على كون الأسباب التي تحقق هذه النتيجة أسبابًا غير منحصر بها. يعني النتيجة يمكن تحقيقها بهذه الأسباب وبأسباب عرفية أخرى كمسألة الملكية. الملكية تتحقق تارة بألفاظ العقد، وقد تتحقق بالمعاطاة بلا ألفاظ، ومن جملة ما يحققها بشكل عرفي ممضي من قبل الشارع الاشتراط ضمن عقد، وحينئذٍ تحل مشكلتنا إذا قبلنا باشتراط النتيجة، ولا يتوقف هذا المعنى على مسائل الوفاء بالوعد وأمثال ذلك. بعد اتضاح هاتين المقدمتين: أرى أن عقد الإيجار بشرط التمليك سواء كان بنحو شرط النتيجة أو شرط الفعل صحيح، فإن كان بنحو شرط النتيجة قلنا: إن العرف يقبل أن يكون سبب التملك هو هذا الاشتراط في هذا العقد. وهذه عملية جارية لدى العرف إلى زمان الشارع، ولا نرى نهيًا عنها فهو ممضي. أما شرط الفعل فواضح الصحة ولا مانع من ذلك أن يشترط عليه القيام بالتمليك بعد انتهاء الإجارة. هناك صورة ذكرتها في بحثي وهي آخر كلامي، هذه الصورة هي المتعارفة أحيانًا إما لدى البنوك أو بشكل عادي أن يأتي صاحب بيت إلى البنك ويطلب من البنك أن يشتري منه بيته ثم يؤجره عليه بشرط التمليك، هذه الصورة إذا أريدت دراستها يأتي فيها البحث السابق في مسألة الأمر بالشراء في بيع المرابحة وأمثال ذلك، والبحوث هناك مرت على السادة الكرام ولا تخفى. حياكم الله وشكرًا.

ص: 2205

الدكتور سامي حسن حمود:

بسم الله الرحمن الرحيم

بالنسبة لهذا الموضوع: الواقع أريد أن أوضح بعض النقاط التطبيقية فيما يجري عليه العمل، لتكون الصورة واضحة بأمانة العلم أمام الأخوة أعضاء المجمع، ففي بيع الإيجار المنتهي بالتملك أو بالبيع، المأجور أحيانًا في الصورة التطبيقية لا يكون مما ينتفع بعينة كوحدة. فالإجارة هي بدل منفعة في دار أو سفينة مثلًا، ولكن أحيانًا يتم التعاقد على مأجور، حديد تسليح يدخل في منبى، أو محرك كجزء من طائرة نفاثة، فمثل هذه الأجزاء التي لا ينتفع بعينها كوحدة منفصلة، أرجو أن يكون واضحًا أنها لا تصلح أن تكون محلًا للتعاقد في إجارة تنتهي بالتمليك.

ثم بالنسبة للأجرة التي هي بدل المنفعة، الأصل في الأجرة أنها الأجرة التي تعادل بدل المثل، ولكن الواقع لأن النية متجهة إلى البيع فتكون الأجرة أعلى بكثير من بدل البيع، فهي تصبح جزءًا من الثمن وتسمى أجرة، الشيء يأخذ حكمه المخالف هنا عندما يتم الفسخ، حيث يعتبر ما دفع كله إيجارًا مع أنه حقيقة جزء من الثمن، ولذلك عند الفسخ يحسب أو يخصم من هذه الأجرة – يعني ينص على ذلك – جزء من بدل الانتفاع والجزء الباقي يجب أن يعاد لصاحبه وإلا يكون أكلاً للمال بالباطل.

استكمالًا للنقاط التي كنت أتحدث فيها من الصور التطبيقية فيما اطّلعت عليه في بعض الأعمال لدى بعض البنوك الإسلامية دون تسمية، بالنسبة لهذا النوع من البيوع (الإيجار المنتهي بالتمليك) فأقول وصلنا إلى النقطة الثالثة: التي هي تأتي إلى شروط يتخلص فيها المؤجر رغم أنه مالك من تبعات الملك، فهناك حالات يلغى فيها تبعة هلاك المأجور التي هي في ملك المؤجر على المستأجر، وكذلك الضرائب المفروضة على الأملاك مما يتحمله صاحب الملك عادة، تنتقل تبعاتها بكاملها على عاتق المستأجر، ويقال: إن هذه من جملة الشروط. فأرجو أن تكون هذه واردة في التمحيص لتتضح حقيقة الصورة الشرعية التي يطمئن إليها مجمعكم الموقر، كذلك عند فسخ العقد، هناك نوع من الشروط التي تصادر حقوق المستأجر مصادرة كاملة، فرغم أنه يدفع الأجرة أعلى من بدل المثل، وهي تتضمن بدل الانتفاع جزئيًّا وجزءًا من الثمن الذي سيؤول إليه الملك بعد ذلك من أجله، إلا أنه ينص على خسارته لجميع ما دفع، باعتبار ذلك أحيانًا شرطًا جزائيًّا، أو باعتباره من المصادرة، الصورة الوحيدة المريحة التي اطلعت عليها في التطبيق في أحد البنوك الإسلامية، وأعرضها للاعتبار، هو أن المستأجر يعتبر مستأجرًا مع وعد قائم بالتمليك التدريجي، بحيث إنه في كل سنة يتملك بمقدار ما دفع، مقدار الأجرة بعد أن يخصم منها بدل الانتفاع، فيكون المتبقي جزءًا من الثمن، ويأخذ حصصًا شائعة في الملك بمقدار هذا الثمن المدفوع، بحيث أنه إذا فسخ العقد في أي مرحلة من المراحل، فيكون له فيه ملك بمقدار الجزء الذي دفعه، وتصفى الحقوق على هذا الأساس، أما بالنسبة لتبعات الملك من هلاك وضرائب وصيانة، فإنها تكون بنسبة الملك في الوقت الذي تقع فيه هذه التبعة، وهذه هي الصورة التي أقدر – والله أعلم – بأنها أقرب إلى تطبيق صور العقد الإسلامي والتعاقد الشرعي، وأشكركم.

ص: 2206

الدكتور إبراهيم فاضل الدبو:

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد رئيس الجلسة المحترمة أساتذتى الأفاضل:

الذي يظهر لي والله أعلم في هذه المسألة مسألة (الإيجار المنتهي بالتمليك) في شكله القانوني والعرف الحالي لا يشبه العقود الجائزة، لأنه من المعلوم لدى العلماء أن الإجارة تعني تمليك المنفعة، في حين أن البيع يعني تمليك العين والمنفعة، واشتراط التمليك في مثل هذا العقد ينافي مقتضاه، وفي هذه الحالة أرى بطلان الشرط وصحة العقد، ويمكن أن نستعيض عن هذه الصورة من البيع بصور متعددة، أذكر منها اثنين على سبيل المثال لا الحصر. أن يكون بيعًا بالتقسيط بأن ينفق المالك مع الطرف الآخر على بيع العقار بالأقساط، وفي حالة عجز المستأجر عن دفع الأقساط يكون ما دفعه عوضًا عن المدة التي انتفع بها بشرط أن تكون تلك الأقساط متناسبة مع بدل الإيجار السنوي لهذا العقار. وفي هذه الحالة ينبغي تعديل صورة العقد من إيجار إلى بيع، ثانيًا، أن يعقد الطرفان عقد إجارة على هذا العقار، ثم يعد صاحب العقار المستأجر بعقد لاحق بأن يهبه العقار المذكور. ويلزم الواعد بالوفاء بوعده على رأي من يرى ذلك، في هذه الحالة لا يجوز للمستأجر أن ينقل ملكية العقار عنه إلى جهة أخرى إلا بعد تسديد جميع الثمن. والله أعلم، وشكرًا.

ص: 2207

الدكتور إبراهيم كافي دونمز:

بسم الله الرحمن الرحيم

أحمد الله تعالى على نعمه الفاضلة وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بعد أداء شكر الواجب للباحثين على بحوثهم القيمة، أود أن أشير إلى أننى لم أقدم بحثًا خاصًا في هذا الموضوع، ولذا ستكون ملاحظاتي منصبة على المنهج الذي يجب اتباعه – في رأيي المتواضع – في تناول هذا الموضوع أكثر من أن تكون متعلقة بمضمون الموضوع. في رأيي المتواضع، ينبغي للعلماء بدل أن يتطرقوا إلى مسائل جزئية وموضوعات جانبية، ينبغى لهم أن يتناولوا هذا الموضوع انطلاقًا من القيام بتثبيت موقف الفقه الإسلامي إزاء تقسيم العقود إلى العقود المسماه وإلى العقود غير المسماه. كما هو معلوم فإن القانون الروماني كان يولي اهتمامًا كبيرًا وأهمية قصوى لهذا التقسيم، لأن هذا القانون كان يتسم بالسمة الشكلية. أما اليوم في الغرب، هذا الموقف قد ترك ولم يبق أي أهمية كبيرة لهذا التقسيم، ويمكن للطرفين إحداث عقد جديد بشرط ألا يخالف النظام العام والآداب العامة. أما في الفقه الإسلامي فيكاد يتفق علماؤنا المعاصرون على أن الفقه الإسلامي لا يولي اهتمامًا كبيرًا لهذا التقسيم، العقود المسماه وغير المسماه. ويمكن إحداث عقد جديد لا يحتل مكانًا في الكتب الفقهية، بيد أن الفقه الإسلامي يختلف عن الفقه الغربي في نقطة واحدة، وهي أن التحديدات والتقييدات هي أكثر من الفقه الغربي، لأن هناك نواهي تتعلق بالربا والغرر والجهالة، إذن العمل الذي يجب القيام به هو البحث عن وجود أو عدم وجود مخالفة هذا العقد وأمثاله. ليس عقد الإيجار المنتهي بالتمليك فقط، العقد وأمثاله. هل العقد يتضمن عناصر تخالف مباديء الشريعة الإسلامية أم لا يتضمن؟ لا شك أن العلماء لا يمكن أن يستغنوا عن اجتهادات أئمتنا السابقين. ويجب علينا مراجعتهم، ولكن هذا لا يمنعهم عن البحث عن الحلول المناسبة للحوادث الجديدة. كما أشار الأستاذ العارض، فإن هذا العقد لا تنطبق عليه الأحكام التي توجد في كتب الفقه الإسلامي تمام الانطباق، إذن هذا يمكن أن يعتبر عقدًا جديدًا، ويمكن أن يوجد بعض الأشباه والنظائر كما أشار إليه أستاذنا، ولكن يبدو أن هذا العقد لا يوجد مثله ولا تنطبق عليه الأحكام كلها الموجودة في الكتب الفقهية، إذن يجب فحص أركان هذا العقد وأمثاله مع أن هناك خلافًا في مصطلح الركن بين الأحناف وغيرهم، بغض النظر عن هذا الخلاف، لا بد أن ينظر إلى الصيغة والعاقدين ومحل العقد وموضوع العقد، يمكن أن يوجد هناك ملاحظات متعلقة بالصيغة والعاقدين لا يهم كثيرًا، محل العقد كذا. موضوع العقد، أي الغاية النوعية من العقد، هذه النقطة لازم أن يوقف عندها بجدية. هناك أثار ومؤلفات كثيرة، تدرس فيها نظرة الفقه الإسلامي إلى مبادئ الالتزام والموجبات، مثل نظرية الأجل، نظرية الشرط، الشكل، الربا، الغرر ......... الخ. إذن في نظري المتواضع، المهم فحص هذه الأركان، هل فيها خلل من ناحية المبادئ الشرعية؟ كما أشار إلى قسم منها فضيلة الدكتور سامي حمود؟ وأعتقد أن هذا العقد ليس العقد الوحيد الذي جاء أمام المجمع الموقر، والذي لم يحتل مكانًا خاصًا في الكتب الفقهية، ولم يظل عقدًا وحيدًا ينصف بهذه الصفة. إذن المنطلق دائمًا لازم يكون ذلك المنطلق الذي أشرت إليه، وأخيرًا أود الإشارة إلى نقطة وردت في كلام بعض الباحثين، وكذلك في كلام سيادة الرئيس المحترم – يوم الأحد – وهي قياس عقد النكاح على عقد البيع وأمثاله، والسيد الرئيس وجه سؤالًا إلى الأستاذ الفاضل القرضاوي – يوم الأحد – وحاول أن يقوم بالمقارنة، أو القياس، بين عقد النكاح وعقد البيع في مسألة الوعد، والوعد – طبعًا – متعلق بموضوعنا أيضًا، بينما الرئيس المحترم، لم يسمح لباحث – يوم السبت – أن يقوم بالقياس بين مسؤولية الدولة في مجال الفلاحة وفي مجال التربية والأسرة، إذن عقد النكاح له خاصية تتميز عن العقود الأخرى، ونحن نفتخر بأن الفقه الإسلامي هو متقدم جدًّا في إعطاء وتحقيق الحقوق الإنسانية، بينما اليوم حتى في الفقه الغربي الذي لم يعترف بهذه الحقوق على مر العصور، في الفقه الغربي يميز بين عقد في مجال الأسرة وفي عقد مجال الالتزامات، والفقه الإسلامي يمتاز بخاصية التمييز بين الولايةعلى النفس والولاية على المال، هذه نقطة هامة جدًا. والنقطة الأخيرة، القرآن الكريم هو الذي يصف بعقد النكاح ميثاقًا غليظًا، إذن عقد النكاح يترتب عليه نتائج وعقد البيع وأمثاله يترتب عليها أحكام مالية غير الأحكام التي تترتب على عقد البيع، لا شك أن هناك نقاطًا مشتركة بين جميع العقود، ولكن من ناحية النتائج لازم التمييز بين هذين العقدين. أشكركم على حسن انتباهكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 2208

الدكتور طه جابر العلواني:

بسم الله الرحمن الرحيم

هناك صورة متعامل بها أشار إليها ربما الدكتور عبد الله من الباحثين، وودت عرضها قد تكون مما ييسر على المجمع الموقر، أن يصل إلى تصور في المسألة، هذه الصورة التي جرى العمل بها في بعض البلدان، أن يكون العقد عقد بيع بالتقسيط، وتقدر الأقساط بقدر الإيجار الذي يستحقه المبنى المباع، ويمكن المشتري فيه من المنفعة. فإذا استمر في استعمال العين والانتفاع بها ودفع الأقساط حتى تسديد الثمن المقدر للبيع، أصبح ملكًا خالصًا تتعلق به سائر التصرفات، وإن عجز خلال الفترة لعدة أقساط – تقيد في بعض العقود بقسطين وفي بعضها بثلاثة أو أكثر أو أقل بحسب التفاهم – يعود المبيع إلى المالك من غير إضرار بأي من الطرفين، فالمالك مضمون حقه والعين التي باع والمبتاع غير متضرر لأن الأقساط التي قد دفعها هي بمثابة الإيجار، لا تزيد عنه كثيرًا. فكأنه بيع فيه شرط بعدم التصرف في المبيع، بأكثر من حق الانتفاع به إلا بعد فترة معلومة، أو تسديد الثمن المقسط، وإذا أراد أي من الطرفين نقض هذا العقد، فهناك شروط أخرى ملحقة تضمن لكل من العاقدين حقهما، ربما تكون هذه الصورة إذا أخذت من الصورة التي يمكن للأخوة الفقهاء النظر فيها والحصول على مخرج شرعي فيها إن شاء الله.

ص: 2209

الدكتور محمد سيد طنطاوى:

بسم الله الرحمن الرحيم

في الحقيقية الذي نعلمه جميعًا أن شريعة الإسلام مبنية على التيسير وعلى رفع الحرج.

وبناء على هذه القاعدة التي نعلمها جميعًا، أرى أن مسالة التأجير المنتهي بالتمليك، من المسائل التي يجب أن ننظر إليها من زاوية الحكمة، التي من أجلها نؤيد هذا اللون من العقود، في تصوري أن بعض الحكومات لجأت إلى هذا اللون من العقود حماية للعين أو للعقار أو ما إلى ذلك، عندنا على سبيل المثال في مصر، بعض الشركات تشتري سيارات ثم تؤجرها لبعض السائقين، والحكمة من ذلك الاستفادة – طبعًا – المادية، ولكن لكي تحافظ على السيارة مثلًا تعقد مع السائقين عقدًا بأنه بعد عشرين سنة أو بعد ثلاثين سنة، تصبح هه السيارة ملكًا لهذا السائق مثلًا، تبين أن مثل هذا العقد يجعل السائق يحافظ على هذه السيارة، لأنه سيرى أنه بعد مدة معينة ستصبح ملكًا له، هذه الملكية تدفعه إلى أن يصونها، إلى أن يحافظ عليها. الدولة كذلك رأت بأن عندما تؤجر للأفراد المساكن التي بنتها، رأت أن كثيرًا من الأفراد لا يحافظون على هذه المساكن. فلجأت إلى لون من المحافظة على هذه العين، أو على تلك المساكن بأن تقول لهم: ادفعوا الإيجار لمدة قد تصل إلى عشرين سنة أوثلاثين سنة، أو إألى أكثر أو إلى أقل برضا الطرفين وباختيارهما، وتصبح هذه المساكن ملكًا لكم، وفي هذه الحالة يبدأ السكان يحافظون على تلك العين المؤجرة، أكثر من محافظتهم على شعورهم بأنهم أجراء، فعندما ننظر إلى عقد كهذا، وننظر إلى الحكمة التي من أجلها شرع، يجب علينا عندما تتوافر فيه الشروط، القواعد الشرعية ((والمؤمنون عند شروطهم)) يجب علينا أن نوسِّع دائرته وأن نشجعها مادامت لا تؤدى إلى ضرر لا بالمصلحة العامة ولا بالأفراد، أنا في تصوري أنَّ أمثال هذه العقود أو أمثال هذه المعاملات التي تنتهي بالتمليك، لا شيء فيها إطلاقًا مادام هناك رضا بين الطرفين، ومادام هناك لا توجد فيها شروط تتنافى مع القواعد الشرعية التي أحلها الله سبحانه وتعالى، ومادامت الحكمة منها المحافظة على العين أو على العقار أو على أي شيىء، نعتبر أن المحافظة عليه يعود بالمنفعة العامة على الأفراد وعلى الجماعات وعلى الأمة كلها. وشكرًا.

ص: 2210

الشيخ عبد الله بن بيه:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.

سيدي الرئيس: يبدو لي أنه من المستحسن، أن تحدد نقاط الاتفاق بين الباحثين التي يمكن أن يتفق عليها المجمع، ونقاط الاختلاف ليرى المجمع فيها رأيه. هذا يدعوني إلى إبراز جملة من النقاط بصفة مبسطة، وغير مفرعة ولا مشذبة تشذيبًا قانونيًّا كبيرًا، هذه النقاط: أولًا: متفق عليها الوعد بالهبة اللاحق، وعد بهبة لاحق مبني على سبب وعلى التزام، يبدو أن هذه الصيغة هي أسهل الصيغ وأقربها للقبول وهي مقبولة من الباحثين جميعًا، الصيغة الثانية: إجارة مع بيع لاحق بخيار يحدد له ثمن معين، بشرط أن تكون الأقساط مناسبة للإجارة. هذه أيضًا صيغة ينبغى أن يتفق عليها لما ذكرت، وإن كان بعض الباحثين لم يتعرض لها لما ذكرته عن الإمام أحمد وغيره، من جواز البيع بالخيار إلى أمد قد يكون بعيدًا إلا أنه محدود، هذه الصيغة ينبغي أن يتفق عليها أيضًا. الصيغة الثالثة: بيع بات يمنع فيه البائع من التصرف في السلعة حتى يقضي الثمن. وهذه الصورة قد ذكرنا قول مالك فيها والرواية التي رويت عن مالك في هذه المسألة، وقال فيها مالك لا بأس بذلك، لأنها بمنزلة الرهن. لم يقل لأنها رهن؛ لأن الرهن يكون بيد البائع، ولكنه قال لأنهما بمنزلة الرهن، ففي هذه الصيغة البيع بات، ولا يجوز للبائع أن يطلب فسخ البيع، إذا لم يفِ المبتاع، ولكنه يجوز له أن يطلب الوفاء، وأن يلزم المبتاع بالوفاء، ولكنه من جهة أخرى يلزمه بعدم التصرف في العين، في هذه الصيغة لا يسترجع البائع مطلقاَ شيئًا من الأقساط، وإنما عليه أن ينتظر كبقية الغرماء أن يفي المشتري بما يجب عليه وله رهن هو أن هذه العين لا يجوز للمشتري أن يبدد حسب العبارات القانونية، أو أن يفوت حسب العبارات الفقهية - هذه الصيغة أيضًا صيغة متفق عليها، مع أن النتائج قد يختلف فيها، الصيغة الرابعة: بيع منعقد غير ماض – أي غير نافذ – حتى يأتي المشتري بالثمن، وهي تختلف عن التي قبلها، فإن البائع إذا لم يوفِ المشتري بما تعهد به يجوز له أن يفسخ البيع، وهذه الصورة أيضًا مروية عن مالك، وقد ذكرنا أدلتها عن أبي الحسن في المدونة وغيره، والبناني سلمها للزرقاني، وقال إنها معمول بها، فهذه الصيغة تختلف عن التي قبلها بأن البائع يملك استرجاع العين، ولكنه إذا استرجع العين في النتائج قد يوجد خلاف أيضًا، فالذي عندي أنه إذا استرجع العين، يجب أن يرد إلى المشتري الأقساط التي أخذها، لأن ذلك في مقابل الضمان، لأن انتفاعه بالعين كان في مقابل الضمان، هذه العين هي محبوسة للثمن وانتفاعه بها كان في مقابل الضمان، كما ورد في الحديث الصحيح وهو الخراج بالضمان وسببه أن رجلًا باع عبدًا لآخر بيعًا فاسدًا، فلما حكم النبي صلى الله عليه وسلم عليه أن يرد العبد لصاحبه، قال له: فليرد إليَّ الغلة، قال النبي صلى الله عليه وسلم ((لا الخراج بالضمان)) ، أي الغلة ليست لك، أن هذه الغلة في مقابل الضمان الذي كان على المشتري اشتراءً فاسدًا، الضمان الذي كان يتحمله، فالخراج وهو الغلة في مقابل هذا الضمان، هذه النتيجة قد لا يتفق الباحثان معي فيها، ولكني على كل حال أرى أنها نتيجة مقبولة، إذن هذه الصيغ الأربع هي صيغ متفق عليها، أما الصور المختلف فيها فهي الوعد بالهبة في صلب العقد. الوعد بالهبة في صلب العقد في الحقيقة الذي ظهر لي ولا أقول أستظهر لأن الاستظهار نحن في المالكية نقول وبظهور لابن رشد كذلك كما يقول خليل، الاستظهار يدل على أن شخصًا بلغ درجة من درجات الترجيح في المذهب، فالذي يظهر من النصوص التي عرضتها أن هذه الصورة غير جائزة، لأنها تؤثر على الثمن. لأن هذا الوعد بالهبة في صلب العقد يؤثر على الثمن. فلا ندري الذي أعطى مقابل الإجارة ولا الذي أعطى مقابل الوعد بالهبة. وقد ذكرت بعض المسائل التي تشبه هذه المسألة والتي منعها المالكية، وإن كانت صيغة اعترف بأنه بالإمكان تخريجها بمشقة على بعض العقود أو على صفقتين في صفقة. الصيغة الثانية التي تختلف فيها أيضًا إلى حد ما هي الوعد بالبيع في صلب العقد. الوعد ليس ملزمًا في المعاوضات حسب ما ذكرته، لا أقول حسب رأيي، ولكن حسب رأيي العلماء الذي أشرنا إليه، فهذه صيغة مختلف فيها أيضًا. أخيرًا اعتقد أن الباحثين أو الباحِثَيْنِ يتفقان معي على أن البائع لا يجوز أن يفوز بالأقساط وأن يفوز بعين السلعة، لأنه من اجتماع العوض والمعوض، وهذا لا يجوز شرعًا، وشكرًا.

ص: 2211

الشيخ محمد المختار السلامي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.

الإيجار الذي ينتهي بالتمليك، هو صيغة لا بد أن ننظر في المقوم أو الغاية الأساسية أو ما يمكن أن نعتمد عليه في إخراج الحكم الشرعي. القضية الأولى في نظري هو أنه: هل المخارج الشرعية أو ما يعبر عنه بالحيل أو الخروج من المضائق هو أمر مقبول أم لا؟ فإذا اتفقنا على أنه يمكن وأنا نأخذ بهذه المخارج حتى نيسر على الناس حياتهم فإنه يقع النظر في هذا. وإن قلنا إنه لا بد أن ننظر إلى المعاني والمباني فكل هذه العقود ترد. فهي عقود جديدة نتجت عن التطور الاقتصادي، وزاد هذا التطور مضيًّا ما تقوم به البنوك الإسلامية من طرق الاستثمار في العالم الإسلامي، فالإيجار المنتهي بالتمليك قصد البنك، وقصد المتعامل معه. القصد هو البيع، فلو طبقنا أحكام البيع على هذا فإننا لا نجد مخرجًا، فوجد الفقهاء في البنوك الإسلامية من جملة المخارج الإيجار المنتهي بالتلمليك، هذا الإيجار المنتهي بالتمليك يعطي للبنك ضمانات في بقاء العين تابعة له لا يتصرف فيها المستأجر بالتفويت، ومن ناحية أخرى فإن المستأجر يطمئن إلى أنه عند نهاية المدة تنقلب تلك العين ملكًا له، بل الأكثر من هذا هو أن المؤجر – أي المالك –لا يريد بحال من الأحوال أن تعود له العين المملوكة في بعض الصور له، وهذا كما يقع بين بنك التنمية الإسلامي وبين الدول التي يؤجرها معدات تركز في معامل تكون قد استهلك كثير من أجزائها ومن صلاحيتها، وتفكيك تلك المعدات وإرجاعها إلى البنك يكلف البنك أكثر من قيمتها. فالنظر إذن لا بد أن يكون على أساس إيجاد مخارج تتناسب مع الوضع الاقتصادي الذي عليه العالم الإسلامي. من هذه المخارج الإيجار المنتهي بالتمليك، كيف نتصوره؟ تصوره البعض على هذه النحاة من أنه بيع وأنه إجارة في آنٍ واحد. وجعله بيعًا وإجارة في أن واحد هو غير سليم، ذلك أن ضمان العين أو ما يترتب على ملك العين لا يجوز أن يتحمله المستأجر، فإصلاح العين لبقاء الإيجار مثلًا، هو لا يصح أن يكون على المستأجر وإنما هو على المالك، فلا بد من التفرقة بينهما. الأحكام مختلفة كثيرًا بين واجبات المالك وبين واجبات المستأجر، ولهذا ما جاء من سؤال الأخ سامي حمود عن الشروط التي تتحول من موجبات الملكية إلى المكتري هي شروط غير مقبولة، ولا بد أن يبقى المالك مالكًا يتحمل كل ما يترتب على الملك مما بينه الفقهاء، وأن يكون المستأجر مستأجرًا يتحمل كل ما يترتب على الإيجار فِقْهًا. فهذه هي إذن عندما نجعل المالك مالكًا والمستأجر مستأجرًا إلى نهاية العقد. كيف يستطيع المستأجر أن يعود له الملك وأن يصبح الملك ملكًا له؟ إذا قلنا ذلك بثمن فهذا ما لا أستطيع أن أقول إنه حلال، لأن وضع المبيع بعد عشرين سنة أو بعد عشر سنوات ومواصفاته وحالته هي تختلف اختلافًا جدًّا من عشرة إلى خمسين في المائة. فقد تستهلك العين بالاستعمال في المدة فتصبح في نهاية مدة الأجل لا تساوي إلا خمسة في المائة أو عشرة في المائة من قيمة رأس المال. وتارة لا تستهلك استهلاكًا كبيرًا، فإذا بقيمتها خمسون أو ستون في المائة، كذلك نوعية الاستعمال والمحافظة على المعدات هي تختلف من شخص إلى آخر، ومن مؤسسة إلى مؤسسة أخرى، فلذلك لا يجوز أن يحدد ثمن للمثمن غير معلوم، فعلم العوضين هو شرط أساسي. ولذلك لا يوجد في نظري إلا مخرج واحد، وهو أن يعده بالهبة في نهاية عقد الإجارة، فإذا انتهت الإجارة إلى أجلها، عندها تنتهي القضية وتصبح ملكًا للمستأجر، بقي أمر، وهو ما تفضل به سيادة مفتي الجمهورية المصرية في إيجار السيارات، إيجار السيارات أمرها بسيط نظرًا لأن الملك يبقى ويستطيع أن يبيعها بالأقساط، والملك هو يبقى في بطاقة الملكية لا يجوز له أن يبيعها ولا أن يهبها، معروف هذا، والمسألة لا تستحق أن تكون كراء بالإيجار وإنما هو بيع مقسط من الأول، وهي ملك له، يحافظ عليها من أول الأمر ولا تنتهي رفع الحصانة عليها إلا عندما يتم الأقساط بتمامها وكمالها. فهذا ما اعتقده، وشكرًا.

ص: 2212

الشيخ محمد علي عبد الله:

بسم الله الرحمن الرحيم

شكرًا سيادة الرئيس

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

في الحقيقة مسألة الإيجار المنتهي بالتمليك هي مسألة كثر انتشارها في هذا العصر قد نجد في عامة الناس معوزين، أو بعض الموظفين الذين تعتبر شهريتهم يومية قليلة، لا تسمح لهم بالحصول على مساكن أو منازل. فوجد هذا الحل مساعدتهم من ناحية، وقامت الحكومات بتشجيع هذا. وبالتالي كان التأجير المنتهي بالتمليك الحل الوحيد لهؤلاء الناس للاقتناء والحصول على العقارات، والمشكل في الحقيقة يتعقد في صورة إذا ما كان البائع والمكتري لم يصل إلى حل يؤخر من قيمة الإيجار، أو بالأحرى إذا ما كان الشخص الكاري، لا يقدر على دفع بقية المال بصورة كاملة بطلب من الكاري. ونعرف أن الالتزامات الأصل هو أن يكون الالتزام شريعة الطرفين. فإذا كان هذا الشخص لا يقدر تلقائيًّا أو لأسباب معينة طارئة لدفع أقساطه في هذا الكراء، هل يمكن أن نجبر هذا الشخص على الدفع؟ أو نطلب من المالك أن يصبر؟ ونحن نعلم أن ديننا الحنيف دين كريم وهو دين يسر. أو يكون السبب في عدم إتمام هذا الاتفاق وهو ناتج عن عمل من صاحب المحل، يقول صاحب المحل إن هذا الشخص الآن لا يساعدني، وجدت أحسن منك أفضل أن أعطيه ما كان قد قررت أو جعلته خاصًا لي. هنا يقع نوع من الغيرة، وبالتالي المشكل المعروض علينا هو في هذا الحل فقط. في صورة عدم إتمام هذا الالتزام في صورة عدم انتهاء هذا العقد لمن يقع السبب. وأرى حسب عقود الالتزامات ألا نحكم مسبقًا بعدم العمل بهذا العمل بهذا النوع من العقود، لأنه كما قلت أولًا: إن العالم أو الفقير المحتاج بشدة إلى مثل هذا الإيجار المنتهي بالتمليك، وإذا كان قام المجمع الآن بإخراج فتوى لمساعدة كل ضعفاء العالم نستطيع أن نقول هو الأحرى ما نرويه فيه ولهذا أرجو من الجميع أن يقر بمثل هذا، وأعرف أن هنالك شروط العقد، وهناك شروط الإيجار، ولكن هذا النوع من المعاملات قد فرضته وهو موجود الآن ولا نستطيع أن نقوم نحن بمفردنا بالحكم بعدمها. وشكرًا.

ص: 2213

الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني:

بسم الله الرحمن الرحيم

لي وجهة نظر، أرجو أن يتدارسها المؤتمر إذا بدا له ذلك، ومعلوم أن الأعيان تتكون من الرقبة والمنفعة. وفصل المنفعة عن العين وارد في الفقه ويمكن. وهذا في الوصايا في المنافع وفي الوقف. من هنا يمكن القول إنه يمكن أن نبيع المنفعة ابتداء بثمن قد يكون موازيًّا لسعر المنفعة مع الرقبة، لما قاله العلماء بإجماعهم أن الأصل في الأعيان منافعها. وأن الأعيان على الحقيقة هي ملك الله. فبيع المنافع في حقيقته بيع لكل العين بمنفعتها. ولكي نخلص إلى الصورة التي تراها المصارف أن المشتري للمنافع هنا يتصرف في منافعه كمالك. أما العين فهي باقية على ملك المالك، ثم يثبت إلحاق العين بالمنفعة بعد سداد ثمن المنفعة على أقساط تحدد لها مدة، إذا انتهى من الدفع ألحقت الرقبة بمنافعها. وبذلك نكون قد وصلنا إلى المبتغى، وفي نظري أن هذه الصورة يمكن أن تنجينا من كل الذي قيل من الشروط، ومن مخالفة مقتضى العقود. فإذا بدا للمؤتمر أن يتدارس هذه المسألة، فليكن ذلك وإن شاء الله يتوصل إلى نتيجة وشكرًا.

الدكتور محمد عمر الزبير:

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلي الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا العقد هو من العقود المستحدثة الجديدة، وهو عقد مركب شكلًا لا قصدًا من إجارة وبيع، والقصد الحقيقي هو البيع، فالمشتري والبائع يقصدان من هذا العقد البيع في نهاية الأمر وليس الإجارة فهو عقد مركب – في نفس الوقت – من بيع وإجارة. الأقساط التي تدفع تختلط فيها القيمة الإيجارية مع قيمة البيع، وتعرف في الأصل القيمة الأساسية للإجارة أو القيمة الحقيقية للبيع. ثم إن القسط الأخير كما فهم أنه لا يصح إطلاقًا أن تحدد قيمة البيع قبل أن يعرف الثمن الحقيقي أو قبل التقويم الحقيقي، ففي نهاية العقد لا يتم تقويم للممتلكات هذه لأجل أن يتم البيع. فهذا الاختلاط بين القيمة الإيجارية وبين القيمة الحقيقية للبيع يثير بعض النقاط التي يجب على المؤتمر والمجمع أن ينظر إليها. وشكرًا.

ص: 2214

الدكتور حسن علي الشاذلي:

بسم الله الرحمن الرحيم

في الحقيقة أنا أريد أن أتعرض إلى نقطة وهي مسألة الشروط التي تقترن بالعقد، وحدث فيها الكلام حول الحديث الشريف:(( ((المسلمون عند شروطهم إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا)) )) . وأنه قد يكون الحلال والحرام باعتبار أن العقد نفسه يرد على الشرط فيحرمه أو يجيزه. الواقع أن الفقهاء ومنهم الإمام ابن تيمية بيَّن أن ما يراد بالحلال أو الحرام هو ما كان حرامًا في ذاته أو حلالًا في ذاته قبل ورود العقد، ومن ثم حينئذٍ إذا كان حرامًا في ذاته لا يصح أن نحلله أو العكس. ومن ثم انحصرت دائرة الشروط التي يمكن أن نقول إنها تبطل العقد، في الشرط الذي ينافي المقصود الأصلي من العقد. كبيع ويشترط فيه ألا يملك، أو نكاح وفيه طلاق أو ما إلى ذلك من الشروط التي تنافي المقصود الأصلي من العقد، وأيضًا الشرط الذي يخالف نصًّا عن الشارع، فإذا ورد نص عن الشارع فلا يجوز اشتراط ما يخالف هذا النص، وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل. ثالثًا: تكرر الشروط الفاسدة – كما رجحت – وهو إذا كان هناك أكثر من شرط فاسد يؤدي إلى إبطال العقد. لكن إذا كان هناك شرط فاسد واحد، فيمكن أن يبطل الشرط ويصح العقد، ومن ثم فما قاله الدكتور سامي بعد ذلك من مسألة الشروط. أولًا: غير وراد علينا في هذا الموضوع – الإيجار المنتهي بالتمليك – أن تكون السلعة نفسها قد استهلكت، دخلت في مباني، إسمنت بني به، حديد دخل في

، لا. نحن نريدها سلعة منفصلة، يمكن أن يستولي عليها المالك في اللحظة التي يختل فيها التوازن بين المؤجر والمستأجر ثانيًا: الأجرة كونها أكثر من ثمن المثل، في الصورة التي اقترحها من قبل، قلت إنها تعود إلى ثمن المثل، وحينئذ فإذا ما انتقض نعود إلى ثمن المثل، وما زاد عن ذلك حينئذٍ ليس من حق المالك، كونه يتخلص من التبعات بشروط أو بأخرى، أو بشروط، أو ما إلى ذلك، هذه الشروط إن كانت – والله – مما لا يتناقض مقتضى العقد فحينئذ نجيزها، وإن كانت تناقض حينئذٍ نرفضها والعقد يسير سليمًا في ذاته. الاقتراح بأن يكون هناك وعد بالتمليك التدريجي، والله أنا هذه أخشى منها، يعني لي خشية من التجزئة، وقد لا يقدم صاحب السلعة على مثل ذلك، الذي هو المؤسسة، يعني هل تقدم على أنه يتحول المستأجر إلى أن يملك جزءًا من السلعة؟ وقد يؤدي هذا إلى إحجام صاحب الملك عن الإقدام على ذلك، أما موضوع البيع بالتقسيط، فهذا أمره معروف يعني خارج عن دائرتنا، فهو بيع وهو بالتقسيط، وهذا أشير إليه في أثناء الأبحاث، وشكرًا.

ص: 2215

الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير:

بسم الله الرحمن الرحيم

الهدف من أو الدافع إلى هذه المعاملة: هو أن أحد الطرفين يريد أن يمتلك السلعة ولا يريد الإجارة، هذا هو هدفه الأساسي وغرضه، هو التملك وليس الإجارة. ولكنه لا يملك الثمن ليدفعه في الحال. فماذا يفعل؟ أمامه طريقان، أن يشتري السلعة بالتقسيط وهذا واضح، ولكن قد لا يرغب – صاحب السلعة – في أن تخرج السلعة من ملكه، إذا باعها بالتقسيط فقد خرجت من ملكه من أول الأمر، ودخلت في ملك الطرف الآخر، وله أن يتصرف فيها كما يشاء. وقد عرض حل لهذه الحالة من ضمن الحلول التي ذكرها الشيخ بن بيه، والتي هي بيع بات يمنع فيه المشتري من التصرف، وخرجه على مذهب المالكية، وهذه الصيغة معمول بها في بعض البنوك، لكن لا عن طريق اشتراط عدم التصرف، وإنما عن طريق تسجيل –وهذا في الغالب يكون رد في المساكن أو في العربات مثلًا – تسجيل المسكن تسجيله باسم البائع ضمانًا للسداد. وهذا تسجيل يمنع المشتري من التصرف، لا يستطيع أن يتصرف إلا بإذن ممن سجل العقار باسمه أو لمن سجلت العربة باسمه، وهذا معمول به في كثير من البنوك، وهو يغني عن اشتراط التصرف، الذي قد يكون فيه شيء من المخالفة في بعض المذاهب. أيضًا قد يكون المشتري هو الذي لا يريد أن تدخل السلعة في ملكه، ولذلك لا يشتريها بالأقساط وإنما يلجأ إلى التأجير، هنا لكي يتفادى غرامات وضرائب قد تترتب على انتقال الملكية له إذا اشترى بالتقسيط، وهذا يزيد من عبء الثمن عليه، هو سوف يدفع الأقساط وهو لم يمتلك السلعة ملكًا كاملًا ويدفع ما يترتب عليه من مطالبات تطلبها منه الدولة، فيلجأ إلى الإجارة المنتهية بالتمليك، والشيخ ابن بيه عرض عدة حلول أو صور، قال إن بعضها جائز وبعضها غير جائز، والشيخ المختار اقتصر على صيغة واحدة، هي الوعد بالهبة في صلب العقد، الوعد بالهبة في صلب العقد، هذا هو تعبير الشيخ ابن بيه وقال إنه غير جائز، حسب ما فهمت أن الشيخ المختار يقول إنه جائز وأنا معه في هذا، وأظن أن هنالك فتوى- فيما أذكر- صدرت من بعض العلماء للبنك الإسلامي للتنمية. الصورة التي ذكرها الشيخ ابن بيه منها وعد بهبة لاحقة، هذا غير عملي، هي حصلت الإجارة ولن يدخل معه، مثلًا إذا كان البنك يود أن يتعامل الشخص المستأجر هذا لن يدخل إلا إذا ضمن أنها ستوهب له. فكون الهبة لاحقة لا يمكن تطبيقه، أما الصورة الثانية وهي الإجارة من بيع لاحق بخيار، ويبدو أنه أيضًا يريد هنا أن يقول ما موجود في صلب العقد. يعني حصلت الإجارة مجردة، ثم بعد سنة أو سنتين أعطى صاحبة السلعة. المستأجر أعطاه الخيار، هذا أيضًا غير عملي، وإنما العملي هو أن يكون في نفس العقد في عقد الإجارة، ومعها البيع على أن يكون للمستأجر الخيار يشتري من السلعة كما شاء وحيث ما شاء، وهذه هي الصورة التي ذكرها الدكتور سامي وهي معمول بها أيضًا في بعض البنوك، ويطلقون عليها اسم (الإجارة والاقتناء) . المستأجر هذا يدفع جزءًا كإجارة وجزءًا قد يتفق عليه من أول الأمر، على أنه من الثمن وبقدر ما دفع يتملك، وينبغى أيضًا أن تنقص الأجرة تدريجيًّا، لأن هذا المستأجر سيمتلك في كل سنة جزءًا من العقار الذي استأجره، ويبقى الباقى على ملك صحابه فيكون هو المستأجر، وهذه الصورة لا أرى بها بأسًا، أما فسخ البيع إذا لم يفِ بالثمن بالصورة التي ذكرها الشيخ بن بيه، فلا أظن أن مالك العقار سيرضى بها، وستشجع المستأجرين على استغلال الأملاك، أجرت المنزل ودفعت الأجرة عشر سنوات ثم توقفت، فقال لي الشيخ بن بيه: افسخ البيع، ورد أجرة العشر سنوات التي أخذتها وخذ أرضك، من يقبل بهذا؟ لا يمكن أن يطبق هذا، ولذلك أرى أن الصور الممكن الأخذ بها هي الوعد بالهبة في صلب العقد، أو الصور الأخرى التي ذكرتها، وهي المعمول بها في بعض البنوك، هو بأن الإجارة مع إعطاء المستأجر الحق في أن يشتري من الشيء المستأجر ما يريد وشكرًا.

ص: 2216

الشيخ عبد الله بن منيع:

في الواقع لقد سمعت كثيرًا من تعليق الإخوان وكانت تعليقات مختلفة، وسبب الاختلاف فيها هو أن الصورة لا تزال غامضة، فلو أن أحدًا من إخواننا صورها التصوير الجيد لأمكن أن يتجه إليها الحكم الواضح، وبصفتي أحد أعضاء هيئة الرقابة في بعض المصارف الإسلامية، ففي الواقع هذه المعاملة نحن في الواقع لنا فيها معاناة ويمكن، وعلى كل حال، أرجو أن يسعفني اللسان بتصويرها، التصوير الذي يمكن أن تتضح به الصورة ويتضح به الحكم هو في الواقع التأجير المنتهي بالتمليك يفهم من عنوانه: والطريق المتبع هو أن يتفق المصرف مع طالب العين سواء كانت عقارًا أو كانت تجهيز مصنع، أو تجهيز مزرعة، أو أي شيء من الأشياء التي لها في الواقع قيمة اقتصادية، يحصل الاتفاق بين البنك أو بين المصرف الإسلامي وبين العميل، على أن يهيئ له هذه البضاعة، أو هذه السلعة، ثم يؤجرها له على اعتبار أن المصرف هو مالكها، يؤجرها له مدة معينة وقد تكون وقد لا تكون معينة. هذه المدة حينما يقوم بالتأجير فيها، أو حينما يقوم بتأجير هذه الاشياء لها هي في الواقع يتفق معه على أساس أن الأجرة هي كذا وكذا من المبلغ، ومتى وجدت عنده القدرة على شراء هذه العين أو شراء بعضها سواء كان هذا البعض قليلًا أو كثيرًا فله وعد بذلك، وتكون القيمة من واقع تكاليف هذه السلعة، يحسم منها ما أخذه أجرة لسنة أو سنتين أو ثلاث سنوات، هذا نوع، نوع ثان، هو ممكن في الواقع على كل حال أن نعرف بأنه قد يكون هناك اتفاق فيما بينهما على أساس أن تكون الأجرة أو الإيجار المنتهي بالتمليك لمدة عشر سنوات، كل سنة يمتلك عشرة في المائة قبلًا، ومعروف قيمة ما يمتلكه في السنة الأولى، أو السنة الثانية أو السنة الثالثة، وهكذا معه رأس المال محسوم منه الإيجار للسنوات التي أخذها المصرف، وقد تكون المسألة مفتوحة للعميل، على أساس متى وجدت القدرة عنده على الامتلاك، في الواقع البنك لديه الاستعداد في أن يبيعه ما يقدر على شرائه من هذه الحصص، هذه في الواقع نوع، نوع ثانٍ هو في الواقع أن يشترك العميل مع البنك، ليس للعميل قدرة على الشراء أو على تملك هذه السلعة التملك الكامل، فيأتي البنك أو المصرف ويمول هذه السلعة بالتمويل الكامل ثم بعد هذا يأخذ العميل أو يعطيه العميل حصته بقدر قدرته، ممكن أن يكون عشرة في المائة، خمسًا وعشرين في المائة، عشرين في المائة، على قدر قدرته، فيكون العميل مالكًا لهذه السلعة بقدر حصته، ويكون المصرف مالكًا للسلعة بقدر ماله من حصة، يأتي التأجير تأجيرها على العميل، ما يؤجر المصرف على العميل إلا ما يملكه المصرف، نفترض أنه يملك خمسًا وسبعين في المائة، إذن لو قلنا أنه يؤجر هذه السلعة بمائة ألف معنى ذلك ليس للبنك أو للمصرف الإسلامي إلا خمسا وسبعين في المائة من هذه الأجرة، وهكذا يستمر كما وجدت في الصورة الأولى، أعتقد في الواقع أن هذا هو غالب ما عليه البنوك الإسلامية فيما يتعلق بالتأجير المنتهي بالتمليك، وإذا نظرنا إلى التكييف الفقهي لهذه العملية وجدنا أنه في الواقع يشتمل على تأجير ووعد بالبيع، تأجير حال لبضاعة قائمة بذاتها معروفة سلمت بيد العميل وفي نفس الأمر كذلك وعد ببيع لبضاعة يملكها المصرف، أعتقد هذا في الواقع تصويرها وطالما أن البضاعة مملوكة للمصرف، وهو في الواقع يريد أن يؤجرها، أو يريد أن يبيعها، فله حرية ذلك ولا يرد عليه ما يقال بأن في هذا بيعتين في بيعة أو أنه باع مالا يملك، أو ما أورد على ما يتعلق بالمرابحة فيما قبل أن يمتلكها البنك وشكرًا.

ص: 2217

الشيخ أحمد بازيع الياسين:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

في الحقيقة، التأجير المنتهي بالتمليك عندما يقرأ الإنسان هذا العنوان يجد فيه قلقًا لغويًّا: ومدار بحث فقهي، العين المؤجرة لا نستطيع أن نقول العين الفلانية إنما هناك أنواع كثيرة. هناك الطائرة، السيارة، الباخرة، العقار، القطاع، الأرض البور، الأرض الزراعية، مولدات الكهرباء، الدواب، الأنعام، الأثاث، وكل نوع من هذه الأنواع له خصوصية، فما أظن أننا نستطيع أن نأتي بحكم عام على هذه الأنواع المتعددة المختلفة في خصوصياتها، الذي ترتاح له النفس وتطمئن أن يكون إيجارًا منفصلًا بعقد، وبعد ذلك للمالك أن يبيع، أن يهب أن يجدد الإجارة مرة ثانية. إذا قلنا نجري عقد الإيجار للمحافظة على العين الحقيقية الذي لا يحافظ على العين وهو يملكها في البيع، وهو مدين في ثمنها، لا يحافظ عليها وهو مستأجر لها. فعلى البنك أن يختار من يبيع عليه، وأن يختار من يؤجر عليه، يجب أن يؤجر على الشخصية المحترمة التي تلتزم في الأمانة وتلتزم في الأداء سواء كان مستأجرًا أو كان مشتريًّا. هذا ما وردت بيانه. وشكرًا.

الشيخ محمد عبد الغفار الشريف:

بسم الله الرحمن الرحيم

أشكر جميع من تقدمني من المشايخ الفضلاء، لكن وإن كان ما تفضل به البعض منهم بأن نعتبر هذا العقد عقد إيجار متضمنًا لوعد الهبة، كأحسن حل هو يمكن أن يكون أحسن حل، لكن يرد عليه إشكال، أن هذا الوعد بالهبة غير لازم، لا يلزم البنك وممكن أن يتحلل منه في أي وقت شاء، فإذن يكون المستأجر قد دخل على غرر، بحيث أنه قدم في النهاية هذا الإنسان يتحلل من وعده ولا يهبه هذه العين التي اتفقوا على هبتها له، ثم يفضي إلى التنازع، ولايحق في أي حال لا يحق لهذا المستأجر، أن يقاضي هذا الإنسان الذي وعده بالهبة، لأن الهبة بذاتها ليست لازمة إن لم تقبض، فكيف بالوعد؟ جزاكم الله خير.

ص: 2218

الدكتور درويش جستنية:

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في الحقيقة أريد في الموضوع هنا أنه ينبغى فيه أن نفرق بين نوعين من السلع التي يمكن أن تباع، نوع تتجه أسعاره وأثمانه إلى الانخفاض بالاستعمال، وعرفًا دائمًا الآلات في المصانع والسيارات وكثير من الأشياء كلما زادت فترة الاستعمال كلما انخفض الثمن، فهذا نوع من السلع، وهناك نوع آخر، تتحسن قيمته بزيادة الاستعمال، كما في العقارات والأشياء المماثلة، فهنا ينبغي أن نفرق بين أنواع السلع، وقبل أن ندخل في هذه التفرقة بين أنواع السلع نقول: لو كانت هذه السلع التي يريد البنك أن يؤجرها، هو في الحقيقة إما أن تكون في الداخل أو الخارج لو كانت الصورة تتعلق ببنوك مثل بنك التنمية الإسلامي الذي يشتري معدات ومصانع لدول معينة، ففي هذه الحالة هذه حقيقة الأمر فيها الفكرة فيها أنها للتمليك وليست للتأجير، وكون الدولة تلتزم بدفع الأقساط – يعني – أو أنها تلتزم بدفع إجارة، في الحقيقة المسألة لا تختلف كثيرًا، لكننا نبحث عن أصل الملكية، هل كانت هذه الأدوات والمصانع أساسًا متوفرة لدى البنك الممول؟ هي ليست موجودة ولكن يشتريها بمواصفات معينة تضعها الدولة المعينة، أو يضعها الإنسان الذي يريد أن يستفيد من هذه الآلات، فعقد شرائها، هناك عقد لشرائها بمواصفات معينة، وهناك عقد لتأجيرها ووعد ببيعها، فصارت عقودًا متشابكة في عملية واحدة، الحقيقة هذه المسألة لا بد من بحثها بالتفصيل، كيف يشتري؟ وكيف يؤجر؟ وهذه المسألة لا يمكن أن تحسم بدون دراسة مستوفية لهذا الموضوع الآخر وهو كثير مما يمس حياة الناس، وهو تملك البيوت، الحقيقة أن تملك البيوت هذا تتدخل فيها مسألة لها علاقة بالزمن – يعنى – على مدى عشرين أو خمسة وعشرين سنة يتم التملك والنتيجة النهائية هي التملك لأن أسعار الأراضى والبيوت ترتفع في خلال هذه المدة مع الانتفاع بها. وهناك بعض الإخوة الأساتذة عرضوا فكرة أن يتم البيع من الأول على أساس أنه بيع بأقساط محددة، وأنه كل قسط يعتبر بيعًا من جزء هذا الأصل، وهذه طبعًا يمكن حسابها عمليًّا في التكلفة، بحيث أنه يخير، لو كانت مدة العقد عشرين سنة – مثلًا – فلو استطاع أن يدفع في عشر سنوات، يمكن له أن يدفع مع خصم معين، هذا مسموح به في الشريعة، لأنه عبارة عن تنازل عن القيمة، وهذا لا يمكن الاعتراض عليه، وتفعله كثير من الدول أيضًا في موضوعات الإسكان، ويمكن أن تفعله الشركات والبنوك. وأما إذا كان لم يدفع بعد انتهاء المدة، أو تقريبًا قبل انتهاء المدة بشيء قصير، فهذا معناه أنه يمكن بيع الجزء الذي تبقى، يعني الجزء الذي تم ودفع ثمنه يعتبر مباعًا إلى المشتري أو الساكن، والجزء الآخر يباع، وبذلك تتحقق مصلحة للبائع – الذي هو البنك – وتتحقق مصلحة لصاحب العقار إذا لم يرغب في استمرار هذا العقد، أما إذا أتم العقد فهذه ليست مشكلة، ويعتبر عقد بيع، ويمكن أن نستعيض بكلمة الهبة، أو التأجير والتمليك في النهاية، بما نسميه التنازل عن المنفعة، فإذا كان البنك يملك العين، فيستطيع أن يتنازل عن منفعتها بدون أجرة، وبدون أي شيء في إطار هذه الأقساط التي يحصلها، وعلى كل حال، فالمسألة تحتاج حقيقة قبل البت فيها – في رأيي – في هذه الندوة إلى مزيد من الدراسة التفصيلية للموضوعات حسب تقسيمها، وحتى يمكن أن ننتهي – ربما في جلسة قادمة – إن شاء الله – إلى قرار حاسم في هذا الموضوع، خاصة وأنه سبق للمجمع أن نظر في بعض العقود التي ينفذها بنك التنمية الإسلامي. وشكرًا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 2219

الشيخ محمد علي عبد الله:

بسم الله الرحمن الرحيم

استفسار من العارض الآن، تفضلتم في مقدمة كلامكم وقلتم وتكلمتم عن بعض الأسعار التي ترتفع، وبعض الأسعار التي تنخفض، أريد أن أعرف هل الانخفاض والارتفاع يكون معتبرًا في العقد أم لا؟ أو يكون يقع الاعتبار في الآخر عند الهبة.

الدكتور درويش جستنية:

هو في الحقيقة أن الارتفاع أو الانخفاض شيء يطرأ، وليس له علاقة في داخل العقد، إنما لو انخفضت الأسعار فهذا من مسئولية المشتري، ولو ارتفعت الأسعار فهذا أيضًا من حظ المشتري، ولكن عندما يحصل خلاف في النهاية قبل التسديد، فالبيع يتم، بيع شرعي وبالسعر الحاضر، فيعتبر ما تم دفعه جزءًا من الثمن، وأما الباقي فينتفع به البائع والمشتري، وفي هذه الحالة لا يستطيع أحد أن يغرم دون الآخر، وإنما هما مشتركان في الربح ومشتركان في الخسارة. وشكرًا.

الدكتور عبد الله إبراهيم:

بسم الله الرحمن الرحيم

شكرًا يا فضيلة الرئيس:

أريد أولًا أن أستجيب لبعض ما أثاره بعض الخبراء وهو الدكتور الجبير، فإنه ذكر أن العملية عملية التأجير المنتهي بالتمليك مركبة من بيع وإجارة. فلهذا يتكون الإيجار من ثمن الإيجار وجزء من قيمة البيع، الذي يظهر لي، أن البيع المقصود هنا لم يتم بعد وإنما هو موعود به، وينبغى أن يعقد له عقد مستقل عن عقد الإجارة، وذلك لأن ما بين البيع والإجارة تباين من حيث المعقود عليه، فإن الإجارة يقصد منها المنافع، بينما البيع مقصود به عين ومنفعتها، ولا يجوز – في رأيي – أن يعقدا في وقت واحد لهذا التباين. وبالتالي فإن إضافة جزء من القيمة، من قيمة البيع وهو لم يتم بعد، ونظرًا لهذا التباين فإن هذه الإضافة – فيما يتراءى لي – أنه أيضًا غير مناسب، ولكن يمكن أن نلجأ إلى طريقة أخرى لهذه الإضافة، وهي أن يتفق الطرفان بإضافة مبلغ فوق ثمن الإيجار المناسب للسلعة، ويودع هذا المبلغ المضاف في الودائع الاستثمارية في البنك الإسلامي على أنه ضمان أو تأمين للمول ولا يسفتيد منه في الحال وإنما يستفيد به بعد إتمام عقد البيع، بعد انتهاء مدة الإجارة، على أنه جزء من القيمة، ويتسلم في الحال هذا المبلغ بأرباحه ويتسلم بقية القيمة على أقساط

إلخ، وشكرًا.

ص: 2220

الدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين:

بسم الله الرحمن الرحيم

سيدى الرئيس: الحقيقة أن الموضوع الذي هو بين أيدينا اليوم هو موضوع يتعلق بما يطلق عليه في القوانين الوضعية الصورية، وقد ذكره السنهوري وحلله في كتابه (الوسيط) في ضوء القوانين العربية بمقارنات وإن كانت قليلة مع الشريعة الإسلامية، ثم تعرض له القانون الكويتي في المادة 193 ،194. وتعرض له القانون المغربي في المادة 22، وقد أعددت عليها رسالة ماجستير في الصورية بين الشريعة والقانون. والخلاف يدور بين الحكم الشرعي الذي تعرض إليه الإخوان في مدار العقد بين الألفاظ والمباني، أو المقاصد والمعاني، فالمالكية في بعض آرائهم رجحوا الالتجاء إلى العقد الخفي، والحنفية ذهبوا إلى ذلك أيضًا. وقد شرح السنهورى- رحمه الله – هذا في كتابه الحقوق العينية والضمانات، أو مصادر الحق في الشريعة الإسلامية والقانون. والبحوث التي قدمت الآن، الدكتور عبد الله أعجبنى استنباطه في كتاب (الدرر) حيث نص على أن الخلاف وقع في الموضوع وعلى أن الخلاف إذا وقع حسب الرأي الذي استند إليه كان مدعاة للاجتهاد. لهذا فإن المجمع منذ البداية مزج الباحثون بين شيئين مختلفين، بيع العقار وبيع ماعدا العقار، ففي العقار المسألة واضحة وقد حلتها بلاد المغرب باتخاذ طريقة توافق الشريعة الإسلامية ويستفيد منها الضعفاء. ذلك أن الشركة أو البنك أو الجهة الممولة تبنى دورًا للسكنى فتحدد ثمنها، وتعرضه على الناس من أراد أن يشتري فليشترِ، يدفع قسطًا ضئيلًا جدًا في الأول، ويدخل المبنى على أنه ملك له وتبقى ما يسمى بوثيقة المحافظة العقارية التسجيل العقاري في الدفتر العقاري والذي هو إجراء لا يتعلق بالمسطرة الإسلامية، يبقى مؤجلًا حتى تنتهي الأقساط. أما صاحب العقار الذي يدخله فيصبح مالكًا لعقاره، لكنه مدين لصاحب المشروع بذلك المبلغ، وإن عجز عن أدائه تتبع في سبيله مسطرة أداء الدين في الشريعة الإسلامية بقي شيء هو الرهن الرسمي. ففي الشريعة الإسلامية الرهن – حسب ما لدي من معلومات متواضعة – الرهن وعد واحد، الرهن الحيازي وليس هناك رهن رسمي، بينما في الغرب نجد الرهن الحيازي والرهن الرسمي أي أن الشخص يكتب على صك الملكية أنها مرهونة وأنه لا يستطيع التصرف فيها إلا بعد أن تطهر من الدين الذي أصبح لاحقًا بها، فكان في نظري من اللائق أن يدرس المجمع الموقر شرعية أو عدم شرعية الرهن الرسمي فإذا توصلنا إلى جوازها فالمسألة محلولة؛ لأن المسطرة الموجودة هي مسطرة تسهل على الضعفاء. وأظن على أن جمعنا الموقر يريد إيجاد السبل التي تسهل على ضعفاء المسلمين الانتفاع بما بيدي أغبيائهم عن طريق تغاير الربا، أما إذا نحن نسقنا مع نظريات البنوك التي تهيؤها من أجل أن تضمن لنفسها الربح فإننا سنسد كل سبيل على الضعيف يمكن أن ينتفع به من مال الأغنياء، إذن فالمسألة في نظري ينبغى أن يفرق فيهما فيما بين تأجير الطائرات والسيارات، وهذا شيء لا أرى أنه يجوز إلى الدرجة التي يقول الجميع هنا لأنه عين تندثر، فإذا بيعت يمكن أن يبقى دين ممتاز أو دين ليسدد من ما بيد المدين. أما أن يأخذ شيئًا يمكن أن يندثر في يوم أو في يومين ويؤجره في شهر أو شهرين أو ثلاثة، وتأخذ الشركة أقساطًا من التأجير وعندما يهلك تصبح تطالبه بالدين كله، أو عندما يصبح لا فائدة فيه بعد عشر سنين يصبح ملكًا له، فهذا فيه مضرة للضغيف. ولكنني لا أتدخل هنا لأن المسألة أظن أنها ينبغى أن تدرس شرعيًّا فيما يرجع إلى الأشياء التي تندثر والأشياء غير العقار. أما العقار فينبغى أن يكون عقد تمليك من اللحظة الأولى، وأن تكون جهة التمويل تطالب الشخص فقط بذلك المبلغ على أنه دين مقسط. والدين المقسط جائز في الشريعة الإسلامية. وشكرًا لكم.

ص: 2221

الدكتور يوسف محمود قاسم:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه وتمسك ومسك بشرعه إلى يوم الدين.

الذي دعاني إلى طلب الكلمة في خلال دقائق معدودة مجموع ما سمعته وتعلمته من العلماء الأفاضل جزاهم الله خيرًا، استنتجت مما سمعت أن الصورة لا تزال يكتنفها الغموض، وأن هذا المجمع الموقر له كلمته المسموعة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، والعالم الإسلامي ينتظر منه كلمة في أي موضوع، فإذا قال كلمته صارت حجة ملزمة. بالنسبة للموضوع الذي يكتنفه الغموض، فإنى أرى التريث في إصدار القرار حتى تصوروه على بينة، وحتى نصل إلى الحق الذي يرضي الله عز وجل ويرضيه عنا. وهنالك فارق كبير بين بحث فردي، باحث يجتهد ويبحث في رسالته أو بحثه أو موضوعه جزاه الله خيرًا، أيضًا هيئة شرعية في مصرف أو في بنك إسلامي وعملهما في الواقع لا يخرج عن كونه عملًا فرديًّا، أما هذا المجمع الموقَّر فله إجلاله وله منزلته في قلوب المسلمين جميعًا. ولذلك أرى أن هذا الموضوع لا بد أن نبحثه من جميع جوانبه وحتى نصل إلى الحق الذي يوفقنا الله إليه. شكرًا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ محمد المختار السلامي:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.

في تدخلي نسيت أن أتحدث عن قضية هامة – تفضل بعرضها الدكتور سامى حمود – هي التمليك التدريجي والتي عقب عليها كثير من الأخوان على أنه صورة من العقد يمكن قبوله، وهذا العقد في نظري هو لا يمكن قبوله شرعيًّا، ذلك أن التمليك التدريجي معنى ذلك أنه عند العقد إنما بيع جزء من العقار أو من الشيء المكتري، ثم إنه بعد ذلك يباع قسط آخر فهو قسط آخر وزعه عند البيع حالته هي غير معلومة، فبيعه من الآن بثمن معلوم ومحدد يترتب عليه أن يكون الثمن معلومًا وأن يكون المثمن غير معلوم، وكون المثمن غير معلوم لا يصح شرعًا، فأرى هذه الناحية لو نظرنا بالنظرة الأولي لنجد فيه خللًا. أما إذا تدققنا في النظر فلن نجد فيه هذا الخلل إلى يمنع منه. وشكرًا.

ص: 2222

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في الواقع أن الإيجار من خلال البحوث التي جرت في المناقشات أن الإيجار المنتهي بالتمليك هو عنوان لا يمكن في الظاهر ترتيب حكم عليه بصفته عنوانًا لما ينطوِ عليه من عدة صور سواء كانت الصور القانونية المعمول بها قانونًا، أو الصور المعدلة أو الصور المقترحة ابتداءً. وفي الواقع قد تنتهون أو ترون أحد اتجاهين: إما أن يؤلف لجنة جريًّا على ما جرينا عليه، وننظر ماذا تنتهي إليه في صورة من الصور، أو في عدد من الصور، أو أنه يكون من الآن يقترح تأليف لجنة على الأمانة العامة، ويؤجل إلى الدورة اللاحقة، ويؤلف له ندوة من اقتصاديين متخصصين ومن شرعيين حتى تجمع الصور، لأن الصور التي أثيرت هنا لم تمر في أي بحث من هذه البحوث، وعدد من الصور كذلك مع مرورها في البحوث لم تتطرق لها المناقشة. فعلى كل الأمر متروك إليكم، فهل ترون أن نؤلف لجنة، وتدرس الموضوع فإن انتهت إلى شيء بعينه من هذه الصور وكان محل اتفاق أو أغلبية فذلك المطلوب، أو أن يقترح تأليف ندوة ويؤجل الموضوع بكليته إلى الدورة القادمة.

الشيخ محمد المختار السلامي:

نظرًا لأن الحل الأول هو سينتهي إلى الحل الثاني:

الأمين العام:

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم:

يا سيدى من فضلك، إن هذا الموضوع قد وقع بحثه في الدورة السابقة، وأجل النظر فيه إلى هذه الدورة والموضوعات التي أرجئت أربعة، هذا رابعها. ولذلك أنا أرى أن الاقتراحين اللذين تقدما بهما – فضيلة الرئيس – ممكن الجمع بينهما. الجوانب التي بحثت وأخذت حظها من النظر تشكل اللجنة لتقديم الاقتراح المتعلق بالقرار المطلوب فيها، والجوانب الجديدة وهي كثيرة وتحتاج حقيقة إلى درس هي التي نعقد لها الندوة ويكون عرض نتائج هذه الندوة على المؤتمر القادم بإذن الله للتعرف على وجهة النظر فيما يخصها. وشكرًا.

الرئيس:

شكرًا.

ممكن قد تكون اللجنة تنتهي إن شاء الله إلى الجمع بين الرأيين. اللجنة هي: الشيخ عبد الله بن بيه، الشيخ حسن الشاذلي، الشيخ محمد الصديق، الشيخ محمد المختار، الشيخ عبد الله محمد علي، الشيخ عبد الله محمد عبد الله مقررًا.

موافقون.

وبهذا ترفع الجلسة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 2223

مناقشة القرار

الدكتور عبد الستار أبو غدة:

قرار رقم (6)

بشأن

الإيجار المنتهي بالتمليك

بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع (الإيجار المنتهي بالتمليك) واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.

قرر:

أولًا: إذا كانت الحاجة إلى هذا النوع من التصرف تحصل بالبيع بالأقساط مع الحصول على الضمانات الكافية فالأفضل الاكتفاء به عن صور الإيجار المنتهي بالتمليك المبينة فيما بعد.

ثانيًا: للإيجار المنتهي بالتمليك عدة صور جائزة شرعًا منها.

(أ) عقد إجارة

الرئيس:

بدل فالأفضل، فالأولى.

أبو غدة:

للإيجار المنتهي بالتمليك عدة صور جائزة شرعًا منها:

(أ) عقد إجارة مع الوعد بهبة العين المستأجرة عند الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية على أن تكون الهبة بعقد منفصل.

(ب) عقد إجارة يحتوي على عقد هبة معلق على شرط هو سداد جميع الأقساط.

ص: 2224

(ج) عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد انتهاء العقد وسداد جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال هذه المدة في واحد من الأمور التالية:

- مد مدة الإجارة.

- إنهاء عقد الإجارة ورد العين المأجورة إلى صاحبها.

- شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة.

ثالثًا: هناك صور أخرى يطلب من المصارف الإسلامية تقديم نماذج لعقودها وبيان ما يحيط بها من ملابسات وقيود سواء بالنسبة للعميل.

مناقش:

أو المصرف

دكتور أبو غدة:

أم المصرف لعرضه في دورة قادمة وبحثها وبيان حكمها في ضوء ما يقدم بِشأنها من بيانات.

الرئيس:

يكفي. اقرأ أولًا.

دكتور أبو غدة:

أولًا: إذا كانت الحاجة إلى هذا النوع من التصرف تحصل بالبيع بالأقساط مع الحصول على الضمانات الكافية فالأولى الاكتفاء به عن صور الإيجار المنتهي بالتمليك المبينة فيما بعد..

الرئيس

هذه مناسبة أظن أنه ما هي محل أخذ ورد.

دكتور أبو غدة:

ثانيًا: للإيجار المنتهي بالتمليك عدة صور جائزة شرعًا منها.

(أ) عقد إجارة مع الوعد بهبة العين المستأجرة عند الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية على أن تكون الهبة بعقد منفصل.

الرئيس:

أرى الإخوان خرجوا

لماذا؟ سيعودن وإلا؟

مناقش:

هنا يا سيدي في النقطة (أ) هل يكون الوعد بالهبة هذا لازمًا أو غير لازم غير مدكور في هذا القرار؟

ص: 2225

الرئيس:

عقد إجارة مع الوعد بهبة العين المستأجرة عند الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية على أن تكون الهبة بعقد منفصل.

مناقش:

يعني إذا كانت هذه الهبة، الوعد بالهبة لازمًا، فهنا إذن لي ملاحظة عليها لأنه يخرج هذا العقد من طبيعة الإجارة إذا كان الوعد بالهبة لازمًا.

الرئيس:

صحيح

مناقش:

أما أن نحذف (أ) ونكتفي بـ (ج) فقط، وكذلك (ب) ما فهمت ما المقصود من هذا عقد إجارة يحتوى على عقد هبة معلق على شرط هو سداد جميع الأقساط. فهناك يعني

الرئيس أنا أرى أننا نحن نترك هذه لا نثبتها ولا ننفيها حتي نمشي للتي بعدها نشوف ماذا يثبت في أيدينا من هذه الصور. نشوف حتى تتبلور أكثر.

ص: 2226

الشيخ المختار:

أعتقد أنه في المناقشة اتفقنا على هاتين الصورتين: الصورة الأولي وهي عقد الإجارة مع الوعد بهبة العين، وأن يكتب هذا أن تكتب الهبة في عقد منفصل وهذا الأصل وهذا الأفضل ثم إنها كذلك يجوز أن تكتب في نفس العقد، الهبة في نفس العقد، وعندنا الهبة هي تلزم بالنطق، بمقتضى العقد انتهت. هي ليست لازمة هي تلزم ولكن نطالب بالحوز والحوز هو تحت يده، فالهبة تلزم بمجرد انتهاء الأجل، لكن الذي أتوقف فيه هو هذا العقد الثالث، لأننا نحن نتحدث عن الإيجار المنتهي بالتمليك فإذا بالصورة الثالثة تأتينا على أنها تنتهي بمد مدة الإجارة أو إنهاء عقد الإيجار ورد العين المأجورة إلى صاحبها، أصبحنا نتحدث عن أشياء ليست داخلة في الموضوع الذي نتحدث فيه وما تحدثنا عن هذه الصور أيضًا فيما أذكر في المناقشات.

الرئيس:

لا، أما الصورة الثالثة فهي التي تحدثنا عنها بكثرة يا شيخ. الصورة الثالثة خاصة.

مناقش:

وهي السليمة.

الرئيس:

وهي السليمة وأذكر أن عددًا من الإخوان ركزوا عليها. هذه هي الصورة الثالثة.

الشيخ المختار:

الصورة الثالثة ليس فيها إيجار منتهي بالتمليك.

الرئيس:

لا، المهم أننا تحدثنا عنها، هذا يقين.

الشيخ المختار:

هي خارج الموضوع.

الرئيس:

لا لا، أقول قصدي أنها دخلت في المناقشة ما فيها إشكال، أما هي فالذي يظهر – والله أعلم – أنها هي أسلم الصور كلها ما فيها إشكال بالنسبة لي.

الشيخ المختار:

ليست من الإجارة المنتهية بالتمليك هي شيء آخر، نحن نتحدث عن الإيجار المنتهي بالتمليك، عندما تقول عند نهاية الأجل يتمدد أجل الكراء أو عند انتهاء الأجل يعود الملك لصاحبه ليس هذه هي الإجارة المنتهية بالتمليك المعروضة هو أمر آخر فهو حديث خارج الموضوع.

الرئيس:

طيب، لو يعني طالما أن أولًا إذا كانت الحاجة إلى هذا النوع من التصرف تحصل بالبيع بالأقساط، هذا بديل أم لا؟

مناقش:

بديل.

الرئيس:

هذا بديل. نفس فقرة (ج) كذلك بديل. هي بديل للإيجار المنتهي بالتمليك. أليس كذلك؟

مناقش:

صحيح. نعم، بديل.

الشيخ المختار:

إذا وضعناها كبديل مقترح ما فيه مانع، لكن لا بد من أمر خاص وهو شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة. هذا البيع على سعر السوق بعد عشرين سنة. أنا في الواقع عندي فيه توقف.

ص: 2227

دكتور الضرير:

الصورة الأولى: المقصود بها تفضيل هذه الصورة على الإجارة المنهية بالتمليك.

الرئيس:

هذا واضح

دكتور الضرير..

وإذا لم يمكن نعم، وهذا هو القصد الذي من أجله وضعت لأنه الغرض من هذه العملية كلها المعاملة هو التمليك، فإذا كان ممكن أن تتم عن طريق البيع بالتقسيط فهو الأفضل إذا حصل ما يوجد عدم الصيرورة إلى هذه الصيغة التي هي البيع بالتقسيط فهذه الصور الثلاثة هذه، هي كانت محل اتفاق. الصورة الثالثة: التي أشكلت على الشيخ المختار، هي داخلة في الموضوع، أولًا من حيث الجواز ما أظن أن أحدًا يختلف في جوازها، ومن حيث دخولها وعدمه هي داخلة لكن كل ما هناك أنها أعطت المستأجر الخيار في أن يتملك أو لا يتملك. تباع العين المأجورة بسعر السوق. الفرق بينها وبين الصور السابقة أنه في هذه الصورة الثالثة الإيجار يكون بأجر المثل الحقيقي لأن المستأجر في الآخر سيشتري بسعر السوق، لكن في الصور التي قبلها تنتهي بالهبة في الغالب الإيجار يكون بحيث عندما ينتهي آخر قسط يكون استوفي الثمن كله فتكون هبة.

الرئيس:

لكن في الصورة الأولى عقد إجارة مع الوعد، يعنى وعدًا ملزمًا أو غير ملزم هنا؟ لأننا إذا قلنا عقد إجارة مع الوعد بهبة ملزمة..

دكتور الضرير

وعد ملزم.. التصرف واحد

الرئيس:

فإذا صار ملزمًا فالصورة صورة إيجار والحقيقة.

ص: 2228

مناقش:

تمليك.

والحقيقة يخرج عن طبيعة الإيجار.

الرئيس:

أي نعم، ما رأيكم لو يعني طالما أن ثالثًا قيل هناك صور أخرى أنه بمسألة الإيجار المنتهي بالتمليك أنها تطرح البدائل التي هي أولًا بيع التقسيط والعقد (حـ) الذي فيه الخيارات الثلاثة.

مناقش:

هذا أحسن.

الرئيس:

ويكتفي عن (أ) و (ب)

مناقش:

هذا أحسن

يكفي هذا أحسن.. هذا أحسن

الرئيس:

ما رأيكم؟ شوف يا شيخ مختار نحن نكتفي بأولًا الذي فيه بديل بعقد التقسيط ونكتفي بـ (حـ) الذي فيه الخيار بين أمور ثلاثة.

الشيخ المختار:

بمعنى أننا لم نحل شيئًا من المشكلة في القضية المطروحة علينا.

الرئيس:

لأن ثالثًا توحي بالدراسة مستقبلًا. ثالثًا آخر القرار عندك

الشيخ المختار:

أيه شفته شفته أنا قرأته ما أتحدث إلا وقد استوعبت القرار، الموضوع المقترح المعروض علينا: هو الإيجار المنتهي بالتمليك، هذا إما أن نقول إنه حرام وهذه هي البدائل، وإما أن نقول إن الإيجار المنتهي بالتمليك هو عقد يمكن أن يسوغ على الطرق التي يمكن أن يسوغ بها.

الشيخ التسخيري:

نقول – لأن فيه إشكالات- الأفضل الآن الاتجاه إلى البدائل حتى تدرس العقود من جديد.

الرئيس:

هذا هو، ما فيها شيء هذا طيب.

الشيخ المختار:

حين انتهينا إلى أن الإيجار مع الهبة وهذا ما وقع والتسجيلات موجودة على أن الإيجار المنتهي بالهبة هو جائز شرعًا وهو أفضل الوجود ووافق عليه كل الناس.

الرئيس:

لا أبدًا، لا أبدًا الاتفاق ما حصل سلمك الله، أما البحث فهو نعم بحث أما الاتفاق فلا.

ص: 2229

الشيخ المختار:

أذكر أظن أن الشيخ الضرير يذكر وقال هذه صورة نتفق عليها، وأظن أن الشيخ الضرير تدخل بمثل هذا التدخل.

الشيخ الشريف:

عفوًا أولًا، التعبير أولًا فيه خطأ واضح، لأنه ما يمكن أن نقول إذا كانت الحاجة تحصل، سد الحاجة أو قضاء الحاجة يحصل ولكن العبارة تكون الأفضل بالشكل التالي: إذا كان البيع بالأقساط مغنيًّا عن هذا النوع من التصرف فالأفضل الاكتفاء به عن صور الإيجار إلى آخر، يعني الحاجة لا تحصل بالبيع وإنما نقضي الحاجة، نسد الحاجة بالبيع بالأقساط.

الرئيس:

الحقيقة البيع بالتقسيط مع الرهن يعني واضح أنه

الشيخ الشريف:

يعني إذا كان البيع.

الرئيس:

لا، لأنه يكون مع حصول الضمانات الكافية

الشريف:

لكن العبارة تبدل يعني العبارة غير صحيحة

ص: 2230

الشيخ تقي الدين العثماني:

لو اكتفينا بالبدائل. لو جعلنا القرار أن المقصود من عقد الإجارة المنتهي بالتمليك يمكن أن يحصل عليه بصورتين، الأولى: البيع بالتقسيط. والثانية: ما ذكرناه في (حـ) فيعني نقول أن المقصود من الإجارة المنتهية بالتمليك يحصل بهاتين الصورتين شرعًا.

الرئيس:

هو المهم إذا رأيتم لأن هذا فيه احتياط وفيه ترك للخلاف في الصور التي يعني هي..

الشيخ المختار:

بالله يا سيادة الرئيس الواقع أن الحقيقة لأنه لما عرض علينا هذا التعامل من المصارف الإسلامية هو أن البيع بالتقسيط لا يوفي بالغرض لأن البيع بالتقسيط ينتقل ضمانه وتنتقل الملكية إلى المشتري من أول يوم، بينما الإيجار هو صورة يريد منها المالك أن يبقى الملك له، ولا تنتقل عنه الملكية إلى أن يستوفي ثمن المبيع، هذه هي الصورة التي من أجلها وقع التعليل، إما أن يقول إنه يريد البيع بالتقسيط، فهذه قضية عرفها حتى صغار العلماء، ما هي القضية التي نحن نعطيها بديلًا ونقول هذا بديل، القضية هو أن الشخص يريد أن يبيع وأن يبقى الملك تحت تصرفه في البيع والشراء والتفويت ولا ينتقل التصرف إلى المستأجر.

الشيخ تقي الدين العثماني:

وهناك يختار الصورة الثالثة وهي مذكورة في (حـ)

الشيخ المختار:

عند انتهاء المدة قد دفع الثمن كاملًا، نعطيه مثلًا وهذا بينته، قلت إنه إذا كان شركة تريد أن تشتري محركين لطائرة فتأتي إلى المصرف الإسلامي فيشتري لها المحركين ويبقى المحركان أو الطائرة تحت ذمته هو المسؤول عنها وهو المالك لها إلى أن يقع الخلاص، ففي اليوم الذي يقع الخلاص بمجرد انتهاء الخلاص تنتقل إلى ملك المشتري أو المستأجر. هذه الصورة التي تقع في الواقع يريدون لها حلًا فنقول لهم نحن بيعوا بالتقسيط، يقولون: ما هذا الذي يريدون، هذا نوع من الأنواع الذي تعرض له البنك الإسلامي للتنمية وغيره.

مناقش:

ووقع الاتفاق عليه.

الرئيس:

طيب

لا ما وقع الاتفاق صدر بالأكثرية في عمان عقد إجارة مع الوعد بهبة ملزمة مع وعد ملزم أو غير ملزم؟ أنا أسأل الشيخ المختار.

الشيخ المختار:

الوعد ملزم لا شك فيه يا شيخ

الرئيس:

مهلًا يا شيخ، مع وعد ملزم؟

الشيخ المختار:

ملزم لا شك فيه

الرئيس:

طيب، هل يتلاقى مع ما قرر في المرابحة على اشتراطكم أن يكون الوعد الملزم، ما كان

الشيخ المختار:

الهبة

الهبة

الهبة

عندما تحدثنا في الآخر هو في عقد المعاوضة، وهنا نتحدث عن عقد هبة، وعقد الهبة يجوز عند المالكية بكامل الوضوح.

ص: 2231

الرئيس:

أن يلزم الناس

الشيخ المختار:

لأنه على سبب.

الرئيس:

يجوز أن يلزم الناس بأن يهبوا؟ يجوز الإلزام بأن يهب فلان؟

المختار:

أنا لا ألزمه هو وحده، هو التزام أنا ما ألزمت أحدًا. أنا قلت على كذا فإذا وهب تفضل فإذا يريد ألا يقع هذا العقد فلا يقع. ما ألزمت أحدًا.

دكتور الضرير:

في رأيي أن هذه الصيغة مقبولة هو كما قال الشيخ المختار، وأنا كنت معه في هذا الاجتماع وأجزنا هذه الصيغة ولا أرى فيها إشكالًا، هو عقد إجارة هذه ما فيها كلام مع الوعد بهبة، ونحن كنا قررنا أن هذا الوعد وعد من جانب واحد، وعد بمعروف. فنحن قررنا أن الوعد من جانب واحد ملزم ديانة وملزم قضاء إذا أدخل دخل الموعود في إفساد، وهنا واضح أنه الشخص هذا جاء دخل في هذه الإجارة وأجر لأن هذا وعده بأن يهبه في آخر الأمر هذه السلعة، فالقواعد منطبقة على هذه الصورة فيما أرى وهي التي تحل المشكلة في الواقع التي عرضت علينا في وقتها وهي مشكلة البنك الإسلامي للتنمية، ويعتقد أن كل ما شابه موقف البنك الإسلامي يمكن أن تنطبق عليه هذه الصورة ولا أرى فيها مخالفة شرعية.

الرئيس:

طيب وإذا كان الأمر كذلك ما هو السر في أن تكون بعقد منفصل لولا وجود التواطؤ المسبق؟

دكتور الضرير:

هذه كانت وعدًا فقط، وعد ملزم. هو ما قال له وهبتك، هو جائز حتى لو وهبه وعلقها التي هي الصيغة الثانية: عقد إجارة على عقد هبة معلق على شرط الوفاء. الصورتان جائزتان عندي، لكن الحالة الأولي لا بد من إنشاء الهبة لأن الوعد وحده لا ينشئ الهبة، فإذا انتهت المدة يقول له: وهبتك. وحسب مذهب المالكية الذي نأخذ به على أنه حتى بالصيغة تصبح الهبة لازمة.

الشيخ المختار:

عندنا: وحيث ما شرط على الطبع جعل، فالأحسن كتبه بعقد منفصل هوأي صورة ولا مانع أن نكتبها في نفس العقد.

ص: 2232

مناقش:

بالنسبة للهبة الموعود بها، فإن هذا يأتي بمشكلة أخرى، فإن المؤجر نظرًا لوعده الهبة فإنه سيضع مقابلًا لهذه الهبة الموعود بها مبلغًا آخر فوق الإيجار المناسب، هل يجوز أن يوضع مبلغ للهبة الموعود بها والهبة لم تقع بعقد؟ هذه هي مشكلتي.

مناقش:

أنا أقول بأن الأن الصورة (ج) أعتقد بأنها هذه محل اتفاق بيننا جميعًا.

الرئيس:

نعم، هذا مناسب.

مناقش:

طيب، باقية الصورة (أ) والصورة (ب) ، الآن إذا أحببت فضيلتك أنك تأخذ الأصوات على بقائهما أو عدم بقائهما، لا يوجد لدينا مانع، لأنها هي يبدو أنها مسألة خلافية، لكن في الوقت نفسه.

مناقش:

لا نسمع

ص: 2233

الرئيس:

لا، لا، واضح. كلام الشيخ كما جرى البحث فيه الآن على أن عندنا بيع التقسيط، وعندنا عقد الإجارة مع الوعد بالهبة وعندنا عقد الإجارة يحتوي على عقد هبة معلق على شرط، وعندنا عقد الإجارة الذي فيه واحد من ثلاث خيارات. والاتفاق هذا لا إشكال فيه واقع عن الصيغة الأولى وهو عقد التقسيط كبديل، وعلى فقرة (ج) كبديل آخر، يبقى هذان الموضوعان فقرة (أ) وفقرة (ب) ، هل ترون إبقاء هاتين الفقرتين أو حذفهما؟ ويبقى في القرار البديل.

مناقش:

حذفهما.

الرئيس:

أما أنا فأرى الحذف. والذي يرى الحذف يرفع يده.

الشيخ المختار الاسلامي:

بالبديل لا من فضلك لا، أما بالبديل غير ممكن، أما يبقى البديل وحده، هذا الكلام لا يمكن أن يصدر عن المجلس أنه يقول: الإيجار المنتهي بالتمليك ثم نقول بالبديل فقط، بمعنى أنه لا يجوز.

الرئيس:

لا، لا ما هو كذا يا شيخ مختار. نحن سنقول في الفقرة الثالثة، سنصوغ العبارة من جديد، سنقول: أن صور عقد الإيجار المنتهي بالتمليك تحتاج إلى مزيد من تقديم هذه العقود وبيان ما يحيط بها من ملابسات وقيود سواء بالنسبة للعميل أو المصرف لعرضها في دورة قادمة، والمجلس يرى بديلًا أي يرى كحل مؤقت أو كحل. يرى أن التعامل الآتي يعني حلًّا مؤقتًا كذا وكذا.

المختار السلامي:

سيدى.. سيدي الرئيس: الواقع الحقيقة أن هذا الحل ليس حلًّا، وإنه ليس الذي يطلبه التعامل المصرفي حاضرًا.

الرئيس:

هو دلالة.

المختار:

تقول له كحل وليس حلًّا، فلتبق القضية كلها للدورة القادمة. أما أن تقدم الحلول هذه التي ليست حلولًا؟!

الرئيس:

إذا رأيتهم تبقى كلها تبقى.

المختار:

أنا أرى أن تبقى أن يكون (أ) و (ب) تبقى. إذا رأيتهم حذف الكل حذف الكل، أما البديل فقط ليس بديلًا، لأن البديل بمعنى أنه شيء يمكن تحقيقه يحقق الغرض، وهذا لا يحقق الغرض.

مناقش:

هو (حـ) باقي بطبيعته محل اتفاق (حـ)

محل اتفاق

الرئيس:

(حـ) محل اتفاق.

مناقش:

يبقى الخلاف هو فقط، في (أ) و (ب) .

ص: 2234

مناقش:

عفوًا فقرة (حـ) أنا أخالف فقرة (حـ) حقيقة لأنها فعلًا تحقق مصلحة الضعيف، لأن لا مصلحة للمستأجر هنا ما أعطيناه أي شيء، بالعكس أعطيناه ثلاث خيارات، والخيارات كلها تمثل الضعف، ونحن علينا أن نحمي الجانب الضعيف. أليس كذلك؟

الرئيس:

هل ترون تأجيل الموضوع؟

مناقش:

نعم.

الرئيس:

هل ترون تأجيله بالكامل.

الدكتور الصديق الضرير:

أنا أرى أنه إذا كان مجرد تأجيل لـ (2) و (39) ، لا، ما نعمل بهذا. التأجيل للتي بها البحث، لكن إذا كنا سنبت فيها بأنه جواز أو عدمه لا. مجرد تأجيل تدخل مع ثالثًا، تدخل في الصور التي ستقدم وتشرح فيما بعد شرحًا وافيًا ونكتفي بالاثنين.

الرئيس:

أي الاثنين؟

الصديق:

الأول البيع بالتقسيط و (ج) ، نثبت البيع بالتقسيط ونثبت (حـ) على أن هي فيها بديل ونرجئ

الرئيس:

ونرجئ الموضوع.

الضرير:

هذا ممكن في الحقيقة إذا رأيتموه مناسبًا؟

الذي يرى أن تبقى مسألة بيع التقسيط وفقرة (حـ) ، ويرجأ موضوع الإيجار المنتهي بالتمليك إلى الدورة القادمة.. يرفع يده.

الأمين العام:

يا سيدي أنا أقترح اقتراحًا: بالنسبة للدراسات التي قدمت في الموضوع لم تقدم إلا دراسة واحدة، والدراسة الواحدة لا يمكن أن نبني عليها أحكامًا مفصلة، وإذا كنا بالنسبة لشطر هذا الموضوع قد اقترحنا التأجيل فليؤجل الموضوع كله، وتأتي الدراسات وبعد ذلك ننظر انتهى الأمر.

ص: 2235

الرئيس:

الدراسة فيها أربع خمس دراسات يا شيخ.

أبو وغدة:

صغيرة

الرئيس:

فيها خمس دراسات. على كل نحن اتخذنا قرارًا بالتأجيل ونرى للدلالة على حل في هذا الموضوع مؤقت يراه العلماء لا محظور فيه (البيع بالتقسيط) وما ورد في فقرة (حـ) من التخيير وليس فيها محظور.

المختار السلامي:

سيدي الرئيس.. كلامنا مثلما يقول شخص أنا جائع وأريد أن آكل ونقول: تفضل أنا أعطيك جبة ألبسها، هذا أمر مناسب، رجل يطلب منك شيئًا

فالبديل هو أن يكون من الموضوع.

الرئيس:

على كل نحن بين أمرين: إما أن يؤجل الموضوع بكليته.

الشيخ المختار:

بكليته

إما كليته أو

الرئيس:

أو نذكر

لأن – حقيقة – هاتين الفقرتين تعب عليهما وجرى حولهما مناقشات كبيرة فكونهما تقران فيها دلالة وإرشاد للناس.

مناقش:

تبقى هاتان الفقرتان، ونؤجل الفقرة (أ) و (ب) ألف وباء نؤجلهما

الضرير:

إذا أجلنا كل الموضوع لم نكن فعلنا شيئًا.

الرئيس:

إذن أنا أري في الواقع ويرى عدد من الإخوان الاكتفاء ببيع التقسيط وفقرة (حـ) ويصاغ القرار من جديد ويكون الإيجار المنتهي بالتمليك يؤجل.

المختار الإسلامي:

عجيب، مجمع الفقه الإسلامي يجتمع لكي يقول: إنه يجوز البيع بالتقسيط، لأن مجمع الفقه الإسلامي يريد أن يقول: أن تبيع الإيجار عندما تنتهي الإجارة يجوز ذلك أن تبيع بالتقسيط

الرئيس:

ما قلنا يجوز.... ما قلنا يجوز بيع التقسيط.. لا ما قلناه، إنما قلنا دلالة. أظن قلتها أكثر من عشر مرات دلالة على أن هذا كبديل مؤقت. المهم الذي يرى هذا يرفع يده انتهى يصاغ يا شيخ عبد الستار.

ص: 2236

القرار

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد خاتم المرسلين وعلى آله وصحبه

قرار رقم (6)

بشأن

الإيجار المنتهي بالتمليك

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1 إلى 6 جمادى الأولى 1409هـ/10 إلى 15 كانون الأول) ديسمبر) 1988م.

بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع) الإيجار المنتهي بالتمليك) واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.

وبعد الاطلاع على قرار المجمع رقم (1) في الدورة الثالثة بشأن الإجابة عن استفسارات البنك الإسلامى للتنمية فقرة (ب) بخصوص عمليات الإيجار.

قرر

أولاً: الأولى الاكتفاء عن صور الإيجار المنتهي بالتمليك ببدائل أخرى منها البديلان التاليان.

(الأول) : البيع بالأقساط مع الحصول على الضمانات الكافية

(الثاني) : عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال المدة في واحد من الأمور التالية:

- مد مدة الإجارة.

- إنهاء عقد الإجارة ورد العين المأجورة إلى صاحبها.

- شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة.

ثانياً: هناك صور مختلفة للإيجار المنتهي بالتمليك تقرر تأجيل النظر فيها إلى دورة قادمة بعد تقديم نماذج لعقودها وبيان ما يحيط بها من ملابسات وقيود بالتعاون مع المصارف الإسلامية لدراسته وإصدار القرار في شأنها.

والله أعلم.

ص: 2237