المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيع المرابحة للآمر بالشراءفي المصارف الإسلاميةإعداددكتور رفيق يونس المصري - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الخامس

- ‌حول تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور حسان حتحوت

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادمعالي الدكتور محمد علي البار

- ‌تنظيم النسل أو تحديدهفيالفقه الإسلاميإعدادالأستاذ الدكتور حسن على الشاذلي

- ‌تنظيم النسل ورأي الدين فيهإعدادالدكتور/ محمد سيد طنطاوي

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور علي أحمد السالوس

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ د. الطيب سلامة

- ‌رأي في تنظيم العائلةوتحديد النسلإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌مسألة تحديد النسلإعدادالدكتور محمد القري بن عيد

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالدكتور مصطفى كمال التارزي

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالشيخ رجب بيوض التميمي

- ‌تناسل المسلمينبين التحديد والتنظيمإعدادالدكتور أحمد محمد جمال

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ محمد بن عبد الرحمن

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالأستاذ تجاني صابون محمد

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالحاج عبد الرحمن باه

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ الشريف محمد عبد القادر

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادأونج حاج عبد الحميد بن باكل

- ‌تحديد النسلإعدادالشيخ محمد علي عبد الله

- ‌تنظيم النسل وتحديده فيالإسلامإعدادالدكتور دوكوري أبو بكر

- ‌تنظيم الأسرةفي المجتمع الإسلاميالاتحاد العالمي لتنظيم الوالديةإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

- ‌تنظيم النسلوثيقة من المجلس الإسلامي الأعلىبالجمهورية الجزائرية

- ‌قوة الوعد الملزمةفي الشريعة والقانونإعدادالدكتورمحمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌الوفاء بالوعدإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌الوفاء بالوعدإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الوفاء بالوعدفي الفقه الإسلاميتحرير النقول ومراعاة الاصطلاحإعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌الوفاء بالوعدإعداد الأستاذ الدكتور يوسف قرضاوي

- ‌الوفاء بالوعد وحكم الإلزام بهإعدادالشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌الوفاء بالوعد في الفقه الإسلاميبقلمالشيخ هارون خليف جيلي

- ‌الوفاء بالعهد وإنجاز الوعدإعدادفضيلة الشيخ الحاج عبد الرحمن باه

- ‌الوفاء بالوعدإعدادالشيخ شيت محمد الثاني

- ‌المرابحة للآمر بالشراءبيع المواعدةالمرابحة في المصارف الإسلاميةوحديث ((لا تبع ما ليس عندك))إعدادالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌المرابحة للآمر بالشراءإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌المرابحة للآمر بالشراءدراسة مقارنةإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌المرابحة للآمر بالشراءنظرات في التطبيق العمليإعدادالدكتور علي أحمد السالوس

- ‌بيع المرابحة للآمر بالشراءإعدادالدكتور سامي حسن محمود

- ‌نظرة شمولية لطبيعة بيعالمرابحة للآمر بالشراءإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌بيع المرابحة للآمر بالشراءفي المصارف الإسلاميةإعداددكتور رفيق يونس المصري

- ‌نظرة إلى عقدالمرابحة للآمر بالشراءإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌بيع المرابحة في الإصطلاح الشرعيوآراء الفقهاء المتقدمينفيهإعدادالشيخ محمد عبده عمر

- ‌بحث السيد إيريك ترول شولتزعندراسة تطبيقية: تجربة البنك الإسلامي في الدنمارك

- ‌بحث الدكتورأوصاف أحمدعنالأهمية النسبية لطرق التمويل المختلفة في النظام المصرفيالإسلامي

- ‌تغير قيمة العملة في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور عجيل جاسم النشيمي

- ‌النقود وتقلب قيمة العملةإعدادد. محمد سليمان الأشقر

- ‌تغير قيمة العملةإعدادأ0 د يوسف محمود قاسم

- ‌أثر تغير قيمة النقود في الحقوق والالتزاماتإعدادد. على أحمد السالوس

- ‌تغير العملة الورقيةإعدادالدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌تذبذب قيمة النقود الورقيةوأثره على الحقوق والالتزاماتعلى ضوء قواعد الفقه الإسلامي

- ‌تغيير قيمة العملةإعدادالشيخ محمد على التسخيري

- ‌موقف الشريعة الإسلامية منربط الحقوق والالتزامات المؤجلة بمستوى الأسعارإعدادعبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌مسألة تغير قيمة العملةوربطها بقائمة الأسعارإعدادالدكتور محمد تقي العثماني

- ‌المعاملات الإسلامية وتغيير العملةقيمة وعينًاإعدادالشيخ/ محمد الحاج الناصر

- ‌تغير قيمة العملةإعدادالشيخ محمد علي عبد الله

- ‌تغير قيمة العملة والأحكامالمتعلقة فيها في فقه الشريعة الإسلاميةإعدادالشيخ محمد عبده عمر

- ‌بيع الاسم التجاريإعدادالدكتور عجيل جاسم النشمي

- ‌بيع الحقوق المجردةإعدادالشيخ محمد تقي العثماني

- ‌بيع الاسم التجاري والترخيصإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌الحقوق المعنوية:حق الإبداع العلمي وحق الاسم التجاريطبيعتهما وحكم شرائهماإعدادالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌بيع الأصل التجاري وحكمهفي الشريعة الإسلاميةإعدادالشيخ مصطفى كمال التارزي

- ‌الأصل التجاريإعدادالدكتور – محمود شمام

- ‌الحقوق المعنويةبيع الاسم التجاري والترخيصإعدادالدكتور عبد الحليم محمود الجنديوالشيخ عبد العزيز محمد عيسى

- ‌الفقه الإسلامي والحقوق المعنويةإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌حول الحقوق المعنوية وإمكان بيعهاإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌بيع الاسم التجاري والترخيصإعدادالدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌التأجير المنتهي بالتمليكوالصور المشروعة فيهإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكإعدادالدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌الإيجار الذي ينتهي بالتمليكإعدادالشيخ عبد الله الشيخ المحفوظ بن بيه

- ‌الإجارة بشرط التمليك - والوفاء بالوعدإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌التأجير المنتهي بالتمليكإعدادالدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌تحديد أرباح التجارإعدادالشيخ محمد المختار السلامي

- ‌تحديد أرباح التجارإعدادالدكتور يوسف القرضاوي

- ‌مسألة تحديد الأسعارإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌بحثتحديد أرباح التجارإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌تحديد أرباح التجارإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌العرفإعدادالشيخ خليل محيى الدين الميس

- ‌ موضوع العرف

- ‌العرفإعدادالشيخ كمال الدين جعيط

- ‌نظرية العرف في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌العرفإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌العرف بين الفقه والتطبيقإعدادد. عمر سليمان الأشقر

- ‌العرف (بحث فقهي مقارن)إعدادالدكتور محمد جبر الألفي

- ‌العرف في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور إبراهيم كافي دونمز

- ‌العرف بين الفقه والتطبيقإعدادمحمود شمام

- ‌العرف ودوره في عملية الاستنباطإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌العرفإعدادالدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌منزلة العرف في التشريع الإسلاميإعدادالشيخ محمد عبده عمر

- ‌تطبيق أحكام الشريعة الإسلاميةإعدادأ. د. عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان

- ‌أفكار وآراء للعرض:المواجهة بين الشريعة والعلمنةإعدادالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌تطبيق الشريعةإعدادالدكتور صالح بن حميد

الفصل: ‌بيع المرابحة للآمر بالشراءفي المصارف الإسلاميةإعداددكتور رفيق يونس المصري

‌بيع المرابحة للآمر بالشراء

في المصارف الإسلامية

إعداد

دكتور رفيق يونس المصري

مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي

جامعة الملك عبد العزيز – جدة

بيع المرابحة للآمر بالشراء

في المصارف الإسلامية

" يجب على الناس إحياء سنن رسول الله صلى الله عله وسلم، والاقتفاء لأمره، والاهتداء بهديه، في تسهيل ما سهل، وتغليظ ما غلظ، وعلى الله التوفيق والقبول".

أبو عبيد - الأموال 594

قد يرى الرجل الرأي " ثم يتبين له الرشد في غيره، فيرجع إليه، وهذا من أخلاق العلماء قديما وحديثًا "

أبو عبيد – الأموال 359

مقدمة:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد، ففي هذه الورقة سأبحث باختصار في بيع المرابحة كما ورد في الفقه القديم، ثم بتفصيل أكبر في بيع المرابحة كما هو مطبق في المصارف الإسلامية الحديثة.

ولقد سبق لي أن طرقت هذا الموضوع في مناسبات مختلفة، منها مقالي بمجلة المسلم المعاصر عام 1402هـ، ثم مقالي بمجلة الأمة القطرية عام 1406 هـ.

ورأيت أن من المتعين علي أن أطرق الموضوع مرة أخرى، بالنظر لما استجد من وقائع، ومعلومات، ومراجع..

وألفت النظر منذ البداية إلى أنني استخدمت أحيانا عبارة " المرابحة المصرفية " للدلالة على بيع المرابحة للآمر بالشراء في المصارف الإسلامية، وذلك على سبيل الاختصار. وربما استخدمت أحيانا أخرى عبارة " المرابحة الملزمة " وأريد بها المرابحة إذا كانت المواعدة فيها ملزمة.

ص: 832

والله أسأل أن يحمينا من الغرور والغل والحسد والتقعر والإعجاب بالرأي والاستخفاف بأهل العلم والتملق لأهل الباطل، وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، ويمكننا من الحق قولا وعملا، بلا خوف من عقاب، ولا طمع في ثواب، إلا عقاب الله تعالى وثوابه. وقد نهينا عن أن نكون كلابس ثوبي زور في بيع فنبيع ما ليس عندنا أو في علم فنظهر ما لا نملك أو في خلق فنبدي بلساننا ومظاهرنا ما لا يوافق قلوبنا، فمن تخلق للناس بما ليس من شأنه شانه الله تعالى، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

بيع المرابحة.

البيع في الفقه الإسلامي بيعان: مساومة وأمانة. فأما المساومة فيتفق فيها المتبايعان على ثمن البيع، بغض النظر عن الثمن الأول الذي بذله البائع لشراء السلعة أو إنتاجها. وأما الأمانة فهي ثلاثة أنواع:

- مرابحة (= مشافة) : وهي البيع بمثل الثمن الأول مع ربح معلوم. والمشافة منا لشف وهو الزيادة، الربح.

- وضيعة (= محاطة) : وهي البيع بمثل الثمن الأول مع وضع (= حط) مبلغ معلوم.

- تولية: وهي البيع بمثل الثمن الأول بلا ربح ولا خسارة.

وفي البناية شرح الهداية 6/488 قوله: " قد صح ((أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة ابتاع أبو بكر بعيرين. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ولني أحدهما. فقال: هو لك بغير شيء. فقال صلى الله عليه وسلم: أما بغير ثمن فلا)) . ثم ذكر صاحب البناية أن هذا الحديث غريب، وأنه ورد في البخاري ومسند أحمد وفي طبقات ابن سعد، ولكن بدون ذكر لفظ التولية.

ص: 833

هذا إذا تعلق البيع بالسلعة كلها، فإذا تعلق بجزء منها فهو " الإشراك "، أي البيع تولية بنسبة الجزء إلى الكل. فيصير المشتري شريك ملك للبائع، كل بحسب حصته من السلعة.

على أن الإشراك في نظري، لا ينحصر في التولية، بل يمكن أن يكون في المرابحة، فيبيعه مثلا نصف السلعة بنصف الثمن الأول وربح معلوم، أو يكون في الوضيعة، فيبيعه نصف السلعة بنصف الثمن الأول مع وضع مبلغ معلوم.

وجمهور الفقهاء على جواز المرابحة، ولكن روي عن بعض العلماء أنها باطلة (المحلى لابن حزم 9/625- 626) ، وروي عن ابن عباس أنه نهى عنها، وفي بعض الكتب أنه كره بيع المشافة (مصنف ابن أبي شيبة 7/48 و8/42) . كما روي هذا النهي عن عكرمة وإسحاق، والكراهة عن الحسن ومسروق، والجواز عن ابن مسعود وابن المسيب وشريح وابن سيرين (مغني المحتاج 2/77) . وروي عن آخرين أن المساومة أفضل من المرابحة (المغني 4/108، والخرشي على خليل 5/172) .

وإني أميل إلى جوازها إذا كان الثمن الأول معلوما، والربح معلوما، ولم تكن هناك خيانة أو شبهة خيانة في بيان الثمن الأول. وهذا الربح يكون في مقابل خبرته وجهده ووقته ومخاطرته.

ولعل سبب كراهتها لدى ابن عباس أن البائع مرابحة يبيع السلعة بزيادة ربح مضمون، فيصير هذا الربح أشبه بالربا، لأنه دفع الثمن الأول مثلا 100، وقبض الثمن الثاني 120، والسلعة دخلت ثم خرجت. قد يؤيد هذا أن المشافة من الشف وهو الزيادة كما بينا سابقا. وفي أحاديث الربا ورد قوله صلى الله عليه وسلم:((لا تبيعوا الذهب بالذهب، إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض..)) (البخاري في البيوع، ومسلم في المساقاة وغيرهما) .

ص: 834

ولكن هذا التأويل غير صحيح، لأن الذي اشترى السلعة لم يكن يعلم أنه سيبيعها مرابحة، فربما باعها تولية أو محاطة أو مساومة.. إلخ وربما تكون الصورة التي نهى عنها ابن عباس أو كرهها هي أن يشتري لك سلعة بالنقد ويبيعها إليه بالأجل، ويكون توسطه بشراء السلعة لا معنى له إلا أنه أقرضه المال بربا وقد ورد في بعض الكتب أن المرابحة ربا (مصنف ابن أبي شيبة 6/436، والمحلى 9/14) ، أو " المرابحة بيع الأعاجم"(ده دوازده)(مصنف ابن أبي شيبة 6/434 و7/253) .

أما تفضيل المساومة على المرابحة لدى بعض الفقهاء، فسببه أن البائع مرابحة يأتمنه المشتري على الثمن الأول، وقد لا يخلو تحديد الثمن الأول من غلط أو تأويل أو هوى. فقد يضيف البائع إلى الثمن الأول ما ليس منه، كأن يشتري السلعة بأكثر من ثمنها، أو لا يبين الأجل ولا مقداره إذا اشتراها بثمن مؤجل، وللأجل حصة من الثمن، أو يدخل أجرة نقل أو إصلاح لنفسه أو لغيره، والحال أن هذا الغير متطوع لم يقبض منه شيئا، أو يحتسب مصاريف إصلاحها أو مداواتها (إذا كان المبيع حيوانا مثلا) ، أو يكتم أنه مضى زمن على شرائها وانتفاعه بها (إذا كان المبيع مسكنا مثلا أو آلة) .

لكن لا بأس بإضافة مصاريف الخياطة والصباغة والتطريز والقصر، ومصاريف النقل والتخزين، وسائر ما يزيد في قيمة المبيع، وجرى العرف بإضافته إلى الثمن. فإذا أشتبه بالمصروف: هل تجب إضافته أم لا؟ بين ذلك.. إلخ ما هو معروف في مظانه من كتب الفقه القديم على المذاهب المختلفة.

وتفصيل هذه المصاريف قليل الأهمية في بيع المرابحة المطبق في المصارف الإسلامية، لأن المصاريف كلها تدخل في الثمن الأول لدى هذه المصارف، ولا يقوم المصرف بإدخال أي إضافة على السلعة من تصنيع أو خياطة أو صبغ

إلخ. لكن قد يكون من المهم معرفة ما إذا كان على المصرف تفصيلها، أو يكتفي بإجمالها دون تفصيل. وأميل إلى تفصيلها ولا سيما إذا طلبه المشتري، فهو أدعى للثقة وأنفى للتهمة وأبرأ للذمة.

وعندي أن بيان البائع للثمن الأول يمكن أن يكون مؤيدا بالفواتير والوثائق، وهذا أبعد عن الغلط وسوء الظن، ما لم تكن هذه الوثائق مزورة أو محورة.

ص: 835

ويصح أن يكون الربح في صورة مبلغ مقطوع، أو في صورة نسبة من الثمن الأول، مئوية أو غيرها، لأن المال واحد. وما دام هذا البيع من بيوع الأمانة، فعلى البائع أن يكون أهلا لتحمل هذه الأمانة، ومحترزا من الخيانة أو شبهتها. قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (الأنفال 27) . وقد نص الفقهاء على أن السلعة إذا كان ثمنها في السوق أرخص، لسبب أو آخر كحوالة الأسواق (= تغير الأسعار) ، وجب على البائع إخبار المشتري به منعا للتغرير وإخفاء المعلومات عن المشتري وربما لم يوجبوا على المشتري إخبار البائع بثمن السوق إذا كان أغلى، لافتراض أن البائع يعلم ثمن سلعته في السوق، وهو راض بثمن العقد.

والدافع إلى هذا النوع من البيوع هو أن المشتري قد يكون جاهلا بالسلع وأثمانها، يخشى الغبن في المساومة، أو ليس لديه الوقت الكافي للتحري والتجول على الباعة والمماكسة. هذا إذا كانت المرابحة حالّة، أما إذا كانت مؤجلة، فيستفيد المشتري أيضا من الأجل، ولكن هذا الأجل ليس للمرابحة علامة مميزة لها عن المساومة، فبيع المساومة يمكن أيضا أن يكون مؤجلا.

ومن أراد مرجعا حديثا في موضوع المرابحة أمكنه الرجوع إلى كتاب الدكتور عبد الحميد البعلي " فقه المرابحة في التطبيق الاقتصادي المعاصر "، أو كتاب الدكتور أحمد علي عبد الله " المرابحة أصولها وأحكامها وتطبيقاتها في المصارف الإسلامية "(رسالة دكتوراة) .

بيع المرابحة للآمر بالشراء كما في المصارف الإسلامية

تلك هي بإيجاز المرابحة في الفقه المأثور. أما المرابحة المطبقة اليوم في المصارف الإسلامية، والمسماة بـ" بيع المرابحة للآمر بالشراء" أو لـ" الواعد بالشراء "، فهي أن يتقدم الراغب في شراء سلعة إلى المصرف، لأنه لا يملك المال الكافي لسداد ثمنها نقدا، ولأن البائع لا يبيعها له إلى أجل، أما لعدم مزاولته للبيوع المؤجلة، أو لعدم معرفته بالمشتري، أو لحاجته إلى المال النقدي، فيشتريها المصرف بثمن نقدي ويبيعها إلى عميله بثمن مؤجل أعلى. ويتم ذلك على مرحلتين.

مرحلة المواعدة على المرابحة، ثم مرحلة إبرام المرابحة. وهذه المواعدة ملزمة للطرفين (المصرف، والعميل) في بعض المصارف الإسلامية، وغير ملزمة للعميل في بعض المصارف الأخرى. فإذا اشترى المصرف السلعة كان العميل بالخيار، إن شاء اشترى وإن شاء ترك. ويفهم من هذا أن المصرف لا يلتزم بشراء السلعة، ولكنه إذا اشتراها التزم ببيعها إلى العميل إذا اختار العميل شراءها. ولكن المصرف يحرص على شراء السلعة حفاظا على سمعته.

ص: 836

ويبدو أن بعض المصارف الإسلامية تفضل أن تكون السلعة، موضوع المرابحة، من السلع المعمرة، كي لا تنتقل ملكيتها إلى العميل إلا بعد سداد الأقساط جميعا، وهذا على الطريقة المعروفة في القوانين الوضعية بـ" الإجارة السائرة للبيع" أو " الآيلة للبيع". والتي سميت في المصارف الإسلامية " بـ الإيجار المنتهي بالتمليك "(السنهوري في الوسيط 4/170، والقرنشاوي ص4) . وفي بعض المصارف جرى التعبير عن هذا بأن البضاعة ومستنداتها ترهن رهنا تأمينيا لصالح المصرف إلى حين استيفائه كامل الثمن، ويكون للمصرف حق امتياز البائع، وله أن يطلب فوقها رهونات أو ضمانات إضافية (أحمد علي عبد الله ص268) . كما تفضل هذه المصارف أحيانا التعامل بالسلع المستوردة لأنها سلع منمطة ومواصفاتها محددة، ودرجة المخاطرة فيها درجة منخفضة، ونسبة تحكم المصرف في تدفقها أعلى، وتصريفها أسهل إذا ما قورنت بالسلع المحلية (القرنشاوي ص4) .

على أن المرابحة المصرفية يمكن تطبيقها في شراء الأموال المثلية أو الأموال القيمية كما في شراء المنقولات والعقارات.

أهمية بيع المرابحة في المصارف الإسلامية

تطبق المرابحة في المصارف الإسلامية في عمليات الشراء الداخلية (مرابحات داخلية) وفي عمليات الاستيراد من الخارج (مرابحات خارجية) . وهذه المرابحات آخذة في التوسع والامتداد إذا ما قورنت بالمشاركات والمضاربات (= عمليات القراض) .

وإليك مثالا عن أهمية عمليات المرابحة بالنسبة لمجموع عمليات التمويل:

المصرف النسبة السنة المصدر

البنك الإسلامي الاردني 80 % 1986 م موسى شحادة ص13

البنك الإسلامي في بنغلادش 65 % 1984م أوصاف أحمد ص8

مؤسسة فيصل المالية في تركيا 94 % 1986 م شوقي شحاتة ص8

البنك الإسلامي لغرب السودان 54 % 1984 أوصاف أحمد ص8

بنك التضامن الإسلامي في السودان 61 % 1984م نفسه

بنك قطر الإسلامي 98 % 1984م نفسه

وفي هذا البنك الأخير، بلغت عقود المرابحة 665 عقدا من أصل 667 عقدا، والفرق عقدان فقط هما من عقود المشاركة.

ص: 837

ويذكر الأستاذ موسى شحادة المدير العام للبنك الإسلامي الأردني أن سبب " توجيه أغلب استثماراته إلى المرابحة، بدل توجيهها إلى المساهمات والمشاركات لسرعة تسييلها، ووضوح التدفق النقدي، ووضوح العائد"(موسى شحادة ص 22) . ويقصد بسرعة التسييل سرعة التنضيض بلغة الفقه الإسلامي، أي تحويل الديون إلى نقود؛ ويقصد بوضوح التدفق النقدي إمكان جدولة الثمن المؤجل في المرابحة على أقساط معلومة وبآجال معلومة، كما يقصد بوضوح العائد إمكان حصول المصرف على عائد معلوم المقدار، في صورة نسبة من الثمن الأول، أي نسبة من رأس المال، رأس المال العملية، أي بدون مخاطرة كما هو الحال في المضاربة أو الشركة.

ويقول الدكتور شوقي إسماعيل شحاتة إنه " بظهور البنوك الإسلامية، تعاظم دور بيع المرابحة للآمر بالشراء، وخصوصا بثمن مؤجل، بضوابطه الشرعية. وتأكدت أهميته وجدواه الاقتصادية وملاءمته علما وعملا لطبيعة العمليات التمويلية والعمليات الإيرادية التي تجريها البنوك الإسلامية بعيدا عن القروض ونظام الفائدة الربوية "(شحاتة ص9) ويقصد الدكتور شحاتة بملاءمة المرابحة لطبيعة العمليات التمويلية ملاءمتها لطبيعة العمل المصرفي التقليدي القائم على أساس العمل المضمون واجتناب المخاطرة. كما يقصد بملاءمة المرابحة للعمليات الايرادية بعيدا عن القروض والفائدة الربوية أن المصارف من طريق المرابحة استطاعت أن تحقق لنفسها إيرادات شبيهة بالفائدة من حيث الضمان، ولكنها مشروعة في نظره.

غير أن الدكتور شحاتة لم يبين لنا كيف تأكدت أهمية المرابحة وجدواها الاقتصادية. لكن هناك بحوثا أخرى تكفلت بخلاف رأيه، كبحث الدكتور حاتم القرنشاوي بعنوان " الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لتطبيق عقد المرابحة ".

يقول الدكتور القرنشاوي إن " التطبيق السليم لعمليات المرابحة يتطلب، خلافا لما قد يسود لدى بعض العاملين بالبنوك الإسلامية، درجة عالية من المعرفة بظروف السوق، وتطور الطلب على السلع المختلفة فيه، وجهازا فنيا قادرا على تحليل المناخ العام للسوق، واتجاهات السياسة الاقتصادية في الأجل القصير والطويل، وشبكة مصادر المعلومات لتأمين ما يكفي من بيانات عن المصادر البديلة للسلع ومواصفاتها وأسعارها، فضلا عن الاستعلامات المطلوبة عن العملاء طالبي التمويل. وتوافر ذلك يعني إمكانية قيام البنك بدوره المفترض كتاجر، وليس كممول فحسب "(القرنشاوي ص 7) .

وواضح أن الدكتور شحاتة يصدر رؤية غير الرؤية التي يصدر عنها الدكتور القرنشاوي. فالدكتور شحاتة يصدر عن سهولة التطبيق وإمكان القيام بالعمل المصرفي الإسلامي غير بعيد عن العمل المصرفي غير الإسلامي، بل وفق فلسفته في السيولة والربحية والضمانة، حتى أن الفرق بين العملين لا يعدو أن يكون خلافا في الشكل والصورة فحسب.

ص: 838

أما الدكتور القرنشاوي فقد أراد للمصرف الإسلامي أن يقوم بدور أصيل ومتميز في الإتجاهين الشرعي والتنموي معا. فالعملية تتلاشى منها المآخذ الشرعية كلما كانت أكثر جدية، بحيث يكون المصرف مؤهلا فعلا للقيام بعمليات البيع الحقيقية، على أنه تاجر سلع، لا على أنه ممول فحسب، ومن جهة أخرى فإن اتجاه المصارف في عملياتها إلى المرابحة، وإلى المرابحة على السلع المعمرة المستوردة قد أدى إلى إهمال عمليات الاستثمار الإنتاجي الأجل، وإلى " ترسيخ قيمة الربح السريع، وتجنب المخاطرة، وهو ما قد يتعارض مع قيم إسلامية أخرى "" القرنشاوي ص2 و8".

مناقشة بيع المرابحة للآمر بالشراء من حيث صحة التسمية:

هذه التسمية هي من تركيب الدكتور سامي حمود (انظر رسالته تطوير الأعمال المصرفية، ط 2، ص430) . ولا يفهم من رسالته أنه قد اختار قطعا إلزام الطرفين بمواعدتهما، وإن كان في ثنايا كلامه ما قد يدل على ميله للإلزام، الذي توضح واستقر فيما كتبه بعد ذلك، ولا سيما من حيث استخدامه لفظ " الآمر بالشراء، بدل " الواعد" بالشراء.

فإذا كان المذهب بعدم الإلزام فالتسمية تبدو غير موفقة، لأن لفظ " الآمر يفيد أن العميل ملتزم بأمره، والمصرف ملتزم بتنفيذ أمر العميل (انظر مقالي في مجلة المسلم المعاصر ص184) ، فكأنه وكيل مأجور ولا يحسن أن يكون المصرف أجيرا، لأنه يصير أجيرا ومقرضا معا إذ يقرض العميل ثمن الشراء ويتقاضى منه أجرا على وكالته، فتجتمع في العملية شبهة البيع مقرونًا بالسلف، وقد ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف.))

ولهذا السبب عدل بعض العلماء عن لفظ " الآمر بالشراء " إلى لفظ " الواعد بالشراء "، وبهذا يعبر الاسم عن مرحلتي العملية: مرحلة الوعد، ومرحلة البيع، وذلك بغض النظر بعد ذلك عن المذهب المختار في الوعد، هل هو الإلزام أو عدم الإلزام؟

ويمكن تسمية العملية أيضا " مواعدة على المرابحة"، فهي مواعدة أولا ثم مرابحة، فإن كانت المواعدة غير ملزمة فكل منهما بالخيار.... إلخ.

ص: 839

مزايا المرابحة المصرفية

المرابحة المصرفية في نظر أنصارها مواتية للعمل المصرفي، لا سيما بالمقارنة مع المشاركة والمضاربة (= القراض) ، فالمصرف يدفع فيها رأس مال معينا، ويتقاضى عليه ربحا معلوما، ويستطيع دعم تمويله بضمان، ويمكنه أن يتخفف قدر الإمكان من أعباء قبض السلعة، فلا يحفظ من القبض إلا على الحد الأدني الذي يبقي على المصرف وساطته المالية وتجارته المالية غير السلعية. فإذا مول عملية ما عرف مسبقا أقساط السداد، وتاريخ سداد كل قسط، وأرباحه من العملية.

وهناك علميات لا يستطيع المصرف تمويلها عن طريق الشركة أو المضاربة، مثل تمويل شراء الفرد سيارة لاستعماله الشخصي، أو أثاثا لمسكنه، حيث لا تجارة ولا ربح يمكن الإشتراك فيه؛ ومثل شراء الحكومة أنابيب لنقل المياه، حيث لا يمكن مشاركة القطاع الخاص للقطاع العام في ملكية الأصل أو إدارته وإيراداته؛ ومثل حال التجار الذين لا يريدون شركاء، بل يؤثرون الدائنين على الشركاء من أجل الحصول على المال (حمود: تطبيقات ص8) .

ولكن أنصار المرابحة في هذه العمليات التمويلية انطلقوا من أن كل عملية مصرفية تقوم بها المصارف الربوية، يجب أن تقوم بها المصارف الإسلامية، فلم يبينوا ولم يناقشوا مدى أهمية تمويل شراء سيارات للاستعمال الشخصي عن طريق القرض، كما أنهم لم يعملوا أذهانهم لاستكشاف أساليب أصيلة، أو أساليب ملائمة لهذه العمليات أكثر من الديون، مثل فرض ضرائب، أو دين عام بدون فائدة على الأغنياء أو على المصارف، أو الاعتماد على التمويل الذاتي من طريق الادخار والاحتياطي. فالدينُ هَمٌّ بالليلِ ذلٌّ بالنهارِ، ألا ترى إلى هذه البلدان " النامية " المثقلة بالديون، المرهقة بها، حتى لو أعفيت من فوائدها؟

ص: 840

التفريق بين المرابحة القديمة والمرابحة المصرفية الحديثة

1-

السلعة في المرابحة القديمة تكون موجودة حاضرة لدى البائع مرابحة، وغير موجودة ولا حاضرة لديه في المرابحة المصرفية.

2-

المرابحة القديمة تنعقد مرة واحدة في مجلس العقد، أما المرابحة المصرفية ففيها مرحلتان: مرحلة المواعدة، ومرحلة المعاقدة.

3-

المواعدة في المرابحة المصرفية قد تكوين ملزمة، مع أن الثمن لا يزال مجهولا، إذ لم يشتر المصرف السلعة بعد، ولم يعرف كلفتها (= ثمنها الأول) أما الثمن في المرابحة القديمة فمعلوم في المجلس.

4-

في المرابحة القديمة يكون البائع مرابحة قد اشترى السلعة لنفسه بلا ريب، سواء للانتفاع بها، أو للاتجار بها، وقد يمضى وقت بين شرائها وإعادة بيعها. أما في المرابحة المصرفية فلا يشتري المصرف السلعة إلا بناء على طلب العميل ووعده بشراء السلعة، فهو يشتريها لا لكي ينتفع بها، بل ليعيد بيعها بمجرد حصوله عليها.

5-

المرابحة القديمة قد تكون مرابحة حالَّة أو مؤجلة، أما المرابحة المصرفية فالغالب أنها مؤجلة، فالمصرف يشتري السلعة بثمن نقدي، ليعيد بيعها بثمن مؤجل.

6-

المرابحة القديمة إذا كانت حالَّة فربح البائع فيها كله ربح نقدي لقاء جهده ووقته ومخاطرته، أما المرابحة المصرفية المؤجلة فربح المصرف فيها كله ربح ناشئ عن التأجيل، أي ربح في مقابل الأجل. ولو أراد المصرف الحصول أيضا على ربح نقدي لارتفعت كلفة التمويل، بما قد يؤدي إلى إحجام العميل عن التعامل معه. وغالبا ما لا يعترف العميل للمصرف إلا بدوره التمويلي في العملية. أما الدور التجاري فهو ما ينهض به العميل، وتدخل المصرف في هذا الدور ليس إلا من باب تحلة العمل.

7-

المرابحة القديمة فيها خلاف بين الفقهاء حول ما يجب أن يدخل في الثمن الأول أو لا يدخل، من مصاريف وأجور وسواها. أما المرابحة المصرفية فالأمر فيها ههنا سهل، إذ كل التكاليف تدخل في الثمن الأول، وما قد يقال بعدم إدخاله في الثمن، كمصاريف التأمين مثلا، يمكن إدخاله في الربح.

ص: 841

8-

في المرابحة القديمة قد يكون البائع مرابحة أدخل على السلعة قيمة مضافة من إصلاح أو تصنيع أو مداواة أو خياطة أو صباغة. أما في المرابحة المصرفية فالمصرف لا يدخل على السلعة أية إضافة، فهو تاجر يشتري السلعة ليعيد بيعها فورًا كما هي.

9-

في المرابحة القديمة قد تكون السلعة قابلة للزيادة والنماء، كأن تكون حيوانا يسمن ويكبر ويلد، أو شجرًا يثمر. أما المرابحة المصرفية فتجري على سلع غير قابلة للنماء، لأن المصرف لا يتحمل مثل هذه المسؤوليات في التكاثر والعلف والنماء.

ولذلك كان جديرًا بمن بحث المرابحة المصرفية أن لا يعرض للمرابحة القديمة إلا في حدود صلتها بالمرابحة المصرفية، فتفصيل ما يضاف وما لا يضاف إلى الثمن الأول، والتعرض للسلع الحيوانية أو النباتية القابلة للنماء

كل هذا وأمثاله لا قيمة له في المرابحة المصرفية الحديثة، ولا حاجة للإطالة به. أما ما أشار إليه المالكية من وجوب تفصيل عناصر الثمن الأول أو الاكتفاء بالإجمال فمناقشته مهمة ومفيدة، والله أعلم.

زيادة الثمن المؤجل على المعجل في المرابحة

إذا اشترى البائع مرابحة السلعة بثمن معجل، وكانت المرابحة معجلة، أي بثمن معجل، فههنا لا مشكلة. لكن قد يحدث أحيانا أن يكون البائع مرابحة قد اشترى السلعة بثمن مؤجل، فإن باعها مرابحة للأجل نفسه (ثلاثة أشهر مثلا إذا كان الأجل الأول ثلاثة أشهر) فلا مشكلة أيضا. أما إذا اشتراها بثمن مؤجل ثم باعها بثمن مؤجل إلى أجل أقل، فلا بد للبائع مرابحة من بيان هذا للمشتري، لأن للزمن حصة من الثمن عند جمهور الفقهاء، والأثمان تختلف باختلاف الأزمان (= الآجال) . قارن البعلي ص69- 70 و193-194، وأحمد علي عبد الله ص 72 – 74 و85 – 92 و126- 128.

ص: 842

وزيادة الثمن للأجل جائزة، وليست ربا محرما كما وهم بعض الناس، وقد دافعت عن ذلك نقلا وعقلا في غير هذا الموضع " انظر مقالي بمجلة الأمة: القول الفصل في بيع الأجل ص 54: وكتابي: الربا والحسم الزمني ص 33) .

ولكن زيادة الثمن للأجل قد تصير حراما إذا اتخذت ذريعة للربا الحرام. فالبائع قد يبيع بثمن مؤجل مقداره مائة، ثم يخصم هذا الثمن (الممثل بورقة تجارية: سفتجة أو سند إذنى) لدى مصرف، فيحصل مثلا على تسعين في الحال. فالبيع بثمن مؤجل أعلى من المعجل جائز، ولكن قيام البائع بخصم الثمن المؤجل لدى المصرف حرام، لأن من شأنه أن المصرف يقرض البائع تسعين حالّة في مقابل مائة مؤجلة، وهذا ربا قرض أو ربا نسيئة محرم.

وقد تصير الزيادة في الثمن المؤجل على المعجل موضوعا لبعض الحيل الربوية، فيبيعه بثمن مؤجل ويشتري منه ما باعه بثمن معجل، أو يبيعه بثمن مؤجل إلى أجل معلوم، ويشتري منه ما باعه بثمن مؤجل إلى أجل معلوم أدنى من الأجل الأول، فهذا ينقل البيوع من بيوع أجل جائزة إلى بيوع آجال غير جائزة (بيوع عينة) . فلا بد إذن من التفريق بين بيوع الأجل وبيوع الآجال، وهذه العبارة الأخيرة استخدمها بعض الفقهاء (المالكية وغيرهم) للتعبير عن الحيل الربوية.

ومن هذا الباب حديث عائشة مع زيد بن أرقم، إذ بيع العبد بثمن نقدي مقداره 600 دينار، ومؤجل مقداره 800دينار (الأم 3/68، والمحلى 9/60، وبداية المجتهد 2/139) . والخلاف بين العلماء في هذا الحديث ليس خلافا في زيادة الثمن المؤجل على المعجل، بل هو خلاف فيما وراء ذلك، حول بيع العبد بـ 800 دينار مؤجلة وإعادة شرائه بـ600 دينار معجلة.

وقد ميزت فيما كتبت سابقًا بين جواز البيع بثمن مؤجل أعلى من المعجل، وبين عدم جواز اتخاذ هذا الجواز سبيلًا إلى العينة أو بيوع الآجال، فحسبه بعض القراء من باب التناقض (أبو غدة ص21) .

ص: 843

اختلاف صور المرابحة المصرفية من مصرف إسلامي إلى آخر

لا يمكن القول إن المصارف الإسلامية تستوي جميعا في موقفها من بيع المرابحة، بحيث تتفق على صورة أو صور موحدة منه. فهناك مصارف تطبق الإلزام بالمواعدة على كل من المصرف والعميل، فيلتزم المصرف بشراء السلعة وبيعها إلى العميل، كما يلتزم العميل بشراء السلعة من المصرف. وثمة مصارف أخرى تطبق الإلزام بالوعد على المصرف فقط، دون العميل. فإذا اشترى المصرف السلعة التزم ببيعها إلى العميل إذا رغب العميل في ذلك. وربما لا توجد مصارف تطبق عدم الإلزام، أي الخيار، بالنسبة لكل من المصرف والعميل، إلا أنه يمكن القول بأن المصارف التي تلزم نفسها دون العميل ليست بعيدة عن الخيار للطرفين، لأن المصرف غير ملزم بشراء السلعة، إنما يلزم فقط ببيعها إذا اشتراها.

وهناك مصارف تطبق الإلزام في المرابحات الخارجية، والخيار في المرابحات الداخلية (أبو غدة ص6 و 14) .

وهناك مصارف تحدد الثمن الأول والربح منذ المواعدة (حمود: تطبيقات ص14) . ومصارف تحدد الربح عند المواعدة، ولكنها لا تحدد الثمن الأول إلا بعد شراء السلعة.

وهناك مصارف تشتري السلعة لنفسها أولا، وربما تودعها في مخازن لها، قبل بيعها، وهناك مصارف أخرى لا تشتري السلعة إلا بناء على طلب العميل، ولحسابه.

وربما أخذت المرابحة، في بعض الأحيان، صورة " اتفاق مسبق بين البنك وبعض الموردين على تصريف سلعهم "، فإذا اتجه العميل إلى المورد أرسله المورد إلى البنك لكي يصدر له أمر توريد، ويوكله في عمليات المرابحة (محمد عبد الحليم عمر ص 15) .

وقد تكون المرابحة بأن يمنح المصرف النقود للآمر بالشراء ليشتري السلعة بنفسه، ثم يبيعها لنفسه (حمود: تطبيقات ص15) .

وربما جرت المرابحة بأن يشتري المصرف سلعة ما من عميله بثمن نقدي، ثم يبيعها إليه بثمن مؤجل أعلى. وقد لا يكون مهما حضور السلعة أو غيابها في مجلس العقد، بل قد لا يكون مهما أن يكون وجودها حقيقيا أو موهوما، لأنها دخلت في المجلس لتخرج في المجلس نفسه (محمد فهيم خان ص3) .

لقد أغرق بعض الفقهاء في الحيل، وزادها بعض " المنفذين " إغراقا، وجعلوا العملية أشبه باللعبة منها بالجد. وربما لهذا السبب يعتبر البنك المركزي المصري عملية المرابحة عملية قرض (شلبي ص27) .

ص: 844

هل المرابحة المصرفية عملية مستحدثة؟

زعم بعض الكاتبين أن المرابحة المصرفية عملية مستحدثة، إما لعدم اطلاعه على أقوال الفقهاء في هذا الباب، وإما لأنه أراد الذهاب فيها إلى مذهب آخر لا يوافق فيه مذاهبهم. وسنبين في هذه الدراسة أن شراء شيء بثمن نقدي وبيعه بثمن مؤجل ليس أمرا جديدا على الفقه الإسلامي، كما سنبين أن المواعدة في هذه العملية إذا كانت ملزمة لم يجزها أي مذهب من المذاهب الفقهية الأربعة. وهذا دليل على أن العملية ليست مستحدثة.

ويبدو أيضًا أن العثمانيين قد لجأوا أيضا إلى المرابحة وأصدروا قانونًا سمى " قانون المرابحة العثماني في المسائل المدنية"(ذكره السنهوري في مصادر الحق3/248، وانظر أيضا نظام المرابحة في الجزء الثاني من مجموعة القوانين ليوسف صادر، ص 262- 263. وننقل نصه لعدم تيسر الرجوع إليه) :

نظام المرابحة

المادة 1- اعتبارا من تاريخ نشر هذا النظام تعين تسعة في المائة فائدة سنوية حدا أعظم لكل أنواع المداينات العادية والتجارية (1) .

المادة 2- إن مقاولات الفائدة التي عقدت على حساب 12 في المائة قبل تاريخ نشر هذا النظام هي مرعية ومعتبرة إلى يوم إعلان هذا النظام.

المادة 3- إذا تبين وقوع مقاولة على فائدة زائدة عن حدها النظامي، إما صراحة في السند بين الدائن والمديون، أو بثبوت ضمها إلى رأس المال، فيصير تنزيل مقدار الفائدة السنوية إلى تسعة في المائة.

المادة 4- فائدة الديون مهما مر عليها من السنين، فلا يجب أن تتجاوز مقدار رأس المال، وجميع الحكام ممنوعون من الحكم بالفائدة التي تتجاوز رأس المال.

المادة 5- إن إجراء الفائدة المركبة في الاقتراضات غير جائز إلا:

أولا – إذا لم يصر تسليم دفعات من طرف المديون في ظرف ثلاث سنوات على حساب المبلغ المستقرض.

ثانيا – إذا حصل اتفاق بين الدائن والمديون على ضم فائدة الثلاث السنوات التي صار إجراء تمشية حساب الفائض بها إلى أصل المال، فيمكن حينئذ تمشية فائدة مركبة لأجل ثلاث سنين فقط. وإن معاملات الفائض المركب الناشئ عن الحساب الجاري بين التجار توفيقا لأحكام قانون التجارة هي مستثناة.

(1) يتبين من مراجعة قرارات الموراتوريوم (= تأجيل الديون) المنشورة في الصفحة 402 من المجلة القضائية السنة الثانية أنه أجيز أن يحسب للديون غير المنصوص عن مقدار فائدتها 4 في المائة عن الأموال المودعة في البنوك (كذا) و7 في المائة لسائر الديون، وذلك من تاريخ 3 آب سنة 1914م لتاريخ 26 شباط سنة 1921م وفقا لقرار تسديد الديون المؤجلة رقم 655

ص: 845

المادة 6- إنه ما دامت معاملة الإقراض والاستقراض جارية بين الدائن والمدين، فسواء أريد نقل (لعله خطأ صوابه: قفل) الحساب أو تجديد سند الدين، فإن دعوى تنزيل الفائدة إلى الحد النظامي هي مسموعة، أما إذا صار أداء الدين وصار قطع المعاملات بين الدائن والمديون فإن دعوى استرداد الفائض الفاحش تكون غير مسموعة.

المادة 7- إن نظام المرابحة المؤرخ في 16 أيلول سنة 1280هـ (لعل صواب هذه السنة 1880م) هو مفسوخ اعتبارا من تاريخ نشر هذا النظام.

المادة 8- أن نظارة العدلية مكلفة بتنفيذ أحكام هذا النظام.

في 9 رجب سنة 1304 هـ

وفي 22 مارس سنة 1303 م (لعل الصواب 1886م)

ومن هذا النظام نستنتج ما يلي:

1-

أنه في أيام العثمانين قد صدر نظام مرابحة مؤرخ في 16 أيلول (سبتمبر) 1880م، نسخه هذا النظام الجديد المؤرخ في 22 آذار (مارس) 1886م.

2-

الفائدة، والفائض (انظر المادة 5و6) ، والمرابحة في لغة هذا النظام أو القانون هي بمعنى واحد.

3-

المقصود بالمرابحة هو الزيادة في المداينة في مقابل الزمن.

4-

وقد تدخل القانون العثماني لوضع حد أعلى (سقف) لهذه المرابحة لا يجوز تجاوزه، كان 12 % قبل صدور هذا النظام، وصار في ظله 9 %، وهذا المعدل لا يزال يعتبر في بعض القوانين العربية أعلى معدل فائدة مسموح به قانونا، وهو معدل فوائد التأخير في السداد الذي يكون أعلى من معدل الفوائد التعويضية.

5-

لا يجوز أن تتجاوز الفوائد مقدار أصل المال مهما كان أجل الدين. ومن شأن هذا بالطبع أن لا يتم الإقراض إلا لآجال قصيرة.

ص: 846

6-

حدد القانون الحالات التي يجوز فيها اللجوء إلى الفائدة المركبة (= الفائض المركب)

وهذه الحالات هي:

أ – إذا تأخر المدين في دفع أحد الأقساط لمدة بلغت ثلاث سنوات، أو لم يسدد أي قسط خلال هذه المدة، لا نتيجة تأخير، بل نتيجة اتفاق.

ب – واتفق الطرفان (الدائن والمدين) على سريان هذه الفائدة المركبة لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات. ويلحظ أن القانون استخدم لفظ " التمشية " بمعنى اللفظ المستخدم اليوم وهو " سريان " أو " تحقيق سريان ".

جـ – الحسابات الجارية بين التجار.

7-

لا تسمع دعوى تنزيل الفائدة إلى الحد النظامي إذا تم سداد الدين، وصفي الحساب بين الطرفين، ولم يبق منه شيء.

هذا ويلاحظ أن مجلة الأحكام العدلية، وهي القانون المدني العثماني، قد سكتت عن أي نص فيها يحرم الربا. وسادت أيام العثمانيين حيل فقهية كثيرة للتغلب على حرمة الربا، من هذه الحيل ما أطلق عليه بيع المعاملة، وهو أن يبيعه المقرض شيئا بأكثر من ثمنه، أو يبيعه المقترض شيئا بأقل من ثمنه، تمكينا للمقرض من وصوله إلى منفعة القرض (انظر حاشية ابن عابدين، فصل في القرض، مطلب كل قرض جر نفعا حرام، ج5 ص166، وانظر التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية في البصرة في القرن الأول الهجري، لصالح أحمد العلي بيروت، دار الطليعة، ط 2، 1969م ص290) .

ص: 847

ويبدو أن ابن عابدين قد استخدم أيضا المرابحة بمعنى الربح لأجل الأجل. قال " إذا قضى المديون الدين قبل الحلول، أو مات (فحل بموته) فأخذ من تركته فجواب المتأخرين أنه لا يأخذ من المرابحة (أي من الربح المقابل للأجل) التي جرت بينهما إلا بقدر ما مضى من الأيام"(الحاشية 5/160 والعقود والدرية 1/278) .

وأوضح هذا الشيباني النحلاوي فقال: " صورته: اشترى شيئا بعشرة نقدا، وباعه لآخر بعشرين إلى أجل هو عشرة أشهر، فإذا قضاه بعد تمام خمسة أشهر، أو مات بعدها، يأخذ خمسة ويترك خمسة "(الدرر المباحة 53) .

فكيف يقال بعد هذا إن المرابحة المصرفية عملية مستحدثة؟

بل لقد روى الإمام مالك في الموطأ 2/662، في باب النهي عن بيعتين في بيعة، أنه بلغه أن رجلًا قال لرجل: ابتع لي هذا البعير بنقد، حتى أبتاعه منك إلى أجل، فسئل عن ذلك عبد الله بن عمر، فكرهه ونهى عنه.

وهذا مطابق تماما للمرابحة المصرفية، إذا كان الوعد فيها ملزمًا، وسيأتي الكلام عنه في هذه الورقة.

المرابحة المصرفية الملزمة غير جائزة بإجماع المذاهب الأربعة

قررنا آنفا أن المرابحة المصرفية الملزمة ليست مستحدثة، وهاك آراء الفقهاء من المذاهب الأربعة التي أجمعت على عدم جوازها.

1 – من الفقه المالكي:

روى الإمام مالك في الموطأ 2/663، باب النهي عن بيعتين في بيعة: أنه بلغه أن رجلا قال لرجل: ابتع لي هذا البعير بنقد، حتى ابتاعه منك إلى أجل، فسئل عن ذلك عبد الله بن عمر، فكرهه ونهى عنه.

وقال ابن جزي في القوانين الفقهية ص284: " إن العينة ثلاثة أقسام الأول: أن يقول رجل لآخر: اشتر لي سلعة بعشرة، وأعطيك خمسة عشر إلى أجل، فهذا (ربا) حرام. والثاني: أن يقول له: اشتر لي سلعة، وأنا أربحك فيها ولم يسم الثمن، فهذا مكروه. والثالث: أن يطلب السلعة عنده فلا يجدها، ثم يشتريها الآخر من غير أمره، ويقول: قد اشتريت السلعة التي طلبت مني، فاشترها مني إن شئت، فهذا جائز ". وانظر ابن رشد في المقدمات ص 538، والباجي في المنتقى 5/39، والشرح الكبير للدردير 3/89، والكافي لابن عبد البر 2/572.

ص: 848

2 – من الفقه الشافعي

قال الإمام الشافعي في الأم 3/33، كتاب البيوع، باب في بيع العروض:" إذا أرى الرجل الرجل السلعة فقال: اشتر هذه وأربحك فيها كذا، فاشتراها الرجل، فالشراء جائز، والذي قال: أربحك فيها، بالخيار، إن شاء أحدث فيها بيعا، وإن شاء تركه. وهكذا إن قال: اشتر لي متاعا، ووصفه له، أو متاعا أي متاع شئت، وأنا أربحك فيه، فكل هذا سواء: يجوز البيع الأول، ويكون هذا فيما أعطى من نفسه بالخيار، وسواء في هذا ما وصفت إن كان قال: ابتاعه (كذا أي ابتعه) أشتريه منك بنقد أو دين: يجوز البيع الأول، ويكونان بالخيار في البيع الآخر، فإن جدداه جاز. وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول فهو مفسوخ من قبل شيئين: أحدهما أنه تبايعاه قبل يملكه (كذا صحيح مثل: قبل أن يملكه، خلافا لما ظنه بعض الكتاب) البائع، والثاني أنه على مخاطرة أنك إن اشتريته على كذا أربحك فيه " وانظر مقالي في المسلم المعاصر، ص 179- 189.

3-

من الفقه الحنفي:

في كتاب الحيل للإمام محمد بن الحسن ص79 و127 رواية السرخسي: قلت: أرأيت رجلا أمر رجلا أن يشتري دارًا بألف درهم، وأخبره أنه إن فعل اشتراها الآمر بألف درهم ومائة درهم، فأراد المأمور شراء الدار، ثم خاف إن اشتراها أن يبدو للآمر فلا يأخذها، فتبقى في يد المأمور، كيف الحيلة في ذلك؟ قال: يشتري المأمور الدار على أنه بالخيار فيها ثلاثة أيام (

) وإن لم يرغب الآمر في شرائها تمكن المأمور من ردها بشرط الخيار، فيدفع عنه الضرر بذلك. وانظر بيع المرابحة للأشقر ص46.

فلو كان من الممكن أن يكون الوعد بالبيع أو بالشراء ملزما لما احتاج المأمور أن يشتري بالخيار لثلاثة أيام أو غيرها. وفي النص ما يدل على أن " الآمر بالشراء " غير ملزم بالشراء، فقد يأمره بالشراء، ثم يبدو له ألا يشتري، ألا يرغب في الشراء، فهو بالخيار: إن شاء اشترى وإن شاء ترك.

4 – من الفقه الحنبلي:

في إعلام الموقعين 4 / 29 لابن القيم نص مثل هذا النص الذي تقدم في الفقه الحنفي. فلو كان الوعد ملزما لما اشترى المأمور بالخيار، ولما رجع الآمر عن رغبته.

وتجدر الإشارة إلى أن كلا من نص الإمام ابن القيم ونص الإمام محمد لم يرد فيهما ما يدل على أن المرابحة حالّة أو مؤجلة، لكن المهم فيهما أن الإلزام في المرابحة لا يجوز.

الوعد في المرابحة هل هو ملزم أو غير ملزم؟

ذكرنا أن المرابحة المصرفية تجري في المصارف الإسلامية، أو في فتاوى المفتين لها، على مرحلتين: مرحلة المواعدة، ثم مراحلة المعاقدة. فإذا اشترى المصرف السلعة، عرضها على العميل، فكان هذا العميل بالخيار، على رأي من خيره ولم يلزمه بوعده. أو كان ملزما بالشراء وإبرام عقد البيع، على رأي من ألزمه ولم يترك له الخيار.

ص: 849

ومن المصارف الإسلامية التي أخذت بإلزام المصرف دون العميل المصارف السودانية التالية:

- بنك فيصل الإسلامي

- بنك التضامن الإسلامي

- بنك البركة

- البنك الإسلامي لغرب السودان (أحمد على عبد الله ص 253)

ولا ريب أن ذلك بتأثير الاتجاه السوداني الذي يتزعمه الدكتور الصديق الضرير.

والحقيقة أن الإلزام بالمواعدة ولو ملنا إليه، وأخذنا به على العموم، إلا أننا نجد أن الآخذ به في المرابحة يؤدي إلى محظورات شرعية، وهو ما بينته في مواضع متعددة، وبينه كذلك كل من الدكتور الصديق الضرير، والدكتور أحمد على عبد الله، والدكتور محمد سليمان الأشقر، والدكتور عبد الله العبادي والدكتور حسن عبد الله الأمين.

فهناك حالات لا يكون فيها الوعد ملزمًا، بل يجب فيها إخلافه، فلو وعد أحدهم، بل نذر أو حلف، أن لا يفعل خيرًا أو أن يفعل معصية أو حرامًا، ألا ترى أن عليه أن يخلف وعده، ويفعل الخير، ويمتنع عن المعصية والحرام، ويكفر عن يمينه إذا حلف؟ (انظر مقالي في الأمة، ص27) .

إذن لا يمكن القول بالإلزام بالوعد مطلقا، فبالإضافة إلى ما ذكر، فإن المتبايعين في خيار المجلس العقد أعطى لهما الشارع خيار المجلس (العبادي ص 59) ، ولا يستطيع أحد أن يتذرع بعدم الخيار مدعيا بأن الالتزام قد قام بينهما، أو أن المواعدة بينهما ملزمة.

والإلزام للطرفين، عند من ذهب إليه، يدخله أن إلزام العميل لا يتقابل ولا يتناظر تماما مع إلزام المصرف، ذلك بأن المصرف لا يلتزم حيال العميل إلا بعد شراء السلعة، فإذا رأى أن الشراء في مصلحته اشترى، وإلا فلا، وهذا من شأنه أن يؤدي في الواقع إلى إلزام العميل حقيقة والمصرف ظاهرًا.

ص: 850

ومما يشكل أيضا أن إلزام العميل بالشراء، لا يمكن شرعا إذا لم يكن الثمن معلوما في وقت الإلزام، فمعلومية الثمن مطلوبة في كل بيع شرعي لأجل تحقيق التراضي، فكيف يتم التراضي على مجهول؟ وكذلك المواعدة إذا كانت ملزمة للعميل، فكيف يلتزم، والثمن الأول للمرابحة لم يعلم بعد؟ إن الذي دعا إلى العلم بالثمن في البيع هو نفسه الذي يدعو إلى العلم بالثمن في المواعدة الملزمة بالبيع ألا وهو التراضي على المعلوم، فالتراضي على مجهول غير متصور. إن الإلزام بالوعد في المرابحة يتنافى مع الرضا المطلوب شرعا في البيوع والتجارات (مقالي في الأمة ص26، وأحمد علي عبد الله ص215) ، ولا سيما على رأي من رأى أن للمصرف أن يشتري السلعة للعميل بدون تحديد الثمن في وقت المواعدة، بل بالاقتصار على تحديد نسبة الربح إلى التكلفة، فهذا رضا بالمجهول، والرضا بالمجهول لا يصح في البيع (قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 2/176، والطرق الحكمية لابن القيم ص264 حيث ذكر أن البيع " يعتبر فيه الرضا، والرضا يتبع العلم ") .

ومن اضطر إلى إخلاف وعده، دون أن يكون في نيته الكذب أو الإخلاف وقت المواعدة، فليس بمنافق ولا آثم. قال تعالى:{فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (التوبة 77 – 78) .

وفي بصائر ذوى التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي 5/237 ((العدة دين)) رواه الطبراني في الأوسط عن علي وابن مسعود (الفتح الكبير) ، ((والعدة عطية)) رواه أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود (الفتح الكبير) . فلا يقال إذن إن العدة دين بإطلاق، ولا عطية بإطلاق.

إن الله سبحانه وتعالى لا يخلف وعده، لأنه عالم وقادر، بخلاف البشر، فإنهم يعدون أحيانا ولا يعقدون، لاحتمال الإخلاف نتيجة نقص علمهم وقدرتهم. فليس من المناسب أن نجعل الوعد ملزما كالعقد، ولا أن نجعل العقد كالوعد غير ملزم فلكل منهما دور ووظيفة لا يجب التعدي عليهما.

وقد بحث فقهاؤنا السابقون المواعدة في المعاوضات، بمناسبة الصرف (المواعدة في الصرف) ، فمنهم من أجاز المواعدة، ومنهم من لم يجزها، ولكن أحدا منهم لم يجعلها ملزمة، لأن الإلزام بها يؤدي إلى الربا، وإلى الصرف المؤجل (الأم 3/27، والمحلى 8/513، ومقدمات ابن رشد 2/181، والقوانين الفقهية لابن جزي ص276، والخرشي على خليل 5/38) .

ص: 851

هذا وقد توسع بعض العلماء المعاصرين في الوعد الملزم، فأخذوا به في المرابحة، وفي المصارفة (محمد خاطر ص225 و288 و230، وفتاوى بيت التمويل الكويتي، ط 1، ص89- 90) ، وفي الإجازة التمويلية Leasing (قرارات مجمع الفقه الإسلامي بجدة، صحيفة الشرق الأوسط ليوم السبت 25/10/1986م ص10)، وفي التأمين (الزرقا: نظام التأمين ص58 و131) ، وفي سندات المقارضة (سامي حمود: تصوير حقيقة سندات المقارضة ص7 من المذكرة) ، فاحتاج الأمر إلى دراسة منفردة لمسألة الوعد الملزم وتطبيقاتها المعاصرة، لتأصيل هذه المسألة ودراستها قبل الأخذ بها مفتاحا سحريا في كل مناسبة ومناسبة.

المالكية برغم قولهم بالوعد الملزم لم يصححوا الإلزام بالوعد في المرابحة

استند العلماء في المؤتمر الأول للمصرف الإسلامي بدبي على مذهب المالكية في الوعد فقالوا: " إن مثل هذا الوعد ملزم للطرفين قضاء طبقا لأحكام المذهب المالكي".

علي أن صور بيع المرابحة ليست جديدة على المذهب المالكي، ولم يرتضوا الإلزام فيها، برغم مذهبهم بالوعد الملزم قضاء، في بعض الحالات. فقد نُقل عن الإمام مالك أنه كره أن تكون بين الطرفين مواعدة أو عادة، بأن يقول له: ارجع إلي، (المنتقى للباجي 4/288. وانظر مصنف ابن أبي شيبة 6/434 و7/48 و253، ومصنف عبد الرزاق 8/ 232- 233، وسنن البيهقي 5/330، والمحلى 9/14) .

وروي عن الحسن أنه كان يكره أن يأتيك الرجل يساومك بشيء ليس عندك فتقول: ارجع إلي غدا، وأنت تنوي أن تبتاعه له. وعن طاوس. لا تؤامر ولا تواعد. قل: ليس عندي (مصنف عبد الرزاق 8/42) .

فلا يجوز إذن تجزئة العملية إلى جزأين: وعد، وبيع، ثم الاستعانة بإلزامية الوعد بما يؤدي إلى الغرر في البيع أو الربا أو ربح ما لم يضمن أو بيع ما ليس عنده أو أي محظور شرعي آخر.

وقد دافع بعضهم عن أن الإلزام بالوعد في البيع وسائر المعاوضات أولى منه في التبرعات (القرضاوي في كتابه ص 102- 103) ، فقلب بذلك القاعدة الفقهية المعروفة، وهي أن الغرر يغتقر منه في التبرعات ما لا يغتقر في المعاوضات (الصديق الضرير ص521)

ص: 852

مناقشة الرأي القائل بالخيار للعميل والإلزام للمصرف

الدكتور الصديق الضرير شارك في المؤتمر الأول للمصرف الإسلامي بدبي عام 1399هـ، وفي المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي بالكويت عام 1403هـ. وكان من المعارضين لإلزام الطرفين (المصرف، والعميل) بمواعدتهما، ومن المنافحين عن إلزام المصرف دون العميل.

وقد أشرف الدكتور الصديق على رسالة دكتوراة، وتوصل فيها صاحبها، وهو الدكتور أحمد علي عبد الله، إلى ما وصل إليه أستاذه المشرف.

ومن ناحية اعتراض الدكتور الصديق، والدكتور أحمد علي عبد الله، على الإلزام للعميل، يمكن اعتبارهما متفقين مع من يعترض على الإلزام للطرفين، فالحجج تكاد تكون واحدة (لكنها صلحت عندهما لتخيير العميل فقط، لا للطرفين معا) . ولا خلاف لي معهما في هذا الباب. وأشير هنا إلى أن الحكم الصحيح على مثل هذه المرابحة إنما يتوقف بشكل خاص على مدى التمكن من فهم الربا والغرر في الإسلام، والدكتور الصديق هو ممن كانت له عناية خاصة بدراسة الغرر، فقد كان موضوع رسالته للدكتوراة منذ عام 1386هـ- 1967م.

غير أنني لم أفهم كيف ارتضى أستاذنا الصديق إلزام المصرف دون العميل؟ قد يمكن القول بأن المصرف عنده مخير أيضا، لأن إلزامه لا يبدأ حيال العميل إلا بعد شراء السلعة. فإذا أراد ألا يلتزم أمكنه اختيار عدم شراء السلعة. وهذا ما يقرب رأيه من رأي أنصار الخيار للطرفين، وهو الرأي الصحيح المريح عندي.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن إلزام المصرف، حتى عند أنصار إلزام الطرفين، لا يبدأ إلا بعد شراء المصرف للسلعة. ولهذا جعلوها في المرحلة الأولى مواعدة، فالمصرف لا يلتزم بوعده إلا إذا اشترى السلعة، والعميل يلتزم بوعده إذا اشترى المصرف السلعة.

ص: 853

ولكني أرى أن الحكم الشرعي يجب أن يدور ههنا بين تخيير الطرفين معا أو إلزامهما معا، حتى يكونا على قدم المساواة، أي مستويين في الغنم والغرم، فكما تعرض للعميل أسباب تدفعه لعدم إمضاء وعده، فكذلك تعرض للمصرف مثل هذه الأسباب، كتغير سعر السلعة بين تاريخ المواعدة وتاريخ المعاقدة، أو انحراف المصاريف الواقعة عن المتوقعة، مثل مصاريف الشحن والتأمين والجمرك وأسعار صرف العملات، ولذلك لا أرى من الناحية الشرعية إلا وجوب اعتبار الطرفين في حالة خيار لا لزوم. فكيف نلزم المصرف بعد الشراء، ولا نلزم العميل لا قبل الشراء ولا بعده؟

وقد لاحظت أن الدكتور الصديق قد اعتمد على نص كتاب الأم للشافعي في استمداد الخيار للعميل والإلزام للمصرف. مع أن التأمل في نص الأم يفضي إلى خيار الطرفين لا إلى خيار أحدهما دون الآخر (راجع ما كتبته في مجلة المسلم المعاصر، ص184 و188، وأبو غدة ص14) .

قال في الأم 3/33: " ويكونان بالخيار في البيع الآخر، فإن جدداه جاز، وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول فهو مفسوخ ".

الفرق بين المرابحة والوعد بالمرابحة

قد يتساءل: لماذا لجأ بعض الفقهاء المعاصرين إلى تقسيم العملية إلى مرحلتين: مرحلة مواعدة، ومرحلة معاقدة؟ فما دامت المواعدة، عند بعضهم ملزمة، فلماذا لم تنعقد العملية بيعًا منذ البداية؟ فأي فرق بين البيع والوعد بالبيع إذا كان الوعد ملزما؟

الجواب أن المصرف لا يملك السلعة عند المواعدة، وقد لا يستطيع شراءها لسبب أو لآخر، كارتفاع ثمنها أو غير ذلك. لذلك لجأوا إلى المواعدة، وهي حتى لو كانت ملزمة، إلا أنه يجب الانتباه إلى معنى الإلزام عندهم، حتى يلحظ الفرق بين البيع والوعد الملزم بالبيع.

فالمواعدة من جانب المصرف لا تصير ملزمة إلا بعد شرائه السلعة، والمصرف ليس ملزما بشراء السلعة، ولكنه إذا اشتراها صار ملزما ببيعها إلى العميل، سواء كان المذهب إلزام المصرف وحده دون العميل، أو كان المذهب إلزام الطرفين.

كما لجأوا إلى المواعدة (الملزمة) بدل البيع، لأن هناك نصوصا تمنع من بيع ما لا يملك، فاختاروا لفظ " المواعدة " بدل البيع حتى لا يتطابق بيع المرابحة المصرفية مع بيع ما لا يملك، ومع محرمات أخرى (كربح ما لا يضمن وخلافه) فجعلوها مواعدة أولًا على سبيل الهرب المؤقت من لفظ البيع، ثم ملزمة ثانيا على سبيل الرجوع إلى حقيقة البيع.

ص: 854

تناقض بعض الكتاب في أمر المرابحة:

على الكاتب أن يتدبر ما يكتب، والتدبر معناه أن يرد الآخر على الأول، والأول على الآخر أي بأن يذكر في موضع ما قاله في الموضع الآخر، فلا يكون هناك تناقض يترك بلا إزالة.

ففي معرض الدفاع عن المرابحة المصرفية قد يقال لك: إن المصرف يتحمل تبعة الرد بعيب خفي. وفي معرض التطبيق أو الرغبة في التحصن من المخاطر قد يقال لك: إن المصرف يشترط على العميل إبراءه من كل عيب!

وفي معرض التهجم على بعض الكتاب، يقول أحدهم في موضع: إن المشتري مرابحة لا تكون لديه الخبرة في الشراء، ولا القدرة التنظيمية لإتمام عملية الشراء (محمد عبد الحليم عمر ص5) ، ثم يقول في موضع آخر، بعد خمس صفحات فقط:" قيام العميل بتحديد السلعة ومصدرها والسعر المبدئي لشرائها أمر طبيعي، لأنه الذي يحتاج السلعة، وهو أقدر على تحديد مواصفاتها، ويعرف مصادرها، ولديه خبرة بها "(محمد عبد الحليم ص10) .

وقد رأيت من رجاحة عقل الكاتب في تصميم استمارة المرابحة الملحقة بورقته، ما يجعلني أشك في جدية تهجمه المنوه به آنفا. فللكتاب لغات، وعلى القارئ أن يعرف اللغة المختارة للكاتب في التعبير عن موضوع ما، لكي يفهم مقاصده.

كواشف المرابحة (= روائز المرابحة)

بالاعتماد على بحوث العلماء والخلاف الجاري بينهم، قام الدكتور عبد الحميد البعلي في كتابه فقه المرابحة (ص184 – 200) بتصميم استمارة استقصاء لاستبيان مدى جدية بيع المرابحة المطبقة في مختلف المصارف الإسلامية: هل هو بيع حقيقي أم هو بيع صوري هل هو أقرب إلى البيع أم هو أقرب إلى القرض بزيادة؟

ثم طور الدكتور محمد عبد الحليم عمر هذه الاستمارة في ورقته " التفاصيل العملية لعقد المرابحة في النظام المصرفي الإسلامي ".

ويمكن الوقوف على مدى جدية المرابحة من خلال الكواشف (= الروائز) التالية:

- هل المواعدة غير ملزمة للمصرف والعميل، أم ملزمة لهما؟

- وإذا كانت المواعدة ملزمة، فهل ثمن البيع معلوم أم مجهول في مجلس المواعدة؟

- هل المصرف يقبض السلعة من بائعها، أم يقبضها العميل نفسه من البائع مباشرة، بتوكيل أو سواه من الأساليب؟

- هل قائمة حساب (= فاتورة) البيع وسائر الوثائق، كوثيقة الشحن والتأمين، تصدر باسم المصرف أم باسم العميل؟

- إذا كانت السلعة عقارا أو سيارة، فهل تسجل ملكيتها باسم المصرف أولًا، ثم باسم العميل ثانيا، أم تسجل باسم العميل مرة واحدة، لكي لا يدفع إلا رسم تسجيل واحد؟ (حمود: تطبيقات ص16، ومحمد عبد الحليم عمر ص16، وشحادة ص6، 16، 22) .

ص: 855

- هل المصرف يتحمل تبعة الرد بعيب خفي، أم يشترط على العميل براءته من كل عيب؟ (محمد فهيم خان ص23، ومحمد عبد الحليم عمر ص19) .

- إذا ظهر عيب في السلعة، أو سلمها البائع (أو المصدر) ناقصة، أو مختلفة المواصفات؟ (البعلي ص181، وأحمد علي عبد الله ص266) .

- هل هناك فعلا سلعة حقيقية، أم أن السلعة وهمية والمراد فقط هو القرض بمنفعة؟، (محمد فهيم خان ص3) .

- هل المصرف هو الذي يشتري السلعة فعلا، بحيث يكون خبيرًا بالسلعة وأسواقها، ويتصل بالباعة الموردين؟ أم أن هذا العمل يقع على عاتق العميل، فهو الذي يحدد السلعة وبائعها؟ " قارن زاد المعاد لابن القيم 5/816، والبعلي ص103 و163".

- هل المصرف يشتري السلعة لنفسه أم للعميل؟

- هل المصرف يشتري السلعة بنفسه أم يوكل العميل بالشراء؟

- هل المصرف يملك الأجهزة الفنية والإدارية الخبيرة بتجارة السلع، أم أن أجهزته لا تتعدى الأجهزة المعتادة في المصارف الأخرى التي تقوم عملياتها على التمويل والائتمان والمتاجرة بالنقود والديون؟ (القرنشاوي ص7) .

- هل المصرف يشتري السلعة من البائع بدون كفالة عميله أم بكفالة عميله؟ (أبو غدة ص24) .

إذا كان الجواب بالثاني لا بالأول كانت العملية أقرب إلى المراباة منها إلى المرابحة، أو أقرب إلى الحرام منها إلى الحلال. وكلما كثرت الأجوبة بالثاني كانت العملية أقرب إلى الصور والحيل والشكليات الورقية والعكس بالعكس.

ص: 856

حد التباس المرابحة بالمراباة

في ضوء ما ذكرناه في " كواشف المرابحة " كلما كان الجواب بالأول لا بالثاني كان الفرق أوضح بين المرابحة والمراباة، وكلما تزايدت الأجوبة بالثاني غمض الفرق بينهما وتضاءل إلى حد قد يصل إلى التلاشي الكامل.

وربما وصل الأمر إلى ما هو أسوأ من الربا، وذلك في حالات الربا الحرام عن طريق الحيل، فالحيلة لا تحل الربا بل تزيده حرمة، ففي الحيلة معنى الاستهزاء والسخرية، نعوذ بالله.

ولعل هذا الاتجاه الشكلي في الفتوى أو في التطبيق هو الذي كان وراء توجه المصارف الأجنبية إلى المرابحة واستساغتها لها، فهي تضيف على المشتري نسبة إلى الثمن النقدي، لا تختلف كثيرا في المحصلة عن خصم نسبة من الثمن المؤجل، عن البائع.

يقول الدكتور سامي حمود: " تنبهت البنوك الأجنبية إلى صورة بيع المرابحة للآمر بالشراء، وأحدثت صورا من التعامل الذي تتوسط فيه لشراء سلع أو معادن، بالنقد، من طرف، لبيعها إلى طرف آخر بالأجل، بفارق ربح يتوازى مع أسعار الفائدة الرائجة. وقد اجتذبت هذه الطريقة مئات الملايين من أموال البنوك الإسلامية والمستثمرين الإسلاميين، بسبب توافر المواد، وانتظام الأسواق"(حمود: تطبيقات ص11) .

ويقول أريك ترول شولتز: " كما يظهر في التقرير السنوي لسنة 1985م، فإن التجربة العملية للمصرف الإسلامي الدولي الدانماركي، في ضوء أهدافه المزدوجة، قد أثبت أن أي مصرف دانماركي يمكن أن يتعامل بموجب الشريعة الإسلامية تماما "(شولتز ص3) .

وذكر الدكتور منذر قحف " أن عددا من المصرفيين الغربيين الذين شاركوا في ندوة لندن 31/10- 1 / 11/1985م لم يروا فيه (أي في بيع المرابحة) اختلافا عن التمويل الربوي إلا من حيث الشكل (قحف ص8) .

لا ريب أن التحول من الاقتصاد الربوي إلى الاقتصاد الإسلامي أصعب مما يتصوره هؤلاء الغربيون، وهؤلاء الذين يعتقدون أن الأمر لا يحتاج لأكثر من محاولات إضفاء الشرعية على قوانين الغرب وأعرافه وتقاليده، على علم بهذه القوانين والأعراف والتقاليد أو على غير علم بها.

ص: 857

المرابحة الملزمة وسد الذرائع

ظن بعض العلماء أن المرابحة الملزمة حرام فقط عند من يقول بسد الذرائع (القرضاوي في كتابه ص55) .

والحق أن الإمام الشافعي قد صرح في الأم بحرمة الإلزام فيها، مع أنه لا يقول بسد الذرائع في العينة أو بيوع الآجال، كما تقول المالكية (راجع كتب أصول الفقه، سد الذرائع، وما كتبه الأستاذ محمد أبو زهرة في كتابه عن الإمام مالك ص 369، وكتابه الآخر عن الإمام الشافعي".

قال الإمام الشافعي في الأم 3/33: " وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول، فهو مفسوخ من قبل شيئين، أحدهما أنه تبايعا قبل يملكه البائع، والثاني أنه على مخاطرة أنك إن اشتريته على كذا أربحك فيه". والمخاطرة هي الغرر، فقد يتمكن من شرائه بالثمن المحدد أو لا يتمكن.

وهكذا ترى أن المرابحة بوعد ملزم لم تجز لا عند الشافعية الذين يضيقون من مبدأ سد الذرائع، ولا عند المالكية الذين يتوسعون في سد الذرائع (راجع نصوص المذاهب في موضع آخر من هذه الدراسة) .

ص: 858

المرابحة الملزمة والحيل

يتوسع بعض المذاهب، أو بعض الفقهاء، في الأخذ بالحيل الفقهية في المعاملات المالية وغيرها، حتى تشعر أنك أحيانا أمام جملة من الألاعيب والأبواب والمخارج المضحكة والمبكية في آن واحد معا.

ومن أحسن من تصدى لهذه الحيل شيخ الإسلام ابن تيمية في " كتاب إقامة الدليل على إبطال التحليل"، المطبوع مع الفتاوى الكبرى طبعة دار المعرفة، ج3، ص97 –405، وغير المطبوع مع الطبعة السعودية للفتاوى، وكذلك تلميذه ابن القيم في كتابه " إعلام الموقعين "، فإني أرتضي مذهبهما في محاربة الحيل، حفاظا على جمال الشريعة وكمالها، وحفاظا على جدية المسلمين وأصالتهم، ودفعا لهم إلى الابتكار والبعد عن التقليد والتلفيق والدوران في آفاق محدودة.

وقد استشهد بعض أنصار الإلزام بالوعد في المرابحة بحديث التمر ((بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا)) (متفق عليه) ، ورأوا أن الفرق بين (التمر بالتمر) و (التمر بالنقد، ثم النقد بالتمر) مجرد فرق في الصورة (القرضاوي في كتابه ص 44 – 45) .

وهذا غير مسلم، لأن الذي باع الجمع بالدراهم، هو بعد ذلك قد يشتري الجنيب من هذا البائع نفسه أو من غيره. ولو كان ملزما بالشراء من البائع نفسه لأمكنهم القول أنه مجرد فرق في الصورة، ولكن هيهات!

للشريعة مقاصد، وللعقود مقاصد، لابد من الحفاظ عليها. ومقصد العميل من اللجوء إلى المصرف هو الحصول على المال. نعم له غرض بالسلعة المطلوبة، ولكن غرضه يتحقق باللجوء إلى بائعها مباشرة، ولولا حاجته للمال لما لجأ إلى المصرف. والمصرف إذا كان مصرفا فعلا فلا غرض له من التعامل بالسلع، يقبضها حقيقة لإعادة بيعها في زمان آخر أو مكان، كتجار السلع.

ص: 859

المرابحة الملزمة والتلفيق

اعتمد أنصار الإلزام بالوعد في المرابحة على التلفيق بين المذاهب، فاخذوا من الإمام الشافعي مرابحته، وتركوا له خياره، وأخذوا من المالكية وعدهم وتركوا لهم مرابحتهم، فقد رأى المالكية إمكان الإلزام القضائي بالواعد في تعض الحالات، فطبقه أنصار الإلزام على هذه الحالة، فخرجوا بنص فقهي لم يقل به فقيه.

وهذا التلفيق لم يكن من النوع الجائز، لما دخله من اعتراضات شرعية. وإذا شاع التلفيق في عصر ومصر، فلابد من وضع ضوابط له وحدود، وإلا لأمكن بالتدريج، لا سمح الله، استباحة كثير من المكروهات أو المحرمات.

ومعلوم في الشرع أنه قد يجمع بين أمرين، كل منهما جائز على انفراد، ولكن جمعهما حرام. فالسلف (= القرض) منفردا جائز، والبيع كذلك جائز، ولكن لم يجز الجمع بينهما، كما في السنة النبوية، لإفضاء هذا الجمع إلى محظور، وهو أخذ منفعة (= فائدة) السلف من ربح البيع (انظر كتابي: ربا القروض ص22) .

ولم يعترف بعضهم بالتقليد والتلفيق بين المذاهب في هذه المسألة، مع أن ذلك واضح في فتاوى المفتين في المصارف والمؤتمرات وبحوث الباحثين، وقد كان حاضرا هذه الفتاوى والمؤتمرات، وكان من الواضح أن نص الإمام الشافعي قد حذفت من آخره القطعة التي فيها الحرمة الصريحة للإلزام، لتستبدل بها قطعة أخرى من المذهب المالكي فيها الإلزام في موضوع آخر. ولكن الكاتب ذكر أنه يجتهد ولا يقلد، وإن وافق مذهبا في جزء وغيره في جزء آخر (القرضاوي في مقاله ص12) . لاشك أن الاجتهاد في شيء سبق الاجتهاد فيه، إذا وصل صاحبه إلى رأي مخالف، عليه أن يرد على الاجتهادات كلها، ولا يصح تجاوزها وغض النظر عنها.

المرابحة الملزمة وخصم الأوراق التجارية

المرابحة المصرفية اقترحت في الأصل بديلًا لعملية خصم الأوراق التجارية (= الخصم المصرفي)(حمود: تطوير، ط 2، ص430 – 431) والموسوعة العلمية والعملية، 5/498 – 500 و506 و1/28- 29) . ولكنها بالإلزام لا تختلف عن الخصم إلا في أن المال فيها يمنحه المصرف الوسيط إلى الشاري، وفي الخصم إلى البائع. ففي كل منهما ثلاثة أطراف: بائع حقيقي، ومشتر حقيقي، ومصرف وسيط. وقد ذكر أصحاب المرابحة أن هذا الخط التمويلي أو الائتماني يبدأ من المستهلك لا من التاجر. مع ما في هذا من أن العميل قد يكون أيضا تاجرا لا مستهلكًا، وهو الغالب.

وإذا صح أنها تمويل استهلاكي ثلاثي الأطراف، فهي تشبه في الغرب نظام التمويل المعروف بـ" بطاقة الائتمان " credit card، carte de credit وتفصيل هذا في غير هذا الموضع.

وقد حاول بعضهم أن يجيب عن هذا بأن الخصم المصرفي مبادلة نقد بنقد والمرابحة سلعة بنقد (حسن الأمين ص89، وأبو غدة ص.2) . ولكن الناقد قد غفل عن أن تشبيه المرابحة بالخصم يختص بالمرابحة ذات الوعد الملزم، وهي التي تؤول إلى نقد بنقد أكثر منه، والسلعة لغو.

ص: 860

آراء منقحة

الدكتور عبد الستار أبو غدة عضو هيئة الرقابة الشرعية في بيت التمويل الكويتي، والمراقب الشرعي للبنك الإسلامي في الدانمارك، قد انتقد في ورقته " أسلوب المرابحة والجوانب الشرعية التطبيقية في المصارف الإسلامية "، الذين انتقدوا المرابحة المصرفية الملزمة (أي ذات المواعدة الملزمة) . ومع ذلك فقد توصل، بعد صمت طويل، إلى أن " الحقيقة أن زوال الشبهة تماما هو في القول بعدم لزوم الوعد رغم ما يحف بذلك من المخاطر التي لا تخلو عنها طبيعة التجارة؛ وأسلوب المرابحة، أسلوب تجاري، وليس أسلوبا مصرفيا للتمويل دون مخاطر"(أبو غدة ص14) . فيستفاد من كلامه:

1 – أن رأيه بعدم لزوم الوعد.

2-

وأن ذلك فيه مخاطر، ولكن هذا من شأن التجارة، والمرابحة منها.

3 – المرابحة الجائزة ليست أسلوبا مصرفيا للتمويل على المضمون، بل هي أسلوب تجاري من شأنه أن يعرض الآخذ به للمخاطرة.

ولكن لفظ " تماما " قد يفهم منه أن لزوم الوعد فيه شبهة، ولا بأس عنده بالعمل به مع بعض الشبهة، وأن عدم اللزوم يصفي العملية من كل شبهة.

والأستاذ مصطفى الزرقا كان من بين العلماء الذين اشتركوا في المؤتمر الأول للمصرف الإسلامي الذي انعقد في دبي في الفترة 23- 25 جمادى الآخرة 1399هـ (= 20-22مايو 1979م) ، ووافق على الإلزام في المرابحة. وأكد موافقته هذه في ورقته عن " المصارف "(ص12- 13)(وانظر أيضا كتاب قراءات في الاقتصاد الإسلامي ص 336 حيث أعيد فيه طبع الورقة نفسها؛ وانظر الفتاوى الشرعية لبيت التمويل الكويتي ص 71) .

ص: 861

غير أنه كتب مؤخرا في مجلة المجتمع الكويتي (العدد 843لعام 1408هـ = 1987م) أن " الأمر الذي يمكن أن يلام عليه القائمون على هذه المؤسسات الإسلامية الهامة هو أخذهم بطريق جانبي في إدارة الأعمال الاستثمارية وتركهم للطريق الرئيسي والطبيعي. وأعني بذلك أنه عندما تأسست " بيوت الاستثمار" كان أمامها طريقان: أن تنزل إلى السوق وتنفذ مشاريعها الاستثمارية بصورة مباشرة، فتدير أعمالها بنفسها، أو بالمشاركة في مؤسسات تجارية عاملة في مجالات التجارة والصناعة، وهو الطريق الرئيسي المطلوب منها، والطريق الجانبي هو " المرابحة " (

) لقد بدأت " بيوت الاستثمار" بالطريق الأول الطبيعي، وهو الاستثمار المباشر، لكنها ما لبثت أن انحرفت عنه إلى طريق المرابحة، والسبب في ذلك أن القائمين على بعض تلك البيوت الاستثمارية لا يريدون تحمل مسؤوليات العمل الاستثماري في السوق. فالمرابحة طريقة مريحة للبنك، وتتم في المكاتب وعلى المناضد المريحة، وبدون مشقة، فالعميل يحدد المصدر وجهة الشراء، ووظيفة البنك الشراء، وممارسة الأعمال الورقية المكتبية (....) ما تفعله بعض بيوت الاستثمار أنها تختصر العقدين في عقد واحد، بل ويطلبون من العميل التوقيع على وثيقة تلزمه بتحمل جميع المسؤوليات والمصاريف بل وحتى التأمين على البضاعة. فهذا الاختصار الذي أرادوا به الراحة وعدم تحمل المشقة أوقعهم في ملاحظات شرعية وانتقاد من العملاء الذين شكك بعضهم بالفرق بين هذا الأسلوب في المرابحة وبين ما تفعله البنوك الربوية العادية (ص27) .

وتعليقا على كلام الأستاذ الزرقا نقول:

1-

إن بعض الفقهاء أيضا مسؤولون، لأن القائمين على أمر المصارف إذا رأوا أن ما يفتي به هؤلاء الفقهاء هو مجرد حيل، فإنهم يرون من الجدية أن ينفذوا الأمر بلا حيلة ولا تطويل ولا كلفة.

2-

اعتبر الأستاذ الزرقاء أن المرابحة طريق ثانوي (جانبي) ولو جازت.

3-

اعتبر التوسع فيها انحرافا عن الجادة.

4 – رأى أن المرابحة أعمال مكتبية ورقية مريحة.

5 – ذكر أن العميل هو الذي يحدد جهة الشراء (المورد) .

6 – يختصر أحيانا الطريق، فيجعل عقدان في عقد.

7 – قد يوقع العميل وثيقة تلزمه بتحمل كل المسؤوليات.

8 – ربما يعتبر هذا الكلام تنقيحا لرأيه السابق. فقد كان من الضروري أن يبين المفتي درجة ثقته بفتواه، وشروط تطبيقها، ومكانة العملية في سلم المصالح (المرابحة بالنسبة للقراض أو الشركة) .

وأخيرا يبدو أن الدكتور على أحمد السالوس كان تحفظ على الإلزام مع المتحفظين في المؤتمر الأول للمصرف الإسلامي بدبي. ولكنه اليوم عضو هيئة الرقابة الشرعية في مصرف قطر الإسلامي التي أفتت بجواز الإلزام، ولا أدري إن كان رجع عن رأيه.

ص: 862

المصرف الإسلامي هل هو وسيط مالي يتاجر بالنقود والديون أم هو تاجر سلع؟

عن قصد أو غير قصد، لم يتعرض المفتون وكثير من الدارسين لهوية المصرف الإسلامي، هل هو وسيط مالي يتاجر بالنقود والقروض، ويتجنب المتاجرة بالسلعة كالبضائع والعقارات وغيرها، أم هو تاجر سلع يتجنب المتاجرة بالنقود والقروض. فالمصارف (الربوية) كما بين الدكتور جمال الدين عطية تحل الربا لنفسها وتحرم البيع (مجلة الأمة، العدد 56 لعام 1405 هـ، ص46)، أما المصارف الإسلامية فهي تحرم الربا على نفسها وتحل البيع كقوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [سورة البقرة 275] .

وتنص النظم المصرفية على أن المصارف لا يجوز لها شراء العقارات بقصد بيعها، وإذا آل إليها عقار، فعليها التصرف به خلال مدة قصيرة، سنتين أو ثلاث على الأكثر. كما تحظر على المصارف العمل بتجارة الجملة أو التجزئة، أو بالاستيراد أو التصدير (انظر على سبيل المثال المادة 10 من نظام مراقبة البنوك في المملكة العربية السعودية) .

والظاهر أن المصارف الإسلامية تتأرجح بين البيع وسواه، فتود البيع ولكن من دون تحمل أعبائه؛ وتحاول اجتناب الربا، ولكن دون الدخول في عمق البيع. وترى في كتابة البعض تأرجحًا مماثلًا بين اعتبار المصرف الإسلامي بائع سلع، أو وسيطا ماليا أو بيت تمويل (القرضاوي في كتابه ص110) .

ولاشك أن إطلاق لفظ المصرف أو بيت التمويل على أي منشأة إنما يفيد معنى معروفا هو الاقتراض والإقراض والمتاجرة بالقرض والنقود، عن طريق عمليات الائتمان والمصارفة.

فكلما جنح المصرف الإسلامي نحو حقيقة البيع كان أقرب إلى تاجر السلع، ولا معنى لإطلاق لفظ المصرف عليه، وكلما جنح نحو صورة البيع كان أقرب إلى تاجر القروض والنقود، أي إلى المصرف معنى ولفظًا.

ولو تفكر العلماء في هذا لسهلت عليهم الفتوى فيما بعد، ولصدروا في كل جزئية عن هذه الكلية، عن هذه الهوية، ولما كان لكل فتوى هوية (قحف ص6) .

الخاتمة

1 – بيع المرابحة بالمعنى الفقهي المنقول في كتب الفقه القديم جائز عند جمهور الفقهاء، ولا نأخذ فيه بقول من قال أنه ربا، أو إنه بيع أعاجم، أو أن المساومة أفضل منه، فلكل دور. وربح البائع فيه يكون في مقابل خبرته وجهده ووقته ومخاطرته. والحكمة من هذا البيع هي أن المشتري قد يكون جاهلا بالسلع وأثمانها، وله ثقة بخبرة البائع مرابحة وأمانة، ويفضل أن يشتري بناء على أمانة البائع، لا بناء على مساومته ومماكسته.

2 – بيع المرابحة للآمر بالشراء في المصارف الإسلامية يقوم على شراء المصرف سلعة بطلب عميله، بثمن معجل، ومن ثم بيعها إليه بثمن مؤجل، وذلك بناء على مواعدة بينهما، ملزمة في بعض المصارف، وغير ملزمة في مصارف أخرى. وفي كل الأحوال لا تكون ملزمة للمصرف إلا إذا اشترى المصرف السلعة.

ص: 863

3 – يحتل بيع المرابحة للآمر بالشراء، في المصارف الإسلامية، مكانة مهمة إذا ما قورن بعمليات المشاركة والقراض، حتى إن بعض المصارف تكاد تقصر عملياتها التمويلية عليه. وذلك لأن مال المصرف فيه يكون مضمونا بأصله وربحه معا، في صورة تدفقات نقدية معلومة المبالغ والآجال مسبقا.

4 – عبارة " بيع المرابحة للآمر بالشراء " أفضل منها عبارة " بيع المرابحة للواعد بالشراء "، لأن لفظ " الآمر " يفيد أن المصرف مأمور، أي كأنه وكيل مأجور، أو يفيد على الأقل أن الطرفين (المصرف والعميل) ملزمان، في حين أن بعض المصارف لا تلزم العميل.

وقد يمكن تسمية العملية أيضًا " مواعدة على المرابحة "، سواء كانت المواعدة ملزمة بعد ذلك أو غير ملزمة.

5 – لا يحسن أن يكون المصرف وكيلا للآمر بأجر، خشية اجتماع الإجارة والقرض، لأن المصرف يقبض أجرة الوكالة مع كونه مقرضا، وقد ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف)) ، والإجارة ضرب من البيع (بيع المنافع) .

وذلك لما في هذا من فتح الذريعة لأخذ منفعة السلفة من ربح البيع.

6 – لبيع المرابحة للآمر بالشراء، في نظر أنصاره مزايا. فبالإضافة إلى ما ذكر من مزايا الضمان للأصل والعائد، والمعلومية المسبقة للتدفقات النقدية لأقساط استرداد التمويل، هناك أيضا بعض العمليات التي لا يمكن تمويلها بطريق القراض أو المضاربة، حيث لا يكون ثمة ربح يتم الاشتراك فيه، أو حيث لا تمكن الشركة، مثل عمليات القطاع العام؛ أو حيث لا تراد الشركة.

7 – هناك فروق بين المرابحة بمفهومها الفقهي المنقول في كبت الفقه القديم، والمرابحة بمفهومها المصرفي الإسلامي الحديث، وقد بينا هذه الفروق في فصل خاص.

8 – المرابحة في المصارف الإسلامية غالبا ما تكون مرابحة مؤجلة، لا حالة ومن الجائز عند جمهور الفقهاء أن يكون الثمن المؤجل أعلى من الثمن الحالي، وقد برهنت على صحة هذا الرأي وقوته في مقالي " الحسم الزمني في الإسلام " عام 1405هـ، ثم زدته تفصيلا وتوثيقا في مقالي " القول الفصل في بيع الأجل" عام 1406هـ، لمواجهة من قال إن زيادة الثمن الآجل على العاجل ربا محرم، ثم بسطته في كتابي " الربا والحسم الزمني " عام 1406هـ، ولدي الآن صيغة منقحة ومزيدة بالمعلومات والمراجع، أرجو نشرها قريبا.

فلا شك عندي نقلًا ولا عقلًا في جواز أن يكون الثمن المؤجل أعلى من المعجل، وهذا مهم لطمأنة إدارة المصارف الإسلامية وعملائها والمتعاملين معها من مودعين ومساهمين.

ص: 864

9 – ولكن جواز الفرق بين الثمن المؤجل والمعجل لا يجوز الاستناد إليه لتمرير بعض الحيل الربوية، مثل بيع العينة، أو ما يماثله من حيل تستند إلى الحلال وصولا إلى الحرام.

والعينة هي أن يبيعه شيئا بثمن مؤجل، ثم يشتريه منه بثمن معجل، وهي عند الفقهاء جميعًا حرام ديانة إذا كانت نية المتعاملين الحيلة الربوية، وحرام قضاء عند الفقهاء الذين سدوا الذرائع. وسد الذرائع ثابت بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد منع بيع الذهب بالذهب بفضل ونساء كي يسد الطريق على المقرضين بالربا أن يلجأوا إلى مثل هذا البيع. كما منع بيع الذهب بالفضة نساء، كي يسد الذريعة إلى عقد القرض بالذهب يرد بالفضة، أو بالعكس، لا سيما وأن منفعة الذهب والفضة واحدة، فكلاهما نقد. كما ثبت سد الذرائع بحديث النهي عن بيع وسلف، كي لا يتوصل إلى منفعة السلف من ربح البيع. وهناك نصوص شرعية أخرى، لكننا اخترنا ما هو مفيد في هذا السياق.

ومن المحتمل جدا أن يلجأ المرابون إلى البيع لتحقيق أغراضهم، فقد حرم الله الربا وأحل البيع. وقد يصبح جواز الفرق بين الثمنين المؤجل والمعجل مرتعًا لأهل العينة للوصول إلى مآربهم الربوية.

ولهذا يجب التنبه إلى الفرق بين بيوع الأجل وبيوع الآجال، فبيوع الأجل جائزة، ولو بثمن مختلف باختلاف الأجل، أما بيوع الآجال فهي بيوع مختلفة الآجال تتقابل وتتعاكس لتصبح السلعة فيها لغوا، وليخلص أصحابها إلى مقصودهم وهو القرض بزيادة.

لقد توسعت في هذا دفعا لما رأيته من التباس في أذهان البعض.

10 – المرابحة في المصارف الإسلامية تختلف صورها من مصرف إلى آخر، باختلاف إدارته وهيئة الرقابة الشرعية فيه. فهي بيع جاد في بعض المصارف، وصوري في مصارف أخرى، وبينهما درجات.

ص: 865

11-

المرابحة المصرفية ليست عملية مستحدثه كما ذكر البعض. وقد سبق لي أن أشرت إلى هذا في مقالي حول الموضوع بمجلة المسلم المعاصر عام 1402هـ، ثم في مجلة الأمة القطرية عام 1406 هـ، كما أشار إلى هذا عدد من الباحثين، منهم الدكتور أحمد علي عبد الله في رسالته للدكتوراه عن " المرابحة " عام 1407هـ.

وقد ضربت، في هذه الورقة، عددا من الأمثلة على قِدم هذه العملية، من التاريخ القديم والحديث، مثل نظام المرابحة المطبق في العهد العثماني، والمرابحة في كتاب متأخري الحنفية، كابن عابدين في حاشيته وعقوده الدرية، والشيباني النحلاوي في درره المباحة.

12-

المرابحة المصرفية إذا كانت المواعدة فيها ملزمة فهي غير جائزة بإجماع المذاهب الأربعة، ولا نعلم لها مخالفا. وقد ذكرنا نصوصا في الموضوع من كل مذهب من المذاهب المذكورة.

13 – بينا عددًا من الأدلة على عدم جواز الإلزام بالمواعدة في المرابحة، لما في هذا الإلزام من محظورات شرعية وعقلية تترتب عليه.

14-

توسع بعض العلماء المعاصرين في الأخذ بالمواعدة أولًا، ثم في الإلزام بها ثانيا، حتى صارت حلًا سحريا لعدد من المشكلات والقضايا القانونية المعاصرة، كالتأمين والإجارة التمويلية والمصارفة وسندات المقارضة والمرابحة.. إلخ. فوجب إفراد دراسات مستقلة لهذه المواعدة وتطبيقاتها الحديثة، فما هو موجود منها حتى الآن لا يشفي غليل الباحث.

15 – استند بعض العلماء المعاصرين إلى مذهب المالكية في الوعد متى يكون ملزمًا قضاء، وذلك لتجويز المواعدة في المرابحة، هذا والمالكية أنفسهم قد بحثوا هذه المرابحة ولم يجيزوا فيها الإلزام. فلا يصح طرد قاعدة الإلزام في الوعد حتى لو سلمنا بمذهب الإلزام به في الجملة.

16 – زعم بعض الباحثين المعاصرين أن الإلزام بالوعد في المعاوضات أولى من الإلزام به في التبرعات، فكان في هذا خروج على أحكام الغرر وقواعده، منها قاعدة الغرر يغتفر منه في التبرعات ما لا يغتفر منه في المعاوضات.

17-

الأستاذ الدكتور الصديق الضرير، والدكتور أحمد علي عبد الله، يريان جواز إلزام المصرف بوعده، إذا اشترى السلعة، دون العميل. وقد بينت أوجه مخالفتي لهذا الرأي، في موضعها من هذه الورقة، ورأيت أن أستاذنا الكريم الدكتور الصديق قد بنى رأيه على نص كتاب الأم للشافعي، فأخذ منه جواز الإلزام للمصرف والخيار للعميل، وإني أختلف معه في هذا النص الذي فهمت منه ضرورة الخيار لكل منهما.

ص: 866

18 – بينت الفرق بين المرابحة والوعد بالمرابحة إذا كان ملزمًا أي بينت لماذا لجأ بعض العلماء المعاصرين إلى تقسيم العملية إلى مواعدة ثم مرابحة.

19 – بينت أيضا تناقض بعض الكتاب في أمر المرابحة. فهنا يقولون لك: " إن المصرف يتحمل تبعة الرد بعيب خفى "، وهناك يقولون لك:" إن المصرف يشترط على العميل إبراءه من كل عيب "!.

وفي موضع يقولون " إن العميل ليست لديه الخبرة في الشراء، ولا القدرة التنظيمية والإدارية عليه ". وفي موضع آخر " إن العميل هو الذي يحدد السلعة وبائعها وثمنها، لأنه أكثر خبرة وقدره "!.

20-

وضعت بالاستناد إلى دراساتي ودراسات الباحثين السابقة رائزًا (= كاشفًا) للمرابحة على صورة أسئلة لاختبار مدى جدية المرابحة أو صوريتها.

ومن فوائد هذا الرائز أنه يجمع الفتاوى المشتتة في مشهد شامل، للوقوف على اتجاهها الكلي، وتجميع جزئياتها، واستخراج كوامنها.

21-

ذكرت أمثلة وشواهد على الحالات التي لا يكاد يرى فيها الفرق بين المرابحة والمراباة.

22-

أوضحت، خلافًا للبعض، أن المواعدة الملزمة في المرابحة لا تجوز لا عند الفقهاء المتوسعين في الذرائع، ولا عند غيرهم.

23-

تغلب الحيل على بعض صور المرابحة، والحيل من الأمور الفقهية الدقيقة، وهي أوضح ما تكون دراسة لدى شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.

وقد استدل بعضهم بحديث التمر، ولم ير فرقًا بين (التمر بالتمر) و (التمر بالنقد، ثم النقد بالتمر) إلا في الصورة. وقد دفعت هذا التوهم بأن من يشتري التمر بالنقد ليس ملزما بعد ذلك بالشراء من البائع نفسه، ولو كان ملزما أو مقيدا بذلك لأمكن الاستدلال للحيلة بهذا الحديث.

24-

يجب ألا يغيب عن البال في كل فتوى وبحث مقاصد الشريعة ومقاصد العقود، ولا يجوز بحال تفريغ الشريعة من جوهرها، ولا العقود من مقاصدها، ولا المعاملات من روحها.

ص: 867

25 – ليس التلفيق جائزًا في كل حال. وقبل استمراء التلفيق، يحسن وضع ضوابط وقواعد لهذا التلفيق. ومن البدهي أن العلماء الجديرين بوضع هذه الضوابط والقواعد ليسوا علماء التلفيق أنفسهم، بل هم علماء الاجتهاد والابتكار والأفق العلمي الواسع.

ولا يجوز التلفيق أولًا، ثم الادعاء لتصحيحه بأن هذا الرأي مبنى على اجتهاد مطلق.

26 – المواعدة الملزمة في المرابحة تجعل العملية غير مختلفة عن عملية خصم الأوراق التجارية لدى المصارف. فالمرابحة مبلغ يزيده المصرف على الشاري، والخصم مبلغ يقتطعه المصرف من البائع، الأول ربا والثاني حطيطة.

27 – ربما تكشف لبعض علماء العصر ما في الإلزام بالمواعدة من آثار سلبية، فجعلتهم يبدون وساوسهم وشكوكهم، فسجلوا تراجعا ولو جزئيا عن آرائهم.

28 – من المهم جدا لاستقامة الفتوى والبحث أن تحدد أولًا هوية المصرف الإسلامي هل هو تاجر سلع أم هو تاحر نقود وديون (= وسيط مالي) ؟

يبدو أن وضع المصرف في نظر الكثير من المفتين والباحثين: بين بين، فلا هو وسيط مالي تماما فلا يختلف إذن عن غيره، ولا هو تاجر سلع تماما فتنتفي عنه صفة المصرف بالمرة: عيني ببيع السلع، ولا أقدم عليه، إقدام على البيع شرعا، وإحجام عنه تطبيقا.. هذا هو سر التأرجح! (قارن زاد المعاد لابن القيم 5/816، وفقه المرابحة للبعلي ص103 و163) .

29-

والخلاصة أنني من الناحية الشرعية مع العلماء الذين قالوا بالخيار لكل من المصرف والعميل، وهم الشيخ عبد العزيز بن باز، والدكتور محمد سليمان الأشقر، ومن لحق بهذا الرأي مؤخرًا، تمامًا أو على تردد، ومن هو على هذا الرأي ولكنه لم ينشره، أو لم يجد مناسبة لنشره.

30 – أن خدمة الاقتصاد الإسلامي لا تكون إلا من طريق الأصالة والابتكار وكد الذهن، ولا تكون إلا من طريق الحلال المؤيد بكل أداة قوية من أدوات الاستدلال.

لقد توسعت في الخاتمة، عسى لضيق الأوقات أن لا يقرأ بعضهم من هذه الورقة غيرها.

وهذا ما بلغ العلم القاصر، وفوق كل ذي علم عليم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

د/ رفيق يونس المصري

ص: 868

المراجع

- ابن أبي شيبة: المصنف في الأحاديث والآثار، الدار السلفية، بومباي (الهند) ، ط1، 1400هـ = 1980م.

- ابن تيمية: الفتاوى الكبرى، دار المعرفة، بيروت، د. ت.

- ابن جزي: القوانين الفقهية، عالم الفكر، القاهرة، ط1، 1975م.

- ابن حجر: فتح الباري شرح صحيح البخاري، طبعة رئاسة إدارات البحوث، الرياض، د. ت.

- ابن حزم: المحلى، دار الآفاق الجديدة، بيروت، د. ت.

- ابن رشد (الحفيد) : بداية المجتهد ونهاية المقتصد، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، د. ت.

- ابن رشد (الجد) : المقدمات، دار صادر، بيروت، د. ت.

- ابن عابدين: حاشية رد المحتار على الدر المختار، دار الفكر، بيروت، 1399هـ =1979 م.

- ابن عابدين: العقود الدرية، دارا لمعرفة، بيروت، ط2، د. ت.

- ابن عبد السلام: قواعد الأحكام في مصالح الأنام، تعليق طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، ط2، 1400هـ = 1980 م.

- ابن قدامة: المغنى مع الشرح الكبير، دار الكتاب العربي، بيروت 1392هـ = 1972م.

- ابن القيم: إعلام الموقعين، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، ط1، 1374 هـ = 1955م.

- ابن القيم: زاد المعاد في هدي خير العباد. تحقيق شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط3، 1402هـ = 1982م.

ص: 869

- ابن القيم: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، تحقيق محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت.

- الباجي: المنتقى شرح موطأ الإمام مالك، دار الكتاب العربي، بيروت، د. ت.

- البيهقي: السنن الكبرى، دار الفكر، بيروت، د. ت.

- أبو عبيد: الأموال، تحقيق محمد حامد الفقي، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، 1353 هـ.

- الخرشي: الخرشي على مختصر خليل، دار صادر، بيروت، د. ت.

- الدسوقي: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، دار الفكر، بيروت، د. ت.

- الشافعي: الأم، طبعة دار الشعب، القاهرة، د. ت.

- الشيباني النحلاوي: الدرر المباحة في الحظر والإباحة.

- الشربيني: مغنى المحتاج، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، 1374 هـ = 1955م.

- عبد الرزاق: المصنف، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمى، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1403هـ = 1983م.

- العيني: البناية في شرح الهداية، دار الفكر، بيروت، ط1، 1401 هـ = 1981م

- الفيروز آبادي: بصائر ذوى التمييز في لطائف الكتاب العزيز، المكتبة العلمية، بيروت، د. ت.

- مالك: الموطأ، تعليق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، د. ت.

ص: 870

مراجع أخرى

- أبو زهرة: الشافعي، دار الفكر العربي، القاهرة، د. ت.

- أبو زهرة: مالك، دار الفكر العربي، القاهرة، 1978 م.

- خاطر (محمد) : جهاد في رفع بلوى الربا، بدون ناشر، وبدون تاريخ.

- الزرقا (مصطفى) : المصارف، مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، جامعة الملك عبد العزيز، جدة، 1404هـ. ومنشور أيضا في كتاب " قراءات في الاقتصاد الإسلامي "، مركز النشر العلمي، جامعة الملك عبد العزيز، جدة، ط1، 1407 هـ = 1987 م.

- الزرقا (مصطفى) : نظام التأمين، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1404 هـ.

- السنهوري (عبد الرزاق) : مصادر الحق في الفقه الإسلامي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت.

- صادر (يوسف) : مجموعة القوانين، بيروت. 1929 م.

- الضرير (الصديق محمد الأمين) : الغرر وأثره في العقود، بدون ناشر، القاهرة، ط1، 1386هـ = 1967 م.

- المصري (رفيق يونس) : الحسم الزمني في الإسلام، مجلة المال والاقتصاد، بنك فيصل الإسلامي السوداني، الخرطوم، العدد 2، لعام 1405هـ = 1985 م.

- المصري (رفيق يونس) : الربا والحسم الزمني في الاقتصاد الإسلامي، دار حافظ، جدة، ط2 –1، 1406هـ = 1986 م.

- المصري (رفيق يونس) : ربا القروض وأدلة تحريمه، مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، جامعة الملك عبد العزيز، جدة،1408هـ.

- المصري (رفيق يونس) : القول الفصل في بيع الأجل، مجلة الأمة القطرية، العدد 66 لعام 1406 هـ= 1986 م.

- مؤسسة النقد العربي السعودي: نظام مراقبة البنوك، صدر بموجب المرسوم الملكي رقم م /5 وتاريخ 22 / 2/ 1368 هـ، الرياض.

- الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، ج 5 الشرعي، القاهرة، ط1، 1402 هـ = 1982م.

ص: 871

مراجع في بيع المرابحة للآمر بالشراء

(قائمة مرتبة زمنيا)

- سامي حسن حمود: تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية القاهرة، ط1، 1396 هـ.

- رفيق يونس المصري: كشف الغطاء عن بيع المرابحة للآمر بالشراء، في مجلة المسلم المعاصر، العدد 32، لعام 1402 هـ.

- حسن عبد الله الأمين: الاستثمار اللاربوي في نطاق عقد المرابحة، ورقة مقدمة إلى المؤتمر الثاني للاقتصاد الإسلامي، المنعقد في إسلام آباد 19- 23 آذار (مارس) 1983 م، ومنشورة في مجلة المسلم المعاصر، العدد 35، لعام 1403هـ.

- محمد سليمان الأشقر: بيع المرابحة كما تجريه البنوك الإسلامية، ورقة مقدمة إلى المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي، المنعقد في الكويت (بيت التمويل الكويتي) 6 – 8 جمادى الآخرة 1403هـ = 21- 23 آذار (مارس) 1983م، ومنشورة لدى مكتبة الفلاح، الكويت، ط1، 1404هـ = 1984 م.

- عبد الرحمن عبد الخالق: شرعية المعاملات التي تقوم بها البنوك الإسلامية المعاصرة، مجلة الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، العدد 59، لعام 1403 هـ.

- سامي حسن حمود: رد على نقد حول بيع المرابحة للآمر بالشراء، في مجلة المسلم المعاصر،. العدد 36 لعام 1403 هـ.

- عبد الحميد البعلى: فقه المرابحة، نشر الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، د. ت. ثم نشر موسعا بعنوان " فقه المرابحة في التطبيق الاقتصادي المعاصر"، نشر السلام العالمية للطبع والنشر والتوزيع، القاهرة، د. ت.

ص: 872

- بدر عبد الله المطوع: المرابحة في البنوك الإسلامية ومناقشة وضعها على ضوء الأدلة، دون ناشر ولا تاريخ.

- يوسف القرضاوي: بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية، دار القلم، الكويت، 1404 هـ.

- عبد الله العبادي: المرابحة والفوارق الأساسية بينها وبين السلم، مجلة منار الإسلام، العدد 6 لعام 1405هـ.

- رفيق يونس المصري: بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية، في مجلة الأمة القطرية، العدد 61 لعام 1406 هـ، وصحيفة " المسلمون " العدد 37 لعام 1406 هـ.

- يوسف القرضاوي: بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية، في مجلة الأمة القطرية، العدد 64 لعام 1406 هـ، وصحيفة " المسلمون " العدد 54 لعام 1406هـ.

- محمد الشحات الجندي: عقد المرابحة بين الفقه الإسلامي والتعامل المصرفي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1406هـ.

- أحمد علي عبد الله: المرابحة أصولها وأحكامها وتطبيقاتها في المصارف الإسلامية (رسالة دكتوراة بإشراف الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير) ، الدار السودانية للكتب الخرطوم، ط1، 1407 هـ = 1987 م.

- أوراق ندوة استراتيجية الاستثمار في البنوك الإسلامية، بالتعاون بين المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب (البنك الإسلامي للتنمية) ، المنعقدة خلال المؤتمر السنوي السادس للمجمع الملكي في الفترة 22 – 25شوال 1407هـ = 18 – 21 حزيران (يونيو) 1987م، في عمان (المملكة الأردنية الهاشمية) :

* حاتم القرنشاوي: الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لتطبيق عقد المرابحة.

* محمد فهيم خان: تطبيق عقد المرابحة في البنوك التجارية في باكستان.

* موسى شحادة: تجربة البنك الإسلامي الأردني.

* ايريك ترول شولتز: تجربة البنك الإسلامي في الدانمارك.

* شوقي إسماعيل شحاتة: تجربة بنوك فيصل الإسلامية، عقد المرابحة.

* محمد عبد الحليم عمر: التفاصيل العملية لعقد المرابحة في النظام المصرفي الإسلامي (مع استمارة استقصاء) .

* إسماعيل عبد الرحيم شلبي: الجوانب القانونية لتطبيق عقد المرابحة.

* أوصاف أحمد: الأهمية النسبية لطرق التمويل المختلفة في النظام المصرفي الإسلامي.

* سامي حسن حمود: تطبيقات بيوع المرابحة للآمر بالشراء.

* عبد الستار أبو غدة: أسلوب المرابحة والجوانب الشرعية التطبيقية في المصارف الإسلامية.

* منذر قحف: تعليق على الورقة السابقة.

ص: 873