المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأصل التجاريإعدادالدكتور – محمود شمام - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الخامس

- ‌حول تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور حسان حتحوت

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادمعالي الدكتور محمد علي البار

- ‌تنظيم النسل أو تحديدهفيالفقه الإسلاميإعدادالأستاذ الدكتور حسن على الشاذلي

- ‌تنظيم النسل ورأي الدين فيهإعدادالدكتور/ محمد سيد طنطاوي

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور علي أحمد السالوس

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ د. الطيب سلامة

- ‌رأي في تنظيم العائلةوتحديد النسلإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌مسألة تحديد النسلإعدادالدكتور محمد القري بن عيد

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالدكتور مصطفى كمال التارزي

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالشيخ رجب بيوض التميمي

- ‌تناسل المسلمينبين التحديد والتنظيمإعدادالدكتور أحمد محمد جمال

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ محمد بن عبد الرحمن

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالأستاذ تجاني صابون محمد

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالحاج عبد الرحمن باه

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادالشيخ الشريف محمد عبد القادر

- ‌تحديد النسل وتنظيمهإعدادالشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌تنظيم النسل وتحديدهإعدادأونج حاج عبد الحميد بن باكل

- ‌تحديد النسلإعدادالشيخ محمد علي عبد الله

- ‌تنظيم النسل وتحديده فيالإسلامإعدادالدكتور دوكوري أبو بكر

- ‌تنظيم الأسرةفي المجتمع الإسلاميالاتحاد العالمي لتنظيم الوالديةإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

- ‌تنظيم النسلوثيقة من المجلس الإسلامي الأعلىبالجمهورية الجزائرية

- ‌قوة الوعد الملزمةفي الشريعة والقانونإعدادالدكتورمحمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌الوفاء بالوعدإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌الوفاء بالوعدإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الوفاء بالوعدفي الفقه الإسلاميتحرير النقول ومراعاة الاصطلاحإعدادالدكتور نزيه كمال حماد

- ‌الوفاء بالوعدإعداد الأستاذ الدكتور يوسف قرضاوي

- ‌الوفاء بالوعد وحكم الإلزام بهإعدادالشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌الوفاء بالوعد في الفقه الإسلاميبقلمالشيخ هارون خليف جيلي

- ‌الوفاء بالعهد وإنجاز الوعدإعدادفضيلة الشيخ الحاج عبد الرحمن باه

- ‌الوفاء بالوعدإعدادالشيخ شيت محمد الثاني

- ‌المرابحة للآمر بالشراءبيع المواعدةالمرابحة في المصارف الإسلاميةوحديث ((لا تبع ما ليس عندك))إعدادالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌المرابحة للآمر بالشراءإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌المرابحة للآمر بالشراءدراسة مقارنةإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌المرابحة للآمر بالشراءنظرات في التطبيق العمليإعدادالدكتور علي أحمد السالوس

- ‌بيع المرابحة للآمر بالشراءإعدادالدكتور سامي حسن محمود

- ‌نظرة شمولية لطبيعة بيعالمرابحة للآمر بالشراءإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌بيع المرابحة للآمر بالشراءفي المصارف الإسلاميةإعداددكتور رفيق يونس المصري

- ‌نظرة إلى عقدالمرابحة للآمر بالشراءإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌بيع المرابحة في الإصطلاح الشرعيوآراء الفقهاء المتقدمينفيهإعدادالشيخ محمد عبده عمر

- ‌بحث السيد إيريك ترول شولتزعندراسة تطبيقية: تجربة البنك الإسلامي في الدنمارك

- ‌بحث الدكتورأوصاف أحمدعنالأهمية النسبية لطرق التمويل المختلفة في النظام المصرفيالإسلامي

- ‌تغير قيمة العملة في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور عجيل جاسم النشيمي

- ‌النقود وتقلب قيمة العملةإعدادد. محمد سليمان الأشقر

- ‌تغير قيمة العملةإعدادأ0 د يوسف محمود قاسم

- ‌أثر تغير قيمة النقود في الحقوق والالتزاماتإعدادد. على أحمد السالوس

- ‌تغير العملة الورقيةإعدادالدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌تذبذب قيمة النقود الورقيةوأثره على الحقوق والالتزاماتعلى ضوء قواعد الفقه الإسلامي

- ‌تغيير قيمة العملةإعدادالشيخ محمد على التسخيري

- ‌موقف الشريعة الإسلامية منربط الحقوق والالتزامات المؤجلة بمستوى الأسعارإعدادعبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌مسألة تغير قيمة العملةوربطها بقائمة الأسعارإعدادالدكتور محمد تقي العثماني

- ‌المعاملات الإسلامية وتغيير العملةقيمة وعينًاإعدادالشيخ/ محمد الحاج الناصر

- ‌تغير قيمة العملةإعدادالشيخ محمد علي عبد الله

- ‌تغير قيمة العملة والأحكامالمتعلقة فيها في فقه الشريعة الإسلاميةإعدادالشيخ محمد عبده عمر

- ‌بيع الاسم التجاريإعدادالدكتور عجيل جاسم النشمي

- ‌بيع الحقوق المجردةإعدادالشيخ محمد تقي العثماني

- ‌بيع الاسم التجاري والترخيصإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌الحقوق المعنوية:حق الإبداع العلمي وحق الاسم التجاريطبيعتهما وحكم شرائهماإعدادالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌بيع الأصل التجاري وحكمهفي الشريعة الإسلاميةإعدادالشيخ مصطفى كمال التارزي

- ‌الأصل التجاريإعدادالدكتور – محمود شمام

- ‌الحقوق المعنويةبيع الاسم التجاري والترخيصإعدادالدكتور عبد الحليم محمود الجنديوالشيخ عبد العزيز محمد عيسى

- ‌الفقه الإسلامي والحقوق المعنويةإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌حول الحقوق المعنوية وإمكان بيعهاإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌بيع الاسم التجاري والترخيصإعدادالدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌التأجير المنتهي بالتمليكوالصور المشروعة فيهإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌الإيجار المنتهي بالتمليكإعدادالدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌الإيجار الذي ينتهي بالتمليكإعدادالشيخ عبد الله الشيخ المحفوظ بن بيه

- ‌الإجارة بشرط التمليك - والوفاء بالوعدإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌التأجير المنتهي بالتمليكإعدادالدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌تحديد أرباح التجارإعدادالشيخ محمد المختار السلامي

- ‌تحديد أرباح التجارإعدادالدكتور يوسف القرضاوي

- ‌مسألة تحديد الأسعارإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌بحثتحديد أرباح التجارإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌تحديد أرباح التجارإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌العرفإعدادالشيخ خليل محيى الدين الميس

- ‌ موضوع العرف

- ‌العرفإعدادالشيخ كمال الدين جعيط

- ‌نظرية العرف في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور إبراهيم فاضل الدبو

- ‌العرفإعدادالدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد

- ‌العرف بين الفقه والتطبيقإعدادد. عمر سليمان الأشقر

- ‌العرف (بحث فقهي مقارن)إعدادالدكتور محمد جبر الألفي

- ‌العرف في الفقه الإسلاميإعدادالدكتور إبراهيم كافي دونمز

- ‌العرف بين الفقه والتطبيقإعدادمحمود شمام

- ‌العرف ودوره في عملية الاستنباطإعدادالشيخ محمد علي التسخيري

- ‌العرفإعدادالدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌منزلة العرف في التشريع الإسلاميإعدادالشيخ محمد عبده عمر

- ‌تطبيق أحكام الشريعة الإسلاميةإعدادأ. د. عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان

- ‌أفكار وآراء للعرض:المواجهة بين الشريعة والعلمنةإعدادالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌تطبيق الشريعةإعدادالدكتور صالح بن حميد

الفصل: ‌الأصل التجاريإعدادالدكتور – محمود شمام

‌الأصل التجاري

إعداد

الدكتور – محمود شمام

الرئيس الشرفي لمحكمة التعقيب

الأستاذ المحاضر بالجامعة الزيتونية

عضو المجلس الإسلامي الأعلى

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحابه والتابعين.

الأصل التجاري

في الدورة الرابعة للمجمع الفقهي الإسلامي صدر القرار رقم 7 في شأن الاسم التجاري، والترخيص بتأجيل النظر فيه إلى الدورة الخامسة.

وجاء في المذكرة الموجهة إلينا من الأمانة العامة الإشارة إلى إدراج هذا الموضوع تحت عنوان عام يشمل الحقوق كافة مع إمكانية التركيز على فقرة بعينها من مشمولات العنوان العام.

وتبعا لذلك ونظرا لما درجت عليه غالب البلاد الإسلامية والعربية في شأن محلات التجارة بها من نظام خاص بطرح مشكلة التصرف في المحلات المستأجرة وحقوق التبقية بها رغم إرادة المالك ورغم العقد والشروط.

واستجابة للرغبة الملحة في كشف الغطاء عن هذا الموضوع وإجلاء أثره وبيان فروعه فقد خصصت دراستي هذه المختصرة لجانب واضح مستقل يشمله العنوان العام وهو فرع من فروعه، وفي شرحه وإيضاحه وبيان حقيقته إمكان لتصور صحيح، ثم للحكم طبق أصول ديننا الحنيف ومقاصد شريعتنا الإسلامية السمحة.

متى ظهرت فكرة الملكية التجارية؟

تتفق كل القوانين المدنية على أن الإيجار لأي محل ينتهي بمجرد انتهاء مدته الاتفاقية المعينة في العقد من طرفيه.

يقول الفصل 791 من المدونة التونسية: " ينتهي الكراء بمجرد انتهاء مدته المشروطة بين المتعاقدين وبدون احتياج إلى تنبيه من أحدهما على الأخر ".

وهذه القاعدة هي نتيجة حتمية لاحترام حق الملكية واحترام حرية التعاقد، فالمالك حر في كراء عقاره لمن شاء وبأي ثمن أراد ولأية مدة يوافق عليها وتنال رضاه وهو حر في استرجاع محله عند انتهاء المدة المتفق عليها وهو حر في استعماله لفائدته الخاصة أو بإيجاره للغير وهو غير مكلف وغير مطالب برعاية مصالح المستأجر الخارج وما قد يلحقه من ضرر وخسارة بسبب تركه للمكري وخروجه منه.

ثم إنه حر في تجديد الإيجار لهذا المكتري الخارج وإعادة التعاقد معه بمعين جديد ومدة أخرى معينة ومحددة ينتهي الإيجار بانتهائها.

كل ذلك لأن حرية الملكية الفردية وواجب الوفاء بالعقود واحترام الشروط من المبادئ الأساسية والأخلاقية التي يجب احترامها والوقوف عند حدودها.

ص: 1986

ونظرا لتفاقم الأزمة المتعلقة بالمحلات وتبلور حق الملكية التجارية لحماية مجهود التاجر الذي استأجر محلا وأعطاه من ماله وعرق جبينه ومجهوده الشيء الكثير فأنشأ به أشياء مادية كالأثاث والمواعين والموازين والثلاجات والمقاعد وكون به أمورا معنوية كالدعاية والإشهار وجلب الحرفاء وترسيخ اللون التجاري المميز والسمعة الطيبة الحسنة.

وما كونه التاجر هكذا وصرفه من أموال ومجهودات لا يمكن هدره والقضاء عليه بمجرد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقي وإصرار المالك على التمسك بحقه كاملا اعتمادا على أنما يتفق عليه الطرفان يقوم مقام القانون بينهما ويجب الوفاء به وتنفيذه.

ولزم حينئذ حماية للتاجر وحفظا لما كونه إصدار قانون يحميه ويقيه ويحفظ عليه حقوقه بأن يخول له حق البقاء بالمحل والتصرف فيه مقابل كراء مناسب اتفاقي أو معين من طرف القاضي خاصة، وإن غالب التجار لا يملكون المحلات التي يمارسون بها تجارتهم، بل يستأجرونها من مالكيها ويضعون بها بضاعتهم ولوازم عملهم التجاري، والتاجر يفضل أن يضم رأس ماله في شراء البضائع وإعداد محل تجارية إعدادا لائقا على أن يشتري العقار بما يملك من مال.

وقد عرف التاريخ القديم كثيرا من الشعوب اشتهرت بالتجارة بحرية وبرية فكانوا وسطاء بين الشرق والغرب لنقل البضائع والاتجار فيها.

ومن بين هذه الشعوب الفينيقيون واليونانيون والقرطاجنيون وأهل رودس والإسكندرية ومرسيليا.

وقد تأثرت القوانين بذلك كما فعل حمورابي في القانون المعروف باسمه والذي وضعه سنة 2083 قبل الميلاد.

وأما الرومان فلم يكترثوا بأمور التجارة لأنهم ينظرون إليها نظرة احتقار، ومع ذلك فقد توجد عندهم بعض القوانين المتعلقة بالتجارة بأنواعها كافة على نطاق واسع وقد اتصلوا بالأمم المجاورة وتكونت عندهم أعراف تجارية خاصة كانت بمثابة القانون.

يقول الأستاذ رزق الله أنطاكي في كتابة " الحقوق التجارية البرية ".

" والتجارة لم تتقدم تقدما محسوسا إلا مع الحروب الصليبية التي أفادت في توسيع وتوحيد العلاقات التجارية بين الشرق والغرب خاصة بين سكان المدن الإيطالية كالبندقية وجنوه وفلورانس والبلاد العربية، فنشأت عن هذه العلاقات قواعد اعتبرت سنة لمحترفي التجارة ودخلت فيما بعد في تشريع معظم الدول.

ومما تجدر ملاحظته شبه احتكار الأعمال التجارية في القرون الوسطى من قبل اليهود لاعتبارات شتي أهمها محاربة تعاليم الكنيسة المسيحية لهذه الأعمال لما تضمنته من فكرة الربح الزائد الشبيه بالربا وحرمان اليهود من تملك غير المنقول ومن تسلم الوظائف العامة ".

(انتهى) .

ص: 1987

والبلاد التونسية مارست في أوائل القرن الثاني عشر الهجري نوعا من هذا التصرف الجبري المعبر عنه بوجوب تجديد الكراء أو حتى التبقية في محلات التجارة وذلك من خلال ما عرف بخلو النصبة التي يتحدث عنها ويصفها العالم الفقيه الشيخ محمد السنوسي الحفيد قائلا (1) .

" وأما خلو النصبة فهو ملك الخلو بوضع الآلة والموازين والطواحين مما تم به عمارة الربع وتبقى به يد المكتري بالكراء الدائم.

والأصل فيه أن غرباء الوافدين على البلاد كانوا إذا اكترى أحدهم حانوتا بغير عمارة وأنفق عليه ما يحتاجه من الخزائن وآلة الصناعة والموازين وأراد المالك أو ناظر الوقف إخراجه بعد انقضاء أمد الكراء تشكي من خسارة ما استكمل به عمارة المحل، حيث إن المالكين وناظري الأوقاف لم يجعلوا لحوانيتهم ما يلزم للصناعة المعد لها الحانوت مع كونهم أكروه لإقامة تلك الصنائع وتحمل المكترون مصاريف ذلك، ووقع الحكم بأن المكتري إذا كان على تلك الصفة ووضع ما يلزم للعمارة بإذن المالك فلا يصح إخراجه إلا أن يقبل المالك بتلك الموضوعات بدون خسارة وإلا فيبقى المكتري بكرائه متمتعا بخلوه، وبما يجحف بالمالكين من تعويض مصاريف الموضوعات اضطروا لإبقائهم فتصرف المكترون بأنفسهم وأكروا لغيرهم وباعوا مكانهم على أن لا يأخذ المالك إلا مقدار الكراء وما زاد عليه يبقى لصاحب العمارة.

وتسمى هذه العمارة في مثل حوانيت العطارين بتونس - نصبة – وفي مثل حوانيت السوقة من باعة الزيت والخبز والصابون – راغلة – وفي مثل الطواحين – عدة -.

وبتطاول الأعصار وارتفاع الأسعار جرى عمل البلاد على ذلك وتقررت به أملاك لها بال في سائر أنحاء البلاد حيث تعتبر فيها التبقية.

(1) كتاب مطالع الدارري بتوجيه النظر الشرعي على القانون العقاري: ص 162. طبع المطبعة التونسية الرسمية. سنة 1305 هـ

ص: 1988

وقد كان بعض الحكام التونسيين من ذوى الفتوى أراد إلزام المتملكين بالنصبة أن يؤدوا كراء المثل بعد تغير الأعصار وارتفاع الأسعار ومس الدولة من ذلك نصب بشغب المتملكين للنصبة ملكا دخلوا عليه وعلى بقائه على حالته، ودفعوا فيه أموالا على نسبة ذلك. وافضى الحال إلى أخذ المسألة بطريق سياسي ودخلت للمجالس العدلية مدة انتصابها بتونس وصدر حكم المجلس الأكبر بإبقاء المالكين على ما ملكوا نظرا لكونهم في الحالة الراهنة اشتروا النصبة بمال لا يدفع مثله في مثلها لو كانت خارج المحل وغاية ما بقى للمالكين الأصليين هو أن بعضهم ينتظرون خروج النصبة من الحانوت حتى ينتهزوا فرصة طلب رفع اليد عن خالص ملكهم ".انتهى.

وقد عالج المقنن التونسي هذه الحالة وتعرض لها منذ قرن بالمادة 991 من المدونة المدنية فقال:

" النصبة حق الاستقرار بدكان ونحوه مما هو معد لصناعة أو تجارة يلتزم المكتري بأن تؤدي للمالك في مقابلته كراء معينا لا يتغير ويستقر هذا الحق للمكتري بإدخال الألة ومواعين خدمته للمحل ويدوم ما دامت تلك الأدوات والمواعين ".

لكن لشدة هذا الحق وقسوته فقد جعله القانون قاصرا على العقود السابقة والإيجارات المتقدمة عنه وحذفه وأبطله فيما يعقد بعدها فقال في المادة 994.

" الفصول السابقة لا تنطبق إلا على النصب المتقدم تاريخها على عام 1280هـ/1863م ".

ومن هنا يمكن أن نقول أن خلو النصبة هي عين الأصل التجاري الذي مارسته فيما بعد البلاد الأوروبية وضبطته بقوانينها وعنها أخذنا ما وضعناه من قوانين حاليا في هذا الموضوع.

وذلك لأن شذاذا من طائفة معروفة بالتجارة نزحت إلى تكلم البلاد الأوروبية والأمريكية وعمرت محلات تجارتها بالمواعين والآلات والدعايات وهي لا تملك العقارات، وإنما تصرفت فيها على وجه الكراء فسعت إلى وضع قوانين تحمي أعمالها وتكون لها حقوقا تقف في وجه المالكين من سكان البلاد وتحد من تصرفهم المطلق في منافع أملاكهم.

وحينئذ فالمشكل الذي يطرح نفسه للنقد والفحص والدرس ثم الحل هو أن ما عبر عنه بخلو النصبة قديما – وجرى به العمل مدة ما بتونس وبعد حذفه وإلغائه رجع العمل به تحت عنوان الأصل التجاري – هل هو حلال يستقيم أمره ويتماشى مع قواعد الشرع العزيز ومقاصده السامية؟

وهل يمكن للمستأجر الذي التزم بأن يبارح المحل في تاريخ معين أن يتمسك اعتمادا على القانون بحق التجديد والتمديد الوجوبي ويبقى بالمكري رغم إرادة المالك الذي عاقده وعاهده واتفق معه على شروط التزم كل منهما بالوفاء بها والوقوف عند حدها.

مع العلم بأن القوانين الوضعية المعمول بها في غالب البلاد تلغي كل شرط مخالف وتمكن صاحب الأصل التجاري من حق البقاء والتبقية بالمكرى وتخضع الطرفين المتعاقدين إلى العمل بما جاء به وحدده القانون في هذا الشأن عوضا عما اتفقا عليه والتزما به من شروط وآجال.

ومن الأفضل حينئذ إعطاء بسطة وجيزة تشرح الموضوع كما نسقه ووضعه المقننون حتى نتصوره تصورا واضحا ثم نحكم عليه بعد ذلك، والحكم على الشيء فرع عن تصوره.

ص: 1989

ما هو الأصل التجاري؟

الأصل التجاري هو أداة عمل التجار مثلما أن الآلات أداة عمل المصانع.

وهو من الماديات الملموسة المحسوسة تكون ووجد وتطور مع الزمن ليصبح فكرة قانونية موضوعية تبلورت فيها وجود العناصر المعنوية وضخامة أمرها وأهميتها.

فالسمعة التجارية والحرفاء هما جوهر فكرة الأصل التجاري وأهم أركانه ومقوماته ومميزاته.

وكل عنصر من العناصر المادية أو المعنوية المختلفة التي يتركب منها الأصل التجاري له قيمته الذاتية.

وعند اجتماع العناصر كافة وتألفها، فإنه تتألف وتتكون منها مجموعة موحدة متجانسة هي الأصل التجاري الذي تفوق قيمته الاقتصادية مجموعة القيم الذاتية للعناصر المختلفة.

ولذا، فهو ينعت بأنه مجموعة من الأموال المنقولة المادية والمعنوية تألفت ورتبت بقصد استغلال مشروع تجاري.

والأصل التجاري وحدة قائمة بذاتها لها كيان مستقل عن المقومات التي تتكون منها عناصره.

وهو لا يكون إلا مع توفر الصفة التجارية للنشاط المباشر كما أن صفة التاجر لا تكتسب إلا مع ممارسة النشاط التجاري على وجه الاحتراف.

ص: 1990

يقول بعض شراح القانون في الموضوع (1) .

" والمحل التجاري هو المجموعة القانونية لمقومات متجر أو مصنع، وهذه المقومات منها ما هو غير مادي ومنها ما هو مادي، والمقومات المادية هي:

العنوان والاسم التجاري والحق في الإجارة والاتصال بالعملاء والسمعة التجارية والرخص وبراءات الاختراع والعلامات التجارية والرسوم والنماذج الصناعية، وعلى وجه العموم كافة حقوق الملكية الصناعية والأدبية والفنية المرتبطة بالمحل التجاري.

والمقومات المادية هي المهمات والبضائع، ويقصد بالمهمات الأثاث التجاري والآلات وجميع المنقولات المادية التي تستعمل في استغلال المحل.

ويقصد بالبضائع جميع المنقولات المادية المعدة للبيع.

وفكرة اعتبار المحل التجاري مجموعة أو وحدة قائمة بذاتها لها كيان مستقل عن المقومات التي يتكون منها إنما هي فكرة حديثة أوحت بها الحاجة إلى إيجاد الوسيلة التشريعية التي يمكن بها أن يكون المحل التجاري بجميع مقوماته محلا للتصرفات القانونية كالبيع والرهن ".انتهى.

هذا وقد سبق التشيع الفرنسي بقية التشريعات الأوروبية في التكييف الحديث لفكرة الأصل التجاري وهو – تقريبا – أول تنظيم قانوني شامل لأهم العمليات التي ترد على الأصل التجاري (2) .

فالقانون الفرنسي المؤرخ في 17 مارس 1909 م الذي أدخلت عليه عدة تعديلات ومنه استمد المقنن التونسي أحكام الملكية التجارية 26 أكتوبر 1926 م وعدة قوانين أخرى، آخرها قانون ماي 1977 م، وقد نص فصلاه الأول والثاني على اكتساب المستأجر لحق تجديد الإيجار وجوبا بشرط وجود عقدة كراء واستعمال المكري في استغلال أصل تجاري وتواصل هذا الاستغلال مدة عامين اثنين بدون انقطاع.

(1) د. علي حسن يونس: في كتابه المحل التجاري: ص 341

(2)

أول قانون أصدره المقنن الفرنسي هو القانون الصادر في 28 فيفري 1872 م الذي فرض ضريبة على بيع المحال التجارية. كذلك صدر قانون غرة مارس 1898 م، وقد أضاف إلى المادة 2075 من القانون المدني فقرة جديدة توجب أن يقيد رهن المحل التجاري في سجل عمومي. ثم صدر قانون 17مارس 1909م الذي وقع تنقيحه عدة مرات. وقد تأثر المقنن المصري بذلك فأصدر القانون رقم 1940 م الذي تكلم على بيع المحل التجاري ورهنه وذكر العناصر التي تدخل في تكوين المحل التجاري.

ص: 1991

طبيعة الأصل التجاري

بما أن الفكرة نشأت عن التعامل بين التجار فمختلف العناصر التي من شأنها جلب الحرفاء يجب تجميعها للحصول على قيمة تفوق مجموع القيم الذاتية لكل عنصر من العناصر على حدة، ورغم ذلك لا يتكون من هذا المجموع وحدة قانونية قائمة الذات لأن المقنن لم يعدد العناصر ولم يحصها، ولأن مالك الأصل غير ملزم بالإبقاء على وحدة العناصر المتركبة منها فله أن يفرقها عن بعضها بعضا وأن يبيع كل عنصر على حدة لأشخاص متباينين ومختلفين.

وعليه يجب بيان أن تكون مجموعة من العناصر المختلفة المادية المعنوية يمكن أن يشكل شيئا معينا قائما بذاته.

ومجرد كون هذه العناصر يجمع بينها عمل مشترك هو الاستغلال التجاري، وغاية معينة هي تكوين حرفاء دائمين وجلب الوفرة الوافرة منهم لا يكفي في حد ذاته لاستخلاص الطبيعة القانونية لهذا المجموع الواحد الذي هو المحل التجاري أو الأصل التجاري.

وقد اختلفت الآراء وتباينت النظريات بحثا عن التكييف القانوني، فانقسم أصحاب الرأي إلى قسمين اثنين: قسم يهتم باجتماع العناصر المتألف منها الأصل التجاري ويعتبره مجموعا واحدا، والقسم الآخر يعتمد طبيعة العناصر المتكون منها الأصل التجاري لاعتباره حق ملكية معنوية ومنقولة.

ونفس القسم الأول ينقسم على نفسه إلى فرعين: أحدهما يرى في الأصل التجاري مجموعا قانونيا تتكون منه ذمة مالية مخصصة للاستغلال التجاري ومنفصلة عن ذمة التاجر صاحب الأصل التجاري، ولا وجود لشخصية قانونية يقوم عليا هذا المجموع القانوني، واجتماع العناصر المتباينة لهدف واحد يكون في حد ذاته وفي داخله ذمة مالية باعتبار التخصيص الموحد.

ويترتب على ذلك أن مالك الأصل التجاري مخصص لدفع ما عليه من الديون بحيث إن أصحاب هذه الديون يقدمون على الدائنين الشخصيين للتاجر صاحب الأصل التجاري.

لكن هذه النظرية منتقدة لأنها عمليا وتطبيقا تتعارض مع بعض المبادئ الأساسية، ومن ذلك أن إحالة الأصل التجاري لا تقتضي حتما إحالة الحقوق والديون، كما أن انتقال ملكية الأصل التجاري بسبب الإرث تكون صبرة واحدة من مجموع المخلف من التركة.

وإذا كان الأصل التجاري مكونا في نطاق شركة، فإنه يصبح من مقومات الذمة المالية للشركة.

ص: 1992

والمدونة المدنية التونسية بفصلها 1623، جعلت للمدين دفعة واحدة فمكسبه ضمان لغرمائه ليتحاصصوا ثمنها مع اعتبار الأسباب القانونية في تقديم بعضهم على بعض.

أما الفرع الثاني، فهو يعتبر الأصل التجاري مجموعا واقعيا من الأموال، أي وجود تلاحم وتآلف فعليين بين عناصر يشد بعضها بعضا رباط اقتصادي ناتج عن الهدف المشترك. وكل عنصر يحتفظ بذاتيته ولا يندمج في ذمة مالية خاصة وبذلك تستبعد فكرة الحقوق والديون الخاصة بالأصل التجاري وضمانها يكون عاما متفقا مع نظرية المادة 1623 السابق ذكرها، أي أن مكاسب المدين ضمان لغرمائه ليتحاصصوا ثمنها بينهم مع اعتبار الأسباب القانونية في تقدم بعضهم على بعض.

كما أن مشتري الًاصل التجاري لا ينتفع بما للأصل التجاري من ديون على الغير ولا يتحمل بما عليه من الديون.

وإذا اعتبرنا أن العناصر يمكن تفكيكها وبيعها على انفراد حسب إرادة مالك الأصل التجاري، فلا وجه حينئذ لمإذا لا يكون الأصل التجاري موضوع عمليات قانونية على أساس نظرية الفرع الثاني.

أما القسم الثاني الذي يعتمد طبيعة العناصر المتكون منها الأصل التجاري لاعتباره حق ملكية معنوية من طبيعة منقولة فهو يقرر:

تستعمل كلمة: ملكية الأصل التجاري، للدلالة على ما اكسبه التاجر من حق على التجارة التي يمارسها أي النشاط الذي يقوم به في ميدان التجارة إذ لا يكون هناك أصل تجاري إلا مع ممارسة الأعمال التجارية.

فإذا كان هناك حق ملكية، فلها طبيعة خاصة لأنها نتيجة نشاط أِشبه ما يكون بالابتكار الذهني والإبداع الفني كالاختراع تماما.

ص: 1993

وهذا النشاط الخلاق الذي يبذله التاجر ويجتهد في وضع أسسه يفضي إلى تكوين مختلف عناصر الاستغلال التجاري، ثم ربطها ببعضها وتكوين لحملة جامعة بينها تدفع إلى الأنصار في ذاتية أو مجموعة قائمة الذات.

وهذه الخصائص تكسب الأصل التجاري طبيعة معنوية شبيهة بالملكية الأدبية والفنية أو ببراءات الاختراع التي لا ترتكز على أساس مادي وهي ثمرة نشاط ذهني فكري يوجهه العقل والإلهام والعطاء الفطري.

فإذا استغلت هذه الخصائص أصبحت لها قيمة رائجة ورابحة بفضل ما لها من قدرة على جلب الحرفاء والإبقاء عليهم ودفعهم إلى الشراء والتعامل شأنها في ذلك شأن الأصل التجاري مع فارق، وهي أن هذا يتكون من مجموع عناصر تتضافر قدراتها على جلب الحرفاء وشدهم برباط أخلاقي رفيع إلى المتجر والمقصود به والتزود بما يقدمه من بضاعة، واجتناب غيره من المتاجر حتى ولو كانت تقدم بضاعة أفضل منه.

ومثل جميع الملكيات المعنوية، فإن الأصل التجاري لا يختص بصورة عامة جميلة بالحق في الحرفاء، ولكن يشمل مجموعة من مختلف الحقوق ألف بينها التاجر الذي كونها وأنشأها واحتفظ بها بفضل ممارسة واستغلال تجاري يقوم على أسس متينة صحيحة باعتبار أن الأصل التجاري هو ملكية معنوية متفقة مع الطبيعة المعنوية للعناصر الجوهرية التي يتأتى مها وتتركب من مجموعها دعائمه وأسسه.

وهذه الملكية المعنوية ينبغي اعتبارها من طبيعة منقولة وبالتالي فإن الأصل التجاري يخضع للنظام القانوني الخاص بالأموال المنقولة. فإذا أوصى شخص بكل أمواله المنقولة فإن الأصل التجاري يدخل في الوصية ويحسب في الثلث من المخلف.

ولما كان هذا المنقول معنويا فإن قاعدة الحيازة سند الملكية لا تنطبق عليه لأنها تتعلق بالمنقولات المادية.

وكذلك إذا حصل بيع الأصل التجاري مرتين لشخصين على التعاقب فإن حيازته لا تصلح للاحتجاج بنقل الملكية وربما كانت الأفضلية لصاحب العقد الأسبق تاريخا ثابتا.

ص: 1994

عناصر الأصل التجاري

يتركب الأصل التجاري من عدة عناصر مادية وأخرى معنوية تختلف كما وكيفا لطبيعة أهميتها وتأثيرها على جلب الحرفاء ودفعهم للشراء والاقتناء باستعمال طرق مختلفة مركزة على حسن المعاملات ورفعة الاستقبال، الأمر الذي تتكون معه السمعة التجارية للمحل التجاري.

وقد جاء القانون التونسي، وهو لا يختلف عن غيره من القوانين ناصا على عناصر الأصل التجاري المعنوية والمادية، وهي الحرفاء والسمعة التجارية وعنوان المحل والاسم التجاري والحق في الإجارة، وحقوق الملكية الصناعية، وحقوق الملكية الأدبية، والفنية.

الحرفاء والسمعة التجارية:

عنصر الاتصال بالحرفاء عنصر جوهري يتوقف على وجوده أو زواله وجود الأصل التجاري.

فعنصر الحرفاء أو ما يطلق عليه السمعة التجارية لا يعتبر جزءا من الأصل التجاري، بل كاد أن يكون هو الأصل التجاري نفسه.

فالمتجر والأصل يضمحل إذا كانت مجموعة الأمور تشتمل على عناصر مادية ومعنوية مهما كثرت عددا وقيمة إذا لم تتضمن عنصر الاتصال بالحرفاء وشدهم إلى المحل وإنشاء السمعة التجارية لدى العملاء.

وعنصر الحرفاء أو العملاء، هو استقرار بعض الناس وارتباطهم في معاملاتهم مع تاجر معين، لما تبعثه صفاته الشخصية ومعاملاته الذاتية من ثقة واطمئنان وشعور بالفرح.

أما السمعة التجارية، فهي صفة ملتصقة بذات المتجر الذي قد يكتسب سمعة تجارية حسنة وجالبة ومغرية بسبب موقعه مثلا أو بسبب ما يوفره لقصاده من إمكانيات. ولقد جمع المقنن التونسي العبارتين في فقرة واحدة ملاحظا بذلك الرابطة الوثيقة بين الأمرين.

وفعلا فإنه يصعب من الجهة القانونية فصلهما عن بعضهما لأنهما يتضمنان مجموع الحرفاء الدائمين والعابرين ومواصفات المحل ومميزاته، كل ذلك يقدر بالإضافة إلى رقم الأعمال وتقدم إحالته عند البيع.

فهذا العنصر يمكن أن يعبر عنه بالحق في الحرفاء، وهؤلاء غير ملزمين طبعا بالتعامل مع محل تجاري بعينه ولا يكون تاجر حق على أي حريف في التعامل معه. ولكن ما نشأ من ترابط واستمرار التردد على المحل للشراء والاقتناء والتعود تلقائيا على ذلك التعامل جعل كل ذلك عنصرا مهما عند البيع والإحالة والتقدير، ودفع بالمقنن لحماية هذا العنصر حماية قانونية نظرا لتأثره الكبير من الناحية الاقتصادية على التجارة والتجار وحسن المعاملة بين التاجر والحريف وارتباط كل واحد بصاحبه بل وحتى على استقرار الأسعار وجودة السلع وإتقان الصناعة.

وكل سعي للانحراف بالحريف عن مساره الطبيعي ومحاولة جلبه إلى محل آخر غير المحل الذي تعود عليه وتحويله عنه قد يكون مزاحمة غير مشروعة ومحرمة وقد يترتب عن ذلك التعويض طبق أحكام القانون المدني.

ص: 1995

الحق في الإجارة:

هذا العنصر الذي دفع بنا إلى دراسة هذا الموضوع بكامله موضوع الأصل التجاري أو المحل التجاري، ومحاولة إماطة اللثام عنه وشرحه حتى يمكن الحكم عليه في ضوء معطيات واضحة وجلية.

إن التاجر الذي يملك الأصل التجاري، إما أن يكون مالكا للمحل الذي يتعاطى به تجارته ويدعو إليه الحرفاء ويسعى لجلبهم للشراء من عنده في ذلك المحل، إما أن يكون يتعاطى تجارته في غير دكان ولا عقار، ولا إشكال في الصورتين لأنهما خارجتان عن موضوعنا.

وإما أن يكون قد استأجر محلا لتعاطي التجارة به من مالك أجنبي عنه بموجب عقد كراء لمدة معينة وبشروط متفق عليها مقدما.

وعقد الإيجار يحدد الطرفان مدته ابتداء وانتهاء حسب كتب الاتفاق.

تقول المادة 791 من القانون المدني التونسي:

" ينتهي الكراء بمجرد انتهاء مدته المشروطة بين المتعاقدين ".

إلا أن قانون الملك التجاري التونسي جاء مخصصا لأحكام القانون المدني العام في شأن إيجار المحلات التجارية وتمديد مدة هذا الإيجار وتجددها بشروط وقيود عينها ألغت إرادة الطرفين وجعلت اشتراط خروج المستأجر عند انتهاء المدة شرطا لا به يعمل ولا عليه يعول ولا ينفذ.

فقد جعل القانون أن بيع المحل التجاري أو إحالته يشمل وجوبا الإيجار كعنصر من العناصر رضي بذلك المالك أم أبى. أحب أم كره وجعل أن تمديد مدة الإيجار موكول للقضاء بعد الاختبار بوساطة أهل المعرفة وبشروط معينة لتقدير المعين المناسب.

والمالك إذا أصر على رفض تمديد الإيجار فالقانون يوجب عليه دفع غرامة باهظة، فقد تفوق ثمن العقار نفسه.

وهذه الغرامة تعرف بغرامة الحرمان يقع تقديرها بإجراءات خاصة لا فائدة من التبسط في شأنها هنا.

وما يوجد بالقانون التونسي – الذي جعلناه مثلا – له نظير في القوانين الأخرى المعمول بها الآن والتي وضعت لحماية حقوق التجار وصونها.

وما يوجد بهذه القوانين جاء متحديا لاحترام الشروط وواجب الوفاء بالعقود.

ص: 1996

الخلاصة

والخلاصة بعد هذه البسطة التي قدمناها يمكن لنا استخلاص ما يلي:

1-

وجود حق لصاحب العقار يقابله حق لمن استأجر منه محله بعنوان الاتجار فيه ثم وجود عقد يحدد علاقة الطرفين ويضع لها شروطا.

2-

وجود إشكال حول إنهاء مدة العقد بإرادة الطرفين نظرا لأن المستأجر أدخل على المحل عناصر جديدة بحكم عرف تجارته ودواعي عمله ودافع المزاحمة التجارية وعوامل الربح.

وقد تكونت عادات وأعراف في هذا الموضوع، كان من الواجب احترامها والالتفات إليها عند تحديد علاقة الطرفين واجتناب خسارة أي واحد منهما.

واتضح أن بعض فقهائنا استند إلى العرف في جواز الإبقاء على المستأجر بمحل التجارة الذي كونه رغم انتهاء المدة باعتبار أن المتعاقدين دخلا على هذا التمديد بحكم العرف الجاري به العمل.

3-

لكن بقيت مشكلة أخرى، وهي إذا ألغى الطرفان صراحة ما اقتضاه العرف وجاءت به العادة وعينا لأنفسهما أجلا لانتهاء الإجارة واتفقا على إنهاء العقد بالخلو له وخرج المستأجر من المحل وتسليمه إلى صاحبه.

فالقاعدة الفقهية تجعل الناس عند شروطهم، ولا يوجد فقيه واحد يخالف في ذلك، ولا يوجد فقيه يقول بأن العرف يبطل الشرط الصريح، فالعرف لا يعمل إلا إذا حمل الطرفان على أنهما اتبعاه وارتضياه وإلا فلا عمل له.

والقوانين الوضعية تجعل هذا الشرط لاغيا لا نفاذ له، وتحكم بحق البقاء للمستأجر بالمحل رغم وجود الشرط.

4-

وعليه فالمقترح هو ما يلي:

(أ) إعمال العرف التجاري، وتنفيذ القانون عند عدم وجود شرط صريح فاسخ ينهي ويجبر التاجر على مبارحة المكري.

(ب) السماح لصاحب العقار بأن يجهزه ويعده، كما يجب للتجارة، ثم يؤجر الأصل التجاري لأية مدة يتفق عليها مع المستأجر وبأي معين يحدداه وعند انتهاء المدة يكون المالك مخيرا بين تجديد العقد أو إنهائه.

والقانون مع سماحة بكراء الأصل التجاري، فإنه لا يسمح بذلك إلا بعد تكونه ومضي مدة معينة على ذلك.

(ج) السماح للطرفين بالإجارة لمدة معينة ينتهي العقد بانتهائها، ويبارح المستأجر المكون دون أخذ أية غرامة، ولو كان هو الذي أعد المحل للتجارة وهيأه وجهزه لذلك.

لكن على شرط أن تكون مدة العقد طويلة بحيث يمكن للمستأجر أن يستغل ما أنفقه في التجهيز والدعاية وجلب الحرفاء، واستفاد من رأس ماله الذي قدمه ويستحب أن لا تقل المدة عن عشرة أعوام مثلا، ومعلوم أن دفع المضرة يسمح بمثل هذه الشروط.

هذه بسطة في هذا الموضوع المعقد.

ومعذرة عن الحرج الذي قد تلحقه بالمطالع هذه اللغة القانونية الجافة وصعوبة أدائها للمقصود.

وفقنا الله لما فيه الصواب والسلام عليكم.

الدكتور محمود شمام

ص: 1997