الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نظرة شمولية لطبيعة بيع
المرابحة للآمر بالشراء
إعداد
الدكتور عبد السلام داود العبادي
مدير عام مؤسسة إدارة تنمية أموال الأيتام
وعضو مجمع الفقه الإسلامي عن الأردن
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه ومن اقتدى به إلى يوم الدين.
أما بعد:
1-
فهذه جملة من الملاحظات والأفكار حول طبيعة بيع المرابحة للآمر بالشراء أقدمها على أساس نظرة شمولية لهذه المعاملة، تهدف إلى شدها إلى محاورها الرئيسية وقواعدها الأساسية، ضمن المفاهيم العامة للاقتصاد الإسلامي، وفي إطار المنهج الذي اعتمدته الشريعة الإسلامية لاستثمار الأموال واكتساب الملكيات وتحقيق الأرباح
…
وذلك في نقاط محددة، ودون دخول في التفصيلات والفروع
…
وبخاصة أن هذا الموضع قد كتب فيه الكثير من البحوث والمؤلفات، وجرت مناقشته في الكثير من الندوات والمؤتمرات
…
وما زال الخلاف فيه قائما ومحتدما.
2-
وقد كان لي حظ المشاركة في مناقشة هذا الموضوع أول مرة – بصفتي أحد أعضاء لجنة الفتوى في المملكة الأردنية الهاشمية – عندما عرض عليها مشروع قانون البنك الإسلامي الأردني سنة (1397هـ – 1977 م) حيث أوضح الأخ الدكتور سامي حمود -حفظه الله- مقرر اللجنة التحضيرية لمشروع القانون وجهة نظره التي ضمنها المشروع، والتي كان قد بينها تفصيلا في رسالته للدكتوراة بعنوان (تطوير الأعمال المصرفية بم يتفق والشريعة الإسلامية) .. وبعد حوار ومناقشة أقرت اللجنة هذه المعاملة، وصدر قانون البنك الإسلامي بعد أن أدخلت اللجنة بعض التعديلات المهمة على مشروعه.
ولكني لاحظت أن بيع المرابحة للآمر بالشراء بعد أن اعتمد في قانون البنك الإسلامي وانتقل إلى الواقع التطبيقي، وأخذت به كثير من البنوك الإسلامية وقع في كثير من المحاذير، وذلك نتيجة الغفلة عن الطبيعة الأساسية لهذه المعاملة مما يتطلب العودة بها إلى جادة الصواب وتخليصها من سوء الفهم والتطبيق، لتظل أداة من أدوات الاستثمار المالي المشروعة في الإسلام، فلا تقع فيما هو محظور شرعا من الربا أو غيره.
وإني لأدعو الله سبحانه وتعالى أن ينفع بهذه الملاحظات والأفكار حول طبيعة بيع المرابحة للآمر بالشراء، وأن يكون في عرضها على مجلس مجمع الفقه الإسلامي مساهمة بناءة في استصدار قرار فقهي مجمعي حول هذه المعاملة، يرسخ دورها في مجال المعاملات المصرفية الإسلامية، ويحميها من كل مظاهر سوء الفهم والتطبيق.
حقيقة بيع المرابحة للآمر بالشراء وشروطه
3-
كان واضحا في لجنة الفتوى في المملكة الأردنية الهاشمية عند إقرار بيع المرابحة للآمر بالشراء الأساسيات التالية فيه:
أ- أن السلعة المأمور بشرائها يجب أن تدخل في ملك البنك وضمانه
…
وأن هذا هو أساس جواز أخذ البنك للربح، وأن العلاقة الحقوقية عند شراء البنك للسلعة المأمور بشرائها يجب أن تقوم بين البنك وبائع السلعة ولا يصح دخول العميل (للآمر بالشراء) بأي صورة من الصور محل البنك وإلا لماذا أمره بالشراء؟ ؟ وهذا يعني أن البنك في الشراء هو الذي يفتح الاعتمادات، وبوالص الشحن تكون باسمه، وهو الذي يؤمن على السلع في الحالات الملزمة لذلك، وكذلك عليه في الشراء الداخلي جميع الإجراءات والالتزامات المترتبة على المشترين.
ب- إن عقد شراء العميل من البنك يجب أن يكون بعد استقرار ملك البنك للسلعة. استقرارًا معقولًا بعرضه لاحتمالات الضمان، فهو لا يبيع حتى يملك السلعة ومن حق العميل أن يتأكد أنها مطابقة لمواصفات ما طلب، وإلا فله أن يردها على البنك وإذا هلكت السلعة أثناء وقوعها في ملك البنك تهلك عليه ولا علاقة للعميل بذلك.
جـ- إن وعد العميل بالشراء من البنك وإن كان ملزما لا يصح أن يحمله أي مسؤولية غير إكمال الشراء من البنك بعد أن يستقر ملك البنك للسلعة
…
وإذا امتنع عن الشراء فللبنك إلزامه قضائيًا بذلك، ومطالبته بتعويض عما أصابه من أضرار فعلية.
د- وإن الثمن الذي يترتب في ذمة الآمر بالشراء بعد ذلك سواء أكان الاتفاق على دفعه نقدا أو مقسطا لا يجوز زيادته عند التأخر في الدفع وإنقاصه عند التبكير فيه إذا كان ذلك مشروطا، أو متفقا عليه فيما بعد، أو استقر عليه عرف الناس، لأن هذا يوقعنا في الربا، بل في ربا الجاهلية:(زدني أنظرك) و (ضع وتعجل) .
4-
وقد أكد هذا قرار المؤتمر الأول للمصرف الإسلامي الذي عقد في دبي سنة 1399هـ (1979م) وقرار المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي الذي عقد في الكويت سنة 1403هـ (1983م) حيث ركزا على ضرورة أن يسبق بيع البنك للسلعة تملكه وحيازته لها وإنه في خلال ذلك يتحمل تبعة الهلاك قبل التسليم ويتحمل أيضا تبعة الرد بالعيب الخفي كما بينا أن الأخذ بإلزامية الوعد مقبول شرعا وهو أحفظ لمصلحة التعامل واستقرار المعاملات وفيه مراعاة لمصلحة المصرف والعميل. وقد ترك المؤتمران لكل مصرف الخيار في الأخذ بالإلزام وعدمه.
5-
والدكتور سامي حمود فيما قدم من بحوث حول هذه القضية يؤكد على ضرورة التفريق هنا بين التواعد والتبايع بحيث لا تتم المبايعة إلا بعد ثبوت التملك للبنك ليكون التمليك للآمر بالشراء صادرا عن تمليك ولكي يكون هناك مجال للقول بالضمان إذا تبين أن هناك تلفا أو عيبا خفيا أو غير ذلك من أسباب الضمان ولكنه لا يشترط التسليم والحيازة ويقول (وليس يهمنا التقيد بالشكل عند من يربطون التملك بالحيازة المادية لأن ذلك ليس شرطا من شرائط انعقاد العقود الشرعية حيث يكون التسليم أثرا من آثار الانعقاد وليس ركنا فيه. فقد يشتري الإنسان الشيء ويبقيه عند البائع كوديعة، حيث تنقلب يد البائع الأول من يد ملك إلى يد أمانة
…
فإذا باع هذا الإنسان ما اشتراه بعد أن يصبح معينا إلى شخص آخر فإنه يبيع ما يملك ويقع عليه ضمانه حتى يتسلمه المشتري الأخير سليما خاليا من العيوب الموجبة لرد المبيع (1) .
وهذه قضية في غاية الأهمية لأنها تقودنا لأحد المحاور الأساسية في هذه العملية من حيث هل يمكن أن تكون بعض صورها مما لا يتصور الضمان فيها وأن الامتلاك لسلعة المأمور بشرائها امتلاك شكلى ومظهر صوري ليس إلا مرورا عابرا في الذمة؟ وعند ذلك نعود على أصل القضية بالنقض
…
ولا خلاف في أن المشتري يستطيع أن يبقي المبيع في يد البائع كوديعة وعندها تنقلب يد البائع إلى يد أمانة، ولا خلاف بأن هذا المشتري بعد أن ملك ما اشترى يستطيع أن يبيعه كيفما يريد ضمن قواعد الشريعة
…
ولكن موضوعنا ليس هذا إنما موضوعنا أن هذا المشتري الثاني هو الذي أمر بالشراء.. فهل مثل هذه الحالة تقلب حقيقة بيع المرابحة للآمر بالشراء من صورتها المقبولة شرعا إلى صورة تمويل ربوي سمي بغير اسمه.
(1) انظر بحث الدكتور سامي حمود المقدم لمجمع الفقه الإسلامي في دورته الخامسة ص8
المحاذير العملية لهذه المعاملة:
6-
والواقع أن بيع المرابحة للآمر بالشراء بعد أن أخذت المصارف الإسلامية في العمل به قد وقع في محاذير وإشكالات متعددة تتعارض مع ما اعتمد من قواعد لتخريجه والأخذ به.
وقد كان ذلك نتيجة لعدم وضوح الرؤية الفقهية السليمة لهذا العقد أو لوجود بعض العقبات القانونية والعملية التي صادفتها البنوك الإسلامية عند التطبيق وقد تمت معالجتها دون انتباه لأصل المعاملة وشروطها وأساسياتها.
وقد ساعد على ذلك أن كثيرا ممن يتصدون للعمل المصرفي الإسلامي من المصرفيين الفنيين الذين لا تتوافر لديهم المعرفة الفقهية المطلوبة.. ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها المستشارون الشرعيون وهيئات الرقابة الشرعية في عدد من البنوك الإسلامية فإن بعض الصور قد ندت عن هذه القواعد ولم تلتزم بها بشكل تام ويعود ذلك إلى أسباب منها:
أ- نقل الصيغ العملية للتطبيق دون عرضها على المستشارين الشرعيين أو هيئات الرقابة الشرعية.
ب- حاجة بعض هذه القضايا إلى اجتهاد جماعى عميق حيث لا يصح أن تترك للاجتهاد الفردي العاجل.
جـ- النظر الجزئي لهذه القضايا وعدم الربط لها بالقواعد الأساسية التي قام عليها بيع المرابحة للآمر بالشراء في الأصل.
7-
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ركزت كثير من البنوك الإسلامية على أسلوب بيع المرابحة للآمر بالشراء ولم تهتم بأساليب الاستثمار الأخرى كالمضاربة والمشاركة المتناقصة وذلك لسهولة هذا الأسلوب، ولأنه يلبي حاجات التمويل العاجل والذي عليه طلب متزايد، بالإضافة إلى أن البنوك في التطبيق ركنت لهذه الصيغة لأنها استطاعت أن تطبقها بطريقة تكاد تحميها من كل احتمالات التعرض لأي خسارة. وإن معظم إجراءات هذا الأسلوب كما طبق إجراءات مكتبية مربحة.
8-
وهكذا كادت هذه الصيغة – في عدد من المصارف- أن تنقلب إلى مجرد صيغة تمويل مالي يعود على البنك بما يسمى بالربح دون أن يقدم البنك غير المال، وبلا أي مخاطرة يمكن أن يتعرض لها البنك وفق الظروف والأحوال العادية
…
إلا إذا افترضنا الزلازل والكوارث مما يدخل في الظروف القاهرة، ولا يجري حسابه عند تحديد الالتزامات في العقود
…
وإذا أصبحنا أمام تمويل بدون مخاطرة وكان يسترد بزيادة فهذا الربا بعينه، فهو قرض بزيادة وإن أخذ صورة البيع.
وأصبح الأمر مثل: أن يوكل شخص البنك بشراء السلعة له، ويطلب منه دفع ثمنها للبائع على أن يقوم هو بتسديد الثمن بزيادة على أقساط
…
فهذا من الربا قولا واحدا، ولكن ما الفرق بينه وبين صورة بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا انقلب إلى مجرد تمويل بزيادة وبلا مخاطر.
إن أساس جواز معاملة بيع المرابحة للآمر بالشراء هو تعرض المصرف لاحتمالات الربح والخسارة فإذا أفرز التطبيق صورا نقطع معها بالربح في جميع الأحوال ولا تصور لأي مخاطرة انقلبت هذه المعاملة إلى تمويل ربوي لا يجوز مهما كانت التسميات وصور الإجراءات فالمصرف يعمل على تدبير السلع التي يحتاجها الناس الذين يأمرون بالشراء لكن يجب أن لا يقتصر دوره على التمويل دون مخاطرة.
مبررات استحقاق الربح في الإسلام:
9-
وهذا يعود بنا إلى أصل استحقاق الملك والكسب في الشريعة الإسلامية والقواعد الضابطة لذلك.. فالشريعة حددت وسائل التملك والكسب فأجازت وسائل ومنعت أخرى.. فهي في مجال العقود تمنع كل صور الربا ولا تجيز الربح إلا إذا كان نتيجة مشاركة بين رؤوس الأموال ومشاركة بين رأس المال والعمل أو مشاركة بين الأعمال. ولا تسمح لرأس المال أن يجني مزيدا من الزيادة دون أن يتعرض لاحتمالات الربح والخسارة وهي في المشاركة بين رأس المال والعمل إذا كان هنالك خسارة دون اعتداء أو تفريط من العامل فإنها تقع على صاحب المال ويكفي العامل خسارة جهده وعمله.. ومن قواعد الشريعة السمحة أن الغرم بالغنم وأن الخراج بالضمان.. مما هو محل دراسة مستقلة.
وعلى ضوء هذا إذا وجد في التطبيق صور تؤدي إلى أن صاحب المال يستحق في تعامله مع الآخرين دخلا دون أن يكون هنالك تعرض لاحتمالات الخسارة فهذه الصور ممنوعة بأصل القاعدة مهما كانت التسميات المستخدمة والشكليات الممارسة ومهما كانت الأحكام الجزئية لبعض تفصيلات هذه الصور التي قد تكون لها بصرف النظر عن كامل مكوناتها وجميع ملابساتها
…
والقول بغير ذلك عدم انتباه لأساسيات الشريعة وروحها العامة في مجال استثمار الأموال وتحقيق الأرباح.
طبائع السلعة وعلاقتها بهذه المعاملة:
10-
وإذا اتجهنا إلى طبائع السلع فهذا يعني إخراج بعض السلع من الدخول في دائرة التعامل ببيع المرابحة للآمر بالشراء وهي السلع التي يكون دخولها في ملك البنك دخولا شكليا، وإنه لا يتصور أي ضمان أو مخاطرة عليه فيها.. وعندها يكون الاستثمار في هذا النوع من السلع بطرق استثمار أخرى تقررها الشريعة.
وعليه فإن من شروط بيع المرابحة للآمر بالشراء أن يكون محله سلعا تقبل طبيعتها المخاطرة المحتملة، فلا يجوز مثلا أن يكون محلها شراء قطعة أرض، لأن الأرض لا يتصور فيها تبعة هلاك يمكن أن تقع على البنك، كما لا يتصور فيها عيوبا خفية موجبة للرد.
وهذا النظر يحد في التطبيقات من دائرة انتشار بيع المرابحة للآمر بالشراء الذي طغى على صور الاستثمار الأخرى من مشاركة ومضاربة. وأدى ذلك إلى سلبيات كثيرة
…
فلا يعني تقرير عقد من العقود أن كل شيء يصلح محلا له، فلا بد أن يكون المحل قابلا لحكم العقد أو منسجمًا مع طبيعته وهذا هو الميزان العملي للتفريق بين أنواع العقود، فليس كل شيء يقبل الإجارة، وما يقبل البيع قد لا يقبل الإجارة مثلًا.
11-
والواقع أننا في بيع المرابحة للآمر بالشراء لا نتحدث عن عقد البيع وطبيعته وأساس مشروعيته، إنما نتحدث عن معاملة مركبة لها شروطها الخاصة التي يجب أن تراعى في كل الأحوال
…
وأي نظر فيها لعقد البيع وحده هو عدم انتباه لطبيعة هذه المعاملة المركبة فكيف إذا كان هذا النظر سوف يوقعنا في الربا الذي استحدثنا هذه الصور في التعامل من أجل الهروب منه نسأل الله العفو والعافية.
مشكلات التطبيق وحلول مقترحة:
12-
ولا يعني هذا أن التطبيق العملي لهذه المعاملة المركبة لا يوجد مشكلات تحتاج إلى نظرة ومعالجة.. فهذا لا بد أن يقع.. ولكن يجب أن تواجه المشكلات بنظر لا يغفل عن أصل المسألة، وبحيث لا تنسف الحلول المقترحة الشروط الأصلية المقررة.
فإذا قيل مثلا إن العميل قد يغرر بالبنك ويدفع لشراء سلعة من جهة غير مأمونة قد تضيع حقوق البنك، فلنبحث في صيغة مناسبة لكفالة العميل للبائع أن لا يخل بالتزاماته تجاه البنك.
وإذا قيل إن الوعد الملزم قد يتفلت منه العميل وقد ينتهي الأمر بالبنك إلى المطالبة بما وقع عليه من أضرار فعلية قد يطول الحكم بها في القضاء فيمكن البحث في تبني صيغة بيع المخايرة بين البنك وبائع السلعة ويقوم البنك في فترة الخيار وبعد ملك السلعة وتسلمها بالبحث في علاقته مع الآمر بالشراء كما يمكن بحث أخذ العربون من الآمر بالشراء ضمن تكييف شرعي مقبول.
ولكن كل هذه الحلول وأي حلول أخرى يجب أن تبقى المسألة في إطارها الأول ولا تحول دخول البنك في هذه الصيغة إلى مجرد تمويل بدون مخاطر.
أمور لا يجوز إدخالها في هذه المعاملة:
13-
سأل البنك الإسلامي الأردني في ندوة البركة الخامسة التي عقدت في القاهرة مؤخرا سؤالا حول جواز أن يشتري البنك لمن يطلب منه من شركات الكهرباء الطاقة الكهربائية، من سلطة الكهرباء التي تنتجها علما أن الطاقة الكهربائية لا يتسلمها البنك ويجرى نقلها في أعمدة خاصة من موقع الإنتاج في محطات إنتاج الكهرباء إلى نقاط التوزيع التي تمتلكها شركات الكهرباء: فهل يتصور في مثل هذه الصورة ملكية البنك للطاقة الكهربائية ووقوعها في ضمانه؟ وإذا تصور مرورها في ذمته – أي مرور السلعة المشتراه كما عبر الأخ الدكتور سامي في بحثه – فكيف يمكن تصور تحمل البنك لتبعة الهلاك وتبعة الرد التي كانت من أسس القول بالجواز؟؟ إن البنك في هذه الصورة لا يقوم إلا بدفع المال ويسترد ماله بزيادة دون مخاطرة لذلك كان جوابي على هذا السؤال أن هذه من الصور غير الجائز التعامل معها وفق بيع المرابحة للآمر بالشراء لعدم توافر شروطه الأساسية وكذلك تمويل شراء البترول إذا كان ينقل من المنتج للآمر بالشراء بوساطة أنابيب ودون تدخل البنك ملكية وضمانا. ويقاس على ذلك كل سلعة مشابهة
…
وليحاول الفقهاء بعد ذلك البحث عن صور مقبولة شرعا لكل هذه الأنواع من الاستثمار كما اقترح علينا الأخذ الدكتور سامي فكرة بيع المرابحة للآمر بالشراء.
14-
ومثل ذلك ما تفعله بعض البنوك – الإسلامية – من توكيل للآمر بالشراء بمفاوضة البائع وتحرير الفواتير باسم البنك وتقديمها للبنك، وبعد أن يقوم البنك بدفع قيمتها للبائع دون أن يتسلم البضاعة ويتعرض لمخاطر ملكه وتسلمه، بل كل ما يحدث أن يحضر مندوبه للإشراف على تسلم البضاعة من البائع إلى الآمر بالشراء اكتفاء بصورة دخول البضاعة في ملك البنك بالإيجاب والقبول المتصور بين البنك والبائع.. فالبنك هنا لا يأخذ بضرورة تسلمه البضاعة ومن ثم نقل ملكيتها للآمر بالشراء.
ومن غريب ما يحدث هنا أن بعض الآمرين بالشراء هنا يتفقون مع بعض البائعين على زيادة قيم فواتيرهم
…
فإذا دفعت لهم من البنك قاموا بإعطائها لهؤلاء الآمرين بالشراء
…
بهدف الحصول على سيولة مالية لإنجاز أعمال أخرى وبخاصة في مجال دفع أجور متعهدي البناء، فمواد البناء وأجوره يحصل عليها بهذه الطريقة الموقعة في الربا.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
15 – هذه أهم الأفكار والملاحظات التي لدي حول هذا الموضوع أضعها بين يدي مجلس ومجمع الفقه الإسلامي في دورته الخامسة تاركا للحوار والمناقشة التي أرجو أن أكون طرفا فيها – حيث أن ظروفا خاصة وارتباطات علمية أخرى أوجبت على آسفًا ألا أشارك إلا في جزء من هذه الدورة – داعيا الله العلي العظيم أن يوفق مجمعنا العتيد إلى القرار السليم في هذا الموضوع الشائك الخطير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الدكتور / عبد السلام العبادي