الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحديد النسل وتنظيمه
إعداد
الشيخ مولاي مصطفى العلوي
رئيس المجلس العلمي بمكناس ومستشار وزير الأوقاف
ورئيس رابطة علماء المغرب والسنغال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل.
استجابة لدعوة مجمع الفقه الإسلامي الموقر للاشتراك في دورته الخامسة بما يسر الله.
فقد اخترت أن أدلي ببحث متواضع على قدر استطاعتي وبضاعتي المزجاة من العلم، وذلك حول تحديد النسل وتنظيمه. ومن الله أستمد العون والتوفيق سبحانه.
تعريف تحديد النسل وتنظيمه
هو اتخاذ ما يمنع الحمل المعهود بين الذكر والأنثى عند الاتصال الجنسي بين الرجل وزوجته بصفة مؤقتة أو دائمة، فالدائمة هي التحديد والمؤقتة هي التنظيم كما سيأتي:
حركة التنظيم والتحديد:
كثيرا ما نسمع ونقرأ عن حركة التنظيم والتحديد مما يكتب تحت عناوين مختلفة مثل: (تنظيم الأسرة)(والتخطيط العائلي) وغيره والتي يختلف القائمون بها والمهتمون ما بين محبذ ومنكر ومتردد.
والكل يأتي بأسباب تتفق أحيانا وتختلف أخرى، ويحاول إقناع القارئ والمستمع بسداد رأيه، وإظهار حجته، وبلورة رأيه بما يتفق والهدف الذي ينشده، والرأي الذي يدافع عنه.
والقضية قديمة في تاريخ الإنسانية، ففي المجتمع الإسلامي بدأت في مستهل عصره، وفي عهد النبوة وحياة الرسول عليه السلام وعندما فكر بعض الصحابة في العزل عن المرأة لأسباب وقتية طارئة، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأفاد بما يفيد الجواز مع الكراهة كما أفاده الفقهاء من جوابه عليه السلام:" لا عليكم أن لا تفعلوا ". وسنورد الأحاديث الثابتة في ذلك بحول الله.
أما في المجتمعات غير الإسلامية فقد ثبت عند العلماء تاريخيًّا أن بعض القبائل البدائية، كانوا يتضايقون من كثرة الإنجاب، فيتخلصون من بعض ما أنجبوه بالقتل رغبة في التخلص من أعباء النفقة التي تثقل كواهلهم ومن هذا المنطلق بدأوا بقتل الإناث والاحتفاظ بالذكور؛ لأن هؤلاء يشتغلون مع آبائهم في شئون الحياة، ويساعدون على كثرة الإنتاج، وفي بعض القبائل العربية كانوا في عصر الجاهلية يتخلصون من الإناث خشية العار، فإذا كبرت البنت ولم تتزوج، أصبحت عارًا على أهلها ومذمة، فكانوا يدفنونها بعد ولادتها، وقد ندد القرآن الكريم بهذا العمل الشنيع في قول الله تعالى:{وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (1) . وفي بعض الأقطار كانوا يختبرون الطفل في طفولته المبكرة فإذا رأى الأب طفله سالم الخلق ذكيا احتفظ به، وإن رآه غير ما يحب تخلص منه بالقتل.
وأحيانا كانوا يقتلون أطفالهم خوفا من الجوع والفقر، ولهذه الأسباب جميعها أو بعضها وبهذا السلوك اللاإنساني جاء القرآن الكريم منددًا مستنكرًا هذا المسلك الشنيع فقال تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} (2) . وفي آية أخرى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} (3) .
وهكذا لم تكن في الأعصر القديمة وسائل للتخلص من كثرة الأولاد غير قتلهم بعد الولادة، فالأسباب تختلف ولكنها في نطاق ضيق، أما اليوم فإنها قد تنوعت وتعددت، ووسائل التخلص منها أيضا كثرت كالإجهاض.. وهو قتل مبكر قبل الولادة، وحدثت وسائل أخرى لمنع الحمل وهي كثيرة ومتنوعة والتي شاع أمرها وذاع تحت عنوان (تحديد النسل وتنظيمه) وأول من دعا إلى ذلك من فلاسفة الغرب هو الفيلسوف (مالتوس) الإنجليزي في أواخر القرن الثامن عشر للميلاد، فقد لفت الأنظار إلى وجوب الحد من إنجاب المواليد خشية الجوع والفقر، وبعد قرن من الزمن جاء فيلسوف آخر بريطاني أيضا ينادي بخطورة النمو الديموغرافي هو (البير وليم كروكس) وذلك أمام قلة موارد الرزق وقلة وسائل التغذية، مما يؤدي إلى المجاعة المهولة.
(1) سورة التكوير الآية 8 و9
(2)
سورة الأنعام الآية 151
(3)
سورة الإسراء الآية 31
والجدير بالذكر أن بناء الدعوة إلى تحديد النسل على قضية التغذية وخوف المجاعة قد ظهر خطؤه مرارا. فالتقدم الاقتصادي في سائر أنحاء الدنيا حقيقة لا يمكن إخفاؤها، وهو شيء يناقض نظرية (مالتوس) ومن سار على نهجه من دعاة الخوف من النمو الديموغرافي وضائقة الغذاء بالنسبة للجنس البشري.
والذي ثبت في تاريخ المجتمع الغربي منذ شروعه في عملية تحديد النسل هو عكس ما يقوله هؤلاء، إن الزمن الذي شاعت فيه فكرة التحديد وبدأ تطبيقها على نطاق واسع في الأقطار الغربية أواخر القرن التاسع وأوائل القرن العشرين، كان الفترة التي تقدم فيها الاقتصاد وازدهرت حركة الإنتاج، وأصبحوا يتخلصون من فائض إنتاج مواد التغذية بإغراقها في البحر وإحراقها بالنار مخافة هبوط أسعارها في الأسواق العالمية، وهكذا ثبت أيضا أن فكرة الخوف من زيادة السكان أمام ضعف الإنتاج الغذائئ والصناعي لا أساس لها، بل العكس هو الصحيح.
فالازدهار والنمو الاقتصادي الذي عرفه الغرب، وبعض الأقطار بصفة خاصة، مثل إنجلترا وفرنسا وأمريكا لم يتم إلا عن طريق النمو الديموغرافي لهذه الأقطار.
فبالرجوع إلى تاريخ بريطانيا مثلا نجد النمو السكاني بها هو الذي جعلها أثناء القرن التاسع عشر تصبح سيدة العالم، ولا تغيب الشمس عن أقطار نفوذها، ففي القرن الخامس عشر لم يكن سكانها يتجاوزون المليونين ثم قفز عددهم في نهاية القرن الثامن عشر إلى عشرة ملايين، وفي نهاية القرن التاسع عشر وأوائل العشرين إلى 40 مليونا، وهم الآن نحو 60 مليونا، ومع كثافة سكان الجزر البريطانية بهذا العدد، ومساحتها لا تتجاوز 244.100 كلمترًا مربعًا، وذلك سر قوتها وامتداد نفوذها إلى سائر القارات وإلى أمريكا بالذات، وكندا واستراليا وأقطار شاسعة في آسيا أيضا.
أما أميريكا الشمالية فقد كان عدد سكانها في منتصف القرن الثامن عشر مليونًا واحدًا، وفي ظرف مائة سنة قفز عددهم إلى 26 مليونًا، أما عدد سكان الولايات المتحدة - أمريكا - اليوم، فيزيد عن 230 مليونًا، وذاك ما منحها قوة اقتصادية وعسكرية، ونفوذًا على العالم كله، مع ملاحظة أن السر ليس في كثرة العدد، بل فيه مع ارتفاع مستوى تكوينه علميًّا وفنيًّا، فالكم وحده لا يفيد ما لم يكن معه الكيف الرفيع.
فالمهم في الأمر هو التكوين العلمي والتكنولوجي الذي أصبحت به الدول الغربية اليوم، قوة لها حسابها في المجتمع الإنساني كله شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا.
أما قضية النمو الديموغرافي، فإنما هي واجهة يهاجم منها أهل الدعوة إلى تحديد النسل في الأقطار الإسلامية عربية وغير عربية؛ لأن الماسكين بزمام السياسة في المجتمع الإنساني يخشون من تكاثر المسلمين ويقظتهم التي قد تجعلهم يستعيدون وحدتهم، ويأخذون بمنهج دينهم الحنيف، الدين الإسلامي الذي يفرض على معتنقيه الأخذ بأسباب التطور والمعرفة والقوة وبذلك تسترجع أمة الإسلام قوتها وسيادتها ونفوذها على الإنسانية وتكون أمة وسطا كما قال الله تعالى:{لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (1) .
وأعتقد أن هذا هو سر هذه الحملة الموجهة إلى المجتمع الإسلامي كله وفي كل مكان، ومن المعلوم أن الإسلام وهو وحي من الله العليم الخبير. مدبر هذا الكون سره وعلنه، ماضيه وحاضره ومستقبله، قد شجع على التناسل وحض عليه فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة)) .. وقال في حديث آخر وهو أكثر دقة وصراحة في الموضوع: ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم)) والحديثان رواهما أصحاب السنن. ومن المؤسف حقا أن تتأثر الشعوب الإسلامية والعربية بصفة خاصة، بدعوة تحديد النسل التي يروجها خصوم الإسلام، ويبذلون في سبيل تحقيقها من الأموال والوسائل، ما لو أنفقوه على بعض الشعوب ذات المظهر التخلفي والمتسم بالفقر، لكان له أثر محمود على تلك الشعوب ولارتفع مستواها الفكري والثقافي وخرجت من حيز التخلف والفقر والجهل.
فالأقطار العربية والإسلامية التي يصفونها بما يحبذ فكرة الخوف من النمو السكاني، والمهددة بشبح المجاعة، ويحاولون إخضاعها لتنظيم النسل وتحديده، وفعلا فقد وقعت في شَرَكِ هذه الدعوة كثير من الدول الإسلامية. وأصبح لفكرة التحديد والتنظيم مؤيدون، وأسست للتنفيذ جمعيات ومؤسسات تسهر على تنفيذ هذا المخطط المفروض، مع أن هذه الشعوب لو انتبهت إلى حقيقة أمرها، ودرست أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية ووجدت من يأخذ بيدها ويساعدها على تطوير إمكانياتها الإنتاجية في الزراعة والصناعة، لكانت على شكل وصفة غير التي هي عليها اليوم، مهددة بالمجاعة والتخلف وكثرة الجائعين والعاطلين.
(1) سورة البقرة الآية 143
وقد نشرت مجلة المسلم المعاصر في عددها 42 السنة 1984 بتاريخ جمادى الأولى 1404 هـ بحثًا للدكتور السيد محمد علي البار، وفيه فقرة تصف السودان بأنه (سلة الخبز) نظرًا لإمكانياتها الزراعية والحيوانية التي يمكنها أن تطعم العالم العربي بأكمله، والذي يقدر بمائة وستة وأربعين مليون نسمة، والمعروف أن أقطار العالم العربي توجد بها ملايين الهكتارات المسقية والصالحة للزراعة والإنتاج الحيواني.
ومع هذا تجد الدعوة إلى تحديد النسل في الأمة العربية والإسلامية ميدانًا خصبا، لرواجها وقبولها وتنفيذها على أيدي المسؤولين في بعض الأقطار، إنه خطأ فاحش، وانصياع لغزو فكري ظالم مغرض يريد المزيد من تدمير المجتمع الإسلامي، والقضاء عليه، ويجب الانتباه لهذا الأمر الخطير الذي لا يقل عما سبقه قبل فترة من الزمن من حرب مدمرة سلطت على العالم الإسلامي بمختلف الأسلحة الفتاكة عجزت الشعوب الإسلامية عن مقاومتها، فخضعت للاستعمار العسكري المباشر، وذاقت مرارته عشرات السنين.
وما فكرة تحديد النسل إلا حرب أخرى وبشكل آخر. تلك قضت على مئات الآلاف من رجال الحرب، الذين قاوموا الاستعمار عند بسط نفوذه وقاوموه لإخراجه، وهذه تضعف الأمة من الأساس، إذ تقلل من إنجاب الأطفال الذين هم رجال المستقبل، فتصبح الأمة فقيرة من الرجال الصالحين الأكفاء الذين يناهضون الاستعمار بكل أشكاله فكريا وعسكريا، واقتصاديا، إنها حرب خفية تلبس لبوس التطبيب والإسعاف والتنظيم والإنقاذ، فتسلك طريق المسعفين الأطباء الذين يعملون عن قصد أو غيره على تعقيم الناس رجالا ونساء كما يقال عن دولة الهند، حيث يجري التعقيم سرا وعلانية، وذلك بأمر سلطان الدولة عند علاج المرضى وبدون شعور أكثريتهم.
هذه حقيقة مؤسفة وتلك بعض ملابساتها، ومن الأسباب التي أصبح يتعلل بها المتسلطون في هذا الميدان، زيادة على علة الفقر والخوف من المجاعة التي تؤثر على الأسر في تنشئة الأولاد العديدين، وتوقع في حرج دنيوي، وقد تؤدي إلى ارتكاب ما ليس بمشروع من أجل الإنفاق على الأولاد والتوسعة فيه.
من هذه الأسباب الخشية على حياة الأم أو سلامة صحتها عند الإكثار من الحمل والولادة والخشية على الرضيع من حمل جديد يفاجئها، وهو المعروف (بالغيلة) ومن ذلك الحفاظ على سلامة جمال المرأة ورشاقتها وراحتها من أعباء الحمل والرضاعة، والانشغال بتربية الأطفال عن المتعة بشبابها وأناقتها.
وقد أصبح الكثيرون مع الأسف الشديد يقدمون على تنفيذ خطة وقف الإنجاب اعتبارا من بعض هذه العلل. وهو أمر ينافي الطبيعة البشرية فيستعملون وسائل التعقيم أو تعطيل الإنجاب مؤقتا، وأحيانا تعطيل الزواج الذي حث عليه الإسلام بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)) وقوله عليه السلام ((تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة)) .
موقف الشريعة من تنظيم النسل وتحديده
فأما التحديد الدائم، وهو التعقيم الذي يتم عن طريق قطع الحبل المنوي للرجل، وقناتي الرحم للمرأة، بحيث يصير كل منهما عقيما طول حياته، فهو أمر يجافي الطبيعة الإنسانية، ويتنافى وتعاليم الإسلام الصريحة؛ لأنه تغيير لخلق الله، وقد ندد القرآن بذلك عندما نسب أمره للشيطان فقال تعالى:{إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} (1) .
فقطع الحبل المنوي وقناتي الرحم تغيير لخلق الله وعمل شيطاني. وإذن التعقيم الدائم غير مقبول شرعا، وحتى في الطبيعة البشرية والفطرة التي فطر الله الناس عليها {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (2) .
وأما اتخاذ وسائل التباعد بين الحملين فهو جائز إذا استعملت فيه الوسائل التي لا تلحق ضررا بأحد الزوجين أو بهما، فطبيعة التكوين البشري تختلف من شخص لآخر فهناك من النساء من لا تتهيأ للحمل إلا بعد أمد طويل، ومنهن من تتهيأ للحمل بسرعة، وقد جاء في القرآن ما يفيد جواز العمل على تباعد ما بين الحملين في قول الله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (3) . فالمرأة إذا حملت تسعة أشهر ووضعت وظلت ترضع مولودها حولين كاملين يكون الزمن الفاصل بين مولودين، ثلاث سنوات تقريبًا، وقد يستفاد من هذا أن الأصلح للمولود والوالدة أن يكون أقل الفصل بين حملين ثلاث سنوات، تستريح فيها المرأة من عناء الحمل ومشقاته، ويتمتع المولود بفترة كافية من الغذاء الأنسب له، وهو لبن أمه، ريثما يتدرج في التغذية إلى الوسائل الطبيعية.
(1) سورة النساء الآية 117، 118، 119
(2)
سورة الروم الآية 30
(3)
سورة البقرة الآية 233
ولذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وطء المرضع، وسماه وطء الغيلة، وقال:" إنه يدرك الفارس قيد عثرة ". ولكنه أباحه صلى الله عليه وسلم فيما رواه أسامة بن زيد ((أن رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أعزل عن امرأتي. فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: " لم تفعل ذلك؟ " فقال الرجل: أشفق على ولدها، فقال الرسول: " لو كان ذلك ضارًّا لضر فارس والروم ")) . رواه (مسلم، وأحمد) . غير أن الرسول صلى الله عليه وسلم نظر إلى أن منع الناس من الوطء مدة الرضاع قد يؤدي إلى مفسدة أعظم فرخص لهم في وطء المرضع، دفعا لمفسدة أشد من ذلك وهي اندفاع الأقوياء جنسيا إلى ارتكاب المحظور وهو الزنى، خصوصا وقد علم أن الروم وفارس يفعلون ذلك ولا يضر الرضع عندهم وقوله تعالى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} (1) . وهو يؤكد رفع الضرر عن الزوجين معًا ومن أشد الضرر أن يحمله الكف عن المرضع مدة الرضاع فيندفع إلى ارتكابه المحرم الذي قد يتسبب له في الموت رجمًا، إذا افتضح أمره وكان محصنًا.
فالمرتكب جريمة الزنى يجلد مائة ويغرب سنة إذا كان غير محصن وإذا كان محصنًا، أي متزوجًا، يرجم حتى يموت، وذلك بحكم القرآن والسنة. قال تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (2) .
أما السنة فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم ماعز عندما اعترف بالزنى، وهو رجل متزوج اعترف بخطيئته تخلصا من تبعتها غدا بعد الموت. فهذا صحابي اقترف ذنبا عظيما ورأى أن التوبة في نظره لا تكفيه وإنما أراد التخلص من تبعة الذنب غدا يوم القيامة.
وهكذا نرى أن الرضاع يمنع الحمل عند الكثير من النساء وإن كان لا يمنعه عند أخريات.
(1) سورة البقرة الآية 233
(2)
سورة النور الآية 3،2
وهناك سبب آخر يمنع الحمل وهو طبيعي وجائز شرعا ذاك هو اجتناب الاتصال الجنسي بين الزوجين زمنا معروفا بين الحيضتين، وذلك قبل موعد الحيضة بأربعة عشر يوما؛ لأن البويضة التي يتم بها اللقاح تكون قد تجاوزت صلاحية الإنجاب.
وبهذا الترتيب يستطيع الزوجان أن يباعدا بين الحملين حسب اختيارهما، غير أن هذا يختلف باختلاف الناس فينبغي الاحتياط فيه حتى يعرف بدقة متى تفرز البويضة ومتى تنتهي صلاحيتها، وهذا أمر يعرفه الأطباء.
إلى جانب هذا هناك أمر ثالث هو العزل بمعنى أن الرجل عندما يشعر بأنه على وشك أن يتدفق منه الماء داخل الفرج ينسحب، وهذا لابد فيه من موافقة الزوجة.
وقد ورد فيه عدة أحاديث نسوقها كي يتضح أمر العزل وأسبابه وكيف يتم. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بني المصطلق، فسبينا كرائم العرب، فطالت علينا الغربة ورغبنا في الفداء فأردنا أن نستمتع ونعزل، فقلنا نفعل ذلك ورسول الله بين أظهرنا لا نسأله؟ فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:((لا عليكم أن لا تفعلوا، ما كتب الله خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون)) أخرجه الشيخان البخاري ومسلم والإمام أحمد.. وعن جابر رضي الله عنه ((أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي جارية هي خادمتنا، وساقيتنا، وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل، فقال: " اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها ". فلبث الرجل ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت فقال: " قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها ")) رواه مسلم. وهذا يدل على أن العزل قد لا يفيد مع قدرة الله. وهذا في الأمة.
أما الزوجة فلابد من إذنها لما رواه الإمام أحمد عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن العزل عن الحرة إلا بإذنها.
أما قول من قال: إن العزل كالوأد. فقوله مردود بما روي أن رجلا في مجلس عمر بن الخطاب قال: العزل كالوأد، وكان سيدنا علي بن أبي طالب حاضرا فقال: لا تكون موءودة حتى تمر عليها التارات السبع، حتى تكون سلالة من طين، ثم تكون نطفة، ثم تكون علقة، ثم تكون مضغة، ثم عظاما، ثم تكسى لحما، ثم تكون خلقا آخر. فقال عمر: صدقت أطال الله بقاءك. رواه ابن رجب في جامع العلوم. والحديث مطابق للآية الكريمة {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (1) .
كما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زعمته اليهود من أن العزل هو الموءودة الصغرى، فقال:" كذبت اليهود إن الله إذا أراد خلقه لم يمنعه شيء ". وإذن فالعزل جائز بشرط موافقة الزوجة الحرة في مذهب مالك وأحمد، وخالفه الحنفية في مسألة واحدة وهي إذا خاف سوء الولد أو كانت الزوجة سيئة السلوك معه وهو عازم على طلاقها فله أن يعزل عنها بدون رضاها، والله أعلم.
وتوجد طريقة أخرى لمنع الحمل وهي استعمال حواجز صناعية تمنع اختلاط ماء الرجل ببويضة المرأة، هي غشاء يغطي به الرجل عضوه التناسلي عند الجماع مما يسمى القبعة أو القلنسوة، وهذا أيضا مما لا إثم فيه ولا ضرر إذا كان متفقا عليه بين الزوجين؛ لأن للمرأة الحق في إرادة الإنجاب أو توقيفه ويشبه هذا استعمال أداة داخل رحم المرأة تسمى (اللولب) وهو أيضا يمنع علوق البويضة بجدار الرحم كي لا تتحول إلى نطفة وتأخذ طريق الأطوار السبعة المذكورة في الآية السالفة والحديث النبوي الشريف.
(1) سورة المؤمنون الآية 12، 13، 14
وأخيرا اكتشف في منتصف هذا القرن 1956 ما يدعى (حبوب منع الحمل) وأصبح استعماله شائعا بين سائر الطبقات وهو أخطر الوسائل على المجتمع البشري في نشر الرذيلة والفساد، وقد أصبح وسيلة لمئات الملايين ممن يتهربن من الحمل لأسباب متنوعة ومختلفة، منها المقبول شرعا ومنها ما لا يقبل.
فإذا كانت هناك أسباب معقولة ومقبولة أخلاقيا ودينيا. فالأسباب الخارجية عن هذا متعددة ومتنوعة، ونتائجها مهولة وفظيعة في الميدان الشرعي والخلقي والصحي.
ففي الميدان الصحي ثبت ضرر اللولب الموضوع داخل رحم المرأة. فكثيرا ما يحدث أمراضا خطيرة أو ثقبا في جدار الرحم.
أما الحبوب التي شاع استعمالها كثيرا كثيرا. نظرا لسهولة أمرها ووجودها بكثرة، فإن استعمالها يضر أيضا بكثير من النساء مثل المرأة المريضة بضغط الدم، أو بأمراض القلب والكبد والكليتين، والبول السكري، وسرطان الثدي، وحتى الإدمان على التدخين إلى غير ذلك مما أصبح عادة مألوفة لا يؤبه بضررها.
وفي الميدان الأخلاقي نجد استعمال حبوب منع الحمل تساعد على انتهاك حرمة الدين والأخلاق لدى الجماهير المنحرفة خصوصا ونحن نعيش كما يشعر الجميع ظروفا طغت فيها المادية، وضعفت فيها التربية الدينية والأخلاقية، في كثير من بلاد المسلمين، بسبب الغزو الفكري الذي طغى وانتشر في جميع الأوساط مع شديد الأسى والأسف.
فاستعمال وسائل منع الحمل بمختلف أشكالها وأنواعها، خصوصا الحبوب الواسعة الانتشار نظرا لسهولة الحصول عليها، ويسر استعمالها سرا من جميع الطبقات خصوصا الفتيات قبل الزواج في ميدان الطالبات والعاملات من غير اللجوء إلى طبيب.
إن هذا الاستعمال أعطى لأهله الحرية الجنسية، أو الفوضى الجنسية بأدق تعبير فاختلاط الشباب ذكورا وإناثا في المدارس والجامعات، وفي قاعات السينما، وفي الشوارع والمعامل تجدهم مختلطين مندمجين، لا رقيب ولا ملاحظ من أهل أو معلم أو قريب أو من حارس أخلاق فوجود الشباب على هذا النمط من الحياة أشاع الفاحشة وساعد على الرذيلة في كل الأوساط فمانع الحياء لا أثر له، والخوف من فضيحة حدوث الحمل من الفتاة دون زواج قد انتهى بوجود هذه الحبوب المدمرة للأخلاق والفضيلة.
فقد كانت في المجتمعات أمور تبعث الفتاة على الاستقامة والحفاظ على سمعتها وأخلاقها وشرف أسرتها، ومعيار ذلك هو الحياء الفطري والخوف من حدوث ما يخدش كرامتها، من ولد زنى يفضحها في بيئتها ولدى أسرتها، فجاء الحاجز الذي يخفي كل سبب يؤدي إلى الفضيحة، ومن ثم لم يبق للحياء أثر في هذه المدنية الغربية، التي أشاعت الاختلاط العلني في محافل الرقص والغناء، وسواحل البحار ومسابح والملاهي وما فيها من خمر وميسر مما يتنافى وتعاليم ديننا الحنيف.
وليست فضيحة الأولاد غير الشرعيين هي وحدها ما انجر على البشرية بسبب وسائل منع الحمل وعلى رأسها وفي مقدمتها الحبوب الملعونة. فهناك أيضا وجود الأمراض الخبيثة والتي يسهل انتشارها بسبب الاتصال الجنسي الذي أصبح فوضى لا يحصره حد من قانون ولا أخلاق ومن آخر ما ظهر بسبب ذلك فقدان المناعة، الذي برز أخيرا، وظهرت خطورته على سائر المجتمعات وأصبح الغول المهول لجميع الأوساط.
وقد ضربت المدنية الغربية أعلى مثل في إنجاب الأطفال غير الشرعيين وانتشار الأمراض الخطيرة. ففي إنجلترا يولد كل سنة أزيد من ثمانين ألفا بدون زواج شرعي وفي سنة 1946 كانت نسبة أولاد الزنى واحدا من كل ثمانية ولدوا.
وهناك إحصائية مخيفة على حد تعبير أحد الأطباء الإنجليز هو: (أزوالدشوازز) حيث يقول إن 80 ألف امرأة في إنجلترا يلدن أولادا غير شرعيين وإذا كان هذا صحيحا، فينبغي معه اعتبار أنه حدث برغم استعمال وسائل منع الحمل كالحبوب وغيرها، ومنه ندرك أن الإحصائية إنما كشفت جزءا يسيرا من الواقع المر، الذي تسببت فيه طبيعة وجود وسيلة لمنع الحمل في مجتمعات الحضارة الغربية التي نعيشها اليوم.
ويقول الطبيب (تشيسر) الإنجليزي في إحصائية أجريت على 600 امرأة سنة 1956: إن واحدة من كل ثلاث نساء في إنجلترا تفقد جوهر عفتها قبل الزواج، ويتساءل هل قد عادت العفة أثرا بعد عين؟
ويعرض الدكتور (سوروكي) وهو مؤرخ وخبير في الشؤون الاجتماعية الأرقام الآتية للعلاقات الجنسية غير الشرعية في أميركا. ويبكي للوضع الخطير الذي تظهره تلك الأرقام من العلاقات غير الشرعية قبل الزواج ففي الرجال من 27 إلى 87 % وفي النساء من 7 إلى 50 %، أما العلاقة غير الشرعية بعد الزواج.. ففي الرجال من 10 إلى 40 %، وفي النساء من 5 إلى 26 %، ويذكر التصاعد الذي يسير عليه وجود الأولاد غير الشرعيين في أمريكا ففي سنة 1927 كان 28 من كل ألف، وفي سنة 1937 أصبح 38.7 من كل ألف، ويحصي حوادث الإجهاض سنويا من 33.300 إلى مائة ألف.
ويقول هذا الخبير: إن مظهر هذه الحقائق المرعبة يبدو في الزيادة في بيع الأدوية والآلات المانعة للحمل، وهذه الزيادة التي تكاد تبلغ عنان السماء في أمريكا.
أما الجرائم التي كثرت والتي تدل على تدهور الأخلاق، والسير وراء الشهوات الجنسية العارمة والتي لم يبق للحد منها أي وازع من أخلاق أو دين، ومن أفظعها (الإجهاض) .
ففي تقرير لمجلة (تايم) عن سان فرنسيسكو أنه قد أجهض 18 ألف جنين مقابل ستة عشر ألف وأربعمائة مولود حي.
وفي ميدان الجرائم الجنسية أيضا تقول التقارير عن جرائم الجنس: إنها في تصاعد مستمر، ففي سنة 1938 تدخلت الشرطة في 283.000 جريمة وفي سنة 1955 م تدخلت في 483.000 جريمة.
وتدل إحصائية المكتب الاتحادي لتحقيق الجرائم أن حوادث الزنى زادت سنة 1955 م 60 % بالقياس إلى سنوات 1937 - 1939 م.
وتقول إحصائية أخرى عن تشرد الشباب وازدياده: إن الشرطة قبضت على 2980.000 سنة 1957 في 1473 مدينة أميريكية وكانت سن 253000 دون 18 سنة، مما يدل على تدهور الأخلاق في صفوف الأحداث أكثر من غيرهم.
إن تأثير وسائل منع الحمل في المجتمع الإنساني متنوعة وكثيرة وخطورتها من أشد وأقبح ما يعانيه الإنسان اليوم، فالأمراض الجسدية المنتشرة اليوم سببها هذا الهجوم الفظيع على التقاليد الطيبة والأخلاق الحميدة، والقضاء على كل الفضائل الإنسانية التي فضل الله بها الإنسان على غيره من المخلوقات، واستخلفه في الأرض ليعمرها، ولا يمكن ذلك إلا إذا حافظ الإنسان على ميزته التي أكرمه الله بها وهي العقل واستعمالها للتمييز بين الطيب والخبيث من الأشياء، وما فكرة تحديد النسل إلا من التخلي عن نعمة العقل التي امتاز بها الإنسان على غيره من المخلوقات، وإذا أمعنا النظر واستعملنا العقل في نتائج منع الحمل
…
وبهذه الوسائل البسيطة (الحبوب) الرخيصة والسهلة الاستعمال فإن الإنسانية تفقد بعد يسير من الزمن سرها وخصائصها، ويمسي فيها الإنسان مجرد حيوان يمشي على الأرض لا فرق بينه وبين سائر الوحوش والحيوانات.
ولعل ذلك إيذان بخراب الأرض ونهاية الحياة فيها نعوذ بالله من السلب بعد العطاء.
ومن المناسب أن نسوق في الختام بعض الآيات التي تفند وتبعد السبب الذي يبني عليه المتآمرون على الإنسانية، وعلى أمة الإسلام بصفة خاصة بدعوى الخصاص وخوف الفقر والمجاعة إلى تحديد النسل وما يثبت بأن ذلك مجرد ادعاء لا أساس له.
يقول الحق تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (1) .
ويقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (2) .
ويقول: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (3) .
ويقول تعالى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (4) .
فمهمة الإنسان هي السعي في البحث عن رزقه مما أودعه الله في هذه الأرض التي استخلفه ليعمرها ويستمتع بخيراتها التي هي من فعل الله سبحانه.
والإنسان عليه أن يتخذ الأسباب وعلى الله الكمال، قال تعالى:{فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (6) .
وعلى المسلمين وعلماء الإسلام أن يسعوا جهد المستطاع لإيقاظ الجماهير المؤمنة من الغفلة، وأن ينتبهوا إلى أنهم محاطون بأعداء دينهم من كل جانب وأن يعلموا أن الدعوة إلى تحديد النسل بسبب الخوف من الجوع كذب وبهتان وافتراء.. وما هو إلا سلاح خفي لمحاربة أمة الإسلام.
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
مولاي مصطفى العلوي
(1) سورة هود الآية 6
(2)
سورة الذاريات
(3)
سورة العنكبوت الآية 60
(4)
سورة الشورى الآية 12
(5)
سورة الحجر الآية 20 - 21
(6)
سورة العنكبوت الآية 16
المراجع
التفسير:
1 -
الجامع لأحكام القرآن:............... للقرطبي.
2 -
تفسير القرآن العظيم:............. لابن كثير.
3 -
الكشاف:............... للزمخشري.
4 -
المنار:............... لرشيد رضا.
5 -
في ظلال القرآن:............... لسيد قطب.
6 -
رضوان البيان:..... لمحمد الأمين الشنقيطي.
الحديث:
1 -
صحيح الإمام البخاري بشرح القسطلاني.
2 -
صحيح الإمام مسلم بشرح النووي.
3 -
عون المعبود على سنن أبي داود.
4 -
تحفة الأحوذي على سنن الترمذي.
5 -
سنن ابن ماجه.
6 -
السنن الكبرى للبيهقي.
7 -
مسند الإمام أحمد بن حنبل.
8 -
الموطأ للإمام مالك.
أبحاث:
1 -
خلق الإنسان بين الطب والقرآن للدكتور محمد علي البار.
2 -
حركة تحديد النسل لأبي الأعلى المودودي.
3 -
مجلة المسلم المعاصر عدد 42 السنة 11 تاريخ جمادى الأولى 1404 هـ.