الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَلِهَذَا قَالَ.
(وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ) ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ أَلْزَمَ نَفْسَهُ بِهَا (وَهُوَ) أَيْ الِاعْتِكَافُ شَرْعًا (اللُّبْثُ) أَيْ لُبْثُ الْمُعْتَكِفِ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا أَيْ قَرَارُهُ (فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ) صُلِّي فِيهِ الْخَمْسُ أَوْ لَا وَقِيلَ تَقُومُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ.
وَلَوْ مَرَّةً فِي يَوْمٍ وَقِيلَ يَصِحُّ فِي الْجَامِعِ بِلَا جَمَاعَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِحُّ فِيمَا أُذِّنَ وَأُقِيمَ.
وَفِي الْمُضْمَرَاتِ الْأَفْضَلُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ الْمَسَاجِدِ الَّتِي كَثُرَ أَهْلُهَا (مَعَ النِّيَّةِ) فَالرُّكْنُ اللُّبْثُ، وَالْكَوْنُ فِي الْمَسْجِدِ وَالنِّيَّةُ شَرْطَانِ لِلصِّحَّةِ. وَإِذَا أَرَادَ إيجَابَ الِاعْتِكَافِ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ بِلِسَانِهِ وَلَا يَكْفِي لِإِيجَابِهِ النِّيَّةُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَيَجِبُ بِمُجَرَّدِ قَصْدِ الْقَلْبِ وَرَوَى عَنْهُ الْإِمَامُ أَنَّهُ يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ لَكِنْ إذَا لَمْ يَنْوِ لَا يُعَدُّ اعْتِكَافًا.
(وَأَقَلُّهُ) أَيْ أَقَلُّ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ (يَوْمٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَكْثَرُهُ) أَيْ أَكْثَرُ الْيَوْمِ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) ؛ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ عِنْدَهُ.
(وَ) أَقَلُّ مُدَّةِ اعْتِكَافِ النَّفْلِ (سَاعَةٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ الصَّوْمُ شَرْطًا لِلنَّفْلِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِنِيَّةِ الِاعْتِكَافِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ عِنْدَهُ فَلَوْ شَرَعَ فِي نَفْلِهِ ثُمَّ قَطَعَهُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ فَلَمْ يَكُنْ قَطْعُهُ إبْطَالًا.
[الصَّوْمُ شَرْطٌ فِي الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ]
(وَالصَّوْمُ شَرْطٌ فِي الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ) رِوَايَةً وَاحِدَةً فَأَقَلُّهُ مُقَدَّرٌ بِالْيَوْمِ اتِّفَاقًا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِالصَّوْمِ» وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: الصَّوْمُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْمُرَادُ بِالصَّوْمِ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا لِلِاعْتِكَافِ مِنْ ابْتِدَائِهِ فَلَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ قَبْلَ الزَّوَالِ فِي يَوْمٍ صَامَهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.
(وَكَذَا فِي النَّفْلِ فِي رِوَايَةٍ) عَنْ الْإِمَامِ فَأَقَلُّهُ يَوْمٌ عِنْدَ الْإِمَامِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ.
(وَالْمَرْأَةُ تَعْتَكِفُ) بِإِذْنِ زَوْجِهَا (فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا) ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُعَدُّ لِصَلَاتِهَا فَيَتَحَقَّقُ انْتِظَارُهَا فِيهِ وَلَا تَعْتَكِفُ فِي غَيْرِ مُصَلَّاهَا فِي بَيْتِهَا وَإِذَا اعْتَكَفَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ مَسْجِدِ بَيْتِهَا كَالرَّجُلِ إلَّا لِحَاجَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهَا مُصَلًّى لَا تَعْتَكِفُ قِيلَ وَلَوْ اعْتَكَفَتْ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ جَازَ وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ وَمَسْجِدُ حَيِّهَا أَفْضَلُ لَهَا مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا.
(وَلَا يَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ) مِنْ الْمَسْجِدِ (إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ) كَالطَّهَارَةِ وَمُقَدِّمَاتِهَا وَهَذَا التَّفْسِيرُ أَحْسَنُ مِنْ أَنْ يُفَسَّرَ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ تَدَبَّرْ وَلَا يَتَوَضَّأُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ عَرْصَتِهِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ لِلْوُضُوءِ وَلَا يَمْكُثَ بَعْدَ الْفَرَاغِ (أَوْ الْجُمُعَةِ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَهَمِّ حَوَائِجِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ هُوَ يَقُولُ يُمْكِنُهُ الِاعْتِكَافُ فِي الْجَامِعِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي الْخُرُوجِ وَلَنَا أَنَّ الِاعْتِكَافَ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ مَشْرُوعٌ فَإِذَا صَحَّ الشُّرُوعُ فَالضَّرُورَةُ مُطْلَقَةٌ فِي الْخُرُوجِ (فِي وَقْتٍ يُدْرِكُهَا) أَيْ يَخْرُجُ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُهَا إنْ كَانَ الْمُعْتَكِفُ بَعِيدًا وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا يَخْرُجُ وَقْتَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ بَعْدَهُ (مَعَ سُنَّتِهَا) وَهِيَ أَرْبَعٌ قَبْلَهَا.
وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ سِتٌّ: رَكْعَتَانِ تَحِيَّةٌ وَأَرْبَعٌ سُنَّةٌ.
وَلَوْ قَالَ فِي السُّنَنِ
لَكَانَ أَشْمَلَ لِرِوَايَةِ الْحَسَنِ وَيَجُوزُ بَعْدَهَا فِي الْجَامِعِ أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَخْبَارِ فِي النَّافِلَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ لَا عَلَى خِلَافِ الْإِمَامَيْنِ إذْ لَا وَجْهَ لَهُ لِاعْتِبَارِهِ هَا هُنَا فَإِنَّهُ لَا مُضَايَقَةَ فِي الْخُرُوجِ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ (وَلَا يَلْبَثَ فِي الْجَامِعِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ لَبِثَ) أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ يَوْمًا (فَلَا فَسَادَ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لَهُ غَيْرَ أَنَّهُ يُوجِبُ الْمُخَالَفَةَ لِالْتِزَامِهِ الْمُكْثَ فِي مُعْتَكَفِهِ فَكُرِهَ كَمَا فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ (فَإِنْ خَرَجَ) مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ نَاسِيًا (سَاعَةً بِلَا عُذْرٍ فَسَدَ) اعْتِكَافُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ لِوُجُودِ الْمُنَافِي، وَلَوْ قَلِيلًا وَهُوَ الْقِيَاسُ أَمَّا لَوْ خَرَجَ بِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَانْهِدَامِ الْمَسْجِدِ أَوْ تَفَرُّقِ أَهْلِهِ بِحَيْثُ بَطَلَتْ الْجَمَاعَةُ مِنْهُ أَوْ لِإِخْرَاجِ ظَالِمٍ لَهُ كَرْهًا أَوْ لِخَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ مِنْ الْمُكَابِرِينَ فَدَخَلَ آخَرَ مِنْ سَاعَتِهِ لَمْ يَفْسُدْ اعْتِكَافُهُ اسْتِحْسَانًا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَمَجْلِسِ الْعِلْمِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَإِنْجَاءِ الْغَرِيقِ وَالْحَرِيقِ وَالْجِهَادِ وَلَوْ كَانَ النَّفِيرُ عَامًّا وَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ وَلَكِنْ لَا يَأْثَمُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ فَحُكِمَ بِعَدَمِ الْفَسَادِ فِيمَا إذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ وَعَلَى هَذَا الْجِنَازَةُ إذَا تَعَيَّنَتْ.
(وَعِنْدَهُمَا لَا يَفْسُدُ مَا لَمْ يَكُنْ) الْخُرُوجُ (أَكْثَرَ الْيَوْمِ) وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ؛ لِأَنَّ فِي الْقَلِيلِ ضَرُورَةً وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْكَثِيرِ وَقَوْلُهُ أَقْيَسُ وَقَوْلُهُمَا أَيْسَرُ لِلْمُسْلِمِينَ هَذَا كُلُّهُ فِي الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ بِعُذْرٍ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ.
(وَأَكْلُهُ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ (وَشُرْبُهُ وَنَوْمُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنْ خَرَجَ لِأَجْلِهَا بَطَلَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْخُرُوجِ حَيْثُ جَازَتْ فِيهِ.
(وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَبْتَاعَ) أَيْ يَشْتَرِيَ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ (بِلَا إحْضَارِ السِّلْعَةِ) فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إمَارَاتِ السُّوقِ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بَاشَا الظَّاهِرُ مِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ جَوَازُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مُطْلَقًا لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ ذَلِكَ مَتْجَرًا فَيُكْرَهُ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ الصَّحِيحُ هَذَا وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ فِي قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَقُومُ بِحَوَائِجِهِ دَلَالَةً عَلَى هَذَا، وَفِيهِ مَنْعُ الدَّلَالَةِ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُتَأَمَّلْ.
(وَلَا يَجُوزُ) الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ وَكَذَا كُرِهَ فِيهِ التَّعْلِيمُ وَالْكِتَابَةُ وَالْخِيَاطَةُ بِأَجْرٍ وَكُلُّ شَيْءٍ كُرِهَ فِيهِ كُرِهَ فِي سَطْحِهِ وَاسْتَثْنَى الْبَزَّازِيُّ مِنْ كَرَاهَةِ التَّعْلِيمِ بِأَجْرٍ فِيهِ أَنْ يَكُونَ لِضَرُورَةٍ.
وَفِي الشُّمُنِّيِّ أَنَّ الْخَيَّاطَ يَحْفَظُ الْمَسْجِدَ فَلَا بَأْسَ بِخِيَاطَتِهِ فِيهِ (لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُعْتَكِفِ وَأَمَّا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فَلَا يُكْرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ.
(وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ (الْوَطْءُ) وَلَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187](وَدَوَاعِيهِ) أَيْ وَكَذَا يَحْرُمُ دَوَاعِي الْوَطْءِ وَهُوَ اللَّمْسُ وَالْقُبْلَةُ وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّهَا مُؤَدِّيَةٌ إلَيْهِ.
(وَيَفْسُدُ) الِاعْتِكَافُ (بِوَطْئِهِ وَلَوْ نَاسِيًا) أَنْزَلَ أَوْ لَا خَصَّ الْوَطْءَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي النَّهَارِ نَاسِيًا لَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ حَالَةَ