الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ مُعَلَّقًا (لَزِمَهُ الْوَفَاءُ) بِمَا نَذَرَ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالْكَفَّارَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ بِلَا خِلَافٍ.
(وَلَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ لَا يُرِيدُهُ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ صِفَةُ شَرْطٍ (كَإِنْ زَنَيْت) أَوْ شَرِبْت خَمْرًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا أَوْ نَذَرَ (خُيِّرَ بَيْنَ الْوَفَاءِ) بِأَصْلِ الْقُرْبَةِ الَّتِي الْتَزَمَهَا لَا بِكُلِّ وَصْفٍ الْتَزَمَهُ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُصَنِّفِ تَقْيِيدُهُ تَأَمَّلْ.
(وَالتَّكْفِيرُ) أَيْ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ (هُوَ الصَّحِيحُ) رِوَايَةً وَدِرَايَةً
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ رُجُوعُ الْإِمَامِ عَمَّا نُقِلَ عَنْهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ وُجُوهِ الْوَفَاءِ سَوَاءٌ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ يُرِيدُهُ أَوْ بِشَرْطٍ لَا يُرِيدُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ إذَا عُلِّقَ بِشَرْطٍ لَا يُرِيدُهُ فَفِي مَعْنَى الْيَمِينِ وَهُوَ الْمَنْعُ وَلَكِنَّهُ بِظَاهِرِهِ نَذْرٌ فَيُخَيَّرُ، وَفِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ هَذِهِ الشَّاةَ وَهِيَ مِلْكُ الْغَيْرِ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَأُهْدِيَنَّ وَلَوْ نَوَى الْيَمِينَ كَانَ يَمِينًا.
وَفِي التَّنْوِيرِ نَذَرَ أَنْ يَذْبَحَ وَلَدَهُ فَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَلَغَا لَوْ كَانَ يَذْبَحُ نَفْسَهُ أَوْ أَبِيهِ أَوْ جَدَّهُ أَوْ أُمَّهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ بَرِئْتُ مِنْ مَرَضِي هَذَا ذَبَحْت شَاةً أَوْ عَلَيَّ شَاةٌ أَذْبَحُهَا، فَبَرَأَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا إذَا زَادَ وَأَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ جَزُورًا وَأَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهِ وَذَبَحَ مَكَانَهُ سَبْعَ شِيَاهٍ جَازَ،
نَذَرَ لِفُقَرَاءِ مَكَّةَ جَازَ الصَّرْفُ إلَى فُقَرَاءِ غَيْرِهَا
نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ الْخُبْزِ فَتَصَدَّقَ بِغَيْرِهِ جَازَ إنْ سَاوَى الْعَشَرَةَ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ مُتَتَابِعًا لَكِنْ إنْ أَفْطَرَ قَضَاهُ بِلَا لُزُومِ اسْتِئْنَافٍ
نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَلْفٍ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ يَمْلِكُ دُونَهَا لَزِمَهُ فَقَطْ كَمَا لَوْ قَالَ مَا لِي فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ وَلَا مَالَ لَهُ
نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ يَوْمَ كَذَا عَلَى زَيْدٍ فَتَصَدَّقَ بِمِائَةٍ أُخْرَى قَبْلَهُ عَلَى فَقِيرٍ آخَرَ جَازَ.
وَفِي الْوَلَوْالِجيَّةِ إذَا حَلَفَ بِالنَّذْرِ وَهُوَ يَنْوِي صِيَامًا وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا مَعْلُومًا فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ إنْ نَوَى صَدَقَةً وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَعَلَيْهِ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ (وَمَنْ وَصَلَ بِحَلِفِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ» إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاتِّصَالِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ رُجُوعٌ وَلَا رُجُوعَ فِي الْيَمِينِ، إلَّا إذَا كَانَ انْقِطَاعُهُ بِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَيَبْطُلُ بِالِاسْتِثْنَاءِ كُلُّ مَا تَعَلَّقَ بِالْقَوْلِ مِنْ عِبَادَةٍ وَمُعَامَلَةٍ بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْقَلْبِ.
[بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالْإِتْيَانِ وَالسُّكْنَى وَغَيْرِ ذَلِكَ]
َ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْأَفْعَالِ الَّتِي يُحْلَفُ عَلَيْهَا وَلَا سَبِيلَ إلَى حَصْرِهَا لِكَثْرَتِهَا لِتَعَلُّقِهَا بِاخْتِيَارِ الْفَاعِلِ فَيَدُورُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِهِمْ، وَالْمَذْكُورُ نَوْعَانِ أَفْعَالٌ حِسِّيَّةٌ وَأُمُورٌ شَرْعِيَّةٌ، وَبَدَأَ بِالْأَهَمِّ، وَهُوَ الدُّخُولُ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الْحُلُولِ فِي مَكَان أَلْزَمُ لِلْجِسْمِ مِنْ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ الْأَصْلُ أَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ عِنْدَنَا لَا عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَعَلَى الِاسْتِعْمَالِ الْقُرْآنِيِّ كَمَا عَنْ مَالِكٍ وَلَا عَلَى النِّيَّةِ مُطْلَقًا كَمَا عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ بِالْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ أَعْنِي الْأَلْفَاظَ
الَّتِي يُرَادُ بِهَا مَعَانِيهَا الَّتِي وُضِعَتْ فِي الْعُرْفِ كَمَا أَنَّ الْعَرَبِيَّ حَالَ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ بِالْحَقَائِقِ اللُّغَوِيَّةِ وَيَجِبُ صَرْفُ أَلْفَاظِ الْمُتَكَلِّمِ إلَى مَا عُهِدَ أَنَّهُ الْمُرَادُ بِهَا وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
(حَلَفَ) بِالْقَسَمِ أَوْ الشَّرْطِيَّةِ (لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ الْكَعْبَةَ أَوْ الْمَسْجِدَ أَوْ الْبِيعَةَ أَوْ الْكَنِيسَةَ لَا يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ أُعِدَّ لِلْبَيْتُوتَةِ وَهَذِهِ الْبِقَاعُ مَا بُنِيَتْ لَهَا وَتَسْمِيَةُ الْبَيْتِ لِلْكَعْبَةِ، وَالْمَسْجِدِ مَجَازٌ وَمُطْلَقُ الِاسْمِ يَنْصَرِفُ إلَى الْحَقِيقَةِ.
(وَكَذَا) أَيْ لَا يَحْنَثُ (لَوْ دَخَلَ دِهْلِيزًا) مُعَرَّبٌ بِكَسْرِ الدَّالِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَدَاخِلِ الدَّارِ (أَوْ ظُلَّةَ بَابِ دَارٍ إنْ كَانَ لَوْ أُغْلِقَ) الْبَابُ (يَبْقَى خَارِجًا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ خَارِجًا لَوْ أُغْلِقَ الْبَابُ (حَنِثَ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ لِلدِّهْلِيزِ، وَالظُّلَّةِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَغَيْرُهُ الظُّلَّةُ بِالضَّمِّ السَّابَاطُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى بَابِ الدَّارِ مِنْ سَقْفٍ لَهُ جُذُوعٌ أَطْرَافُهَا عَلَى جِدَارِ الْبَابِ وَأَطْرَافُهَا الْأُخَرُ عَلَى جِدَارِ الْجَارِ الْمُقَابِلِ لَهُ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِهِ؛ لِأَنَّ الظُّلَّةَ إذَا كَانَ مَعْنَاهَا مَا هُوَ دَاخِلُ الْبَيْتِ مُسْقَفًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ؛ لِأَنَّهُ يُبَاتُ فِيهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ الدِّهْلِيزِ مَا لَمْ يَصْلُحْ لِلْبَيْتُوتَةِ أَمَّا إذَا كَانَ كَبِيرًا بِحَيْثُ يُبَاتُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ فَإِنَّ مِثْلَهُ يُعْتَادُ بَيْتُوتَةً لِلضُّيُوفِ فِي بَعْضِ الْقُرَى وَفِي بَعْضِ الْمُدُنِ يَبِيتُ فِيهِ بَعْضُ الْأَتْبَاعِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ انْتَهَى. وَمَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى هَذَا زَعَمَ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلدِّهْلِيزِ فَقَطْ فَقَالَ مَا قَالَ، تَدَبَّرْ (كَمَا لَوْ دَخَلَ صُفَّةً) أَيْ يَحْنَثُ فِي حَلِفِهِ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ صُفَّةً عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا أَرْبَعَةُ حَوَائِطَ كَمَا فِي صُفَّاتِ الْكُوفَةِ أَوْ ثَلَاثَةٌ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُسْقَفًا كَمَا فِي صُفَّاتِ دِيَارِنَا؛ لِأَنَّهُ يُبَاتُ فِيهِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مَفْتَحَهُ وَاسِعٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ السَّقْفَ لَيْسَ شَرْطًا فِي مُسَمًّى الْبَيْتِ فَيَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدِّهْلِيزُ مُسْقَفًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ فِي الصُّفَّةِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا لَوْ دَخَلَ دِهْلِيزًا أَوْ ظُلَّةَ بَابِ دَارٍ بِحَيْثُ لَوْ أُغْلِقَ الْبَابُ يَبْقَى خَارِجًا، فَإِنَّ الصُّفَّةَ عِنْدَهُمْ اسْمٌ لِبَيْتٍ صَيْفِيٍّ كَمَا فِي صُفَّاتِ الْكُوفَةِ وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَهِيَ غَيْرُ الْبَيْتِ ذَاتُ ثَلَاثَةِ حَوَائِطَ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ (وَفِي حَلِفِهِ لَا يَدْخُلُ دَارًا) وَلَمْ يُسَمِّ دَارًا بِعَيْنِهَا وَلَمْ يَنْوِهَا (فَدَخَلَ دَارًا خَرِبَةً لَا يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْبِنَاءِ، وَالْعَرْصَةُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا أَنَّهَا اسْمٌ لِلْعَرْصَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَالْعَجَمِ، يُقَالُ دَارٌ عَامِرَةٌ وَدَارٌ غَامِرَةٌ، وَقَدْ شَهِدَتْ أَشْعَارُ الْعَرَبِ بِذَلِكَ، وَالْبِنَاءُ وَصْفٌ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الْوَصْفَ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ وَفِي الْغَائِبِ مُعْتَبَرٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَضَعَّفَهُ الْكَافِي وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْبِنَاءَ وَصْفٌ مَرْغُوبٌ؛ لِأَنَّ الْعَرْصَةَ تَنْقُصُ بِنُقْصَانِهِ، وَالْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ فَإِذَا انْعَقَدَ النَّهْيُ عَلَى الْكَامِلِ لَا يَحْنَثُ بِالنَّاقِصِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَلَوْ قَالَ) وَاَللَّهِ لَا يَدْخُلُ (هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا) حَالَ كَوْنِهَا (خَرِبَةً) لِمُجَرَّدِ، الْإِيضَاحِ فَالْعِبَارَةُ وَلَوْ (صَحْرَاءَ) وَأَرَادَ بِالْخَرِبَةِ الدَّارَ الَّتِي لَمْ يَبْقَ فِيهَا بِنَاءٌ أَصْلًا أَمَّا إذَا زَالَ بَعْضُ حِيطَانِهَا وَبَقِيَ الْبَعْضُ
فَهَذِهِ دَارٌ خَرِبَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ فِي الْمُنَكَّرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ (أَوْ) دَخَلَهَا (بَعْدَمَا بُنِيَتْ) هَذِهِ الدَّارُ الْخَرِبَةُ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْحَالِ، وَالشَّرْطِيَّةِ بِتَقْدِيرِ الْفِعْلِ مُعْتَبَرَةٌ (دَارًا أُخْرَى حَنِثَ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْبِنَاءَ وَصْفٌ، وَالْوَصْفُ فِي الْحَاضِرِ الْمُعَيَّنِ لَغْوٌ إذْ الْإِشَارَةُ أَبْلَغُ فِي التَّعْيِينِ.
وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَحْنَثُ فِي الْوَجْهَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ إنْ حَلَفَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ فِي الْمُنَكَّرِ، وَالْمُعَرَّفِ إلَّا بِدُخُولِ الْمَبْنِيَّةِ كَمَا فِي الْكَافِي.
وَفِي الدُّرَرِ اعْتِرَاضَاتٌ عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ لَكِنْ لَا جَدْوَى فِيهَا لِكَوْنِهَا مُدَافَعَةً وَدَعْوَى فَلْيُطَالَعْ.
(وَكَذَا) يَحْنَثُ (لَوْ وَقَفَ عَلَى سَطْحِهَا) أَيْ سَطْحِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ السَّطْحَ مِنْ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ مِنْ الْبَابِ بِأَنْ يُوصَلَ مِنْ سَطْحٍ آخَرَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ بِالْخُرُوجِ إلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ (وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ فِي عُرْفِنَا) أَيْ فِي عُرْفِ الْعَجَمِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا أَوْ مَحْمُولًا بِامْرِئٍ حَنِثَ، وَكَذَا لَوْ نَزَلَ مِنْ سَطْحِهَا أَوْ صَعِدَ شَجَرَةً وَأَغْصَانُهَا فِي الدَّارِ فَقَامَ عَلَى غُصْنٍ لَوْ سَقَطَ يَسْقُطُ فِي الدَّارِ حَنِثَ، وَكَذَا لَوْ قَامَ عَلَى حَائِطٍ مِنْهَا.
وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْحَائِطُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ فَارْتَقَى شَجَرَةً أَغْصَانُهَا فِي الدَّارِ أَوْ قَامَ عَلَى حَائِطٍ مِنْهَا أَوْ صَعِدَ السَّطْحَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ دُخُولًا فِي الْعَجَمِ انْتَهَى.
وَفِي الْكَافِي، وَالْمُخْتَارُ أَنْ لَا يَحْنَثَ إنْ كَانَ الْحَالِفُ مِنْ بِلَادِ الْعَجَمِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُصَنِّفِ تَفْصِيلٌ تَدَبَّرْ.
(وَلَوْ دَخَلَ طَاقَ بَابِهَا) أَيْ بَابِ الدَّارِ (أَوْ دِهْلِيزَهَا) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَ طَاقَ بَابِهَا أَوْ دِهْلِيزَهَا (إنْ كَانَ لَوْ أُغْلِقَ) الْبَابُ (يَبْقَى خَارِجًا) مِنْ الدَّارِ (لَا يَحْنَثُ) وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ الدِّهْلِيزَ مَا بَيْنَ الدَّارِ، وَالْبَابِ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا فَعَلَى هَذَا لَا يُمْكِنُ هَذَا التَّفْصِيلُ تَأَمَّلْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ خَارِجًا (حَنِثَ) هَذَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ وَاقِفًا بِقَدَمَيْهِ فِي طَاقِ الْبَابِ، فَلَوْ وَقَفَ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْعَتَبَةِ وَأَدْخَلَ الْأُخْرَى فَإِنْ اسْتَوَى الْجَانِبَانِ حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ أَسْفَلَ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ كَانَ الْجَانِبُ الدَّاخِلُ أَسْفَلَ حَنِثَ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ.
وَفِي الْمِنَحِ وَلَوْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ الْخُرُوجَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ.
(وَلَوْ جُعِلَتْ) الدَّارُ الْمَحْلُوفَةُ الْمُعَيَّنَةُ (مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ بَيْتًا) أَوْ نَهْرًا أَوْ دَارًا (بَعْدَمَا خَرِبَتْ) الدَّارُ (فَدَخَلَهَا) أَيْ الْحَالِفُ (لَا يَحْنَثُ) لِتَبَدُّلِ اسْمِ الدَّارِ بِغَيْرِهِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْإِشَارَةُ مَعَ التَّسْمِيَةِ أَمَّا لَوْ أَشَارَ وَلَمْ يُسَمِّ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ دَارًا أَوْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عُقِدَتْ عَلَى الْعَيْنِ دُونَ الِاسْمِ، وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(وَكَذَا) لَا يَحْنَثُ (لَوْ دَخَلَ بَعْدَ انْهِدَامِ الْحَمَّامِ وَأَشْبَاهِهِ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ.
هَذِهِ الدَّارَ فَجُعِلَتْ حَمَّامًا أَوْ مَسْجِدًا أَوْ بُسْتَانًا، ثُمَّ انْهَدَمَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فَدَخَلَ الْعَرْصَةَ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ قَدْ زَالَ بِالْكُلِّيَّةِ بِاعْتِرَاضِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَيْهَا وَبِانْهِدَامِهَا لَا يَعُودُ اسْمُ الدَّارِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْمَسْجِدَ فَهُدِمَ، ثُمَّ بُنِيَ مَسْجِدٌ آخَرُ أَوْ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْفُسْطَاطَ فَنُقِضَ وَضُرِبَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَدَخَلَهُ حَنِثَ لِعَدَمِ اعْتِرَاضِ اسْمٍ آخَرَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَكْتُبُ بِهَذَا الْقَلَمِ فَكَسَرَهُ، ثُمَّ بَرَّاهُ فَكَتَبَ بِهِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَفِي إضَافَةِ الْهَدْمِ إلَى الْحَمَّامِ مَعَ كَوْنِ الْمَسْجِدِ يُذْكَرُ مُقَدَّمًا فِي الْأُولَى رِعَايَةُ أَمْرٍ حَسَنٍ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَفِي لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فَدَخَلَهُ بَعْدَمَا انْهَدَمَ) الْبَيْتُ (وَصَارَ صَحْرَاءَ أَوْ بَعْدَمَا بَنَى بَيْتًا آخَرَ لَا يَحْنَثُ) لِزَوَالِ اسْمِ الْبَيْتِ بَعْدَ الِانْهِدَامِ فَإِنَّهُ لَا يُبَاتُ فِيهِ (بِخِلَافٍ مِمَّا لَوْ سَقَطَ السَّقْفُ وَبَقِيَ الْجُدْرَانُ) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ السَّقْفَ صِفَةُ الْكَمَالِ فِيهِ إذْ الْبَيْتُوتَةُ تَحْصُلُ عِنْدَ عَدَمِهِ فَصَارَ السَّقْفُ فِي الْبَيْتِ كَأَصْلِ الْبِنَاءِ فِي الدَّارِ.
وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ بَيْتًا لَا سَقْفَ لَهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَصْفٌ، وَالْوَصْفُ فِي الْغَائِبِ مُعْتَبَرٌ (وَفِي لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ، وَهُوَ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ (فِيهَا) أَيْ فِي الدَّارِ (لَا يَحْنَثُ) اسْتِحْسَانًا (مَا لَمْ يَخْرُجْ، ثُمَّ يَدْخُلْ) ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ تَنْزِيلًا لِلْبَقَاءِ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الدُّخُولَ هُوَ الِانْفِصَالُ مِنْ الْخَارِجِ إلَى الدَّاخِلِ، وَهَذَا الْفِعْلُ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ فَلَا يُقَالُ دَخَلَ يَوْمًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُمْتَدًّا لَا يَكُونُ بَقَاؤُهُ كَابْتِدَائِهِ، وَنَظِيرُهُ لَا يَخْرُجُ، وَهُوَ خَارِجٌ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَدْخُلَ وَيَخْرُجَ، وَكَذَا لَا يَتَزَوَّجُ، وَهُوَ مُتَزَوِّجٌ، وَلَا يَتَطَهَّرُ، وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ فَاسْتَدَامَ الطَّهَارَةَ وَالنِّكَاحَ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(وَفِي لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ، وَهُوَ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ (لَابِسُهُ أَوْ لَا يَرْكَبُ هَذِهِ الدَّابَّةَ، وَهُوَ رَاكِبُهَا أَوْ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ، وَهُوَ سَاكِنُهَا) ، ثُمَّ شَرَعَ فِي النَّشْرِ عَلَى التَّرْتِيبِ فَقَالَ (إنْ أَخَذَ) أَيْ شَرَعَ الْحَالِفُ (فِي النَّزْعِ) أَيْ نَزْعِ الثَّوْبِ (وَالنُّزُولِ) مِنْ الدَّابَّةِ (وَالنُّقْلَةِ) بِالضَّمِّ، وَالسُّكُونِ اسْمٌ لَا مَصْدَرٌ أَيْ انْتِقَالُهُ مِنْ بَابِ الدَّارِ (مِنْ غَيْرِ لُبْثٍ) مُتَعَلِّقٌ لِلْجَمِيعِ (لَا يَحْنَثُ) وَقَالَ زُفَرُ يَحْنَثُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَإِنْ قَلَّ قُلْنَا الْيَمِينُ شُرِعَتْ لِلْبِرِّ فَزَمَانُ تَحْصِيلِ الْبِرِّ مُسْتَثْنًى (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فِي النَّزْعِ، وَالنُّزُولِ وَالنُّقْلَةِ وَلَبِثَ عَلَى حَالِهِ سَاعَةً (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ مِمَّا تَمْتَدُّ وَيُضْرَبُ لَهَا آجَالٌ وَيُقَالُ لَبِثْت يَوْمًا وَرَكِبْت يَوْمًا وَسَكَنْت شَهْرًا فَأَعْطَى لِبَقَائِهَا حُكْمَ ابْتِدَائِهَا، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ كُلَّمَا رَكِبْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهُوَ رَاكِبٌ فَمَكَثَ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِي كُلِّ سَاعَةٍ طَلْقَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ رَاكِبًا فَرَكِبَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً وَلَا تَطْلُقُ بِالِاسْتِمْرَارِ.
وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ فَلْيُرَاجَعْ (ثُمَّ فِي لَا يَسْكُنُ هَذَا الْبَيْتَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ بِجَمِيعِ أَهْلِهِ) بِالِاتِّفَاقِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مَانِعٌ مِنْهُ كَمَا لَوْ أَبَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَنْتَقِلَ وَغَلَبَتْهُ وَخَرَجَ هُوَ وَلَمْ يُرِدْ الْعَوْدَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ (وَمَتَاعِهِ حَتَّى
لَوْ بَقِيَ وَتِدٌ) مِنْ مَتَاعِهِ (يَحْنَثُ) عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا يَحْنَثُ لَوْ بَقِيَ شَيْءٌ لَا قِيمَةَ لَهُ، لَكِنْ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ أَنَّ مَشَايِخَنَا قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ الْبَاقِي مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ السُّكْنَى فَأَمَّا بِبَقَاءِ مِكْنَسَةٍ أَوْ وَتِدٍ أَوْ قِطْعَةِ حَصِيرٍ لَا يَبْقَى سَاكِنًا فَلَا يَحْنَثُ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُعْتَبَرُ نَقْلُ الْأَكْثَرِ) لِتَعَذُّرِ نَقْلِ الْكُلِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ نَقْلُ مَا يَقُومُ بِهِ كَدَخْدَائِيَّتِهِ) أَيْ يُعْتَبَرُ نَقْلُ مَا لَا بُدَّ فِي الْبَيْتِ مِنْ آلَاتِ الِاسْتِعْمَالِ (وَهُوَ) أَيْ قَوْلُ مُحَمَّدٍ (الْأَحْسَنُ وَالْأَرْفَقُ) بِالنَّاسِ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ الْفَتْوَى بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَرْفَقَ هَذَا إذَا كَانَ مُسْتَقِلًّا بِسُكْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ لَوْ كَانَ سُكْنَاهُ تَبَعًا كَابْنٍ كَبِيرٍ سَاكِنٍ مَعَ أَبِيهِ وَامْرَأَةٍ مَعَ زَوْجِهَا فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَهِيَ زَوْجَهَا وَمَالَهَا لَا يَحْنَثُ، ثُمَّ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَوْ عَقَدَ بِالْفَارِسِيَّةِ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ بِعَزْمِ أَنْ لَا يَعُودَ لَا يَحْنَثُ، وَالْكُلُّ مُقَيَّدٌ بِالْإِمْكَانِ، حَتَّى لَوْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَاشْتَغَلَ بِطَلَبِ دَارٍ أُخْرَى لِنَقْلِ الْأَهْلِ، وَالْمَتَاعِ، أَوْ خَرَجَ لِطَلَبِ دَابَّةٍ لِيَنْتَقِلَ عَنْهَا الْمَتَاعَ فَلَمْ يَجِدْ أَيَّامًا لَمْ يَحْنَثْ، أَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَخْرُجَ حَتَّى أَصْبَحَ، أَوْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ كَثِيرَةً فَخَرَجَ، وَهُوَ يَنْتَقِلُ الْأَمْتِعَةَ بِنَفْسِهِ كَمَا يَنْتَقِلُ النَّاسُ فَإِنْ نَقَلَ لَا كَمَا يَنْتَقِلُ النَّاسُ يَكُونُ حَانِثًا، أَوْ وَجَدَ بَابَ الدَّارِ مُغْلَقًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْفَتْحِ وَلَا عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الْخُرُوجِ لِهَدْمِ بَعْضِ الْحَائِطِ وَلَمْ يَهْدِمْ لَا يَحْنَثُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ الْيَوْمَ فَقُيِّدَ وَمُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ أَيَّامًا يَحْنَثُ عَلَى الصَّحِيحِ (ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ نُقْلَتِهِ) أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْتَقِلَ (إلَى مَنْزِلٍ آخَرَ بِلَا تَأْخِيرٍ حَتَّى لَا يَبَرَّ بِنُقْلَتِهِ إلَى السِّكَّةِ أَوْ الْمَسْجِدِ) اسْتِدْلَالًا بِمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ مَنْ خَرَجَ بِعِيَالِهِ مِنْ مِصْرِهِ
فَلَمْ يَتَّخِذْ وَطَنًا آخَرَ يَبْقَى وَطَنُهُ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ فَكَذَا هَذَا، وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ لَوْ انْتَقَلَ إلَى السِّكَّةِ وَسَلَّمَ الدَّارَ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ آجَرَهَا وَسَلَّمَهَا بَرَّ فِي يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذْ دَارًا أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ سَاكِنًا انْتَهَى. هَذَا أَرْفَقُ وَلَعَلَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ لَكِنْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يَحْنَثُ مَا لَمْ يَتَّخِذْ مَسْكَنًا آخَرَ.
(وَكَذَا) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ بِجَمِيعِ أَهْلِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَعِيَالِهِ بِالِاخْتِلَافِ كَمَا مَرَّ فِي حَلِفِهِ (لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الْمَحَلَّةَ) ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّةَ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ.
(وَفِي لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الْبَلْدَةَ أَوْ الْقَرْيَةَ يَبَرُّ بِخُرُوجِهِ وَتَرْكِ أَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ فِيهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِنًا فِيهِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ سَاكِنًا فِي مِصْرٍ وَلَهُ فِي مِصْرٍ آخَرَ أَهْلٌ وَمَتَاعٌ، وَالْقَرْيَةُ بِمَنْزِلَةِ الْمِصْرِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْجَوَابِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (وَفِي لَا يَخْرُجُ) مِنْ هَذِهِ الدَّارِ مَثَلًا (فَأَمَرَ) الْحَالِفُ (مَنْ حَمَلَهُ وَأَخْرَجَهُ) عَنْهَا (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَأْمُورِ يَنْتَقِلُ إلَى الْآمِرِ فَصَارَ كَدَابَّةٍ يَرْكَبُهَا فَيَخْرُجُ عَلَيْهَا (وَلَوْ حُمِلَ) الْحَالِفُ (وَأُخْرِجَ بِلَا أَمْرِهِ) حَالَ كَوْنِهِ (مُكْرَهًا) بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ (أَوْ رَاضِيًا) بِقَبْلِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ (لَا يَحْنَثُ) فِي الصَّحِيحِ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِعَدَمِ فِعْلِهِ حَقِيقَةً، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَحُكْمًا لِعَدَمِ الْأَمْرِ مِنْهُ، وَالثَّانِي؛ فَلِأَنَّ انْتِقَالَ الْفِعْلِ بِالْأَمْرِ لَا الرِّضَى فَلَوْ هَدَّدَهُ فَخَرَجَ حَنِثَ لِوُجُودِ الْفِعْلِ مِنْهُ حَقِيقَةً وَإِذَا لَمْ يَحْنَثْ فِيهِمَا لَا يَنْحَلُّ فِي الصَّحِيحِ لِعَدَمِ فِعْلِهِ، وَقِيلَ يَنْحَلُّ وَيَظْهَرُ أَثَرُ هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ دَخَلَ بَعْدَ هَذَا الْإِخْرَاجِ هَلْ يَحْنَثُ فَمَنْ قَالَ انْحَلَّتْ قَالَ لَا يَحْنَثُ وَمَنْ قَالَ لَا يَنْحَلُّ قَالَ حَنِثَ وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مِنْ أَنَّ اللَّائِقَ بِالْكِتَابِ أَنْ يَتْرُكَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ بِسَابِقِهِ لَيْسَ بِسَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَالْعَجَبُ مِنْهُ أَنَّهُ صَرَّحَ فِي قَوْلِهِ مُكْرَهًا فَقَالَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الِامْتِنَاعُ وَإِلَّا فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ تَأَمَّلْ (وَمِثْلُهُ) أَيْ لَا يَخْرُجُ (لَا يَدْخُلُ) هَذِهِ الدَّارَ أَقْسَامًا وَحُكْمًا فَالْأَقْسَامُ أَنْ يَخْرُجَ بِأَمْرِهِ وَأَنْ يَخْرُجَ بِلَا أَمْرِهِ إمَّا مُكْرَهًا أَوْ رَاضِيًا، وَالْحُكْمُ الْحِنْثُ فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمُهُ فِي الْآخَرَيْنِ كَمَا فِي الدُّرَرِ، لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُصَوَّرَ بِالدُّخُولِ فَقَالَ أَنْ يَدْخُلَ فِي مَكَانِ أَنْ يَخْرُجَ لِكَوْنِهِ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ تَأَمَّلْ (وَفِي لَا يَخْرُجُ) مِنْهَا (إلَّا إلَى جِنَازَةٍ) مَثَلًا (فَخَرَجَ) مِنْ بَابِ دَارِهِ (إلَيْهَا) حَالَ كَوْنِهِ يُرِيدُهَا (ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ الْخُرُوجِ، وَالْإِرَادَةِ (أَتَى حَاجَةً أُخْرَى لَا يَحْنَثُ) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْخُرُوجُ إلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا خَرَجَ إلَى الْجِنَازَةِ وَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْيَمِينِ، وَالْإِتْيَانُ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ بِخُرُوجٍ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْهَا إلَى الْمَسْجِدِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ تُرِيدُ الْمَسْجِدَ، ثُمَّ بَدَا لَهَا فَذَهَبَتْ إلَى غَيْرِ الْمَسْجِدِ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.
(وَفِي لَا يَخْرُجُ) مِنْ بَلَدِهِ (إلَى مَكَّةَ) مَثَلًا، وَالْأَوْلَى اخْتِيَارُ غَيْرِهَا مِنْ الْبُلْدَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِالْمُسْلِمِ (فَخَرَجَ) مِنْ رَبَضِهِ حَالَ كَوْنِهِ (يُرِيدُهَا، ثُمَّ رَجَعَ) إلَيْهِ (حَنِثَ) لِوُجُودِ الْخُرُوجِ قَاصِدًا إلَيْهَا، وَهُوَ
الشَّرْطُ إذْ الْخُرُوجُ هُوَ الِانْفِصَالُ مِنْ الدَّاخِلِ إلَى الْخَارِجِ وَإِنَّمَا قُلْنَا مِنْ رَبَضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ قَاصِدًا مَكَّةَ وَلَمْ يُجَاوِزْ عُمْرَانَ مِصْرِهِ لَا يَحْنَثُ بِخِلَافِ الْخُرُوجِ إلَى الْجِنَازَةِ هَذَا إذَا كَانَ بَيْنَهَا مُدَّةُ السَّفَرِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ مِنْ الدَّاخِلِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ فَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ تَأَمَّلْ (وَفِي لَا يَأْتِيهَا) أَيْ مَكَّةَ (لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَدْخُلْهَا) فَإِنَّ الْإِتْيَانَ عِبَارَةٌ عَنْ الْوُصُولِ كَمَا لَا يَحْنَثُ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا تَأْتِيَ امْرَأَتُهُ عُرْسَ فُلَانٍ فَذَهَبَتْ قَبْلَ الْعُرْسِ وَكَانَتْ ثَمَّةَ حَتَّى مَضَى الْعُرْسُ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (وَالذَّهَابُ) مَعْنًى (كَالْخُرُوجِ) فَإِذَا حَلَفَ لَا يَذْهَبُ إلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ يُرِيدُهَا حَنِثَ (فِي الْأَصَحِّ) عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ الصَّاحِبَيْنِ فَيُشْتَرَطُ الْخُرُوجُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَقِيلَ هُوَ كَالْإِتْيَانِ فَيُشْتَرَطُ الْوُصُولُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلِهَذَا قَدَّمَهُ مَا نَوَى؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ (وَفِي) وَاَللَّهِ (لَيَأْتِيَنَّ فُلَانًا فَلَمْ يَأْتِهِ حَتَّى مَاتَ حَنِثَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ) أَجْزَاءِ (حَيَاتِهِ) ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِتْيَانِ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ لَا قَبْلَهُ، وَفِي الْغَايَةِ وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الْحَالِفَ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ لَا يَحْنَثُ مَا دَامَ الْحَالِفُ، وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ قَائِمَيْنِ لِتَصَوُّرِ الْبِرِّ، فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، فَعَلَى هَذَا أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ حَتَّى مَاتَ يَعُودُ إلَى أَحَدِهِمَا أَيِّهِمَا كَانَ لَا أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْحَالِفِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ.
(وَإِنْ قُيِّدَ الْإِتْيَانُ غَدًا بِالِاسْتِطَاعَةِ فَهُوَ) مَحْمُولٌ (عَلَى سَلَامَةِ الْآلَاتِ وَعَدَمِ الْمَوَانِعِ) الْحِسِّيَّةِ فَيَنْصَرِفُ اللَّفْظُ إلَيْهِمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
وَفِي الْبَحْرِ فَهِيَ اسْتِطَاعَةُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُرَادُ فِي الْعُرْفِ فَهِيَ سَلَامَةُ الْآلَاتِ وَصِحَّةُ الْأَسْبَابِ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ الِاسْتِطَاعَةُ رَفْعُ الْمَوَانِعِ (فَلَوْ لَمْ يَأْتِ وَ) الْحَالُ (لَا مَانِعَ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سُلْطَانٍ) أَوْ عَارِضٍ آخَرَ (حَنِثَ) إلَّا إذَا نَسِيَ الْيَمِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ كَمَا فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ مَانِعٌ وَكَذَا لَوْ جُنَّ فَلَمْ يَأْتِهِ حَتَّى مَضَى الْغَدُ.
(وَلَوْ نَوَى) الِاسْتِطَاعَةَ (الْحَقِيقَةَ) وَهِيَ الْقُدْرَةُ الَّتِي يُحْدِثُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْعَبْدِ عِنْدَ الْفِعْلِ وَذَا شَرْطٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا عِلَّةٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (صُدِّقَ دِيَانَةً) ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ (لَا قَضَاءَ فِي) الْقَوْلِ (الْمُخْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
وَفِي رِوَايَةٍ صُدِّقَ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إذَا نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ فَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ لَا يُخَالِفُهُ صُدِّقَ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَإِلَّا فَفِي تَصْدِيقِهِ قَضَاءً رِوَايَتَانِ، وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ التَّصْدِيقِ فَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُخْتَارِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ إنَّ الِاسْتِطَاعَةَ اسْتِطَاعَةُ الْأَمْوَالِ كَالزَّادِ، وَالرَّاحِلَةِ وَاسْتِطَاعَةُ الْأَفْعَالِ كَالْأَعْضَاءِ السَّلِيمَةِ وَاسْتِطَاعَةُ الْأَحْوَالِ وَهِيَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْأَفْعَالِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْأَوَّلَيْنِ وَيُسَمَّيَانِ بِالتَّوْفِيقِيَّةِ، وَالْأَخِيرَةُ بِالتَّكْلِيفِيَّةِ.
(وَفِي لَا تَخْرُجُ) امْرَأَتُهُ (إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ أَيْ لَا تَخْرُجُ خُرُوجًا إلَّا خُرُوجًا مُلْصَقًا بِإِذْنِهِ (شُرِطَ الْإِذْنُ لِكُلِّ خُرُوجٍ) ؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ وَقَعَتْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ، وَلَوْ نَوَى الْإِذْنَ مَرَّةً صُدِّقَ دِيَانَةً.
لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ، لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهَا كُلَّمَا أَرَدْت الْخُرُوجَ فَقَدْ أَذِنْت لَك، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ الشَّرْطُ فِي غَيْرِ إذْنِي وَكَذَا فِي إلَّا بِرِضَائِي أَوْ إرَادَتِي أَوْ أَمْرِي، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ بِلَا فَهْمٍ لِكَوْنِهَا نَائِمَةً أَوْ عَجَمِيَّةً فَلَيْسَ بِإِذْنٍ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَفِي قَوْلِهِ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَحْنَثُ بِخُرُوجِهَا بِوُقُوعِ غَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ غَالِبٍ فِيهَا (وَفِي إلَّا إنْ) أَيْ حَتَّى (أَذِنَ يَكْفِي الْإِذْنُ مَرَّةً) فَلَا يَحْنَثُ إنْ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ بَعْدَمَا خَرَجَتْ بِإِذْنٍ مَرَّةً؛ لِأَنَّ إلَّا إنْ لِلْغَايَةِ فَتَنْتَهِي الْيَمِينُ بِهِ.
وَفِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ سُؤَالٌ وَجَوَابٌ فَلْيُطَالَعْ (وَفِي لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ لَوْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ) أَيْ فِي الْخُرُوجِ (مَتَى شَاءَتْ) يَعْنِي إذَا قَالَ إنْ خَرَجْتِ إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ لَهَا أَذِنْتُ لَك أَنْ تَخْرُجِي كُلَّمَا شِئْت (ثُمَّ نَهَاهَا) عَنْ الْخُرُوجِ (فَخَرَجَتْ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) ؛ لِأَنَّ نَهْيَهُ بَعْدَ إذْنِهِ الْعَامِّ لَا يُفِيدُ لِارْتِفَاعِ الْيَمِينِ بَعْدَ الْإِذْنِ الْعَامِّ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ مَرَّةً، ثُمَّ نَهَاهَا يُعْمَلُ نَهْيُهُ اتِّفَاقًا فَكَذَا بَعْدَ الْإِذْنِ الْعَامِّ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَدَّمَهُ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا هُوَ دَأْبُهُ تَدَبَّرْ.
(وَلَوْ أَرَادَتْ) الْمَرْأَةُ (الْخُرُوجَ فَقَالَ) الزَّوْجُ (إنْ خَرَجْت) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) أَرَادَتْ (ضَرْبَ الْعَبْدِ فَقَالَ إنْ ضَرَبْت) فَعَبْدُهُ حُرٌّ (تَقَيَّدَ الْحِنْثُ بِالْفِعْلِ فَوْرًا) أَيْ تَقَيَّدَ يَمِينُهُ بِتِلْكَ الْخُرْجَةِ، وَالضَّرْبَةِ (فَلَوْ لَبِثَتْ) سَاعَةً (ثُمَّ فَعَلَتْ) أَيْ خَرَجَتْ أَوْ ضَرَبَتْ (لَا يَحْنَثُ) الْحَالِفُ وَهَذِهِ يَمِينُ الْفَوْرِ مَأْخُوذٌ مِنْ فَارَتْ الْقِدْرُ إذَا غَلَتْ فَاسْتُعِيرَ لِلسُّرْعَةِ، ثُمَّ سُمِّيَتْ بِهِ الْحَالَةُ الَّتِي لَا لُبْثَ فِيهَا وَتَفَرَّدَ الْإِمَامُ بِإِظْهَارِهَا وَلَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ فِيهِ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَقُولُونَ الْيَمِينُ نَوْعَانِ مُطْلَقَةٌ كَلَا يَفْعَلُ كَذَا وَمُوَقَّتَةٌ كَلَا تَفْعَلُ كَذَا الْيَوْمَ فَخَرَّجَ قِسْمًا ثَالِثًا وَهِيَ الْمُوَقَّتَةُ مَعْنًى الْمُطْلَقَةُ لَفْظًا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَخْرُجْ أَوْ لَمْ أَذْهَبْ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَنَوَى الْخُرُوجَ، وَالذَّهَابَ دُونَ السُّكْنَى، وَالْفَوْرِ لَمْ يَحْنَثْ بِالتَّوَقُّفِ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ نَوَى السُّكْنَى أَوْ الْفَوْرَ أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ حَنِثَ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِيَيْنِ.
(قَالَ لِآخَرَ اجْلِسْ فَتَغَدَّ مَعِي فَقَالَ إنْ تَغَدَّيْت فَكَذَا) أَيْ فَعَبْدِي حُرٌّ مَثَلًا (لَا يَحْنَثُ بِالتَّغَدِّي لَا مَعَهُ) أَيْ بِدُونِهِ.
(وَلَوْ) وَصْلِيَّةً (فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ) ؛ لِأَنَّ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ الزَّجْرُ عَنْ تِلْكَ الْحَالَةِ فَيَتَقَيَّدُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَتَقَيَّدُ بِالْحَالِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْغَدَاءِ الْمَدْعُوِّ إلَيْهِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مُطْلَقِ الْغَدَاءِ فَيَتَنَاوَلُ كُلَّ غَدَاءٍ (إلَّا أَنْ قَالَ إنْ تَغَدَّيْت الْيَوْمَ) أَوْ مَعَك فَعَبْدِي حُرٌّ فَتَغَدَّى فِي بَيْتِهِ أَوْ مَعَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْجَوَابِ فَيُجْعَلُ مُبْتَدَأً.
(وَفِي لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ) أَيْ حَلَفَ عَلَيْهِ (فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدٍ لَهُ) أَيْ لِفُلَانٍ (مَأْذُونٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا إنْ نَوَاهُ) أَيْ مَرْكَبَ مَأْذُونٍ (وَهُوَ) الْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ (غَيْرُ مُسْتَغْرَقٍ بِالدَّيْنِ) فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ مَرْكَبَهُ