الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَرَّ تَحْقِيقُهُ آنِفًا.
(وَإِنْ كَانَ) دَيْنُهُ (دَنَانِيرَ فَسَرَقَ دَرَاهِمَ أَوْ بِالْعَكْسِ وَلَا يُقْطَعُ) ، وَكَذَا لَوْ سَرَقَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ أَجْوَدَ، أَوْ أَرْدَأَ؛ لِأَنَّ النَّقْدَيْنِ جِنْسٌ وَاحِدٌ حُكْمًا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ (وَقِيلَ يُقْطَعُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ (وَلَا بِمَا قَطْعَ فِيهِ) مَرَّةً (وَلَمْ يَتَغَيَّرْ) أَيْ: إذَا سَرَقَ مَالًا فَقُطِعَ فَرَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ، ثُمَّ سَرَقَهُ ثَانِيًا، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَسْرُوقُ عَنْ حَالَتِهِ الْأُولَى حَقِيقَةً فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُقْطَعَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَدَلِيلُ الطَّرَفَيْنِ مُبَيَّنٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمَسْرُوقُ (قَدْ تَغَيَّرَ) عِنْدَ أَخْذِهِ ثَانِيًا (قُطِعَ ثَانِيًا) وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مَالِكُهُ بَعْدَ الرَّدِّ، ثُمَّ سَرَقَهُ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ حُكْمًا عِنْدَ مَشَايِخِنَا وَعِنْدَ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ لَا يُقْطَعُ (كَغَزْلٍ نُسِخَ) أَيْ لَوْ سَرَقَ الْغَزْلَ فَقُطِعَ وَرُدَّ ثُمَّ نُسِجَ فَعَادَ وَسَرَقَ ثَانِيًا قُطِعَ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالتَّغْيِيرِ كَعَيْنٍ أُخْرَى حَتَّى تَبَدَّلَ اسْمُهُ وَيَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ بِهِ، وَكَذَا فِي كُلِّ عَيْنٍ فَرُدَّ عَلَى الْمَالِكِ فَأَحْدَثَ فِيهِ صَنْعَةً لَوْ أَحْدَثَهُ الْغَاصِبُ فِي الْمَغْصُوبِ انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
وَفِي الْفَتْحِ لَوْ سَرَقَ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً وَقُطِعَ بِهِ وَرُدَّ فَجَعَلَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ آنِيَةً، أَوْ كَانَتْ آنِيَةً فَضَرَبَهَا دَرَاهِمَ، ثُمَّ عَادَ فَسَرَقَهُ لَا يُقْطَعُ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا.
[فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ]
ِ (هُوَ) أَيْ: الْحِرْزُ (قِسْمَانِ) حِرْزٌ (بِمَكَانٍ) ، وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِإِحْرَازِ الْأَمْتِعَةِ (كَبَيْتٍ، وَلَوْ بِلَا بَابٍ، أَوْ بَابُهُ مَفْتُوحٌ) ؛ لِأَنَّ الْبَابَ لِقَصْدِ الْإِحْرَازِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَطْعُ إلَّا بِالْإِخْرَاجِ لِبَقَاءِ يَدِهِ قَبْلَهُ.
وَفِي التَّبْيِينِ، وَلَوْ كَانَ بَابُ الدَّارِ مَفْتُوحًا فِي النَّهَارِ فَسَرَقَ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مُكَابَرَةٌ، وَلَيْسَ بِسَرِقَةٍ، وَلَوْ كَانَ فِي اللَّيْلِ بَعْدَ انْقِطَاعِ انْتِشَارِ النَّاسِ قُطِعَ (وَكَصُنْدُوقٍ) وَغَيْرِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ (وَيُحَافَظُ كَمَنْ هُوَ عِنْدَ مَالِهِ، وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (نَائِمًا) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ «قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ سَرَقَ رِدَاءَ صَفْوَانَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ، وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ» كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَعَلَى هَذَا مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِأَخْذِ الْمَالِ مِنْ نَائِمٍ إذَا جَعَلَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ جَنْبِهِ أَمَّا إذَا وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ فَفِيهِ خِلَافٌ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ يُقْطَعُ بِكُلِّ حَالٍ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْإِحْرَازُ الْمُعْتَادُ، وَقَدْ حَصَلَ بِهَذَا فَإِنَّ النَّاسَ يَعُدُّونَ النَّائِمَ عِنْدَ مَتَاعِهِ حَافِظًا لَهُ أَلَا يَرَى أَنَّ الْمُودَعَ، وَالْمُسْتَعِيرَ لَا يَضْمَنُ مِثْلَهُ وَهُمَا يَضْمَنَانِ بِالتَّضْيِيعِ وَمَا لَا يَكُونُ مُحْرَزًا يَكُونُ مُضَيَّعًا.
وَفِي الْبَحْرِ لَا قَطْعَ فِي الْمَوَاشِي فِي الرَّعْيِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا الرَّاعِي، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا سِوَى الرَّاعِي مَنْ يَحْفَظُهُمَا يَجِبُ الْقَطْعُ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ أَفْتُوا بِهَذَا (وَفِي الْحِرْزِ بِالْمَكَانِ لَا يُعْتَبَرُ الْحَافِظُ) فَلَوْ سَرَقَ مِنْ بَيْتٍ مَأْذُونٍ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ لَكِنْ مَالِكُهُ يَحْفَظُهُ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْمَكَانَ يَمْنَعُ وُصُولَ الْيَدِ إلَى الْمَالِ وَيَكُونُ الْمَالُ مُخْتَفِيًا بِهِ، وَالِاخْتِفَاءُ لَا يُوجَدُ فِي الْحَافِظِ فَكَانَ ذَلِكَ أَصْلًا وَهَذَا فَرْعًا فَلَا اعْتِبَارَ لِلْفَرْعِ مَعَ وُجُودِ
الْأَصْلِ.
(وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالٍ مَنْ بَيْنَهُمَا قَرَابَةُ وَلَاءٍ) بِالْإِجْمَاعِ لِجَرَيَانِ الِانْبِسَاطِ بَيْنَهُمْ بِالِانْتِفَاعِ فِي الْمَالِ، وَالدُّخُولِ فِي الْحِرْزِ (وَلَا بِسَرِقَةٍ مِنْ بَيْتِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ) مِنْهُ كَالْأَخَوَيْنِ، وَالْعَمَّيْنِ.
(وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (مَالَ غَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ شَرْعًا فِي الدُّخُولِ حِرْزَهُمْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ.
(وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ) أَيْ: مَالِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ (مِنْ بَيْتِ غَيْرِهِ) أَيْ: بَيْتِ الْأَجْنَبِيِّ لِوُجُودِ الْحِرْزِ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْطَعَ فِي الْوِلَادِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الشُّبْهَةِ فِي مَالِهِ (وَكَذَا) يُقْطَعُ (بِسَرِقَةٍ مِنْ بَيْتِ مُحَرَّمٍ رَضَاعًا) لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ وَمَا فِي التَّبْيِينِ مِنْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ لَيْسَ بِوَارِدٍ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ؛ وَلِهَذَا قَالَ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فِي الْأُمِّ) ، وَفِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهَا بِلَا اسْتِئْذَانٍ عَادَةً بِخِلَافِ أُخْتِهِ رَضَاعًا وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِلْمَحْرَمِيَّةِ فِي مَنْعِ الْقَطْعِ بِلَا قَرَابَةٍ كَالْمَحْرَمِيَّةِ بِالزِّنَى، أَوْ بِالتَّقْبِيلِ عَنْ شَهْوَةٍ، وَالرَّضَاعُ لَا يُشْتَهَى عَادَةً فَلَا يُسْقِطُهُ إعَادَةٌ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِعَنْ كَمَا مَرَّ مِرَارًا.
(وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالِ زَوْجَتِهِ، أَوْ زَوْجِهَا) لِانْبِسَاطٍ بَيْنَهُمَا فِي الْأَمْوَالِ عَادَةً.
(وَلَوْ مِنْ حِرْزٍ خَاصٍّ) يَعْنِي لَوْ سَرَقَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي حِرْزِ الْآخِرِ خَاصَّةً لَا يَسْكُنَانِ فِيهِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مِنْ بَيْتِهِ، أَوْ بِالْعَكْسِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَعِنْدَ الْمُرَافَعَةِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقَطْعِ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ مِنْ امْرَأَتِهِ الْمَبْتُوتَةِ فِي الْعِدَّةِ، أَوْ أَخَذَتْ هِيَ مِنْهُ فِي الْعِدَّةِ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقَطْعِ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ مَانِعَةٌ، وَكَذَا بَعْدَ الْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
(وَكَذَا) لَا يُقْطَعُ (لَوْ سَرَقَ) عَبْدٌ (مِنْ سَيِّدِهِ) ، أَوْ سَيِّدَتِهِ (أَوْ زَوْجَةِ سَيِّدِهِ، أَوْ زَوْجِ سَيِّدَتِهِ) لِوُجُودِ الْإِذْنِ بِالدُّخُولِ عَادَةً (أَوْ) سَرَقَ رَجُلٌ مِنْ (مُكَاتَبِهِ) ؛ لِأَنَّ لَهُ مِنْ اكْتِسَابِهِ حَقًّا، وَكَذَا لَوْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ سَيِّدِهِ (أَوْ) سَرَقَ رَجُلٌ مِنْ (خَتَنِهِ) بِفَتْحَتَيْنِ هُوَ زَوْجُ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ (أَوْ صِهْرِهِ) بِكَسْرِ الصَّادِ، وَالسُّكُونِ هُوَ زَوْجُ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَتِهِ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) ، وَلِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (فِيهِمَا) لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ فِي الْمَالِ، وَالْحِرْزِ وَلَهُ أَنَّ بَيْنَ الْأَخْتَانِ، وَالْأَصْهَارِ مُبَاسَطَةٌ فِي دُخُولِ بَعْضِهِمْ مَنَازِلَ الْبَعْضِ بِلَا اسْتِئْذَانٍ فَتَمَكَّنَتْ الشُّبْهَةُ فِي الْحِرْزِ (أَوْ) سَرَقَ (مِنْ مَغْنَمٍ) ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ نَصِيبًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَخْذَ إنْ كَانَ مِنْ الْمُعَسْكَرِ، فَالْمَغْنَمُ دَاخِلٌ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْعَامَّةِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (أَوْ) سَرَقَ مِنْ (حَمَّامٍ نَهَارًا، وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (كَانَ رَبُّهُ) أَيْ صَاحِبُهُ (عِنْدَهُ) الْمُرَادُ وَقْتَ الْإِذْنِ بِالدُّخُولِ فِيهِ حَتَّى لَوْ أَذِنَ بِالدُّخُولِ لَيْلًا لَا يُقْطَعُ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَافِظٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ اخْتَلَّ الْحِرْزُ بِالْإِذْنِ؛ وَلِذَا يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ مِنْهُ، وَفِي وَقْتٍ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ بِالدُّخُولِ.
وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إذَا سَرَقَ ثَوْبًا مِنْ تَحْتِ رَجُلٍ فِي الْحَمَّامِ يُقْطَعُ (أَوْ) سَرَقَ (مِنْ بَيْتٍ أُذِنَ فِي دُخُولِهِ) وَيَدْخُلُ
فِي ذَلِكَ حَوَانِيتُ التُّجَّارِ، وَالْخَانَاتُ إلَّا إذَا سَرَقَ مِنْهُ لَيْلًا فَيُقْطَعُ إلَّا إذَا اُعْتِيدَ الدُّخُولُ فِيهِ بَعْضَ اللَّيْلِ هَذَا فِي الْمَفْتُوحَةِ، وَفِي الْمُغْلَقَةِ يُقْطَعُ مُطْلَقًا فِي الْأَصَحِّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ بِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ بِالدُّخُولِ فَدَخَلَ وَاحِدٌ غَيْرُهُمْ وَسَرَقَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَكُلُّ مَا كَانَ حِرْزًا لِنَوْعٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِلْأَنْوَاعِ كُلِّهَا عَلَى الْمَذْهَبِ (أَوْ) سَرَقَ الضَّيْفُ مِنْ (مُضِيفِهِ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا سَرَقَ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي أَضَافَهُ فِيهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ الَّتِي أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهَا، وَهُوَ مُقْفَلٌ أَوْ فِي صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ؛ لِأَنَّ الدَّارَ مَعَ جَمِيعِ بُيُوتِهَا حِرْزٌ وَاحِدٌ فَبِالْإِذْنِ فِي الدَّارِ اخْتَلَّ الْحِرْزُ فَيَكُونُ فِعْلُهُ خِيَانَةً لَا سَرِقَةً وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ مِنْ مَوْضِعٍ أُنْزِلَ فِيهِ لَا يُقْطَعُ.
وَفِي غَيْرِهِ يُقْطَعُ (وَقُطِعَ لَوْ سَرَقَ مِنْ الْحَمَّامِ لَيْلًا) هَذَا لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ حَتَّى لَوْ أُذِنَ بِالدُّخُولِ لَيْلًا لَا يُقْطَعُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا (أَوْ مِنْ الْمَسْجِدِ مَتَاعًا وَرَبُّهُ) أَيْ صَاحِبُهُ (عِنْدَهُ) ، وَقَدْ مَرَّ تَحْقِيقُهُ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ (أَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي صُنْدُوقِ غَيْرِهِ أَوْ كُمِّهِ، أَوْ جَيْبِهِ) أَمَّا الصُّنْدُوقُ فَحِرْزٌ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْكُمُّ، وَالْجَيْبُ فَحِرْزٌ بِالْحَافِظِ فَيُقْطَعُ إذَا أَخَذَ قَدْرَ النِّصَابِ (أَوْ سَرَقَ جُوَالِقًا) بِضَمِّ الْجِيمِ (فِيهِ مَتَاعٌ وَرَبُّهُ) أَيْ: صَاحِبُهُ (يَحْفَظُهُ، أَوْ نَائِمٌ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْجُوَالِقِ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ عِنْدَهُ، وَالنَّوْمَ عَلَيْهِ، أَوْ بِقُرْبٍ مِنْهُ حِفْظٌ لَهُ عَادَةً فَيُقْطَعُ.
(أَوْ سَرَقَ الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْبَيْتِ الْمُسْتَأْجَرِ) عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ: لَا يُقْطَعُ لَوْ سَرَقَ الْمُؤَجِّرُ مَالَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْبَيْتِ الْمُسْتَأْجَرِ عِنْدَهُمَا. قَيَّدَ بِالْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَرَقَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُؤَجِّرِ فِي بَيْتٍ آخَرَ يُقْطَعُ اتِّفَاقًا.
(وَلَوْ سَرَقَ شَيْئًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الدَّارِ لَا يُقْطَعُ) ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ قَائِمَةٌ حِينَئِذٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْأَخْذُ. قَيَّدَ بِالسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الدَّارِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا يَسْتَغْنِي أَهْلُ الْبُيُوتِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِصَحْنِ الدَّارِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ حُجْرَةٍ إلَى صَحْنِ الدَّارِ) يَعْنِي لَوْ كَانَتْ الدَّارُ كَبِيرَةً وَفِيهَا مَقَاصِيرُ أَيْ: حُجَرُ وَمَنَازِلُ، وَفِي كُلِّ مَقْصُورَةٍ مَكَانٌ يَسْتَغْنِي بِهِ أَهْلُهُ عَنْ انْتِفَاعٍ بِصَحْنِ الدَّارِ وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَ السِّكَّةِ فَيَكُونُ إخْرَاجُهُ كَإِخْرَاجِهِ إلَى السِّكَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَقْصُورَةٍ بِاعْتِبَارِ سَاكِنِيهَا حِرْزٌ عَلَى حِدَةٍ فَيُقْطَعُ بِإِخْرَاجِهِ إلَى صَحْنِهَا (أَوْ سَرَقَ بَعْضَ أَهْلِ حُجَرِ) جَمْعُ حُجْرَةٍ (دَارٍ مِنْ حُجْرَةٍ أُخْرَى فِيهَا) أَيْ: فِي الدَّارِ بِأَنْ كَانَتْ كَبِيرَةً فِيهَا حُجُرَاتٌ يَسْكُنُ فِي كُلٍّ مِنْهَا إنْسَانٌ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي يَسْكُنُ فِيهَا غَيْرُهُ لَا كَالدَّارِ الَّتِي صَاحِبُهَا وَاحِدٌ وَبُيُوتُهَا مَشْغُولَةٌ بِمَتَاعِهِ وَخُدَّامِهِ وَبَيْنَهُمْ انْبِسَاطٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ فَعَلَى هَذَا أَنَّ مَا فِي الْكَافِي مِنْ أَنَّهُ.
وَفِي الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ إذَا كَانَ فِي كُلِّ بَيْتٍ سَاكِنٌ لَا يُقْطَعُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَإِلَّا فَظَاهِرُهُ مُخَالِفٌ تَدَبَّرْ.
(أَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ حِرْزٍ فَأَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ، ثُمَّ خَرَجَ فَأَخَذَهُ) يُقْطَعُ عِنْدَنَا.
وَقَالَ زُفَرُ لَا يُقْطَعُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقَطْعِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ وَلَمْ يَأْخُذْ.
وَلَنَا أَنَّ الرَّمْيَ حِيلَةٌ يَعْتَادُهَا السُّرَّاقُ وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فَاعْتُبِرَ الْكُلُّ فِعْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لَا سَارِقٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تُقْطَعُ مُطْلَقًا (أَوْ حَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ فَسَاقَهُ فَأَخْرَجَهُ) أَيْ: الْحِمَارَ (مِنْ الْحِرْزِ) ؛ لِأَنَّ سَيْرَهُ مُضَافٌ إلَيْهِ بِسَوْقِهِ. قَيَّدَ بِالسَّوْقِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسُقْهُ وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ لَمْ تُقْطَعْ، وَالْمُرَادُ مُتَسَبِّبًا فِي إخْرَاجِهِ فَشَمِلَ مَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي نَهْرٍ فِي الدَّارِ وَكَانَ الْمَاءُ ضَعِيفًا وَأَخْرَجَهُ بِتَحْرِيكِ السَّارِقِ؛ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ يُضَافُ إلَيْهِ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ الْمَاءُ بِقُوَّةِ جَرْيِهِ لَمْ يُقْطَعْ وَقِيلَ يُقْطَعْ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِسَبَبِهِ.
(وَلَوْ دَخَلَ بَيْتًا فَأَخَذَ) شَيْئًا (وَنَاوَلَ) أَيْ: أَعْطَى (مَنْ هُوَ خَارِجٌ) مِنْ الْبَيْتِ (لَا يُقْطَعَانِ) ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ يَجِبُ بِهَتْكِ الْحِرْزِ، وَالْإِخْرَاجِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ مِنْهُمَا.
(وَكَذَا) لَا يُقْطَعَانِ (لَوْ أَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ فَتَنَاوَلَ) أَيْ: أَخَذَهُ مِنْ الدَّاخِلِ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُقْطَعُ الدَّاخِلُ) فَقَطْ (فِي) الصُّورَةِ (الْأُولَى وَيَقْطَعَانِ فِي) الصُّورَةِ (الثَّانِيَةِ) .
وَفِي الْكَافِي، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ الْخَارِجُ أَدْخَلَ يَدَهُ حَتَّى نَاوَلَهُ الْآخَرُ الْمَتَاعَ، فَالْقَطْعُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ أَخْرَجَ يَدَهُ مَعَ الْمَتَاعِ حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ الْخَارِجُ يُقْطَعُ الدَّاخِلُ لَا الْخَارِجُ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ تَمَّ مِنْهُ هَتْكُ الْحِرْزِ فَصَارَ الْمَالُ مُخْرَجًا بِفِعْلِهِ أَوْ بِمُعَاوَنَتِهِ فَيُقْطَعُ بِكُلِّ حَالٍ فَإِمَّا الْخَارِجُ إنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ إخْرَاجُ الْمَالِ مِنْ الْحِرْزِ فَيُقْطَعُ، وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ، وَلَكِنْ الْآخَرُ أَخْرَجَ يَدَهُ إلَيْهِ فَإِنَّمَا أَخَذَ هُوَ مَتَاعًا غَيْرَ مُحْرَزٍ فَلَا يُقْطَعُ انْتَهَى.
لَكِنْ بَقِيَتْ هَاهُنَا صُورَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنْ يَدْخُلَ أَحَدُهُمَا فِي الْبَيْتِ وَيَأْخُذَ شَيْئًا ثُمَّ يُنَاوِلَهُ مَنْ فِي الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ الْبَيْتِ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْخِلَ الْخَارِجُ يَدَهُ فِيهِ أَيُقْطَعَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ أَمْ لَا فَعَلَى هَذَا أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ وَافِيَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ وَأَنْ يُعَبِّرَ بِعَنْ تَدَبَّرْ.
(وَكَذَا لَا يُقْطَعُ لَوْ نَقَبَ بَيْتًا وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَأَخَذَ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَهْتِكْ الْحِرْزَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْإِمْلَاءِ تُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الْحِرْزِ (أَوْ طَرَّ) أَيْ شَقَّ (صُرَّةً خَارِجَةً مِنْ كُمِّ غَيْرِهِ خِلَافًا لَهُ) أَيْ: لِأَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ تُقْطَعُ عِنْدَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.
(وَإِنْ حَلَّهَا) أَيْ: الصُّرَّةَ (وَأَخَذَ مِنْ دَاخِلِ الْكُمِّ تُقْطَعُ اتِّفَاقًا) هَذَا مُجْمَلٌ وَتَفْصِيلُهُ، وَإِنْ طَرَّ صُرَّةً خَارِجَةً مِنْ الْكُمِّ وَأَخَذَ الدَّرَاهِمَ لَمْ تُقْطَعْ، وَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْكُمِّ وَطَرَّهَا وَأَخَذَهَا قُطِعَ؛ لِأَنَّ الرِّبَاطَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ خَارِجٍ فَبِالطَّرِّ يَتَحَقَّقُ الْأَخْذُ مِنْ الظَّاهِرِ فَلَا يُوجَدُ هَتْكُ الْحِرْزِ، وَالرِّبَاطُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي مِنْ دَاخِلٍ فَبِالطَّرِّ يَتَحَقَّقُ هَتْكُ الْحِرْزِ بِإِخْرَاجِ الْمَالِ مِنْ الْكُمِّ، وَلَوْ حَلَّ الرِّبَاطَ تُقْطَعُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ تَبْقَى فِي الْكُمِّ بَعْدَ حَلِّ الرِّبَاطِ فَيَتَحَقَّقُ هَتْكُ الْحِرْزِ بِالْإِخْرَاجِ مِنْهُ.
وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ الرِّبَاطَ تَبْقَى الدَّرَاهِمُ خَارِجَةً مِنْ الْكُمِّ فَلَمْ يُوجَدْ إخْرَاجُ الْمَالِ مِنْ الْحِرْزِ وَإِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ خَارِجِ الْكُمِّ فَلَا يُقْطَعُ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ تُقْطَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ إمَّا بِالْكُمِّ، أَوْ بِصَاحِبِهِ قُلْنَا الْمَرْءُ يُعَدُّ مَالُهُ مَحْفُوظًا