الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَصَبُهَا وَقَرْنُهَا وَحَافِرُهَا طَاهِرٌ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيْتَةِ وَلَنَا أَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِيهَا بِدَلِيلِ عَدَمِ الْأَلَمِ بِقَطْعِهَا كَقَصِّ الظُّفُرِ وَنَشْرِ الْقَرْنِ وَقَطْعِ طَرَفٍ مِنْ الشَّعْرِ وَمَا لَا تَحِلُّهَا الْحَيَاةُ لَا يَحِلُّهَا الْمَوْتُ، وَالْمُرَادُ بِإِحْيَاءِ الْعِظَامِ فِي النَّصِّ رَدُّهَا إلَى مَا كَانَتْ غَضَّةً رَطْبَةً فِي بَدَنٍ حَيٍّ
وَإِنَّمَا يَتَأَلَّمُ بِكَسْرِ الْعَظْمِ وَقَطْعِ الْعَصَبِ لِاتِّصَالِهِمَا بِاللَّحْمِ وَبِهَذَا ظَهَرَ فَسَادُ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الطَّرِيقَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَهِيَ قَوْلُهُ: لَا حَيَاةَ فِيهَا وَلِهَذَا لَا يَتَأَلَّمُ بِقَطْعِهَا لَا تَجْرِي فِي الْعَصَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ فِيهِ حَيَاةٌ وَلَا يَتَأَلَّمُ بِقَطْعِهِ تَدَبَّرْ.
(وَكَذَا شَعْرُ الْإِنْسَانِ وَعَظْمُهُ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا وَلَنَا أَنَّ عَدَمَ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا لِكَرَامَةِ الْإِنْسَانِ (فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ مَعَهُ وَإِنْ جَاوَزَ قَدْرَ الدِّرْهَمِ) وَالضَّمِيرُ فِي مَعَهُ رَاجِعٌ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فَتَجُوزُ صَلَاةُ مَنْ أَعَادَ سِنَّهُ إلَى فَمِهِ.
وَقَالَ الْمُحَشِّي الْمَعْرُوفُ بِيَعْقُوبَ بَاشَا قَيَّدَ بِسِنِّ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ سِنَّ غَيْرِهِ تَفْسُدُ اتِّفَاقًا وَبِالْإِعَادَةِ إلَى فَمِهِ وَاسْتِحْكَامُهَا فِي مَكَانِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا حَمَلَهَا وَلَمْ يَضَعْهَا فِي مَوْضِعِهَا تَفْسُد اتِّفَاقًا انْتَهَى وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا لَوْ صَلَّى، وَسِنُّهُ فِي كُمِّهِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ تَأَمَّلْ.
(وَبَوْلُ مَا يُؤْكَلُ) لَحْمُهُ (نَجَسٌ) عِنْدَهُمَا حَتَّى إنْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ بِنَزْحِ الْمَاءِ كُلِّهِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّهُ طَاهِرٌ عِنْدَهُ، وَلَا يَتَنَجَّسُ بِوُقُوعِهِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْمَاءَ فَيُخْرِجَهُ عَنْ الطَّهُورِيَّةِ (وَلَا يُشْرَبُ) بَوْلُ مَا يُؤْكَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ.
(وَلَوْ لِلتَّدَاوِي خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ شُرْبُهُ لِلتَّدَاوِي، وَلَوْ حَرَامًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ مُطْلَقًا.
[فَصْلٌ تُنْزَحُ الْبِئْرُ لِوُقُوعِ نَجَسٍ]
فَصْلٌ
(تُنْزَحُ الْبِئْرُ) أَيْ مَاؤُهَا مِنْ قَبِيلِ ذِكْرِ الْمَحَلِّ وَإِرَادَةِ الْحَالِّ (لِوُقُوعِ نَجَسٍ) مَا لَمْ تَكُنْ عَشْرًا فِي عَشْرٍ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَشْرًا فِي عَشْرٍ لَا يَتَنَجَّسُ بِشَيْءٍ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَطْهُرَ أَصْلًا لِاخْتِلَاطِ النَّجَاسَةِ بِجَمِيعِ مَا فِيهَا مِنْ الْأَحْجَارِ وَالْأَخْشَابِ وَغَيْرِهِمَا وَيَتَعَذَّرُ الْغُسْلُ أَوْ لَا يَتَنَجَّسُ اعْتِبَارًا بِالْمَاءِ الْجَارِي؛ لِأَنَّهَا كُلَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَعْلَاهَا يَنْبُعُ مِنْ أَسْفَلِهَا لَكِنْ تُرِكَ الْقِيَاسُ لِلْآثَارِ؛ وَلِهَذَا قِيلَ: مَسَائِلُ الْآبَارِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اتِّبَاعِ الْآثَارِ حَتَّى إذَا خَرَجَ الْوَاجِبُ مِنْهَا حُكِمَ بِطَهَارَةِ جَمِيعِ مَا فِيهَا وَدَلْوِهَا وَيَدِ النَّازِحِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُسْتَخْرَجُ النَّجَسُ، وَيَبْقَى الْمَاءُ طَاهِرًا (لَا بِنَحْوِ بَعْرٍ) مُطْلَقًا.
(وَرَوْثٍ وَخِثْيٍ مَا لَمْ يُسْتَكْثَرْ) أَيْ مَا لَمْ يَسْتَكْثِرْهُ النَّاظِرُ هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقُدُورِيِّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ مَا يُغَطِّي وَجْهَ رُبُعِ الْمَاءِ كَثِيرٌ وَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: ثُلُثُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَخْلُو دَلْوٌ عَنْ بَعْرَةٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّحَاوِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلِمَةَ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ: الْكَثِيرُ مَا يُغَيِّرُ لَوْنَ الْمَاءِ.
وَلَوْ بَعَرَتْ الشَّاةُ فِي الْمَحْلَبِ بَعْرَةً أَوْ بَعْرَتَيْنِ قَالُوا: تُرْمَى الْبَعْرَةُ فِي سَاعَتِهِ وَيُشْرَبُ اللَّبَنُ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ
وَلَا يُعْفَى الْقَلِيلُ فِي الْإِنَاءِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبِئْرِ فِي حَقِّ الْبَعْرَةِ وَالْبَعْرَتَيْنِ (وَلَا بِخَرْءِ حَمَامٍ وَعُصْفُورٍ فَإِنَّهُ) أَيْ الْخَرْءَ (طَاهِرٌ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّ عِنْدَهُ يُفْسِدُهُ كَخَرْءِ الدَّجَاجِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ وَاسْتَحْسَنَ عُلَمَاؤُنَا طَهَارَتَهُ بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّ الصَّدْرَ الْأَوَّلَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ اقْتِنَاءِ الْحَمَامَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ حَتَّى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَعَ وُرُودِ الْأَمْرِ بِتَطْهِيرِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ} [البقرة: 125] وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى عَدَمِ نَجَاسَتِهِ، وَخَرْءُ الْعُصْفُورِ كَخَرْءِ الْحَمَامَةِ فَمَا يَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ ذَاكَ وَكَذَا خَرْءُ جَمِيعِ مَا يُؤْكَلُ مِنْ الطُّيُورِ عَلَى الْأَصَحِّ.
(وَإِذَا عُلِمَ وَقْتُ الْوُقُوعِ) أَيْ وَقْتُ حَيَوَانٍ مَاتَ فِي الْبِئْرِ (حُكِمَ بِالتَّنَجُّسِ مِنْ وَقْتِهِ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْوُقُوعِ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ (فَمِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إنْ لَمْ يَنْتَفِخْ الْوَاقِعُ أَوْ لَمْ يَتَفَسَّخْ) ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْمَقَادِيرِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَإِنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ سَاعَاتٌ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهَا لِتَفَاوُتِهَا (وَمِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا إنْ انْتَفَخَ أَوْ تَفَسَّخَ) ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاخَ دَلِيلُ التَّقَادُمِ فَيُقَدَّرُ وُقُوعُهُ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ.
(وَقَالَا مِنْ وَقْتِ الْوِجْدَانِ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ، وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي نَجَاسَتِهِ فِيمَا مَضَى وَالْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ فَصَارَ كَمَنْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةً أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ، وَلَمْ يَدْرِ مَتَى أَصَابَتْهُ لَا يُعِيدُ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
(وَ) يُنْزَحُ (عِشْرُونَ دَلْوًا) بِطَرِيقِ الْوُجُوبِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْوَاقِعِ.
(وَسَطًا) وَهِيَ الدَّلْوُ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي آبَارِ الْبُلْدَانِ، وَالْقَطَرَاتُ الَّتِي تَعُودُ إلَى الْمَاءِ عَفْوٌ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ (إلَى ثَلَاثِينَ) بِطَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ (بِمَوْتِ نَحْوِ فَأْرَةٍ أَوْ عُصْفُورٍ أَوْ سَامٍ أَبْرَصَ) قَيْدُ الْمَوْتِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهَا لَوْ مَاتَتْ فِي الْخَارِجِ ثُمَّ أُلْقِيَتْ فِيهَا لَا يَخْتَلِفُ جَوَابُ الْمَسْأَلَةِ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ الْفَأْرَةُ إذَا وَقَعَتْ هَارِبَةً مِنْ الْهِرَّةِ يُنْزَحُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهَا تَبُولُ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ مَجْرُوحَةً أَوْ مُتَنَجِّسَةً وَلَوْ وَقَعَ أَكْثَرُ مِنْ فَأْرٍ فَإِلَى الْأَرْبَعِ كَالْوَاحِدِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ خَمْسًا كَالدَّجَاجَةِ إلَى التِّسْعِ وَلَوْ عَشْرًا كَالشَّاةِ وَلَوْ كَانَتْ فَأْرَتَانِ كَهَيْئَةِ الدَّجَاجَةِ فَأَرْبَعُونَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ (وَأَرْبَعُونَ) وُجُوبًا (إلَى سِتِّينَ) اسْتِحْبَابًا فِي رِوَايَةٍ، وَأُخْرَى إلَى خَمْسِينَ (بِنَحْوِ حَمَامَةٍ أَوْ دَجَاجَةٍ أَوْ سِنَّوْرٍ) وَمَا بَيْنَ فَأْرَةٍ وَحَمَامَةٍ كَفَأْرَةٍ كَمَا بَيْنَ دَجَاجَةٍ وَشَاةٍ كَدَجَاجَةٍ.
وَفِي السِّنَّوْرَيْنِ يُنْزَحُ كُلُّهُ (وَكُلُّهُ بِنَحْوِ كَلْبٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ آدَمِيٍّ أَوْ انْتِفَاخِ الْحَيَوَانِ) الدَّمَوِيِّ (أَوْ تَفَسُّخِهِ) .
وَلَوْ صَغِيرًا لِانْتِشَارِ الْبِلَّةِ فِي أَجْزَاءِ الْمَاءِ. مَوْتُ الْكَلْبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ انْغَمَسَ وَأُخْرِجَ حَيًّا يُنْزَحُ جَمِيعُ الْمَاءِ وَكَذَا كُلُّ مَا سُؤْرُهُ نَجَسٌ أَوْ مَشْكُوكٌ، وَإِنْ مَكْرُوهًا فَيُسْتَحَبُّ نَزْحُهُ فِي رِوَايَةٍ وَالشَّاةُ إذَا أُخْرِجَتْ حَيَّةً إنْ كَانَتْ هَارِبَةً مِنْ السَّبُعِ نُزِحَ كُلُّهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَالْآدَمِيُّ إذَا أُخْرِجَ حَيًّا إنْ كَانَ مُحْدِثًا نُزِحَ أَرْبَعُونَ وَإِنْ جُنُبًا نُزِحَ كُلُّهُ وَلَوْ وَقَعَ آدَمِيٌّ مَيِّتٌ قَبْلَ الْغُسْلِ يَنْجَسُ وَإِنْ بَعْدَ الْغُسْلِ لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ