الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انْتَهَى، وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْكَنْزِ مُوَافِقَةٌ لِلْحَدِيثِ، وَالْمُوَافِقَةُ أَوْلَى فَلِهَذَا اخْتَارَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(وَإِنْ اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ) عِنْدَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْإِمَامُ أَنَّ فِي خَلْفِهِ قَارِئًا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (وَقَالَا: صَلَاةُ الْقَارِئِ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ الْأُمِّيَّ مَعْذُورٌ مِثْلُ الْإِمَامِ كَمَا إذَا أَمَّ الْعَارِي عَارِيًّا وَكَاسِيًا وَالْجَرِيحُ جَرِيحًا وَصَحِيحًا وَلَهُ أَنَّ الْإِمَامَ تَرَكَ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى بِالْقَارِئِ تَكُونُ قِرَاءَتُهُ قِرَاءَةً لَهُ بِخِلَافِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَأَمْثَالِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ لَا يَكُونُ مَوْجُودًا فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي، وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي الْأُمِّيُّ وَحْدَهُ، وَالْقَارِئُ وَحْدَهُ جَازَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُمَا رَغْبَةٌ فِي الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي النِّهَايَةِ لَوْ اقْتَدَى الْأُمِّيُّ أُمِّيًّا ثُمَّ حَضَرَ الْقَارِئُ فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَلَوْ حَضَرَ الْأُمِّيُّ بَعْدَ افْتِتَاحِ الْقَارِئِ فَلَمْ يَقْتَدِ بِهِ، وَصَلَّى مُنْفَرِدًا فَالْأَصَحُّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ انْتَهَى فَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ تَدَبَّرْ.
(وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ الْقَارِئُ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ) بَعْدَ مَا قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ (فَسَدَتْ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ صَلَاةٌ فَلَا يَجُوزُ خُلُوُّهَا عَنْ الْقِرَاءَةِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا وَلَا تَقْدِيرَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ.
وَقَالَ زُفَرُ: لَا تَفْسُدُ لِتَأَدِّي فَرْضِ الْقِرَاءَةِ هَذَا إذَا قَدَّمَهُ فِي التَّشَهُّدِ قَبْلَ الْفَرَاغِ أَمَّا لَوْ اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَهُ فَهُوَ صَحِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ لِخُرُوجِهِ عَنْ الصَّلَاةِ بِصُنْعِهِ وَقِيلَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْغَايَةِ.
[بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ]
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ السَّالِمَةِ فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ وَالْجَمَاعَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَلْحَقُهَا مِنْ الْعَوَارِضِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْمُضِيِّ فِيهَا (مَنْ سَبَقَهُ) أَيْ عَرَضَ لَهُ بِلَا اخْتِيَارٍ (حَدَثٌ) غَيْرُ مَانِعٍ لِلْبِنَاءِ كَالْجَنَابَةِ وَغَيْرِهَا (فِي الصَّلَاةِ تَوَضَّأَ) بِلَا مُكْثٍ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِلَا مُكْثٍ لِأَنَّ جَوَازَ الْبِنَاءِ شَرْطُهُ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ سَاعَتِهِ حَتَّى لَوْ أَدَّى رُكْنًا مَعَ حَدَثٍ أَوْ مَكَثَ مَكَانَهُ قَدْرَ مَا يُؤَدِّي رُكْنًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ لَيْسَ بِإِطْلَاقِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَحْدَثَ بِالنَّوْمِ وَمَكَثَ سَاعَةً ثُمَّ انْتَبَهَ فَإِنَّهُ يَبْنِي كَمَا فِي التَّبْيِينِ (وَبَنَى) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ بَلْ يَسْتَقْبِلُ لِأَنَّ الْحَدَثَ يُنَافِي الصَّلَاةَ إذْ لَا وُجُودَ لِلشَّيْءِ مَعَ مُنَافِيه وَهُوَ الْقِيَاسُ لَكِنْ تَرَكْنَاهُ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ أَوْ أَمَذَى فِي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ» (وَالِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ) تَحَرُّزًا عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ وَقِيلَ إنَّ الْمُنْفَرِدَ يَسْتَأْنِفُ وَالْإِمَامَ وَالْمُقْتَدِيَ يَبْنِيَانِ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْمُحْدِثُ (إمَامًا جَرَّ) بِأَخْذِ الثَّوْبِ أَوْ الْإِشَارَةِ (آخَرَ) مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ، وَالْمُدْرِكُ أَوْلَى مِنْ اللَّاحِقِ
وَالْمَسْبُوقِ (إلَى مَكَانِهِ) وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى فَمِهِ مُوهِمًا أَنَّهُ رَعَفَ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام وَلَوْ أَحْدَثَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ يَتَأَخَّرُ مُحْدَوْدِبًا ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَلَا يَرْتَفِعُ مُسْتَوِيًا فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَيُشِيرُ إلَيْهِ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَى الرُّكْبَةِ لِتَرْكِ الرُّكُوعِ وَعَلَى الْجَبْهَةِ لِلسُّجُودِ وَعَلَى الْفَمِ لِلْقِرَاءَةِ وَيُشِيرُ بِأُصْبُعٍ إلَى رَكْعَةِ وَبِأُصْبُعَيْنِ إلَى رَكْعَتَيْنِ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْخَلِيفَةُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ، (فَإِذَا تَوَضَّأَ) الْإِمَامُ (عَادَ وَأَتَمَّ فِي مَكَانِهِ حَتْمًا إنْ كَانَ إمَامُهُ) أَيْ الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ فَإِنَّهُ إمَامٌ لَهُ وَلِلْقَوْمِ (لَمْ يَفْرُغْ) عَنْ الصَّلَاةِ وَكَذَا الْمُقْتَدِي إذَا سَبَقَهُ حَدَثٌ حَتَّى لَوْ صَلَّى فِي مَكَان آخَرَ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَقَدْ بَنَى فِي مَوْضِعٍ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ انْفِرَادُهُ لِأَنَّ الِانْفِرَادَ فِي مَوْضِعِ الِاقْتِدَاءِ مُفْسِدٌ.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ يَشْتَغِلُ أَوَّلًا بِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ لِأَنَّهُ لَاحِقٌ ثُمَّ يَقْضِي آخِرَ صَلَاتِهِ وَلَوْ تَابَعَ الْإِمَامَ أَوَّلًا جَازَ وَيَقْضِي مَا فَاتَهُ لِأَنَّ تَرْتِيبَ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ إمَامُهُ قَدْ فَرَغَ مِنْهَا (فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْعَوْدِ وَبَيْنَ الْإِتْمَامِ حَيْثُ) أَيْ فِي مَكَان (تَوَضَّأَ) وَإِنَّمَا خُيِّرَ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ أَدَاءَ الصَّلَاةِ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا فِي الْكَافِي وَفِي الثَّانِي قِلَّةَ الْمَشْيِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبَعْضِ (كَالْمُنْفَرِدِ) أَيْ كَمَا هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا.
(وَلَوْ أَحْدَثَ) الْمُصَلِّي (عَمْدًا) أَيْ بِاخْتِيَارِهِ وَقَصْدِهِ (اسْتَأْنَفَ) لِأَنَّ الْبِنَاءَ ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَاقْتَصَرَ عَلَى مَوْرِدِهِ فَلَمْ يَجُزْ الْبِنَاءُ فِي الْعَمْدِ.
(وَكَذَا لَوْ جُنَّ) هُوَ مِنْ أَفْعَالٍ لَمْ يُسْتَعْمَلْ إلَّا مَجْهُولًا (أَوْ أُغْمِيَ) عَلَيْهِ أَوْ احْتَلَمَ بِأَنْ نَامَ فِي الصَّلَاةِ نَوْمًا لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ غُسْلٌ فَيَشْمَلُ مَا إذَا حَاضَتْ أَوْ أَنْزَلَ بِالنَّظَرِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ قَهْقَهَ) نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا لِأَنَّهُ كَالْكَلَامِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الضَّحِكَ غَيْرُ مَانِعٍ كَمَا فِي الْمُحِيطِ (أَوْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ) مِنْ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْمَنْحِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْبِنَاءِ نَجَاسَةُ الْغَيْرِ لَا نَجَاسَتُهُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمِنَحِ تَدَبَّرْ.
(أَوْ شُجَّ) فَسَالَ دَمُهُ وَقَالَ ابْنُ مَلَكٍ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ وَقَعَ عَلَى رَأْسِهِ الْكُمَّثْرَى مِنْ الشَّجَرَةِ فِي صَلَاتِهِ فَشَجَّهُ يَبْنِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ فَصَارَ كَالسَّمَاوِيِّ وَعِنْدَهُمَا لَا يَبْنِي لِأَنَّ إنْبَاتَ الشَّجَرَةِ كَانَ بِصُنْعِ الْعِبَادِ فَلَا يَكُونُ كَالسَّمَاوِيِّ انْتَهَى.
وَقَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ: نَعَمْ إنْبَاتُ الشَّجَرَةِ كَانَ بِصُنْعِ الْعِبَادِ لَكِنْ لَيْسَ بِصُنْعِ الْمُصَلِّي انْتَهَى، وَفِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِصُنْعِ الْمُصَلِّي وَهَذَا يَكْفِي أَنْ لَا يَكُونَ كَالسَّمَاوِيِّ فَلْيَتَأَمَّلْ.
(أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ أَحْدَثَ فَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ جَاوَزَ الصُّفُوفَ خَارِجَهُ) حَالَ كَوْنِهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ مَكَانَ الصُّفُوفِ فِي الصَّحْرَاءِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ إنْ مَشَى يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً أَوْ خَلْفًا، وَإِنْ مَشَى أَمَامَهُ أَوْ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ
سُتْرَةٌ فَالصَّحِيحُ هُوَ التَّقْدِيرُ بِمَوْضِعِ السُّجُودِ.
وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الصَّحْرَاءِ بِالْخُرُوجِ عَنْ مَوْضِعِ سُجُودِهِ عَنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعِ (ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ) يَسْتَأْنِفُ فِي هَذِهِ الْحَوَادِثِ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ عَمْدًا لِأَنَّ وُجُودَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ نَادِرٌ فَلَا يُقَاسُ عَلَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ (وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ) أَيْ الْإِمَامُ أَوْ الْمُقْتَدِي مِنْ الْمَسْجِدِ (أَوْ لَمْ يُجَاوِزْ الصُّفُوفَ) خَارِجَهُ (بَنَى) فِي الصُّورَتَيْنِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ غَرَضَهُ الْإِصْلَاحُ فَأُلْحِقَ غَرَضُهُ بِحَقِيقَةِ الْإِصْلَاحِ مَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَكَانُ وَالْقِيَاسُ الِاسْتِئْنَافُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ لِوُجُودِ الِانْصِرَافِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ كَوْنِهَا مُسْتَفَادَةً مِنْ الْمَفْهُومِ تَفْصِيلًا لِمَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا بَيَّنَ.
(وَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ بَعْدَ) مَا قَعَدَ قَدْرَ (التَّشَهُّدِ) فِي آخِرِ الصَّلَاةِ (تَوَضَّأَ) بِلَا تَوَقُّفٍ (وَسَلَّمَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ سِوَى السَّلَامِ، وَلِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَاجِبٌ فَيَتَوَضَّأُ لِيَأْتِيَ بِهِ (وَإِنْ تَعَمَّدَهُ) أَيْ الْحَدَثَ (فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ (أَوْ عَمِلَ مَا يُنَافِيهَا) أَيْ الصَّلَاةَ (تَمَّتْ صَلَاتُهُ) لِوُجُودِ الْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ وَقَدْ وُجِدَتْ أَرْكَانُهَا.
(وَتَبْطُلُ عِنْدَ الْإِمَامِ إنْ رَأَى) الْمُصَلِّي (فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ (وَهُوَ مُتَيَمِّمُ مَاءً) مَفْعُولُ رَأَى، وَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ الْقُدْرَةُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ لَكَانَ أَحْسَنَ.
وَفِي الدُّرَرِ تَفْصِيلٌ فَلْيُرَاجَعْ (أَوْ تَمَّتْ مُدَّةُ) مَسْحِ (الْمَاسِحِ) وَهُوَ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ (أَوْ نَزَعَ خُفَّيْهِ بِعَمَلٍ قَلِيلٍ) لِأَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الصَّلَاةِ فَتَتِمُّ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَالَ: أَوْ نَزَعَ خُفَّهُ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْخُفِّ الْوَاحِدِ كَذَلِكَ (أَوْ تَعَلَّمَ الْأُمِّيُّ سُورَةً) أَيْ تَذَكَّرَ بَعْدَ النِّسْيَانِ وَقِيلَ: حَفِظَهُ بِالسَّمَاعِ مِنْ غَيْرِهِ بِلَا اشْتِغَالٍ بِالتَّعَلُّمِ وَإِلَّا تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ قَالَ آيَةً لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ عِنْدَ الْإِمَامِ الْآيَةَ تَكْفِي.
(أَوْ وَجَدَ الْعَارِي ثَوْبًا) تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ (أَوْ قَدَرَ الْمُومِي عَلَى الْأَرْكَانِ) لِأَنَّ آخِرَ صَلَاتِهِ أَقْوَى فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّعِيفِ.
(أَوْ تَذَكَّرَ صَاحِبُ التَّرْتِيبِ) صَلَاةً (فَائِتَةً) وَفِي الْوَقْتِ سِعَةٌ.
وَفِي السِّرَاجِ: ثُمَّ هَذِهِ الصَّلَاةُ لَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا عِنْدَ الْإِمَامِ بَلْ تَبْقَى مَوْقُوفَةً إنْ صَلَّى بَعْدَ خَمْسِ صَلَوَاتٍ وَهُوَ يَذْكُرُ الْفَائِتَةَ فَإِنَّهَا تَنْقَلِبُ جَائِزَةً وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ تَبَعًا لِمَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ.
(أَوْ اسْتَخْلَفَ) الْإِمَامُ (الْقَارِئَ أُمِّيًّا) .
وَفِي الْبَحْرِ وَاخْتَارَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَا فَسَادَ بِالِاسْتِخْلَافِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ بِالْإِجْمَاعِ وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي وَغَايَةِ الْبَيَانِ لِأَنَّ اسْتِخْلَافَ الْأُمِّيِّ فِعْلٌ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ فَيَكُونُ مُخْرِجًا مِنْهَا.
(أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي الْفَجْرِ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ إنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، كَمَا هُوَ قَوْلُهُمَا كَمَا فِي الْيَنَابِيعِ وَغَيْرِهِ قَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ نَعَمْ يَتَحَقَّقُ الْخُرُوجُ لَكِنْ قِيلَ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَقْتٌ مُهْمَلٌ عِنْدَهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْعَصْرِ بَلْ يَخْرُجُ وَقْتُ الْجُمُعَةِ انْتَهَى، هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ
فَإِنَّهُ قَالَ وَرَوَى حَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْهُ إذَا صَارَ كُلُّ شَيْءٍ مِثْلَهُ سِوَى فَيْءِ الزَّوَالِ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَدَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، وَرَوَى أَسَدُ بْنُ عُمَرَ عَنْهُ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ سَوَاءٌ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَلَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْعَصْرِ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقْتٌ مُهْمَلٌ لَا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ فَافْهَمْ.
وَفِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ هَذَا عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ، وَفِي الْمِعْرَاجِيَّةِ قِيلَ تَخْصِيصُ الْجُمُعَةِ اتِّفَاقِيٌّ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الظُّهْرِ كَذَلِكَ.
(أَوْ زَالَ عُذْرُ الْمَعْذُورِ) وَالْمُرَادُ بِالزَّوَالِ أَنْ يَسْتَوْعِبَ الِانْقِطَاعُ وَقْتًا كَامِلًا فَلَوْ انْقَطَعَ الْعُذْرُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَسَالَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى فَالصَّلَاةُ الْأُولَى جَائِزَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَسَلْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ لِتَحْقِيقِ الِانْقِطَاعِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ.
(أَوْ سَقَطَتْ الْجَبِيرَةُ عَنْ بُرْءٍ) لِأَنَّ سُقُوطَهَا بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَيَكُونُ مُبْطِلًا لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِصُنْعِهِ فَرْضٌ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي رِوَايَةٍ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا لَا عِنْدَهُمَا وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ تُسَمَّى اثْنَيْ عَشْرِيَّةٍ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ قِيلَ: هِيَ خَطَأٌ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ النِّسْبَةُ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ إلَّا إذَا كَانَ عَلَمًا فَحِينَئِذٍ يُنْسَبُ إلَى صَدْرِهِ يُقَالُ خَمْسِيٌّ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَبَعْلِيٌّ فِي بَعْلَبَكَّ كَمَا فِي الْمُفَصَّلِ وَإِنَّمَا قَالَ الْإِمَامُ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّ مَا يُغَيِّرُ الصَّلَاةَ فِي أَثْنَائِهَا يُغَيِّرُهَا فِي آخِرِهَا كَنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَاقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ.
(وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ مَسْبُوقًا) وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ أَوَّلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ (صَحَّ) اسْتِخْلَافُهُ لِوُجُودِ الْمُشَارَكَةِ فِي التَّحْرِيمَةِ، وَيَنْبَغِي لِهَذَا الْمَسْبُوقِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ وَلَوْ تَقَدَّمَ جَازَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ مُقِيمًا (فَإِذَا أَتَمَّ) الْمَسْبُوقُ الْمُسْتَخْلَفُ (صَلَاةَ الْإِمَامِ) بِأَنْ انْتَهَى إلَى السَّلَامِ يُقَدِّمُ مُدْرِكًا أَيْ يَسْتَخْلِفُهُ وَيَجُرُّ مَكَانَهُ (لِيُسَلِّمَ بِهِمْ) أَيْ الْقَوْمِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ التَّسْلِيمِ وَيَقُومُ هُوَ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ (تَمَّ لَوْ فَعَلَ) ذَلِكَ الْمَسْبُوقُ (مُنَافِيًا) أَيْ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ (يَضُرُّهُ) أَيْ الْمَسْبُوقَ.
(وَالْأَوَّلَ) بِالنَّصْبِ أَيْ يَضُرُّهُ ذَلِكَ الْمُنَافِي وَيَضُرُّ الْإِمَامَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ وُجِدَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِمَا (إنْ لَمْ يَكُنْ) الْإِمَامُ الْأَوَّلُ (فَرَغَ) مِنْ صَلَاتِهِ.
(وَلَا يَضُرُّ مَنْ فَرَغَ) بِأَنْ تَوَضَّأَ وَأَدْرَكَ خَلِيفَتَهُ بِحَيْثُ لَمْ يَسْبِقْهُ شَيْءٌ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ خَلْفَ خَلِيفَتِهِ فَحِينَئِذٍ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَسْبُوقِ الْمُسْتَخْلِفِ مُنَافِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْإِتْمَامِ فِي حَقِّهِ وَكَذَا لَمْ يَضُرَّ الْقَوْمَ إذْ قَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُمْ.
(وَلَوْ قَهْقَهَ الْإِمَامُ عِنْدَ الِاخْتِتَامِ) أَيْ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ (أَوْ أَحْدَثَ عَمْدًا) فِي ذَلِكَ الْحِينِ وَإِنَّمَا قُيِّدَ عِنْدَ الِاخْتِتَامِ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ أَفْسَدَ صَلَاةَ الْجَمِيعِ بِالِاتِّفَاقِ (فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ كَانَ مَسْبُوقًا) قَيَّدَ بِالْمَسْبُوقِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُدْرِكِ لَا تَفْسُدُ وَفِي صَلَاةِ اللَّاحِقِ رِوَايَتَانِ (لَا إنْ تَكَلَّمَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ) أَيْ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ بِخُرُوجِ إمَامِهِ وَكَلَامِهِ بَعْدَ الْقُعُودِ وَلَا خِلَافَ فِي الثَّانِي وَخَالَفَا فِي الْأَوَّلِ