الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَجِبُ الْعُشْرُ كَوُجُوبِ الْخَرَاجِ (وَلَا يَتَكَرَّرُ خَرَاجُ الْوَظِيفَةِ بِتَكَرُّرِ الْخَارِجِ) فِي سَنَةٍ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ يُوَظِّفْهُ مُكَرَّرًا (بِخِلَافِ الْعُشْرِ وَخَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ) لِأَنَّهُمَا يَتَكَرَّرَانِ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالْخَارِجِ حَقِيقَةً وَفِي الْبَحْرِ لَوْ وَهَبَ السُّلْطَانُ لِإِنْسَانٍ الْخَرَاجَ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى إنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مُصَرِّفًا لَهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَلَوْ تَرَكَ لَهُ عُشْرَ أَرْضِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ.
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ]
ِ وَهَذَا الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ الْخَرَاجِ وَقُدِّمَ الْأَوَّلُ لِقُوَّتِهِ إذْ يَجِبُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَسْلَمُوا أَوْ لَا بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ وَلِأَنَّهُ حَقِيقَةُ الْخَرَاجِ لِأَنَّهُ الرَّأْسُ وَيُجْمَعُ عَلَى جِزًى كَلِحْيَةٍ وَلِحًى وَسُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّهَا تُجْزِئُ أَيْ تَكْفِي عَنْ الْقَتْلِ إذْ بِقَبُولِهَا يَسْقُطُ عَنْ الذِّمِّيِّ الْقَتْلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] وَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ فَأَشَارَ إلَى الضَّرْبِ الْأَوَّلِ فَقَالَ (الْجِزْيَةُ إذَا وُضِعَتْ بِتَرَاضٍ أَوْ صُلْحٍ لَا تُغَيَّرُ) فَتُقَدَّرُ بِحَسَبِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ فَلَا يَتَعَدَّى بِالتَّغَيُّرِ كَمَا
لَا يَتَغَيَّرُ مَا يُوضَعُ عَلَى بَنِي نَجْرَانَ مِنْ الْحُلَلِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الضَّرْبِ الثَّانِي فَقَالَ.
(وَإِنْ فُتِحَتْ بَلْدَةٌ عَنْوَةً) أَيْ غَلَبَ الْإِمَامُ عَلَى الْكُفَّارِ وَفَتَحَ قَهْرًا (وَأَقَرَّ أَهْلَهَا عَلَيْهَا تُوضَعُ) الْجِزْيَةُ (عَلَى الظَّاهِرِ الْغِنَى فِي السَّنَةِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ (وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ) فِي الْغِنَى (نِصْفُهَا) أَيْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ دِرْهَمَانِ (وَعَلَى الْفَقِيرِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ رُبْعُهَا) أَيْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ دِرْهَمٌ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَالصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مُتَوَافِرُونَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَصَارَ إجْمَاعًا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْجِزْيَةُ دِينَارٌ أَوْ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا عَلَى كُلِّ رَأْسٍ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا لَمْ يُذْكَرْ حَدُّ الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ وَالْفَقِيرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مَنْ مَلَكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا غَنِيٌّ وَمَنْ مَلَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا مُتَوَسِّطٌ وَمَنْ مَلَكَ مَا دُونَ الْمِائَتَيْنِ أَوْ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فَقِيرٌ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَقِيلَ مَنْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْكَسْبِ لِإِصْلَاحِ مَعِيشَتِهِ فَمُعْسِرٌ وَمَنْ لَهُ أَمْوَالٌ وَيَعْمَلُ فَوَسَطٌ وَمَنْ لَا يَعْمَلُ لِكَثْرَةِ أَمْوَالِهِ فَمُوسِرٌ وَقِيلَ مَنْ لَا كِفَايَةَ لَهُ فَمُعْسِرٌ وَمَنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ وَقُوتَ عِيَالِهِ فَوَسَطٌ وَمَنْ يَمْلِكُ الْفَضْلَ فَمُوسِرٌ.
وَفِي الِاخْتِيَارِ الْمُخْتَارُ أَنْ يُنْظَرَ فِي كُلِّ بَلَدٍ إلَى حَالِ أَهْلِهِ وَمَا يَعْتَبِرُونَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ عَادَةَ الْبِلَادِ مُخْتَلِفَةٌ فِي ذَلِكَ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ مَوْكُولًا إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا لَوْ كَانَ مَرِيضًا فِي السَّنَةِ كُلِّهَا أَوْ نِصْفِهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَلَوْ تَرَكَ الْعَمَلَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَتُوضَعُ) الْجِزْيَةُ (عَلَى كِتَابِيٍّ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْكُتُبِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ الْعَجَمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} [التوبة: 29] وَالْكِتَابِيُّ شَامِلٌ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَيَدْخُلُ فِي الْيَهُودِ السَّامِرَةُ لِأَنَّهُمْ يَدِينُونَ بِشَرِيعَةِ مُوسَى عليه الصلاة والسلام إلَّا أَنَّهُمْ يُخَالِفُونَهُمْ فِي الْفُرُوعِ وَيَدْخُلُ فِي النَّصَارَى الْإِفْرِنْجُ وَالْأَرْمَنُ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ الصَّابِئِينَ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا (وَمَجُوسِيٍّ) وَهُوَ وَاحِدُ الْمَجُوسِ وَهُمْ قَوْمٌ يُعَظِّمُونَ النَّارَ وَيَعْبُدُونَهَا لِأَنَّ «النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام وَضَعَ الْجِزْيَةَ عَلَى مَجُوسِ هَجَرَ» (وَوَثَنِيٍّ) أَيْ عَابِدِ وَثَنٍ وَهُوَ مَا كَانَ مَنْقُوشًا فِي حَائِطٍ وَلَا شَخْصَ لَهُ وَالصَّنَمُ اسْمٌ لِمَا كَانَ عَلَى صُورَةِ الْإِنْسَانِ وَالصَّلِيبُ مَا لَا نَقْشَ لَهُ وَلَا صُورَةَ وَلَكِنَّهُ بَعِيدٌ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا ظَهَرَ مُخَالَفَةُ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْوَثَنَ مَا لَهُ صُورَةٌ كَصُوَرِ الْآدَمِيِّ، تَأَمَّلْ. (عَجَمِيٍّ) جَمْعُهُ الْعَجَمُ وَهُوَ خِلَافُ الْعَرَبِيِّ وَإِنْ فَصِيحًا وَالْأَعْجَمِيُّ الَّذِي فِي لِسَانِهِ عُجْمَةٌ أَيْ عَدَمُ إفْصَاحٍ بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ
فَقَطْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْكُفَّارِ الْقِتَالُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَاتِلُوهُمْ} [البقرة: 193] لَكِنَّا تَرَكْنَاهُ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ بِمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا وَالْمَجُوسِيُّ دَخَلَ فِيهِمْ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام سَنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَبَقِيَ مَا وَرَاءَهُمْ عَلَى الْأَصْلِ وَلَنَا أَنَّ اسْتِرْقَاقَهُمْ جَائِزٌ فَتُوضَعُ الْجِزْيَةُ عَلَيْهِمْ كَالْمَجُوسِ (لَا) تُوضَعُ (عَلَى) وَثَنِيٍّ (عَرَبِيٍّ) لِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام بُعِثَ مِنْهُمْ فَظَهَرَتْ الْمُعْجِزَةُ لَدَيْهِمْ فَكُفْرُهُمْ أَفْحَشُ وَالْمُرَادُ بِالْعَرَبِيِّ عَرَبِيُّ الْأَصْلِ وَهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ وَإِنَّهُمْ أُمِّيُّونَ كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فَأَهْلُ الْكِتَابِ وَإِنْ سَكَنُوا فِيمَا بَيْنَ الْعَرَبِ وَتَوَالَدُوا مِنْهُمْ لَيْسُوا بِعَرَبِيِّ الْأَصْلِ (وَلَا عَلَى مُرْتَدٍّ) لِأَنَّهُ كَفَرَ بِرَبِّهِ بَعْدَمَا رَأَى مَحَاسِنَ الْإِسْلَامِ وَبَعْدَمَا هُدِيَ إلَيْهِ فَلَا تُوضَعُ أَيْضًا عَلَى زِنْدِيقٍ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ فِي الْبَاطِنِ خِلَافَ الظَّاهِرِ بَلْ إنْ جَاءَ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ وَتَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَإِنْ بَعْدَ الْأَخْذُ يُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ اُقْتُلُوا الزِّنْدِيقَ وَإِنْ قَالَ تُبْت وَأَمْوَالُهُ وَذُرِّيَّتُهُ فَيْءٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ (فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْوَثَنِيِّ الْعَرَبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ (إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ) زِيَادَةً فِي الْعُقُوبَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ اكْتَفَى بِهِ وَأَظْهَرَ ضَمِيرَهُمَا وَتَرَكَ قَوْلَهُ وَلَا عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا عَلَى مُرْتَدٍّ لَكَانَ أَخْصَرَ (وَتُسْتَرَقُّ أُنْثَاهُمَا) أَيْ أُنْثَى الْوَثَنِيِّ الْعَرَبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ لَا رَجَاءَ لَهُمَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي وَثَنِيِّ الْعَرَبِ (وَطِفْلُهُمَا) لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَسْتَرِقُّ ذَرَارِيِّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اسْتَرَقَّ نِسَاءَ بَنِي حَنِيفَةَ وَصِبْيَانَهُمْ وَكَانُوا مُرْتَدِّينَ إلَّا أَنَّ نِسَاءَ الْمُرْتَدِّينَ وَذَرَارِيَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ ذَرَارِيِّ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَنِسَائِهِمْ (وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ) وَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ عَلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ لَكَانَ أَشْمَلَ (وَامْرَأَةٍ) لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بَدَلًا عَنْ الْقَتْلِ أَيْ عَنْ الْقِتَالِ وَهُمَا لَا يُقْتَلَانِ وَلَا يُقَاتَلَانِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَرَادَ بِالْمَرْأَةِ غَيْرَ امْرَأَةِ بَنِي تَغْلِبَ فَإِنَّهَا تُوضَعُ عَلَيْهَا (وَمَمْلُوكٍ) قِنًّا كَانَ أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أَمَّ وَلَدٍ أَيْ أَمَةٍ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَنْبَغِي ذِكْرُ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَى النِّسَاءِ الْأَحْرَارِ فَكَيْفَ بِأُمِّ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ ابْنُ أُمِّ الْوَلَدِ (وَمُكَاتَبٍ) لِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ النُّصْرَةُ بِالْقِتَالِ لِكَوْنِهِمْ فِي يَدِ الْغَيْرِ فَلَا يَجِبُ مَا هُوَ خِلَافٌ عَنْهَا وَلَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ مَوَالِيهِمْ لِأَنَّهُمْ تَحَمَّلُوا الزِّيَادَةَ بِسَبَبِهِمْ (وَشَيْخٍ كَبِيرٍ وَزَمِنٍ وَأَعْمَى وَمُقْعَدٍ) لِمَا بَيَّنَّاهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ عَلَى هَؤُلَاءِ إذَا كَانَ لَهُمْ مَالٌ لِأَنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ فِي الْجُمْلَةِ إذَا كَانُوا صَاحِبِي رَأْيٍ
كَمَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ (وَفَقِيرٍ لَا يَكْتَسِبُ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَرَاهِبٍ لَا يُخَالِطُ) وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْعَمَلِ لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ تُوضَعُ الْجِزْيَةُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْعَمَلِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَفِي الِاخْتِيَارِ لَوْ أَدْرَكَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَوْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ أَوْ بَرِئَ الْمَرِيضُ قَبْلَ وَضْعِ الْإِمَامِ الْجِزْيَةَ وَضَعَ عَلَيْهِمْ وَبَعْدَ وَضْعِهَا لَا حَتَّى تَمْضِيَ هَذِهِ السَّنَةُ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَهْلِيَّتُهُمْ وَقْتَ الْوَضْعِ بِخِلَافِ الْفَقِيرِ إذَا أَيْسَرَ بَعْدَ الْوَضْعِ حَيْثُ تُوضَعُ عَلَيْهِ.
(وَتَجِبُ) الْجِزْيَةُ (فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ) لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِإِسْقَاطِ الْقَتْلِ فَتَجِبُ لِلْحَالِ إلَّا أَنَّهَا تُؤْخَذُ فِي آخِرِهِ قَبْلَ تَمَامِهِ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْهُ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تُؤْخَذُ حِينَ تَدْخُلُ السَّنَةُ وَيَمْضِي شَهْرَانِ مِنْهَا كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ (وَيُؤْخَذُ قِسْطٌ كُلَّ شَهْرٍ فِيهِ) كَمَا بَيَّنَّاهُ لِأَنَّهُ زَمَانُ وُجُوبِهِ.
(وَتَسْقُطُ) الْجِزْيَةُ عِنْدَنَا (بِالْإِسْلَامِ أَوْ الْمَوْتِ) أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ شُرِعَتْ لِدَفْعِ الشَّرِّ وَقَدْ انْدَفَعَ بِإِسْلَامِهِ أَوْ بِمَوْتِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ
وَمَالِكٍ لَا تَسْقُطُ لِأَنَّهَا كَسَائِرِ الدُّيُونِ (وَتَتَدَاخَلُ) أَيْ الْجِزْيَةُ (بِالتَّكَرُّرِ) يَعْنِي إذَا مَرَّتْ عَلَى الذِّمِّيِّ سُنُونَ وَلَمْ تُؤْخَذْ فِيهَا الْجِزْيَةُ سَقَطَتْ عَنْ تِلْكَ الْأَعْوَامِ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ جِزْيَةُ السَّنَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّ عِنْدَهُمَا تُؤْخَذُ عَنْ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهَا حَقٌّ وَاجِبٌ فِي الذِّمَّةِ فِي كُلِّ السَّنَةِ فَلَا تَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ (بِخِلَافِ خَرَاجِ الْأَرْضِ) فَإِنَّهُ لَا تَدْخُلُ فِيهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ مُؤْنَةُ الْأَرْضِ وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ.
(وَلَا يَجُوزُ إحْدَاثُ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ) أَوْ لَا يُحْدِثُ الْكِتَابِيُّ بِيعَةً وَلَا كَنِيسَةً وَلَا يُحْدِثُ الْمَجُوسِيُّ بَيْتَ نَارٍ (أَوْ صَوْمَعَةً فِي دَارِنَا) أَيْ دَارِ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا خِصَاءَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا كَنِيسَةَ» وَالْمُرَادُ إحْدَاثُهَا يُقَالُ كَنِيسَةُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِمَعْبَدِهِمْ وَكَذَلِكَ الْبِيعَةُ إلَّا أَنَّهُ غَلَّبَ الْبِيعَةَ عَلَى مَعْبَدِ النَّصَارَى وَالْكَنِيسَةَ عَلَى مَعْبَدِ الْيَهُودِ وَالصَّوْمَعَةُ كَالْكَنِيسَةِ لِأَنَّهَا تُبْنَى لِلتَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ بِخِلَافِ مَوْضِعِ الصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلسُّكْنَى وَالدَّارُ شَامِلَةٌ لِلْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَالْفِنَاءِ وَهُوَ تَصْحِيحُ الْمُخْتَارِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يُمْنَعُ عَنْ ذَلِكَ فِي قُرًى لَا تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَةُ وَالْحُدُودُ وَهَذَا فِي قُرًى أَكْثَرُهَا ذِمِّيُّونَ وَأَمَّا فِي قُرَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ وَهَذَا فِي أَرْضِ الْعَجَمِ وَأَمَّا فِي الْعَرَبِ فَيُمْنَعُ مُطْلَقًا لَا يُبَاعُ فِيهَا خَمْرٌ وَخِنْزِيرٌ مِصْرًا أَوْ قَرْيَةً كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ (وَتُعَادُ الْمُنْهَدِمَةُ) مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَى الْبِنَاءِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ الْقَدِيمَةِ لِأَنَّهُ جَرَى التَّوَارُثُ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام إلَى يَوْمِنَا هَذَا بِتَرْكِ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَا تُهْدَمُ الْقَدِيمَةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِي الْأَمْصَارِ أَوْ فِي السَّوَادِ وَعَمِلَ النَّاسُ عَلَى هَذَا وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ أَنَّهَا تُهْدَمُ أَمْصَارُ الْمُسْلِمِينَ وَفِي الْإِجَارَاتِ لَا تُهْدَمُ فِيهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْمُرَادُ بِالْقَدِيمَةِ مَا كَانَتْ قَبْلَ فَتْحِ الْإِمَامِ بَلْدَتِهِمْ وَمُصَالَحَتِهِمْ عَلَى إقْرَارِهِمْ عَلَى بَلْدَتِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُصَالِحَهُمْ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ هَذَا فِي الْمُنْهَدِمَةِ أَمَّا إذَا هُدِمَتْ وَلَوْ بِغَيْرِ وَجْهٍ فَلَا تَجُوزُ إعَادَتُهَا كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ فِي زَمَانِنَا لَا يُفَرِّقُ بَعْضٌ مِنَّا بَيْنَ الْهَدْمِ وَالِانْهِدَامِ فَفُعِلَ مَا فُعِلَ حَفِظَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ الزَّلَلِ (مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ) يَعْنِي إذَا
انْهَدَمَتْ يَبْنُونَهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِاللَّبِنِ وَالطِّينِ عَلَى قَرَارِ الْأَوَّلِ وَلَا يُشَيِّدُونَهَا بِالْحَجَرِ وَالْآجُرِّ وَلَا يُمَكَّنُونَ نَقْلَهَا لِأَنَّهُ إحْدَاثٌ فِي الْحَقِيقَةِ فَلَوْ وَقَفَ الْإِمَامُ عَلَى إحْدَاثِهَا وَعَلَى مَا زَادَ فِي عِمَارَةِ الْعَتِيقِ خَرَّبَهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْرِبُوا النَّاقُوسَ إلَّا فِي كَنَائِسِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ خُفْيَةً بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ خَارِجَهَا وَلَا يَسْكُنُونَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمِصْرِ إلَّا فِي مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِمُونَ فَلَوْ اشْتَرَى أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي مَحَلَّةِ الْمُسْلِمِينَ دَارًا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا.
(وَيُمَيَّزُ الذِّمِّيُّ) عَنْ الْمُسْلِمِينَ وُجُوبًا (فِي زِيِّهِ)
بِكَسْرِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ الْهَيْئَةُ أَيْ يُمَيَّزُ فِي الرِّدَاءِ وَالْعِمَامَةِ وَسَائِرِ اللِّبَاسِ (وَمَرْكَبِهِ وَسَرْجِهِ) أَيْ سَرْجِ مَرْكَبِهِ بِحَذْفِ الْمُضَافِ وَإِلَّا يَلْزَمُ انْتِشَارُ الضَّمِيرِ كَذَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَلَا يَرْكَبُ خَيْلًا) لِأَنَّ رُكُوبَهُ عِزٌّ وَكَذَا لَا يَرْكَبُ جَمَلًا إلَّا لِحَاجَةٍ كَاسْتِعَانَةِ الْإِمَامِ بِهِمْ فِي الذَّبِّ عَنْ الْمُسْلِمِينَ قَيَّدَ بِالْخَيْلِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ الْحِمَارَ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ لِأَنَّ رُكُوبَهُ ذُلٌّ وَكَذَا الْبَغْلُ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ رُكُوبَ الْبَغْلِ إذَا كَانَ لِلْعِزِّ لَا يُبَاحُ لَهُ (وَلَا يَعْمَلُ بِسِلَاحٍ) أَيْ لَا يَسْتَعْمِلُهُ وَلَا يَحْمِلُهُ فَإِنَّ فِيهِ عِزًّا (وَيُظْهِرُ) الذِّمِّيُّ بِالشَّدِّ فَوْقَ ثِيَابِهِ (الْكُسْتِيجَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَهُوَ مَا يُشَدُّ عَلَى وَسَطِهِ مِنْ عَلَامَةٍ بِهَا يَمْتَازُ عَنْ الْمُسْلِمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الصُّوفِ أَوْ الشَّعْرِ وَأَنْ لَا يُجْعَلَ حَلْقَةً يَشُدُّهُ كَمَا يَشُدُّ الْمُسْلِمُ الْمِنْطَقَةَ بَلْ يُعَلِّقُهُ عَلَى الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَعَنْ أَبُو يُوسُفَ هُوَ خَيْطٌ غَلِيظٌ مِنْ صُوفٍ بِقَدْرِ الْأُصْبُعِ يَشُدُّهُ الذِّمِّيُّ فَوْقَ ثِيَابِهِ دُونَ مَا يَتَزَيَّنُونَ بِهِ مِنْ زَنَانِيرِ الْإِبْرَيْسَمِ (وَيَرْكَبُ سَرْجًا كَالْإِكَافِ) فِي الْهَيْئَةِ يَعْنِي إنْ احْتَاجَ إلَى رُكُوبِ حِمَارٍ وَلِذَا قَالَ (وَالْأَحَقُّ أَنْ لَا يُتْرَكَ) لِلذِّمِّيِّ (أَنْ يَرْكَبَ إلَّا لِضَرُورَةٍ) وَفِي الْبَحْرِ وَاخْتَارَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَنْ لَا يَرْكَبُوا أَصْلًا إلَّا إذَا خَرَجُوا إلَى قَرْيَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ كَانَ مَرِيضًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُ إلَّا لِضَرُورَةٍ (وَحِينَئِذٍ) رَكِبَ لِلضَّرُورَةِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ (يَنْزِلُ فِي الْمَجَامِعِ) أَيْ فِي مَجَامِعِ الْمُسْلِمِينَ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فِي رُكُوبِهِ هُنَا (وَلَا يَلْبَسُ مَا يَخُصُّ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالزُّهْدِ وَالشَّرَفِ) تَعْظِيمًا لِهَؤُلَاءِ.
وَفِي الْفَتْحِ يَمْنَعُهُمْ الْإِمَامُ مِنْ الثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ حَرِيرًا أَوْ غَيْرَهُ كَالصُّوفِ الْمُرْتَفِعِ وَالْجُوخِ الرَّفِيعِ وَالْأَبْرَادِ الرَّقِيقَةِ وَصَرَّحَ بِمَنْعِهِمْ مِنْ الْقَلَانِسِ الصِّغَارِ وَإِنَّمَا تَكُونُ طَوِيلَةً مِنْ كِرْبَاسٍ مَصْبُوغَةٍ بِالسَّوَادِ مُضَرَّبَةٍ مُبَطَّنَةٍ وَيَجِبُ تَمْيِيزُهُمْ فِي النِّعَالِ أَيْضًا فَيَلْبَسُونَ الْمَكَاعِبَ الْخَشِنَةَ الْفَاسِدَةَ اللَّوْنِ تَحْقِيرًا لَهُمْ وَشَرَطَ فِي الْقَمِيصِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَيْلُهُ قَصِيرًا وَأَنْ يَكُونَ جَيْبُهُ عَلَى صُدُورِهِ كَمَا يَكُونُ لِلنِّسَاءِ وَمِنْ الْقُعُودِ حَالَ قِيَامِ الْمُسْلِمِ عِنْدَهُمْ هَكَذَا أُمِرُوا كَمَا فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَعَلَى هَذَا ثُمَّ حُكَّامُ بِلَادِنَا بِعَدَمِ مَنْعِهِمْ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ الْفَاخِرَةَ وَيَرْكَبُونَ خَيْلًا أَيَّ خَيْلٍ وَيُجْلِسُونَ
مُعَظَّمًا عِنْدَهُمْ بَلْ يَقِفُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ خِدْمَةً لَهُمْ فَالْوَيْلُ كُلَّ الْوَيْلِ.
(وَتُمَيَّزُ أُنْثَاهُ) أَيْ أُنْثَى الذِّمِّيِّ (فِي الطَّرِيقِ وَالْحَمَّامِ) بِالْجَلَاجِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَتَمْشِينَ فِي نَاحِيَةِ الطَّرِيقِ وَالْمُسْلِمَاتُ فِي وَسَطِهِ وَيَجْعَلْنَ إزَارَهُنَّ مُخَالَفَةً لِإِزَارِ الْمُسْلِمَاتِ.
(وَتُجْعَلُ عَلَى دَارِهِ) أَيْ الذِّمِّيِّ (عَلَامَةٌ كَيْ لَا يُسْتَغْفَرَ) أَيْ لِئَلَّا يَدْعُوَ السَّائِلُ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ (لَهُ) أَيْ لِلذِّمِّيِّ عِنْدَ الْإِعْطَاءِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ ظَاهِرًا (وَلَا يُبْدَأُ بِسَلَامٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِكْرَامِ وَأَمَّا رَدُّهُ فَأَدَاءُ الْوَاجِبِ وَمُكَافَأَةُ إكْرَامِهِ فِي الْجُمْلَةِ لَكِنْ لَا يَزِيدُ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْكُمْ وَلَا يَقُولُ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ (وَيُضَيِّقُ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ) يَعْنِي إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فِي الطَّرِيقِ يَجْعَلُهُ فِي الطَّرَفِ الضَّيِّقِ (وَيُؤَدِّي الْجِزْيَةَ قَائِمًا وَالْآخِذُ) مِنْهُ (قَاعِدًا وَيُؤْخَذُ) مِنْهُ (بِتَلْبِيبِهِ) وَجَرِّهِ وَإِظْهَارِ مَذَلَّتِهِ (وَيُهَزُّ) أَيْ يُحَرَّكُ بِعُنْفٍ (وَيُقَالُ لَهُ أَدِّ الْجِزْيَةَ يَا ذِمِّيُّ أَوْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ) إذْ لَا إلَهَ لَهُ وَإِشْعَارًا بِأَنَّهَا بَدَلُ دَمِهِ الْمُسْتَحَقِّ وَلَا يُقَالُ لَهُ يَا كَافِرُ (وَلَا يُنْقَضُ عَهْدُهُ) أَيْ لَا يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ الذِّمَّةِ (بِالْإِبَاءِ عَنْ الْجِزْيَةِ) لِأَنَّ مَا يَدْفَعُ عَنْهُ قِتَالَنَا الْتِزَامُ الْجِزْيَةِ وَقَبُولُهَا لَا أَدَاؤُهَا وَهُوَ بَاقٍ فَلَا يُنْقَضُ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يُنْقَضُ فَيَجِبُ أَنْ يُقْتَلَ أَوْ يُسْتَرَقَّ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَفِي الدُّرَرِ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ مَعْنَى الِامْتِنَاعِ عَنْ الْجِزْيَةِ التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ أَدَائِهَا كَأَنَّهُ يَقُولُ لَا أُعْطِي الْجِزْيَةَ بَعْدَ هَذَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُنَافِي بَقَاءَ الِالْتِزَامِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالِالْتِزَامِ وَالصَّوَابُ بِالِامْتِنَاعِ تَأْخِيرُهَا وَالتَّعَلُّلُ فِي أَدَائِهَا وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ انْتَهَى لَكِنْ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ بِالْتِزَامِهِ يَكُونُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ كَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فَقَوْلُهُ بَعْدَهُ لَا أُعْطِي الْجِزْيَةَ لَا فَائِدَةَ لَهُ فَيَلْزَمُ أَنْ يُحْبَسَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، تَدَبَّرْ (أَوْ بِزِنَاهُ بِمُسْلِمَةٍ وَقَتْلِهِ مُسْلِمًا) فَيُقَامُ الْحَدُّ فِي الزِّنَاءِ وَيُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ مِنْهُ فِي الْقَتْلِ (أَوْ سَبِّهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِأَنَّ السَّبَّ كُفْرٌ فَكُفْرُهُ الْمُقَارِنُ لَهُ لَا يَمْنَعُهُ فَالطَّارِئُ
لَا يَرْفَعُهُ، هَذَا إذَا لَمْ يُعْلِنْ أَمَّا إذَا أَعْلَنَ بِشَتْمِهِ أَوْ اعْتَادَ فَالْحَقُّ أَنَّهُ يُقْتَلُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي كَانَتْ تُعْلِنُ بِشَتْمِهِ عليه الصلاة والسلام قُتِلَتْ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَبِهِ يُفْتَى الْيَوْمَ.
وَفِي الْمُؤَيَّدِ زَادَهُ نَقْلًا عَنْ الشِّفَاءِ مَنْ شَتَمَ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام مِنْ الذِّمِّيِّ فَأَرَى لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَرِّقَهُ بِالنَّارِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يُسْقِطُ إسْلَامُهُ قَتْلَهُ.
وَفِي النَّوَادِرِ يُسْقِطُ هَذَا إذَا سَبَّهُ كَافِرٌ وَأَمَّا إذَا سَبَّهُ عليه الصلاة والسلام أَوْ وَاحِدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مُسْلِمٌ وَلَوْ سَكْرَانَ وَأَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا وَلَا تَوْبَةَ لَهُ أَصْلًا تُنْجِيهِ مِنْ الْقَتْلِ سَوَاءٌ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَالشَّهَادَةِ أَوْ جَاءَ تَائِبًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ كَالزِّنْدِيقِ لِأَنَّهُ حَدٌّ وَجَبَ فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ خِلَافُهُ لِأَنَّهُ حَدٌّ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَنْ شَكَّ فِي عَذَابِهِ وَكُفْرِهِ فَقَطْ كَفَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى ثُمَّ تَابَ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَسَابُّ الشَّيْخَيْنِ كَافِرٌ وَمُبْتَدِعٌ إنْ فَضَّلَ عَلِيًّا عَلَيْهِمَا انْتَهَى.
وَفِي الرِّسَالَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْمَعْرُوضَاتِ لِلْمَوْلَى أَبِي السُّعُودِ تَفْصِيلٌ فِي حَقِّ السَّبِّ فَلْيُطَالَعْ لِأَنَّنَا أُمِرْنَا الْآنَ بِعَمَلِهَا (بَلْ) يُنْقَضُ عَهْدُهُ (بِاللِّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ الْغَلَبَةِ عَلَى مَوْضِعٍ لِمُحَارَبَتِنَا) لِأَنَّهُمْ صَارُوا بِذَلِكَ حَرْبِيًّا عَلَيْنَا فَلَا يُفِيدُ بَقَاءُ الْعَهْدِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ عَقْدِ الذِّمَّةِ دَفْعُ الْفَسَادِ بِتَرْكِ الْقِتَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ إلَّا بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ.
وَفِي الْفَتْحِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ جَعَلَ نَفْسَهُ طَلِيعَةً لِلْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ مُحَارِبٌ فَحِينَئِذٍ هِيَ ثَلَاثٌ، تَأَمَّلْ. (وَيَصِيرُ) الْمَوْصُوفُ بِمَا ذُكِرَ (كَالْمُرْتَدِّ) فِي قَتْلِهِ وَدَفْعِ مَالِهِ لِوَرَثَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اُلْتُحِقَ بِالْأَمْوَاتِ لِتَبَايُنِ الدَّارِ (لَكِنْ لَوْ أُسِرَ) ذَلِكَ الذِّمِّيُّ (يُسْتَرَقُّ) وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الدِّينِ.
(وَالْمُرْتَدُّ يُقْتَلُ) إنْ أَبَى عَنْ الْإِسْلَامِ وَلَا يُسْتَرَقُّ كَمَا سَيَأْتِي.
وَفِي الْبَحْرِ وَأَفَادَ بِالتَّشْبِيهِ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي يُلْحَقُ بِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيْءٌ كَالْمُرْتَدِّ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِمَا أَخْذُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ إلَى دَارِنَا بَعْدَ اللِّحَاقِ وَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ مَالُهُمْ بِاللِّحَاقِ الْأَوَّلِ وَتَمَامُهُ فِيهِ.
(وَيُؤْخَذُ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ رِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ ضِعْفُ الزَّكَاةِ) أَيْ ضِعْفُ زَكَاتِنَا مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَتُصْرَفُ مَصَارِفَ الْجِزْيَةِ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - صَالَحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ كَمَا بُيِّنَ فِي الزَّكَاةِ فَلَزِمَ ذَلِكَ عَلَى نِسَائِهِمْ أَيْضًا لِأَنَّ النِّسَاءَ أَهْلٌ لِوُجُوبِ زَكَاةِ الْمَالِ عَلَيْهِمْ بِالصُّلْحِ.
وَقَالَ زُفَرُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ (لَا مِنْ صِبْيَانِهِمْ) لِعَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لَا مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ مِنْهُمْ
لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ حُكْمَ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ مِنْهُمْ كَحُكْمِ الصَّبِيِّ (وَيُؤْخَذُ مِنْ مَوَالِيهِمْ) أَيْ عُتَقَائِهِمْ (الْجِزْيَةُ وَالْخَرَاجُ كَمَوَالِي قُرَيْشٍ) أَيْ مُعْتَقُ التَّغْلِبِيِّ وَمُعْتَقُ الْقُرَيْشِيِّ وَاحِدٌ فَتُوضَعُ الْجِزْيَةُ أَوْ خَرَاجُ الْأَرْضِ عَلَى مُعْتَقِهِمَا.
وَقَالَ زُفَرُ يُضَاعَفُ عَلَى مَوَالِي التَّغْلِبِيِّ لِقَوْلِهِ عليه السلام إنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ وَلَنَا أَنَّ الصَّدَقَةَ الْمُضَاعَفَةَ تَخْفِيفٌ وَالْمُعْتَقُ لَا يَلْحَقُ بِالْأَصْلِ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْلَى أَسْبَابَ التَّخْفِيفِ وَلَا يَتْبَعُهُ فِيهِ (وَيُصْرَفُ الْخَرَاجُ وَالْجِزْيَةُ وَمَا أُخِذَ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ أَوْ) مَا أَخَذُوا فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَمَا بَعْدَهُ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَإِلَّا لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ (مِنْ أَرْضٍ أَجْلَى أَهْلَهَا عَنْهَا أَوْ أَهْدَاهُ أَهْلُ الْحَرْبِ) إلَى الْإِمَامِ.
(وَ) مَا (أُخِذَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ (بِلَا قِتَالٍ) بِأَنْ أُخِذَ بِالصُّلْحِ (فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) مُتَعَلِّقٌ بِيُصْرَفُ (كَسَدِّ الثُّغُورِ) جَمْعُ ثَغْرٍ وَهُوَ مَوْضِعُ مَخَافَةِ الْبُلْدَانِ (وَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ) جَمْعُ قَنْطَرَةٍ (وَالْجُسُورِ) جَمْعُ جَسْرٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُرْفَعُ وَالثَّانِي يُرْفَعُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُصْرَفُ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْبُقْعَة عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الصَّرْفُ عَلَى إقَامَةِ شَعَائِرِهَا مِنْ وَظَائِفِ الْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ وَنَحْوِهِمَا (وَكِفَايَةِ الْعُلَمَاءِ وَالْمُدَرِّسِينَ وَالْمُفْتِينَ وَالْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ) أَيْ الْعُمَّالِ عَلَى الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ (وَالْمُقَاتِلَةِ وَذَرَارِيِّهِمْ) وَالضَّمِيرُ يَعُودُ إلَى الْكُلِّ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ عَلَى الْآبَاءِ فَلَوْ لَمْ يُعْطَوْا
كِفَايَتَهُمْ لَاحْتَاجُوا إلَى الِاكْتِسَابِ وَتَعَطَّلَتْ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُخَمَّسُ وَلَا يُقْسَمُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا مَا يُوهِمُ التَّخْصِيصَ حَيْثُ قَالَ وَذَرَارِيِّهِمْ أَيْ ذَرَارِيِّ الْمُقَاتِلَةِ، انْتَهَى. لَكِنْ فِي الْبَحْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ انْتَهَى هَذَا هُوَ الْحَقُّ لِأَنَّ الْعِلَّةَ تَشْمَلُ الْكُلَّ، تَدَبَّرْ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَمْوَالَ بَيْتِ الْمَالِ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا مَا ذُكِرَ وَالثَّانِي الزَّكَاةُ وَالْعُشْرُ مَصْرِفُهُمَا مَا بُيِّنَ فِي بَابِ الْمَصْرِفِ وَالثَّالِثُ خُمْسُ الْغَنَائِمِ وَالْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ وَمَصْرِفُهُ مَا ذُكِرَ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْكِتَابِ وَالرَّابِعُ اللُّقَطَاتُ وَالتَّرِكَاتُ الَّتِي لَا وَارِثَ لَهَا وَدِيَةُ مَقْتُولٍ لَا وَلِيَّ لَهُ وَمَصْرِفُهُ اللَّقِيطُ الْفَقِيرُ وَالْفُقَرَاءُ الَّذِينَ لَا أَوْلِيَاءَ لَهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْهُ نَفَقَاتِهِمْ وَأَدْوِيَتِهِمْ وَيُكَفَّنُ بِهِ مَوْتَاهُمْ وَتُعْقَلُ جِنَايَتُهُمْ وَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ نَوْعٍ بَيْتًا يَخُصُّهُ وَلَا يَخْلِطُ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي بَعْضِهَا شَيْءٌ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَيْهِ مِنْ النَّوْعِ الْآخَرِ وَيَصْرِفَهُ إلَى أَهْلِ ذَلِكَ ثُمَّ إذَا حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ شَيْءٌ رَدَّهُ إلَى الْمُسْتَقْرِضِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَصْرِفُ مِنْ الصَّدَقَاتِ أَوْ مِنْ خُمْسِ الْغَنَائِمِ عَلَى أَهْلِ الْخَرَاجِ وَهُمْ فُقَرَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ فِيهِ شَيْئًا وَكَذَا فِي غَيْرِهِ إذَا صَرَفَهُ إلَى الْمُسْتَحِقِّ وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَتَّقِ اللَّهَ وَيَصْرِفَ إلَى كُلِّ مُسْتَحِقٍّ قَدْرَ حَاجَتِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ (وَمَنْ مَاتَ) مِنْهُمْ (فِي نِصْفِ السَّنَةِ حُرِمَ مِنْ الْعَطَاءِ) لِأَنَّهُ صِلَةٌ فَلَا يُمْلَكُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَيَّدَ نِصْفَ السَّنَةِ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ