الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَمَا أَخَذَ أَوْلَادَهُ الصِّغَارَ وَمَالَهُ وَلَمْ يُؤْخَذْ هُوَ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ أَحْرَزَ بِإِسْلَامِهِ نَفْسَهُ فَقَطْ (وَعَقَارُهُ فَيْءٌ) عِنْدَنَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ كَالْمَنْقُولِ وَلَنَا أَنَّ الْعَقَارَ لَيْسَ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الدَّارَ فِي يَدِ أَهْلِ الدَّارِ وَسُلْطَانِهَا (وَقِيلَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْعَقَارِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ) قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْآخِرُ.
وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ الْعَقَارُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ (وَوَلَدُهُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي فَيْءٌ (الْكَبِيرُ) ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ حَرْبِيٌّ وَلَا يَتْبَعُهُ (وَزَوْجَتُهُ) ؛ لِأَنَّهَا كَافِرَةٌ حَرْبِيَّةٌ لَا تَتْبَعُهُ (وَحَمْلُهَا) ؛ لِأَنَّهُ جُزْؤُهَا فَيُسْتَرَقُّ بِرِقِّهَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَعَبْدُهُ الْمُقَاتِلُ) ؛ لِأَنَّهُ لِقِتَالِهِ صَارَ مُتَمَرِّدًا عَلَى مَوْلَاهُ وَمُلْحَقًا بِأَهْلِ الدَّارِ، وَكَذَا أَمَتُهُ الْمُقَاتِلَةُ، وَلَوْ كَانَتْ حُبْلَى فَهِيَ، وَالْجَنِينُ فَيْءٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ لَيْسَ بِفَيْءٍ (وَمَالُهُ مَعَ حَرْبِيٍّ بِغَصْبٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ فَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ بِمُحْتَرَمَةٍ فَيَكُونُ فَيْئًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
(وَكَذَا مَالُهُ مَعَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِغَصْبٍ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ كَيَدِ الْمَالِكِ فَيَكُونُ فَيْئًا (خِلَافًا لَهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ تَابِعٌ لِلنَّفْسِ، وَقَدْ صَارَتْ مَعْصُومَةً بِالْإِسْلَامِ (وَقِيلَ أَبُو يُوسُفَ) فِي هَذَا (مَعَ الْإِمَامِ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا يَكُونُ فَيْئًا عِنْدَ الْإِمَامِ فَقَطْ خِلَافًا لَهُمَا فِي رِوَايَةٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ هَذَا يَكُونُ فَيْئًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. قَيَّدَ بِالْحَرْبِيِّ إذَا أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ، أَوْ الذِّمِّيَّ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَأَصَابَ مَالًا ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَى الدَّارِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِهِمْ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا إلَّا فِي حَقِّ مَالٍ فِي يَدِ حَرْبِيٍّ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ كَانَتْ ثَابِتَةً لِهَذَا الْمَالِ تَبَعًا لِلْمَالِكِ فَلَا يَزُولُ.
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ يَكُونُ فَيْئًا، وَلَوْ أَغَارُوا عَلَيْهَا وَلَمْ يَظْهَرُوا فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْإِمَامِ يَصِيرُ جَمِيعُ مَالِهِ فَيْئًا إلَّا نَفْسَهُ وَأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ.
[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]
ِ أَفْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ بِفَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ لِكَثْرَةِ شُعَبِهَا، وَالْقِسْمَةُ جَعْلُ نَصِيبٍ شَائِعٍ فِي مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ (وَتُقْسَمُ الْغَنِيمَةُ) أَيْ: يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَقْسِمَ الْغَنِيمَةَ وَيُخْرِجَ خُمُسَهَا أَوَّلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] وَيَقْسِمَ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ عَلَى الْغَانِمِينَ لِلنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ.
وَعَنْ هَذَا قَالَ (لِلرَّاجِلِ) أَيْ مَنْ لَا فَرَسَ مَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ، أَوْ بَغْلٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ (سَهْمٌ وَلِلْفَارِسِ سَهْمَانِ) عِنْدَ الْإِمَامِ وَزُفَرَ (وَعِنْدَهُمَا) ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَاللَّيْثِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلْفَارِسِ (ثَلَاثَةٌ أَسْهُمٍ لَهُ سَهْمٌ وَلِفَرَسِهِ سَهْمَانِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام «أَسْهَمَ لِلْفَارِسَ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ
سَهْمًا لَهُ وَسَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ» وَلَهُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ لَهُ وَسَهْمًا لِفَرَسِهِ» فَتَعَارَضَ فِعْلَاهُ فَيَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ» (وَلَا يُسْهِمُ لِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسٍ) وَاحِدٍ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُسْهِمُ لِفَرَسَيْنِ)«؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَسْهَمَ زُبَيْرًا خَمْسَةَ أَسْهُمٍ» وَلَهُمَا أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «وَلَمْ يُسْهِمْ يَوْمَ خَيْبَرَ لِصَاحِبِ الْأَفْرَاسِ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ» وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْفِيلِ كَمَا أَعْطَى سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ سَهْمَيْنِ، وَهُوَ رَاجِلٌ (، وَالْبَرَاذِينُ) جَمْعُ الْبِرْذَوْنِ، وَهُوَ خَيْلُ الْعَجَمِ (كَالْعِتَاقِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ جَمْعُ عَتِيقٍ، وَهُوَ فَرَسٌ جَوَادٌ وَإِنَّمَا اسْتَوَيَا؛ لِأَنَّ إرْهَابَ الْعَدُوِّ يُضَافُ إلَى جِنْسِ الْخَيْلِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْبَرَاذِينِ، وَالْعِرَابِ، وَالْهَجِينِ، وَالْمُقْرِفِ؛ وَلِأَنَّ فِي الْبِرْذَوْنِ قُوَّةَ الْحَمْلِ، وَالصَّبْرَ، وَفِي الْعَتِيقِ قُوَّةَ الطَّلَبِ، وَالسَّفَرَ فَكُلٌّ مِنْهُمَا جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ.
(وَلَا يُسْهَمُ لِرَاحِلَةٍ) ، وَهِيَ الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْحِمْلُ (وَلَا بَغْلٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَاتَلُ عَلَيْهَا وَلَا تَصْلُحُ لِلطَّلَبِ، وَالْهَرَبِ (وَالْعِبْرَةُ لِكَوْنِهِ فَارِسًا، أَوْ رَاجِلًا عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ) أَيْ: مُجَاوَزَةِ مَدْخَلِ دَارِ الْحَرْبِ لَا شُهُودُ الْوَقْعَةِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ) ، أَوْ نَائِبِهِ (أَنْ يَعْرِضَ الْجَيْشَ عِنْدَ دُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ لِيَعْلَمَ الْفَارِسَ مِنْ الرَّاجِلِ) حَتَّى يَقْسِمَ الْغَنَائِمَ بَيْنَهُمْ بِقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ (فَمَنْ جَاوَزَ) مَدْخَلَ دَارِ الْحَرْبِ هَذَا تَفْرِيعٌ لِمَذْهَبِنَا (رَاجِلًا فَاشْتَرَى فَرَسًا) بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ وَشَهِدَ الْوَقْعَةَ (فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ) وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ لَهُ سَهْمَ الْفَارِسِ (وَمَنْ جَاوَزَ فَارِسًا فَنَفَقَ) أَيْ هَلَكَ (فَرَسُهُ) فَشَهِدَ الْوَقْعَةَ رَاجِلًا (فَلَهُ سَهْمُ فَارِسٍ) وَهَذَا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ فَارِسًا، أَوْ رَاجِلًا حَالَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ إمَّا الْمُجَاوَزَةُ فَوَسِيلَةٌ إلَى السَّبَبِ فَلَا يُعْتَبَرُ كَالْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ وَلَنَا أَنَّ الْمُجَاوَزَةَ أَقْوَى الْجِهَادِ؛ لِأَنَّ الْإِرْهَابَ بِهَا يَلْحَقُهُمْ؛ وَلِهَذَا يَحْتَاجُ إلَى شَوْكَةٍ وَجَيْشٍ عَظِيمٍ، وَالْجِهَادُ يَكُونُ بِالْإِرْهَابِ كَمَا يَكُونُ بِالْقَتْلِ هَذَا فِي عَدَمِ الْمَضَايِقِ أَمَّا لَوْ دَخَلَ فَارِسًا وَقَاتَلَ رَاجِلًا لِضِيقِ الْمَكَانِ اسْتَحَقَّ سَهْمَ الْفَارِسِ بِالِاتِّفَاقِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي السَّفِينَةِ لِتَهْيِئَتِهِ لِلْقِتَالِ فَارِسًا، وَهُوَ كَالْمُبَاشِرِ.
(وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْفَرَسَ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ (قَبْلَ الْقِتَالِ) ، أَوْ حَالَ الْقِتَالِ عَلَى الْأَصَحِّ أَمَّا لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ لَمْ يَسْقُطْ سَهْمُ الْفُرْسَانِ (أَوْ وَهَبَهُ، أَوْ آجَرَهُ، أَوْ رَهَنَهُ فَسَهْمُ رَاجِلٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْمُجَاوَزَةِ الْقِتَالَ فَارِسًا
إلَّا إذَا بَاعَهُ مُكْرَهًا، وَعَنْ الْإِمَامِ إنَّهُ فَارِسٌ لِلْمُجَاوَزَةِ.
وَفِي الْمِنَحِ لَوْ غُصِبَ فَرَسُهُ مِنْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَدَخَلَ رَاجِلًا ثُمَّ اسْتَرْدَدَهُ فِيهَا فَلَهُ سَهْمُ فَارِسٍ، وَكَذَا لَوْ رَكِبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، أَوْ نَفَرَ الْفَرَسُ فَاتَّبَعَهُ وَدَخَلَ رَاجِلًا، وَكَذَا إذَا ضَلَّ مِنْهُ وَدَخَلَ رَاجِلًا، ثُمَّ وَجَدَهُ فِيهَا لَا يُحْرَمُ مِنْ سَهْمِ الْفَارِسِ، وَلَوْ وَهَبَهَا وَدَخَلَ رَاجِلًا وَدَخَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَارِسًا، ثُمَّ رَجَعَ فِيهَا اسْتَحَقَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ سَهْمَ الْفَارِسِ فِيمَا أَصَابَهُ قَبْلَ الرُّجُوعِ وَسَهْمَ الرَّاجِلِ فِيمَا أَصَابَهُ بَعْدَهُ، وَالرَّاجِعُ رَاجِلٌ مُطْلَقًا.
(وَكَذَا لَوْ كَانَ) الْفَرَسُ (مَرِيضًا أَوْ مُهْرًا لَا يُقَاتَلُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ الْقِتَالَ إلَّا إذَا زَالَ الْمَرَضُ وَصَارَ بِحَالٍ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا مَنْ كَانَ فَرَسُهُ مَرِيضًا بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَطَالَ الْمُكْثَ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى بَلَغَ الْمَهْرُ وَصَارَ صَالِحًا لِلرُّكُوبِ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ لَا يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ.
(وَلَا يُسْهَمُ لِمَمْلُوكٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ فَيَمْنَعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْجِهَادِ (أَوْ مُكَاتَبٍ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَبْدِ إذْ الرِّقُّ قَائِمٌ وَتَوَهُّمُ عَجْزِهِ ثَابِتٌ فَيَمْنَعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهِ (، أَوْ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا عَاجِزَانِ عَنْ الْقِتَالِ؛ وَلِهَذَا لَا يَلْحَقُهُمَا فَرْضُ الْخُرُوجِ (أَوْ ذِمِّيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْجِهَادِ وَكَلِمَةُ، أَوْ فِي قَوْلِهِ، أَوْ مُكَاتَبٍ إلَى هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ، بَلْ الْأَوْلَى الْوَاوُ (بَلْ يَرْضَخُ) بِالضَّادِ، وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ: يُعْطِي شَيْئًا قَلِيلًا مِنْ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ لَهُمْ (بِحَسَبِ مَا يَرَى) الْإِمَامُ تَحْرِيضًا عَلَى الْقِتَالِ وَانْحِطَاطًا لِرُتْبَتِهِمْ (إنْ قَاتَلُوا، أَوْ دَاوَتْ الْمَرْأَةُ الْجَرْحَى، أَوْ دَلَّ الذِّمِّيُّ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ) أَيْ: مَسْتُورَاتِهِمْ، وَالْوَاوُ فِي وَدَلَّ بِمَعْنَى، أَوْ وَإِلَّا يَلْزَمْ أَنْ لَا تَرْضَخَ لَهُ إنْ دَلَّ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ فَقَطْ، أَوْ عَلَى الطَّرِيقِ فَقَطْ فَلَيْسَ كَذَلِكَ تَدَبَّرْ.
(وَعَلَى الطَّرِيقِ) فَلَا يُرْضَخُ الْعَبْدُ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ لِخِدْمَةِ الْمَوْلَى فَصَارَ كَالتَّاجِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا بِالْقِتَالِ وَقَاتَلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ السَّهْمُ الْكَامِلُ، وَكَذَا الصَّبِيُّ؛ لِأَنَّهُ مُفْرَضٌ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ يُرْضَخُ لَهَا إذَا كَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى؛ لِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنْ الْقِتَالِ فَتَقُومُ إعَانَتُهَا مَقَامَ الْقِتَالِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ، وَالذِّمِّيُّ إنَّمَا يُرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ، أَوْ دَلَّ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يَبْلُغُ بِالرَّضْخِ السَّهْمَ إلَّا فِي الذِّمِّيِّ إذَا دَلَّ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ وَلَا يَبْلُغُ السَّهْمُ إذَا قَاتَلَ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ حُكْمِ الدَّلَالَةِ بِالذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَغَيْرَهُ أَيْضًا إذَا دَلَّ يُعْطَى لَهُ أُجْرَةُ الدَّلَالَةِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذِكْرُ الذِّمِّيِّ اتِّفَاقِيٌّ تَأَمَّلْ.
وَفِيهِ إشْعَارٌ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِعَانَةُ بِالْكَافِرِ عَلَى الْقِتَالِ إذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَالْخُمُسُ) مِنْ الْغَنِيمَةِ يَكُونُ (لِلْيَتَامَى، وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) أَيْ: يُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٍ لِلْيَتَامَى وَسَهْمٍ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٍ لِابْنِ السَّبِيلِ وَتَدْخُلُ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى فِيهِمْ فَيُصْرَفُ إلَى جَمِيعِهِمْ، أَوْ بَعْضِهِمْ كَمَا فِي النُّتَفِ وَغَيْرِهِ (وَيُقَدَّمُ) مِنْهُمْ (ذَوُو الْقُرْبَى الْفُقَرَاءُ) أَيْ أَقْرِبَاءُ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَبَنِي هَاشِمٍ دُونَ بَنِي نَوْفَلٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ فَيُقَدَّمُ الْيَتِيمُ مِنْهُمْ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَالْمَسَاكِينُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَابْنُ السَّبِيلِ عَلَى ابْنِ السَّبِيلِ (وَلَا حَقَّ فِيهِ) أَيْ: فِي الْخُمُسِ (لِأَغْنِيَائِهِمْ) أَيْ لِأَغْنِيَائِهِمْ ذَوِي الْقُرْبَى عِنْدَنَا فَبَقِيَ لَهُمْ خُمُسُ الْخُمُسِ يَسْتَوِي فِيهِ فَقِيرُهُمْ وَغَنِيُّهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَلَنَا إنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ قَسَمُوهَا عَلَى الثَّلَاثَةِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً.
وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ غُسَالَةَ النَّاسِ وَأَوْسَاخَهُمْ وَعَوَّضَكُمْ بِخُمُسِ الْخُمُسِ مِنْ الْغَنِيمَةِ» ، وَالْعِوَضُ إنَّمَا ثَبَتَ فِي حَقِّ مَنْ ثَبَتَ فِي حَقِّهِ الْمُعَوَّضُ، وَهُمْ الْفُقَرَاءُ، وَالنَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام أَعْطَاهُمْ لِلنُّصْرَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَلَّلَ فَقَالَ إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مَعِي هَكَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّصِّ قُرْبُ النُّصْرَةِ لَا قُرْبُ الْقَرَابَةِ هَكَذَا قَوْلُ الْكَرْخِيِّ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فَقِيرُهُمْ أَيْضًا مَحْرُومٌ.
وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْخُمُسَ يُصْرَفُ لِذَوِي الْقُرْبَى، وَالْيَتَامَى وَابْنِ السَّبِيلِ وَبِهِ نَأْخُذُ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الصَّرْفِ إلَى الْأَقْرِبَاءِ الْأَغْنِيَاءِ فَلْيُحْفَظْ وَ (ذَكَرَهُ تَعَالَى) حَيْثُ قَالَ فَإِنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ (لِلتَّبَرُّكِ) كَمَا قَالَ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لِعِمَارَةِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ إنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقُرْبِهِ وَإِلَى عِمَارَةِ الْجَوَامِعِ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ هِيَ فِي الْقُرْبِ مِنْ مَوْضِعِ الْقِسْمَةِ (وَسَهْمُ النَّبِيِّ عليه السلام سَقَطَ بِمَوْتِهِ) لِأَنَّهُ كَانَ
يَسْتَحِقُّهُ بِالرِّسَالَةِ وَلَا رَسُولَ بَعْدَهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُصْرَفُ إلَى الْخَلِيفَةِ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَا (كَالصَّفِيِّ) أَيْ: كَسُقُوطِ الصَّفِيِّ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ هُوَ شَيْءٌ نَفِيسٌ كَانَ يَصْطَفِيهِ لِنَفْسِهِ النَّفِيسَةُ مِنْ الْغَنِيمَةِ كَدِرْعٍ، أَوْ سَيْفٍ، أَوْ فَرَسٍ، أَوْ أَمَةٍ.
(وَإِنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ مَنْ لَا مَنَعَةَ لَهُ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ لَا يُخَمَّسُ مَا أَخَذُوا) يَعْنِي إنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَاحِدٌ وَاثْنَانِ، أَوْ ثَلَاثَةٌ مُغِيرِينَ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ لَا يُخَمَّسُ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُمْ حِينَئِذٍ يَكُونُ اخْتِلَاسًا وَسَرَقًا لَا قَهْرًا وَغَلَبَةً.
(وَإِنْ كَانَ) الدُّخُولُ (بِإِذْنِهِ) أَيْ: الْإِمَامِ (أَوْ لَهُمْ) أَيْ لِلدَّاخِلِينَ (مَنَعَةٌ) ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ (خُمِّسَ) مَا أَخَذُوا مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَلَى وَجْهِ الْغَلَبَةِ، وَالْقَهْرِ لَا الِاخْتِلَاسِ، وَالسَّرِقَةِ فَكَانَ غَنِيمَةً هَذَا فِي الْمَنَعَةِ ظَاهِرٌ أَمَّا فِي الْإِذْنِ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُخَمَّسُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ الْإِمَامُ فَقَدْ الْتَزَمَ نُصْرَتَهُمْ بِالْإِمْدَادِ فَصَارَ كَالْمَنَعَةِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ فِي الْمُضْمَرَاتِ أَنَّهُ لَوْ أَغَارَ ثَلَاثَةٌ، أَوْ أَقَلُّ لَا يُخَمَّسُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَمْ يُخَمَّسْ إلَّا إذَا بَلَغُوا تِسْعَةً (وَلِلْإِمَامِ) أَيْ: نُدِبَ لِلْإِمَامِ (أَنْ يُنَفِّلَ) ، وَالتَّنْفِيلُ إعْطَاءُ الْغُزَاةِ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى سَهْمِهِمْ حَثًّا عَلَى الْقِتَالِ (قَبْلَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ وَقَبْلَ أَنْ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)
أَيْ: الِانْتِهَاءِ، وَأَثْقَالُهَا الَّتِي لَا تَقُومُ إلَّا بِهَا: كَالسِّلَاحِ، وَالْكُرَاعِ وَقِيلَ: آثَامُهَا، وَالْمَعْنَى حَتَّى تَضَعَ أَهْلُ الْحَرْبِ شِرْكَهُمْ وَمَعَاصِيَهُمْ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَهَذَا اقْتِبَاسٌ مِنْ الْقُرْآنِ (فَيَقُولُ) الْإِمَامُ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلتَّنْفِيلِ.
(مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا) أَيْ مَقْتُولًا بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ (فَلَهُ سَلَبُهُ، أَوْ) يَقُولُ (مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَلَهُ رُبُعُهُ) مَثَلًا (أَوْ يَقُولُ لِسَرِيَّةٍ جَعَلْت لَكُمْ الرُّبُعَ بَعْدَ) مَا رُفِعَ (الْخُمُسُ) .
وَفِي التَّبْيِينِ قَوْلُهُ بَعْدَ الْخُمُسِ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَفَّلَ بِرُبُعِ الْكُلِّ جَازَ وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ نَفَّلَ السَّرِيَّةَ بِالْكُلِّيَّةِ جَازَ؛ فَهَذَا أَوْلَى.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَيَسْتَحِقُّ الْإِمَامُ لَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا؛ فَلَهُ سَلَبُهُ إذَا قَتَلَ هُوَ اسْتِحْسَانٌ بِخِلَافِ: مَنْ قَتَلْتُهُ أَنَا فَلِي سَلَبُهُ لِلتُّهْمَةِ، إلَّا إذَا عَمَّمَ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَلَوْ خَاطَبَ وَاحِدًا فَقَتَلَ الْمُخَاطَبُ رَجُلَيْنِ فَلَهُ سَلَبُ الْأَوَّلِ خَاصَّةً إلَّا إذَا قَتَلَهُمَا مَعًا فَلَهُ سَلَبُ وَاحِدٍ، وَالْخِيَارُ فِي تَعْيِينِهِ لِلْقَاتِلِ لَا لِلْإِمَامِ، وَلَوْ عَلَى الْعُمُومِ فَقَتَلَ رَجُلٌ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فَاسْتَحَقَّ سَلَبَهُمَا، ثُمَّ اسْتِحْقَاقُ السَّلَبِ إذَا كَانَ الْقَتِيلُ مُبَاحَ الدَّمِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ بِقَتْلِ النِّسَاءِ وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ إلَّا إذَا قَاتَلَ صَبِيٌّ فَقَتَلَهُ اسْتَحَقَّ سَلَبَهُ وَيَسْتَحِقُّهُ بِقَتْلِ الْمَرِيضِ، وَالْأَجِيرِ مِنْهُمْ، وَالتَّاجِرِ فِي عَسْكَرِهِمْ، وَالذِّمِّيِّ الَّذِي نَقَضَ الْعَهْدَ وَخَرَجَ إلَيْهِمْ كَمَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ مَنْ يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ، أَوْ الرَّضْخَ فَشَمِلَ الذِّمِّيَّ، وَالتَّاجِرَ، وَالْمَرْأَةَ، وَالْعَبْدَ.
(وَلَا يُنَفِّلُ) أَيْ: لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ (بِكُلِّ الْمَأْخُوذِ) بِأَنْ يَقُولَ لِلْعَسْكَرِ كُلُّ مَا أَخَذْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ الْخُمُسِ، أَوْ لِلسَّرِيَّةِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ السَّهْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَوْجَبَهُمَا الشَّرْعُ إذْ فِيهِ تَسْوِيَةُ الْفَارِسِ بِالرَّاجِلِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا أَصَبْتهمْ فَهُوَ لَكُمْ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ الْخُمُسِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ كَلَامٌ، فَلْيُطَالَعْ.
وَفِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ فَعَلَهُ مَعَ السَّرِيَّةِ أَيْ: قَالَ مَا أَصَبْتُمْ فَلَكُمْ جَازَ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ إلَيْهِ، وَقَدْ تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ (وَلَا بَعْدَ الْإِحْرَازِ) أَيْ: لَا يُنَفِّلُ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغَيْرِ تَأَكَّدَ فِيهِ بِالْإِحْرَازِ، وَكَذَا لَا يُنَفِّلُ يَوْمَ الْفَتْحِ إذْ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْغَيْرِ (إلَّا مِنْ الْخُمُسِ) أَيْ: يَجُوزُ التَّنْفِيلُ بَعْدَ الْإِحْرَازِ مِنْ الْخُمُسِ إلَّا لِلْغَنِيِّ؛ لِأَنَّ الْخُمُسَ لِلْمُحْتَاجِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ تَنْفِيلٌ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ لِلْغَنِيِّ، تَتَبَّعْ (وَالسَّلَبُ) بِفَتْحَتَيْنِ بِمَعْنَى الْمَسْلُوبِ مَا يُنْزَعُ مِنْ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ (لِلْكُلِّ) أَيْ: لِجَمِيعِ الْجُنْدِ (إنْ لَمْ يُنَفِّلْ) الْإِمَامُ، فَالْقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ