الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ اشْتَرَى) حَرْبِيٌّ (مُسْتَأْمِنٌ) فِي دَارِنَا (عَبْدًا مُسْلِمًا وَأَدْخَلَهُ دَارَهُمْ عَتَقَ) عِنْدَ الْإِمَامِ وَتَقْيِيدُ الْعَبْدِ بِالْإِسْلَامِ اتِّفَاقِيٌّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذِمِّيًّا فَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَطْلَقَهُ لَكَانَ أَوْلَى (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ لَا يَعْتِقُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى بَيْعِهِ فَقَدْ زَالَ إذْ لَا يَدَ لَنَا عَلَيْهِمْ فَبَقِيَ عَبْدًا فِي أَيْدِيهِمْ قُلْنَا إذَا زَالَتْ وِلَايَةُ الْجَبْرِ أُقِيمَ الْإِعْتَاقُ مَقَامَهُ تَخْلِيصًا لِلْمُسْلِمِ عَنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ قَيَّدَ بِكَوْنِ الْحَرْبِيِّ مَلَكَهُ فِي دَارِنَا لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ إذَا أَسَرَهُ الْحَرْبِيُّ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ وَأَدْخَلَهُ دَارِهِ لَا يُعْتَقُ اتِّفَاقًا.
(وَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدٌ لَهُمْ) أَيْ لِلْكُفَّارِ (ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (فَجَاءَنَا) مُسْلِمًا (أَوْ ظَهَرْنَا) أَيْ غَلَبْنَا (عَلَيْهِمْ أَوْ خَرَجَ إلَى عَسْكَرِنَا) مُسْلِمًا (فَهُوَ حُرٌّ) فَلَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ مِنْ أَحَدٍ، وَالتَّقْيِيدُ بِإِسْلَامِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَوْ خَرَجَ مُرَاغِمًا لِمَوْلَاهُ فَآمَنَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ أَوْ بِأَمْرِهِ لِحَاجَةٍ فَأَسْلَمَ فِي دَارِنَا فَإِنَّ حُكْمَهُ أَنْ يَبِيعَهُ الْإِمَامُ وَيَحْفَظَ ثَمَنَهُ لِمَوْلَاهُ الْحَرْبِيِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
[بَابُ الْمُسْتَأْمَنِ]
ِ) هُوَ مَنْ يَدْخُلُ دَارَ غَيْرِهِ بِأَمَانٍ فَشَمِلَ مُسْلِمًا دَخَلَ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ وَكَافِرًا دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ وَتَقْدِيمُ اسْتِيمَانِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ ظَاهِرٌ (إذَا دَخَلَ تَاجِرُنَا إلَيْهِمْ) أَيْ دَخَلَ مُسْلِمٌ إلَى دَارِ الْحَرْبِ (بِأَمَانٍ لَا يَحِلُّ لَهُ) أَيْ لِتَاجِرِنَا الْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْمَنِ (أَنْ يَتَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِمْ أَوْ دِمَائِهِمْ) لِأَنَّهُ دَخَلَ بِأَمَانٍ فَالتَّعَرُّضُ غَدْرٌ (فَإِنْ) غَدَرَ بِهِمْ التَّاجِرُ وَ (أَخَذَ شَيْئًا وَأَخْرَجَهُ) مِنْ دَارِهِمْ بِطَرِيقِ التَّعَرُّضِ بِهِ (مَلَكَهُ) بِالِاسْتِيلَاءِ مِلْكًا (مَحْظُورًا) أَيْ خَبِيثًا لِأَنَّهُ حَصَّلَهُ بِالْغَدْرِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً كُرِهَ وَطْؤُهَا لِلْمُشْتَرِي كَمَا لِلْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَطْؤُهَا إلَّا لِلْبَائِعِ (فَيَتَصَدَّقُ بِهِ) تَنَزُّهًا عَنْهُ.
(وَإِنْ غَدَرَ بِهِ) أَيْ بِالتَّاجِرِ (مَلِكُهُمْ) أَيْ مَلِكُ الْكُفَّارِ (فَأَخَذَ مَالَهُ أَوْ حَبَسَهُ) أَيْ التَّاجِرَ (أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ أَخَذَ مَالَهُ أَوْ حَبَسَهُ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَلِكِهِمْ (بِعِلْمِهِ) أَيْ الْمَلِكِ وَلَمْ يَنْهَهُ (حَلَّ لَهُ) أَيْ لِلتَّاجِرِ (التَّعَرُّضُ) لِمَالِهِمْ وَدَمِهِمْ لِأَنَّهُمْ نَقَضُوا الْعَهْدَ فَيُبَاحُ لَهُ التَّعَرُّضُ (كَالْأَسِيرِ) وَالْمُتَلَصِّصِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْمَالِ وَقَتْلُ النَّفْسِ
وَإِنْ أَطْلَقُوهُ طَوْعًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَأْمَنٍ دُونَ اسْتِبَاحَةِ الْفَرْجِ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ إلَّا بِالْمِلْكِ وَلَا مِلْكَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا إلَّا إذَا وَجَدَ امْرَأَتَهُ الْمَأْسُورَةَ أَوْ أَمَّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرَةً وَلَمْ يَطَأْهَا أَهْلُ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ إذَا وَطِئَهُنَّ يَجِبُ الْعِدَّةُ لِلشُّبْهَةِ بِخِلَافِ أَمَتِهِ الْمَأْسُورَةِ حَيْثُ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ.
(وَإِنْ أَدَانَهُ) أَيْ بَاعَهُ بِالدَّيْنِ وَالْمُرَادُ مِنْ الدَّيْنِ مَا هُوَ الْأَعَمُّ مِنْ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ وَالِابْتِيَاعِ بِهِ أَوْ الْقَرْضِ (ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (حَرْبِيٌّ أَوْ أَدَانَ) هُوَ (حَرْبِيًّا) أَيْ دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَجَعَلَهُ الْحَرْبِيُّ مَدْيُونًا بِتَصَرُّفٍ أَوْ جَعَلَ الْحَرْبِيَّ مَدْيُونًا بِتَصَرُّفٍ مَا (أَوْ غَصَبَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ وَخَرَجَا) أَيْ ذَلِكَ التَّاجِرُ وَالْحَرْبِيُّ (إلَيْنَا) وَتَحَاكَمَا عِنْدَ حَاكِمٍ (لَا يَقْضِي) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ (بِشَيْءٍ) أَمَّا الْإِدَانَةُ فَلِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ يَعْتَمِدُ الْوِلَايَةَ وَلَا وِلَايَةَ وَقْتَ الْإِدَانَةِ أَصْلًا وَلَا وَقْتَ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ فِيمَا مَضَى مِنْ أَفْعَالِهِ وَإِنَّمَا الْتِزَامُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَأَمَّا الْغَصْبُ فَلِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلَّذِي غَصَبَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ لِمُصَادَفَتِهِ مَالًا غَيْرَ مَعْصُومٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَقْضِي بِالدَّيْنِ عَلَى الْمُسْلِمِ دُونَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَحْكَامَهُ حَيْثُ كَانَ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمَّا امْتَنَعَ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْمَنِ امْتَنَعَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ أَيْضًا تَحْقِيقًا لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا (وَكَذَا) لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ (لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ حَرْبِيَّانِ) أَيْ لَوْ أَدَانَ أَوْ غَصَبَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ فِي دَارِهِمْ (وَخَرَجَا) إلَيْنَا (مُسْتَأْمَنَيْنِ) لِمَا ذَكَرْنَا.
(وَإِنْ خَرَجَا) أَيْ الْحَرْبِيَّانِ إلَيْنَا بَعْدَمَا فَعَلَا ذَلِكَ حَالَ كَوْنِهِمَا (مُسْلِمَيْنِ قَضَى بِالدَّيْنِ) لِوُقُوعِ الْمُدَايَنَةِ بِتَرَاضِيهِمَا وَالْتِزَامِهِمَا الْأَحْكَامَ بِالْإِسْلَامِ (لَا بِالْغَصْبِ) لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَلَا خُبْثَ فِي مِلْكِ الْحَرْبِيِّ لِيُؤْمَرَ بِالرَّدِّ.
(وَلَوْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ بَعْدَمَا غَصَبَهُ) أَيْ غَصَبَ مِنْهُ (الْمُسْلِمُ ثُمَّ خَرَجَا) حَالَ كَوْنِهِمَا مُسْلِمَيْنِ إلَيْنَا (يُفْتِي بِالرَّدِّ دِيَانَةً) وَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ اقْتَصَرَ عَلَى الْغَصْبِ وَسَكَتَ عَنْ الْإِفْتَاءِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ يُفْتِي بِأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الدَّيْنِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِي الْبَحْرِ خَرَجَ حَرْبِيٌّ مَعَ مُسْلِمٍ إلَى الْعَسْكَرِ فَادَّعَى الْمُسْلِمُ أَنَّهُ أَسِيرٌ وَقَالَ كُنْت مُسْتَأْمَنًا فَالْقَوْلُ لِلْحَرْبِيِّ إلَّا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ كَكَوْنِهِ مَكْتُوفًا أَوْ مَغْلُولًا أَوْ كَانَ مَعَ عَدَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْلِمِ.
(وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُ الْمُسْلِمَيْنِ الْمُسْتَأْمَنِينَ الْآخَرَ ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ) أَيْ فِي مَالِ الْقَاتِلِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (وَالْكَفَّارَةُ أَيْضًا) أَيْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ كَالدِّيَةِ (فِي الْخَطَأِ) دُونَ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عِنْدَنَا فِي الْعَمْدِ أَمَّا الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ فَلِإِطْلَاقِ الْكِتَابِ وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى الصِّيَانَةِ مَعَ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ وَالْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ عَلَى اعْتِبَارِ تَرْكِهَا وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي الْعَمْدِ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَوَاقِلَ لَا يَعْقِلُ الْعَمْدَ وَالْقِصَاصُ قَدْ سَقَطَ لِلشُّبْهَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الدِّيَةِ صِيَانَةً لِلدَّمِ الْمَعْصُومِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ.
(وَإِنْ كَانَا أَسِيرَيْنِ) فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ (فَلَا شَيْءَ إلَّا الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ)