الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْ الْعُسْرِ إلَى الْيُسْرِ
(وَيَقْلِبُ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ (الْإِمَامُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) .
وَفِي الْجَوْهَرَةِ عِنْدَهُمَا (وَيَخْرُجُونَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) مُتَتَابِعَاتٍ (فَقَطْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَكْثَرُ مِنْهَا وَيَخْرُجُونَ مُشَاةً لَابِسِينَ ثِيَابًا خَلِقَةً أَوْ مُرَقَّعَةً مُتَذَلِّلِينَ خَاشِعِينَ لِلَّهِ نَاكِسِي رُءُوسِهِمْ وَيُقَدِّمُونَ الصَّدَقَةَ كُلَّ يَوْمٍ وَيُجَدِّدُونَ التَّوْبَةَ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَتَرَاضَوْنَ بَيْنَهُمْ وَيَسْتَسْقُونَ بِالضَّعَفَةِ وَالشُّيُوخِ وَالصِّبْيَانِ.
وَفِي الْحَدِيثِ «لَوْلَا صِبْيَانٌ رُضَّعٌ وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ وَعِبَادُ اللَّهِ الرُّكَّعِ لَصَبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابَ صَبًّا» .
(وَلَا يَحْضُرُهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} [الرعد: 14] هَذَا رَدٌّ لِقَوْلِ مَالِكٍ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يَحْضُرُوا الِاسْتِسْقَاءَ لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ قَدْ يُسْتَجَابُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا وَلَنَا أَنَّ الْكُفَّارَ أَهْلُ السَّخَطِ فَلَا يَصْلُحُ حُضُورُهُمْ وَقْتَ طَلَبِ الرَّحْمَةِ.
[بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ]
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَنْوَاعِ الصَّلَوَاتِ فَرْضِهَا وَوَاجِبِهَا وَنَفْلِهَا شَرَعَ فِي بَيَانِ أَدَاءِ الْفَرْضِ الْكَامِلِ وَهُوَ الْأَدَاءُ بِالْجَمَاعَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ نَقْضَ الْعِبَادَةِ قَصْدًا وَبِلَا عُذْرٍ حَرَامٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ لِأَمْرٍ شَرْعِيٍّ مِثْلُ الْإِكْمَالِ فَيَجُوزُ وَإِنْ كَانَ نَقْضًا صُورَةً فَهُوَ إكْمَالٌ مَعْنًى كَهَدْمِ الْمَسْجِدِ لِتَجْدِيدِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ لِلْجَمَاعَةِ فَضِيلَةً عَلَى الِانْفِرَادِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً (مَنْ شَرَعَ فِي فَرْضٍ فَأُقِيمَ) ذَلِكَ الْفَرْضُ وَوَقَعَ فِي الْوِقَايَةِ فَأُقِيمَتْ.
وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي تَفْسِيرِهِ: وَالضَّمِيرُ فِي أُقِيمَتْ يَرْجِعُ إلَى الْإِقَامَةِ كَمَا يُقَالُ ضَرْبُ الضَّرْبِ وَأَرَادَ بِالْإِقَامَةِ إقَامَةَ الْمُؤَذِّنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا شُرُوعُ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ لَا إقَامَةُ الْمُؤَذِّنِ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَالرَّجُلُ لَمْ يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ يُتِمُّ رَكْعَتَيْنِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلَيْسَ فِي إقَامَةِ ضَمِيرِ الْإِقَامَةِ مَقَامَ الْفَاعِلِ بِدُونِ الْوَصْفِ إشْكَالٌ فَإِنَّهَا مَفْعُولٌ بِهِ إذْ هِيَ اسْمٌ لِلْكَلِمَاتِ الْمَعْرُوفَةِ عَلَى أَنَّ سِيبَوَيْهِ أَجَازَ إسْنَادَ الْفِعْلِ إلَى الْمَصْدَرِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِلَا وَصْفٍ انْتَهَى، أَقُولُ فِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّهُ قَالَ ابْنُ الْخَرُوفِ شَارِحُ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ وَادِّعَاءُ الزَّجَّاجِ أَنَّهُ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ فَاسِدٌ لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ لَا يُجِيزُ إضْمَارَ الْمَصْدَرِ الْمُؤَكَّدِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْإِسْنَادِ إلَيْهِ وَاَلَّذِي أَجَازَهُ سِيبَوَيْهِ هُوَ إضْمَارُ الْمَصْدَرِ الْمَعْهُودِ الْمَقْصُودِ مِثْلُ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ يَنْتَظِرُ الْقُعُودَ قَدْ قَعَدَ بِنَاءً عَلَى قَرِينَةِ التَّوَقُّعِ أَيْ قَعَدَ الْقُعُودَ الْمُتَوَقَّعَ تَتَبَّعْ (إنْ لَمْ يَسْجُدْ) الشَّارِعُ (لِلْأُولَى يَقْطَعُ) بِالسَّلَامِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ رَاكِعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ.
(وَيَقْتَدِي) بِالْإِمَامِ فَلَوْ افْتَتَحَ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ سَمِعَ الْإِقَامَةَ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَقْطَعُ وَكَذَا الشَّارِعُ فِي الْمَنْذُورَةِ وَقَضَاءِ الْفَوَائِتِ وَلَا يَقْطَعُ فِي النَّفْلِ عَلَى الْمُخْتَارِ سَجَدَ أَوْ لَا إلَّا إذَا أَتَمَّ فِيهِ الشَّفْعَ.
(وَإِنْ سَجَدَ) لِلْأُولَى (وَهُوَ فِي) الْفَرْضِ (الرُّبَاعِيِّ يُتِمُّ شَفْعًا) بِأَنْ يَضُمَّ إلَيْهَا رَكْعَةً
أُخْرَى وَيُسَلِّمُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ حَتَّى يَصِيرَ الرَّكْعَتَانِ نَافِلَةً.
(وَلَوْ سَجَدَ لِلثَّالِثَةِ يُتِمُّ) لِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى الْأَكْثَرَ وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ بِلَا تَقْيِيدِهَا بِالسَّجْدَةِ قَطَعَ غَيْرَ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ عَادَ وَقَعَدَ وَسَلَّمَ وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ قَائِمًا يَنْوِي الدُّخُولَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ.
وَفِي الْمُحِيطِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْطَعُ قَائِمًا بِتَسْلِيمَةٍ وَكَذَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا) الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ وُجُوبُ الِاقْتِدَاءِ لِلنَّفْلِ وَلَا إلْزَامَ فِي النَّوَافِلِ أَصْلًا وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ الِاقْتِدَاءُ لِأَنَّهُ يُدْرَكُ بِهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ (إلَّا فِي الْعَصْرِ) لِأَنَّ النَّفَلَ بَعْدَهَا مَكْرُوهٌ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا.
(وَلَوْ) شَرَعَ (فِي الْفَجْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ) ثُمَّ أُقِيمَ (يَقْطَعُ) الشَّارِعُ.
(وَيَقْتَدِي) بِالْإِمَامِ (مَا لَمْ يُقَيِّدْ) الرَّكْعَةَ (الثَّانِيَةَ بِسَجْدَةٍ) لِأَنَّهُ لَوْ أَضَافَ أُخْرَى لَفَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ لِوُجُودِ الْفَرَاغِ فِي الْفَجْرِ حَقِيقَةً وَفِي الْمَغْرِبِ حُكْمًا إذْ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ (فَإِنْ قَيَّدَ) الثَّانِيَةَ بِهَا (يُتِمُّ وَلَا يَقْتَدِي) لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَكَذَا بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ بِالثَّلَاثِ مَكْرُوهٌ وَفِي جَعْلِهَا أَرْبَعًا مُخَالَفَةُ أَمَامِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَقْتَدِي فِي الْمَغْرِبِ وَيُسَلِّمُ مَعَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَضُمَّ رَابِعَةً بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ عِنْدَهُ وَعِنْدَنَا وَلَوْ اقْتَدَى فِيهِ لِفِعْلٍ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى كَمَا فِي الْكِفَايَةِ.
(وَلَوْ كَانَ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ أَوْ) سُنَّةِ (الْجُمُعَةِ فَأُقِيمَ) لِلظُّهْرِ (أَوْ خُطِبَ) فِي الْجُمُعَةِ (يَقْطَعُ عَلَى شَفْعٍ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَضَاءِ بَعْدَ الْفَرْضِ وَلَا إبْطَالَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَا يُفَوِّتُ فَرْضَ الِاسْتِمَاعِ وَالْأَدَاءَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ بِلَا سَبَبٍ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا.
(وَقِيلَ) إنَّهُ (يُتِمُّهَا) أَرْبَعًا وَصَحَّحَهُ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ الْقَطْعُ لِلْإِكْمَالِ بَلْ لِلْإِبْطَالِ صُورَةً وَمَعْنًى وَيَشْهَدُ لَهُمْ إثْبَاتُ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ لِلْأَرْبَعِ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
(وَكُرِهَ خُرُوجُهُ) أَيْ خُرُوجُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ لِأَجْلِ الطَّهَارَةِ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ (مِنْ مَسْجِدٍ أُذِّنَ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ (قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ مَا أُذِّنَ لَهَا) لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ «مَنْ أَدْرَكَ الْأَذَانَ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ خَرَجَ لَمْ يَخْرُجْ لِحَاجَةٍ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرُّجُوعَ فَهُوَ مُنَافِقٌ» (إلَّا) خُرُوجَ (مَنْ تُقَامُ بِهِ جَمَاعَةٌ أُخْرَى) بِأَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنًا أَوْ إمَامًا أَوْ الَّذِي تَتَفَرَّقُ جَمَاعَتُهُ بِغَيْبَتِهِ أَوْ تَقِلُّ لِأَنَّهُ تَرَكَ صُورَةَ تَكْمِيلٍ مَعْنًى وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعْنَى.
وَفِي النِّهَايَةِ إنْ خَرَجَ لِيُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
(وَإِنْ صَلَّى) مَرَّةً (لَا يُكْرَهُ إلَّا فِي الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ إنْ شَرَعَ) الْمُؤَذِّنُ (فِي الْإِقَامَةِ) فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الْخُرُوجُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ لِجَوَازِ الِاقْتِدَاءِ فِيهِمَا نَفْلًا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِمُخَالَفَةِ الْجَمَاعَةِ عِيَانًا بِلَا عُذْرٍ، وَفِي غَيْرِهِمَا يَخْرُجُ وَإِنْ أُقِيمَتْ لِأَنَّهُ إنْ صَلَّى يَكُونُ نَفْلًا وَالنَّفَلُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا وَأَمَّا فِي الْمَغْرِبِ فَإِنَّ
النَّافِلَةَ لَمْ تُشْرَعْ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا.
(وَمَنْ خَافَ فَوْتَ الْفَجْرِ بِجَمَاعَةٍ إنْ أَدَّى سُنَّتَهُ يَتْرُكُهَا) أَيْ السُّنَّةَ (وَيَقْتَدِي) لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ مِنْ ثَوَابِ السُّنَّةِ وَمَا قِيلَ إنَّهُ يَشْرَعُ فِيهَا أَيْ فِي السُّنَّةِ عِنْدَ خَوْفِ الْفَوَاتِ ثُمَّ يَقْطَعُهَا فَيَجِبُ الْقَضَاءُ بَعْدَ الصَّلَاةِ مَدْفُوعٌ وَدَرْءُ الْمَفْسَدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(وَإِنْ رَجَا إدْرَاكَ رَكْعَةٍ) مِنْ الْفَرْضِ مَعَ الْإِمَامِ (لَا يَتْرُكُ) السُّنَّةَ (بَلْ يُصَلِّيهَا) أَيْ السُّنَّةَ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْجَمْعَ بَيْنَ فَضِيلَتَيْ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لَكِنْ يُصَلِّي السُّنَّةَ (عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ) وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ صَلَّاهَا فِي الشَّتْوِيِّ إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّيْفِيِّ وَبِالْعَكْسِ فِي الْعَكْسِ وَكُرِهَ خَلْفَ الصَّفِّ بِلَا حَائِلٍ وَأَشَدُّهَا كَرَاهَةً أَنْ يُصَلِّيَ فِي الصَّفِّ مُخَالِفًا لِلْجَمَاعَةِ (وَيَقْتَدِي) بَعْدَ ذَلِكَ بِالْإِمَامِ.
(وَلَا تُقْضَى) سُنَّةُ الْفَجْرِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (إلَّا) حَالَ كَوْنِهِ (تَبَعًا لِلْفَرْضِ) بَعْدَ الطُّلُوعِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَفِيمَا بَعْدَ الزَّوَالِ اخْتِلَافُ مَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْضِيهَا تَبَعًا وَلَا يَقْضِيهَا مَقْصُودَةً وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَقْضِيهَا لَا تَبَعًا وَلَا مَقْصُودَةً قِيلَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ.
(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُقْضَى) إذَا فَاتَتْ بِلَا فَرْضٍ (بَعْدَ الطُّلُوعِ) إلَى الزَّوَالِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام قَضَاهَا مَعَ الْفَرْضِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ غَدَاةَ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ وَلَهُمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي السُّنَّةِ أَنْ لَا تُقْضَى لِاخْتِصَاصِ الْقَضَاءِ بِالْوَاجِبِ وَالْحَدِيثُ وَرَدَ فِي قَضَائِهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ فَيَبْقَى مَا وَرَائِهِ عَلَى الْأَصْلِ وَقَيَّدَ بَعْدَ الطُّلُوعِ إلَى الزَّوَالِ لِأَنَّهَا لَا تُقْضَى قَبْلَ الطُّلُوعِ وَبَعْدَ الزَّوَالِ بِالِاتِّفَاقِ وَقِيلَ: لَا خِلَافَ فِيهِ فَإِنَّ عِنْده لَوْ لَمْ يَقْضِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلَوْ قَضَى لَكَانَ حَسَنًا وَقِيلَ: الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ لَوْ قَضَى كَانَ نَفْلًا عِنْدَهُمَا سُنَّةً عِنْدَهُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَيَتْرُكُ سُنَّةَ الظُّهْرِ فِي الْحَالَيْنِ) أَيْ حَالَ إدْرَاكِ الظُّهْرِ وَعَدَمِهِ إذَا أَدَّاهَا لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَدَاؤُهَا بَعْدَ الْفَرْضِ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ هَذَا احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: لَا يَقْضِيهَا (وَيَقْضِيهَا) أَيْ سُنَّةَ الظُّهْرِ (فِي وَقْتِهِ قَبْلَ شَفْعِهِ) أَيْ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الْفَرْضِ قِيلَ: هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالْفَائِتَةِ أَوْلَى.
وَفِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ مَعَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَعْدَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأُولَى فَاتَتْ عَنْ مَحَلِّهَا ضَرُورَةً فَلَا مَعْنَى لِتَفْوِيتِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا اخْتِيَارًا وَقِيلَ: الِاخْتِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ وَحُكْمُ صَاحِبِ الْمَجْمَعِ بِكَوْنِهِ أَصَحَّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَنْوِي الْقَضَاءَ كَمَا قِيلَ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَنْوِيَ السُّنَّةَ كَمَا فِي الْحَقَائِقِ وَإِلَى أَنَّهُ لَا يَقْضِي بَعْدَ الْوَقْتِ لَا تَبَعًا وَلَا مَقْصُودَةً وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَفِي الْبَحْرِ وَحُكْمُ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ كَاَلَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ كَمَا لَا يَخْفَى.
(وَغَيْرُهُمَا) أَيْ غَيْرُ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ مِنْ السُّنَنِ (وَغَيْرُ الْفَرَائِضِ الْخَمْسِ وَالْوِتْرِ لَا يُقْضَى أَصْلًا) أَيْ لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا بَعْدَهُ وَلَا وَحْدَهَا بِالِاتِّفَاقِ وَلَا بِتَبَعِيَّةِ فَرَائِضِهَا إلَّا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: يَقْضِيهَا تَبَعًا لِقَضَاءِ
فَرَائِضِهَا لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الدُّرَرِ.
(وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً وَاحِدَةً مِنْ الظُّهْرِ بِجَمَاعَةٍ لَمْ يُصَلِّهِ بِجَمَاعَةٍ) فَلَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ بِجَمَاعَةٍ فَلَوْ كَانَ صَلَّى مَعًا ثَلَاثًا فَعَلَى ظَاهِرِ الْجَوَابِ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا بَلْ بَعْضَهَا بِجَمَاعَةٍ وَبَعْضُ الشَّيْءِ لَيْسَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ وَاخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (بَلْ أَدْرَكَ فَضْلَهَا) .
وَفِي الْفَتْحِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: قَدْ أَدْرَكَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ وَأَحْرَزَ ثَوَابَهَا وِفَاقًا لِصَاحِبَيْهِ لَا كَمَا ظَنَّ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يُحْرِزُ فَضْلَهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَسَبَبُ تَخْصِيصِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ التَّنْبِيهُ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ الزَّعْمِ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمَسْبُوقَ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ لَمْ تُشْرَعْ إلَّا لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ انْتَهَى أَقُولُ فِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ وَلِهَذَا اُرْتُكِبَ فِيهِ مَا لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ فَكَأَنَّهُ صَلَّى الْمُقْتَدِي جَمِيعَ الرَّكَعَاتِ مَعَ الْإِمَامِ.
(وَمَنْ أَتَى مَسْجِدًا) صَلَّى فِيهِ (وَلَمْ يُدْرِكْ جَمَاعَةً يَتَطَوَّعُ قَبْلَ الْفَرْضِ مَا شَاءَ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ) فَإِنْ خَافَ لَا يَتَطَوَّعُ قَبْلَهُ بِالْإِجْمَاعِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ إمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْفَرْضَ بِجَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا فَفِي الْأَوَّلِ يُصَلِّي الرَّوَاتِبَ وَلَا يَتَخَيَّرُ فِيهَا مَعَ الْإِمْكَانِ.
وَفِي الثَّانِي الْجَوَابُ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ وَأَصَحُّ فَإِنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام وَاظَبَ عَلَيْهَا وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ لَكِنْ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ يَتْرُكُ السُّنَّةَ وَيُؤَدِّي الْفَرْضَ حَذَرًا عَنْ التَّفْوِيتِ وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى الرَّوَاتِبِ وَهُوَ غَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ يَتَخَيَّرُ فِيهِ مُطْلَقًا كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ.
(وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ) حَالَ كَوْنِهِ (رَاكِعًا فَكَبَّرَ وَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ) الْإِمَامُ (رَأْسَهُ لَمْ يُدْرِكْ) تِلْكَ (الرَّكْعَةَ) وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقِفْ بَلْ انْحَطَّ فَرَفَعَ الْإِمَامُ مِنْهُ قَبْلَ رُكُوعِ الْمُقْتَدِي لَا يَصِيرُ مُدْرِكًا لِفَوْتِ الْمُشَارَكَةِ فِيهِ الْمُسْتَلْزِمُ لِفَوْتِ الرَّكْعَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُمَا يَقُولَانِ: إنَّهُ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِيمَا لَهُ حُكْمُ الْقِيَامِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَكَعَ مَعَهُ
(وَمَنْ رَكَعَ قَبْلَ إمَامِهِ) وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ (فَأَدْرَكَ إمَامَهُ فِيهِ) أَيْ الرُّكُوعِ (صَحَّ رُكُوعُهُ) لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمُشَارَكَةُ فِي جُزْءٍ مِنْ الرُّكْنِ وَقَدْ وُجِدَ لَكِنْ كُرِهَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» وَقَوْلُهُ عليه السلام «أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْكَعُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَيَرْفَعُ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ رَأْسَهُ بِرَأْسِ الْحِمَارِ» .
وَقَالَ زُفَرُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُعَدَّ الرُّكُوعُ لِأَنَّ مَا أُتِيَ قَبْلَ الْإِمَامِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَكَذَا مَا بُنِيَ عَلَيْهِ.