الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(التَّزْوِيجِ) خِلَافًا لِزُفَرَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ لَا الْأَبْعَدُ (إذَا كَانَ الْأَقْرَبُ غَائِبًا) غَيْبَةً حَقِيقِيَّةً، أَوْ حُكْمِيَّةً كَمَا إذَا عَضَلَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ عَنْ تَزْوِيجِهِمَا فَيُزَوِّجُهُمَا الْقَاضِي لَكِنَّ تَزْوِيجَهُ هُنَا نِيَابَةٌ عَنْ الْعَاضِلِ بِإِذْنِ الشَّرْعِ لَا بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاضِلَ ظَالِمٌ بِالْمَنْعِ وَلِلْقَاضِي كَفُّ أَيْدِي الظَّلَمَةِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَقْرَبَ إذَا عَضَلَ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى الْأَبْعَدِ فَلِذَا قُلْنَا: إنَّهُ نَائِبٌ بِإِذْنِ الشَّرْعِ كَمَا فِي فَيْضِ الْكُرْكِيِّ وَأَرَادَ مِنْ الْغَيْبَةِ الْمُنْقَطِعَةِ (بِحَيْثُ لَا يَنْتَظِرُ الْكُفْءُ الْخَاطِبُ جَوَابَهُ) أَيْ جَوَابَ الْأَقْرَبِ فَلَوْ انْتَظَرَهُ الْخَاطِبُ لَمْ يُنْكِحْ الْأَبْعَدُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْفِقْهِ وَهُوَ الْمُجْتَبَى وَالْمَبْسُوطُ وَالذَّخِيرَةُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْحَقَائِقِ؛ لِأَنَّ الْكُفْءَ لَا يَتَّفِقُ كُلَّ الْوَقْتِ وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ حَتَّى لَوْ كَانَ مُخْتَفِيًا فِي الْبَلَدِ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ تَكُونُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً (وَقِيلَ مَسَافَةُ السَّفَرِ) أَيْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْوَالِجِيِّ (وَقِيلَ: بِحَيْثُ لَا تَصِلُ الْقَوَافِلُ إلَيْهِ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً) وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقُدُورِيِّ وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ: مَسِيرَةَ شَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ أَعْدَلُ الْأَقَاوِيلِ كَمَا فِي التَّجْنِيسِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الْإِمَامَيْنِ وَهُنَاكَ أَقْوَالٌ أُخَرُ لَكِنَّهَا ضَعِيفَةٌ فَلِهَذَا تَرَكَهَا الْمُصَنِّفُ (وَلَا يَبْطُلُ) تَزْوِيجُ الْأَبْعَدِ مَعَ غَيْبَةِ الْأَقْرَبِ (بِعَوْدِهِ) أَيْ بِعَوْدِ الْأَقْرَبِ؛ لِأَنَّ عَقْدَهُ صَدَرَ عَنْ وِلَايَةٍ تَامَّةٍ خِلَافًا لِزُفَرَ.
(وَلَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ مُتَسَاوِيَانِ) فِي الْمَرْتَبَةِ كَالْأَخَوَيْنِ مَثَلًا (فَالْعِبْرَةُ لِلْأَسْبَقِ) لِوُجُودِ الْعَقْدِ مِنْ وَلِيٍّ قَرِيبٍ بِلَا مُعَارِضٍ.
(وَإِنْ كَانَا مَعًا بَطَلَا) لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ وَعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ وَلَا يَدْرِي السَّابِقَ مِنْ اللَّاحِقِ (وَيَصِحُّ كَوْنُ الْمَرْأَةِ وَكِيلَةً فِي النِّكَاحِ) كَمَا صَحَّ أَنْ تَكُونَ أَصِيلَةً.
[فَصْلٌ الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاح]
فَصْلٌ فِي الْكَفَاءَةِ (تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ) بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ مَصْدَرُ الْكُفْءِ بِمَعْنَى النَّظِيرِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي خُصُوصِ أُمُورٍ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ جَانِبُ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِ مَنْ دُونَهَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَفْرِشٌ فَلَا يَغِيظُهُ دَنَاءَةُ الْفِرَاشِ هَذَا عِنْدَ الْكُلِّ فِي الصَّحِيحِ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: الْكَفَاءَةُ فِي النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ
خِلَافًا لَهُمَا وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَفَاءَةَ حَقُّ الْوَلِيِّ لَا حَقُّ الْمَرْأَةِ فَلَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ حُرٌّ فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ مَأْذُونٌ فِي النِّكَاحِ فَلَا خِيَارَ لَهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَلَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِرِضَاهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، ثُمَّ عَلِمَ لَا خِيَارَ لَهُ هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ بِالْكَفَاءَةِ أَمَّا إذَا اشْتَرَطَ أَوْ عَقَدَ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ مَأْذُونٌ فَلَهُ الْخِيَارُ (فِي) وَقْتِ (النِّكَاحِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَالَ بَعْدَهُ كُفْئِيَّتُهُ لَهَا بِأَنْ صَارَ فَاسِقًا مَثَلًا لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْكَفَاءَةُ فِيهِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلِهَذَا قَدَّرْنَا الْوَقْتَ ثُمَّ تُعْتَبَرُ فِي الْعَرَبِ (نَسَبًا) أَيْ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ بِهِ يَقَعُ التَّفَاخُرُ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لَا تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ فِيهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «النَّاسُ سَوَاسِيَةٌ كَأَسْنَانِ الْمُشْطِ لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ إنَّمَا الْفَضْلُ بِالتَّقْوَى» (فَقُرَيْشٌ) هُوَ مِنْ وَلَدِ نَضْرِ بْنِ كِنَانَةَ (بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ) وَلَا يُعْتَبَرُ الْفَاضِلُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلِهَذَا «زَوَّجَ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام بِنْتَهُ مِنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ أُمَوِيٌّ لَا هَاشِمِيٌّ وَزَوَّجَ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَهُوَ هَاشِمِيٌّ بِنْتَهُ مِنْ فَاطِمَةَ أُمَّ كُلْثُومٍ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ قُرَيْشِيٌّ عَدَوِيٌّ» (وَغَيْرُهُمْ) أَيْ غَيْرُ الْقُرَيْشِيِّ (مِنْ الْعَرَبِ لَيْسُوا كُفْئًا لَهُمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَشْرَفُ الْعَرَبِ نَسَبًا.
وَفِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا يَكُونُ الْعَالِمُ وَلَا الْوَجِيهُ كَالسُّلْطَانِ كُفْئًا لِعَلَوِيَّةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْعَالِمَ كُفْءٌ لِلْعَلَوِيَّةِ إذْ شَرَفُ الْعِلْمِ فَوْقَ النَّسَبِ وَلِذَا قِيلَ إنَّ عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَفْضَلُ مِنْ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (بَلْ بَعْضُهُمْ) أَيْ بَعْضِ الْعَرَبِ (أَكْفَاءُ بَعْضٍ) ؛ لِتَسَاوِيهِمْ فَلَا يَكُونُ الْعَجَمُ كُفْئًا لَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا، أَوْ وَجِيهًا كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ (وَبَنُو بَاهِلَةَ) فِي الْأَصْلِ اسْمُ امْرَأَةٍ مِنْ هَمْدَانَ وَالتَّأْنِيثُ لِلْقَبِيلَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَصْلِ اسْمَ رَجُلٍ، أَوْ اسْمَ امْرَأَةٍ (لَيْسُوا كُفْءَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْعَرَبِ) .
وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ إلَّا بَنُو بَاهِلَةَ لِخَسَاسَتِهِمْ لَا يَكُونُونَ كُفْئًا لِعَامَّةِ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ بَقِيَّةَ الطَّعَامِ مَرَّةً ثَانِيَةً وَكَانُوا يَأْخُذُونَ عِظَامَ الْمَيْتَةِ يَطْبُخُونَ بِهَا وَيَأْخُذُونَ دُسُومَاتِهَا كَمَا قِيلَ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ وَهَذَا لَا يَخْلُو مِنْ نَظَرٍ فَإِنَّ النَّصَّ لَمْ يَفْصِلْ مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام أَعْلَمُ بِقَبَائِلِ الْعَرَبِ وَاخْتِلَافِهِمْ وَقَدْ أَطْلَقَ، وَلَيْسَ كُلُّ بَاهِلِيٍّ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِمْ الْأَجْوَادُ وَكَوْنُ فَضِيلَةٍ مِنْهُمْ، أَوْ بَطْنِ صَعَالِيكَ فَعَلُوا ذَلِكَ لَا يَسْرِي فِي حَقِّ الْكُلِّ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ وَالْحَقُّ الْإِطْلَاقُ تَأَمَّلْ (وَتُعْتَبَرُ) الْكَفَاءَةُ (فِي الْعَجَمِ) أَيْ غَيْرِ الْعَرَبِ (إسْلَامًا) أَيْ مِنْ جِهَةِ إسْلَامِ أَبٍ وَجَدٍّ إذْ بِهِ تَفَاخُرُهُمْ لَا بِالنَّسَبِ؛ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ (وَحُرِّيَّةً) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ عَيْبٌ؛ لِأَنَّهُ أَثَرُ الْكُفْرِ فَتُعْتَبَرُ الْحُرِّيَّةُ (فَمُسْلِمٌ أَوْ حُرٌّ) تَفْرِيعٌ لِمَا قَبْلَهُ (أَبُوهُ كَافِرٌ) صِفَةٌ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ (أَوْ رَقِيقٌ غَيْرُ كُفْءٍ لِمَنْ لَهَا أَبٌ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ الْحُرِّيَّةِ) لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَفَاخَرُونَ بِهِ وَإِنَّمَا يَتَفَاخَرُونَ بِالنَّسَبِ.
وَفِي الْمُجْتَبَى مُعْتَقَةُ الشَّرِيفِ لَا يُكَافِئُهَا مُعْتَقُ الْوَضِيعِ.
وَفِي التَّجْنِيسِ لَوْ كَانَ أَبُوهَا مُعْتَقًا وَأُمُّهَا حُرَّةَ الْأَصْلِ لَا يُكَافِئُهَا الْمُعْتَقُ، ثُمَّ قَالَ مُعْتَقُ النَّبَطِيِّ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِمُعْتَقَةِ الْهَاشِمِيِّ (وَمَنْ لَهُ أَبٌ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِسْلَامِ (أَوْ فِيهَا) أَيْ فِي الْحُرِّيَّةِ (غَيْرُ كُفْءٍ لِمَنْ لَهَا أَبَوَانِ) فِيهِ، أَوْ فِيهَا لِأَنَّ التَّعْرِيفَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذِكْرِ الْجَدِّ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) يَعْنِي مَنْ كَانَ لَهُ أَبٌ مُسْلِمٌ، أَوْ حُرٌّ يَكُونُ كُفْئًا لِمَنْ يَكُونُ أَبُوهُ وَجَدُّهُ مُسْلِمَيْنِ، أَوْ حُرَّيْنِ إلْحَاقًا لِلْوَاحِدِ بِالِاثْنَيْنِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ فِي تَعْرِيفِ الشَّاهِدَيْنِ (وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ كُفْءٌ لِمَنْ لَهَا آبَاءٌ) ؛ لِأَنَّ مَا فَوْقَ الْجَدِّ لَا يُعْرَفُ غَالِبًا وَالتَّعْرِيفُ لَازِمٌ فَلَا يُشْتَرَطُ (وَتُعْتَبَرُ) الْكَفَاءَةُ (دِيَانَةً) أَيْ صَلَاحًا وَحَسَبًا وَتَقْوَى كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ.
وَفِي الْكَرْمَانِيِّ، أَوْ عَدَالَةً عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْلَى الْمَفَاخِرِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ أَيْ الصَّحِيحُ اقْتِرَانُ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مَعَ مُحَمَّدٍ وَرَجَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ.
وَقَالَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْكَفَاءَةَ مِنْ حَيْثُ الصَّلَاحِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَقِيلَ هُوَ احْتِرَازٌ عَنْ رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ الْكَفَاءَةَ فِي الدَّيْنِ وَقَالَ: إذَا كَانَ الْفَاسِقُ ذَا مُرُوءَةٍ كَأَعْوِنَةِ السُّلْطَانِ، وَكَذَا عَنْهُ إنْ كَانَ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ سِرًّا وَلَا يَخْرُجُ وَهُوَ سَكْرَانُ يَكُونُ كُفْئًا وَإِلَّا لَا وَحِينَئِذٍ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازًا عَمَّا رُوِيَ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ وَالْمَعْنَى: هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْفَتْحِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) لِأَنَّ التَّقْوَى مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ فَلَا يَفُوتُ النِّكَاحُ بِفَوَاتِهَا إلَّا إذَا كَانَ مُسْتَحَقًّا بِهِ يَخْرُجُ سَكْرَانَ وَيَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْمَوْلَى سَعْدِي أَفَنْدِي كَلَامٌ فَلْيُطَالَعْ.
وَفِي الْمُحِيطِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَكِنَّ الْإِفْتَاءَ بِمَا فِي الْمُتُون أَوْلَى كَمَا فِي الْبَحْرِ (فَلَيْسَ فَاسِقٌ كُفْئًا لِبِنْتِ صَالِحٍ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ بَنَاتِ الصَّالِحِينَ صَالِحَاتٌ وَإِلَّا فَتَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِنْتُهُ فَاسِقَةً فَتَكُونُ كُفْئًا لِفَاسِقٍ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَالْعِبَارَةُ الظَّاهِرَةُ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ السَّاعَاتِيِّ وَهِيَ أَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِلصَّالِحَةِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يُعْلِنْ) الْفَاسِقُ (فِي اخْتِيَارِ الْفُضْلَى وَتُعْتَبَرُ) الْكَفَاءَةُ (مَالًا) بِأَنْ يَمْلِكَ مِنْ الْمَهْرِ مَا تَعَارَفُوا تَعْجِيلَهُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْبُضْعِ وَبِأَنْ يَكْسِبَ نَفَقَةً كُلَّ يَوْمٍ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْكِسْوَةِ؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ يُتَمِّمُ الِازْدِوَاجَ وَقَبْلُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْعَقْدِ مَالِكًا لِنَفَقَةِ شَهْرٍ وَقِيلَ لِنَفَقَةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ لِنَفَقَةِ سَنَةٍ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ الْجِمَاعَ فَهُوَ كُفْءٌ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النَّفَقَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يَجِدُ نَفَقَتَهَا وَلَا يَجِدُ
نَفَقَةَ نَفْسِهِ يَكُونُ كُفْئًا لَهَا كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ.
(فَالْعَاجِزُ عَنْ الْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ وَالنَّفَقَةِ غَيْرُ كُفْءٍ لِلْفَقِيرَةِ) فَلِلْغَنِيَّةِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْمَهْرَ عِوَضُ بُضْعِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِهِ وَالنَّفَقَةُ تَنْدَفِعُ بِهَا حَاجَتَهَا فَلَا بُدَّ مِنْهَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى النَّفَقَةِ دُونَ الْمَهْرِ يَكُونُ كُفْئًا لِأَنَّ الْمُسَاهَلَةَ تَجْرِي فِي الْمَهْرِ وَيُعَدُّ الِابْنُ قَادِرًا بِيَسَارِ أَبِيهِ وَالْآبَاءُ يَتَحَمَّلُونَ الْمَهْرَ عَنْ الْأَبْنَاءِ عَادَةً وَلَا يَتَحَمَّلُونَ النَّفَقَةَ الدَّارَّةَ، وَلَوْ قَالَ غَيْرُ كُفْءٍ لِأَحَدٍ لَكَانَ أَشْمَلَ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِدَفْعِ مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ يَكُونُ كُفْئًا لَهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ.
وَفِي الْمُضْمَرَاتِ إنْ كَانَ عَلَوِيًّا، أَوْ عَالِمًا غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى الْمَهْرِ الْمِثْلِ يَكُونُ كُفْئًا لِلصَّغِيرَةِ الْغَنِيَّةِ (وَالْقَادِرُ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَة (كُفْءٌ لِذَاتِ أَمْوَالٍ عِظَامٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ فَلَا عِبْرَةَ لِكَثْرَتِهِ مَعَ أَنَّ الْكَثْرَةَ فِي الْأَصْلِ مَذْمُومٌ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هَلَكَ الْمُكْثِرُونَ إلَّا مَنْ قَالَ بِمَالِهِ هَكَذَا وَهَكَذَا» يَعْنِي تَصَدَّقَ بِهِ (خِلَافًا لَهُمَا) ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَفْخَرُونَ بِالْغِنَى وَيُعَيِّرُونَ بِالْفَقْرِ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها رَأَيْت ذَا الْغِنَى مَهِيبًا وَذَا الْفَقْرِ مَهِينًا.
(وَتُعْتَبَرُ) الْكَفَاءَةُ (حِرْفَةً) هِيَ اسْمٌ مِنْ الِاحْتِرَافِ أَيْ الِاكْتِسَابِ (عِنْدَهُمَا) فِي أَظْهَرْ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ إلَّا أَنْ تَفْحُشَ كَالْحَجَّامِ وَالْحَائِكِ وَالدَّبَّاغِ.
(وَعَنْ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ) فِي رِوَايَةٍ لَا تُعْتَبَرُ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْحِرْفَةَ لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ وَالتَّحَوُّلَ مُمْكِنٌ مِنْ الدَّنِيَّةِ إلَى الشَّرِيفَةِ.
وَفِي رِوَايَةٍ تُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَفْتَخِرُونَ بِشَرِيفِ الصِّنَاعَةِ وَيُعَيِّرُونَ بِخَسِيسِهَا (فَحَائِكٌ أَوْ حَجَّامٌ، أَوْ كَنَّاسٌ، أَوْ دَبَّاغٌ) ، أَوْ بَيْطَارٌ أَوْ حَدَّادٌ، أَوْ خَفَّافٌ وَأَخَسُّ كُلِّهِمْ خَادِمُ الظُّلْمَةِ وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ آكِلِي دِمَاءِ النَّاسِ وَأَمْوَالِهِمْ كَمَا فِي الْمُحِيطِ (غَيْرُ كُفْءٍ لِعَطَّارٍ، أَوْ بَزَّازٍ أَوْ صَرَّافٍ) تَفْرِيعٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْكَفَاءَةِ حِرْفَةً فَالْعَطَّارُ وَالْبَزَّازُ كُفْئَانِ (وَبِهِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْحِرْفَةِ (يُفْتَى) كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّ الْمَرَضَ لَمْ يَسْلُبْ الْكَفَاءَةَ فَالْمَرِيضُ كُفْءٌ لِلصَّحِيحَةِ وَالْمَجْنُونُ لِلْعَاقِلَةِ، وَكَذَا الْقَرَوِيُّ فَالْقَرَوِيُّ كُفْءٌ لِلْبَلَدِيَّةِ.
(وَلَوْ تَزَوَّجَتْ)