الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُتَعَدِّدَةً فَحُدَّ مَرَّةً يَكُونُ مِنْ الْجَمِيعِ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ لَوْ قَذَفَ جَمَاعَةً بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ قَالَ يَا أَيُّهَا الزُّنَاةُ، أَوْ كَلِمَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ بِأَنْ قَالَ يَا زَيْدُ أَنْتَ زَانٍ يَا عَمْرُو أَنْتَ زَانٍ يَا خَالِدُ أَنْتَ زَانٍ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذَا قَذَفَهُمْ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ قَذَفَهُمْ بِكَلِمَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ يُحَدُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ انْتَهَى.
لَكِنْ الظَّاهِرُ مِنْ سَائِرِ الْكُتُبِ عَدَمُ التَّدَاخُلِ مُطْلَقًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَأَمَّلْ.
(لَا) يَكْفِي حَدٌّ وَاحِدٌ (إنْ اخْتَلَفَ) جِنْسُهَا يَعْنِي إذَا زَنَى وَقَذَفَ وَشَرِبَ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَعْضِ لِاخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ لَكِنْ لَا يَتَوَالَى بَيْنَهُمَا خِيفَةَ الْهَلَاكِ يُنْتَظَرُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ الْأَوَّلِ.
[فَصْلٌ فِي التَّعْزِيرِ]
ِ) قَالَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ هُوَ تَأْدِيبٌ دُونَ الْحَدِّ، وَفِي اللُّغَةِ مُطْلَقُ التَّأْدِيبِ وَقَوْلُهُ دُونَ الْحَدِّ مِنْ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ أَيْ: أَدْنَى مِنْ الْحَدِّ فِي الْقَدْرِ وَقُوَّةِ الدَّلِيلِ فَإِنَّهُ شَرْعًا لَا يَخْتَصُّ بِالضَّرْبِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ بِهِ، وَقَدْ يَكُونُ بِالصَّفْعِ وَبِفَرْكِ الْأُذُنِ وَبِالْكَلَامِ الْعَنِيفِ وَبِنَظَرِ الْقَاضِي إلَيْهِ بِوَجْهٍ عَبُوسٍ وَشَتْمٍ غَيْرِ الْقَذْفِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَلَا يَكُونُ التَّعْزِيرُ بِأَخْذِ الْمَالِ مِنْ الْجَانِي فِي الْمُذْهَبِ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ سَمِعْت عَنْ ثِقَةٍ أَنَّ التَّعْزِيرَ بِأَخْذِ الْمَالِ إنْ رَأَى الْقَاضِي ذَلِكَ، أَوْ الْوَالِي جَازَ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ رَجُلٌ لَا يَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ يَجُوزُ تَعْزِيرُهُ بِأَخْذِ الْمَالِ وَلَمْ يَذْكُرْ كَيْفِيَّةَ الْأَخْذِ وَأَرَى أَنْ يُؤْخَذَ فَيُمْسَكَ مُدَّةً لِلزَّجْرِ ثُمَّ يُعِيدُهُ لَا أَنْ يَأْخُذَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ آيَسَ مِنْ تَوْبَتِهِ يُصْرَفُ إلَى مَا يَرَى.
وَفِي النِّهَايَةِ التَّعْزِيرُ عَلَى مَرَاتِبَ تَعْزِيرُ أَشْرَافِ الْأَشْرَافِ وَهُمْ الْعُلَمَاءُ، وَالْعُلْوِيَّةُ بِالْإِعْلَامِ وَتَعْزِيرُ الْأَشْرَافِ، وَالدَّهَاقِينِ بِالْإِعْلَامِ، وَالْجَرِّ إلَى بَابِ الْقَاضِي وَتَعْزِيرُ الْأَوْسَاطِ وَهُمْ السُّوقِيَّةُ بِالْجَرِّ، وَالْحَبْسِ وَتَعْزِيرُ الْأَرَازِلِ بِهَذَا كُلِّهِ وَبِالضَّرْبِ انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مُفَوَّضًا إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي التَّعْزِيرُ بِغَيْرِ الْمُنَاسِبِ الْمُسْتَحَقِّ لَكِنْ مُخْتَارُ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَقْدِيرٌ، بَلْ هُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الزَّجْرُ وَأَحْوَالُ النَّاسِ مُخْتَلِفَةٌ فَتُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَيَكُونُ التَّعْزِيرُ بِالْقَتْلِ كَمَنْ وَجَدَ رَجُلًا مَعَ امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ بِصِيَاحٍ وَضَرْبٍ بِمَا دُونَ السِّلَاحِ وَإِلَّا لَا، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُطَاوِعَةً قَتَلَهُمَا، وَلَوْ كَانَ مَعَ امْرَأَتِهِ، وَهُوَ يَزْنِي بِهَا، أَوْ مَعَ مَحْرَمِهِ وَهُمَا مُطَاوِعَتَانِ قَتَلَهُمَا جَمِيعًا مُطْلَقًا وَعَلَى هَذَا الْمُكَابِرُ بِالظُّلْمِ وَقُطَّاعُ الطَّرِيقِ وَصَاحِبُ الْمَكْسِ وَجَمِيعُ الظَّلَمَةِ بِأَدْنَى شَيْءٍ قِيمَةً وَيُقَيِّمُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ وَبَعْدَهَا لَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْحَاكِمِ حَتَّى لَوْ عَزَّرَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُحْتَسِبِ فَلِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُعَزِّرَ الْمُعَزِّرَ.
(يُعَزَّرُ مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكًا) عَبْدًا، أَوْ أَمَةً (أَوْ كَافِرًا بِالزِّنَاءِ) ، وَلَوْ صَرِيحًا مِثْلَ يَا زَانِي
وَهُوَ لَيْسَ بِزَانٍ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةُ قَذْفٍ، وَقَدْ امْتَنَعَ الْحَدُّ لِفَقْدِ الْإِحْصَانِ فَوَجَبَ التَّعْزِيرُ؛ وَلِهَذَا يَبْلُغُ فِي التَّعْزِيرِ غَايَتَهُ.
(أَوْ قَذَفَ مُسْلِمًا) صَالِحًا (بِيَا فَاسِقُ) إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْفِسْقِ فَلَا يُعَزَّرُ، فَإِنْ أَرَادَ الْقَاذِفُ إثْبَاتَ الْفِسْقِ مُجَرَّدًا مِنْ غَيْرِ بَيَانِ سَبَبِهِ لَا تُسْمَعُ، فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبًا شَرْعِيًّا لَا يَطْلُبُ الْقَاضِي مِنْهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ، بَلْ يَسْأَلُ الْمَقُولَ لَهُ عَنْ الْفَرَائِضِ الَّتِي تُفْرَضُ عَلَيْهِ مَعْرِفَتُهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا ثَبَتَ فِسْقُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَائِلِ لَهُ يَا فَاسِقُ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمِ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَذَفَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا يُعَزَّرُ؛ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً كَمَا فِي الْبَحْرِ (يَا كَافِرُ) ، أَوْ يَا يَهُودِيُّ وَأَرَادَ الشَّتْمَ وَلَا يَعْتَقِدُهُ كُفْرًا فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ وَلَا يُكَفَّرُ، وَلَوْ اعْتَقَدَ الْمُخَاطَبَ كَافِرًا كَفَرَ؛ لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ الْإِسْلَامَ كُفْرًا.
وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ قَالَ لِيَهُودِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ يَا كَافِرُ يَأْثَمُ إنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُعَزَّرُ لِارْتِكَابِهِ مَا أَوْجَبَ الْإِثْمَ انْتَهَى.
لَكِنْ فِيهِ مَا فِيهِ تَأَمَّلْ.
(يَا خَبِيثُ) ضِدُّ الطَّيِّبِ (يَا لِصُّ) يَا سَارِقُ (يَا فَاجِرُ) إلَّا أَنْ يَكُونَ لِصًّا، أَوْ فَاجِرًا كَمَا فِي الْبَحْرِ (يَا مُنَافِقُ يَا لُوطِيُّ) قِيلَ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ يُعَزَّرُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَيُحَدُّ عِنْدَهُمَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُعَزَّرُ إنْ كَانَ فِي غَضَبٍ، وَفِي الْبَحْرِ، أَوْ هَزْلُ مَنْ تَعَوَّدَ الْهَزْلَ، وَالْقَبِيحَ (يَا مَنْ يَلْعَبُ بِالصِّبْيَانِ يَا آكِلَ الرِّبَا يَا شَارِبَ الْخَمْرِ)، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَا وَصَفَهُ بِهِ (يَا دَيُّوثُ) أَيْ: الَّذِي لَا غَيْرَةَ لَهُ مِمَّنْ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِهِ (يَا مُخَنَّثُ) هُوَ الَّذِي فِي حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ خُنُوثَةٌ أَيْ: لِينٌ وَاَلَّذِي يَفْعَلُ الْفِعْلَ الرَّدِيَّ (يَا خَائِنُ) مِنْ الْخِيَانَةِ (يَا ابْنَ الْقَحْبَةِ) .
وَفِي الْإِصْلَاحِ لَا يُقَالُ الْقَحْبَةُ فِي الْعُرْفِ أَفْحَشُ مِنْ الزَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الزَّانِيَةَ قَدْ تَفْعَلُ سِرًّا وَتَأْنَفُ مِنْهُ، وَالْقَحْبَةُ مَنْ تُجَاهِرُ بِهِ بِالْأُجْرَةِ لِإِتْيَانِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لِذَلِكَ الْمَعْنَى لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ بِذَلِكَ اللَّفْظِ فَإِنَّ الزِّنَى بِالْأُجْرَةِ يُسْقِطُ الْحَدَّ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا انْتَهَى.
فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ أَنْ يُحَدَّ عِنْدَهُمَا بِهَذَا اللَّفْظِ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ، بَلْ الْجَوَابُ أَنَّ الزِّنَى صَرِيحٌ فِي ابْنِ الزَّانِيَةِ بِخِلَافِ فِي ابْنِ الْقَحْبَةِ؛ فَلِهَذَا لَمْ يُحَدَّ فِيهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا قَحْبَةُ يُعَزَّرُ بِخِلَافِ يَا روسبى فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْعُرْفِ بِالزِّنَاءِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ يَا قَحْبَةُ؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ الزَّانِيَةِ لَكِنْ فِي الْمُضْمَرَاتِ التَّصْرِيحُ يُوجِبُ الْحَدَّ فِيهِ تَأَمَّلْ.
(يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ) فَإِنَّهَا مَنْ تُبَاشِرُ كُلَّ مَعْصِيَةٍ فَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الزَّانِيَةِ فَكَذَا يُعَزَّرُ بِطَلَبِ الْوَلَدِ بِقَوْلِهِ يَا ابْنَ الْفَاسِقِ يَا ابْنَ الْكَافِرِ، وَالنَّصْرَانِيُّ وَأَبُوهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (يَا زِنْدِيقُ) ، وَهُوَ الَّذِي يُبْطِنُ الْكُفْرَ وَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ (يَا قَرْطَبَانٌ) ، وَهُوَ مُعَرَّبُ قَلْتَبَانٍ.
وَفِي التَّبْيِينِ هُوَ الَّذِي يَرَى مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ مَعَ مَحْرَمِهِ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا فَيَدَعُهُ خَالِيًا بِهَا؛ وَلِذَا كَانَ أَفْحَشَ مِنْ الدَّيُّوثِ وَقِيلَ هُوَ السَّبَبُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِمَعْنًى غَيْرِ مَمْدُوحٍ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يَبْعَثُ امْرَأَتَهُ مَعَ غُلَامٍ بَالِغٍ، أَوْ مَعَ مُزَارِعِهِ إلَى الضَّيْعَةِ، أَوْ يَأْذَنُ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهَا فِي غَيْبَتِهِ (يَا مَأْوَى الزَّوَانِي، أَوْ) يَا مَأْوَى (اللُّصُوصِ، أَوْ يَا حَرَامْ زَادَهْ) وَمَعْنَاهُ الْوَلَدُ
الْحَاصِلُ مِنْ الْوَطْءِ الْحَرَامِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الزِّنَاءِ.
وَفِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ.
وَفِي الْعُرْفِ لَا يُرَادُ إلَّا وَلَدُ الزِّنَاءِ وَكَثِيرًا مَا يُرَادُ بِهِ الْخَبِيثُ اللَّئِيمُ؛ فَلِهَذَا لَا يُحَدُّ بِهِ انْتَهَى.
لَكِنْ فِي عُرْفِنَا يُرَادُ بِهِ رَجُلٌ يُعَلِّمُ الْحِيَلَ فِي أَكْثَرِ الْأُمُورِ فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ تَدَبَّرْ.
وَمِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّعْزِيرِ يَا رُسْتَاقِيُّ يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ يَا سَفِيهُ يَا أَحْمَقُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَإِنَّمَا عُزِّرَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ آذَى مُسْلِمًا وَأَلْحَقَ الشَّيْنَ بِهِ؛ فَلِهَذَا يُعَزَّرُ كُلُّ مُرْتَكِبِ مُنْكَرٍ، أَوْ مُؤْذِي مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ بِقَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ، وَلَوْ بِغَمْزِ الْعَيْنِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا مُرُوءَةٍ وَكَانَ أَوَّلَ مَا فَعَلَ يُوعَظُ اسْتِحْسَانًا وَلَا يُعَزَّرُ، فَإِنْ عَادَ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُضْرَبُ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (لَا) يُعَزَّرُ (بِيَا حِمَارُ يَا كَلْبُ يَا قِرْدُ يَا تَيْسُ يَا خِنْزِيرُ يَا بَقَرُ يَا حَيَّةُ) يَا ذِئْبُ (يَا حَجَّامُ يَا ابْنَ حَجَّامٍ وَأَبُوهُ لَيْسَ كَذَلِكَ) فَإِنَّهُ لَا يُعَزَّرُ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ حَجَّامًا فَعَدَمُ التَّعْزِيرِ بِالْأَوْلَى (يَا بَغَّاءُ) بِالتَّشْدِيدِ قِيلَ هَذَا مِنْ شَتْمِ الْعَوَامّ يَتَفَوَّهُونَ بِهِ وَلَا يَعْرِفُونَ مَعْنَاهُ انْتَهَى.
وَلَيْسَ لَهُ وَجْهٌ فَإِنَّهُ اسْمٌ لِذَكَرِ الْبَقَرِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْوَاطِئِ الَّذِي لِشِدَّةِ شَبَقِهِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَلَالِ، وَالْحَرَامِ وَلَا بَيْنَ الْحُسْنِ، وَالْقُبْحِ.
وَفِي شَرْحِ الْمَوْلَى: مِسْكِينٌ الْبَغَّاءُ الَّذِي يَعْلَمُ بِفُجُورِهَا وَيَرْضَى فَبِهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ التَّعْزِيرُ؛ لِأَنَّهُ أَلْحَقَ الشَّيْنَ بِهِ تَأَمَّلْ.
(يَا مُؤَاجِرُ) فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِيمَنْ يُؤَاجِرُ أَهْلَهُ لِلزِّنَاءِ لَكِنَّهُ لَيْسَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ الْمُتَعَارَفَ بَلْ بِمَعْنَى الْمُؤَجِّرِ (يَا وَلَدَ الْحَرَامِ) .
وَفِي الْبَحْرِ فَيَنْبَغِي التَّعْزِيرُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ بِمَعْنَى يَا وَلَدَ الزِّنَا فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَا حَرَامْ زَادَهْ وَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ تَدَبَّرْ.
(يَا عَيَّارُ) ، وَهُوَ الَّذِي يَتَرَدَّدُ بِغَيْرِ عَمَلٍ (يَا نَاكِسُ يَا مَنْكُوسُ) عَلَى وَزْنِ فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ قَالَ أَخِي جلبي ناكس لَفْظٌ عَجَمِيٌّ، وَالنُّونُ فِي أَوَّلِهِ لِلنَّفْيِ، وَالْكَافُ مِنْهُ مَفْتُوحٌ وَ (كَسَّ) بِمَعْنَى الْآدَمِيِّ (يَا سُخْرَةُ يَا ضُحْكَةُ) بِوَزْنِ الصُّفْرَةِ مَنْ يَضْحَكُ عَلَيْهِ النَّاسُ وَبِوَزْنِ الْهُمَزَةِ مَنْ يَضْحَكُ عَلَى النَّاسِ (يَا كَشْحَانِ) قِيلَ الْكَاشِحُ الْمُتَبَاعِدُ عَنْ مَوَدَّةِ صَاحِبِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ كَشَحَ الْقَوْمُ إذَا ذَهَبُوا عَنْهُ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَى الْقَرْطَبَانِ وَقِيلَ الَّذِي سَمِعَ رَجُلًا يَمُدُّ يَدَهُ إلَى امْرَأَتِهِ وَلَا يُبَالِي فَعَلَى هَذَا أَنَّهُ بِمَعْنَى الْقَرْطَبَانِ، وَالدَّيُّوثِ فَيَجِبُ التَّعْزِيرُ (يَا أَبْلَهُ يَا مُوَسْوِسُ) وَنَحْوُهُ.
وَفِي الْإِصْلَاحِ، وَالضَّابِطُ فِي هَذَا أَنَّهُ إنْ نَسَبَهُ إلَى فِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ يَحْرُمُ فِي الشَّرْعِ وَيُعَدُّ عَارًا فِي الْعُرْفِ يَجِبُ التَّعْزِيرُ وَإِلَّا لَا فَخَرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ النِّسْبَةُ إلَى الْأُمُورِ الْخُلُقِيَّةِ فَلَا يُعَزَّرُ فِي يَا حِمَارُ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ مَعْنَاهُ الْمَجَازِيُّ كَالْبَلِيدِ، وَهُوَ أَمْرٌ خُلُقِيٌّ وَبِالْقَيْدِ الثَّانِي النِّسْبَةُ إلَى مَا لَا يَحْرُمُ فِي الشَّرْعِ فَلَا يُعَزَّرُ، وَفِي يَا حَجَّامُ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُعَدُّ عَارًا فِي الْعُرْفِ وَلَا يَحْرُمُ فِي الشَّرْعِ وَبِالْقَيْدِ الثَّالِثِ النِّسْبَةُ إلَى مَا لَا يُعَدُّ عَارًا فِي الْعُرْفِ فَلَا يُعَزَّرُ فِي يَا لَاعِبَ النَّرْدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَحْرُمُ فِي الشَّرْعِ وَحَكَى الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهُ يُعَزَّرُ فِي زَمَانِنَا فِي مِثْلِ يَا كَلْبُ يَا خِنْزِيرُ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الشَّتْمُ فِي عُرْفِنَا لَكِنْ الْأَصَحُّ لَا يُعَزَّرُ وَقِيلَ إنْ كَانَ الْمَنْسُوبُ مِنْ الْأَشْرَافِ يُعَزَّرُ وَهَذَا أَحْسَنُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ؛ فَلِهَذَا قَالَ (وَاسْتَحْسَنُوا تَعْزِيرَهُ) فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ كُلِّهَا
(إذَا كَانَ الْمَقُولُ لَهُ فَقِيهًا) أَيْ: عَالِمًا بِالْعُلُومِ الدِّينِيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْمِزَاحِ فَلَوْ قَالَ بِطَرِيقِ الْحَقَارَةِ يُخَافُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ؛ لِأَنَّ إهَانَةَ الْعِلْمِ كُفْرٌ عَلَى الْمُخْتَارِ (أَوْ عَلَوِيًّا) أَيْ: مَنْسُوبًا إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيُّ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ كُلُّ مُتَّقٍ وَإِلَّا فَالتَّخْصِيصُ غَيْرُ ظَاهِرٍ.
(وَلِلزَّوْجِ أَنْ يُعَزِّرَ زَوْجَتَهُ لِتَرْكِ الزِّينَةِ) إذَا أَرَادَهَا الزَّوْجُ وَكَانَتْ قَادِرَةً عَلَيْهَا (وَتَرْكِ الْإِجَابَةِ إذَا دَعَاهَا إلَى فِرَاشِهِ) وَلَمْ تَكُنْ حَائِضًا، أَوْ نُفَسَاءَ؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا (وَتَرْكِ الصَّلَاةِ) كَمَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي التَّنْوِيرِ لَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَعُودُ إلَيْهِ بَلْ إلَيْهَا لَكِنْ الْأَبُ يُعَزِّرُ الِابْنَ لِتَرْكِهَا (وَتَرْكِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ) ؛ لِأَنَّهُمَا فَرِيضَتَانِ (وَلِلْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ) بِغَيْرِ إذْنِهِ إذَا قَبَضَتْ مَهْرَهَا، أَوْ وَهَبَتْهُ مِنْهُ (وَأَقَلُّ التَّعْزِيرِ ثَلَاثَةُ أَسْوَاطٍ) ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهَا لَا يَقَعُ بِهِ الزَّجْرُ وَذَكَرَ مَشَايِخُنَا أَنْ أَدْنَاهُ عَلَى مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ بِقَدْرِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْزَجِرُ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ.
(وَأَكْثَرُهُ) أَيْ: التَّعْزِيرِ (تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ) سَوْطًا؛ لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْلُغَ حَدَّ الْحَدِّ وَأَقَلُّهُ أَرْبَعُونَ، وَهُوَ حَدُّ الْعَبْدِ فِي الْقَذْفِ، وَالشُّرْبِ وَهَذَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ.
وَفِي شَرْحِ الْمَوْلَى مِسْكِينٍ وَقَوْلِ مُحَمَّدٍ مُضْطَرِبٌ قِيلَ مَعَ الْإِمَامِ وَقِيلَ مَعَ الثَّانِي (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ) سَوْطًا، وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ فَلْيُطَالَعْ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ يَبْلُغُ تِسْعَةً وَسَبْعِينَ سَوْطًا؛ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ حَدَّ الْأَحْرَارِ؛ لِأَنَّهُمْ الْأُصُولُ، وَهُوَ ثَمَانُونَ وَنَقَصَ عَنْهُ سَوْطًا وَعَنْهُ لَوْ رَأَى الْقَاضِي تَعْزِيرَ مِائَةٍ فَقَدْ أَخَذَ بِالْأَثَرِ، وَإِنْ ضَرَبَ أَكْثَرَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنَّ لَهُ ذُنُوبًا كَثِيرَةً كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ عَلَى قَدْرِ الْجِنَايَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْلُغَ فَوْقَ مَا فَرَضَ اللَّهُ مِنْ الزِّنَاءِ وَغَيْرِهِ فَمَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى هَذَا عَمِلَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَضَرَبَ مِائَةً، أَوْ أَكْثَرَ لِلذَّنْبِ مُطْلَقًا فَتَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ عَصَمَنِي اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكُمْ عَنْ الزَّلَلِ.
(وَيَجُوزُ حَبْسُهُ) أَيْ: حَبْسُ مَنْ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ (بَعْدَ الضَّرْبِ) ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ مِنْ التَّعْزِيرِ فَلَهُ ضَمُّهُ مَعَهُ إنْ رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً (وَأَشَدُّ الضَّرْبِ التَّعْزِيرُ) ؛ لِأَنَّ ضَرْبَهُ خَفِيفٌ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ فَلَا يُخَفَّفُ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفُ كَيْ لَا يُؤَدِّي إلَى فَوْتِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ الِانْزِجَارُ وَاخْتُلِفَ فِي شِدَّتِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الشِّدَّةُ هُوَ الْجَمْعُ فَيَجْتَمِعُ الْأَسْوَاطُ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ وَلَا يُفَرَّقُ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بَلْ فِي شِدَّتِهِ فِي الضَّرْبِ لَا فِي الْجَمْعِ هَذَا فِيمَا إذَا عَزَّرَ بِمَا دُونَ أَكْثَرِهِ وَإِلَّا فَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ مِنْ أَشَدِّ الضَّرْبِ فَوْقَ ثَمَانِينَ حُكْمًا فَضْلًا عَنْ أَرْبَعِينَ مَعَ تَنْقِيصِ وَاحِدٍ مَعَ الْأَشَدِّيَّةِ فَيَفُوتُ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ نَقَصَ (ثُمَّ حَدُّ الزِّنَى) ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ أَعْظَمُ وَحُرْمَتَهُ آكَدُ (ثُمَّ) حَدُّ (الشُّرْبِ) لِأَنَّ جِنَايَتَهُ يَقِينِيَّةٌ (ثُمَّ) حَدُّ (الْقَذْفِ) ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ مُحْتَمَلٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ صَادِقًا وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ التَّعْزِيرَ لَا يَتَقَادَمُ وَجَازَ عَفْوُهُ.
(وَمَنْ حُدَّ، أَوْ عُزِّرَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ مَنْ حَدَّهُ الْإِمَامُ، أَوْ عَزَّرَهُ (فَمَاتَ) مِنْ ذَلِكَ (فَدَمُهُ هَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ مِنْ الشَّرْعِ.