الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ إذَا بَنَى الْوَاقِف مَسْجِدًا لَا يَزُولُ مِلْكُهُ]
فَصَلِّ (إذَا بَنَى مَسْجِدًا لَا يَزُولُ مِلْكُهُ) أَيْ مِلْكُ الْمَالِكِ الْمَجَازِيِّ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا قَالَ بَنَى لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ سَاحَةً زَالَ مِلْكُهُ بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ فِيهَا ذَكَرَ الْأَبَدَ أَوْ لَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ (حَتَّى يَفْرِزَهُ) أَيْ يُمَيِّزَهُ (عَنْ مِلْكِهِ) مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ (بِطَرِيقِهِ) أَيْ مَعَ طَرِيقِ الْمَسْجِدِ بِأَنْ يَجْعَلَ لَهُ سَبِيلًا عَامًّا يَدْخُلُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُصُ لِلَّهِ تَعَالَى إلَّا بِهِ (وَيَأْذَنَ) أَيْ لِكُلِّ النَّاسِ (بِالصَّلَاةِ) أَيْ بِكُلِّ الصَّلَاةِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّهُ تَسْلِيمٌ وَهُوَ شَرْطٌ عِنْدَهُمَا فَلَوْ أَذِنَ لِقَوْمٍ أَوْ لِلنَّاسِ شَهْرًا أَوْ سَنَةً مَثَلًا لَا يَزُولُ مِلْكُهُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَيُصَلِّي فِيهِ) وَلَوْ بِلَا أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ (وَاحِدٌ) .
وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُمَا لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَوْضِعُ السُّجُودِ وَيَحْصُلُ بِفِعْلِ الْوَاحِدِ (.
وَفِي رِوَايَةٍ) عِنْدَهُمَا (شَرْطُ صَلَاةِ جَمَاعَةٍ) جَهْرًا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ حَتَّى لَوْ كَانَ سِرًّا بِأَنْ كَانَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ لَا يَصِيرُ مَسْجِدًا اتِّفَاقًا لِأَنَّ أَدَاءَ الصَّلَاةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بِالْجَمَاعَةِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ صَحِيحَةٌ كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ.
(وَلَا يَضُرُّ جَعْلُهُ) أَيْ جَعْلُ الْوَاقِفِ (تَحْتَهُ) أَيْ تَحْتَ الْمَسْجِدِ (سِرْدَابًا) هُوَ بَيْتٌ يُتَّخَذُ تَحْتَ الْأَرْضِ لِلتَّبْرِيدِ وَغَيْرِهِ (لِمَصَالِحِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَلَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ حُكْمِ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
(وَإِنْ جَعَلَهُ) أَيْ السِّرْدَابِ (لِغَيْرِ مَصَالِحِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (أَوْ جَعَلَ) الْوَاقِفُ (فَوْقَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ (بَيْتًا وَجَعَلَ بَابَهُ) أَيْ بَابَ الْمَسْجِدِ (إلَى الطَّرِيقِ وَعَزَلَهُ) أَيْ مَيَّزَهُ عَنْ
مِلْكِهِ.
(أَوْ اتَّخَذَ وَسَطَ دَارِهِ مَسْجِدًا وَأَذِنَ) أَيْ كُلَّ النَّاسِ (بِالصَّلَاةِ) أَيْ كُلِّ الصَّلَاةِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ (لَا يَزُولُ مِلْكُهُ) أَيْ مِلْكِ الْمَالِكِ الْمَجَازِيِّ (عَنْهُ) عَنْ الْمَسْجِدِ (وَلَهُ) أَيْ الْمَالِكِ (بَيْعُهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ (فَيُورَثُ) أَيْ عَنْ الْمَالِكِ إذَا مَاتَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُصْ لِلَّهِ تَعَالَى لِبَقَاءِ مِلْكِ الْعَبْدِ مُتَعَلِّقًا بِهِ وَهَذَا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِأَنَّ مِلْكَهُ مُحِيطٌ بِجَوَانِبِهِ فَكَانَ لَهُ حَقُّ الْمَنْعِ وَالْمَسْجِدُ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ فِيهِ حَقُّ الْمَنْعِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ بَنَى بَيْتًا عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ لِسُكْنَى الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي كَوْنِهِ مَسْجِدًا لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْوَاقِفِ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ، فَمَنْ بَنَى عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَجَبَ هَدْمُهُ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا مِنْ الْمَسْجِدِ مُسْتَغَلًّا وَلَا مَسْكَنًا، وَلَوْ خَرِبَ مَا حَوْلَهُ وَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ يَبْقَى مَسْجِدًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَبِهِ يُفْتَى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَادَ إلَى الْمَالِكِ، وَمِثْلُهُ حَشِيشُ الْمَسْجِدِ وَحَصِيرُهُ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُمَا كَمَا فِي الْمِنَحِ.
وَفِي الْبَحْرِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي آلَاتِ الْمَسْجِدِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي تَأْبِيدِ الْمَسْجِدِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَزُولُ مِلْكُهُ) أَيْ مِلْكِ الْمَالِكِ الْمَجَازِيِّ (بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ مُطْلَقًا) لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّسْلِيمَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ.
(وَلَوْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ) عَلَى الْمُصَلِّينَ (وَبِجَنْبِهِ طَرِيقُ الْعَامَّةِ يُوَسَّعُ) الْمَسْجِدُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الطَّرِيقِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ، وَكَذَا لَوْ ضَاقَ وَبِجَنْبِهِ أَرْضٌ لِرَجُلٍ يُؤْخَذُ أَرْضُهُ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ كُرْهًا (وَبِالْعَكْسِ) يَعْنِي لَوْ ضَاقَ الطَّرِيقُ وَبِجَنْبِهِ مَسْجِدٌ وَاسِعٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ يُوَسَّعُ الطَّرِيقُ مِنْهُ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا لِلْمُسْلِمِينَ وَالْعَمَلُ بِالْأَصْلَحِ كَمَا فِي الْفَرَائِدِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ مَا فِي التَّبْيِينِ مِنْ أَنَّهُ جَازَ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ حَتَّى الْكَافِرَ يُعَارِضُ هَذَا التَّعْلِيلَ تَدَبَّرْ (رِبَاطٌ اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ يُصْرَفُ وَقْفُهُ إلَى أَقْرَبِ رِبَاطٍ إلَيْهِ) هَذَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَلِهَذَا صَوَّرَهُ عَلَى صُورَةِ الِاتِّفَاقِ.
وَفِي الْقُنْيَةِ حَوْضٌ أَوْ مَسْجِدٌ خَرِبَ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَصْرِفَ