الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعِشْرِينَ (شَاتَانِ إلَى مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ فَفِيهَا) أَيْ فَفِي مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ (ثَلَاثُ شِيَاهٍ) بِالْكَسْرِ جَمْعُ شَاةٍ فَإِنَّ أَصْلَهَا شُوهَةٌ قُلِبَتْ الْوَاوُ أَلِفًا، وَحَذْفُ الْهَاءِ شُذُوذًا.
(إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ فَفِيهَا) أَيْ فَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ (أَرْبَعُ شِيَاهٍ ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ) وَمَا بَيْنَ النِّصَابَيْنِ مَعْفُوٌّ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام وَعَلَيْهِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ (وَالضَّأْنُ وَالْمَعْزُ) الضَّأْنُ جَمْعُ ضَائِنٍ يَنْتَظِمُ الْكَبْشَ وَالنَّعْجَةَ، وَالْمَعْزُ جَمْعُ مَاعِزِ يَنْتَظِمُ التَّيْسَ وَالْمَعْزَ (سَوَاءٌ) التَّسْوِيَةُ الَّتِي يُفْهَمُ مِنْ تَخْيِيرِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هِيَ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ لَا فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ حَتَّى أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الْمَعْزِ اتِّفَاقًا وَمِنْ الضَّأْنِ أَيْضًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَعَ أَنَّ الْجَذَعَ لَا يُؤْخَذُ.
(وَأَدْنَى) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الثَّنِيُّ الْآتِي (مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ وَيُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ الثَّنِيُّ وَهُوَ مَا تَمَّتْ لَهُ سَنَةٌ مِنْهَا) لَا الْجَذَعُ وَهُوَ مَا أَتَى عَلَيْهِ أَكْثَرُ السَّنَةِ هَذَا عَلَى تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ، وَعِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ الْجَذَعُ مَا تَمَّتْ لَهُ سَنَةٌ وَطَعَنَتْ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّنِيُّ مَا تَمَّتْ لَهُ سَنَتَانِ وَطَعَنَ فِي الثَّالِثَةِ وَعَنْ الْإِمَامِ رَوَى الْحَسَنُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَعْزِ إلَّا الثَّنِيُّ وَأَمَّا فِي الضَّأْنِ فَتُؤْخَذُ الْجَذَعَةُ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ.
[فَصْلٌ فِي زَكَاةِ الْخَيْلِ]
(إذَا كَانَتْ الْخَيْلُ سَائِمَةً) لِلنَّسْلِ (ذُكُورًا وَإِنَاثًا) مَنْصُوبَانِ عَلَى الْحَالِيَّةِ (فَفِيهَا) الزَّكَاةُ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالسَّرَخْسِيُّ وَصَاحِبُ الْبَدَائِعِ وَالْقُدُورِيُّ فِي التَّجْرِيدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَإِنَّمَا قُلْنَا لِلنَّسْلِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ سَائِمَةً لِلرُّكُوبِ أَوْ الْحَمْلِ أَوْ الْجِهَادِ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ فِيهَا وَإِنْ لِلتِّجَارَةِ تَجِبُ فِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ بِالْإِجْمَاعِ سَوَاءٌ كَانَتْ سَائِمَةً أَوْ غَيْرَ سَائِمَةٍ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ حِينَئِذٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِيَّةِ كَسَائِرِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ وَفِي إطْلَاقِهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا نِصَابَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ يُشْكِلُ اشْتِرَاطُ النِّصَابِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَقِيلَ خَمْسٌ كَمَا فِي الْكَافِي (خِلَافًا لَهُمَا) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ فِي فَرَسِهِ وَلَا فِي غُلَامِهِ» وَأَوَّلَهُ مَنْ ذَهَبَ إلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ بِفَرَسِ الْغَازِي لِتَعَارُضِ الدَّلِيلِ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «فِي كُلِّ فَرَسٍ سَائِمَةٍ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ» .
وَفِي الْأَسْرَارِ أَنَّ إطْلَاقَ النَّفْيِ كَانَ لِاتِّفَاقِ الْعَادَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ فَرَسٌ لِغَيْرِ الْغَزْوِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى هَذَا لَا تَأْوِيلَ (فَإِنْ شَاءَ) الْمُزَكِّي (أَعْطَى مِنْ كُلِّ فَرَسٍ) اسْمُ جِنْسٍ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَيَعُمُّ الْعَرَبِيَّ وَغَيْرَهُ (دِينَارًا وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا وَأَعْطَى مِنْ قِيمَتِهَا رُبُعَ الْعُشْرِ إنْ بَلَغَتْ) قِيمَتُهَا (نِصَابًا) وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الدِّينَارِ وَالتَّقْوِيمِ مَأْثُورٌ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَمَا فِي الْعِنَايَةِ لَكِنَّ هَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام -
وَمَأْثُورٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَيْضًا قِيلَ: هَذَا فِي أَفْرَاسِ الْعَرَبِ لِتَقَارُبِهَا فِي الْقِيمَةِ وَأَمَّا فِي أَفْرَاسِنَا فَتَعَيَّنَ التَّقْوِيمُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَفْرَاسَ الْعَرَبِ أَعْلَى قِيمَةً مِنْ أَفْرَاسِنَا فَإِذَا كَانَ التَّخْيِيرُ جَائِزًا فِيهَا مَعَ أَنَّهَا أَعْلَى قِيمَةً فَلِمَ لَا يَجُوزُ فِي أَفْرَاسِنَا وَقِيلَ: هَذَا فِي الْأَفْرَاسِ الْمُتَسَاوِيَةِ وَأَمَّا فِي الْمُتَفَاوِتَةِ قِيمَةً فَالزَّكَاةُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَلْبَتَّةَ.
(وَلَيْسَ فِي الذُّكُورِ الْخُلَّصِ شَيْءٌ اتِّفَاقًا وَفِي الْإِنَاثِ الْخُلَّصِ عَنْ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ) لَكِنْ فِي الْفَتْحِ فِي كُلٍّ مِنْ الذُّكُورِ الْمُنْفَرِدَةِ وَالْإِنَاثِ الْمُنْفَرِدَةِ رِوَايَتَانِ وَالْأَرْجَحُ فِي الذُّكُورِ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَنَاسَلُ وَفِي الْإِنَاثِ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّهَا تَتَنَاسَلُ بِالْفَحْلِ الْمُسْتَعَارِ.
(وَلَا شَيْءَ فِي الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ مَا لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَيْسَ فِي الْكُسْعَةِ صَدَقَةٌ» الْكُسْعَةُ الْحَمِيرُ فَإِذَا لَمْ تَجِبْ فِي الْحَمِيرِ لَا تَجِبُ فِي الْبِغَالِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ نَسْلِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ فَتَجِبُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ (وَكَذَا الْفُصْلَانُ) بِالضَّمِّ أَوْ الْكَسْرِ جَمْعُ الْفَصِيلِ وَلَدِ النَّاقَةِ إذَا فُصِلَ عَنْ أُمِّهِ (وَالْحُمْلَانُ) بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ جَمْعُ الْحَمَلُ مُحَرَّكَةٌ وَهُوَ الْخَرُوفُ أَوْ الْجَذَعُ مِنْ أَوْلَادِ الضَّأْنِ مِمَّا دُونَهُ وَإِنَّمَا قَدَّمَهَا عَلَى الْعَجَاجِيلِ مَعَ أَنَّهَا أَحَقُّ بِهِ نَظَرًا إلَى تَرْتِيبِ الْفُصُولِ السَّابِقَةِ التَّأَخُّرِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا تُنَاسِبُ الْفُصْلَانُ صِيغَةً (وَالْعَجَاجِيلُ) جَمْعُ عِجَّوْلٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ الْمَفْتُوحَةِ بِمَعْنَى عِجْلٍ وَلَدِ الْبَقَرِ حِينَ تَضَعُهُ أُمُّهُ إلَى شَهْرٍ يَعْنِي لَيْسَ فِي جَمْعِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ زَكَاةٌ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ هَذَا آخِرِ أَقْوَالِ الْإِمَامِ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْت عَلَى الْإِمَامِ فَقُلْت لَهُ: أَمَا تَقُولُ فِيمَنْ يَمْلِكُ أَرْبَعِينَ حَمَلًا؟ فَقَالَ: فِيهَا شَاةٌ مُسِنَّةٌ فَقُلْت رُبَّمَا يَأْتِي قِيمَةُ الشَّاةِ فِيهَا عَلَى أَكْثَرِهَا أَوْ عَلَى جَمِيعِهَا؟ فَتَأَمَّلَ سَاعَةً. ثُمَّ قَالَ: وَلَكِنْ تُؤْخَذُ وَاحِدَةٌ مِنْهَا فَقُلْت أَوْ يُؤْخَذُ الْحَمَلُ فِي الزَّكَاةِ؟ فَتَأَمَّلَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لَا إذْ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ فَعَدَّ هَذَا مِنْ مَنَاقِبِ الْإِمَامِ حَيْثُ أَخَذَ بِكُلِّ قَوْلٍ مِنْ أَقَاوِيلِهِ مُجْتَهِدٌ وَلَمْ يَضَعْ مِنْهَا شَيْءٌ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ رَدَّ مَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ إنَّ مِثْلَ هَذَا مِنْ الصِّبْيَانِ مُحَالٌ فَمَا ظَنُّكَ بِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَ: بَعْضُهُمْ لَا مَعْنَى لِرَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَشْهُورٌ فَوَجَبَ أَنْ يُؤَوَّلَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ فَيُقَالُ: إنَّهُ يَمْتَحِنُ أَبَا يُوسُفَ هَلْ يَهْتَدِي إلَى طَرِيقِ الْمُنَاظَرَةِ فَلَمَّا عَرَفَهُ أَنَّهُ يَهْتَدِي قَالَ قَوْلًا عُوِّلَ عَلَيْهِ، لَكِنْ بَقِيَ هَاهُنَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ أَخْذَ أَبِي يُوسُفَ قَوْلَهُ الثَّانِيَ يَأْبَى عَنْ رَدِّهِ إيَّاهُ عِنْدَ الْمُنَاظَرَةِ وَكَانَ يَقُولُ أَوَّلًا: يَجِبُ فِيهَا مَا يَجِبُ فِي الْمَسَانِّ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَمَالِكٍ كَمَا قَالَ الْفَاضِلُ ابْنُ كَمَالٍ الْوَزِيرُ: لَكِنْ اسْتَصْعَبَ عَلَى بَعْضِ الْفُضَلَاءِ تَصْوِيرُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ دَائِرٌ عَلَى حَوَلَانِ الْحَوْلِ وَبَعْدَ الْحَوَلَانِ لَا يَبْقَى اسْمُ الْحَمَلِ وَالْفَصِيلِ وَالْعُجُولِ فَقِيلَ: الِاخْتِلَافُ فِي انْعِقَادِ النِّصَابِ كَمَا لَوْ مَلَكَ بِالشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَصِيلًا أَوْ ثَلَاثِينَ عِجْلًا أَوْ أَرْبَعِينَ حَمَلًا هَلْ يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ أَمْ لَا يَنْعَقِدُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ بَلْ
يُعْتَبَرُ أَنَّ انْعِقَادَ الْحَوْلِ مِنْ حِينِ الْكِبَرِ وَعِنْدَ غَيْرِهِمَا يَنْعَقِدُ حَتَّى لَوْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ حِينِ مَلَكَهَا وَجَبَتْ وَقِيلَ فِي بَقَائِهِ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ السَّوَائِمُ قَبْلَ الْحَوْلِ فَهَلَكَتْ السَّوَائِمُ فَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَيْهَا هَلْ يَبْقَى حَوْلُ الْأُصُولِ عَلَى الْأَوْلَادِ فَفِي قَوْلِهِمَا لَا يَبْقَى وَفِي الْبَاقِينَ يَبْقَى (إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا كَبِيرٌ) أَيْ الْكَبِيرُ مِنْ السَّائِمَةِ التَّامَّةِ الْحَوْلِ فَيَجْعَلُونَ الصِّغَارَ تَابِعَةً لِلْكِبَارِ فِي انْعِقَادِ النِّصَابِ دُونَ تَأْدِيَةِ الزَّكَاةِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مَعَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ حَمَلًا مُسِنَّةٌ وَاحِدَةٌ تَجِبُ شَاةٌ وَسَطٌ، وَتُؤْخَذُ الْمُسِنَّةُ إلَّا إذَا هَلَكَتْ فَإِنَّ الزَّكَاةَ سَقَطَتْ عَنْ الْبَاقِي عِنْدَهُمَا إذْ الْوُجُوبُ بِاعْتِبَارِهَا.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَجَبَ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءٍ مِنْ مُسِنَّةٍ.
(وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِيهَا وَاحِدَةٌ مِنْهَا) وَهُوَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ الْإِمَامِ وَبِهَا أَخَذَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا، وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الِاسْمَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْخِطَابِ يَنْتَظِمُ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ وَوَجْهُ الثَّانِي تَحْقِيقُ النَّظَرِ لِلْجَانِبَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ إيجَابَ الْمُسِنَّةِ إضْرَارٌ بِأَرْبَابِ النُّصُبِ وَفِي إخْلَائِهِ عَنْ الْإِيجَابِ إضْرَارٌ بِالْفُقَرَاءِ فَقُلْنَا بِإِيجَابِ وَاحِدَةٍ مِنْهَا رِفْقًا بِالْجَانِبَيْنِ وَوَجْهُ الْأَخِيرِ أَنَّ النَّصَّ أَوْجَبَ لِلزَّكَاةِ أَسْنَانًا مُرَتَّبَةً وَلَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي الصِّغَارِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ.
(وَلَا) شَيْءَ (فِي الْحَوَامِلِ) هِيَ مَا أُعِدَّتْ لِحَمْلِ الْأَثْقَالِ (وَالْعَوَامِلِ) هِيَ مَا أُعِدَّتْ لِلْعَمَلِ (وَالْعَلُوفَةِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ مَا يُعْلَفُ مِنْ الْغَنَمِ، وَغَيْرُهَا الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ سَوَاءٌ وَبِالضَّمِّ جَمْعُ عَلَفٍ؛ لِأَنَّ النَّمَاءَ مُنْعَدِمٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَتَضَاعَفُ بِالْعَلَفِ فَيَنْعَدِمُ النَّمَاءُ مَعْنًى وَالسَّبَبُ الْمَالُ النَّامِي.
(وَكَذَا) لَا شَيْءَ (فِي السَّائِمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ) ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِاعْتِبَارِ الْغِنَى وَلَا غَنَاءَ إلَّا بِالْمِلْكِ لَا بِمِلْكِ شَرِيكِهِ (إلَّا أَنْ يَبْلُغَ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابًا) هَذَا إذَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بِالنِّصْفِ، فَلَوْ تَفَاوَتَتْ وَبَلَغَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا نِصَابًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ صَبِيٍّ وَبَالِغٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَى الْبَالِغِ.
(وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ سِنٌّ) ذَكَرَ السِّنَّ وَأَرَادَ ذَاتَ السِّنِّ وَهَذَا؛ لِأَنَّ عُمْرَ الدَّوَابِّ يُعْرَفُ بِالسِّنِّ (وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ) أَيْ الْمَالِكِ هَذِهِ الْعِبَارَةُ وَقَعَتْ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ الْمُعْتَادِ حَتَّى لَوْ دَفَعَ الْأَعْلَى أَوْ الْأَدْنَى أَوْ الْقِيمَةَ مَعَ وُجُودِ السِّنِّ جَازَ (دَفَعَ أَدْنَى مِنْهُ مَعَ الْفَضْلِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ وَأَخَذَ) الْمَالِكُ (الْفَضْلَ) أَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ وَالْمُرَادُ: أَنَّ الْمُتَصَدِّقَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ يُجْبَرُ السَّاعِي عَلَى الْقَبُولِ إلَّا إذَا دَفَعَ الْأَعْلَى وَطَلَبَ الْفَضْلَ حَيْثُ لَا يُجْبَرُ فِيهِ السَّاعِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْبَيْعَ الضِّمْنِيَّ فَلَا جَبْرَ فِيهِ وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ قَدْرَ الْوَاجِبِ أَوْ قِيمَتَهُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ أَنَّ الْمُصَدِّقَ لَا خِيَارَ لَهُ إلَّا إذَا أَعْطَاهُ بَعْضَ الْعَيْنِ لِأَجْلِ الْوَاجِبِ بِأَنْ كَانَ الْوَاجِبُ مَثَلًا بِنْتُ لَبُونٍ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ بَعْضَ الْحِقَّةِ بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ لِمَا فِيهِ مِنْ عَيْبِ التَّنْقِيصِ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَعَ الْعَيْبِ يُسَاوِي قَدْرَ الْوَاجِبِ
وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْبَابِ وَالثَّانِي أَنَّ فِيهِ إجْبَارَ الْمُصَدِّقِ عَلَى شِرَاءِ الزَّائِدِ انْتَهَى، لَكِنْ فِيهِ بَحْثٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ فِيهِ إجْبَارُ الْمُصَدِّقِ عَلَى شِرَاءِ الزَّائِدِ لَيْسَ بِسَدِيدٍ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَيْضًا مُخَيَّرٌ، غَايَتُهُ أَنَّ الْمُصَدِّقَ يُعْرِضُ عَلَى الْآخِذِ هَذَا فَإِنْ قَبِلَهُ فَبِهَا، وَإِلَّا يَتَوَجَّهُ إلَى آخَرَ وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى شَيْءٍ إذَا دَفَعَ الْأَعْلَى (وَقِيلَ الْخِيَارُ لِلسَّاعِي) وَالْأَوْلَى مَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا وَالسَّاعِي مَنْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ لِأَخْذِ الصَّدَقَاتِ.
(وَيَجُوزُ دَفْعَ الْقِيَمِ فِي الزَّكَاةِ) حَتَّى لَوْ أَدَّى ثَلَاثَةَ شِيَاهٍ سِمَانٍ عَنْ أَرْبَعٍ وَسَطٍ جَازَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ مِثْلِيًّا بِأَنْ أَدَّى أَرْبَعَةَ أَقْفِزَةٍ جَيِّدَةٍ عَنْ خَمْسَةٍ وَسَطٍ وَهِيَ تُسَاوِيهَا لَا يَجُوزُ أَوْ كِسْوَةً بِأَنْ أَدَّى ثَوْبًا يَعْدِلُ ثَوْبَيْنِ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَنْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا فِي الضَّحَايَا وَالْعِتْقِ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي الْأُضْحِيَّةِ مُقَيَّدٌ بِبَقَاءِ أَيَّامِ النَّحْرِ وَأَمَّا بَعْدَهَا فَيَجُوزُ (وَالْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ وَالْكَفَّارَاتُ وَالنَّذْرُ) هُوَ بِأَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهَذَا الْخُبْزِ فَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِشَاتَيْنِ وَسَطَيْنِ فَتَصَدَّقَ بِشَاةٍ تَعْدِلُهُمَا جَازَ أَمَّا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ شَاتَيْنِ وَسَطَيْنِ أَوْ يُعْتِقَ عَبْدَيْنِ فَأَهْدَى شَاةً أَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا يُسَاوِي قِيمَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَسَطَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ (وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ) يَعْنِي أَدَاءَ الْقِيمَةِ مَكَانَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِيمَا ذَكَرَ جَائِزٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لَهُ النُّصُوصُ، وَالْقِيَاسُ عَلَى الْهَدْي وَالْأُضْحِيَّةِ وَلَنَا تَجْوِيزُهُ عليه الصلاة والسلام لِأَمِيرِ الْيَمَنِ أَنْ يَأْخُذَ الثِّيَابَ بَدَلَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَالَ: فَإِنَّهُ أَيْسَرُ عَلَى النَّاسِ وَنَفْعٌ لِلْمُهَاجِرَيْنِ بِالْمَدِينَةِ وَلَيْسَ أَنَّ الْقِيمَةَ بَدَلٌ عَنْ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الْمَصِيرَ إلَى الْبَدَلِ إنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِ الْأَصْلِ وَأَدَاءُ الْقِيمَةِ مَعَ وُجُودِ عَيْنِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ جَائِزٌ فَكَانَ الْوَاجِبُ عِنْدَنَا أَحَدَهُمَا: إمَّا الْعَيْنُ أَوْ الْقِيمَةُ.
(وَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِهَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَ الْحَوْلِ) وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ أَوْ الظَّاهِرَةِ قَبْلَ طَلَبِ السَّاعِي عِنْدَنَا اتِّفَاقًا وَبَعْدَ الطَّلَبِ قِيلَ تَسْقُطُ وَلَا يَضْمَنُ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ يَضْمَنُ وَعَلَى هَذَا الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا هَلَكَتْ الْبَاطِنَةُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لَا تَسْقُطُ، قَيَّدَ بِهَلَاكِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِاسْتِهْلَاكِ النِّصَابِ وَكَذَا إذَا لَحِقَهُ الدَّيْنُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ.
(وَإِنْ هَلَكَ بَعْضُهُ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ) لِبَقَاءِ جُزْءٍ يَصْلُحُ لَهَا فَلَوْ هَلَكَ مِنْ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ مِنْ الْغَنَمِ مَا سِوَى الْأَرْبَعِينَ لَكَانَ الْوَاجِبُ شَاةً.
وَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ وَجَدَ مِثْلَهُ اُسْتُؤْنِفَ مِنْهُ الْحَوْلُ (وَيَصْرِفُ الْهَالِكَ إلَى الْعَفْوِ أَوَّلًا) وَهُوَ مَا فَوْقَ النِّصَابِ فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْهَالِكُ الْعَفْوَ فَالْوَاجِبُ عَلَى حَالِهِ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ يَكُونُ الْوَاجِبُ فِيهَا شَاةً، وَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِي خَمْسٍ مِنْ التِّسْعِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْأَرْبَعُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الشَّاةِ (ثُمَّ إلَى نِصَابٍ يَلِيهِ) فَإِنْ جَاوَزَ الْهَالِكُ الْعَفْوَ يُصْرَفُ إلَى نِصَابٍ يَلِيهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ بَعِيرًا فَالْأَرْبَعَةُ تُصْرَفُ إلَى الْعَفْوِ ثُمَّ أَحَدَ عَشَرَ إلَى النِّصَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ
خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ إلَى سِتٍّ وَثَلَاثِينَ حَتَّى تَجِبَ بِنْتُ مَخَاضٍ (ثُمَّ وَثُمَّ) إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ (عِنْدَ الْإِمَامِ) كَمَا لَوْ هَلَكَ عِشْرُونَ مِنْهَا فَفِي الْبَاقِي أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَلَوْ هَلَكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَفِي الْبَاقِي ثَلَاثَةُ شِيَاهٍ وَلَوْ هَلَكَ ثَلَاثُونَ فَفِي الْبَاقِي شَاتَانِ وَلَوْ هَلَكَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ فَفِي الْبَاقِي شَاةٌ.
(وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُصْرَفُ) الْهَالِكُ (بَعْدَ الْعَفْوِ الْأَوَّلِ إلَى النُّصُبِ) أَيْ إلَى كُلِّ النِّصَابِ حَالَ كَوْنِهِ (شَائِعًا) كَمَا لَوْ هَلَكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْهَا فَتَجِبُ فِي الْبَاقِي خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ بِنْتِ لَبُونٍ عِنْدَهُ كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ الزَّائِدَةُ عَفْوًا فَيُصْرَفُ الْهَالِكُ إلَى الْأَرْبَعَةِ أَوَّلًا ثُمَّ الْهَلَاكُ يَشِيعُ فِي الْكُلِّ فَيَسْقُطُ بِقَدْرِ الْهَالِكِ (وَالزَّكَاةُ تَتَعَلَّقُ بِالنِّصَابِ دُونَ الْعَفْوِ) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ.
(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) وَزُفَرَ (بِهِمَا) أَيْ بِالنِّصَابِ وَالْعَفْوِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ شُكْرًا لِنِعْمَةِ الْمَالِ وَالْكُلُّ نِعْمَةٌ وَلِلشَّيْخَيْنِ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ وَلَيْسَ فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا» وَهَكَذَا قَالَ فِي كُلِّ نِصَابٍ نَفَى الْوُجُوبَ عَنْ الْعَفْوِ وَفَرَّعَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فَقَالَ (فَلَوْ هَلَكَ بَعْدَ الْحَوْلِ أَرْبَعُونَ مِنْ ثَمَانِينَ شَاةٍ تَجِبُ شَاةٌ كَامِلَةٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ نِصْفُ شَاةٍ) ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ يُصْرَفُ إلَى الْعَفْوِ فَقَطْ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُصْرَفُ إلَيْهِمَا.
(وَلَوْ هَلَكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ بَعِيرًا تَجِبُ بِنْتُ مَخَاضٍ) لِمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا.
(وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ: خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ مِنْ بِنْتِ لَبُونٍ) لِمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا.
(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ نِصْفُ بِنْتِ لَبُونٍ وَثَمَنُهَا) ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ يُصْرَفُ إلَيْهِمَا جَمِيعًا فَإِذَا هَلَكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ بَقِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَيَجِبُ نِصْفٌ وَثُمُنٌ مِنْ بِنْتِ لَبُونٍ: اعْلَمْ أَنَّ صَرْفَ الْهَلَاكِ إلَى الْعَفْوِ يُتَصَوَّرُ فِي جَمِيعِ الْأَمْوَالِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا فَلَا إلَّا فِي السَّوَائِمِ.
(وَيَأْخُذُ السَّاعِي الْوَسَطَ) رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ بِلَا جَبْرٍ (لَا الْأَعْلَى وَلَا الْأَدْنَى) حَتَّى لَوْ وَجَبَتْ بِنْتُ لَبُونٍ مَثَلًا لَا يَأْخُذُ خِيَارَ بِنْتِ لَبُونٍ وَلَا أَرْدَأَهَا وَإِنَّمَا يَأْخُذُ وَسَطَ بِنْتِ لَبُونٍ.
(وَلَوْ أَخَذَ الْبُغَاةُ) الْأَخْذُ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا حَتَّى لَوْ لَمْ يَأْخُذُوا مِنْهُ الْخَرَاجَ وَغَيْرَهُ سِنِينَ وَهُوَ عِنْدَهُمْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ أَيْضًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (زَكَاةَ السَّوَائِمِ أَوْ الْعُشْرَ أَوْ الْخَرَاجَ)(يُفْتَى أَرْبَابُهَا أَنْ يُعِيدُوهَا خِفْيَةً) أَيْ يُؤَدُّونَهَا إلَى مُسْتَحَقِّيهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إخْفَاءً وَسِرًّا (إنْ لَمْ يَصْرِفُوهَا فِي حَقِّهَا إلَّا الْخَرَاجَ) ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ يُصْرَفُ إلَى الْمُقَاتِلَةِ وَهُمْ مِنْهُمْ إذْ أَهْلُ الْبَغْيِ يُقَاتِلُونَ أَهْلَ الْحَرْبِ