الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: ظُهْرَ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: ظُهْرَ الْوَقْتِ وَكَانَ خَارِجًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ لَا يُجْزِيهِ بِخِلَافِ ظُهْرِ الْيَوْمِ.
(وَالْمُقْتَدِي يَنْوِي الْمُتَابَعَةَ أَيْضًا) بِأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ عَصْرَ هَذَا الْيَوْمِ مُقْتَدِيًا بِهَذَا الْإِمَامِ أَوْ بِمَنْ هُوَ إمَامِي وَلَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ، وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ مَنْ هُوَ أَوْ هُوَ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو جَازَ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْغَائِبِ انْتَهَى لَكِنْ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَنَاقُضٌ فِي الظَّاهِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَنَقُولُ: إنَّ فِي الْأُولَى شَخْصُ الْإِمَامِ مَعْلُومٌ غَايَتُهُ أَنَّ الْخَطَأَ فِي تَعْيِينِ اسْمِهِ.
وَفِي الثَّانِيَةِ يَعْرِفُ أَنَّهُ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو فَاقْتَدَى بِزَيْدٍ مَعْلُومٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو مَعْلُومٌ لَمْ يَجُزْ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الِاقْتِدَاءُ.
(وَلِلْجِنَازَةِ يَنْوِي الصَّلَاةَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ) بِأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُصَلِّيَ لَك وَأَدْعُوَ لِهَذَا الْمَيِّتِ فَيَسِّرْهَا لِي وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْجِنَازَةَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى يَقُولُ: أُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ عَلَى الْمَيِّتِ الَّذِي يُصَلَّى عَلَيْهِ.
(وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ) فَإِنَّ نِيَّةَ عَدَدِ رَكَعَاتِهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ التَّعْيِينِ يُغْنِي عَنْهُ وَلَوْ نَوَى الْفَجْرَ أَرْبَعًا جَازَ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ بِلَفْظِ الْمَاضِي، وَلَوْ فَارِسِيًّا؛ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ فِي الْإِنْشَاءَاتِ وَتَصِحُّ بِلَفْظِ الْحَالِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]
أَيْ مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ وَهَذَا شُرُوعٌ فِي الْمَقْصُودِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ مُقَدَّمَاتِهِ قِيلَ الصِّفَةُ وَالْوَصْفُ وَاحِدٌ فِي اللُّغَةِ وَفِي عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّ الْوَصْفَ ذِكْرُ مَا يُوصَفُ بِهِ، وَالصِّفَةُ هِيَ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِذَاتِ الْمَوْصُوفِ فَقَوْلُ الْقَائِلِ: زَيْدٌ عَالِمٌ وَصْفٌ لِزَيْدٍ لَا صِفَةٌ لَهُ، وَالْعِلْمُ الْقَائِمُ بِهِ صِفَتُهُ لَا وَصْفُهُ ثُمَّ الْمُرَادُ هُنَا بِصِفَةِ الصَّلَاةِ الْأَوْصَافُ النَّفْسِيَّةُ لَهَا وَهِيَ الْأَجْزَاءُ الْعَقْلِيَّةُ الصَّادِقَةُ عَلَى الْخَارِجِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْهُوِيَّةِ مِنْ الْقِيَامِ الْجُزْئِيِّ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَبِهَذَا التَّحْقِيقِ ظَهَرَ عَدَمُ قِيَامِ الْعَرْضِ بِالْعَرْضِ وَإِضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ كَمَا تَوَهَّمَ
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِثُبُوتِ الشَّيْءِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ الْعَيْنُ، وَهِيَ مَاهِيَّةُ الشَّيْءِ، وَالْعَيْنُ هُنَا الصَّلَاةُ، وَالرُّكْنُ، وَهُوَ جُزْءُ الْمَاهِيَّةِ كَالْقِيَامِ، وَالْحُكْمُ وَهُوَ الْأَمْرُ الثَّابِتِ بِالشَّيْءِ كَجَوَازِهِ وَفَسَادِهِ وَثَوَابِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَهُوَ الْآدَمِيُّ الْمُكَلَّفُ، وَشَرْطُهُ كَالطَّهَارَةِ، وَالسَّبَبُ كَالْوَقْتِ (فَرْضُهَا) يَعْنِي مَا لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ (التَّحْرِيمَةُ) وَهُوَ جَعْلُ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ قَبْلَهَا حَرَامًا بِهَا، وَالتَّاءُ لِلْمُبَالَغَةِ.
(وَهِيَ شَرْطٌ) عِنْدَهُمَا، وَفَرْضٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَفَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا فَسَدَتْ الْفَرِيضَةُ تَنْقَلِبُ نَفْلًا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لَا.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا رُكْنٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ فَرْضُ الصَّلَاةِ لِيَشْمَلَ الرُّكْنَ
وَالشَّرْطَ، فَإِنَّ الْفَرْضَ أَعَمُّ مِنْهُمَا (وَالْقِيَامُ) أَيْ قِيَامٌ وَاحِدٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ فَاللَّامُ لِلْعَهْدِ (وَالْقِرَاءَةُ) لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَاخْتُلِفَ فِي رُكْنِيَّتِهَا فَذَهَبَ صَاحِبُ الْحَاوِي إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِرُكْنٍ، وَالْجُمْهُورُ أَنَّهَا رُكْنٌ زَائِدٌ، وَهُوَ مَا يَسْقُطُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَالْمُقْتَدِي لَا أَصْلِيٌّ، وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا لِضَرُورَةٍ.
وَفِي التَّلْوِيحِ أَنَّ مَعْنَى الرُّكْنِ الزَّائِدِ هُوَ الْجُزْءُ الَّذِي إذَا انْتَفَى كَانَ الْحُكْمُ الْمُرَكَّبُ بَاقِيًا بِحَسَبِ اعْتِبَارِ الشَّرْعِ، وَهَذَا قَدْ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْكَيْفِيَّةِ كَالْإِقْرَارِ فِي الْإِيمَانِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْكَمِّيَّةِ كَالْأَقَلِّ فِي الْمُرَكَّبِ مِنْ الْأَكْثَرِ حَيْثُ يُقَالُ: لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ مُخَالَفَةُ ابْنِ الْمَلِكِ الْجُمْهُورَ بِجَعْلِ الْقِرَاءَةِ رُكْنًا أَصْلِيًّا (وَالرُّكُوعُ) وَهُوَ الِانْحِنَاءُ وَالْمَيْلُ (وَالسُّجُودُ) وَهُوَ وَضْعُ الْجَبْهَةِ أَوْ الْأَنْفِ عَلَى الْأَرْضِ بِطَرِيقِ الْخُضُوعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] وَالْمُرَادُ بِالسُّجُودِ السَّجْدَتَانِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ يَدُلُّ عَلَى الْعَدَدِ عَنْ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ عُلَمَاؤُنَا كَذَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا: هُوَ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ لَمْ يُعْقَلْ لَهُ مَعْنًى.
(وَالْقُعُودُ الْأَخِيرُ قَدْرَ) مَا يُقْرَأُ فِيهِ (التَّشَهُّدُ)«لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِعَبْدِ اللَّهِ إذَا رَفَعْت رَأْسَك مِنْ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ وَقَعَدْت قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُك» عَلَّقَ تَمَامَ الصَّلَاةِ بِهَا قَرَأَ التَّشَهُّدَ أَوْ لَا وَقِيلَ: مِقْدَارَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَقِيلَ: أَدْنَى مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَالرُّكُوعِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ
(وَهِيَ) أَيْ هَذِهِ الْأَفْعَالُ مَا عَدَا التَّحْرِيمَةَ (أَرْكَانٌ) رُكْنُ الشَّيْءِ مَا يَقُومُ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَفِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ أَنَّ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةَ فَرْضٌ لَا رُكْنٌ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الْمَاهِيَّةِ عَلَيْهَا شَرْعًا؛ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي يَحْنَثُ بِالرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ بِدُونِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْقَعْدَةِ انْتَهَى
لَكِنْ أَقُولُ: يُمْكِنُ تَوْجِيهُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُرَادَ مِنْ الرُّكْنِ الرُّكْنُ الزَّائِدُ لَا الْأَصْلِيُّ كَمَا تَقَرَّرَ آنِفًا وَبِهَذَا تَبَيَّنَ قُصُورُ مَا قِيلَ: إنَّ هَذِهِ الْأَرْكَانَ أَصْلِيَّةٌ.
(وَالْخُرُوجُ) مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ التَّحْرِيمَةِ (بِصُنْعِهِ) أَيْ بِفِعْلِهِ الِاخْتِيَارِيِّ الْمُنَافِي لِصَلَاتِهِ (فَرْضٌ) عِنْدَ الْإِمَامِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْبَرْدَعِيُّ أَخَذَهُ مِنْ اثْنَيْ عَشْرِيَّةَ الْآتِيَةِ (خِلَافًا لَهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ قَدْ يَكُونُ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا يَجُوزُ وَصْفُهُ بِالْفَرْضِيَّةِ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ إنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ