الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّ الِانْعِقَادَ بِالشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِتَمَامِ الرَّكْعَةِ إذْ مَا دُونَهَا لَيْسَ بِصَلَاةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِبَقَاءِ النِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ وَلَا بِمَا دُونَ الثَّلَاثَةِ مِنْ الرِّجَالِ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ.
وَفِي النَّوَادِرِ لَوْ خَطَبَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَنَفَرَ النَّاسُ وَجَاءَ آخَرُونَ فَيُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ أَجْزَأَهُمْ لِأَنَّهُ خَطَبَ وَالْقَوْمُ حُضُورٌ وَصَلَّى وَالْقَوْمُ حُضُورٌ فَيَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ (وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْتَأْنِفُهَا) أَيْ صَلَاةَ الظُّهْرِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ وَقَدْ انْعَقَدَتْ فَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُهَا كَالْخُطْبَةِ (إلَّا إنْ نَفَرُوا قَبْلَ شُرُوعِهِ) فَحِينَئِذٍ يَسْتَأْنِفُ الظُّهْرَ اتِّفَاقًا.
(وَتَبْطُلُ) الْجُمُعَةُ (بِخُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ) فَيُقْضَى الظُّهْرُ وَلَا تُقَامُ الْجُمُعَةُ.
[شَرْطُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ]
(وَشَرْطُ وُجُوبِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (سِتَّةٌ الْإِقَامَةُ بِمِصْرٍ) فَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ وَإِنْ عَزَمَ أَنْ يَمْكُثَ فِيهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ الْقَرَوِيِّ الْعَازِمِ فِيهِ فَإِنَّهُ كَأَهْلِ الْمِصْرِ (وَالذُّكُورَةُ) فَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِلنَّهْيِ عَنْ الْخُرُوجِ سِيَّمَا إلَى مَجْمَعِ الرِّجَالِ (وَالصِّحَّةُ) فَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَرِيضِ وَمِثْلُهُ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الضَّعِيفُ (وَالْحُرِّيَّةُ) فَلَا تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ وَالْعَبْدِ الَّذِي حَضَرَ بَابَ الْجَامِعِ لِيَحْفَظَ دَابَّتَهُ قِيلَ: تَجِبُ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ: لَا تَجِبُ.
(وَسَلَامَةُ الْعَيْنَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّ إحْدَاهُمَا لَوْ لَمْ تَسْلَمْ فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَعْمَى وَلَا بِمُقْعَدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْمُثَنَّى أَبْطَلَتْ مَعْنَى التَّثْنِيَةِ كَالْجَمْعِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُفْرَدِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ شَرَائِطِهِ الْمَخْصُوصَةِ وَمَنْ رَامَ ذِكْرَ مُطْلَقِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ الْعَقْلَ وَالْبُلُوغَ وَالْإِسْلَامَ أَيْضًا وَكَذَا لَا يُخَاطَبُ بِهَا الْمَحْبُوسُ وَالْخَائِفُ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ اللُّصُوصِ وَكَذَا مَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَطَرٌ شَدِيدٌ أَوْ الثَّلْجُ أَوْ الْوَحْلُ أَوْ نَحْوُهَا (فَلَا تَجِبُ عَلَى الْأَعْمَى) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَسَلَامَةُ الْعَيْنَيْنِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (وَجَدَ قَائِدًا) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ قَادِرًا بِغَيْرِهِ (خِلَافًا لَهُمَا) لِأَنَّ الْأَعْمَى بِوَاسِطَةِ الْقَائِدِ قَادِرٌ عَلَى السَّعْيِ وَكَذَا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ.
(وَكَذَا الْخِلَافُ فِي الْحَجِّ) لَكِنْ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ فِي الْعُيُونِ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ عَلَى الْأَعْمَى الْجُمُعَةَ وَالْحَجَّ إذَا كَانَ لَهُ قَائِدٌ أَوْ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ بِهِ الْحَجَّ وَمَنْ يَحُجُّ مَعَهُ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ الْأَعْمَى إذَا وَجَدَ قَائِدًا يَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ كَالصَّحِيحِ الضَّالِّ إذَا وَجَدَ دَالًّا.
(وَمَنْ هُوَ خَارِجُ الْمِصْرِ) مُنْفَصِلًا عَنْهُ (إنْ كَانَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ) مِنْ الْمُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتٍ (تَجِبُ عَلَيْهِ) الْجُمُعَةُ (عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَبِهِ يُفْتِي) فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِأَنَّهُ صَرَّحَ صَاحِبُ الْفَتْحِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تَجِبُ فِي ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْرِ مِيلٍ وَقِيلَ: قَدْرِ مِيلَيْنِ وَقِيلَ: سِتَّةٍ.
وَفِي الْوَلْوَالِجِيِّ أَنَّ الْمُخْتَارَ لِلْفَتْوَى قَدْرُ الْفَرْسَخِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الْعَامَّةِ وَهُوَ
ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَقِيلَ: إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَحْضُرَ الْجُمُعَةَ وَيَبِيتَ بِأَهْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ أَحْسَنُ.
وَفِي الْبَحْرِ وَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْأَحْوَطُ.
(وَمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ إنْ أَدَّاهَا أَجْزَأَتْهُ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ) لِأَنَّ السُّقُوطَ لِلتَّخْفِيفِ فَصَارَ كَالْمُسَافِرِ إذَا صَامَ لَكِنْ فِي هَذَا الْقَوْلِ نَوْعُ خَلَلٍ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَهُ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَيَّدَ بِالْمُكَلَّفِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ تَدَبَّرْ.
(وَالْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ وَالْعَبْدُ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ عُذْرَ الْحَرَجِ لَمَّا زَالَ بِحُضُورِهِمْ وَقَعَتْ جُمُعَتُهُمْ فَرْضًا فَتَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ لِكَوْنِهِمْ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ (وَتَنْعَقِدُ) الْجُمُعَةُ (بِهِمْ) أَيْ بِحُضُورِهِمْ فَحَسْبُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
(وَمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَهَا) يَعْنِي إذَا صَلَّى غَيْرُ الْمَعْذُورِ الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ قَبْلَ أَدَاءِ النَّاسِ الْجُمُعَةَ (جَازَ) الظُّهْرُ لِأَنَّهُ أَدَّى فَرْضَ الْوَقْتِ فَوَقَعَ مَوْقِعَهُ.
وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْفَرْضَ عَلَيْهِ هِيَ الْجُمُعَةُ وَالظُّهْرُ خَلَفَ عَنْهَا وَلَا صِحَّةَ لِلْخَلَفِ مَعَ قُدْرَةِ الْأَصْلِ (مَعَ الْكَرَاهَةِ) .
وَفِي الْفَتْحِ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُرَادِ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَصَحَّتْ الظُّهْرُ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْفَرْضَ الْقَطْعِيَّ بِاتِّفَاقِهِمْ الَّذِي هُوَ آكَدُ مِنْ الظُّهْرِ فَكَيْفَ لَا يَكُونُ مُرْتَكِبًا مُحَرَّمًا غَيْرَ أَنَّ الظُّهْرَ تَقَعُ صَحِيحَةً انْتَهَى لَكِنْ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: الْحَرَامُ إنَّمَا هُوَ تَفْوِيتُ الْجُمُعَةِ لَا صَلَاةِ الظُّهْرِ قَبْلَهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ التَّفْوِيتُ لَكِنْ لَمَّا كَانَ سَبَبًا لِلتَّفْوِيتِ بِاعْتِبَارِ اعْتِمَادِهِ عَلَيْهَا كُرِهَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ بِغَيْرِ عُذْرٍ مَكْرُوهٌ حَتَّى يَلْزَمَ مَا ذُكِرَ (ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ أَدَاءِ الظُّهْرِ (إذَا سَعَى إلَيْهَا) الْجُمُعَةِ (وَالْإِمَامُ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ (تَبْطُلُ) صَلَاةُ (ظُهْرِهِ) بِمُجَرَّدِ سَعْيِهِ إلَيْهَا عِنْدَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ أَدْرَكَهَا أَوْ لَا لِأَنَّ السَّعْيَ مِنْ فَرَائِضِ الْجُمُعَةِ وَخَصَائِصِهَا لِلْأَمْرِ وَالِاشْتِغَالَ بِفَرَائِضِ الْجُمُعَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِهَا يُبْطِلُ الظُّهْرَ كَالتَّحْرِيمَةِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي السَّعْيِ الِانْفِصَالُ عَنْ دَارِهِ فَلَا تَبْطُلُ قَبْلَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ وَالْمَعْذُورُ كَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ وَالْمُقْعَدُ سَوَاءٌ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ (وَقَالَا: لَا تَبْطُلُ مَا لَمْ يُدْرِكْ الْجُمُعَةَ وَيَشْرَعْ فِيهَا) لِأَنَّ السَّعْيَ دُونَ الظُّهْرِ فَلَا تَنْقُضُهُ بَعْدَ تَمَامِهِ وَالْجُمُعَةُ فَوْقَهُ فَتَنْقُضُهُ فَصَارَ كَالْمُتَوَجِّهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَيَشْرَعُ فِيهَا لِأَنَّ الْإِدْرَاكَ بِدُونِ الشُّرُوعِ لَمْ يُبْطِلْ عِنْدَهُمَا وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: مَا لَمْ يَشْرَعْ لَكَانَ أَخْصَرَ.
(وَكُرِهَ لِلْمَعْذُورِ وَالْمَسْجُونِ أَدَاءُ الظُّهْرِ بِجَمَاعَةٍ فِي الْمِصْرِ يَوْمَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ سَوَاءٌ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِخْلَالِ بِالْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا جَامِعَةٌ لِلْجَمَاعَاتِ قَيَّدَ بِالْمِصْرِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ فِي حَقِّ أَهْلِ السَّوَادِ وَتَخْصِيصُهَا بِالذِّكْرِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ بَلْ لِيُعْلَمَ مِنْهُ الْحُكْمُ فِي غَيْرِهِمَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ.
(وَمَنْ أَدْرَكَهَا) أَيْ الْجُمُعَةَ (فِي التَّشَهُّدِ أَوْ سُجُودِ السَّهْوِ يُتِمُّ جُمُعَةً) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ.
(وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُتِمُّ ظُهْرًا إنْ لَمْ يُدْرِكْ أَكْثَرَ الثَّانِيَةِ) بِأَنْ
أَدْرَكَهُ بَعْدَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ الْإِمَامُ مِنْ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ جُمُعَةٌ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهُ نَوَى الْجُمُعَةَ لَا إدْرَاكَ جُزْءٍ مِنْهَا وَظُهْرٌ مِنْ وَجْهٍ لِانْعِدَامِ شَرْطِ الْجُمُعَةِ فِيمَا يَقْضِيهِ فَبِاعْتِبَارِ الْجُمُعَةِ تُفْتَرَضُ الْقَعْدَةُ عَلَى رَأْسِ الثَّانِيَةِ وَالْقِرَاءَةُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ وَبِاعْتِبَارِ الظُّهْرِ لَا تُفْتَرَضُ فَوَجَبَتْ الْقَعْدَةُ وَالْقِرَاءَةُ فِي الْكُلِّ احْتِيَاطًا وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا وَمَنْ أَدْرَكَهُمْ قُعُودًا صَلَّى أَرْبَعًا» وَلَهُمَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ» وَالْمُرَادُ مِنْ الْقَعْدَةِ فِيمَا رَوَاهُ قُعُودٌ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ قُعُودًا فِي الصَّلَاةِ؛ وَالْجُمُعَةُ وَالظُّهْرُ مُخْتَلِفَانِ فَلَا يَبْنِي أَحَدُهُمَا عَلَى تَحْرِيمَةِ الْآخَرِ.
(وَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ) أَيْ صَعِدَ عَلَى الْمِنْبَرِ لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ (فَلَا صَلَاةَ) فَمَنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ فَإِنْ كَانَتْ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتِمُّ وَلَا يَقْطَعُ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجِيِّ.
(وَلَا كَلَامَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَقَالَا يُبَاحُ الْكَلَامُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُطْبَةِ) لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلْإِخْلَالِ بِفَرْضِ الِاسْتِمَاعِ وَلَا اسْتِمَاعَ هُنَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا تَمْتَدُّ فَتُفْضِي إلَى الْإِخْلَالِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ الْكَلَامِ إذَا نَزَلَ حَتَّى يُكَبِّرَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْفَتْحِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي الْخُطْبَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَشْغَلُهُ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَكَانَ إحْرَازًا بِفَضِيلَتَيْنِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
(وَيَجِبُ السَّعْيُ وَتَرْكُ الْبَيْعِ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ) وَالْوَاقِعِ عَقِيبَ الزَّوَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] وَقِيلَ بِالْأَذَانِ الثَّانِي لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ مُخْتَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ انْتَظَرَ الْأَذَانَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ يَفُوتُهُ أَدَاءُ السُّنَّةِ وَسَمَاعُ الْخُطْبَةِ وَرُبَّمَا يُفَوِّتُ الْجُمُعَةَ إذَا كَانَ بَيْتُهُ بَعِيدًا مِنْ الْجَامِعِ.
(فَإِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أُذِّنَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثَانِيًا) وَبِذَلِكَ جَرَى التَّوَارُثُ (وَاسْتَقْبَلُوهُ مُسْتَمِعِينَ) مُنْصِتِينَ سَوَاءٌ كَانُوا قَرِيبِينَ أَوْ بَعِيدِينَ فِي الْأَصَحِّ فَلَا يُشَمِّتُونَ عَاطِسًا وَلَا يَرُدُّونَ سَلَامًا وَلَا يَقْرَءُونَ قُرْآنًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَرُدُّونَ السَّلَامَ وَيُشَمِّتُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَا دَامَ الْخَطِيبُ فِي حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالْمَوَاعِظِ فَعَلَيْهِمْ الِاسْتِمَاعُ فَإِذَا أَخَذَ فِي مَدْحِ الظَّلَمَةِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ فَلَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ.
(فَإِذَا أَتَمَّ) الْخَطِيبُ (الْخُطْبَةَ أُقِيمَتْ) وَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ