الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِنْ أَحْيَا مَوَاتًا) أَيْ أَحْيَا الْمُسْلِمُ الْأَرْضَ الَّتِي لَا مَالِكَ لَهَا وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَاحِدٌ (يُعْتَبَرُ قُرْبُهُ) فَإِنْ قَرُبَ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ فَخَرَاجِيٌّ أَوْ أَرْضِ الْعُشْرِ فَعُشْرِيٌّ، وَتَذْكِيرُ الضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) لِأَنَّ مَا قَرُبَ مِنْ الشَّيْءِ يَأْخُذُ حُكْمَهُ كَفِنَاءِ الدَّارِ لِصَاحِبِهَا الِانْتِفَاعُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لَهُ، وَلِذَا لَا يَجُوزُ إحْيَاءُ مَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ.
(وَ) يُعْتَبَرُ (مَاؤُهُ) وَتَذْكِيرُهُ كَمَا مَرَّ بِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ (عِنْدَ مُحَمَّدٍ) فَإِنْ أَحْيَاهَا بِمَاءِ خَرَاجٍ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ وَإِلَّا فَعُشْرِيَّةٌ وَلَوْ قَيَّدَ بِالْمُسْلِمِ كَمَا قَيَّدْنَا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْكَافِرَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ مُطْلَقًا، فَلِهَذَا صَرَّحَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ فَقَالَ وَكُلٌّ مِنْ الْأَرَاضِي الْعُشْرِيَّةِ وَالْخَرَاجِيَّةِ إنْ سُقِيَ بِمَاءِ الْعُشْرِ أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ إلَّا أَرْضَ كَافِرٍ تُسْقَى بِمَاءِ الْعُشْرِ حَيْثُ يُؤْخَذُ مِنْهَا الْخَرَاجُ لِأَنَّهُ وَظِيفَتُهُ وَإِنْ سُقِيَ بِمَاءِ الْخَرَاجِ أُخِذَ مِنْهُ الْخَرَاجُ.
[الْخَرَاجُ نَوْعَانِ]
(وَالْخَرَاجُ نَوْعَانِ) أَحَدُهُمَا (خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الْخَارِجِ كَالْخُمْسِ وَنَحْوِهِ كَالرُّبْعِ وَالثُّلُثِ وَالنِّصْفِ وَلَا يُزَادُ عَلَى النِّصْفِ (فَيَتَعَلَّقُ بِالْخَارِجِ كَالْعُشْرِ) أَيْ كَتَعَلُّقِهِ بِالْخَارِجِ إلَّا أَنَّهُ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْخَرَاجِ لِأَنَّهُ خَرَاجٌ حَقِيقَةً كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ.
(وَ) الثَّانِي (خَرَاجُ وَظِيفَةٍ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ شَيْئًا فِي الذِّمَّةِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ (وَلَا يُزَادُ عَلَى مَا وَضَعَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى السَّوَادِ) أَيْ سَوَادِ الْعِرَاقِ (لِكُلِّ جَرِيبٍ) وَقَيَّدَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ بِقَوْلِهِ يَبْلُغُهُ الْمَاءُ (صَالِحٍ لِلزَّرْعِ صَاعٌ مِنْ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ) قَيَّدَهُ بِالصَّالِحِ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي غَيْرِ الصَّالِحِ لَهَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي بُرِّ أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ وَشَعِيرٍ دِرْهَمَانِ (وَدِرْهَمٌ) عَطْفٌ عَلَى صَاعٍ (وَلِجَرِيبِ الرَّطْبَةِ) بِالْفَتْحِ الْفِصْفِصَةُ (خَمْسَةُ دَرَاهِمَ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ
سِتَّةُ دَرَاهِمَ (وَلِجَرِيبِ الْكَرْمِ أَوْ النَّخْلِ) جَمْعُ نَخْلَةٍ كَتَمْرٍ وَتَمْرَةٍ (الْمُتَّصِلِ) صِفَةُ الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ وَإِفْرَادُهُ لِأَجْلِ كَلِمَةِ أَوْ (عَشَرَةُ دَرَاهِمَ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ.
وَفِي الْكَافِي فَإِنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ مُلْتَفَّةً لَا يُمْكِنُ زِرَاعَةُ أَرْضِهَا فَهِيَ كَرْمٌ انْتَهَى، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ النَّخْلِ الْمُتَّصِلِ يَكُونُ مُسْتَدْرَكًا لِأَنَّ النَّخْلَ الْمُتَّصِلَ هُوَ الْكَرْمُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ تَدَبَّرْ (وَلِمَا سِوَاهُ) أَيْ لِمَا سِوَى مَا ذَكَرَ مِمَّا لَيْسَ تَوْظِيفُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (كَزَعْفَرَانٍ وَبُسْتَانٍ) وَهُوَ كُلُّ أَرْضٍ يَحُوطُهَا حَائِطٌ وَفِيهَا نَخِيلٌ وَأَشْجَارٌ مُتَفَرِّقَةٌ بِحَيْثُ يُمْكِنُ زِرَاعَةُ مَا بَيْنَ الْأَشْجَارِ وَإِلَّا فَهِيَ كَرْمٌ كَمَا مَرَّ آنِفًا (مَا تُطِيقُ) أَيْ يُوضَعُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ اعْتِبَارًا بِمَا وَضَعَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَإِنَّ مَا وَضَعَهُ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ (وَنِصْفُ الْخَارِجِ غَايَةُ الطَّاقَةِ) فَإِنَّ التَّنْصِيفَ عَيْنُ الْإِنْصَافِ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ.
(وَإِنْ لَمْ تُطِقْ) أَيْ الْأَرْضُ (مَا وُظِّفَ نَقَصَ) أَيْ نَقَصَ الْإِمَامُ عَنْهَا مَا لَا تُطِيقُهُ وَجَعَلَ عَلَيْهَا مَا تُطِيقُهُ (وَلَا يُزَادُ) عَلَى مَا وَظَّفَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (أَطَاقَتْ) الْأَرْضُ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) لِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِعَامِلَيْهِ لَعَلَّكُمَا حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ فَقَالَا لَا بَلْ حَمَّلْنَاهَا مَا تُطِيقُ وَلَوْ زِدْنَا لَأَطَاقَتْ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى جَوَازِ النَّقْصِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِطَاقَةِ وَعَلَى عَدَمِ جَوَازِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ أَطَاقَتْ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) يَعْنِي إذَا أَرَادَ الْإِمَامُ تَوْظِيفَ الْخَرَاجِ عَلَى الْأَرْضِ ابْتِدَاءً وَزَادَ عَلَى وَظِيفَةِ عُمَرَ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَظِيفَةَ مُقَدَّرَةٌ بِالطَّاقَةِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْكَافِي فَعَلَى هَذَا بَيْنَ مَا فِي الْمَتْنِ وَمَا فِي الْكَافِي نَوْعُ مُخَالَفَةٍ لِأَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ يُعَبِّرُ بِعِنْدَ وَمَا فِي الْكَافِي يُشْعِرُ بِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ يُعَبِّرُ بِعَنْ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الْإِمَامِ فِي الْمَتْنِ، تَتَبَّعْ. قَيَّدَ بِزِيَادَةِ التَّوْظِيفِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي صَدَرَ التَّوْظِيفُ مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوْ مِنْ إمَامٍ بِمِثْلِ وَظِيفَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ يَجُزْ إجْمَاعًا (وَلَا خَرَاجَ إنْ انْقَطَعَ عَنْ أَرْضِهِ الْمَاءُ أَوْ غَلَبَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْأَرْضِ الْمَاءُ لِأَنَّهُ فَاتَ التَّمَكُّنُ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَهُوَ النَّمَاءُ التَّقْدِيرِيُّ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ
وَكَوْنُهُ نَامِيًا فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ شَرْطٌ (أَوْ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ) سَمَاوِيَّةٌ لَا يُمْكِنُ احْتِرَازُهَا كَغَرَقٍ وَحَرْقٍ وَشِدَّةِ بَرْدٍ وَقَيَّدْنَا بِسَمَاوِيَّةٍ لَا يُمْكِنُ احْتِرَازُهَا لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ سَمَاوِيَّةٍ وَيُمْكِنُ احْتِرَازُهَا كَأَكْلِ قِرَدَةٍ وَسِبَاعٍ وَنَحْوِهِمَا أَوْ هَلَكَ الْخَارِجُ بَعْدَ الْحَصَادِ لَا يَسْقُطُ الْخَارِجُ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ.
وَفِي التَّبْيِينِ قَالُوا فِي الِاصْطِلَامِ إنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ السَّنَةِ مِقْدَارُ مَا يُمَكِّنُهُ أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ ثَانِيًا أَمَّا إذَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ قَدْرُ ذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ، وَالِاصْطِلَامُ أَنْ يَذْهَبَ كُلُّ الْخَارِجِ أَمَّا إذَا ذَهَبَ بَعْضُهُ فَإِنْ بَقِيَ مِقْدَارُ الْخَرَاجِ وَمِثْلُهُ بِأَنْ بَقِيَ مِقْدَارُ دِرْهَمَيْنِ أَوْ قَفِيزَيْنِ يَجِبُ الْخَرَاجُ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ نِصْفُهُ (وَيَجِبُ) خَرَاجٌ (إنْ عَطَّلَهَا) أَيْ أَرْضَ الْخَرَاجِ (مَالِكُهَا) وَكَانَ خَرَاجُهَا مُوَظَّفًا لِوُجُودِ التَّمَكُّنِ وَهُوَ الَّذِي فَوَّتَ الرِّيعَ مَعَ إمْكَانِ تَحْصِيلِهِ هَذَا إذَا تَمَكَّنَ الْمَالِكُ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَلَمْ يَزْرَعْهَا أَمَّا إذَا عَجَزَ مِنْ الزِّرَاعَةِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً وَيَأْخُذُ الْخَرَاجَ مِنْ نَصِيبِ الْمَالِكِ وَيُمْسِكُ الْبَاقِي لَهُ وَإِنْ شَاءَ آجَرَهَا وَأَخَذَ الْخَرَاجَ مِنْ أُجْرَتِهَا وَإِنْ شَاءَ زَرَعَهَا بِنَفَقَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَيَأْخُذُ الْخَرَاجَ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهَا وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَقْبَلُ ذَلِكَ بَاعَهَا وَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهَا الْخَرَاجَ (وَلَا يَتَغَيَّرُ) خَرَاجُهَا (إنْ أَسْلَمَ) مَالِكُهَا (أَوْ اشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - اشْتَرَوْا الْأَرْضَ الْخَرَاجِيَّةَ وَأَدَّوْا الْخَرَاجَ (وَلَا عُشْرَ فِي خَارِجِ أَرْضِ الْخَرَاجِ) لِأَنَّهَا مَعَ الْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ لَا يَجْتَمِعَانِ