الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَرَ بِمَا يُفَوِّتُ الْوَاجِبَ مَعَ إمْكَانِ حُصُولِهِ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِمَا أَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ إنْ أُرِيدَ النِّكَاحُ مُطْلَقًا فَهُوَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَا يَتِمُّ الدَّلِيلُ وَإِنْ أُرِيدَ النِّكَاحُ حَالَ التَّوَقَانِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَجِّ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ أَمْرَيْنِ تَرْكُ الْفَرْضِ وَالْوُقُوعُ فِي الزِّنَا وَمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ فِي مُطْلَقِ النِّكَاحِ لَا فِي النِّكَاحِ حَالَةَ التَّوَقَانِ بَلْ وَجْهُ دَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ وُجُوبُ الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي لَمَا قَدَّمَهُ عَلَى النِّكَاحِ وَهُوَ سُنَّةٌ فِي الْحَالِ إذْ فِي تَقْدِيمِهِ تَفْوِيتٌ لِلسُّنَّةِ وَلَا شَيْءَ فِي تَأْخِيرِهِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّرَاخِي فَحَيْثُ قَدَّمَهُ عُلِمَ أَنَّهُ فَوْرِيٌّ كَمَا قَالَ ابْنُ كَمَالِ الْوَزِيرُ وَهَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَلِذَا سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ بِالتَّأْخِيرِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) وَالشَّافِعِيِّ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لَكِنَّ التَّعْجِيلَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ وَظِيفَةُ الْعُمُرِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ أَدَّى فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ يَكُونُ مُؤَدِّيًا لَا قَاضِيًا وَلَوْ تَعَيَّنَ الْأُولَى لَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ قَاضِيًا لَا مُؤَدِّيًا فَكَانَ الْعُمُرُ كَالْوَقْتِ لِلصَّلَاةِ، وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ يَجُوزُ فَكَذَا تَأْخِيرُ الْحَجِّ إلَى آخِرِ الْعُمُرِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَفُوتَ بِالْمَوْتِ يَجُوزُ.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلَوْ لَمْ يَحُجَّ حَتَّى مَاتَ فَهَلْ يَأْثَمُ بِذَلِكَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّا جَوَّزْنَا التَّأْخِيرَ فَلَمْ يَكُنْ مُرْتَكِبًا مَحْظُورًا بَعْدَ ذَلِكَ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّا إنَّمَا جَوَّزْنَا التَّأْخِيرَ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَالْأَدَاءِ وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ وَالثَّالِثُ إنْ خَافَ الْفَقْرَ وَالضَّعْفَ وَالْكِبَرَ فَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى مَاتَ يَأْثَمُ وَإِنْ أَدْرَكَتْهُ الْمَنِيَّةُ فَجْأَةً قَبْلَ خَوْفِ الْفَوَاتِ لَمْ يَأْثَمْ وَأَمَّا إذَا ظَنَّ الْمَوْتَ بِالْأَمَارَاتِ فَيَأْثَمُ بِالْفَوْتِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِدَلِيلِ الْقَلْبِ وَاجِبٌ عِنْدَ فِقْدَانِ غَيْرِهِ.
وَفِي الْمِنَحِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِيرَ فَاسِقًا مَرْدُودَ الشَّهَادَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُعْتَمَدِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَتَوَالَى عَلَيْهِ سُنُونَ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَغِيرَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا وَلَا يَصِيرُ فَاسِقًا بِارْتِكَابِهَا مَرَّةً بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَلَيْهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْفَوْرِيَّةَ ظَنِّيَّةٌ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ الِاحْتِيَاطِ ظَنِّيٌّ وَلَوْ حَجَّ فِي آخِرِ عُمُرِهِ لَيْسَ عَلَيْهِ الْإِثْمُ بِالْإِجْمَاعِ.
وَلَوْ حَجَّ الْفَقِيرُ ثُمَّ اسْتَغْنَى لَمْ يَحُجَّ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْوُجُوبِ التَّمَكُّنُ مِنْ الْوُصُولِ إلَى مَوْضِعِ الْأَدَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَالَ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ وَفِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ يَحُجُّ ثَانِيًا.
[شُرُوط الْحَجّ]
(بِشَرْطِ) مُتَعَلِّقٍ بِفُرِضَ (إسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ وَعَقْلٍ وَبُلُوغٍ) فَلَا يُفْرَضُ عَلَى الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْحَجِّ وَلَوْ كَانَ بِمَكَّةَ وَلَا عَلَى الصَّبِيِّ وَكَذَا الْمَجْنُونُ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ كَالصَّبِيِّ وَهُوَ اخْتِيَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَذَهَبَ الدَّبُوسِيُّ إلَى أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْعِبَادَاتِ احْتِيَاطًا.
(وَصِحَّةٍ) الْمُرَادُ مِنْ الصِّحَّةِ الَّتِي اُشْتُرِطَتْ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ سَلَامَةُ الْبَدَنِ عَنْ الْآفَاتِ الْمَانِعَةِ عَنْ الْقِيَامِ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي سَفَرِ الْحَجِّ فَلَا يُفْرَضُ عَلَى مُقْعَدٍ وَزَمِنٍ وَمَفْلُوجٍ وَمَقْطُوعِ الرِّجْلَيْنِ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي الَّذِي لَا يُثَبِّتُ نَفْسَهُ عَلَى
الرَّاحِلَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُمَا وَعِنْدَهُمَا.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ يُفْرَضُ فَيَلْزَمُ الْإِحْجَاجُ بِالْمَالِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الصِّحَّةَ شَرْطُ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ شَرْطُ الْأَدَاءِ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ عَلَى الْمَرِيضِ الْإِيصَاءُ لَا عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ.
(وَقُدْرَةِ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ) وَهُمَا مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.
وَقَالَ فِي الْفَتْحِ إنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ شَرْطُ الْوُجُوبِ لَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ خِلَافَهُ وَمُرَادُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْأُصُولِ قَالُوا هُمَا مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ لَا مِنْ شُرُوطِ الْوُجُوبِ كَمَا حُقِّقَ فِي مَوْضِعِهِ. الْقُدْرَةُ عَلَى الزَّادِ أَنْ يَمْلِكَ مَا يَفِيَ النَّفَقَةَ وَحَوَائِجَ السَّفَرِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَالْقُدْرَةُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا يَفِي تَمَلُّكَهَا أَوْ إجَارَتَهَا وَفِي صُورَةِ الْإِبَاحَةِ لَا قُدْرَةَ إذْ لِلْمُبِيحِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَيَزُولُ التَّمَكُّنُ وَلَوْ كَانَ الْمُبِيحُ مَنْ لَا مِنَّةَ عَلَيْهِ كَالْقَرِيبِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ كَانَتْ الْإِبَاحَةُ مِنْ جِهَةِ مَنْ لَا مِنَّةَ عَلَيْهِ يَجِبُ وَإِلَّا فَفِيهِ قَوْلَانِ وَعِنْدَ مَالِكٍ: لَا يَجِبُ بِلَا زَادٍ وَلَا رَاحِلَةٍ بِأَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِالْكَسْبِ وَإِذَا اعْتَادَ الْمَشْيَ، وَالرَّاحِلَةُ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ الْبَعِيرُ الْقَوِيُّ عَلَى الْأَسْفَارِ وَالْأَحْمَالِ التَّامُّ الْخَلْقِ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالتَّاءُ لِلْمُبَالَغَةِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى غَيْرِ الرَّاحِلَةِ مِنْ بَغْلٍ وَحِمَارٍ لَا يَجِبُ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَإِنَّمَا صَرَّحُوا بِالْكَرَاهَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّ كُلِّ إنْسَانٍ مَا يُبَلِّغُهُ فَمَنْ قَدَرَ عَلَى رَأْسِ زَامِلَةٍ وَهِيَ الْبَعِيرُ الَّذِي يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْمُسَافِرُ طَعَامَهُ وَمَتَاعَهُ وَأَمْكَنَهُ السَّفَرُ عَلَيْهِ وَجَبَ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مُتَرَفِّهًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى مَا يُكْتَرَى بِهِ شِقُّ مَحْمِلٍ أَيْ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّ لِلْمَحْمِلِ جَانِبَيْنِ وَيَكْفِي لِلرَّاكِبِ أَحَدُ جَانِبَيْهِ وَالْمَحْمِلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأَوَّلِ وَكَسْرِ الثَّانِي أَوْ الْعَكْسِ الْهَوْدَجُ الْكَبِيرُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَكْتَرِيَ عَقَبَةً أَيْ مَا يَتَعَاقَبَانِ عَلَيْهِ فِي الرُّكُوبِ فَرْسَخًا فَرْسَخًا أَوْ مَنْزِلًا مَنْزِلًا فَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ وَهُوَ شَرْطٌ وَلَوْ قَادِرًا عَلَى الْمَشْيِ. وَاشْتِرَاطُ الْقُدْرَةِ عَلَى الزَّادِ عَامٌّ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَكِّيِّ وَأَمَّا فِيهِ فَلَا وَمَنْ حَوْلَهَا كَأَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَلْحَقُهُمْ مَشَقَّةٌ فَأَشْبَهَ السَّعْيَ إلَى الْجُمُعَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ أَصْلًا فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي حَقِّ الْكُلِّ.
وَفِي السِّرَاجِيَّةِ الْحَجُّ رَاكِبًا أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ مَاشِيًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْمَالِ الْحَرَامِ لَكِنْ لَوْ حَجّ بِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تَمْنَعُ الطَّاعَاتِ فَإِذَا أَتَى بِهَا لَا يُقَالُ إنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ شَرْطٌ عِنْدَ خُرُوجِ قَافِلَةِ بَلَدِهِ فَإِنْ مَلَكَهَا قَبْلَهُ فَلَا يَأْثَمُ بِصَرْفِهِ إلَى حَيْثُ شَاءَ.
(وَنَفَقَةِ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ) عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ لِزَادٍ وَلَوْ تَرَكَهُ لَكَانَ أَخْصَرَ (فَضَلَتْ) حَالٌ بِتَقْدِيرِ قَدْ (عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ) كَأَثَاثِ الْمَنْزِلِ وَآلَاتِ الْمُحْتَرِفِينَ وَكَالْكُتُبِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَسْكَنِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ فَلَا يَجِبُ بَيْعُهُ وَالِاكْتِفَاءُ
بِدُونِهِ بِبَعْضِ ثَمَنِهِ وَالْحَجُّ بِالْبَاقِي لَكِنْ إنْ فَعَلَ وَحَجَّ كَانَ أَفْضَلَ (وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ) بِالْكَسْرِ أَيْ مَنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهُ كَالزَّوْجَاتِ وَالْأَوْلَادِ الصِّغَارِ وَالْخَدَمِ (إلَى حِينِ عَوْدِهِ) إلَى وَطَنِهِ مِنْ ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ نَفَقَةِ يَوْمٍ بَعْدَ الْعَوْدِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ بَعْدَ عَوْدِهِ بِشَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْكَسْبُ عَقِيبَ الْقُدُومِ فَيُقَدَّرُ ذَلِكَ بِشَهْرٍ (مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ وَالْمُعْتَبَرُ غَلَبَةُ السَّلَامَةِ فِي الطَّرِيقِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَفِي الشُّمُنِّيِّ وَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ بَحْرًا لَا يَجِبُ الْحَجُّ وَلَوْ كَانَ نَهْرًا كَسَيْحُونٍ وَالْفُرَاتِ يَجِبُ.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ إنْ كَانَ الْغَالِبُ فِي الْبَحْرِ السَّلَامَةَ فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِرُكُوبِهِ يَجِبُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ أَمْنَ الطَّرِيقِ شَرْطُ الْوُجُوبِ.
وَفِي الْإِصْلَاحِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ شَرْطُ الْأَدَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَيَلْزَمُهُ الْإِيصَاءُ.
(وَ) مَعَ وُجُودِ (زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ) الَّذِي حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا أَبَدًا بِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهَارَةٍ مُسْلِمًا أَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا فَلَا يَنْضَمُّ الزَّوْجَ وَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ (لِلْمَرْأَةِ) الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ بَعْدَمَا كَانَتْ خَالِيَةً عَنْ الْعِدَّةِ أَيَّةَ عِدَّةٍ كَانَتْ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَحْرَمَ شَرْطُ الْوُجُوبِ.
وَفِي الْإِصْلَاحِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لَكِنْ فِي الْجَوْهَرَةِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَيْ الْمَحْرَمَ أَنَّهُ مِنْ شَرَائِطِ الْأَدَاءِ حَتَّى يَجِبَ الْإِيصَاءُ بِهِ (إنْ كَانَ بَيْنَهَا) أَيْ بَيْنَ مَكَانِ الْمَرْأَةِ.
(وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةَ سَفَرٍ) أَيْ مَسَافَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهَا يَجُوزُ بِلَا مَحْرَمٍ.
(وَلَا تَحُجُّ) الْمَرْأَةُ (بِلَا أَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجِ أَوْ الْمَحْرَمِ إلَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ تَحُجُّ مَعَ النِّسَاءِ الثِّقَاتِ لِحُصُولِ الْأَمْنِ بِالْمُرَافَقَةِ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «لَا تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ» ؛ وَلِأَنَّ بِدُونِ الْمَحْرَمِ يُخَافُ عَلَيْهَا الْفِتْنَةُ وَتُزَادُ بِانْضِمَامِ غَيْرِهَا إلَيْهَا فَلَا يُفِيدُ كَوْنُ النِّسَاءِ الثِّقَاتِ مَعَهَا وَهَذَا الْحَدِيثُ مُعَلَّلٌ بِدَفْعِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَالزَّوْجُ أَدْفَعُ لَهُ فَيُلْحَقُ بِالْمَحْرَمِ دَلَالَةً وَلَا خَوْفَ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْحَدِيثُ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا فِي الْفَرَائِدِ وَغَيْرِهِ فَلْيُطَالَعْ (وَشَرْطُ كَوْنِ الْمَحْرَمِ عَاقِلًا بَالِغًا) ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ عَاجِزَانِ عَنْ الصِّيَانَةِ (غَيْرَ مَجُوسِيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِلُّ نِكَاحَهَا.
(وَفَاسِقٍ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَمِينٍ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْخِزَانَةِ (وَنَفَقَتُهُ) أَيْ الْمَحْرَمِ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا لَمْ يُرَافِقْهَا لَا بِنَفَقَتِهَا وَيَجِبُ التَّزَوُّجُ عَلَيْهَا لِتَحُجَّ مَعَهُ هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ هُوَ مِنْ شَرَائِطِ الْأَدَاءِ.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَا تَجِبُ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْمَحْرَمُ بِنَفَقَتِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّزَوُّجُ هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ هُوَ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ كَمَالٍ الْوَزِيرُ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ ثُمَّ يُشْتَرَطُ أَنْ تَمْلِكَ قَدْرَ نَفَقَةِ الْمَحْرَمِ؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مَعَهَا فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهَا إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَى الْخُرُوجِ فَإِذَا تَبَرَّعَ بِهِ لَا يَسْتَوْجِبُ تَبَرُّعُهُ النَّفَقَةَ عَلَيْهَا، وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا لَا تَتَوَصَّلُ إلَى أَدَاءِ الْحَجِّ إلَّا بِهِ فَنَفَقَتُهُ أَيْضًا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي أَدَائِهِ شَرْطَ الْوُجُوبِ أَوْ شَرْطَ الْأَدَاءِ انْتَهَى، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ هُوَ مِنْ شَرَائِطِ