الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكِيلُهُ أَوْ وَلِيُّهُ قَبِلْت يَقَعُ لِلْمَوْلَى وَالْمُوَكِّلِ وَأَنْ يُضَفْ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ يَقْتَضِي إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ (وَلَوْ زَوَّجَهُ امْرَأَتَيْنِ فِي عَقْدَةٍ) وَاحِدَةٍ (لَا يَلْزَمُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) فَلَا وَجْهَ إلَى تَنْفِيذِهِمَا لِلْمُخَالَفَةِ وَلَا إلَى التَّنْفِيذِ فِي إحْدَاهُمَا غَيْرَ عَيْنٍ لِلْجَهَالَةِ وَلَا إلَى التَّعْيِينِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَتَعَيَّنَ التَّفْرِيقُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ.
وَلَوْ قَالَ لَا يَنْفُذُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُجِيزَ نِكَاحَهُمَا، أَوْ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا أَيَّتِهِمَا شَاءَ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَقَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فَيَتَعَيَّنُ التَّفْرِيقُ مُسْتَقِيمٌ؛ لِأَنَّ تَعَيُّنَهُ عِنْدَ عَدَمِ الرِّضَا فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ تَدَبَّرْ وَلَوْ زَوَّجَهُ بِعَقْدَيْنِ فَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ دُونَ الثَّانِي وَلَوْ عَيَّنَ امْرَأَةً فَزَوَّجَهَا مَعَ أُخْرَى لَزِمَتْ الْمُعَيَّنَةُ.
(وَلَوْ زَوَّجَ الْأَبُ، أَوْ الْجَدُّ الصَّغِيرَ، أَوْ الصَّغِيرَةَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فِي الْمَهْرِ) بِأَنْ زَوَّجَ الْبِنْتَ وَنَقَصَ مِنْ مَهْرِهَا أَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ وَزَادَ عَلَى مَهْرِ امْرَأَتِهِ (أَوْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ) بِأَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ أَمَةً، أَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ عَبْدًا (جَازَ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِوُجُودِ الشَّفَقَةِ (خِلَافًا لَهُمَا) ؛ لِفَوَاتِ النَّظَرِ وَالْوِلَايَةُ مُقَيَّدَةٌ بِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ بِسَوْءِ الِاخْتِيَارِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْأَبُ مَعْرُوفًا بِسُوءِ الِاخْتِيَارِ مَجَانَةً وَفِسْقًا كَانَ الْعَقْدُ بَاطِلًا اتِّفَاقًا عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (وَلَيْسَ ذَلِكَ) أَيْ تَزْوِيجُهُمَا بِالْغَبْنِ وَغَيْرِ الْكُفْءِ (لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ) .
وَفِي التَّلْوِيحِ وَلَوْ زَوَّجَهُمَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَمْ يَصِحَّ أَصْلًا فَعَلَى هَذَا قَالَ فِي الْإِصْلَاحِ وَمَنْ وَهَمَ أَنَّهُ يَصِحُّ لَكِنْ يَثْبُتُ حَقُّ الْفَسْخِ فَقَدْ وَهَمَ، انْتَهَى. لَكِنْ فِي الْجَوَاهِرِ وَيَصِحُّ تَزْوِيجُ غَيْرِهِمَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ.
وَفِي الْجَوَامِعِ وَبِغَيْرِ كُفْءٍ عَلَى مَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الرِّوَايَةِ لَا عَلَى عَدَمِهَا كَمَا لَا يَخْفَى فَلَا وَجْهَ لِرَدِّ صَاحِبِ الْإِصْلَاحِ، وَكَذَا قَوْلُ صَاحِبِ التَّلْوِيحِ وَلَمْ يَصِحَّ أَصْلًا تَدَبَّرَ.
[بَابُ الْمَهْرِ]
هُوَ حُكْمُ الْعَقْدِ فَإِنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ أَوْ بِالتَّسْمِيَةِ فَكَانَ حُكْمًا لَهُ فَيَعْقُبُهُ وَلَهُ أَسْمَاءٌ: الْمَهْرُ وَالنِّحْلَةُ وَالصَّدَاقُ وَالْعُقْرُ وَالْعَطِيَّةُ وَالْفَرِيضَةُ وَالْأُجْرَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْعَلَاقُ (يَصِحُّ النِّكَاحُ بِلَا ذِكْرِهِ) إجْمَاعًا لِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ ازْدِوَاجٍ وَذَلِكَ يَتِمُّ بِالزَّوْجَيْنِ وَالْمَالُ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ أَصْلِيٍّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُهُ.
(وَ) كَذَا (مَعَ نَفِيهِ) أَيْ يَصِحُّ النِّكَاحُ مَعَ نَفْيِ الْمَهْرِ وَيَكُونُ النَّفْيُ لَغْوًا خِلَافًا لِمَالِكٍ.
[قِيمَة الْمَهْر]
(وَأَقَلُّهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ) وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَسْكُوكَةً بَلْ تِبْرًا وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الْمَسْكُوكَةُ فِي نِصَابِ السَّرِقَةِ لِلْقَطْعِ تَقْلِيلًا لِوُجُودِ الْحَدِّ وَانْتَظَمَ كَلَامُهُ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ فَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَشَرَةٍ دَيْنٍ لَهُ عَلَى فُلَانٍ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَالٌ، فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَقَالَ مَالِكٌ رُبْعُ دِينَارٍ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ كُلُّ مَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ يَصْلُحُ مَهْرًا فَتَعَلُّمُ الْقُرْآنِ وَطَلَاقُ امْرَأَةٍ أُخْرَى وَالْعَفْوُ عَنْ
الْقِصَاصِ يَصْلُحُ مَهْرًا عِنْدَهُ لَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: «لَا مَهْرَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَقَدْ تَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ وَالضَّعِيفُ إذَا رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ يَصِيرُ حَسَنًا إذَا كَانَ ضَعْفُهُ بِغَيْرِ الْفِسْقِ؛ وَلِأَنَّهُ حَقُّ الشَّرْعِ وُجُوبًا إظْهَارًا لِشَرَفِ الْمَحَلِّ فَيُقَدَّرُ بِمَا لَهُ خَطَرٌ وَهُوَ الْعَشَرَةُ وَمَا دَلَّ عَلَى مَا دُونَهَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُعَجَّلِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَكَسَدَتْ وَصَارَ النَّقْدُ غَيْرَهَا كَانَ عَلَى الزَّوْجِ قِيمَةُ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ يَوْمَ كَسَدَتْ هُوَ الْمُخْتَارُ (فَلَوْ سَمَّى دُونَهَا) أَيْ الْعَشَرَةِ (لَزِمَتْ الْعَشَرَةُ) لِحَقِّ الشَّرْعِ كَمَا بَيَّنَّاهُ وَعِنْدَ الثَّلَاثَةِ لَا تَجِبُ الْعَشَرَةُ.
وَقَالَ زُفَرُ: التَّسْمِيَةُ فَاسِدَةٌ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا.
(وَإِنْ سَمَّاهَا) أَيْ الْعَشَرَةَ (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْهَا (لَزِمَ الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ) ؛ لِأَنَّ بِالدُّخُولِ يَتَحَقَّقُ تَسْلِيمُ الْمُبْدَلِ (أَوْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فَإِنَّ الْمَوْتَ كَالْوَطْءِ فِي حُكْمِ الْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ لَا غَيْرَ (وَ) لَزِمَ (نِصْفُهُ) أَيْ الْمُسَمَّى (بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَ) قَبْلَ (الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] الْآيَةُ وَهَذَا الْحُكْمُ غَيْرُ مَخْصُوصٍ بِالطَّلَاقِ بَلْ يَعُمُّ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ كَالرِّدَّةِ وَالْإِبَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَتَقْبِيلِ ابْنَتِهَا بِشَهْوَةٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بَعْدَ قَوْلِهِ بِالدُّخُولِ لِإِرَادَةِ الدُّخُولِ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا تُذْكَرَ فِي الثَّانِيَةِ.
وَفِي الْكَافِي قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ أَذْهَبَ عُذْرَتَهَا دَفْعًا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَالْخَلْوَةِ يَكْمُلُ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَ الْوَطْءِ فَيَتَأَكَّدُ بِهِ الْمَهْرُ وَعِنْدَهُمَا يَتَنَصَّفُ بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَوْ دَفَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فَزَالَتْ عُذْرَتُهَا وَطَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ وَجَبَ نِصْفُ الْمُسَمَّى عَلَى الزَّوْجِ وَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ) أَيْ الْمَهْرِ (أَوْ نَفَاهُ) بِأَنْ عَقَدَ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا (لَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ، أَوْ الْمَوْتِ) إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ مَا يَصْلُحُ مَهْرًا وَإِلَّا فَذَلِكَ الشَّيْءُ هُوَ الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمَهْرِ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ لَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْمَوْتِ.
(وَ) لَزِمَ (بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ مُتْعَةٌ) أَيْ تَجِبُ مُتْعَةٌ إذَا لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا، أَوْ نَفَاهُ وَحَصَلَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ أَمَّا إذَا حَصَلَتْ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ كَرِدَّتِهَا وَتَقْبِيلِهَا ابْنَ الزَّوْجِ بِشَهْوَةٍ وَإِرْضَاعِهَا زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ وَخِيَارُهَا الْفَسْخُ بِالْبُلُوغِ وَالْإِعْتَاقِ
فَلَا (مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِهِ) لَا بِحَالِهَا (فِي الصَّحِيحِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] الْآيَةَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ الْكَرْخِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ هَذَا فِي الْمُتْعَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ أَمَّا فِي الْمُتْعَةِ الْوَاجِبَةِ يُعْتَبَرُ حَالُهَا: لِأَنَّهَا خَلَفٌ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي لُزُومِ الْمِثْلِ الْمُعْتَبَرُ حَالُهُمَا فَكَذَا خَلَفُهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْمُضْمَرَاتِ هَذَا أَصَحُّ، وَقَالَ الْخَصَّافُ يُعْتَبَرُ حَالُهُمَا.
وَفِي التَّبْيِينِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِالْفِقْهِ كَمَا قُلْنَا فِي النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ اُعْتُبِرَتْ بِحَالِهِ وَحْدَهُ لَسَوَّيْنَا بَيْنَ الشَّرِيفَةِ وَالْوَضِيعَةِ فِي الْمُتْعَةِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بَيْنَ النَّاسِ بَلْ هُوَ مُنْكَرٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ وَعِنْدَ الثَّلَاثَةِ: الْمُتْعَةُ مَا يُقَدِّرُهُ الْحَاكِمُ (لَا تَنْقُصُ) الْمُتْعَةُ (عَنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ) إنْ كَانَ الزَّوْجُ فَقِيرًا إلَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَنْقُصُ كَمَا تُزَادُ (وَلَا تُزَادُ عَلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ) لَوْ كَانَ غَنِيًّا أَيْ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ إلَّا فِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ يُزَادُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فَالْوَاجِبُ الْمُتْعَةُ؛ لِأَنَّهَا الْفَرِيضَةُ بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (وَهِيَ) أَيْ الْمُتْعَةُ (دِرْعٌ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ الرَّاءِ قَمِيصُ الْمَرْأَةِ.
وَفِي الْمُغْرِبِ مَا تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ فَوْقَ الْقَمِيصِ (وَخِمَارٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَا يُخَمَّرُ بِهِ الرَّأْسُ أَيْ يُغَطَّى (وَمِلْحَفَةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مَا يُلْحَفُ بِهِ مِنْ قَرْنِهَا إلَى قَدَمَيْهَا وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَأْثُورٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالُوا هَذَا فِي دِيَارِهِمْ وَأَمَّا فِي دِيَارِنَا يُلْبَسُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ إزَارٌ وَمِكْعَبٌ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ السَّفَلَةِ فَمِنْ الْكِرْبَاسِ وَمِنْ الْوُسْطَى فَمِنْ الْقَزِّ وَمِنْ مُرْتَفِعَةِ الْحَالِ فَمِنْ الْإِبْرَيْسَمِ، وَفِي النُّتَفِ أَفْضَلُ الْمُتْعَةِ خَادِمٌ.
(وَكَذَا الْحُكْمُ) أَيْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، أَوْ الْمُتْعَةُ (لَوْ تَزَوَّجَهَا بِخَمْرٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، أَوْ مَالٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ سَمَّى بِهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَرِطْلًا مِنْ خَمْرٍ فَلَهَا الْمُسَمَّى وَلَا يَكْمُلُ مَهْرُ الْمِثْلِ.
(أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِهَذَا) الدَّنِّ مِنْ (الْخَلِّ إذَا هُوَ خَمْرٌ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ مِنْ التَّسْمِيَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْخَمْرِ (خِلَافًا لَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُمَا أَوْجَبَا مِثْلَ وَزْنِهِ خَلًّا وَسَطًا؛ لِأَنَّهُ الْمُسَمَّى وَالْعَقْدُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَمَّى.
(أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِهَذَا الْعَبْدِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ) يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِمَامِ لِمَا مَرَّ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّهُ قَالَ يَجِبُ فِيهِ مِثْلُ قِيمَتِهِ عَبْدًا لِأَنَّهُ أَطْمَعَهَا فِي مَالٍ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ، أَوْ مِثْلُهُ كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدِ الْغَيْرِ وَوَافَقَ مُحَمَّدٌ الْإِمَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَبَا يُوسُفَ فِي الْخَمْرِ وَتَحْقِيقُهُ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فَلْيُرَاجَعْ.
(أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِثَوْبٍ أَوْ بِدَابَّةٍ) ، أَوْ بِدَارٍ (لَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَهُمَا) مِنْ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ، أَوْ مِنْ الْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِأَنَّ بِجَهَالَةِ الْجِنْسِ لَا يُعْرَفُ الْوَسَطُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْأَفْرَادِ الْمُتَمَاثِلَةِ وَذَلِكَ بِاتِّحَادِ النَّوْعِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الَّذِي تَحْتَهُ الْفَرَسُ وَالْحِمَارُ وَغَيْرُهُمَا وَالثَّوْبُ الَّذِي تَحْتَهُ الْقُطْنُ وَالْكَتَّانُ وَالْحَرِيرُ وَاخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ
أَيْضًا وَالدَّارِ الَّتِي تَحْتَهَا مَا تَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا فَاحِشًا بِالْبُلْدَانِ وَالْمَحَالِّ وَالضِّيقِ وَالسِّعَةِ وَكَثْرَةِ الْمَرَافِقِ وَقِلَّتِهَا فَتَكُونُ هَذِهِ الْجَهَالَةُ أَفْحَشَ مِنْ جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَمَهْرُ الْمِثْلِ أَوْلَى، وَإِنْ عَيَّنَهُ بِأَنْ قَالَ عَبْدٌ أَمَةٌ فَرَسٌ حِمَارٌ بَيْتٌ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ وَيَنْصَرِفُ إلَى بَيْتٍ وَسَطٍ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا بَاقِيهَا هَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا الْبَيْتُ فِي عُرْفِنَا فَلَيْسَ خَاصًّا بِمَا يُبَاتُ فِيهِ بَلْ يُقَالُ لِمَجْمُوعِ الْمَنْزِلِ وَالدَّارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ بِتَسْمِيَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ كَالدَّارِ وَتُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ قِيمَتِهِ لَوْ أَتَاهَا بِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِجَوَازِ إطْلَاقِ الْجِنْسِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْأَمْرِ الْعَامِّ سَوَاءٌ كَانَ جِنْسًا عِنْدَ الْفَلَاسِفَةِ، أَوْ نَوْعًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْتَفِتَ أَهْلُ الشَّرْعِ إلَى مَا اصْطَلَحَ الْفَلَاسِفَةُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْكَشْفِ.
(أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ (أَوْ بِخِدْمَةِ الزَّوْجِ الْحُرِّ لَهَا سَنَةً) ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ لَيْسَتْ بِمَالٍ لِمَا فِيهِ مِنْ قَلْبِ الْمَوْضُوعِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَأُطْلِقَ فِي الْخِدْمَةِ فَشَمِلَ رَعْيَ غَنَمِهَا وَزِرَاعَةَ أَرْضِهَا وَهُوَ رِوَايَةُ الْأَصْلِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ فِيهِ رِوَايَتَانِ.
وَفِي الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رِوَايَةُ الْأَصْلِ وَالصَّوَابُ أَنْ يُسَلِّمَهُ لَهَا إجْمَاعًا اسْتِدْلَالًا بِقِصَّةِ مُوسَى وَشُعَيْبٍ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّ شَرِيعَةَ مَنْ قَبْلَنَا شَرِيعَةٌ لَنَا إذَا قَصَّهَا اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ بِلَا إنْكَارٍ كَمَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خِدْمَةِ حُرٍّ آخَرَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ قِيمَةَ خِدْمَتِهِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهَا قِيمَةُ الْخِدْمَةِ) ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ كَمَا فِي الْعَبْدِ إلَّا أَنَّهُ عَجَزَ عَنْ التَّسْلِيمِ لِلْمُنَاقَضَةِ فَصَارَ كَالتَّزَوُّجِ عَلَى عَبْدِ الْغَيْرِ.
(وَكَذَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي) النِّكَاحِ (الشِّغَارُ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ قِيلَ مَأْخُوذٌ مِنْ شَغَرَ الْبَلَدَ شُغُورًا إذَا خَلَا مِنْ حَافِظٍ يَمْنَعُهُ (وَهُوَ) هُنَا (أَنْ يُزَوِّجَهُ بِنْتَهُ) أَوْ أُخْتَهُ لِلْآخَرِ (عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ) الْآخَرُ (بِنْتَهُ أَوْ أُخْتَهُ مُعَاوَضَةً بِالْعَقْدَيْنِ) أَيْ عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَقْدَيْنِ عِوَضًا عَنْ الْآخَرِ وَلَا مَهْرٌ سِوَى ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ شَائِعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ بَقِيَ حُكْمُهُ فِي حَقِّ صِحَّةِ الْعَقْدِ لَكِنَّ التَّسْمِيَةَ فَاسِدَةٌ فَيَجِبُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الثَّلَاثَةِ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ فِيهِ.
(وَلَوْ تَزَوَّجَ) هَا (عَلَى خِدْمَتِهِ لَهَا سَنَةً وَهُوَ عَبْدٌ فَلَهَا الْخِدْمَةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا خَدَمَهَا بِإِذْنِ الْمَوْلَى صَارَ كَأَنَّهُ يَخْدُمُ مَوْلَاهُ حَقِيقَةً وَلِأَنَّ خِدْمَةَ الْعَبْدِ لِزَوْجَتِهِ لَيْسَتْ بِحَرَامٍ إذْ لَيْسَ لَهُ شَرَفُ الْحُرِّيَّةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ فُهِمَتْ مِمَّا سَبَقَ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ بِخِدْمَةِ الزَّوْجِ الْحُرِّ فَهَهُنَا صَرَّحَ بِهَا.
(وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا) فَقَبِلَتْ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا (فَعِتْقُهَا صَدَاقُهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) ؛ لِأَنَّهُ «عليه الصلاة والسلام أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا» (وَعِنْدَهُمَا لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) لِبُطْلَانِ تَسْمِيَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ.
(وَلَوْ أَبَتْ) أَيْ الْأَمَةُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ عِتْقِهَا (أَنْ تَتَزَوَّجَهُ) أَيْ الْمَوْلَى نَفْسُهَا (فَعَلَيْهَا قِيمَتُهَا لَهُ) أَيْ فَعَلَى الْأَمَةِ أَنْ تُسَمِّيَ قِيمَةَ نَفْسِهَا لِمَوْلَاهَا (إجْمَاعًا) .
وَقَالَ زُفَرُ: لَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا الْتَزَمَتْ النِّكَاحَ لَا الْمَالَ فَلَا وَجْهَ لِإِيجَابِ مَا لَمْ تَلْزَمْهُ وَلَنَا أَنَّهَا شَرَطَتْ لِلْمَوْلَى مَنْفَعَةً بِمُقَابَلَةِ عِتْقِهَا
فَلَمَّا فَاتَتْ عَنْهُ الْمَنْفَعَةُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْقُضَ الْعِتْقَ لَكِنَّهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يُنْقَضُ فَوَجَبَ نَقْضُهُ مَعْنًى بِإِلْزَامِ السِّعَايَةِ عَلَيْهَا وَلَا تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ.
(وَلِلْمُفَوِّضَةِ) وَهِيَ بِكَسْرِ الْوَاوِ مَنْ فَوَّضَتْ أَمْرَهَا إلَى وَلِيِّهَا وَزَوْجِهَا بِلَا مَهْرٍ وَبِفَتْحِهَا مَنْ فَوَّضَهَا وَلِيُّهَا إلَى الزَّوْجِ بِلَا مَهْرٍ ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى مِقْدَارِ (مَا فَرَضَ لَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ إنْ دَخَلَ) بِهَا (أَوْ مَاتَ) عَنْهَا زَوْجُهَا كَذَا فِي أَكْثَرِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بَاشَا: لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى حَالِهَا فِي مَوْتِهَا أَيْضًا كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِكَوْنِ مَطْمَحِ النَّظَرِ فِي هَذَا الْبَابِ بَيَانُ مَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ لَا بَيَانَ نَصِيبِ وَرَثَتِهَا مِنْ مَهْرِهَا، تَدَبَّرْ.
وَكَذَا إذَا فَرَضَهُ الْحَاكِمُ بَعْدَ الْعَقْدِ قَامَ مَقَامَ فَرْضِهِمَا (وَالْمُتْعَةُ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ) وَلَا يَتَنَصَّفُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ مَخْصُوصٌ بِالْمَفْرُوضِ فِي الْعَقْدِ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وَالْمَفْرُوضُ بَعْدَهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) لَهَا فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ كَمَا لَا يَخْفَى (نِصْفُ مَا فَرَضَ) بَعْدَ الْعَقْدِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَفْرُوضًا فَيَتَنَاوَلُهُ النَّصُّ.
(وَإِنْ زَادَ) الزَّوْجُ (فِي مَهْرِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ لَزِمَتْ) أَيْ وَجَبَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الزَّوْجِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: 24] وَقَدْ تَرَاضَيَا بِالزِّيَادَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنَّهُ يَقُولُ: هِيَ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ إنْ قَبَضَتْهَا صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ (وَتَسْقُطُ) أَيْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ (بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يُسَمَّ يُبْطِلُهُ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) فِي قَوْلِهِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (تَتَنَصَّفُ) الزِّيَادَةُ (أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا فُرِضَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] .
(وَإِنْ حَطَّتْ عَنْهُ مِنْ الْمَهْرِ) أَيْ إنْ حَطَّتْ الْمَرْأَةُ مَهْرَهَا الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ بَعْضًا، أَوْ كُلًّا عَنْ الزَّوْجِ (صَحَّ) الْحَطُّ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ حَقُّهَا، وَالْحَطُّ يُلَاقِي حَقَّهَا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الزَّوْجُ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهَا فِي الْمَجْلِسِ لِصِحَّتِهَا وَلَكِنْ لَا يَرْتَدُّ حَطُّهَا بِرَدِّهِ.
(وَإِذَا خَلَا) الزَّوْجُ (بِهَا بِلَا مَانِعٍ مِنْ الْوَطْءِ حِسًّا) أَيْ مَنْعًا حِسِّيًّا (أَوْ شَرْعًا، أَوْ طَبْعًا) فَالْمَانِعُ الْحِسِّيُّ (كَمَرَضٍ) لِأَحَدِهِمَا (يَمْنَعُ الْوَطْءَ) سَوَاءٌ كَانَ مَنْعُهُ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا كَانَ يَضُرُّهُ الْوَطْءُ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ مَرَضُ الزَّوْجِ مَانِعٌ مُطْلَقًا وَأَمَّا مَرَضُهَا فَإِنَّمَا يَمْنَعُ إذَا كَانَ يَضُرُّهَا.
وَفِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ هُوَ الصَّحِيحُ (وَرَتَقٍ) بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرُ قَوْلِك رَتْقَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا يُسْتَطَاعُ جِمَاعُهَا لِارْتِقَاقِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِيهَا، وَكَذَا مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَغِيرًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَكَذَا إذَا كَانَ مَعَهُمَا أَمَةٌ مِنْ جَانِبِ أَحَدِهِمَا، أَوْ امْرَأَةٌ كَذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ الثَّالِثُ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ
أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ أَعْمَى، أَوْ نَائِمًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَكِنْ فِي الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ الْجَوَارِيَ مُطْلَقًا لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُخْتَارِ: أَنَّ جَارِيَتَهَا لَا تَمْنَعُ كَجَارِيَتِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَكَذَا مَا إذَا كَانَ الْمَكَانُ غَيْرَ مَأْمُونِ الِاطِّلَاعِ كَالطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ أَوْ الْمَسْجِدِ، أَوْ الْحَمَّامِ.
وَقَالَ الشَّدَّادُ تَصِحُّ فِيهَا فِي الظُّلْمَةِ، وَفِي الشُّمُنِّيِّ وَلَوْ خَلَا بِهَا وَمَعَهَا أَعْمَى، أَوْ نَائِمٌ لَا تَكُونُ خَلْوَةً؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى يُحِسُّ وَالنَّائِمَ يَسْتَيْقِظُ وَيَتَنَاوَمُ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا نَائِمٌ إنْ كَانَ نَهَارًا لَا تَصِحُّ وَإِنْ لَيْلًا تَصِحُّ وَالْكَلْبُ يَمْنَعُ إنْ كَانَ عَقُورًا، أَوْ لِلزَّوْجَةِ وَإِلَّا لَا وَفِي الْبَيْتِ الْغَيْرِ الْمُسْقَفِ تَصِحُّ، وَكَذَا عَلَى سَطْحِ الدَّارِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ حِجَابٌ، وَفِي مَحْمَلٍ عَلَيْهِ قُبَّةٌ مَضْرُوبَةٌ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ فَهُوَ خَلْوَةٌ، وَفِي بُسْتَانٍ لَيْسَ عَلَيْهِ بَابٌ لَا تَصِحُّ، وَكَذَا فِي الْجَبَلِ وَالْمَفَازَةِ مِنْ غَيْرِ خَيْمَةٍ.
(وَ) الْمَانِعُ الشَّرْعِيُّ نَحْوُ (صَوْمِ رَمَضَانَ وَإِحْرَامِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ) ؛ لِمَا فِي إفْسَادِ صَوْمِ رَمَضَانَ مِنْ كَفَّارَةٍ وَقَضَاءٍ وَفِي إفْسَادِ الْإِحْرَامِ دَمٌ.
(وَ) الْمَانِعُ الطَّبِيعِيُّ (حَيْضٌ وَنِفَاسٌ) مِنْ دَمٍ حَقِيقِيٍّ، أَوْ حُكْمِيٍّ فَيَشْمَلُ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُهُ مَانِعًا شَرْعِيًّا أَيْضًا فَلَا يَرِدُ اعْتِرَاضُ الْبَعْضِ (لَزِمَهُ تَمَامُ الْمَهْرِ) إلَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ الْجَدِيدِ يَجِبُ نِصْفُ الْمَهْرِ وَشَرَطَ مَالِكٌ فِي إيجَابِ الْخَلْوَةِ حُكْمَ الْوَطْءِ طُولَ الْمُقَامِ مَعَهَا وَحَدَّ الطُّولَ بِالْعَامِ وَعَنْ أَحْمَدَ الْمَوَانِعُ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ.
(وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (كَانَ) الزَّوْجُ (خَصِيًّا) هُوَ مَنْزُوعُ الْبَيْضَتَيْنِ (أَوْ عِنِّينًا) هُوَ كَوْنُ الرَّجُلِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ، أَوْ عَلَى جِمَاعِ الْبِكْرِ، أَوْ عَلَى جِمَاعِ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مُطْلَقًا.
(وَكَذَا) يَجِبُ الْمَهْرُ التَّامُّ بِالْخَلْوَةِ (لَوْ كَانَ) الزَّوْجُ (مَجْبُوبًا) أَيْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ تَزَوُّجَهُ لِلِاسْتِمْتَاعِ لَا لِلْإِيلَاجِ وَقَدْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا لِذَلِكَ فَتَسْتَحِقُّ كُلَّ الْبَدَلِ (خِلَافًا لَهُمَا) لِأَنَّهُ أَعْجَزُ مِنْ الْمَرِيضِ (وَصَوْمُ الْقَضَاءِ غَيْرُ مَانِعٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي إفْسَادِهِ (فِي الْأَصَحِّ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْخَلْوَةِ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ مُطْلَقًا.
(وَكَذَا) لَا يَمْنَعُ (صَوْمُ النَّذْرِ) وَالْكَفَّارَاتِ (فِي رِوَايَةٍ) وَقِيلَ يَمْنَعُ وَالْمَذْهَبُ مَا ذَكَرَهُ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ بِالْإِفْسَادِ وَمَا وَقَعَ فِي الْكَنْزِ وَهُوَ صَوْمُ فَرْضٍ غَيْرُ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِمَنْعِ الصَّوْمَ يَقُولُ بِمَنْعِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَالْقَائِلَ بِتَخْصِيصِ صَوْمِ رَمَضَانَ أَدَاءً يُخْرِجُ مَا عَدَاهُ مِنْ الصَّوْمِ الْمَفْرُوضِ كَالْكَفَّارَاتِ فَقَوْلُ الْكَنْزِ لَيْسَ عَلَى قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ كَمَا لَا يَخْفَى (وَفَرْضُ الصَّلَاةِ) الَّتِي شُرِعَ فِيهَا أَحَدُهُمَا (مَانِعٌ) .
وَفِي الْهِدَايَةِ وَالصَّلَاةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّوْمِ فَرْضُهَا كَفَرْضِهِ وَنَفْلُهَا كَنَفْلِهِ.
وَفِي الِاخْتِيَارِ وَالسُّنَنُ الرَّوَاتِبُ لَا تَمْنَعُ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ لِشِدَّةِ تَأَكُّدِهِمَا بِالْوَعِيدِ عَلَى تَرْكِهِمَا (وَالْعِدَّةُ تَجِبُ بِالْخَلْوَةِ وَلَوْ مَعَ الْمَانِعِ) أَيْ
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَحِيحَةً (احْتِيَاطًا) اسْتِحْسَانًا لِتَوَهُّمِ الشَّغْلِ، وَالْعِدَّةُ حَقُّ الشَّرْعِ وَالْوَلَدُ لِأَجْلِ النَّسَبِ فَلَا تَصْدُقُ فِي إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ، وَفِي الْفَتْحِ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْمَانِعَ إنْ كَانَ شَرْعِيًّا تَجِبُ الْعِدَّةُ؛ لِثُبُوتِ التَّمَكُّنِ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ حَقِيقِيًّا كَالْمَرَضِ وَالصِّغَرِ لَا تَجِبُ لِانْعِدَامِ التَّمَكُّنِ حَقِيقَةً فَكَانَ كَالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ حَيْثُ قِيَامُ الْيَقِينِ بِعَدَمِ الشُّغْلِ وَمَا قَالَهُ قَالَ بِهِ التُّمُرْتَاشِيُّ وَقَاضِي خَانْ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْعَتَّابِيُّ إلَّا أَنَّ الْأَوْجَهَ عَلَى هَذَا أَنْ يَخُصَّ الصَّغِيرَ بِغَيْرِ الْقَادِرِ وَالْمَرِيضَ بِالدَّنِفِ؛ لِثُبُوتِ التَّمَكُّنِ حَقِيقَةً فِي غَيْرِهِمَا.
وَفِي الْبَحْرِ وَالْمُذْهَبِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ مُطْلَقًا اعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَنَا أَقَامُوا الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ لِتَأَكُّدِ الْمَهْرِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَحُرْمَةِ نِكَاحِ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ قَائِمَةً وَمُرَاعَاةِ وَقْتِ الطَّلَاقِ فِي حَقِّهَا وَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَيْهَا فِي هَذَا الْعَقْدِ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُقِيمُوهَا مَقَامَ الْوَطْءِ فِي حَقِّ الْإِحْصَانِ وَحُرْمَةِ الْبَنَاتِ وَحِلِّهَا لِلْأَوَّلِ وَالرَّجْعَةِ وَالْمِيرَاثِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ وُقُوعِ طَلَاقٍ آخَرَ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَقَعَ.
(وَالْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ لِمُطَلَّقَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ) ، أَوْ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ (لَمْ يُسَمَّ لَهَا مَهْرٌ) لِمَا مَرَّ أَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَمُسْتَحَبَّةٌ لِمُطَلَّقَةٍ بَعْدَ الدُّخُولِ) سَوَاءٌ سَمَّى لَهَا مَهْرًا، أَوْ لَا تَعْوِيضًا عَنْ إيحَاشِهَا بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الْأُنْسِ وَالْأُلْفَةِ وَلَا تَجِبُ؛ لِأَنَّهَا خَلَفٌ عَنْ الْمَهْرِ مُسْتَوْفِيَةً لَهُ (وَغَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ لِمُطَلَّقَةٍ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَجِبُ (سُمِّيَ لَهَا مَهْرٌ) هَذَا عَلَى اخْتِيَارِ الْقُدُورِيِّ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي التُّحْفَةِ إلَّا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْحَصْرِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ فِيهِمَا بِالِاسْتِحْبَابِ وَذَكَرَ فِي مُشْكِلَاتِ الْقُدُورِيِّ أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ وَاجِبَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ أَرَادَ بِهِ الْمُتْعَةَ لِمُطَلَّقَةٍ لَمْ تُوطَأْ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرٌ وَمُسْتَحَبَّةٌ وَهِيَ الَّتِي طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرٌ وَسُنَّةٌ وَهِيَ الَّتِي طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَدْ سُمِّيَ لَهَا مَهْرٌ، وَالرَّابِعَةُ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا مُسْتَحَبَّةٍ وَهِيَ الَّتِي طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ سُمِّيَ لَهَا مَهْرٌ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْمَهْرِ قَامَ فِي حَقِّهِنَّ مَقَامَ الْمُتْعَةِ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ.
(وَلَوْ سَمَّى لَهَا أَلْفًا وَقَبَضَتْهُ، ثُمَّ وَهَبَتْهُ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا (رَجَعَ عَلَيْهَا) الزَّوْجُ الْمَوْهُوبُ لَهُ (بِنِصْفِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ بِالْهِبَةِ عَيْنُ مَا يَسْتَوْجِبُهُ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا تَتَعَيَّنَانِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ فَصَارَ كَهِبَةِ مَالٍ آخَرَ وَلِهَذَا لَوْ سَمَّى لَهَا دَرَاهِمَ وَأَشَارَ إلَيْهَا لَهُ أَنْ يَحْبِسَهَا وَيَدْفَعَ مِثْلَهَا جِنْسًا وَنَوْعًا وَقَدْرًا وَصِفَةً وَلَا يَلْزَمُهَا رَدُّ عَيْنِ مَا أَخَذَتْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا فِي الْمِنَحِ، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ كَمَا لَا يَرْجِعُ فِي الْعَيْنِ.
(وَكَذَا) كُلُّ (مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ) أَيْ، وَكَذَا يَرْجِعُ إذَا كَانَ الْمَهْرُ
مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، أَوْ شَيْئًا آخَرَ فِي الذِّمَّةِ؛ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ مِنْهُ فَكَالْعُرُوضِ وَإِنْ كَانَ تِبْرًا، أَوْ نُقْرَةَ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً فَهِيَ كَالْعُرُوضِ فِي رِوَايَةٍ فَيُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمُعَيَّنِ، وَفِي رِوَايَةٍ كَالْمَضْرُوبَةِ فَلَا يُجْبَرُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَلَوْ قَبَضَتْ النِّصْفَ) مِنْ الْمَهْرِ (ثُمَّ وَهَبَتْ الْكُلَّ، أَوْ الْبَاقِيَ) فِي ذِمَّتِهِ (لَا يَرْجِعُ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّهُمَا قَالَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الْمَقْبُوضِ اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ وَهِبَةُ الْبَعْضِ حَطٌّ فَيَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ، وَلَهُ أَنَّ مَقْصُودَ الزَّوْجِ قَدْ حَصَلَ وَهُوَ سَلَامَهُ نِصْفِ الصَّدَاقِ بِلَا عِوَضٍ فَلَا يَسْتَوْجِبُ الرُّجُوعَ عِنْدَ الطَّلَاقِ وَالْحَطُّ لَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فِي النِّكَاحِ أَلَا يُرَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَلْتَحِقُ حَتَّى لَا تَتَنَصَّفَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(وَلَوْ وَهَبَتْ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ وَقَبَضَتْ الْبَاقِيَ رَجَعَ عَلَيْهَا إلَى تَمَامِ النِّصْفِ) يَعْنِي إذَا تَزَوَّجَهَا مَثَلًا عَلَى أَلْفٍ فَوَهَبَتْ لَهُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَقَبَضَتْ سِتَّمِائَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِمِائَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا بِنِصْفِ الْمَقْبُوضِ) فَفِيمَا صَوَّرْنَاهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِثَلَاثِمِائَةٍ (وَلَوْ لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا) مِنْ الْمَهْرِ (فَوَهَبَتْهُ لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَكَذَا) أَيْ لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ اسْتِحْسَانًا (لَوْ كَانَ الْمَهْرُ عَرْضًا) أَيْ عَيْنًا (فَوَهَبَتْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بَعْدَهُ) وَفِي الْقِيَاسِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ رَدُّ نِصْفِ عَيْنِ الْمَهْرِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ حَقَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ سَلَامَةُ نِصْفِ الْمَقْبُوضِ مِنْ جِهَتِهَا وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا دَفْعُ شَيْءٍ آخَرَ مَكَانَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَتْ مِنْ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ بِبَدَلٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الْبُرْهَانِيِّ أَنَّهَا إنْ وَهَبَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَرْجِعُ بِلَا خِلَافٍ وَبَعْدَ الْقَبْضِ فِيهِ خِلَافُ زُفَرَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ مُسْتَدْرَكًا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ هَهُنَا تَأَمَّلْ.
وَقَالَ فِي شَرْحِ عُيُونِ الْمَذَاهِبِ وَيَرِدُ عَلَى كَلَامِ زُفَرَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي الْهِبَةِ فَفِي صُورَةِ عَدَمِ الْقَبْضِ لَا يَتَحَقَّقُ الْهِبَةُ فَكَيْفَ يَرْجِعُ، انْتَهَى. لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِوَارِدٍ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الْمَهْرِ قَبْلَ الْقَبْضِ إسْقَاطٌ، وَالْإِسْقَاطُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ مَعَ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ قَبْضِ الْمَرْأَةِ الْعَيْنَ لَا قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ حَتَّى السُّؤَالِ. تَدَبَّرَ.
(وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا (عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلَدِ) أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ الْإِخْرَاجِ مِنْ غَيْرِ تَرْدِيدٍ (أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ (عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا) امْرَأَةً أُخْرَى، أَوْ عَلَى أَنْ يُهْدِيَ لَهَا هَدِيَّةً (فَإِنْ وَفَّى) بِمَا شَرَطَ (فَلَهَا الْأَلْفُ) ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى صَلُحَ لِلْمَهْرِ وَقَدْ تَمَّ رِضَاهَا بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفِ بِمَا شَرَطَ (فَمَهْرُ الْمِثْلِ) إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ
لِأَنَّهُ سَمَّى لَهَا مَا فِيهِ نَفْعٌ وَقَدْ فَاتَ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِعَدَمِ رِضَاهَا إلَّا بِهِ.
(وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ أَقَامَ بِهَا) أَيْ بِزَوْجَتِهِ فِي بَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ (وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ أَخْرَجَهَا) مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ (فَإِنْ أَقَامَ) بِهَا (فَلَهَا الْأَلْفُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ (فَمَهْرُ الْمِثْلِ) عِنْدَ الْإِمَامِ لَكِنْ فِي الثَّانِيَةِ (لَا يُزَادُ عَلَى أَلْفَيْنِ) إنْ زَادَ عَلَيْهِمَا؛؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِهِ (وَلَا يَنْقُصُ عَنْ أَلْفٍ) إنْ نَقَصَ مِنْهُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ.
وَقَالَ زُفَرُ الشَّرْطَانِ فَاسِدَانِ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِكُلِّ حَالٍ (وَعِنْدَهُمَا لَهَا أَلْفَانِ إنْ أَخْرَجَهَا) ؛ لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ بِبَدَلَيْنِ مَعْلُومَيْنِ فَوَجَبَ تَصْحِيحُهُمَا عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ كَمَا صَحَّ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ إنْ كَانَتْ قَبِيحَةً وَعَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ جَمِيلَةً وَلَهُ أَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ فَتَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِهِ وَصَحَّتْ التَّسْمِيَةُ الَّتِي مَعَهُ وَالشَّرْطُ الثَّانِي غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ نَشَأَتْ مِنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ مُنَافٍ لِمُوجَبِ مَا صَحَّ وَهُوَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ مُوجَبَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِيفَاءِ وَمُنَافِي مُوجَبِ مَا صَحَّ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالنِّكَاحُ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ هُوَ الْأَصْلُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْمُسْتَشْهَدَةِ أَنَّ الْخَطَرَ فِي هَذِهِ دَخَلَ عَلَى التَّسْمِيَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَعْرِفُ هَلْ يُخْرِجُهَا أَوْ لَا وَلَا مُخَاطَرَةَ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنَّ الزَّوْجَ لَا يَعْرِفُهَا وَجَهَالَتُهُ لَا تُوجِبُ خَطَرًا كَمَا فِي الْغَايَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنَّ هَذَا مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ فَعَلَى أَلْفَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ مَوْلَاةً فَعَلَى أَلْفٍ، أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفَيْنِ إنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَعَلَى أَلْفٍ إنْ لَمْ تَكُنْ امْرَأَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا مُخَاطَرَةَ فِيهِمَا وَلَكِنْ لَا يُعْرَفُ الْحَالُ مَعَ أَنَّهُمَا خِلَافِيَّتَانِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.
وَفِي الْفَتْحِ وَالْأَوْلَى أَنْ تُجْعَلَ مَسْأَلَةُ الْقَبِيحَةِ وَالْجَمِيلَةِ عَلَى الْخِلَافِ فَقَدْ نَصَّ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَلَى الْخِلَافِ لَكِنْ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، تَأَمَّلْ.
(وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِهَذَا الْعَبْدِ أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ) عَلَى الْإِبْهَامِ وَأَحَدُهُمَا أَعْلَى قِيمَةً مِنْ الْآخَرِ (فَلَهَا الْأَعْلَى إنْ كَانَ) الْأَعْلَى (مِثْلَ مَهْرِ مِثْلِهَا) لِرِضَاهَا بِهِ (أَوْ أَقَلَّ) عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا لِرِضَاهَا بِالْحَطِّ إلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِالْأَدْنَى (وَالْأَدْنَى) أَيْ فَلَهَا الْأَدْنَى (إنْ كَانَ) الْأَدْنَى (مِثْلَهُ) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ لِرِضَاهَا بِهِ (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْهُ لِرِضَاهُمَا بِالزِّيَادَةِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ بِالْأَعْلَى وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ إنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ قِيمَةً يَجِبُ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الْكَافِي (وَمَهْرُ مِثْلِهَا إنْ كَانَ) مَهْرُ مِثْلِهَا (بَيْنَهُمَا) بِأَنْ زَادَ عَلَى الْأَقَلِّ وَنَقَصَ مِنْ الْأَكْثَرِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ أَصْلٌ يُعْدَلُ عَنْهُ بِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ بِكُلِّ وَجْهٍ وَلَمْ يَصِحَّ التَّسْمِيَةُ هُنَا مِنْ وَجْهٍ فَلَمْ يُعْدَلْ عَنْهُ (وَعِنْدَهُمَا لَهَا الْأَدْنَى بِكُلِّ حَالٍ) إذْ الْمُسَمَّى هُوَ الْأَصْلُ وَبِتَعَذُّرِهِ بِكُلِّ وَجْهٍ يُعْدَلُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا تَعَذُّرَ هُنَا لِتَعَيُّنِ الْأَقَلِّ هَذَا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْخِيَارُ لَهَا لِتَأْخُذَ أَيًّا شَاءَتْ، أَوْ الْخِيَارُ لَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ أَيًّا شَاءَ، فَإِنْ شُرِطَ صَحَّ اتِّفَاقًا لِانْتِفَاءِ
الْمُنَازَعَةِ، فَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ حَالَّةٍ، أَوْ مُؤَجَّلَةٍ إلَى سَنَةٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْقٌ أَوْ أَكْثَرُ فَلَهَا الْحَالَّةُ وَإِلَّا فَالْمُؤَجَّلَةُ وَعِنْدَهُمَا الْمُؤَجَّلَةُ؛ لِأَنَّهَا الْأَقَلُّ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ حَالَّةٍ، أَوْ عَلَى أَلْفَيْنِ إلَى سَنَةٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا كَالْأَكْثَرِ فَالْخِيَارُ لَهَا وَإِنْ كَانَ كَالْأَقَلِّ فَالْخِيَارُ لَهُ وَإِنْ بَيْنَهُمَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَعِنْدَهُمَا الْخِيَارُ لَهُ لِوُجُوبِ الْأَقَلِّ.
(وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْأَدْنَى إجْمَاعًا) كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ نِصْفُ الْأَدْنَى أَقَلَّ مِنْ الْمُتْعَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنْ كَانَ نِصْفُ الْأَدْنَى أَقَلَّ مِنْ الْمُتْعَةِ تَكُونُ لَهَا الْمُتْعَةُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِهَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا حُرٌّ فَلَهَا الْعَبْدُ فَقَطْ عِنْدَ الْإِمَامِ إنْ سَاوَى الْعَبْدُ) أَيْ قِيمَتُهُ (عَشَرَةً) مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ فَيُكْمِلُ الْعَشَرَةَ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ تَزَوَّجْتُك عَلَى هَذَا الْحُرِّ وَعَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَالْبَاقِي صَلُحَ مَهْرًا؛ لِكَوْنِهِ مَالًا فَيَجِبُ الْمُسَمَّى وَإِنْ قَلَّ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى يَمْنَعُ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ لَهُ (الْعَبْدُ مَعَ قِيمَةِ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا) ؛ لِأَنَّهُ أَطْعَمَهَا سَلَامَةَ الْعَبْدَيْنِ وَعَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ أَحَدِهِمَا فَتَجِبُ قِيمَتُهُ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) لَهَا (الْعَبْدُ وَتَمَامُ مِثْلِ الْمَهْرِ إنْ هُوَ) أَيْ الْعَبْدُ (أَقَلُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا حُرَّيْنِ يَجِبُ تَمَامُ مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَهُ فَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَقُيِّدَ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا حُرًّا إذْ لَوْ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَلَهَا الْبَاقِي وَقِيمَةُ الْمُسْتَحَقِّ وَلَوْ اُسْتُحِقَّا جَمِيعًا فَلَهَا قِيمَتُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ نِصْفَ الدَّارِ الْمَمْهُورَةِ فَإِنَّ لَهَا الْخِيَارَ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْبَاقِيَ وَنِصْفَ الْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ كُلَّ الْقِيمَةِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا النِّصْفُ الْبَاقِي كَمَا فِي الْمِنَحِ وَالتَّنْوِيرِ.
(وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى فَرَسٍ) وَقَدْ حَقَقْنَاهُ آنِفًا (أَوْ ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ بَالَغَ فِي وَصْفِهِ أَوْ لَا) بِأَنْ يُبَيِّنَ طُولَهُ وَعَرْضَهُ (خُيِّرَ) الزَّوْجُ (بَيْنَ دَفْعِ الْوَسَطِ أَوْ قِيمَتِهِ) أَيْ الْوَسَطِ فَتُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى الْقَبُولِ، هَذَا إذَا ذَكَرَ الثَّوْبَ الْمَوْصُوفَ مُطْلَقًا أَمَّا إذَا عَيَّنَ ثُمَّ أَتَى بِالْقِيمَةِ لَا تُخَيَّرُ، وَكَذَا إذَا ذَكَرَهُ مُضَافًا إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْتُك عَلَى ثَوْبِ كَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ كَالْإِشَارَةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.
وَقَالَ زُفَرُ إذَا بَالَغَ فِي وَصْفِهِ يَرْتَفِعُ الْخِيَارُ وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى تَسْلِيمِ الْوَسَطِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا (وَكَذَا) خُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ تَسْلِيمِهِ وَتَسْلِيمِ قِيمَتِهِ.
(لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونٍ) غَيْرَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (بَيَّنَ جِنْسَهُ) أَيْ نَوْعَهُ (لَا صِفَتَهُ) بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حِنْطَةٍ، أَوْ شَعِيرٍ كَذَا وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ بَيَّنَ صِفَتَهُ أَيْضًا) كَمَا بَيَّنَ جِنْسَهُ (وَجَبَ هُوَ) أَيْ الْمُسَمَّى (لَا قِيمَتُهُ)