الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِطْرَتَهُ) الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ لِأَنَّ لِصَدَقَةِ الْفِطْرِ أَحْوَالًا أَحَدُهَا قَبْلَ دُخُولِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَهُوَ جَائِزٌ ثَانِيهَا يَوْمَهُ قَبْلَ الْخُرُوجِ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ» ثَالِثُهَا يَوْمَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَهُوَ جَائِزٌ لِمَا رَوَيْنَاهُ رَابِعُهَا بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَيَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ إلَّا أَنَّهُ يَرْتَفِعُ بِالْأَدَاءِ كَمَنْ أَخَّرَ الْحَجَّ بَعْدَ الْقُدْرَةِ (وَيَتَوَجَّهُ إلَى الْمُصَلَّى) وَالْمُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ مَاشِيًا إلَّا بِعُذْرٍ وَالرُّجُوعُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَلَى الْوَقَارِ مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ عَمَّا لَا يَنْبَغِي وَالتَّهْنِئَةِ بِتَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ؛ لَا تُنْكَرُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَكَذَا الْمُصَافَحَةُ بَلْ هِيَ سُنَّةٌ عَقِيبَ الصَّلَاةِ كُلِّهَا وَعِنْدَ الْمُلَاقَاةِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَتَجُوزُ صَلَاةُ الْعِيدِ فِي مِصْرٍ فِي مَوْضِعَيْنِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ كَمَا فِي الْفَتْحِ لَكِنْ قَدْ كَانَ جَوَازُ الْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ الْكَبِيرِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ لِدَفْعِ الْحَرَجِ لِأَنَّ فِي اتِّحَادِ الْمَوْضِعِ حَرَجًا بَيِّنًا لِاسْتِدْعَائِهِ تَطْوِيلَ الْمَسَافَةِ عَلَى الْأَكْثَرِ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَجْرِي فِي الْعِيدِ عَلَى أَنَّهُ صَرَّحَ فِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ جَوَازَهُ اتِّفَاقًا وَبِهَذَا عَمِلَ النَّاسُ الْيَوْمَ.
(وَلَا يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ) فِي طَرِيقِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ يَجْهَرُ اعْتِبَارًا بِالْأَضْحَى وَلَهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الذِّكْرِ الْإِخْفَاءُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ} [الأعراف: 205] وَقَدْ وَرَدَ الْجَهْرُ بِهِ فِي الْأَضْحَى لِكَوْنِهِ يَوْمَ تَكْبِيرٍ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ.
وَفِي التَّبْيِينِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ الْعَامَّةُ عَنْ ذَلِكَ لِقِلَّةِ رَغْبَتِهِمْ فِي الْخَيْرَاتِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِ التَّكْبِيرِ لَيْسَ بِشَيْءٍ إذْ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِسَائِرِ الْأَلْفَاظِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ كَمَا فِي الْفَتْحِ بَلْ التَّكْبِيرُ سِرًّا فِي طَرِيقِهِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْإِمَامِ.
(وَلَا يَتَنَفَّلُ قَبْلَهَا) فِي الْمُصَلَّى وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا مُطْلَقًا وَبَعْدَهَا فِي الْمُصَلَّى لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام لَا يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا فَإِذَا رَجَعَ إلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» لَكِنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ بَلْ إنَّهُ لَيْسَ بِمَسْنُونٍ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ قَائِمَةٌ مَقَامَ الضُّحَى فَإِذَا فَاتَتْ بِعُذْرٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا وَهُوَ أَفْضَلُ وَيَقْرَأَ فِيهَا سُورَةَ الْأَعْلَى وَالشَّمْسِ وَاللَّيْلِ وَالضُّحَى كَمَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي رِوَايَةٍ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ ثَلَاثَةَ مَرَّاتٍ أُعْطِيَ لَهُ ثَوَابٌ بِعَدَدِ كُلِّ مَا نَبَتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَمَا فِي الْمَسْعُودِيَّةِ.
[وَقْتُ صَلَاة الْعِيد]
(وَوَقْتُهَا مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَدْرَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ إلَى زَوَالِهَا) أَيْ إلَى مَا قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَالْغَايَةُ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْمُغَيَّا بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ أَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاجِبَةَ لَمْ تَجُزْ عِنْدَ قِيَامِهَا رُوِيَ «أَنَّ قَوْمًا شَهِدُوا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَأَمَرَ عليه الصلاة والسلام بِالْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى مِنْ الْغَدِ» وَلَوْ جَازَ الْأَدَاءُ بَعْدَ الزَّوَالِ لَمَا أَخْرَجَهَا.
[صِفَةُ صَلَاة الْعِيد]
(وَصِفَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ) فَيَرْبِطُ يَدَيْهِ كَمَا فِي
حَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَإِنَّمَا خَصَّهَا بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ لَا بُدَّ مِنْهَا لِأَنَّ مُرَاعَاةَ لَفْظِ التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدِ وَاجِبٌ حَتَّى لَوْ قَالَ اللَّهُ أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ سَاهِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (ثُمَّ يُثْنِي) أَيْ يَقْرَأُ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ إلَى آخِرِهِ وَيَتَعَوَّذُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَعَوَّذُ بَعْدَ التَّكْبِيرَاتِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ (ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا) مِنْ تَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَلَيْسَ بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ وَلَا مُسْتَحَبٌّ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْمُكْثُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مِقْدَارَ ثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ لَيْسَ هَذَا الْقَدْرُ بِلَازِمٍ بَلْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِكَثْرَةِ الزِّحَامِ وَقِلَّتِهِ (ثُمَّ يَقْرَءُوا الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً) أَيَّةَ سُورَةٍ شَاءَ لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ يَقْرَأُ الْأَعْلَى فِي الْأُولَى وَالْغَاشِيَةَ فِي الثَّانِيَةِ (ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَيَبْدَأُ فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ بِالْقِرَاءَةِ) يَعْنِي يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً أَوَّلًا (ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا) أُخْرَى (ثُمَّ أُخْرَى لِلرُّكُوعِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُكَبِّرُ سَبْعًا فِي الْأَوَّلِ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَيَذْكُرُ اللَّهَ بَيْنَهُنَّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَقَوْلُنَا مَذْهَبُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الزَّوَائِدِ) ثُمَّ يُرْسِلُهُمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِيهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ وَلَوْ قَيَّدَهُ بِإِلَّا إذَا كَبَّرَ رَاكِعًا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ لَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ سَهْوًا فَذَكَرَهَا فِي الرُّكُوعِ قَضَاهَا فِيهِ وَلَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ (وَيَخْطُبُ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ (خُطْبَتَيْنِ) وَيَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرَاتِ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَفْتِحَ خُطْبَةَ الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ تَتْرَى وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هُوَ مِنْ السُّنَّةِ وَيُكَبِّرُ قَبْلَ نُزُولِهِ مِنْ الْمِنْبَرِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى (يُعَلِّمُ النَّاسَ أَحْكَامَ الْفِطْرَةِ) لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِأَجْلِهَا.
(وَلَا تُقْضَى) صَلَاةُ الْعِيدِ (إنْ فَاتَتْ مَعَ الْإِمَامِ) كَلِمَةُ مَعَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي فَاتَتْ لَا بِفَاتَتْ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ صَلَّاهَا مَعَ جَمَاعَةٍ وَفَاتَتْ عَنْهُ الصَّلَاةُ بِالْجَمَاعَةِ لَا يَقْضِيهَا مَنْ فَاتَتْهُ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ تُقْضَى.
(وَإِنْ مَنَعَ عُذْرٌ) بِأَنْ غَمَّ الْهِلَالُ وَشَهِدُوا بِرُؤْيَتِهِ بَعْدَ الزَّوَالِ كَذَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ بِالْهِلَالِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ عُذْرٌ مَانِعٌ كَالْمَطَرِ الشَّدِيدِ وَشِبْهِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا مِنْ الْغَدِ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ لِلْعُذْرِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (عَنْهَا) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ صَلَّوْهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي) مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى زَوَالِهَا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَا تُؤَخَّرُ إلَى الْغَدِ بِغَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى لَوْ تُرِكَتْ سَقَطَتْ.
(وَلَا تُصَلَّى بَعْدَهُ) وَلَوْ بِعُذْرٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا أَنْ لَا تُقْضَى لَكِنْ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِتَأْخِيرِهَا إلَى الْغَدِ لِلْعُذْرِ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ.
(وَالْأَضْحَى كَالْفِطْرِ) فِي الْكُلِّ إلَّا فِي بَعْضِ أَحْكَامِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ) قِيلَ: يُسَنُّ مُطْلَقًا وَقِيلَ: يُسَنُّ لِمَنْ يُضَحِّي دُونَ غَيْرِهِ لِيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ أَوَّلًا (تَأْخِيرُ الْأَكْلِ فِيهَا إلَى أَنْ يُصَلِّيَ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام كَانَ لَا يَطْعَمُ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُلُ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ» وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى
أَنَّ هَذَا الْإِمْسَاكَ لَيْسَ بِصَوْمٍ وَلِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ النِّيَّةَ هَذَا فِي حَقِّ الْمِصْرِيِّ أَمَّا الْقَرَوِيُّ فَإِنَّهُ يَذُوقُ مِنْ حِينِ أَصْبَحَ وَلَا يُمْسِكُ.
(وَلَا يُكْرَهُ) الْأَكْلُ (قَبْلَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (فِي الْمُخْتَارِ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: الْأَكْلُ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ.
(وَيَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ فِي طَرِيقِ الْمُصَلَّى) .
وَفِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ، وَالْجَهْرُ سُنَّةٌ فِيهِ اتِّفَاقًا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ عِنْدَ انْتِهَائِهِ إلَى الْمُصَلَّى لِأَنَّ إطْلَاقَهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ فِي الْبَيْتِ وَفِي الْمُصَلَّى وَهُوَ رِوَايَةٌ وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى يَشْرَعَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْكَافِي.
(وَيُعَلِّمُ فِي الْخُطْبَةِ تَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ وَالْأُضْحِيَّةَ) لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِتَعْلِيمِ أَحْكَامِ الْوَقْتِ هَكَذَا ذَكَرُوا مَعَ أَنَّ تَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ يَحْتَاجُ إلَى تَعْلِيمِهِ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ لِلْإِتْيَانِ بِهِ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَلَّمَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ الَّتِي يَلِيهَا الْعِيدُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا وَالْعِلْمُ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِ الْعُلَمَاءِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهَا) أَيْ صَلَاةِ الْأَضْحَى (إلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ بِعُذْرٍ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ) وَلَا يُصَلِّي بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَكِنَّهُ يُسِيءُ بِالتَّأْخِيرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِمَا فِيهِ تَأْخِيرُ الْوَاجِبِ بِلَا ضَرُورَةٍ عِنْدَ الْقَائِلِ بِالْوُجُوبِ فَالْعُذْرُ فِي الْأَضْحَى لِنَفْيِ الْكَرَاهَةِ وَفِي الْفِطْرِ لِلْجَوَازِ.
(وَالِاجْتِمَاعُ يَوْمَ عَرَفَةَ) فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ (تَشَبُّهًا بِالْوَاقِفِينَ) بِعَرَفَاتٍ (لَيْسَ بِشَيْءٍ) قَالَ فِي الْفَتْحِ مِثْلُ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّهُ مَطْلُوبُ الِاجْتِنَابِ.
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ لَيْسَ بِشَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ الثَّوَابُ وَهُوَ يَصْدُقُ عَلَى الْإِبَاحَةِ ثُمَّ قَالَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ: إنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنُ عَبَّاسٍ فِعْلُ ذَلِكَ بِالْبَصْرَةِ وَهَذِهِ الْمُقَاسَمَةُ تُفِيدُ أَنَّ مُقَابِلَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْأُصُولِ الْكَرَاهَةُ وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْوُقُوفَ عَهْدُ قُرْبَةٍ فِي مَكَان مَخْصُوصٍ فَلَا يَكُونُ قُرْبَةً فِي غَيْرِهِ انْتَهَى أَقُولُ: إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْكَرَاهَةَ بَلْ أَنْ لَا يَكُونَ قُرْبَةً فَلَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَلَّلَ بِمَا فِي الْكَافِي مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَمَا ذَكَرَ وَلَا يَجُوزُ الِاخْتِرَاعُ فِي الدَّيْنِ وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَحْمُولٌ عَلَى الْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ لَا عَلَى التَّشْبِيهِ.
(وَيَجِبُ تَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ) وَقِيلَ: يُسَنُّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِلْأَمْرِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ لَكِنْ لَمَّا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي الْمُرَادِ بِالْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ لَمْ يَكُنْ قَطْعِيَّ الدَّلَالَةِ وَإِنْ كَانَ قَطْعِيَّ الثُّبُوتِ وَهُوَ يُفِيدُ الْوُجُوبَ لَا الِافْتِرَاضَ.
وَفِي الْفَتْحِ وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ التَّكْبِيرُ الَّذِي هُوَ التَّشْرِيقُ فَإِنَّ التَّكْبِيرَ لَا يُسَمَّى تَشْرِيقًا إلَّا إذَا كَانَ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيَّامِ الْمَخْصُوصَةِ فَهُوَ حِينَئِذٍ مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَفُصِّلَ كُلَّ التَّفْصِيلِ فَلْيُرَاجَعْ (مِنْ فَجْرِ) يَوْمِ (عَرَفَةَ) لِاتِّفَاقِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ ظُهْرِ النَّحْرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ مَذْهَبُ