الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُمْرِهِ كَانَتْ بِالِاحْتِبَاءِ وَعَنْ زُفَرَ أَنَّهُ يَقْعُدُ فِي التَّشَهُّدِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ عُهِدَ مُشَرَّعًا فِي الصَّلَاةِ.
(وَلَوْ قَعَدَ بَعْدَمَا افْتَتَحَهُ قَائِمًا جَازَ) عِنْدَ الْإِمَامِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ.
(وَيُكْرَهُ لَوْ بِلَا عُذْرٍ) عِنْدَهُ (وَقَالَا: لَا يَجُوزُ إلَّا بِعُذْرٍ) قِيَاسًا لِأَنَّ الشُّرُوعَ مُلْزِمٌ كَالنَّذْرِ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا فَكَذَا هَذَا.
(وَيَتَنَفَّلُ) أَيْ يَجُوزُ النَّفَلُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ غَيْرُ النَّافِلَةِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ (رَاكِبًا) وَالدَّابَّةُ تَسِيرُ بِنَفْسِهَا فَإِنْ سَيَّرَهَا الرَّاكِبُ لَا لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْعَمَلِ الْكَثِيرِ (خَارِجَ الْمِصْرِ) أَيْ فِي خَارِجِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَتَنَفَّلُ بِمُجَرَّدِ الْمُجَاوَرَةِ عَنْ الْعُمْرَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ: قَدْرَ فَرْسَخَيْنِ وَقِيلَ: قَدْرَ مِيلٍ، وَإِلَى أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُسَافِرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَنْ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِهِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمِصْرِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْمِصْرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ (مُومِيًا) أَيْ يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ (إلَى أَيْ جِهَةٍ تَوَجَّهَتْ دَابَّتُهُ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إلَى خَيْبَرَ يُومِئُ إيمَاءً» فَلَا يُشْتَرَطُ الِاسْتِقْبَالُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالْبَقَاءُ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ اشْتَرَطَ فِي الِابْتِدَاءِ وَأَصْحَابُنَا لَمْ يَأْخُذُوا بِهِ لِإِطْلَاقِ الْمَرْوِيِّ وَلَوْ افْتَتَحَ خَارِجَ الْمِصْرِ ثُمَّ دَخَلَ قَبْلَ الْفَرَاغِ أَتَمَّهَا رَاكِبًا مَا لَمْ يَبْلُغْ مَنْزِلَهُ وَقِيلَ: أَتَمَّهَا نَازِلًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُصَنِّفُ طَهَارَةَ الدَّابَّةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى السَّرْجِ أَوْ عَلَى الرِّكَابَيْنِ أَوْ الدَّابَّةِ لِأَنَّ فِيهَا ضَرُورَةً فَسَقَطَ اعْتِبَارُهَا.
(وَبَنَى بِنُزُولِهِ) يَعْنِي إذَا افْتَتَحَ رَاكِبًا ثُمَّ نَزَلَ يَبْنِي أَيْ يُوصِلُ مَا بَقِيَ إلَى مَا صَلَّى بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَهَذَا فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ يَسْتَقْبِلُ إذَا نَزَلَ (وَبِرُكُوبِهِ لَا يَبْنِي) يَعْنِي إذَا افْتَتَحَ نَازِلًا ثُمَّ رَكِبَ اسْتَقْبَلَ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَدَّى أَكْمَلَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ غَيْرُ مُوجِبَةٍ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالثَّانِيَ أَدَّى أَنْقَصَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ مُوجِبَةٌ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
[فَصْلٌ التَّرَاوِيحُ]
فَصْلٌ
(التَّرَاوِيحُ) جَمْعُ تَرْوِيحَةٍ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى إيصَالِ الرَّاحَةِ ثُمَّ سُمِّيَتْ الرَّكَعَاتُ الَّتِي آخِرُهَا التَّرْوِيحَةَ بِهَا كَمَا أَطْلَقُوا اسْمَ الرُّكُوعِ عَلَى الْوَظِيفَةِ الَّتِي تُقْرَأُ فِي الْقِيَامِ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِالرُّكُوعِ (سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ مُنْكِرُهَا مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَنَّ لَكُمْ قِيَامَهُ» وَقَالَ «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي» وَصَلَّى مَعَ الصَّحَابَةِ لَيْلَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعِ لَيَالِي كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ وَبَيَّنَ الْعُذْرَ فِي تَرْكِهِ الْمُوَاظَبَةَ وَهُوَ خَشْيَةُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْنَا وَصَلَّوْا بَعْدَهُ فُرَادَى إلَى أَيَّامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ثُمَّ أَقَامَهَا عُمَرُ رضي الله عنه فِي زَمَانِهِ حَيْثُ
أَمَرَ أُبَيّ بْنَ كَعْبٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ وَالصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - سَاعَدُوهُ وَوَافَقُوهُ وَأَمَرُوا بِذَلِكَ بِلَا نَكِيرٍ مِنْ أَحَدٍ وَقَدْ أَثْنَى عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حَيْثُ قَالَ: نَوَّرَ اللَّهُ مَضْجَعَ عُمَرَ كَمَا نَوَّرَ مَسَاجِدَنَا وَقِيلَ: هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ يَعْنِي الْقَوْلَ بِالسُّنِّيَّةِ.
(فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ الْعِشَاءِ) أَيْ وَقْتُ التَّرَاوِيحِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْعِشَاءِ دُونَ الْوِتْرِ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ أَنَّ الْعِشَاءَ صُلِّيَتْ بِلَا طَهَارَةٍ وَالتَّرَاوِيحَ بِطَهَارَةٍ أُعِيدَتْ التَّرَاوِيحُ مَعَ الْعِشَاءِ لَا الْوِتْرُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ بُخَارَى إلَى أَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ وَقْتٌ لَهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَعْدَهُ لَا أَنَّهَا سُمِّيَتْ قِيَامَ اللَّيْلِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ (قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ) وَالْمُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَقِيلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْوَتْرِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لِأَنَّهَا إنَّمَا عُرِفَتْ بِفِعْلِ الصَّحَابَةِ فَكَانَ وَقْتُهَا مَا صَلَّوْهَا فِيهِ وَهُوَ صَلَّوْهَا بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْوِتْرِ فَإِنْ صَلَّاهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَعْدَ الْوِتْرِ لَا يَكُونُ مِنْ التَّرَاوِيحِ وَلِهَذَا عَمَلُ النَّاسِ إلَى الْيَوْمِ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ وُجِدَتْ فِيهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا فَيَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ اخْتِيَارُ هَذَا لَا ذَاكَ تَتَبَّعْ.
(بِجَمَاعَةٍ) أَيْ إقَامَتُهَا بِالْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ فَمَنْ تَرَكَ التَّرَاوِيحَ بِالْجَمَاعَةِ وَصَلَّاهَا فِي الْبَيْتِ فَقَدْ أَسَاءَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَالصَّحِيحُ أَنَّ إقَامَتَهَا بِالْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ عَلَى وَجْهِ الْكِفَايَةِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ كُلُّهُمْ الْجَمَاعَةَ أَسَاءُوا وَأَثِمُوا وَلَوْ أَقَامَهَا الْبَعْضُ فَالْمُتَخَلِّفُ عَنْهَا تَارِكُ الْفَضِيلَةِ، وَإِنْ صَلَّاهَا بِالْجَمَاعَةِ فِي الْبَيْتِ فَقَدْ حَازَ إحْدَى الْفَضِيلَتَيْنِ وَهِيَ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ دُونَ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ.
(عِشْرُونَ رَكْعَةً) سِوَى الْوِتْرِ وَعِنْدَ مَالِكٍ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ رَكْعَةً (بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ) فَكُلُّ شَفْعٍ بِتَسْلِيمَةٍ فَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي وَسَطِ كُلِّ أَرْبَعٍ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ عَنْ تَسْلِيمَتَيْنِ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ صَلَّى كُلَّهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَقَدْ قَعَدَ عَلَى رَأْسِ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ عَنْ الْكُلِّ لِأَنَّهُ أَكْمَلَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُخَلِّ شَيْئًا مِنْ الْأَرْكَانِ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ: لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ التَّوَارُثِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِكَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَانٍ فِي مُطْلَقِ التَّطَوُّعِ لَيْلًا فَلَأَنْ يُكْرَهُ هُنَا أَوْلَى انْتَهَى وَفِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ صَحَّحَ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ الزِّيَادَةَ عَلَى ثَمَانٍ فِي اللَّيْلِ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا وَجَازَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ مِنْهُمْ فَلَا تَلْزَمُ الْمُخَالَفَةُ تَدَبَّرْ (وَجَلْسَةٍ بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعٍ بِقَدْرِهَا) أَيْ بِقَدْرِ أَرْبَعَةٍ مِنْ رَكَعَاتِهَا وَلَوْ قَالَ: وَانْتِظَارٌ بِقَدْرِهَا لَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّ بَعْضَ أَهْلِ مَكَّةَ يَطُوفُونَ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ وَأَهْلَ الْمَدِينَةِ يُصَلُّونَ بَدَلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَهْلُ كُلِّ بَلْدَةٍ بِالْخِيَارِ يُسَبِّحُونَ أَوْ يُهَلِّلُونَ أَوْ يَنْتَظِرُونَ سُكُوتًا وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ الِانْتِظَارُ لِأَنَّ التَّرَاوِيحَ مَأْخُوذٌ مِنْ الرَّاحَةِ فَيُفْعَلُ مَا قُلْنَا تَحْقِيقًا لِلْمُسَمَّى.
(وَالسُّنَّةُ فِيهَا) أَيْ فِي التَّرَاوِيحِ مِنْ حَيْثُ الْقِرَاءَةِ (الْخَتْمُ مَرَّةً) فَيَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةِ عَشْرَ آيَاتٍ قَالَ
الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ السُّنَّةَ وَهُوَ الْخَتْمُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ مَعَ التَّخْفِيفِ لِأَنَّ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ فِي شَهْرٍ سِتُّمِائَةٍ وَعَدَدُ آيِ الْقُرْآنِ سِتَّةُ آلَافٍ وَشَيْءٌ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ الْخَتْمِ مِقْدَارَهُ وَهُوَ يَحْصُلُ وَلَوْ كَانَ أَيَّامُ الشَّهْرِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَإِنَّ الْقَرِيبَ لِلشَّيْءِ يُعْطَى لَهُ حُكْمُهُ، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ اسْتَحَبَّ الْخَتْمَ الْحَقِيقِيَّ فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ رَجَاءً لِنَيْلِ الْقَدْرِ عِنْدَ اخْتِتَامِهِ لِكَثْرَةِ الْأَخْبَارِ أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَلَوْ خَتَمَ فِي التَّرَاوِيحِ فِي لَيْلَةٍ ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ التَّرَاوِيحَ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ لِأَنَّهُ مَا شُرِعَتْ التَّرَاوِيحُ إلَّا لِلْقِرَاءَةِ وَقِيلَ: الْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ وَقِيلَ: آيَتَيْنِ مُتَوَسِّطَتَيْنِ وَقِيلَ: آيَةً طَوِيلَةً أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ قِصَارٍ وَهَذَا أَحْسَنُ وَبِهَذَا أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ لِأَنَّ الْحَسَنَ رَوَى عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثَلَاثَ آيَاتٍ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يُسِئْ هَذَا فِي الْمَكْتُوبَةِ فَمَا ظَنُّك فِي غَيْرِهَا وَقِيلَ: سُورَةُ الْإِخْلَاصِ وَقِيلَ: مِنْ سُورَةِ الْفِيلِ إلَى الْآخِرِ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ.
وَفِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ الْأَفْضَلُ فِي زَمَانِنَا أَنْ يَقْرَأَ بِمَا لَا يُؤَدِّي إلَى تَنْفِيرِ الْقَوْمِ عَنْ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّ تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَبِهِ يُفْتَى (فَلَا يُتْرَكُ) الْخَتْمُ (لِكَسَلِ الْقَوْمِ) فَتُرِكَ لِغَيْرِ الْكَسَلِ وَهُوَ التَّثَاقُلُ عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَثَاقَلَ عَنْهُ وَلِذَا كَانَ مَذْمُومًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلَا يَزِيدُ الْإِمَامُ عَلَى قَدْرِ التَّشَهُّدِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُثْقِلُ عَلَى الْقَوْمِ لِأَنَّ الدَّعَوَاتِ لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُثْقِلُ عَلَيْهِمْ يَزِيدُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ أَنْ لَا يَتْرُكَ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام لِأَنَّهَا فَرْضٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَسُنَّةٌ عِنْدَنَا وَلَا يَتْرُكُ السُّنَنَ لِلْجَمَاعَةِ كَالتَّسْبِيحَاتِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَيَأْتِي الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ بِالثَّنَاءِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ مِنْهَا.
(وَتُكْرَهُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ) لِزِيَادَةِ تَأَكُّدِهَا.
وَفِي الْخَانِيَّةِ أَدَاءِ التَّرَاوِيحِ قَاعِدًا اتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَوَازِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ بِغَيْرِ عُذْرٍ اعْتِبَارًا بِسُنَّةِ الْفَجْرِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ بِخِلَافِ سُنَّةِ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّهَا وَاجِبَةٌ إلَّا أَنَّ ثَوَابَهُ يَكُونُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ.
(وَيُوتِرُ) أَيْ يُصَلِّي الْوِتْرَ (بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ) لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُوتِرُ بِجَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ نَفْلٌ مِنْ وَجْهٍ وَالْجَمَاعَةُ فِي النَّفْلِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ مَكْرُوهٌ فَالِاحْتِيَاطُ تَرْكُهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ صَلَّى الْوِتْرَ بِجَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لَهُ ذَلِكَ وَعَدَمُ الْجَمَاعَةِ فِي الْوِتْرِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى وَقْتٍ تَتَعَذَّرُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَإِنْ صَحَّ هَذَا قُدِحَ فِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ فِي وِتْرِ رَمَضَانَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْجَمَاعَةُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الِانْفِرَادُ فِي الْمَنْزِلِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْفَتْحِ مَا يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ فَيَنْبَغِي اتِّبَاعُهُ لِأَنَّهُ أَدَقُّ.
(وَالْأَفْضَلُ فِي السُّنَنِ الْمَنْزِلُ) أَيْ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ لِبُعْدِهِ عَنْ الرِّيَاءِ لِقَوْلِهِ