الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ]
فَصْلٌ يَعْنِي فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ اعْلَمْ أَنَّ كِتَابَ الطَّلَاقِ صِنْفٌ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ وَمَا تَحْتَهُ صِنْفٌ مُتَرْجَمٌ بِالْبَابِ وَالْبَابُ تَحْتَهُ صِنْفٌ مُسَمًّى بِالْفَصْلِ وَالْكُلُّ تَحْتَ الصِّنْفِ الَّذِي هُوَ نَفْسُ الْعِلْمِ الْمُدَوَّنِ فَإِنَّهُ صِنْفٌ عَالٍ وَالْعِلْمُ مُطْلَقًا بِمَعْنَى الْإِدْرَاكِ جِنْسٌ وَتَحْتَهُ مِنْ الْيَقِينِ وَالظَّنِّ نَوْعٌ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ (قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا، أَوْ فِي غَدٍ يَقَعُ) الطَّلَاقُ (عِنْدَ الصُّبْحِ) لِأَنَّهُ وَصَفَهَا بِالطَّلَاقِ فِي جَمِيعِ الْغَدِ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهُ هُوَ مُسَمًّى الْغَدِ فَتَعَيَّنَ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ وَفِي الثَّانِي وَصَفَهَا فِي جُزْءٍ مِنْهُ وَأَفَادَ أَنَّهُ إذَا أَضَافَهُ إلَى وَقْتٍ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ لِلْحَالِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ خِلَافًا لِمَالِكٍ فَإِنَّهُ قَالَ يَقَعُ فِي الْحَالِ وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِالتَّدَبُّرِ.
(وَإِنْ نَوَى الْوُقُوعَ وَقْتَ الْعَصْرِ) فِي قَوْلِهِ غَدًا (صَحَّتْ دِيَانَةً) لَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى الْغَدِ وَالْغَدُ اسْمٌ لِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْيَوْمِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِذَا عَنَى الْوُقُوعَ فِي بَعْضِ أَجْزَاءِ الْيَوْمِ دُونَ الْجَمِيعِ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ لِإِرَادَةِ التَّخْصِيصِ مِنْ الْعُمُومِ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَكِنْ يُصَدَّقُ دِيَانَةً؛ لِاحْتِمَالِ كَلَامِهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَامَّ يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ وَهُوَ آخِرُ النَّهَارِ فَإِنْ قِيلَ: الْعَامُّ مَا يَتَنَاوَلُ أَفْرَادًا مُتَّفِقَةَ الْحُدُودِ وَلَفْظُ غَدًا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ نَكِرَةٌ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ فَلَا يَكُونُ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ تَنْزِيلِ الْأَجْزَاءِ مَنْزِلَةَ الْأَفْرَادِ مَجَازًا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ.
(وَ) إنْ نَوَى الْوُقُوعَ وَقْتَ الْعَصْرِ (فِي الثَّانِي) أَيْ فِي غَدٍ (يُصَدَّقُ) قَضَاءً (أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُصَدَّقُ دِيَانَةً عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ لَا يُوجِبُ اسْتِيعَابَ الْمَظْرُوفِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ؛ لِعَدَمِ الْمُزَاحَمَةِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّ عِنْدَهُمَا هُوَ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُمَا الظَّرْفِيَّةُ فَإِنْ نَصَبَ غَدًا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ فَلَا فَرْقَ وَجَوَابُهُ أَنَّ قَوْلَهُ غَدًا لِلِاسْتِيعَابِ؛ لِأَنَّهُ شَابَهُ الْمَفْعُولَ بِهِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ لَا أُكَلِّمُك شَهْرًا، وَفِي الشَّهْرِ وَدَهْرًا، وَفِي الدَّهْرِ وَإِنْ كَانَ لِلِاسْتِيعَابِ فَإِذَا نَوَى الْبَعْضَ فَقَدْ نَوَى التَّخْصِيصَ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ كَمَا بَيَّنَّاهُ أَمَّا إذَا عَيَّنَ آخِرَ النَّهَارِ فَكَانَ التَّعْيِينُ الْقَصْدِيُّ أَوْلَى مِنْ الضَّرُورِيِّ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي رَمَضَانَ وَنَوَى آخِرَهُ.
وَفِي الْمِنَحِ وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى حَذْفِ فِي وَإِثْبَاتِهَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ تَقَعُ وَاحِدَةً وَعِنْدَ زُفَرَ ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَوْ قَالَ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلُقَتْ ثَلَاثًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَاحِدَةً إجْمَاعًا كَمَا لَوْ قَالَ عِنْدَ كُلِّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّمَا مَضَى يَوْمٌ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ تَطْلِيقَةً فَإِنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا سَاعَةَ حَلَفَ (وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا، أَوْ غَدًا الْيَوْمَ يُعْتَبَرُ الْأَوَّلُ ذِكْرًا) حَتَّى يَقَعَ فِي الْأَوَّلِ فِي الْيَوْمِ، وَفِي الثَّانِي فِي غَدٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَ ذَكَرَهُ ثَبَتَ حُكْمُهُ تَنْجِيزًا، أَوْ تَعْلِيقًا فَلَا يَحْتَمِلُ التَّغْيِيرَ بِذِكْرِ الثَّانِي
لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ لَا يَقْبَلُ التَّنْجِيزَ وَلَا الْمُنَجَّزَ التَّعْلِيقَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ غَدٌ حَيْثُ لَا يَقَعُ قَبْلَ غَدٍ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِمَجِيءِ غَدٍ فَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ وَذَكَرَ الْيَوْمَ لِبَيَانِ وَقْتِ التَّعْلِيقِ لَكِنْ فِيهِ أَسْئِلَةٌ وَأَجْوِبَةٌ فَلْيُطَالَعْ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُعْطَفْ بِالْوَاوِ، وَلَوْ عُطِفَ بِهَا بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا وَالْيَوْمَ تَقَعُ وَاحِدَةً فِي الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ ثِنْتَانِ.
وَقَالَ زُفَرُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ كَرَّرَ الشَّرْطَ بِأَنْ قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ وَإِذَا جَاءَ غَدٌ يَقَعُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَالتَّفْصِيلُ فِي التَّسْهِيلِ فَلْيُطَالَعْ.
وَفِي التَّبْيِينِ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ آخِرَ النَّهَارِ وَأَوَّلَهُ تَطْلُقُ ثِنْتَيْنِ وَلَوْ عَكَسَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً.
(وَلَوْ قَالَ) لِأَجْنَبِيَّةٍ: (أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك فَهُوَ لَغْوٌ، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ وَقَدْ نَكَحَهَا الْيَوْمَ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ مُنَافِيَةٍ لِمِلْكِيَّةِ الطَّلَاقِ فَيَلْغُو كَمَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أُخْلَقَ، أَوْ إنْ تُخْلَقِي وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ، أَوْ نَائِمٌ أَوْ مَجْنُونٌ وَكَانَ جُنُونُهُ مَعْهُودًا فَإِنَّهُ يَكُونُ لَغْوًا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ تُنَافِي صِحَّةَ الْإِيقَاعِ فَكَانَ مُنْكِرًا لَا مُقِرًّا بِهِ.
(وَإِنْ) كَانَ (نَكَحَهَا قَبْلَ أَمْسِ وَقَعَ الْآنَ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْنَدَ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ إخْبَارًا أَيْضًا فَكَانَ إنْشَاءً وَالْإِنْشَاءُ فِي الْمَاضِي إنْشَاءٌ فِي الْحَالِ.
(وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مَا لَمْ أُطَلِّقْك) أَوْ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك (أَوْ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك وَسَكَتَ طَلُقَتْ لِلْحَالِ) لِإِضَافَتِهِ إلَى زَمَانٍ خَالٍ عَنْ التَّطْلِيقِ وَقَدْ وُجِدَ بِسُكُوتِهِ لِأَنَّ مَتَى لِلزَّمَانِ وَمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ حِينَ لَمْ أُطَلِّقْك، أَوْ زَمَانَ لَمْ أُطَلِّقْك، أَوْ حَيْثُ لَمْ أُطَلِّقْك، أَوْ يَوْمَ لَمْ أُطَلِّقْك وَسَكَتَ يَقَعُ حَالًا، وَلَوْ قَالَ زَمَانَ لَا أُطَلِّقُك، أَوْ حِينَ لَا أُطَلِّقُك لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَمْضِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ لَمْ مَوْضُوعٌ لِقَلْبِ الْمُضَارِعِ مَاضِيًا وَنَفْيِهِ فَإِذَا سَكَتَ وُجِدَ زَمَانٌ لَمْ يُطَلِّقْهَا فِيهِ وَحَيْثُ لِلْمَكَانِ وَكَمْ مِنْ مَكَان لَمْ يُطَلِّقْهَا فِيهِ وُجِدَ شَرْطُ الطَّلَاقِ وَكَلِمَةُ لَا لِلِاسْتِقْبَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ
نِيَّةٌ لَا يَقَعُ لِلْحَالِ (حَتَّى لَوْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ) بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مَا لَمْ أُطَلِّقْك وَنَحْوَهُ (وَقَعْنَ بِسُكُوتِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ وَصَلَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْكُتْ بَلْ قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ) مَوْصُولًا بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك (وَقَعَ وَاحِدَةً) لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مَتَى لَمْ أُطَلِّقْك شَيْءٌ وَإِنَّمَا يَقَعُ بِالْمَوْصُولِ بِهِ وَهُوَ أَنْتِ طَالِقٌ خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنَّ عِنْدَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ، وَفِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مَا لَمْ أُطَلِّقْك أَنْتِ طَالِقٌ تَقَعُ وَاحِدَةً عِنْدَنَا وَثَلَاثٌ عِنْدَهُ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا لَمْ أُكَلِّمْك وَسَكَتَ وَقَعَ الثَّلَاثُ مُتَتَابِعًا لَا جُمْلَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي عُمُومَ الِانْفِرَادِ لَا عُمُومَ الِاجْتِمَاعِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ ثَلَاثًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَحِيلَتُهُ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِذَا قَالَ لَهَا ذَلِكَ تَقُولُ الْمَرْأَةُ لَا أَقْبَلُ فَإِنْ مَضَى الْيَوْمُ لَا يَقَعُ الثَّلَاثُ فِي قِيَاسِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ لَا تَطْلُقُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالتَّطْلِيقِ إلَّا أَنَّ هَذَا التَّطْلِيقَ مُقَيَّدٌ؛ لِأَنَّهُ تَطْلِيقٌ بِعِوَضٍ وَالْمُقَيَّدُ يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُطْلَقِ فَيَتَقَدَّمُ شَرْطُ الْحِنْثِ.
(وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَقَعُ) الطَّلَاقُ (مَا لَمْ يَمُتْ أَحَدُهُمَا) قَبْلَ أَنْ تَطْلُقَ فَيَقَعُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ فَإِنْ مَاتَ، أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مِيرَاثَ وَإِنْ دَخَلَ فَلَهَا الْمِيرَاثُ بِحُكْمِ الْفِرَارِ وَلَا مِيرَاثَ لَهُ مِنْهَا.
وَفِي النَّوَادِرِ: لَا يَقَعُ بِمَوْتِهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَوْتَهَا كَمَوْتِهِ.
(وَإِذَا) أَيْ لَفْظُ إذَا وَإِذَا مَا (بِلَا نِيَّةٍ مِثْلُ إنْ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْوَقْتِ عِنْدَ الْكُوفِيَّةِ وَلِاشْتِرَاكِهِ وَقَعَ الشَّكُّ فِي وُقُوعِهِ فَلَمْ يَقَعْ حَالًا (وَعِنْدَهُمَا) وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (مِثْلُ مَتَى) ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ مَعَ الْوَقْتِ كَمَا ذَهَبَتْ إلَيْهِ الْبَصْرِيَّةُ فَتَطْلُقُ حَالًا (وَمَعَ نِيَّةِ الشَّرْطِ، أَوْ الْوَقْتِ فَمَا نَوَى) أَيْ يُفَوَّضُ إلَى نِيَّتِهِ فَإِنْ نَوَى الْأَوَّلَ يَقَعُ آخِرَ الْعُمْرِ وَإِنْ نَوَى الثَّانِي يَقَعُ حَالًا بِلَا خِلَافٍ (وَالْيَوْمُ) مَوْضُوعٌ لِلْوَقْتِ لَيْلًا، أَوْ غَيْرَهُ قَلِيلًا وَعُرْفًا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا وَشَرْعًا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ كَمَا فِي
الْكَوَاشِيِّ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ لِلْمَعْنَى الْعُرْفِيِّ، وَفِي الْوَقْتِ مَجَازٌ (لِلنَّهَارِ) أَيْ فِي النَّهَارِ وَهُوَ لُغَةً ضَوْءٌ مُمْتَدٌّ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الْغُرُوبِ وَعُرْفًا وَشَرْعًا كَالْيَوْمِ وَالْعُرْفُ مُرَادٌ (مَعَ فِعْلٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْيَوْمُ تَابِعًا لِلْفِعْلِ وَمُتَعَلِّقًا بِهِ لَأَنْ يَكُونَ مُضَافًا إلَيْهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ مَعَ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (مُمْتَدٌّ) يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ بِمُدَّةٍ مِثْلُ لَبِسْت الثَّوْبَ يَوْمَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُمْتَدِّ فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ دَخَلْت يَوْمًا وَالْمُرَادُ بِالْمُمْتَدِّ مَا يَسْتَوْعِبُ مِثْلَ النَّهَارِ لَا مُطْلَقَ الِامْتِدَادِ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّكَلُّمَ مِنْ قَبِيلِ غَيْرِ الْمُمْتَدِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّكَلُّمَ يَمْتَدُّ زَمَانًا طَوِيلًا لَكِنْ لَا يَمْتَدُّ بِحَيْثُ يَسْتَوْعِبُ النَّهَارَ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ التَّكَلُّمَ مِمَّا لَا يَقْبَلُ التَّقْدِيرَ بِالْمُدَّةِ فَكَيْفَ جَعَلُوهُ غَيْرَ مُمْتَدٍّ وَلَا نُسَلِّمُ أَنْ يُقَدَّرَ بِمُدَّةِ النَّهَارِ عُرْفًا عَلَى أَنَّهُ مُمْتَدٌّ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَالْأَفْصَحُ فِي تَفْسِيرِ الْمُمْتَدِّ مَا يَتَجَدَّدُ مِنْ الْمَرَّاتِ الْمُمَاثَلَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حِسًّا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَلِمُطْلَقِ الْوَقْتِ) فِي جُزْءٍ مِنْ الزَّمَانِ، وَلَوْ لَيْلًا (مَعَ فِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ) وَالْفَرْقُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةٍ هِيَ أَنَّ مَظْرُوفَ الْيَوْمِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُمْتَدٍّ يُصْرَفُ الْيَوْمُ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَهُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ إلَى مَجَازِهِ وَهُوَ مُطْلَقُ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الْمُدَّةِ لَغْوٌ إذْ لَا يَحْتَمِلُهُ وَإِنْ مُمْتَدًّا تَكُونُ بَاقِيًا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْمُرَادُ بِمَا يَمْتَدُّ مَا يَصِحُّ ضَرْبُ الْمُدَّةِ لَهُ كَالسَّيْرِ وَالرُّكُوبِ وَالصَّوْمِ وَتَخْيِيرِ الْمَرْأَةِ وَتَفْوِيضِ الطَّلَاقِ وَبِمَا مَا لَا يَمْتَدُّ لَا يَصِحُّ ضَرْبُ مُدَّةٍ لَهُ كَالطَّلَاقِ وَالتَّزَوُّجِ وَالسَّلَامِ وَالْعَتَاقِ وَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ (فَلَوْ قَالَ) تَفْرِيعٌ لِمَا قَبْلَهُ (أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ فَقَدِمَ لَيْلًا لَا تَتَخَيَّرُ) فَإِنَّ كَوْنَ الْأَمْرِ بِالْيَدِ يُقَدَّرُ بِالْمُدَّةِ الْمُسْتَوْعِبَةِ لِلنَّهَارِ فَيَكُونُ فِعْلًا مُمْتَدًّا فَالْيَوْمُ فِيهِ لِلنَّهَارِ الْعُرْفِيِّ فَلَوْ قَدِمَ لَيْلًا لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارٌ كَمَا لَوْ قَدِمَ نَهَارًا بِلَا عِلْمِهَا حَتَّى مَضَى كَمَا فِي الْكَافِي فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهَا.
(وَإِنْ قَالَ يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَكَحَهَا لَيْلًا وَقَعَ) الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ فِعْلٌ لَا يُقَدَّرُ بِالْمُدَّةِ الْمُسْتَوْعِبَةِ فَتَطْلُقُ وَلَوْ لَيْلًا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، ثُمَّ الِامْتِدَادُ وَعَدَمُهُ إنَّمَا يُعْتَبَرَانِ فِي جَانِبِ الْعَامِلِ لَا الْمُضَافِ إلَيْهِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ سَوَاءٌ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَذَا بِلَا خِلَافٍ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ تُسَامِحُ فَاعْتُبِرَ الْمُضَافُ إلَيْهِ فِيمَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْجَوَابُ نَظَرًا إلَى حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ اسْتِقَامَةُ الْجَوَابِ حَيْثُ صَرَّحُوا فِي قَوْلِهِ: يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ بِأَنَّ الْمَقْرُونَ هُوَ الْكَلَامُ وَالْكَلَامُ مِمَّا يَمْتَدُّ، وَفِي قَوْلِهِ: يَوْمَ أَتَزَوَّجُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا لَيْلًا طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ فَعَلَى هَذَا قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ الْأَوْجَهُ أَنْ يُعْتَبَرَ الْمُمْتَدُّ مِنْهُمَا لَيْسَ بِأَوْجَهَ وَقَوْلُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْيَوْمُ غَيْرَ مُمْتَدٍّ وَالْفِعْلُ الَّذِي أُضِيفَ الْيَوْمُ مُمْتَدٌّ نَحْوُ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ أَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ وَبِالْعَكْسِ نَحْوُ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْيَوْمِ النَّهَارُ تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مِمَّا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ الْمُصَرَّحَ فِيهَا عَدَمُ اعْتِبَارِ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَصْلًا تَأَمَّلْ وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ وَإِلَّا فَانْعَكَسَ
الْحُكْمُ بِنَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَصُومُ زَيْدٌ وَأَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ وَإِنْ نَوَى النَّهَارَ فِي غَيْرِ الْمُمْتَدِّ صُدِّقَ قَضَاءً وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله لَا.
(وَلَوْ قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (أَنَا مِنْك طَالِقٌ فَهُوَ لَغْوٌ) لَا يُعْبَأُ بِهِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةً (نَوَى) بِهِ الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ شُرِعَ مُضَافًا إلَى الْمَرْأَةِ فَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ نَفْسَهُ فَقَدْ غَيَّرَ الْمَشْرُوعَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ يَقَعُ إذَا نَوَى (وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك بَائِنٌ، أَوْ عَلَيْك حَرَامٌ بَانَتْ إنْ نَوَى) الطَّلَاقَ تَطْلُقُ بِطَرِيقِ الْكِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْإِبَانَةَ لِإِزَالَةِ الْوَصْلَةِ وَالتَّحْرِيمَ لِإِزَالَةِ الْحِلِّ وَهُمَا مُشْتَرِكَانِ فِيهِمَا فَتَصِحُّ الْإِضَافَةُ، وَلَوْ قَالَ أَنَا بَائِنٌ وَلَمْ يَقُلْ مِنْك، أَوْ قَالَ حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْك لَمْ تَطْلُقْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ بَائِنٌ، أَوْ حَرَامٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ حَيْثُ تَطْلُقُ إذَا نَوَى وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ أَوْ الْحَرَامَ إذَا كَانَ مُضَافًا إلَيْهَا تَعَيَّنَ لِإِزَالَةِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْوَصْلَةِ وَالْحِلِّ وَإِذَا أَضَافَهُ إلَيْهِ لَا يَتَعَيَّنُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى فَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ أَنَا بَائِنٌ مِنْهَا، أَوْ حَرَامٌ عَلَيْهَا.
(وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي، أَوْ مَعَ مَوْتِك فَهُوَ لَغْوٌ) ؛ لِأَنَّ مَعَ لِلْقِرَانِ وَحَالُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا حَالُ ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ، أَوْ لِلشَّرْطِ كَقَوْلِهِ مَعَ دُخُولِك فَلَزِمَ الْوُقُوعُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ مُحَالٌ (وَكَذَا) يَكُونُ لَغْوًا (لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةٍ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، أَوْ لَا وَهُوَ رِوَايَةُ الطَّلَاقِ مِنْ الْمَبْسُوطِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ الْكُلِّ فَعَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ، لَهُ أَنَّهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ فِي الْوَاحِدَةِ لِدُخُولِ حَرْفِهِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ النَّفْيِ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْوَحْدَةِ لِلشَّكِّ وَيَبْقَى قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ سَالِمًا عَنْ الشَّكِّ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ لَا لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الشَّكَّ فِي أَصْلِ الْإِيقَاعِ فَلَا يَقَعُ، وَلَهُمَا أَنَّ الْوَصْفَ مَتَى قُرِنَ بِالْعَدَدِ كَانَ الْوُقُوعُ بِذِكْرِ الْعَدَدِ لَا بِالْوَصْفِ فَكَانَ الشَّكُّ دَاخِلًا فِي الْإِيقَاعِ فَلَا يَقَعُ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَعْنَ، وَلَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِالْوَصْفِ لَمَا وَقَعْنَ لِكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً.
(وَإِنْ مَلَكَ) الزَّوْجُ (امْرَأَتَهُ) بِأَنْ كَانَتْ أَمَةَ الْغَيْرِ فَمَلَكَهَا كُلَّهَا (أَوْ شِقْصَهَا) أَيْ بَعْضَهَا (أَوْ مَلَكَتْهُ) أَيْ الْمَرْأَةُ كُلَّ الزَّوْجِ (أَوْ شِقْصَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ ضَرُورِيٌّ وَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْأَقْوَى مِنْهُ وَهُوَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِلِاجْتِمَاعِ بَيْنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْمَمْلُوكِيَّة وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الرَّقِيقَةَ حَيْثُ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ حَقَّ الْمِلْكِ لَا الْمِلْكَ الْحَقِيقِيَّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مَالِكًا إذَا كَانَ مَمْلُوكًا (فَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَغَا) ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ يَسْتَدْعِي قِيَامَ