الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي مُخْتَلَفِهِ هَذَا الِاخْتِلَافَ عَلَى عَكْسِهِ وَهُوَ أَنَّهُ فِي قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَكُونُ لَهَا كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.
(وَلَغَا تَعْيِينَ النَّاذِرِ لِلتَّصَدُّقِ الْيَوْمَ وَالدِّرْهَمَ وَالْفَقِيرَ) يَعْنِي إذَا قَالَ النَّاذِرُ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ الْيَوْمَ بِهَذَا الدِّرْهَمِ عَلَى هَذَا الْفَقِيرِ فَتَصَدَّقَ غَدًا دِرْهَمًا آخَرَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْفَقِيرِ يُجْزِيهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ.
[بَابُ زَكَاةِ السَّوَائِمِ]
بَدَأَ بِبَيَانِ السَّوَائِمِ اقْتِدَاءً بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام إلَى أَعْمَالِهِ فَإِنَّهَا كَانَتْ مُفَتَّحَةً بِهَا وَلِكَوْنِهَا أَعَزَّ أَمْوَالِ الْعَرَبِ وَالسَّوَائِمُ جَمْعُ سَائِمَةٍ مِنْ سَاوَمَتْ الْمَاشِيَةِ أَيْ رَعَيَتْ سَوْمًا وَأَسَامَهَا صَاحِبُهَا إسَامَةً كَمَا فِي الْمُغْرِبِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هِيَ كُلُّ إبِلٍ تُرْسَلُ وَتُرْعَى وَلَا تُعْلَفُ فِي الْأَهْلِ وَالْمُرَادُ بِالسَّائِمَةِ الَّتِي تُسَامُ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَلِلزِّيَادَةِ فِي السِّنِّ وَالسَّمْنِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَلَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ لَوْ أَسَامَهَا لِلَّحْمِ لَا زَكَاةَ فِيهَا فَإِنْ أَسَامَهَا لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا وَإِنْ أَسَامَهَا لِلْبَيْعِ وَالتِّجَارَةِ فَفِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ لَا زَكَاةُ السَّائِمَةِ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ قَدْرًا وَسَبَبًا فَلَا يُجْعَلُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ وَلَا يُبْنَى حَوْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى حَوْلِ الْآخَرِ (السَّائِمَةُ الَّتِي تَكْتَفِي بِالرِّعْيِ) الرِّعْيُ بِالْكَسْرِ الْكِلَاءُ وَبِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ قِيلَ الْكَسْرُ هَاهُنَا أَنْسَبُ أَقُولُ بِالْفَتْحِ أَوْلَى لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالْكِلَاءِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَرَاعِي أَوْ فِي الْبَيْتِ فَعَلَى الْأَوَّلِ فَمُسَلَّمٌ وَعَلَى الثَّانِي فَلَا يَكُونُ سَائِمَةً تَدَبَّرْ (فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ) فَإِنْ عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَيْسَتْ بِسَائِمَةٍ لِأَنَّ أَرْبَابَهَا لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ الْعَلْفِ أَيَّامَ الثَّلْجِ وَالشِّتَاءِ فَاعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ لِيَكُونَ غَالِبًا.
(وَلَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ) بِالْفَتْحِ (مِنْ الْإِبِلِ) السَّائِمَةِ (زَكَاةٌ) لِأَنَّ نِصَابَهَا خَمْسٌ (فَإِذَا كَانَتْ خَمْسًا سَائِمَةً فَفِيهَا شَاةٌ) مُتَوَسِّطٌ إلَى تِسْعٍ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ رُبْعُ الْعُشْرِ قَالَ عليه الصلاة والسلام «هَاتُوا رُبْعَ عُشْرِ أَمْوَالِكُمْ» وَالشَّاةُ تَقْرُبُ رُبْعَ عُشْرِ الْإِبِلِ فَإِنَّ الشَّاةَ تَقُومُ بِخَمْسَةٍ وَبِنْتُ مَخَاضٍ بِأَرْبَعِينَ فَإِيجَابُ الشَّاةِ مِنْ خَمْسٍ كَإِيجَابِ الْخَمْسِ فِي أَرْبَعِينَ وَالْإِطْلَاقُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْعَجْفَاءَ وَالْمَرِيضَةَ سَوَاءٌ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْعَمْيَاءُ كَمَا فِي الظَّاهِرِ وَكَذَا الْعَرْجَاءُ لَا مَقْطُوعُ الْقَوَائِمِ وَكَذَا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَلَا يُنَافِي تَجَرُّدَ الْخَمْسِ عَنْ التَّاءِ كَمَا ظُنَّ فَإِنَّ مَا فَوْقَ الِاثْنَيْنِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ بِالتَّاءِ أَصْلًا إذَا كَانَ تَمْيِيزُهُ اسْمَ جِنْسٍ كَالْإِبِلِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَ) تَجِبُ (فِي الْعَشْرِ) إبِلًا (شَاتَانِ) إلَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ.
(وَ) تَجِبُ (فِي خَمْسَ عَشْرَةَ) إبِلًا (ثَلَاثُ شِيَاهٍ) إلَى تِسْعَ عَشْرَةَ.
(وَ) تَجِبُ (فِي عِشْرِينَ) إبِلًا (أَرْبَعُ شِيَاهٍ) إلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ.
(وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ) أَيْ دَخَلَتْ (فِي) السَّنَةِ (الثَّانِيَةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّهَا فِي الْغَالِبِ تَصِيرُ ذَاتَ مَخَاضٍ أَيْ حَامِلٌ بِأُخْرَى وَالْمَخَاضُ أَيْضًا وَجَعُ الْوِلَادَةِ وَالنُّوقُ الْحَوَامِلُ وَاحِدَتُهَا حِقَّةٌ كَلِمَةٌ وَفِي الْأَسَاسِ
كُلُّهَا مَجَازٌ وَالْحَقِيقَةُ اضْطِرَابُ شَيْءٍ مَائِعٍ فِي وِعَائِهِ وَعَلَى هَذَا اتَّفَقَتْ الْآثَارُ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ إلَّا مَا قَالَ أَبُو مُطِيعٍ الْبَلْخِيُّ إنَّ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسَ شِيَاهٍ فَإِذَا صَارَتْ سِتًّا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ لَكِنَّ هَذِهِ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ.
(وَ) تَجِبُ (فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّهَا فِي الْغَالِبِ تَكُونُ ذَاتَ لَبَنٍ مِنْ أُخْرَى.
(وَ) تَجِبُ (فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ إلَى سِتِّينَ حِقَّةٌ) بِالْكَسْرِ (وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الرَّابِعَةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الْحَمْلَ وَالرُّكُوبَ.
(وَ) تَجِبُ (فِي إحْدَى وَسِتِّينَ إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ جَذَعَةٌ) بِتَحْرِيكِ الذَّالِ (وَهِيَ الَّتِي طَعَنَتْ فِي الْخَامِسَةِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَعْنًى فِي أَسْنَانِهَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَهِيَ أَقْصَى سِنٍّ يَدْخُلُ فِي بَابِ زَكَاةِ الْإِبِلِ وَفِي تَأْنِيثِ هَذِهِ الْأَسَامِي إشْعَارٌ بِأَنَّ مِنْ صِفَاتِ الْوَاجِبِ فِي الْإِبِلِ الْأُنُوثَةَ حَتَّى لَا يَجُوزَ فِيهَا سِوَى الْإِنَاثِ إلَّا بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ لَمْ يُوجَدْ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
(وَ) تَجِبُ (فِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ إلَى تِسْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَ) تَجِبُ (فِي إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ) وَبِهَذَا اشْتَهَرَتْ كُتُبُ الصَّدَقَاتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام (ثُمَّ) إذَا زَادَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ تُسْتَأْنَفُ الْفَرِيضَةُ عِنْدَنَا فَتَجِبُ (فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ) مَعَ الْحِقَّتَيْنِ (إلَى مِائَةٍ وَخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا) أَيْ فَفِي مِائَةٍ وَخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ (حِقَّتَانِ وَبِنْتُ مَخَاضٍ إلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَفِيهَا) أَيْ فَفِي الْمِائَةِ وَخَمْسِينَ (ثَلَاثُ حِقَاقٍ ثُمَّ) تُسْتَأْنَفُ الْفَرِيضَةُ ثَانِيًا فَتَجِبُ (فِي كُلِّ خَمْسٍ) زَادَ عَلَى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ (شَاةٌ) مَعَ ثَلَاثِ حِقَاقٍ (إلَى مِائَةٍ وَخَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا) أَيْ فَفِي مِائَةٍ وَخَمْسٍ وَسَبْعِينَ (ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ مَخَاضٍ إلَى مِائَةٍ وَسِتٍّ وَثَمَانِينَ فَفِيهَا) أَيْ فَفِي مِائَةٍ وَسِتٍّ وَثَمَانِينَ (ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ إلَى مِائَةٍ وَسِتٍّ وَتِسْعِينَ فَفِيهَا) أَيْ فَفِي مِائَةٍ وَسِتٍّ وَتِسْعِينَ (أَرْبَعُ حِقَاقٍ إلَى مِائَتَيْنِ) وَمَا بَيْنَ النِّصَابَيْنِ مَعْفُوٌّ (ثُمَّ يَفْعَلُ فِي كُلِّ خَمْسِينَ) حَتَّى تَجِبَ فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ (كَمَا فَعَلَ فِي الْخَمْسِينَ الَّتِي بَعْدَ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ) احْتَرَزَ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ عَنْ الِاسْتِئْنَافِ الَّذِي بَعْدَ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ إذْ لَا يَكُونُ فِيهِ إيجَابُ بِنْتِ لَبُونٍ وَلَا إيجَابُ أَرْبَعِ حِقَاقٍ لِعَدَمِ نِصَابِهَا فَإِنَّهُ لَمَّا زَادَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ صَارَ كُلُّ النِّصَابِ مِائَةً وَخَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ فَهُوَ نِصَابُ بِنْتِ مَخَاضٍ مَعَ الْحِقَّتَيْنِ وَلَمَّا زَادَتْ عَلَيْهَا خَمْسٌ وَصَارَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَجَبَتْ ثَلَاثُ حِقَاقٍ لِأَنَّ فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةً وَلَا تُسْتَأْنَفُ الْفَرِيضَةُ بَلْ يَجْعَلُ بَعْدَ ذَلِكَ كُلَّ عَشْرَةٍ عَفْوًا فَيَجِبُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ (وَالْبُخْتُ وَالْعِرَابُ سَوَاءٌ) لِأَنَّ مُطْلَقَ اسْمِ الْإِبِلِ يَنْتَظِمُهُمَا.