الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نِصْفَ دِينَارٍ قِيمَتُهُ النِّصَابُ قُطِعَ، وَلَوْ أَقَلَّ لَا وَلَا يُقْطَعُ فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَكُونَ مِثْقَالًا تَكُونُ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْ الْحِرْزِ أَقَلَّ مِنْ الْعَشَرَةِ، ثُمَّ دَخَلَ فِيهِ وَكَمَّلَ لَمْ يُقْطَعْ (مَضْرُوبَةً) فَلَوْ أَخَذَ نُقْرَةَ فِضَّةٍ وَزْنُهَا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ مَتَاعًا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ لَمْ يُقْطَعْ فَيُقَوَّمُ بِأَعَزِّ النُّقُودِ، أَوْ بِنَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي يَرُوجُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْغَالِبِ، فَالْأَوَّلُ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ، وَالثَّانِي رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ عَنْهُ وَلَا يَقْطَعُ بِالشَّكِّ وَلَا بِتَقْوِيمٍ وَاحِدٍ، أَوْ بَعْضٍ مِنْ الْمُقَوِّمِينَ (مِنْ حِرْزٍ) أَيْ مَمْنُوعٍ عَنْ وُصُولِ يَدِ الْغَيْرِ إلَيْهِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْمَجْعُولُ فِي الْحِرْزِ أَيْ: الْمَوْضِعُ الْحَصِينُ فَلَا يُقْطَعُ فِي غَيْرِهِ (لَا مِلْكَ لَهُ) أَيْ لِلسَّارِقِ (فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَسْرُوقِ (وَلَا شُبْهَةَ) مِلْكٍ فَلَا يُقْطَعُ لَوْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ، أَوْ تَأْوِيلٌ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ السَّارِقِ لَيْسَ بِأَخْرَسَ وَلَا أَعْمَى لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوْ نَطَقَ ادَّعَى شُبْهَةً، وَالْأَعْمَى جَاهِلٌ بِمَالِ غَيْرِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ السَّرِقَةُ فِي دَارِ الْعَدْلِ فَلَوْ سَرَقَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ الْبَغْيِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَخَذَ لَمْ يُقْطَعْ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ دَلَالَةِ الْقَصْدِ إلَى النِّصَابِ الْمَأْخُوذِ فَلَوْ سَرَقَ ثَوْبًا لَا يُسَاوِي عَشَرَةً وَفِيهِ دَرَاهِمُ مَضْرُوبَةٌ لَمْ يُقْطَعْ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّوْبُ وِعَاءً لِلدَّرَاهِمِ عَادَةً وَإِلَّا يُقْطَعُ كَسَرِقَةِ كِيسٍ فِيهِ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِيهِ يَقَعُ عَلَى سَرِقَةِ الدَّرَاهِمِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ يَدٌ صَحِيحَةٌ وَأَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ مِمَّا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَلَوْ سَرَقَ مِنْ السَّارِقِ لَمْ يُقْطَعْ، وَكَذَا لَوْ سَرَقَ مَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَاللَّحْمِ، وَالْفَوَاكِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجَهُ ظَاهِرًا حَتَّى لَوْ ابْتَلَعَ دِينَارًا فِي الْحِرْزِ وَخَرَجَ لَمْ يُقْطَعْ وَلَا يَنْتَظِرُ إلَى أَنْ يَتَغَوَّطَهُ، بَلْ يَضْمَنُ مِثْلَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا عُلِمَ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ بِتَامٍّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هِيَ أَخْذُ مُكَلَّفٍ نَاطِقٍ بَصِيرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ جِيَادًا وَمِقْدَارُهَا مَقْصُودَةً ظَاهِرَةُ الْإِخْرَاجِ خُفْيَةً مِنْ صَاحِبِ يَدٍ صَحِيحَةٍ مِمَّا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ فِي دَارِ الْعَدْلِ مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ وَلَا تَأْوِيلَ فِيهِ تَأَمَّلْ.
[بِمَا يَثْبُتُ حَدّ السَّرِقَة]
(وَتَثْبُتُ) السَّرِقَةُ (بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الشُّرْبُ) أَيْ تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَبِالْإِقْرَارِ لَا بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (فَإِنْ سَرَقَ مُكَلَّفٌ حُرٌّ، أَوْ عَبْدٌ) وَهُمَا فِي الْقَطْعِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يُفَصِّلْ؛ وَلِأَنَّ الْقَطْعَ لَا يَنْتَصِفُ فَكُمِّلَ وَلَمْ يَنْدَرِئْ صِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ (ذَلِكَ الْقَدْرُ) أَيْ: قَدْرُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ حَالَ كَوْنِهِ (مُحْرَزًا بِمَكَانٍ) أَيْ: بِسَبَبِ مَوْضِعٍ مُعَدٍّ لِحِفْظِ الْأَمْوَالِ كَالدُّورِ، وَالدَّكَاكِينِ، وَالْخِيَامِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ حِرْزَ كُلِّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ بِحِرْزِ مِثْلِهِ حَتَّى لَا يُقْطَعَ بِأَخْذِ لُؤْلُؤٍ مِنْ إسْطَبْلٍ بِخِلَافِ أَخْذِ الدَّابَّةِ (أَوْ حَافِظٍ) كَالْجَالِسِ عِنْدَ مَالِهِ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى لَوْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ تَحْتِ رَأْسِ النَّائِمِ فِي الصَّحْرَاءِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ يُقْطَعُ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَأَقَرَّ) السَّارِقُ (بِهَا) أَيْ: بِالسَّرِقَةِ طَائِعًا وَفَلْو أَقَرَّ مُكْرَهًا كَانَ بَاطِلًا وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ أَفْتَى بِصِحَّتِهِ وَيَحِلُّ ضَرْبُهُ لَكِنْ
لَا يُفْتَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَوَرٌ، وَفِي الْمِنَحِ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ الْمُنَاسِبِ لِلتُّهْمَةِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَضْرِبُهُ الْوَالِي أَوْ الْقَاضِي وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَضْرِبُهُ الْوَالِي فَقَطْ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَضْرِبُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ يُحْبَسُ حَتَّى يُكْشَفَ أَمْرُهُ قِيلَ الْحَبْسُ شَهْرًا وَقِيلَ يُحْبَسُ مُدَّةَ اجْتِهَادِ وَلِيِّ الْأَمْرِ مَرَّةً عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ مَرَّتَيْنِ (أَوْ شَهِدَ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ (عَلَيْهِ رَجُلَانِ) أَنَّهُ سَرَقَ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ ضِمْنًا فَحَذْفُهُ أَوْلَى لِلِاخْتِصَارِ كَمَا قِيلَ لَكِنْ الْمُصَنِّفُ صَرَّحَهُ؛ لِأَنَّهُ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ (وَسَأَلَهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ (الْإِمَامُ) أَوْ الْقَاضِي (عَنْ السَّرِقَةِ مَا هِيَ) أَيْ: السَّرِقَةُ احْتِرَازٌ عَنْ نَحْوِ الْغَصْبِ، وَالسَّرِقَةِ الْكُبْرَى (وَكَيْفَ هِيَ) لِجَوَازِ أَنَّهُ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الدَّارِ وَأَخْرَجَ، أَوْ تَأَوَّلَهُ آخَرُ مِنْ خَارِجٍ (وَأَيْنَ هِيَ) لِجَوَازِ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ الْبَغْيِ وَمَتَى هِيَ لِجَوَازِ أَنَّهَا مُتَقَادِمٌ أَمْ لَا (وَكَمْ هِيَ) ، وَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى السَّرِقَةِ، وَالْمُرَادُ الْمَسْرُوقُ فَيَسْأَلُ الْإِمَامُ لِيَعْلَمَ أَنَّ الْمَسْرُوقَ كَانَ نِصَابًا أَوْ لَا.
(وَمِمَّنْ سَرَقَ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، أَوْ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ لَا يُقَالُ إنَّ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ حَاضِرٌ، وَالشُّهُودُ تَشْهَدُ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى السُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ حَاضِرًا وَيَكُونَ الْمُدَّعِي غَيْرَهُ تَأَمَّلْ.
(وَبَيَّنَاهَا) أَيْ: بَيَّنَ الشَّاهِدَانِ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ الْمَسْئُولَ عَنْهَا (قُطِعَ) جَوَابُ أَنْ أَيْ: قُطِعَ السَّارِقُ يَدُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُقِرًّا، أَوْ غَيْرَهُ جَزَاءً لِكَسْبِهِ وَيَحْبِسُهُ إلَى أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ لِلتُّهْمَةِ ثُمَّ يَحْكُمُ بِالْقَطْعِ.
وَفِي الْبَحْرِ، وَأَمَّا الْمُقِرُّ فَيُسْأَلُ عَنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا إلَّا عَنْ السُّؤَالِ عَنْ الزَّمَانِ.
وَفِي الْفَتْحِ وَلَا يُسْأَلُ الْمُقِرُّ عَنْ الْمَكَانِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِلِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ وَصَحَّ رُجُوعُهُ عَنْ إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ جَمَاعَةً، ثُمَّ رَجَعَ وَاحِدٌ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْجَمِيعِ، وَلَكِنْ يَضْمَنُونَ الْمَالَ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ، ثُمَّ هَرَبَ، فَإِنْ كَانَ فِي فَوْرِهِ لَا يُتَّبَعُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ، ثُمَّ هَرَبَ فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَا قَطْعَ بِنُكُولٍ وَإِقْرَارِ مَوْلًى عَلَى عَبْدِهِ بِهَا، وَإِنْ لَزِمَ الْمَالُ، وَلَوْ قَضَى بِالْقَطْعِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فَقَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ هَذَا مَتَاعُهُ لَمْ يَسْرِقْهُ مِنِّي أَوْ قَالَ شَهِدَ شُهُودِي بِزُورٍ، أَوْ أَقَرَّ هُوَ بِبَاطِلٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا قَطْعَ كَمَا لَوْ شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ بِهَا فِي حَقِّهِمَا.
(وَإِنْ كَانُوا) أَيْ: السُّرَّاقُ (جَمْعًا) أَيْ: مِمَّا فَوْقَ الْوَاحِدِ (وَأَصَابَ كُلًّا مِنْهُمْ قَدْرَ نِصَابٍ) أَيْ: نِصَابِ السَّرِقَةِ، وَهُوَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٌ (قُطِعُوا) أَيْ: قَطَعَ الْإِمَامُ يَدَ كُلِّهِمْ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (تَوَلَّى الْأَخْذَ بَعْضُهُمْ) لِوُجُودِ الْأَخْذِ مِنْ الْكُلِّ مَعْنًى فَإِنَّهُمْ مُعَاوِنُونَ فَلَوْ امْتَنَعَ الْحَدُّ بِمِثْلِهِ لَامْتَنَعَ الْقَطْعُ فِي أَكْثَرِ السُّرَّاقِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ يُشْكِلُ بِمَا قَالُوا إنَّهُ يَجِبُ الِاحْتِيَاطُ فِي الدَّرْءِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ غَيْرُ الْآخِذِ كَمَا هُوَ قَوْلُ زُفَرَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وُضِعَتْ فِي دُخُولِهِمْ الْحِرْزَ
كُلُّهُمْ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ دُخُولِ وَاحِدٍ الْبَيْتَ وَتَأَوَّلَ مَنْ هُوَ خَارِجٌ تَدَبَّرْ.
وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ كُلًّا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِرْهَمًا مِنْ حِرْزٍ وَاحِدٍ قُطِعَ لِكَمَالِ النِّصَابِ فِي حَقِّ السَّارِقِ وَإِطْلَاقُهُ شَامِلٌ بِمَا إذَا كَانُوا خَرَجُوا مِنْ الْحِرْزِ، أَوْ بَعْدَهُ فِي فَوْرِهِ، أَوْ خَرَجَ هُوَ بَعْدَهُمْ فِي فَوْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَحْصُلُ التَّعَاوُنُ.
(وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ السَّاجِ) ضَرْبٌ مِنْ الشَّجَرِ لَا يَنْبُتُ إلَّا بِبِلَادِ الْهِنْدِ (، وَالْآبِنُوسِ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ مَعْرُوفٌ (وَالصَّنْدَلِ) ، وَالْعَوْدِ، وَالْعَنْبَرِ، وَالْمِسْكِ، وَالْأَدْهَانِ، وَالْوَرْسِ، وَالزَّعْفَرَانِ (وَالْفُصُوصِ) بِضَمِّ الْفَاءِ فَصُّ الْخَاتَمِ (الْخُضْرِ) جَمْعُ أَخْضَرَ، وَالتَّقْيِيدُ بِهَا اتِّفَاقِيٌّ (وَالْيَاقُوتِ، وَالزَّبَرْجَدِ) ، وَاللُّؤْلُؤِ، وَاللَّعْلِ، وَالْفَيْرُوزَجِ (وَالْإِنَاءِ، وَالْبَابِ الْمُتَّخِذَيْنِ مِنْ الْخَشَبِ) ؛ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ فِيهَا غَلَبَتْ عَلَى الْأُصُولِ، وَالْتَحَقَتْ بِالْأَمْوَالِ النَّفِيسَةِ هَذَا إذَا كَانَ الْبَابُ فِي الْحِرْزِ وَكَانَ خَفِيفًا لَا يَثْقُلُ عَلَى الْوَاحِدِ حَتَّى لَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْجِدَارِ لَا يُقْطَعُ، وَكَذَا بِكُلِّ مَا هُوَ مِنْ أَعَزِّ الْأَمْوَالِ وَأَنْفَسِهَا وَلَا يُوجَدُ فِي دَارِ الْعَدْلِ مُبَاحَةَ الْأَصْلِ غَيْرَ مَرْغُوبٍ فِيهَا كَمَا فِي الدُّرَرِ.
(لَا) يُقْطَعُ (بِسَرِقَةِ شَيْءٍ تَافِهٍ) أَيْ: حَقِيرٍ خَسِيسٍ فِي أَعْيُنِ النَّاسِ (يُوجَدُ مُبَاحًا فِي دَارِنَا كَخَشَبٍ) أَيْ: لَمْ تَدْخُلْهُ صَنْعَةٌ تَغْلِبُ عَلَيْهِ كَالْحَصِيرِ الْخَسِيسَةِ حَتَّى لَوْ غَلَبَتْ الصَّنْعَةُ كَالْحَصِيرِ الْبَغْدَادِيَّةِ، وَالْمِصْرِيَّةِ، والجرجانية يُقْطَعُ فِيهَا (وَحَشِيشٍ) مَمْلُوكٍ فَلَا قَطْعَ بِالْكِلَاءِ الرَّطْبِ بِالطَّرِيقِ أَوْلَى وَاخْتُلِفَ فِي الْقَطْعِ بِأَخْذِ الْوَسْمَةِ، وَالْحِنَّاءِ، وَالْوَجْهُ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِحْرَازِهِ فِي الدَّكَاكِينِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَقَصَبٍ وَسَمَكٍ) سَوَاءٌ كَانَ طَرِيًّا، أَوْ مَالِحًا (وَطَيْرٍ) مُطْلَقًا حَتَّى الْبَطِّ، وَالدَّجَاجِ، وَالْحَمَامِ لَكِنْ اسْتَثْنَى فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ الطَّيْرِ الدَّجَاجَ (وَزِرْنِيخٍ) وَنَظَّرَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِأَخْذِ الزِّرْنِيخِ؛ لِأَنَّهُ يُصَانُ فِي الدَّكَاكِينِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَمَغَرَةٍ) بِالْفَتَحَاتِ الطِّينُ الْأَحْمَرُ، وَكَذَا بِزُجَاجٍ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْكَسْرُ (وَنَوْرَةٍ) وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ يُقْطَعُ لِكُلِّ مَالٍ لَوْ بَلَغَ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ نِصَابًا إلَّا فِي التُّرَابِ، وَالسِّرْقِينِ، وَالْأَشْرِبَةِ الْمُطْرِبَةِ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ مَالًا مُتَقَوِّمًا مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ (وَلَا) يُقْطَعُ أَيْضًا (بِمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ كَلَبَنٍ وَلَحْمٍ) ، وَلَوْ كَانَ قَدِيدًا مَا هُوَ مُهَيَّأٌ لِلْأَكْلِ كَالْخُبْزِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ مُهَيَّأً لِلْأَكْلِ كَالْحِنْطَةِ، وَالسُّكَّرِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِيهِ إجْمَاعًا فِي غَيْرِ سَنَةِ الْقَحْطِ، وَأَمَّا فِيهَا فَلَا قَطْعَ فِي الطَّعَامِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ عَنْ ضَرُورَةٍ وَجُوعٍ كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ (وَفَاكِهَةٍ رَطْبَةٍ) فَدَخَلَ فِيهَا الْعِنَبُ، وَالرُّطَبُ عَلَى الْمُخْتَارِ بِخِلَافِ الزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ يَبْقَى مِنْ حَوْلٍ إلَى حَوْلٍ فَلَا قَطْعَ بِمَا لَا يَبْقَى وَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ يُقْطَعُ بِالْعَسَلِ، وَالْخَلِّ إجْمَاعًا كَلَامٌ؛ لِأَنَّ النَّاطِفِيَّ نَقَلَ عَنْ الْمُجَرَّدِ عَدَمَ الْقَطْعِ فِي الْخَلِّ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ خَمْرًا مَرَّةً فَحِينَئِذٍ لَا إجْمَاعَ تَأَمَّلْ.
(وَبِطِّيخٍ) أَيْ:
لَا يَفْسُدُ سَرِيعًا مِنْهُ كَالْقَدِيدِ مِنْهُ، وَأَمَّا مَا يَفْسُدُ مِنْهُ فَدَاخِلٌ فِي الْفَاكِهَةِ الرَّطْبَةِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيُّ فَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي الْفَاكِهَةِ تَأَمَّلْ.
(وَكَذَا ثَمَرٍ) أَيْ: لَا بِفَاكِهَةٍ يَابِسَةٍ (عَلَى الشَّجَرِ) كَالْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالشَّجَرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْحِرْزِ قُطِعَ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ نَقْلًا عَنْ الْمُضْمَرَاتِ فَمَنْ لَمْ يَتَفَطَّنْ عَلَى هَذَا قَالَ كَانَ هَذَا مَعْلُومًا مِنْ قَوْلِهِ وَفَاكِهَةٍ رَطْبَةٍ لَكِنْ أَعَادَهُ تَمْهِيدًا لِقَوْلِهِ وَزَرْعٍ لَمْ يُحْصَدْ تَأَمَّلْ.
(وَزَرْعٍ لَمْ يَحْصُدْ) ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَائِطٌ، أَوْ حَافِظٌ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ الْكَامِلِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ حُصِدَ وَوُضِعَ فِي الْحَظِيرَةِ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُحْرَزًا (وَلَا) يُقْطَعُ (بِمَا يُتَأَوَّلُ فِيهِ الْإِنْكَارُ) يَعْنِي يَقُولُ أَخَذْته لِنَهْيِ الْمُنْكَرِ (كَأَشْرِبَةٍ مُطْرِبَةٍ) أَيْ: مُسْكِرَةٍ قَالَ الْعَيْنِيُّ مُطْرِبَةٌ، أَوْ غَيْرُ مُطْرِبَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ حُلْوًا فَهُوَ مِمَّا يَتَسَارَعُ الْفَسَادُ، وَإِنْ كَانَ مُرًّا، فَإِنْ كَانَ خَمْرًا فَلَا قِيمَةَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهَا فَلِلْعُلَمَاءِ فِي تَقَوُّمِهَا اخْتِلَافٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ؛ لِأَنَّهُ مَا زَالَ مُتَقَوِّمًا إجْمَاعًا (وَآلَاتِ لَهْوٍ كَدُفٍّ وَطَبْلٍ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّبْلِ لِلْغُزَاةِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ فِي صَلَاحِيَّتِهِ لِلَّهْوِ صَارَتْ شُبْهَةٌ (وَبَرْبَطٍ وَمِزْمَارٍ وَطُنْبُورٍ) لِعَدَمِ تَقَوُّمِهَا حَتَّى لَا يَضْمَنَ مُتْلَفًا وَعِنْدَ الْإِمَامِ، وَإِنْ ضَمِنَهَا لِغَيْرِ اللَّهْوِ إلَّا أَنَّهُ يَتَأَوَّلُ أَخْذَهُ لِلنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ (وَصَلِيبٍ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ وَشِطْرَنْجٍ وَنَرْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَبَادَرُ مِنْ أَخْذِهَا الْكَسْرُ نَهْيًا عَنْ الْمُنْكَرِ بِخِلَافِ الدِّرْهَمِ الَّذِي عَلَيْهِ التِّمْثَالُ؛ لِأَنَّهُ مَا أُعِدَّ لِلْعِبَادَةِ فَلَا يُثْبِتُ شُبْهَةَ إبَاحَةِ الْكَسْرِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا كَانَ الصَّلِيبُ فِي مُصَلَّاهُمْ لَا يُقْطَعُ لِعَدَمِ الْحِرْزِ، وَإِنْ فِي الْبَيْتِ يُقْطَعُ لِوُجُودِ النِّصَابِ، وَالْحِرْزِ وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَأْوِيلِ الْإِبَاحَةِ فَهُوَ عَامٌّ لَا يُخَصَّصُ غَيْرُ الْحِرْزِ، وَهُوَ الْمُسْقِطُ.
(وَلَا) يُقْطَعُ (بِسَرِقَةِ بَابِ مَسْجِدٍ) مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُعَزَّرَ وَيُبَالَغَ فِيهِ إنْ اعْتَادَ وَيُحْبَسَ حَتَّى يَتُوبَ.
وَفِي الْبَحْرِ لَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ حَصِيرِهِ وَقَنَادِيلِهِ، وَكَذَا أَسْتَارُ الْكَعْبَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُحْرَزَةً لِعَدَمِ الْمَالِكِ (وَكُتُبِ عِلْمٍ وَمُصْحَفٍ) ؛ لِأَنَّ آخِذَهَا يَتَأَوَّلُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِ، أَوْ النَّظَرِ لِإِزَالَةِ الْأَشْكَالِ (وَصَبِيٍّ حُرٍّ، وَلَوْ) كَانَ (عَلَيْهِمَا) أَيْ: عَلَى الصَّبِيِّ، وَالْمُصْحَفِ (حِلْيَةٌ) مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ قَدْرُ النِّصَابِ وَهَذَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكَاغَدَ، وَالْجِلْدَ، وَالْحِلْيَةَ تَبَعٌ كَمَنْ سَرَقَ آنِيَةً فِيهَا خَمْرٌ وَقِيمَةُ الْآنِيَةِ فَوْقَ النِّصَابِ وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ الْحُرُّ وَعَلَيْهِ حُلِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَمَا عَلَيْهِ تَبَعٌ لَهُ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ تُقْطَعُ إذَا بَلَغَ الْحِلْيَةُ نِصَابًا؛ لِأَنَّ سَرِقَتَهُ تَمَّتْ فِي نِصَابٍ كَامِلٍ، وَالْخِلَافُ فِي صَبِيٍّ لَا يَمْشِي وَلَا يَتَكَلَّمُ حَتَّى لَا يَكُونَ فِي يَدِ نَفْسِهِ وَإِلَّا لَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا وَفِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَوْ سَرَقَ إنَاءَ ذَهَبٍ فِيهِ نَبِيذٌ، أَوْ ثَرِيدٌ، أَوْ كَلْبًا عَلَيْهِ قِلَادَةُ فِضَّةٍ لَا يُقْطَعُ عَلَى الْمَذْهَبِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
تَدَبَّرْ.
(وَ) لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (عَبْدٍ كَبِيرٍ) ، أَوْ صَغِيرٍ يَعْقِلُ؛ لِأَنَّهُ غَصْبٌ وَخِدَاعٌ وَإِطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِلنَّائِمِ، وَالْمَجْنُونِ، وَالْأَعْمَى (وَدَفْتَرٍ) الْمُرَادُ مِنْ الدَّفْتَرِ صَحِيفَةٌ فِيهَا كِتَابَةٌ مِنْ مُصْحَفٍ، أَوْ تَفْسِيرٍ أَوْ حَدِيثٍ، أَوْ فِقْهٍ، أَوْ عُلُومٍ عَرَبِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ فَعَلَى هَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَدَفْتَرٍ لَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ وَكُتُبِ عِلْمٍ تَدَبَّرْ.
(بِخِلَافِ) سَرِقَةِ الْعَبْدِ (الصَّغِيرِ) أَيْ: لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَعْقِلُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْكَبِيرِ (وَدَفْتَرِ الْحِسَابِ) ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ لَا يُقْصَدُ بِالْأَخْذِ فَكَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ الْكَوَاغِدَ.
وَفِي الْبَحْرِ، وَأَمَّا الدَّفَاتِرُ الَّتِي فِي الدِّيوَانِ الْمَعْمُولِ بِهَا، فَالْمَقْصُودُ عِلْمُ مَا فِيهَا فَلَا قَطْعَ، وَأَمَّا دَفْتَرُ عِلْمِ الْحِسَابِ، وَالْهَنْدَسَةِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ؛ لِأَنَّهَا كَالْكُتُبِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يُقْطَعُ فِي كُلِّ الدَّفَاتِرِ بِلَا فَرْقٍ إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا.
(وَلَا) يُقْطَعُ (بِسَرِقَةِ كَلْبٍ) وَنَمِرٍ (وَفَهْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الْأَصْلِ (وَلَا) يُقْطَعُ (بِخِيَانَةٍ)، وَهِيَ الْأَخْذُ مِمَّا فِي يَدِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ لِقُصُورِ الْحِرْزِ (وَنَهْبٍ) أَيْ: غَارَةٍ لِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ أُخِذَ عَلَانِيَةً (وَاخْتِلَاسٍ) ، وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْيَدِ بِسُرْعَةٍ جَهْرًا.
(وَكَذَا نَبْشٌ) أَيْ: لَا يُقْطَعُ بِأَخْذِ الْكَفَنِ عَنْ مَيِّتٍ فِي قَبْرٍ سَوَاءٌ كَانَ الْكَفَنُ مَسْنُونًا، أَوْ زَائِدًا، أَوْ أَقَلَّ، وَلَوْ كَانَ الْقَبْرُ الَّذِي نَبَشَهُ وَسَرَقَ مِنْهُ فِي بَيْتٍ مُقْفَلٍ عَلَى الصَّحِيحِ لِاخْتِلَالِ الْحِرْزِ، وَكَذَا لَوْ سَرَقَ مِنْ الْقَبْرِ غَيْرَ الْكَفَنِ، أَوْ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ الْبَيْتِ مَالًا آخَرَ لِوُجُودِ الْإِذْنِ بِالدُّخُولِ عَادَةً، وَكَذَا لَوْ سَرَقَ الْكَفَنَ مِنْ تَابُوتٍ فِي الْقَافِلَةِ وَفِيهِ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ تَمَكَّنَتْ فِي الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمَيِّتِ حَقِيقَةً وَلَا لِلْوَارِثِ لِتَقَدُّمِ حَاجَةِ الْمَيِّتِ وَهَذَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) أَيْ فَيُقْطَعُ بِالْكَفَنِ الْمَسْنُونِ، أَوْ أَقَلَّ، وَلَوْ كَانَ الْقَبْرُ فِي الصَّحْرَاءِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ» ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَهُمَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «لَا قَطْعَ عَلَى الْمُخْتَفِي» ، وَهُوَ النَّبَّاشُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَا رَوَاهُ غَيْرُ مَرْفُوعٍ، أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى السِّيَاسَةِ لِمَنْ اعْتَادَهُ فَيَقْطَعُهُ الْإِمَامُ سِيَاسَةً لَا حَدًّا.
(وَلَا) يُقْطَعُ (بِسَرِقَةِ مَالِ عَامَّةٍ) كَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ (أَوْ) مَالٍ (مُشْتَرَكٍ) ؛ لِأَنَّ لِلسَّارِقِ فِيهِ حَقًّا فَأَوْرَثَ شُبْهَةً (أَوْ مِثْلَ دَيْنِهِ) مِنْ جِنْسِهِ، وَلَوْ حُكْمًا (أَوْ أَزْيَدَ) عَلَى دَيْنِهِ لِصَيْرُورَتِهِ شَرِيكًا بِمِقْدَارِ حَقِّهِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يُقْطَعُ فِي الزَّائِدِ (حَالًّا كَانَ، أَوْ مُؤَجَّلًا) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ، وَالتَّأْجِيلُ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُقْطَعَ فِي الْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ أَخْذُهُ قَبْلَ الْأَجَلِ (وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ) مِنْ خِلَافِ جِنْسِ حَقِّهِ بِأَنْ كَانَ (نَقْدًا فَسَرَقَ عَرْضًا قُطِعَ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاسْتِيفَاءٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِبْدَالٌ فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالتَّرَاضِي وَلَمْ يُوجَدْ، وَكَذَا لَوْ سَرَقَ حُلِيًّا مِنْ فِضَّةٍ وَدَيْنُهُ دَرَاهِمُ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَخَذْته رَهْنًا بِدَيْنِي فَلَا قَطْعَ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) .
وَفِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ قَضَاءً مِنْ حَقِّهِ، أَوْ رَهْنًا بِحَقِّهِ قُلْنَا هَذَا قَوْلٌ لَا يَسْتَنِدُ إلَى دَلِيلٍ ظَاهِرٍ فَلَا يُعْتَبَرُ بِدُونِ اتِّصَالِ الدَّعْوَى بِهِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ ظَنٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ انْتَهَى.
فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِعَنْ كَمَا