الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْقَافَهُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ أَوْ حَوْضٍ آخَرَ.
وَفِي الْمِنَحِ وَالْمَسْجِدُ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَا يُصَلَّى فِيهِ وَخَرِبَ مَا حَوْلَهُ يَعُودُ إلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ كَمَا كَانَ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَبْقَى مَسْجِدًا أَبَدًا انْتَهَى، هَذِهِ الرَّاوِيَةُ مُخَالِفَةٌ لِمَا فِي الدُّرَرِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ وَمَا حُكِيَ مِنْ أَنَّ مُحَمَّدًا أَمَرَّ بِمَزْبَلَةٍ فَقَالَ هَذَا مَسْجِدُ أَبِي يُوسُفَ وَمَرَّ أَبُو يُوسُفَ عَلَى إصْطَبْلٍ فَقَالَ هَذَا مَسْجِدُ مُحَمَّدٍ مِنْ وَضْعِ الْجَهَلَةِ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهِمْ الطَّعْنُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ.
وَفِي الْغَرَرِ إذَا اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ وَقَلَّ مَرْسُومُ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ جَازَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ فَاضِلِ الْوَقْفِ الْآخَرِ إلَيْهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ أَحَدُهُمَا فَلَا.
[الْوَقْفُ فِي الْمَرَضِ]
(وَالْوَقْفُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ) فَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ، وَلَوْ وَقَفَ الْمَرِيضُ دَارِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحِيطًا صَحَّ بَعْدَ الدَّيْنِ فِي ثُلُثِهِ (وَيُتَّبَعُ) مُضَارِعٌ مَجْهُولٌ مِنْ الِاتِّبَاعِ بِالتَّشْدِيدِ (شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي إجَارَةِ الْوَقْفِ إنْ وُجِدَ) شَرْطُ الْإِجَارَةِ حَتَّى إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِ سَنَةٍ وَكَانَ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ أَدَرَّ عَلَى الْوَاقِفِ وَأَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُخَالِفَ شَرْطَهُ وَلَكِنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيُؤَجِّرَهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْإِجَارَةِ (فَنَخْتَارُ) لِلْفَتْوَى (أَنْ لَا تُؤَجَّرَ الضِّيَاعُ) جَمْعُ ضَيْعَةٍ (أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَا) يُؤَجَّرَ (غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرِ الضِّيَاعِ (أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ) وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَأَمَّا الْأَوْقَافُ الَّتِي فِي دِيَارِنَا
فَتُؤَجَّرُ بِالْإِجَارَاتِ الْفَاسِدَةِ حَتَّى لَوْ آجَرَ الْقَيِّمُ دَارَ الْوَقْفِ بِالْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ أَوْ الْمُؤَجَّلَةِ عَلَى رَجُلٍ مَثَلًا لَا تُنْزَعُ عَنْ يَدِهِ مَا دَامَ يُؤَدِّي الْأُجْرَةَ الْمُعَيَّنَةَ وَيَتَصَرَّفُ كَيْفَ مَا يَشَاءُ فَإِنْ مَاتَ يَنْتَقِلُ إلَى وَلَدِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عَلَى السَّوِيَّةِ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ بَلْ يَأْخُذُهَا لِلْوَقْفِ وَيُؤَجِّرُهَا إلَى غَيْرِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ.
(وَلَا يُؤَجَّرُ) الْوَقْفُ (إلَّا بِأَجْرِ الْمِثْلِ) حَتَّى لَوْ آجَرَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كَأَبٍ آجَرَ مَنْزِلَ صَغِيرِهِ بِدُونِهِ، إلَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِالْمِثْلِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَشَرْطُ الزِّيَادَةِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْكُلِّ أَمَّا لَوْ زَادَهَا وَاحِدٌ وَاثْنَانِ تَعَنُّتًا فَإِنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ (ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ الْإِيجَارِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ (لَا تُنْقَضُ) أَيْ لَا تُفْسَخُ تِلْكَ الْإِجَارَةُ (إنْ زَادَتْ الْأُجْرَةُ لِكَثِيرَةِ الرَّغْبَةِ) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَجْرُ الْمِثْلِ يَوْمَ الْعَقْدِ.
وَفِي الْمِنَحِ وَأَمَّا إذَا زَادَ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَزِيدَ أَحَدٌ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ إذَا قَبِلَ الزِّيَادَةَ.
وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ إذَا آجَرَ الْقَيِّمُ دَارَ الْوَقْفِ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا لَوْ آجَرَ مِنْ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ
وَكَذَا إنْ آجَرَ مِنْ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ.
(وَلَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) كَالْإِمَامِ وَالْمُدَرِّسِ وَالْأَوْلَادِ وَغَيْرِهِمْ (أَنْ يُؤَجِّرَ) الْوَقْفَ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْوَقْفِ إنَّمَا حَقُّهُ فِي الْغَلَّةِ وَلَوْ غُصِبَ الْوَقْفُ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ حَقُّ الْخُصُومَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي لَكِنْ فِي الْمِنَحِ إذَا كَانَ الْأَجْرُ كُلُّهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الْوَقْفُ لَا يَسْتَرِمُّ وَغَيْرُهُ لَا يُشَارِكُهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْغَلَّةِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ وَهَذَا فِي الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ وَأَمَّا الْأَرَاضِي إنْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ تَقْدِيمَ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَسَائِرِ الْمُؤَنِ فَلَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ وَيَكُونُ الْخَرَاجُ وَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ (إلَّا بِإِنَابَةٍ) مِنْ الْمُتَوَلِّي (أَوْ وِلَايَةٍ) مِنْ الْوَاقِفِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ حَقُّ التَّصَرُّفِ
(وَلَا يُعَارُ) الْوَقْفُ (وَلَا يُرْهَنُ) حَتَّى لَوْ سَكَنَ فِيهِ الْمُرْتَهِنُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِ.
(وَإِنْ غُصِبَ عَقَارُهُ) أَيْ عَقَارُ الْوَقْفِ (يَخْتَارُ وُجُوبَ الضَّمَانِ) يَعْنِي الْمُخْتَارَ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ وَالدُّورِ الْمَوْقُوفَةِ الضَّمَانُ كَمَا أَنَّ الْمُخْتَارَ فِي غَصْبِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ الضَّمَانُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا مَنَافِعُ مَالِ الْيَتِيمِ وَفِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ إذَا سَكَنَ الْمُتَوَلِّي دَارَ الْوَقْفِ بِغَيْرِ أَجْرٍ قِيلَ لَا شَيْءَ عَلَى السَّاكِنِ، وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَجْرَ الْمِثْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ صِيَانَةً عَنْ أَيْدِي الظَّلَمَةِ وَقَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَاقِفِ وَبِغَيْرِ أَمْرِ الْقَيِّمِ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ حَتَّى لَوْ بَاعَ الْمُتَوَلِّي دَارَ الْوَقْفِ فَسَكَنَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَفَعَ إلَى قَاضٍ فَأَبْطَلَ الْبَيْعَ وَظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ لِلْوَقْفِ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَجْرُ
مِثْلِهِ وَهَلْ يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّي إنْ اقْتَصَرَ شَيْئًا مِنْ مَصَالِحِ الْوَقْفِ قِيلَ إنْ كَانَ فِي عَيْنٍ ضَمِنَهَا وَإِنْ كَانَ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا.
وَفِي الْقُنْيَةِ انْهَدَمَ الْوَقْفُ فَلَمْ يَحْفَظْ الْقَيِّمُ حَتَّى ضَاعَ نَقْضُهُ يَضْمَنُ اشْتَرَى الْقَيِّمُ مِنْ الدَّهَّانِ دُهْنًا وَدَفَعَ الثَّمَنَ ثُمَّ أَفْلَسَ الدَّهَّانُ بَعْدُ لَمْ يَضْمَنْ.
وَفِي الْبَحْرِ وَلَوْ أَذِنَ الْقَاضِي لِلْقَيِّمِ فِي خَلْطِ مَالِ الْوَقْفِ بِمَالِهِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ جَازَ وَلَا يَضْمَنُ وَلَوْ أَخَذَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مِنْ غَلَّتِهِ أَشْيَاءَ ثُمَّ مَاتَ بِلَا بَيَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يُطَالِبْ الْمُسْتَحِقُّ وَأَمَّا إذَا طَالَبَهُ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ ثُمَّ مَاتَ بِلَا بَيَانٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا، هَذَا فِي الْغَلَّةِ أَمَّا فِي الْأَصْلِ فَيَكُونُ ضَامِنًا إذَا مَاتَ بِلَا بَيَانٍ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَفَ عَلَيْهِ غَلَّةَ دَارٍ لَيْسَ لَهُ السُّكْنَى وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهِ السُّكْنَى لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ.
(وَلَوْ شَرَطَ) الْوَاقِفُ (الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ وَكَانَ خَائِنًا تُنْزَعُ مِنْهُ) أَيْ يَعْزِلُ الْقَاضِي الْوَاقِفَ الْمُتَوَلِّي عَلَى وَقْفِهِ
(وَإِنْ) وَصَلْيَةٌ، شَرَطَ الْوَاقِفُ (أَنْ لَا تُنْزَعَ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فَيَبْطُلُ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إنَّ عَزْلَ الْقَاضِي لِلْخَائِنِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَمُقْتَضَاهُ الْإِثْمُ بِتَرْكِهِ وَالْإِثْمُ بِتَوْلِيَةِ الْخَائِنِ وَلَا شَكَّ فِيهِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ وِلَايَةَ الْوَاقِفِ تَكُونُ إذَا شَرَطَهَا لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا.
وَفِي الْغُرَرِ مَرِضَ الْمُتَوَلِّي وَفَوَّضَ التَّوْلِيَةَ إلَى غَيْرِهِ جَازَ، وَلَوْ مَاتَ الْمُتَوَلِّي بِلَا تَفْوِيضِهَا إلَى غَيْرِهِ فَالرَّأْيُ فِي نَصْبِ الْمُتَوَلِّي إلَى الْوَاقِفِ ثُمَّ إلَى وَصِيِّهِ ثُمَّ إلَى الْقَاضِي وَالْبَانِي لِلْمَسْجِدِ أَوْلَى مِنْ الْقَوْمِ بِنَصْبِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ فِي الْمُخْتَارِ إلَّا إذَا عَيَّنَ الْقَوْمُ أَصْلَحَ مِمَّا عَيَّنَهُ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَمَا دَامَ أَحَدٌ يَصْلُحُ لِلتَّوْلِيَةِ
مِنْ أَقَارِبِ الْوَاقِفِ لَا يُجْعَلُ الْمُتَوَلِّي مِنْ الْأَجَانِبِ، أَرَادَ الْمُتَوَلِّي إقَامَةَ غَيْرِهِ مُقَامَهُ فِي حَيَاتِهِ إنْ كَانَ التَّفْوِيضُ لَهُ عَامًّا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا.
وَفِي الدُّرَرِ وَتُقْبَلُ فِيهِ أَيْ فِي الْوَقْفِ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَشَهَادَةُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ لِإِثْبَاتِ أَصْلِهِ وَإِنْ صَرَّحُوا بِالتَّسَامُعِ بِخِلَافِ سَائِرِ مَا تَجُوزُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ كَالنَّسَبِ فَإِنَّهُمْ إذَا صَرَّحُوا بِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالتَّسَامُعِ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ الْوَقْفَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي تَجْوِيزِ الْقَبُولِ بِتَصْرِيحِ التَّسَامُعِ حِفْظٌ لِلْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ عَنْ الِاسْتِهْلَاكِ وَغَيْرُهُ لَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ لِإِثْبَاتِ شَرْطِهِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ فِي الْمُجْتَبَى تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ بِالشُّهْرَةِ وَعَلَى شَرَائِطِهِ أَيْضًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْمِعْرَاجِ وَقَوَّاهُ فِي الْفَتْحِ وَالْمُخْتَارُ مَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَبَيَانِ الْمَصْرِفِ مِنْ أَصْلِهِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِالتَّسَامُعِ لِتَوَقُّفِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ، هَذَا إذَا كَانَ أَصْلُ الْوَقْفِ لَمْ يَسْتَنِدَ إلَى مِلْكٍ شَرْعِيٍّ أَمَّا إذَا اسْتَنَدَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ بَلْ تَجِبُ الشَّهَادَةُ عَلَى تَسْجِيلِهِ وَبِهِ يُفْتَى الْيَوْمَ لِأَنَّ الْمِلْكَ الشَّرْعِيَّ لَا يُنْزَعُ عَنْ يَدِ الْمَالِكِ إلَّا بِالشَّهَادَةِ عَلَى تَسْجِيلِ الْوَقْفِ لَا بِالتَّسَامُعِ تَأَمَّلْ فَإِنَّهُ مِنْ الْغَوَامِضِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ.
مُتَوَلٍّ بَنَى فِي
عَرْصَةِ الْوَقْفِ فَهُوَ أَيْ الْبِنَاءُ يَكُونُ لِلْوَقْفِ إنْ بَنَاهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَنَوَاهُ لِلْوَقْفِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، وَإِنْ بَنَى لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ أَيْ لِلْمُتَوَلِّي نَفْسِهِ، وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا بَنِي وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ نَوَى كَوْنَهُ لِلْوَقْفِ كَانَ وَقْفًا كَذَا الْغَرْسُ وَالْغَرْسُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمَسْجِدِ مُطْلَقًا هَذَا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي أَمَّا إذَا أَحْدَثَ رَجُلٌ عِمَارَةً فِي الْوَقْفِ بِغَيْرِ إذْنٍ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَأْمُرَهُ بِالرَّفْعِ إنْ لَمْ يَضُرَّ رَفْعُهُ الْبِنَاءَ الْقَدِيمَ وَإِلَّا فَهُوَ الَّذِي ضَيَّعَ مَالَهُ فَلْيَتَرَبَّصْ إلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مَالَهُ مِنْ تَحْتِ الْبِنَاءِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ وَلَوْ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ لِلْوَقْفِ بِثَمَنٍ لَا يُجَاوِزُ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ مَنْزُوعًا أَوْ مَبْنِيًّا فِيهِ صَحَّ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ وَقْفٍ مَشْهُورٍ اشْتَبَهَتْ مَصَارِفُهُ وَقَدْرُ مَا يُصْرَفُ إلَى مُسْتَحَقِّيهِ قَالَ يُنْظَرُ إلَى الْمَعْهُودِ مِنْ حَالِهِ فِيمَا سَبَقَ مِنْ الزَّمَانِ أَنَّ قَوَّامُهُ كَيْفَ يَعْمَلُونَ فِيهِ وَإِلَى مَنْ يَصْرِفُونَهُ
فَيُبْنَى عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْلَعُونَ ذَلِكَ عَلَى مُوَافَقَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَهُوَ الْمَظْنُونُ بِحَالِ الْمُسْلِمِينَ فَيُعْمَلُ عَلَى ذَلِكَ.
وَفِي التَّنْوِيرِ اشْتَرَى الْمُتَوَلِّي بِمَالِ الْوَقْفِ دَارًا لَا تَلْحَقُ بِالْمَنَازِلِ الْمَوْقُوفَةِ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا فِي الْأَصَحِّ مَاتَ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ وَلَمْ يَسْتَوْفِيَا وَظِيفَتَهُمَا مِنْ الْوَقْفِ سَقَطَ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مَعْنَى الصِّلَةِ كَالْقَاضِي وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ لِأَنَّهُ كَالْأُجْرَةِ وَإِنْ كَانَ عَلَى إمَامِ دَارٍ وَقْفٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَمْ يَسْتَوْفِ الْأُجْرَةَ حَتَّى مَاتَ فَيَبْنِي إنْ آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي فَإِنَّهُ يَسْقُطُ وَإِنْ آجَرَهَا الْإِمَامُ لَا يَسْقُطُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ.
وَفِي الدُّرَرِ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنِّي كُنْت وَقَفْتهَا أَوْ قَالَ وَقْفٌ عَلَيَّ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى لِلتَّنَاقُضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ قُبِلَتْ عَلَى الْمُخْتَارِ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ.
وَفِي الْمِنَحِ وَقْفٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ فِي يَدِ الْحَيِّ أَوْلَادُ الْمَيِّتِ ثُمَّ الْحَيُّ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ
الْأَخِ أَنَّ الْوَقْفَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَالْبَاقِي غَيْبٌ وَالْوَقْفُ وَاحِدٌ تُقْبَلُ وَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ وَلَوْ أَقَامَ أَوْلَادُ الْأَخِ بَيِّنَةً أَنَّ الْوَقْفَ مُطْلَقٌ عَلَيْك وَعَلَيْنَا فَبَيِّنَةُ مُدَّعِي الْوَقْفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوَّلًا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ مَنْ يَأْخُذُ الْأَجْرَ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ فِي يَوْمٍ لَا دَرْسَ فِيهِ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ جَائِزًا.
وَفِي الْحَاوِي إذَا كَانَ مَشْغُولًا بِالْكِتَابَةِ أَوْ التَّدْرِيسِ لَوْ اشْتَرَطَ فِي الْوَقْفِ أَنْ يَزِيدَ فِي وَظِيفَةِ مَنْ يَرَى زِيَادَتَهُ أَوْ يَنْقُصَ مِنْ وَظِيفَةِ مَنْ يَرَى نُقْصَانَهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَأَنْ يُدْخِلَ مَعَهُمْ مَنْ يَرَى إدْخَالَهُ وَأَنْ يُخْرِجَ مَنْ يَرَى إخْرَاجَهُ جَازَ ثُمَّ إذَا زَادَ أَحَدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا أَوْ نَقَصَهُ مَرَّةً أَوْ أَدْخَلَ أَحَدًا أَوْ أَخْرَجَ أَحَدًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُغَيِّرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَهُ وَقَعَ عَلَى فِعْلٍ يَرَاهُ فَإِذَا رَآهُ أَوْ أَمْضَاهُ فَقَدْ انْتَهَى مَا رَآهُ إلَّا لِشَرْطِهِ، وَتَمَامُهُ فِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ.