الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا) الْأَسِيرَانِ (كَالْمُسْتَأْمَنِينَ) أَيْ تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ وَفِي الْخَطَأِ مِنْ مَالِهِ وَالْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَا تَبْطُلُ بِالْأَسْرِ كَمَا لَا تَبْطُلُ بِالدُّخُولِ فِي دَارِهِمْ بِالْأَمَانِ وَلَهُ أَنَّ الْأَسِيرَ صَارَ تَبَعًا لَهُمْ بِالْقَهْرِ فَلَا تَجِبُ بِقَتْلِهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ الْحَرْبِيُّ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْمَنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَقْهُورٍ (وَلَا شَيْءَ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (مُسْلِمًا أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ) إلَيْنَا (سِوَى الْكَفَّارَةِ فِي الْخَطَأِ اتِّفَاقًا) عِنْدَ أَئِمَّتِنَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ عَمْدًا وَتَجِبُ الدِّيَةُ بِقَتْلِهِ خَطَأً.
[فَصْلٌ بَيَانِ مَا بَقِيَ مِنْ أَحْكَامِ الْمُسْتَأْمَنِ]
ِ (لَا يُمَكَّنُ) مِنْ التَّمْكِينِ (مُسْتَأْمَنٌ) حَرْبِيٌّ (أَنْ يُقِيمَ فِي دَارِنَا سَنَةً) لِضَرَرِ الْإِطْلَاعِ عَلَيْنَا (وَيُقَالُ) أَيْ قَالَ الْإِمَامُ (لَهُ) أَيْ لِلْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ (إنْ أَقَمْت سَنَةً نَضَعُ عَلَيْك الْجِزْيَةَ) أَيْ الْمَالَ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَمَا وَقَعَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ فِي ذَلِكَ تَقْرِيرًا لِلْكَافِرِ عَلَى أَعْظَمِ الْجَرَائِمِ وَهُوَ الْكُفْرُ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّهُ دَعْوَةٌ إلَى الْإِسْلَامِ بِأَحْسَنِ الْجِهَاتِ وَهُوَ أَنْ يَسْكُنَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَرَى مَحَاسِنَ الْإِسْلَامِ فَيُسْلِمَ مَعَ دَفْعِ شَرِّهِ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ قَيَّدَ بِالسَّنَةِ لِأَنَّهَا أَقْصَى الْمَآرِبِ وَفِيهَا تَجِبُ الْجِزْيَةُ وَلَوْ مُنِعَ عَنْ مُكْثِهِ فِيمَا دُونَهَا لَانْسَدَّ بَابُ التِّجَارَاتِ وَتَضَرَّرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ يُشْكِلُ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَهُ إنْ أَقَمْت شَهْرًا إلَى آخِرِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَرْجِعَ ذَلِكَ إلَى الْمَصْلَحَةِ وَالْإِمَامُ أَدْرَى بِهَا فَإِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي السَّنَةِ وَقَّتَ بِهَا وَمَكَّنَهُ مِنْ الْإِقَامَةِ الْيَسِيرَةِ الَّتِي هِيَ دُونَهَا،
وَإِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ
فِي أَنْ يُوَقِّتَ بِمَا دُونَهَا نَحْوَ الشَّهْرَيْنِ فَعَلَ وَمَكَّنَهُ مِنْ الْإِقَامَةِ دُونَهَا وَأَنَّ الْمَمْنُوعَ أَنْ يُمَكَّنَ مِنْ إقَامَةٍ دَائِمَةٍ وَهِيَ السَّنَةُ وَمَا فَوْقَهَا ثُمَّ يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ وَهَذَا لَا يُنَافِي كَمَا فِي الْمِنَحِ لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَامٍّ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَشَّى بِقَوْلِهِ وَلَوْ مُنِعَ عَنْ مُكْثِهِ فِيمَا دُونَهَا لَانْسَدَّ بَابُ التِّجَارَاتِ وَتَضَرَّرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ، تَأَمَّلْ. وَقَيَّدَ بِالْمُسْتَأْمَنِ لِأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ دَارَنَا بِلَا أَمَانٍ فَهُوَ وَمَا مَعَهُ فَيْءٌ وَإِنْ قَالَ دَخَلْت بِأَمَانٍ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ رَجُلَانِ (فَإِنْ أَقَامَ) هُنَا (سَنَةً) وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ (صَارَ ذِمِّيًّا) لِأَنَّهُ صَارَ مُلْتَزِمًا لِلْجِزْيَةِ بَعْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِإِقَامَتِهِ سَنَةً وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى اشْتِرَاطِ الْقَوْلِ وَالْمُدَّةِ لِصَيْرُورَتِهِ ذِمِّيًّا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْعَتَّابِيِّ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ أَقَامَ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْإِمَامُ إلَيْهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ لَكِنَّ فِي كَلَامِ الْمَبْسُوطِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ يَصِيرُ ذِمِّيًّا بِمُجَرَّدِ الْإِقَامَةِ سَنَةً وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَإِلَى أَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فِي حَوْلِ الْمُكْثِ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَارَ ذِمِّيًّا بَعْدَهُ فَتَجِبُ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي إلَّا بِشَرْطِ أَخْذِهَا مِنْهُ فِيهِ وَإِلَى أَنَّهُ يَجْرِي الْقِصَاصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ وَيَضْمَنُ الْمُسْلِمُ قِيمَةَ خَمْرِهِ وَخِنْزِيرِهِ إذَا أَتْلَفَهُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ إذَا قَتَلَهُ خَطَأً وَيَجِبُ كَفُّ الْأَذَى عَنْهُ وَتَحْرُمُ غِيبَتُهُ كَالْمُسْلِمِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى دَارِهِ)
لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ لَا يُنْتَقَصُ لِكَوْنِهِ خَلَفًا عَنْ الْإِسْلَامِ (وَكَذَا) يَصِيرُ ذِمِّيًّا (لَوْ قِيلَ) أَيْ قَالَ الْإِمَامُ (لَهُ) لِلْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ (إنْ أَقَمْت شَهْرًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) نَضَعُ عَلَيْك الْجِزْيَةَ (فَإِنْ أَقَامَ) الْمُدَّةَ الَّتِي قَدَّرَهَا الْإِمَامُ (أَوْ اشْتَرَى أَرْضًا وَوَضَعَ عَلَيْهِ خَرَاجَهَا) أَيْ خَرَاجَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ إذَا وَضَعَ عَلَيْهِ فَقَطْ لَزِمَهُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْمَقَامِ فِي دَارِنَا فَصَارَ ذِمِّيًّا ضَرُورَةً وَلَا يَصِيرُ ذِمِّيًّا بِمُجَرَّدِ الِاشْتِرَاءِ لِجَوَازِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (وَعَلَيْهِ جِزْيَةُ سَنَةٍ مِنْ حِينِ وَضْعِ الْخَرَاجِ) لِمَا ذَكَرْنَاهُ (أَوْ نَكَحَتْ الْمُسْتَأْمَنَةُ ذِمِّيًّا) لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْ الْمَقَامَ تَبَعًا لِلزَّوْجِ فَتَكُونُ ذِمِّيَّةً هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ اشْتَرَى وَلَوْ قَالَ أَوْ صَارَ لَهَا زَوْجٌ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ مُسْلِمًا تَكُونُ ذِمِّيَّةً أَيْضًا وَلِأَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ عِنْدَنَا وَهُوَ لَيْسَ بِشَرْطٍ هُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ النِّكَاحَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ بِإِضَافَتِهِ إلَيْهَا وَلِأَنَّهُ يَشْمَلُ مَا إذَا دَخَلَ الْمُسْتَأْمَنُ بِامْرَأَتِهِ دَارَنَا ثُمَّ صَارَ الزَّوْجُ ذِمِّيًّا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ وَهِيَ كِتَابِيَّةٌ وَيَشْمَلُ مَا إذَا تَزَوَّجَ مُسْتَأْمَنٌ مُسْتَأْمَنَةً فِي دَارِنَا ثُمَّ صَارَ الرَّجُلُ ذِمِّيًّا كَمَا فِي الْمِنَحِ، تَأَمَّلْ. (لَا لَوْ نَكَحَ هُوَ) أَيْ الْمُسْتَأْمَنُ الْحَرْبِيُّ (ذِمِّيَّةً) لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ الْمُقَامَ فِي دَارِنَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ طَلَاقِهَا لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ بَيِّنٌ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ فَلْيُطَالَعْ (فَإِنْ رَجَعَ إلَى دَارِهِ حَلَّ دَمُهُ) لِصَيْرُورَتِهِ حَرْبِيًّا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِكَوْنِهِ ذِمِّيًّا أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ صَارَ حَرْبِيًّا كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْمَنِ الرَّاجِعِ إلَى دَارِهِ (وَدِيعَةٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ دَيْنٌ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ (فَأُسِرَ أَوْ ظُهِرَ عَلَيْهِمْ) مَبْنِيَّانِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ أُسِرَ ذَلِكَ الرَّاجِعُ أَوْ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى دَارِهِمْ فَقُتِلَ (سَقَطَ دَيْنُهُ) لِأَنَّ إثْبَاتَ الْيَدِ عَلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الْمُطَالَبَةِ وَقَدْ سَقَطَتْ وَيَدُ مَنْ عَلَيْهِ أَسْبَقُ إلَيْهِ مِنْ يَدِ الْعَامَّةِ فَيُخَصُّ بِهِ فَيَسْقُطُ (وَصَارَتْ وَدِيعَتُهُ) عِنْدَهُمَا (فَيْئًا) لِلْغُزَاةِ تَبَعًا لِنَفْسِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُودِعِ لِأَنَّ يَدَهُ فِيهَا أَسْبَقُ فَكَانَ بِهَا أَحَقَّ وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الرَّهْنِ قَالُوا وَالرَّهْنُ لِلْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُبَاعُ وَيُسْتَوْفَى دَيْنُهُ وَالزِّيَادَةُ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ وَصَارَ مَالُهُ فَيْئًا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ الْوَدِيعَةَ لِأَنَّ مَا عِنْدَ شَرِيكِهِ وَمُضَارِبِهِ وَمَا فِي بَيْتِهِ فِي دَارِنَا كَذَلِكَ.
(وَإِنْ قُتِلَ) أَيْ ذَلِكَ الرَّاجِعُ (وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ (أَوْ مَاتَ) حَتْفَ أَنْفِهِ (فَهُمَا) أَيْ الدَّيْنُ الْوَدِيعَةُ (لِوَرَثَتِهِ) بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَمَانِ بَاقٍ فِي مَالِهِ
لِعَدَمِ بُطْلَانِهِ (فَإِنْ جَاءَنَا) حَرْبِيٌّ إلَيْنَا (بِأَمَانٍ وَلَهُ زَوْجَةٌ هُنَاكَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (وَوَلَدٌ) صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ (وَمَالٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَ هُنَا) أَيْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (ثُمَّ ظَهَرَ) أَيْ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ (عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ (فَالْكُلُّ) مِنْ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ وَالْمَالِ (فَيْءٌ) أَمَّا الْمَرْأَةُ وَأَوْلَادُهُ الْكِبَارُ فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُمْ حَرْبِيُّونَ وَلَيْسُوا بِأَتْبَاعٍ وَكَذَلِكَ مَا فِي بَطْنِهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا لِأَنَّهُ جُزْؤُهَا أَمَّا أَوْلَادُهُ الصِّغَارُ فَلِأَنَّ الصَّغِيرَ إنَّمَا يَصِيرُ مُسْلِمًا تَبَعًا لِإِسْلَامِ أَبِيهِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ وَتَحْتَ وِلَايَتِهِ وَمَعَ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ لَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ وَكَذَا أَمْوَالُهُ لَا تَصِيرُ مُحَرَّزَةً بِإِحْرَازِ نَفْسِهِ لِاخْتِلَافِ الدَّارَيْنِ فَبَقِيَ الْكُلُّ فَيْئًا وَلَوْ سُبِيَ الصَّبِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ يَكُونُ مُسْلِمًا تَبَعًا لِأَبِيهِ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَمَعَ كَوْنِهِ مُسْلِمًا لَا يَخْرُجُ عَنْ الرِّقِّ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ) أَيْ الْحَرْبِيُّ (ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (ثُمَّ جَاءَ) إلَيْنَا (فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ (فَطِفْلُهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ) تَبَعًا لِأَبِيهِ (وَوَدِيعَتُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لَهُ) أَيْ لِلَّذِي أَسْلَمَ ثَمَّةَ لِأَنَّ يَدَهُمَا كَيَدِهِ (وَغَيْرُ ذَلِكَ) مِنْ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَقَارِ الْوَدِيعَةِ الَّتِي عِنْدَ حَرْبِيٍّ (فَيْءٌ) لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ وَعَدَمِ الْعِصْمَةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ يَكُونُ فَيْئًا لِعَدَمِ النِّيَابَةِ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَمَنْ أَسْلَمَ ثَمَّةَ وَلَهُ هُنَاكَ وَارِثٌ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ فَقَتَلَهُ مُسْلِمٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ) لَكِنْ ذَكَرْت هَذِهِ قُبَيْلَ هَذَا الْفَصْلِ فَتَكُونُ مُكَرَّرَةً.
(وَإِنْ قُتِلَ مُسْلِمٌ لَا وَلِيَّ لَهُ خَطَأً أَوْ) قُتِلَ (مُسْتَأْمَنٌ أَسْلَمَ هُنَا) أَيْ فِي دَارِنَا (فَلِلْإِمَامِ أَخْذُ الدِّيَةِ) أَيْ حَقُّ الْأَخْذِ لَهُ لِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ لَا أَنَّهُ يَمْلِكُهُ الْإِمَامُ كَمَا تُوُهِّمَ بَلْ يُوضَعُ لِبَيْتِ الْمَالِ (مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ) لِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا مَعْصُومَةً خَطَأً فَيُعْتَبَرُ بِسَائِرِ النُّفُوسِ الْمَعْصُومَةِ (وَفِي الْعَمْدِ لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (أَنْ يَقْتَصَّ) إنْ شَاءَ (أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ) بِطَرِيقِ الصُّلْحِ (إنْ شَاءَ) أَيْ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ فَأَيُّهُمَا رَأَى أَصْلَحَ فَعَلَ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (الْعَفْوُ مَجَّانًا) لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مُقَيَّدٌ بِالنَّظَرِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إبْطَالُ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ عِوَضٍ.
وَفِي الدُّرَرِ دَارُ الْحَرْبِ تَصِيرُ دَارَ الْإِسْلَامِ بِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فِيهَا كَإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَالْأَعْيَادِ وَإِنْ بَقِيَ فِيهَا كَافِرٌ صَلَّى وَلَمْ يَتَّصِلْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَارِ الْإِسْلَامِ مِصْرٌ آخَرُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَيُعْكَسُ أَيْ يَصِيرُ دَارُ الْإِسْلَامِ دَارَ الْحَرْبِ بِأُمُورٍ ثَلَاثَةٍ بِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الشِّرْكِ فِيهَا وَاتِّصَالِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا مِصْرٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَا تَبَقَّى فِيهَا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ آمِنًا بِالْأَمَانِ الْأَوَّلِ عَلَى نَفْسِهِ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ