الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُدَبَّرًا وَإِذَا كَانَ مُقَيَّدًا يُقَوَّمُ قِنًّا، فَلَا يَكُونُ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ كَعِتْقِ الْمُطْلَقِ تَأَمَّلْ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ صَحِيحٌ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَمَاتَ بَعْدَ شَهْرٍ عَتَقَ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ يَسْتَنِدُ الْعِتْقُ إلَى أَوَّلِ شَهْرٍ قَبْلَ الْمَوْتِ وَهُوَ كَانَ صَحِيحًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَقِيلَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الشَّهْرِ لَا يُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ، وَقُيِّدَ بِالصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْمَرَضِ فَيُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ إجْمَاعًا كَمَا فِي النِّهَايَةِ.
وَفِي الْكَافِي إنْ مَاتَ فُلَانٌ أَوْ مِتُّ أَنَا فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ قَالَ إذَا مِتّ أَنَا أَوْ مَاتَ فُلَانٌ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ عِتْقُهُ بِمَوْتِهِ بِصِفَةِ كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَأَخِّرٍ عَنْ مَوْتِ فُلَانٍ فَصَارَ مُدَبَّرًا مُقَيَّدًا، وَعِنْدَ زُفَرَ فَيَصِيرُ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا.
[بَابُ الِاسْتِيلَادِ]
ِ) هُوَ لُغَةً طَلَبُ الْوَلَدِ مُطْلَقًا وَأُمُّ الْوَلَدِ تَصْدُقُ لُغَةً عَلَى الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّنْ لَهَا وَلَدٌ ثَابِتُ النَّسَبِ وَغَيْرُ ثَابِتٍ، وَشَرْعًا طَلَبُ الْمَوْلَى الْوَلَدَ مِنْ أَمَتِهِ وَأُمِّ الْوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ، وَهُمَا مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي خُرِجَ بِهِمَا فِي الشَّرْعِ مِنْ الْعُمُومِ إلَى الْخُصُوصِ (لَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْأَمَةِ) فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ (مِنْ مَوْلَاهَا) الْمُعْتَرِفِ بِوَطْئِهَا (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ) أَيْ الْوَلَدَ، وَلَوْ اعْتَرَفَ بِالْحَمْلِ بِأَنْ يَقُولَ حَمْلُ هَذِهِ الْأَمَةِ مِنِّي أَوْ هِيَ حُبْلَى مِنِّي أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ وَلَدٍ فَهُوَ مِنِّي أَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ حُبْلَى فَهُوَ مِنِّي، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ بَعْدَ مَا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِاعْتِرَافِهِ وَلَا يُقْبَلُ بَعْدَهُ إنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَإِنَّمَا كَانَ رِيحًا وَلَوْ صَدَّقَتْهُ الْأَمَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ مَا فِي بَطْنِهَا مِنِّي وَلَمْ يَقُلْ مِنْ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ كَانَ رِيحًا وَصَدَّقَتْهُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ إذَا أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَإِنْ عَزَلَ عَنْهَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ الْوَطْءِ بِحَيْضَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ النَّسَبُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَلَأَنْ يَثْبُتَ بِالْوَطْءِ أَوْلَى، وَلَنَا أَنَّ وَطْءَ الْأَمَةِ يُقْصَدُ بِهِ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ دُونَ الْوَلَدِ لِوُجُودِ الْمَانِعِ مِنْهُ وَهُوَ ذَهَابُ تَقَوُّمِهَا بِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَنُقْصَانُ قِيمَتِهَا عِنْدَهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ الدَّعْوَةِ بِخِلَافِ الْعَقْدِ فَإِنَّ الْوَلَدَ مَقْصُودٌ مِنْهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الدَّعْوَةِ.
وَفِي الْبَحْرِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُحِيطِ عَنْ الْإِمَامِ إذَا عَالَجَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَأَخَذَتْ الْجَارِيَةُ مَاءَهُ فِي شَيْءٍ فَاسْتَدْخَلَتْهُ فَرْجَهَا فِي حَدَثَانِ ذَلِكَ فَعَلِقَتْ الْجَارِيَةُ وَوَلَدَتْ فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ انْتَهَى. هَذَا لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ إذَا وَلَدَتْ بَعْدَمَا ادَّعَى الْمَوْلَى مَرَّةً وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ بِلَا دَعْوَةٍ تَأَمَّلْ (وَإِذَا ثَبَتَ) نَسَبُهُ مِنْهُ بِدَعْوَةٍ (صَارَتْ) الْأَمَةُ (أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ (وَلَا يَجُوزُ
إخْرَاجُهَا عَنْ مِلْكِهِ) بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا وَلَا تَمْلِيكُهَا حَتَّى لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِهَا لَا يَنْفُذُ وَهُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَاتِ (إلَّا بِالْعِتْقِ) فَإِذَا أَعْتَقَهَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ تُعْتَقُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَائِمٌ فِيهَا (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَوْلَى (وَطْؤُهَا وَاسْتِخْدَامُهَا وَإِجَارَتُهَا وَتَزْوِيجُهَا وَكِتَابَتُهَا) لِبَقَاءِ مِلْكِهِ وَوِلَايَةُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ تُسْتَفَادُ بِهِ، فَلِهَذَا إنَّ الْكَسْبَ وَالْغَلَّةَ وَالْعُقْرَ وَالْمَهْرَ لِلْمَوْلَى.
وَفِي الْبَحْرِ وَلَوْ زَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ لِلْمَوْلَى وَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ فَهُوَ وَلَدُ الزَّوْجِ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى لَكِنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ (وَتُعْتَقُ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ السَّيِّدِ (مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَلَا تَسْعَى) أَيْ أُمُّ الْوَلَدِ (لِدَيْنِهِ) لِلْغَرِيمِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْوَلَدِ أَصْلِيَّةٌ فَتُقَدَّمُ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ وَصِيَّةٌ بِمَا هُوَ مِنْ زَوَائِدِ الْحَوَائِجِ هَذَا إذَا أَقَرَّ فِي الصِّحَّةِ، أَمَّا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ فِي مَرَضِهِ وَلَدْت مِنِّي فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ أَوْ حَبَلٌ تُعْتَقُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ (وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَمَا ادَّعَى الْمَوْلَى مَرَّةً (بِلَا دَعْوَةٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ؛ لِأَنَّهُ بِدَعْوَى الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ الْوَلَدُ مَقْصُودًا مِنْهَا فَصَارَتْ فِرَاشًا لَهُ كَالْمَنْكُوحَةِ وَلِهَذَا لَزِمَهَا الْعِدَّةُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ بَعْدَ الْعِتْقِ، هَذَا إذَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِوَطْءِ أُمِّهَا وَنَحْوِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِالدَّعْوَةِ لِانْقِطَاعِ الْفِرَاشِ.
(وَإِنْ نَفَاهُ) بَعْدَمَا اعْتَرَفَ بِالْأَوَّلِ (انْتَفَى) ؛ لِأَنَّ فِرَاشَهَا ضَعِيفٌ يَمْلِكُ نَقْلَهُ بِالتَّزْوِيجِ بِخِلَافِ الْمَنْكُوحَةِ حَيْثُ لَا يَنْتَفِي نَسَبُ وَلَدِهَا إلَّا بِاللِّعَانِ لِتَأَكُّدِ
الْفِرَاشِ، وَاسْتَثْنَى صَاحِبُ التَّنْوِيرِ فَقَالَ: إلَّا إذَا قَضَى بِهِ قَاضٍ أَوْ تَطَاوَلَ الزَّمَانُ فَلَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِرَاشَ إمَّا ضَعِيفٌ وَهِيَ الْأَمَةُ أَوْ مُتَوَسِّطٌ وَهِيَ أُمُّ الْوَلَدِ أَوْ قَوِيٌّ وَهِيَ الْمَنْكُوحَةُ وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا أَوْ أَقْوَى وَهِيَ الْمُعْتَدَّةُ فَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا وَلَا يَنْتَفِي أَصْلًا لِعَدَمِ اللِّعَانِ.
(وَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِنِكَاحٍ) أَيْ لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ فَوَلَدَتْ لَهُ (ثُمَّ مَلَكَهَا) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَكَذَا) تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ (لَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِمِلْكٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ ثُمَّ مَلَكَهَا) ؛ لِأَنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ ثَابِتٌ مِنْهُ فِي الصُّورَتَيْنِ فَثَبَتَتْ أُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا تَتْبَعُهُ، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إذَا مَلَكَهَا زَوْجُهَا بَعْدَمَا وَلَدَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ مِنْهُ بِرَقِيقٍ فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ (بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِزِنًا ثُمَّ مَلَكَهَا) حَيْثُ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْهُ.
(وَلَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ) أَوْ مُدَبَّرَتُهُ وَالْمُرَادُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ الْكَافِرُ (عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَوْلَى (الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَ فَهِيَ لَهُ وَإِنْ أَبَى) أَيْ عَنْ الْإِسْلَامِ (سَعَتْ) أَيْ أُمُّ وَلَدِهِ الَّتِي أَسْلَمَتْ (فِي قِيمَتِهَا) وَالْمُرَادُ بِقِيمَتِهَا هُنَا ثُلُثُ قِيمَتِهَا لَوْ كَانَتْ قِنًّا كَمَا فِي الْغَايَةِ (وَهِيَ كَالْمُكَاتَبَةِ) لَا تُعْتَقُ حَتَّى تُؤَدِّيَ.
وَقَالَ زُفَرُ تُعْتَقُ فِي الْحَالِ وَالسِّعَايَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا (وَلَا تُرَقُّ بِعَجْزِهَا) عَنْ السِّعَايَةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ رُدَّتْ قِنَّةً أُعِيدَتْ مُكَاتَبَةً لِقِيَامِ الْمُوجِبِ.
(وَإِنْ مَاتَ) النَّصْرَانِيُّ قَبْلَ السِّعَايَةِ (عَتَقَتْ بِلَا سِعَايَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ قُيِّدَ بِأُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَتْ قِنَّةُ الذِّمِّيِّ عُرِضَ الْإِسْلَامُ عَلَى الذِّمِّيِّ فَإِنْ أَسْلَمَ فَبِهَا وَإِلَّا يُجْبَرُ بِبَيْعِهَا تَخَلُّصًا مِنْ يَدِ الْكَافِرِ وَكَذَا قِنُّهُ (وَمَنْ ادَّعَى وَلَدَ أَمَةٍ لَهُ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَمَةِ (شَرِيكٌ) أَيْ شَرِكَةٌ (ثَبَتَ نَسَبُهُ) أَيْ الْوَلَدِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ فِي نِصْفِهِ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَهُ ثَبَتَ فِي الْبَاقِي ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ لِمَا أَنَّ سَبَبَهُ لَا يَتَجَزَّأُ وَهُوَ الْعُلُوقُ إذْ الْوَلَدُ الْوَاحِدُ لَا يَتَعَلَّقُ مِنْ مَاءَيْنِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّعْوَى فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ (وَصَارَتْ) الْأَمَةُ (أُمَّ وَلَدِهِ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ يَصِيرُ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ثُمَّ يَتَمَلَّكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ بِالضَّمَانِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَضَمِنَ) الْمُدَّعِي (نِصْفَ قِيمَتِهَا) يَوْمَ الْعُلُوقِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا بِخِلَافِ ضَمَانِ الْعِتْقِ (وَ) ضَمِنَ (نِصْفَ عُقْرِهَا) لِوَطْئِهِ أَمَةً مُشْتَرَكَةً إذْ الْمِلْكُ يَثْبُتُ حُكْمًا لِلِاسْتِيلَادِ فَيَتَعَقَّبُهُ الْمِلْكُ فِي حَظِّ صَاحِبِهِ (لَا قِيمَةَ وَلَدِهَا) أَيْ لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ وَجَبَ حِينَ الْعُلُوقِ وَالنَّسَبُ ثَبَتَ مِنْهُ
فَصَارَ حُرًّا.
(وَإِنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا) وَقَدْ اسْتَوَيَا فِي الْأَوْصَافِ أَيْ ادَّعَى الشَّرِيكَانِ وَلَدَ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي حَبِلَتْ فِي مِلْكِهِمَا وَكَذَا إذَا اشْتَرَيَاهَا حُبْلَى لَا يَخْتَلِفُ ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْهُمَا وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ (ثَبَتَ) نَسَبُهُ (مِنْهُمَا) لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَتَبَ إلَى شُرَيْحٍ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ إنْ لَبَّسَا فَلَبِّسْ عَلَيْهِمَا وَلَوْ بَيَّنَا فَبَيِّنْ لَهُمَا هُوَ ابْنُهُمَا يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ لِلْبَاقِي، مِنْهُمَا وَذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إجْمَاعًا، وَمِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيْضًا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الْقَافَةِ فَيَعْمَلُ بِقَوْلِ الْقَائِفِ (وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُمَا) ؛ لِأَنَّ دَعْوَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ رَاجِحَةٌ عَلَى دَعْوَةِ صَاحِبِهِ فَيَصِيرُ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدِهِ. قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا حَبِلَتْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَمْلُ فِي مِلْكِ أَحَدِهِمَا نِكَاحًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا هُوَ وَآخَرُ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهِيَ أُمُّ وَلَدِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مِنْهَا صَارَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَالِاسْتِيلَادُ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا وَلَا بَقَاؤُهُ عِنْدَهُ فَيَثْبُتُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ أَيْضًا، وَقَيَّدْنَا بِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْأَوْصَافِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْتَوِيَا فِيهَا بِأَنْ وُجِدَ الْمُرَجِّحُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا لَا يُعَارِضُهُ الْمَرْجُوحُ، فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَالْمُسْلِمُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ وَالذِّمِّيُّ عَلَى الْمُرْتَدِّ وَالْكِتَابِيُّ عَلَى الْمَجُوسِيِّ، وَالْعِبْرَةُ لِهَذِهِ الْأَوْصَافِ وَقْتُ الدَّعْوَةِ لَا الْعُلُوقُ كَمَا فِي الْغَايَةِ وَغَيْرِهَا فَعَلَى هَذَا لَوْ قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ كَمَا قَيَّدْنَا لَكَانَ أَحْسَنَ تَأَمَّلْ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُزَوِّجَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ ثُمَّ يُزَوِّجَهَا فَإِنْ زَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا جَازَ النِّكَاحُ وَلَوْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ فَإِنْ زَوَّجَهَا قَبْلَ الْإِعْتَاقِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا مِنْ الزَّوْجِ فَالْوَلَدُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ يُعْتَقُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ.
وَفِي الْبَحْرِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ وَإِنْ كَثُرُوا عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَثْبُتُ مِنْ اثْنَيْنِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَثْبُتُ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَا غَيْرُ.
وَقَالَ زُفَرُ يَثْبُتُ مِنْ خَمْسَةٍ فَقَطْ، وَلَوْ تَنَازَعَتْ فِيهِ امْرَأَتَانِ قَضَى بِهِ بَيْنَهُمَا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَقْضِي لِلْمَرْأَتَيْنِ وَتَمَامُهُ فِيهِ فَلْيُطَالَعْ (وَعَلَى كُلِّ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا (نِصْفُ عُقْرِهَا وَتَقَاصَّا) لِعَدَمِ فَائِدَةِ الِاشْتِغَالِ بِالِاسْتِيفَاءِ إلَّا إذَا كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ إذْ الْمَهْرُ يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهَا بِخِلَافِ الْبُنُوَّةِ وَالْإِرْثِ وَالْوَلَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُمَا سَوِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ نَصِيبًا مِنْ الْآخَرِ (وَيَرِثُ) الِابْنُ (مِنْ كُلِّ) وَاحِدٍ (مِنْهُمَا مِيرَاثَ ابْنٍ) كَامِلٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقَرَّ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِبُنُوَّتِهِ عَلَى الْكَمَالِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ (وَيَرِثَانِ مِنْهُ مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا فَيَقْتَسِمَانِ نَصِيبَهُ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْوَلَدِ فَجَمِيعُ مِيرَاثِهِ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا