الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ]
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ نِكَاحِ مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ شَرَعَ فِي بَيَانِ نِكَاحِ مَنْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ الرَّقِيقُ فِي اللُّغَةِ الْعَبْدُ وَيُقَالُ لِلْعَبِيدِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَمْلُوكُ مِنْ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ الْكَافِرَ إذَا أُسِرَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ رَقِيقٌ لَا مَمْلُوكٌ وَإِذَا أُخْرِجَ فَهُوَ مَمْلُوكٌ فَعَلَى هَذَا كُلُّ مَمْلُوكٍ مِنْ الْآدَمِيِّ رَقِيقٌ، وَلَا عَكْسَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِنِّ أَنَّ الرَّقِيقَ هُوَ الْمَمْلُوكُ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا وَالْقِنَّ هُوَ الْمَمْلُوكُ كُلًّا كَمَا فِي الْمِنَحِ (نِكَاحُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ) سَوَاءٌ كَانَتْ قِنًّا، أَوْ مُكَاتَبَةً، أَوْ مُدَبَّرَةً (وَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَأَمِّ الْوَلَدِ بِلَا إذْنِ السَّيِّدِ)(مَوْقُوفٌ) خِلَافًا لِمَالِكٍ فِي الْعَبْدِ مُطْلَقًا قَاسَهُ عَلَى الطَّلَاقِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْكَنْزِ وَهِيَ لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لَكِنَّهُ مَوْقُوفٌ (فَإِنْ أَجَازَ) الْمَوْلَى النِّكَاحَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ بَعْدَهُ صَرِيحًا، أَوْ دَلَالَةً (نَفَذَ) النِّكَاحُ لَكِنْ لَوْ أَذِنَ بَعْدَهُ كُرِهَ لَهُ وَطْؤُهَا بِلَا نِكَاحٍ آخَرَ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ) لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَالْمُرَادُ بِالْمَوْلَى هُنَا مَنْ لَهُ وِلَايَةُ تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ وَلَوْ غَيْرَ مَالِكٍ لَهُ وَلِهَذَا كَانَ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْقَاضِي وَالْوَصِيِّ تَزْوِيجُ أَمَةِ الْيَتِيمِ وَلَيْسَ لَهُمْ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ الْمَصْلَحَةِ (وَقَوْلُهُ) أَيْ السَّيِّدِ (طَلِّقْهَا رَجْعِيَّةً إجَازَةٌ) ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ سَبْقِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فَيَدُلُّ عَلَى إذْنٍ (لَا) أَيْ لَا يَكُونُ إجَازَةً لَوْ قَالَ لَهُ (طَلِّقْهَا أَوْ فَارِقْهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الرَّدَّ وَهُوَ الظَّاهِرُ هُنَا حَيْثُ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ بِأَنَّ سُكُوتَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ لَيْسَ بِإِجَازَةٍ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ (فَإِنْ نَكَحُوا بِإِذْنِهِ) أَيْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ (فَالْمَهْرُ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْمَذْكُورِينَ فَلَوْ طَلَبَتْ (يُبَاعُ الْعَبْدُ فِيهِ) فَلَوْ بِيعَ فَلَمْ يَفِ ثَمَنُهُ بِالْمَهْرِ لَا يُبَاعُ ثَانِيًا وَيُطَالَبُ بِالْبَاقِي بَعْدَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ حَيْثُ يُبَاعُ مِرَارًا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ سَاعَةً فَسَاعَةً فَلَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ بِالْجَمِيعِ فَإِذَا مَاتَ يَسْقُطُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الِاسْتِيفَاءِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ هَذَا إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَلَوْ زَوَّجَ الْمَوْلَى أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ وَهُوَ الْأَصَحُّ
(وَيَسْعَى) لِلْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ (الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَلَا يُبَاعَانِ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَحْتَمِلَانِ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ مَعَ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَكَذَا مُعْتَقُ الْبَعْضِ وَابْنُ أُمِّ الْوَلَدِ فَيُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِمَا فَإِنْ أَخْرَجَ الْمُدَبَّرَ عَنْ مِلْكِهِ كَانَ ضَامِنًا لِلْجَمِيعِ كَمَا إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَرُدَّ إلَى الرِّقِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ الْكُلُّ عَلَى الْمَوْلَى فَإِنْ أَوْفَاهَا وَإِلَّا بِيعَ لَهَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَإِذْنُهُ) أَيْ السَّيِّدِ (لِعَبْدِهِ بِالنِّكَاحِ) مُطْلَقًا (يَشْمَلُ جَائِزَهُ) أَيْ النِّكَاحِ (وَفَاسِدَهُ) عِنْدَ الْإِمَامِ وَيُصْرَفُ إلَى الْجَائِزِ عِنْدَهُمَا وَالثَّلَاثَةِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي أَمْرَيْنِ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ (فَيُبَاعُ فِي الْمَهْرِ) فِي الْحَالِ (لَوْ نَكَحَ فَاسِدًا فَوَطِئَ) وَلَوْ لَمْ يَطَأْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ وَذَكَرَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ: (وَيَتِمُّ الْإِذْنُ بِهِ) أَيْ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ (حَتَّى لَوْ نَكَحَ بَعْدَهُ) أَيْ لَوْ جَدَّدَ الْعَبْدُ نِكَاحَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ نِكَاحًا (جَائِزًا) ، أَوْ نَكَحَ امْرَأَةً بَعْدَهَا نِكَاحًا صَحِيحًا (تَوَقَّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ) ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالْعَقْدِ حَيْثُ يَنْتَهِي عِنْدَهُ وَلَا يَنْتَهِي بِهِ عِنْدَهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ وَهُوَ تَحْصِينُهُ مِنْ الزِّنَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْجَائِزِ دُونَ الْفَاسِدِ.
وَلَهُ أَنَّ الْإِذْنَ مُطْلَقٌ فَيُجْرَى عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالصَّحِيحِ كَالْإِذْنِ بِالْبَيْعِ وَقُيِّدَ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالنِّكَاحِ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ وَلَا يَنْتَهِي بِهِ اتِّفَاقًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْمُسْتَصْفَى.
(وَإِنْ زَوَّجَ) السَّيِّدُ (عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ الْمَدْيُونَ صَحَّ) النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبْتَنَى عَلَى مِلْكِ الرَّقَبَةِ فَيَجُوزُ تَحْصِينًا لَهُ (وَهِيَ) الْمَرْأَةُ (أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ) فَيُبَاعُ فِي الْكُلِّ فَيُقَسَّمُ ثَمَنُهُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ فَتَأْخُذُ حِصَّةَ مَهْرِهَا إنْ كَانَ الْمَهْرُ غَيْرَ مُتَجَاوِزٍ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ (فِي مَهْرِ مِثْلِهَا) فَفِي الْقَدْرِ الْمُتَجَاوِزِ عَنْهُ لَا تُزَاحِمُهُمْ تَأْخُذُهُ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِمْ حُقُوقَهُمْ كَدَيْنِ الصِّحَّةِ مَعَ دَيْنِ الْمَرَضِ (وَمَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ لَا يَلْزَمُ تَبْوِئَتُهَا) وَإِنْ شَرَطَا وَقْتَ الْعَقْدِ التَّبْوِئَةُ تَفْعِلَةٌ يُقَالُ بَوَّأَ لَهُ مَنْزِلًا وَبَوَّأَهُ مَنْزِلَةً إذَا هَيَّأَ لَهُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ (وَيَطَأُ الزَّوْجُ مَتَى ظَفِرَ) فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ وِلَايَةُ الْمَنْعِ إلَّا قَبْلَ أَخْذِ الْمُعَجَّلِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لِلزَّوْجِ مِلْكُ الْحِلِّ لَا غَيْرَ (وَ) لَكِنْ (لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ) لِأَنَّ النَّفَقَةَ جَزَاءُ احْتِبَاسِهَا فَلَا يُوجَدُ احْتِبَاسُهَا إلَّا بِتَبْوِئَتِهَا (وَهِيَ) أَيْ التَّبْوِئَةُ (أَنْ يُخَلَّى بَيْنَهَا) أَيْ الْأَمَةِ (وَبَيْنَ الزَّوْجِ فِي مَنْزِلِهِ وَلَا يَسْتَخْدِمَهَا) وَلَوْ تَرَكَ الْإِضَافَةَ فِي مَنْزِلِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّبْوِئَةَ أَنْ يُخَلَّى بَيْنَهُمَا فِي أَيِّ مَنْزِلٍ كَانَ كَمَا فَسَّرَ الْخَصَّافُ فَلَا وَجْهَ لِلِاخْتِصَاصِ بِمَنْزِلِ الزَّوْجِ تَأَمَّلْ (فَإِنْ بَوَّأَهَا ثُمَّ رَجَعَ صَحَّ) رُجُوعُهُ؛ لِأَنَّهُ