الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِلَّا فَلَا سَائِبَةَ فِي الْإِسْلَامِ فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُمْ أَنْبَتَ فِي مِلْكِهِ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ كَوْنَهَا كَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ وَقَوْلُهُمَا رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (إلَّا مَا جَفَّ) فَإِنَّهُ حَطَبٌ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ (وَالتَّصَدُّقُ مُتَعَيَّنٌ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ فِي ذَبْحِ صَيْدِ الْحَرَمِ وَحَلْبِهِ وَقَطْعِ حَشِيشِهِ وَشَجَرِهِ (وَلَا يُجْزِئُ الصَّوْمُ) لَكِنْ يَجُوزُ الطَّعَامُ وَالْهَدْيُ (وَحَرُمَ رَعْيُ حَشِيشِهِ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ كَالْقَطْعِ وَعِنْدَهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِضَرُورَةِ الزَّائِرِينَ (وَقَطْعُهُ إلَّا الْإِذْخِرَ) وَقَدْ اسْتَثْنَاهُ عليه الصلاة والسلام بِالْتِمَاسِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (وَكُلُّ مَا عَلَى الْمُفْرِدِ بِهِ دَمٌ) بِسَبَبِ جِنَايَتِهِ عَلَى إحْرَامِهِ (فَعَلَى الْقَارِنِ بِهِ دَمَانِ) لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِهَتْكِ حُرْمَةِ إحْرَامَيْنِ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ هَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَفِي غَيْرِ الْجِمَاعِ دَمٌ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَقَيَّدْنَا بِسَبَبِ جِنَايَتِهِ عَلَى إحْرَامِهِ يَعْنِي بِفِعْلِ شَيْءٍ مِنْ مَحْظُورَاتِهِ لَا مُطْلَقًا لِيَسْتَقِيمَ كُلِّيًّا فَإِنَّ الْمُفْرِدَ إذَا تَرَكَ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ لَزِمَهُ دَمٌ وَإِذَا تَرَكَهُ الْقَارِنُ لَا يَتَعَدَّدُ الدَّمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جِنَايَةً عَلَى الْإِحْرَامِ (إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ) بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَحِينَئِذٍ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ حَقِّ الْوَقْتِ وَقَالَ زُفَرُ يَجِبُ فِيهِ دَمَانِ.
(وَإِنْ قَتَلَ مُحْرِمَانِ صَيْدًا فَعَلَى كُلِّ) وَاحِدٍ (مِنْهُمَا جَزَاءٌ كَامِلٌ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ.
(وَإِنْ قَتَلَ حَلَالَانِ صَيْدَ الْحَرَمِ فَعَلَيْهِمَا جَزَاءٌ وَاحِدٌ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَزَاءَ الْفِعْلِ وَهُوَ مُتَعَدِّدٌ وَهَذَا جَزَاءُ الْمَحَلِّ وَهُوَ وَاحِدٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْسَمَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ إذَا قَتَلَهُ جَمَاعَةٌ وَلَوْ قَتَلَ حَلَالٌ وَمُحْرِمٌ فَعَلَى الْمُحْرِمِ جَمِيعُ الْقِيمَةِ وَعَلَى الْحَلَالِ نِصْفُهَا وَلَوْ قَتَلَهُ حَلَالٌ وَمُفْرِدٌ وَقَارِنٌ فَعَلَى الْحَلَالِ ثُلُثُ الْجَزَاءِ وَعَلَى الْمُفْرِدِ جَزَاءٌ وَعَلَى الْقَارِنِ جَزَاءَانِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَيَبْطُلُ بَيْعُ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ وَشِرَاؤُهُ) فَلَوْ قَبَضَ فَعَطِبَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ وَعَلَى الْبَائِعِ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ حَيًّا تَعَرُّضٌ لِلصَّيْدِ بِفَوَاتِ الْأَمْنِ وَبَيْعَهُ بَعْدَمَا قَتَلَهُ بَيْعُ مَيْتَةٍ.
وَفِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ يَفْسُدُ بَيْعُهُ.
(وَمَنْ أَخْرَجَ ظَبْيَةَ الْحَرَمِ) حَلَالًا لَوْ مُحْرِمًا (فَوَلَدَتْ وَمَاتَا) أَيْ الظَّبْيَةُ وَالْوَلَدُ (ضَمِنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى مَأْمَنِهِ وَهَذِهِ صِفَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَتَسْرِي إلَى الْوَلَدِ.
(وَإِنْ أَدَّى جَزَاءَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ لَا يَضْمَنُ الْوَلَدَ) وَكَذَا كُلُّ زِيَادَةٍ مِنْ سِمَنٍ أَوْ شَعْرٍ إنْ كَانَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ وَالْأَصْلَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّكْفِيرِ لَا وَلَوْ ذَبَحَ الْأُمَّ وَالْوَلَدَ يَحِلُّ وَيُكْرَهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
[بَابُ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ]
(بَابُ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ)(مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ) قَاصِدًا دُخُولَ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ بَلْ أَرَادَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ
الْمَوَاقِيتِ كَالْبُسْتَانِ مَثَلًا لِحَاجَةٍ مَسَّتْ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا (غَيْرَ مُحْرِمٍ، ثُمَّ أَحْرَمَ) بِعَرَفَاتٍ جَازَ حَجُّهُ وَ (لَزِمَهُ دَمٌ) لِارْتِكَابِهِ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ (فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ) أَيْ الْمِيقَاتِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْأَفْعَالِ حَالَ كَوْنِهِ (مُحْرِمًا) بِحَجَّةٍ، أَوْ عُمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ (مُلَبِّيًا سَقَطَ) الدَّمُ عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا) وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ (يَسْقُطُ) الدَّمُ (بِعَوْدِهِ مُحْرِمًا وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ) .
وَقَالَ زُفَرُ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ لَا يَسْقُطُ لَبَّى، أَوْ لَمْ يُلَبِّ.
(وَإِنْ عَادَ) إلَى الْمِيقَاتِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَوْدِهِ إلَى هَذَا الْمِيقَاتِ وَإِلَى مِيقَاتٍ آخَرَ فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى (قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ فَأَحْرَمَ مِنْهُ سَقَطَ) الدَّمُ بِالِاتِّفَاقِ.
(وَكَذَا) يَسْقُطُ الدَّمُ (لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ) دَاخِلَ الْمِيقَاتِ (ثُمَّ أَفْسَدَهَا وَقَضَاهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِيهَا كَامِلًا بِإِحْرَامٍ مِنْ الْمِيقَاتِ فَيَنْجَبِرُ بِهِ مَا نَقَصَ مِنْ حَقِّ الْمِيقَاتِ بِالْمُجَاوَزَةِ عَنْهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ خِلَافًا لِزُفَرَ.
(وَإِنْ عَادَ) إلَى الْمِيقَاتِ (بَعْدَ مَا شَرَعَ فِي الطَّوَافِ) لَا بَعْدَمَا شَرَعَ فِي نُسُكٍ (لَا يَسْقُطُ) الدَّمُ لَكِنْ هَلْ الْعَوْدُ أَفْضَلُ أَمْ تَرْكُهُ.
وَفِي الْمُحِيطِ إنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ إذَا عَادَ لَمْ يَعُدْ وَيَمْضِي فِي إحْرَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ عَادَ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فَرْضٌ وَالْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَاجِبٌ، وَتَرْكُ الْوَاجِبِ أَهْوَنُ مِنْ تَرْكِ الْفَرْضِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَإِنْ دَخَلَ كُوفِيٌّ الْبُسْتَانَ) أَيْ بُسْتَانَ بَنِي عَامِرٍ وَلَوْ عَمَّمَ الدَّاخِلَ وَالْمَدْخُولَ لَكَانَ أَوْلَى لَكِنْ قَدْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ مُحَمَّدٍ كَذَا فَتَبِعَهُ تَبَرُّكًا (لِحَاجَةٍ فَلَهُ دُخُولُ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ) ؛ لِأَنَّ الْبُسْتَانَ غَيْرُ وَاجِبِ التَّعْظِيمِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِقَصْدِهِ فَإِذَا وَصَلَهُ الْتَحَقَ بِأَهْلِهِ فَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجَوِّزَ هَذِهِ الْحِيلَةَ لِلْمَأْمُورِ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحَجَّةٍ آفَاقِيَّةٍ وَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ صَارَتْ حَجَّتُهُ مَكِّيَّةً فَكَانَ مُخَالِفًا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِقَامَةَ فِي الْبُسْتَانِ، أَوْ لَمْ يَنْوِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا بُدَّ مِنْ الْإِقَامَةِ (وَمِيقَاتُهُ) أَيْ الْكُوفِيِّ الدَّاخِلِ فِي الْبُسْتَانِ (الْبُسْتَانُ) لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ الْحِلِّ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَمِ (وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ) لِمَصْلَحَةٍ لَهُ (لَزِمَهُ حَجٌّ، أَوْ عُمْرَةٌ) تَعْظِيمًا لِلْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ (فَلَوْ عَادَ) إلَى الْمِيقَاتِ (وَأَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي عَامِهِ) ذَلِكَ لَا بَعْدَهُ (سَقَطَ) عَنْهُ (مَا لَزِمَهُ بِدُخُولِ مَكَّةَ) مِنْ الْحَجِّ، أَوْ الْعُمْرَةِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَسْقُطُ الدَّمُ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَسْقُطَ اعْتِبَارًا بِمَا لَزِمَهُ بِسَبَبِ النَّذْرِ وَصَارَ كَمَا إذَا تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ.
وَلَنَا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ تَعْظِيمًا لِهَذِهِ الْبُقْعَةِ لَا أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ لِدُخُولِهِ عَلَى التَّعْيِينِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَتَأَدَّى إلَّا بِالْإِحْرَامِ مَقْصُودًا وَلَوْ قَالَ وَإِحْرَامٌ عَمَّا عَلَيْهِ فِي عَامِهِ لَشَمَلَ كُلَّ إحْرَامٍ وَاجِبًا حَجًّا أَوْ عُمْرَةً، أَدَاءً أَوْ قَضَاءً كَمَا فِي الْمِنَحِ.
(وَإِنْ بَعْدَ عَامِهِ) أَيْ إنْ كَانَ الْعَوْدُ وَالْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ بَعْدَ عَامِهِ ذَلِكَ (لَا يَسْقُطُ) مَا لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ