الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِهَذَا لَا يَحِلُّ لِلرِّجَالِ فَكَانَ كَامِلًا فِي مَعْنَى الْحُلِيِّ فَيَدْخُلُ تَحْتَ اسْمِهِ وَلِهَذَا لَوْ لَبِسَ خَلْخَالًا أَوْ سِوَارًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حَجَرٍ يَحْنَثُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ حُلِيٍّ كَامِلٌ لَا يَحِلُّ لِلرِّجَالِ (وَعِقْدُ اللُّؤْلُؤِ إنْ رُصِّعَ فَحُلِيٌّ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرَصَّعْ (فَلَا) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ عِقْدَ لُؤْلُؤٍ غَيْرَ مُرَصَّعٍ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَحَلَّى بِهِ عُرْفًا إلَّا مُرَصَّعًا وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ (وَقَالَا حُلِيٌّ مُطْلَقًا) فَيَحْنَثُ بِلُبْسِهِ إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ حُلِيٌّ حَقِيقَةً حَتَّى سُمِّيَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ لَا عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَلَا عَلَى أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلَّلَ بِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ فَكُلٌّ أَفْتَى بِمَا شَاهَدَ فِي زَمَانِهِ.
وَقَالَ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُمَا أَقْرَبُ إلَى عُرْفِ دِيَارِنَا وَلِهَذَا قَالَ (وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ (يُفْتَى) ؛ لِأَنَّ التَّحَلِّي بِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ مُعْتَادٌ كَمَا فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
(وَفِي لَا يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ) أَوْ السَّطْحِ أَوْ الدُّكَّانِ (فَجَلَسَ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ حَصِيرٍ) فَوْقَهَا (لَا يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى جَالِسًا عَلَى الْأَرْضِ عَادَةً.
(وَإِنْ حَالَ بَيْنَهَا) أَيْ الْأَرْضِ (وَبَيْنَهُ) أَيْ الْحَالِفِ (ثِيَابُهُ) الَّذِي يَلْبَسُهُ (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لَهُ فَلَا تَصِيرُ حَائِلًا وَلَوْ خَلَعَ ثَوْبَهُ فَبَسَطَهُ وَجَلَسَ لَا يَحْنَثُ لِارْتِفَاعِ التَّبَعِيَّةِ (وَفِي لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَجُعِلَ فَوْقَهُ فِرَاشٌ) آخَرُ (فَنَامَ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ، وَالشَّيْءُ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِمِثْلِهِ فَتَنْقَطِعُ النِّسْبَةُ السُّفْلَى هَذَا فِي الْعُرْفِ أَمَّا لَوْ نَكَّرَهُ فَحَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ حَنِثَ بِوَضْعِ الْفِرَاشِ عَلَى الْفِرَاشِ.
(وَإِنْ جُعِلَ فَوْقَهُ قِرَامٌ) بِالْكَسْرِ سِتْرٌ رَقِيقٌ (يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ (وَفِي لَا يَجْلِسُ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ إنْ جُعِلَ فَوْقَهُ سَرِيرٌ) آخَرُ (فَجَلَسَ) عَلَيْهِ (لَا يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُهُ وَمَا وَقَعَ فِي الْكَنْزِ، وَالْقُدُورِيِّ مِنْ تَنْكِيرِ السَّرِيرِ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْمُنَكَّرُ عَلَى الْمُعَرَّفِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ لَكِنْ بَعِيدٌ تَأَمَّلْ.
(وَإِنْ جُعِلَ فَوْقَهُ) أَيْ فَوْقَ هَذَا السَّرِيرِ (بِسَاطٌ أَوْ حَصِيرٌ) فَجَلَسَ عَلَيْهِ (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ جَالِسًا عَلَيْهِ عَادَةً كَمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ عَلَى هَذَا الْفَرَسِ فَجَعَلَ فَوْقَهُ سَرْجًا فَرَكِبَ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى أَلْوَاحِ هَذَا السَّرِيرِ أَوْ أَلْوَاحِ هَذِهِ السَّفِينَةِ فَفُرِشَ عَلَى ذَلِكَ فِرَاشٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ.
[بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]
َ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مَا يُشَارِكُ الْمَيِّتُ فِيهِ الْحَيَّ تَقَعُ الْيَمِينُ فِيهِ عَلَى حَالَةِ الْحَيَاةِ، وَالْمَوْتِ وَمَا اُخْتُصَّ بِحَالَةِ الْحَيَاةِ يَتَقَيَّدُ بِهَا فَقَالَ (الضَّرْبُ، وَالْكِسْوَةُ، وَالْكَلَامُ، وَالدُّخُولُ يَخْتَصُّ فِعْلُهَا بِالْحَيِّ) ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ (فَلَا يَحْنَثُ مَنْ قَالَ إنْ ضَرَبْته) أَيْ زَيْدًا مَثَلًا (أَوْ كَسَوْته أَوْ دَخَلْت عَلَيْهِ) فَكَذَا (بِفِعْلِهَا) أَيْ بِفِعْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ اسْمٌ لِفِعْلٍ مُولِمٍ مُتَّصِلٍ بِالْبَدَنِ، وَالْإِيلَامُ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمَيِّتِ، وَالْمُعَذَّبُ فِي الْقَبْرِ يَحْيَى بِقَدْرِ مَا يَتَأَلَّمُ بِهِ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْحَقِّ
فَلَوْ حَلَفَ لَأَضْرِبَنَّ مِائَةَ سَوْطٍ بَرَّ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ إنْ وَصَلَ إلَى بَدَنِهِ كُلُّ سَوْطٍ بِشَرْطِ الْإِيلَامِ وَأَمَّا عَدَمُهُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا وَكَذَا الْكِسْوَةُ إذْ يُرَادُ بِهِ التَّمْلِيكُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمَيِّتِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ السَّتْرَ وَكَذَا الْكَلَامُ، وَالدُّخُولُ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْكَلَامِ الْإِفْهَامُ، وَالْمَوْتُ يُنَافِيهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ زِيَارَتُهُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ يُزَارُ قَبْرُهُ لَا هُوَ وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ حَنِثَ عَلَى الْمُخْتَارِ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا أَوْ لَا يُقَبِّلُهَا فَوَطْأَهَا أَوْ قَبَّلَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَحْنَثُ (بِخِلَافِ الْغُسْلِ، وَالْحَمْلِ، وَالْمَسِّ) لِتَحَقُّقِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْمَيِّتِ (وَفِي) حَلَفَ (لَا يَضْرِبُهَا فَمَدَّ شَعْرَهَا أَوْ خَنَقَهَا أَوْ عَضَّهَا حَنِثَ) لِتَحَقُّقِ الْإِيلَامِ بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ الْفَارِسِيَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي حَالَةِ الْغَصْبِ أَوْ الْمُزَاحِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ فِي حَالَةِ الْمُزَاحِ فَلِهَذَا لَوْ أَصَابَ رَأْسُهُ أَنْفَهَا فِي الْمُلَاعَبَةِ فَأَدْمَاهَا لَا يَحْنَثُ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ فِي الضَّرْبِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ فَضَرَبَ أَمَتَهُ فَأَصَابَهَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ عَلَى الْأَظْهَرِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَنْ تَعَمَّدَ غَيْرَهَا وَأَصَابَهَا جَزَمَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ.
حَلَفَ (لَيَضْرِبَنَّهُ حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ) يَقَعُ (عَلَى أَشَدِّ الضَّرْبِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ فِي الْعُرْفِ وَلَوْ قَالَ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ أَوْ يَبْكِيَ أَوْ يَبُولَ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا حَقِيقَةً.
وَفِي التَّنْوِيرِ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ فُلَانًا أَلْفَ مَرَّةٍ فَهُوَ عَلَى الْكَثْرَةِ حَلَفَ إنْ لَمْ أَقْتُلْ زَيْدًا فَكَذَا، وَهُوَ مَيِّتٌ إنْ عَلِمَ الْحَالِفُ بِمَوْتِهِ حَنِثَ وَإِلَّا لَا حَلَفَ لَأَقْتُلُ فُلَانًا بِالْكُوفَةِ فَضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ وَمَاتَ بِهَا حَنِثَ وَبِعَكْسِهِ لَا وَفِي حَلِفِهِ.
(لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ قَرِيبًا فَمَا دُونَ الشَّهْرِ قَرِيبٌ، وَالشَّهْرُ بَعِيدٌ) فَلَوْ قَضَى تَمَامَ الشَّهْرِ حَنِثَ وَقَبْلَهُ بَرَّ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ بَعِيدًا وَمَا دُونَهُ يُعَدُّ قَرِيبًا وَلِذَا يُقَالُ عِنْدَ بُعْدِ الْعَهْدِ مَا لَقِيتُك مُنْذُ شَهْرٍ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَفْظُ السَّرِيعِ كَالْقَرِيبِ وَلَفْظُ الْأَجَلِ كَالْبَعِيدِ وَإِنْ نَوَى مُدَّةً فِيهِمَا فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ مَلِيًّا أَوْ طَوِيلًا إنْ نَوَى شَيْئًا فَذَاكَ وَإِلَّا فَعَلَى شَهْرٍ وَيَوْمٍ وَفِي حَلِفِهِ (لَيَقْضِيَنَّهُ) أَيْ دَيْنَهُ (الْيَوْمَ فَقَضَاهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَمْرِ غَيْرِهِ وَلَوْ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ وَقَبْضِ الْمُحْتَالِ فَلَوْ تَبَرَّعَ بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يَبَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُعْطِيَ وَلَمْ يَقْبَلْ لَكِنَّهُ وَضَعَهُ بِحَيْثُ تَنَاوُلُ يَدِهِ لَوْ أَرَادَ قَبْضَهُ وَإِلَّا لَا يَبَرُّ وَلَوْ كَانَ الدَّائِنُ غَائِبًا لَمْ يَحْنَثْ بِتَرْكِ الْقَضَاءِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ لِلْفَتْوَى أَمَّا الْحَالِفُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَإِذَا رَفَعَ الْأَمْرَ إلَيْهِ بَرَّ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ انْتَصَبَ نَائِبًا عَنْهُ فِي هَذَا الْحُكْمِ نَظَرًا لِلْحَالِفِ (زُيُوفًا) يَبَرُّ بِالضَّمِّ مَصْدَرُ زَافَتْ الدَّرَاهِمُ زَيْفًا أَيْ صَارَتْ مَرْدُودَةً لِلْغِشِّ (أَوْ نَبَهْرَجَةٌ) لَفْظٌ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ وَأَصْلُهُ نَبْهَرُ وَهِيَ، وَالزَّيْفُ كِلَاهُمَا مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَفِضَّتُهُمَا غَالِبَةٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّيْفَ مَا يَرُدُّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَلَا يَرُدُّهُ التُّجَّارُ بِخِلَافِ النَّبَهْرَجَةِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا التُّجَّارُ أَيْضًا (أَوْ مُسْتَحَقَّةٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ مُسْتَحِقًّا
صَاحِبُهَا إيَّاهَا عَلَى الدَّيْنِ (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ بَاعَ الْمَدْيُونُ دَايَنَهُ (بِهِ) أَيْ بِدَيْنِهِ (شَيْئًا) مِنْ مِلْكِهِ كَالْعَبْدِ وَغَيْرِهِ بَيْعًا صَحِيحًا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَلَوْ بَاعَ فَاسِدًا وَلَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ فَقَدْ حَنِثَ وَإِلَّا فَقَدْ بَرَّ (وَقَبَضَهُ) أَيْ قَبَضَ الدَّائِنُ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الْقَبْضُ، وَقَدْ وَجَبَ الثَّمَنُ بِنَفْسِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَرَّرُ قَبْلَهُ (بِرٌّ) فِي هَذِهِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّ الزِّيَافَةَ، وَالنَّبَهْرَجَةَ عَيْبٌ، وَالْعَيْبُ لَا يُعْدِمُ الْجِنْسَ وَلِهَذَا لَوْ تُجُوِّزَ بِهِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ فَوُجِدَ شَرْطُ الْبِرِّ وَقَبْضُ الْمُسْتَحَقَّةِ صَحِيحٌ وَلَا يَرْتَفِعُ بِرَدِّهِ الْبِرُّ الْمُتَحَقِّقُ وَبِالْبَيْعِ وَقْتَ الْمُقَاصَّةِ بَيْنَ الدَّيْنِ وَبَيْنَ الثَّمَنِ فَصَارَ الثَّمَنُ قَضَاءً لِلدَّيْنِ.
(وَلَوْ) قَضَاهُ (رَصَاصًا أَوْ سَتُّوقَةً أَوْ وَهَبَهُ) أَيْ الدَّائِنُ ذَلِكَ الدَّيْنَ لِلْمَدْيُونِ مَجَّانًا (أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ (لَا يَبَرُّ) الْحَالِفُ وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ فِي صُورَةِ الْهِبَةِ، وَالْإِبْرَاءِ أَمَّا فِي صُورَةِ الْأُولَيَيْنِ فَلَمْ يَبَرَّ وَحَنِثَ وَجَوَابُ الشَّرْطِ السَّابِقُ مَحْذُوفٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ إنْ اخْتَلَفَ مَعْنًى وَإِنَّمَا احْتَاجَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمَّا كَانَتْ مُوَقَّتَةً فَإِذَا وَهَبَهُ لَهُ قَبْلَ انْقِضَائِهِ فَقَدْ عَجَزَ عَنْ الْبِرِّ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَمُسْتَقِيمٌ بِلَا تَكْلِيفٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَنِثَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَيَّدَ الْيَوْمَ لَاسْتَقَامَ بِدُونِ الِاحْتِيَاجِ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ أَوْ لَوْ قَالَ وَلَوْ رَصَاصًا أَوْ سَتُّوقَةً حَنِثَ وَلَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَبْرَأَهُ لَا يَبَرُّ لَكَانَ أَسْلَمَ مِنْ أَعْظَمِ الِاخْتِلَالِ تَأَمَّلْ.
وَفِي حَلِفِهِ (لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ) مِنْ غَرِيمِهِ (دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ لَا يَحْنَثُ) فِي يَمِينِهِ (بِقَبْضِ بَعْضِهِ) لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَهُوَ قَبْضُ الْكُلِّ بِوَصْفِ التَّفَرُّقِ (مَا لَمْ يَقْبِضْ كُلَّهُ مُتَفَرِّقًا) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَهُوَ قَبْضُ الْكُلِّ بِوَصْفِ التَّفَرُّقِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْقَبْضَ إلَى دَيْنٍ مَعْرُوفٍ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ فَيَتَنَاوَلُ كُلَّهُ وَلَوْ قَيَّدَ بِالْيَوْمِ لَمْ يَحْنَثْ بِقَبْضِ الْبَعْضِ فِي الْيَوْمِ مُتَفَرِّقًا؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَخْذُ الْكُلِّ فِيهِ مُتَفَرِّقًا وَلَوْ أَدْخَلَ مِنْ التَّبْعِيضِيَّةَ حَنِثَ.
(وَإِنْ فَرَّقَهُ) أَيْ الْقَبْضَ (بِعَمَلٍ ضَرُورِيٍّ كَالْوَزْنِ لَا يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ وَزْنُ الْكُلِّ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَيَكُونُ هَذَا الْقَدْرُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْيَمِينِ خِلَافًا لِزُفَرَ هَذَا إذَا لَمْ يَتَشَغَّلَا بَيْنَ الْوَزْنَتَيْنِ بِعَمَلٍ آخَرَ أَمَّا إذَا اشْتَغَلَ بَيْنَهُمَا بِعَمَلٍ آخَرَ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ تَبَدَّلَ الْمَجْلِسُ فَاخْتَلَفَ الدَّفْعُ.
وَفِي التَّنْوِيرِ لَا يَأْخُذُ مَالَهُ عَلَى فُلَانٍ إلَّا جُمْلَةً أَوْ لَا جَمِيعًا فَتَرَكَ مِنْهُ دِرْهَمًا، ثُمَّ أَخَذَ الْبَاقِيَ كَيْفَ شَاءَ لَا يَحْنَثُ وَمَنْ قَالَ (إنْ كَانَ لِي إلَّا مِائَةً أَوْ غَيْرَ مِائَةٍ أَوْ سِوَى مِائَةٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ فَعَبْدُهُ حُرٌّ مَثَلًا (لَا يَحْنَثُ بِهَا) أَيْ بِالْمِائَةِ (أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهَا) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمِائَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ دِينَارًا أَوْ عَرُوضًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ سَوَائِمَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى وَلَا يُحْكَمُ بِثُبُوتِ الْمُسْتَثْنَى وَلَا بِنَفْيِهِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ لِي شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى الْمِائَةِ (وَفِي) حَلِفِهِ (لَا يَفْعَلُ) كَذَا تَرَكَهُ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ نَفَى الْفِعْلَ مُطْلَقًا فَيَتَنَاوَلُ فَرْدًا شَائِعًا فِي جِنْسِهِ
فَيَعُمُّ الْجِنْسَ كُلَّهُ ضَرُورَةَ شُيُوعِهِ (وَفِي لَيَفْعَلَنهُ يَكْفِي فِعْلُهُ مَرَّةً) ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ فِعْلًا وَاحِدًا، وَهُوَ نَكِرَةٌ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ فَيَخُصُّ وَيَحْنَثُ إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ فِي عُمُرِهِ.
وَفِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ وَيَفُوتُ مَحَلُّ الْفِعْلِ هَذَا إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً وَإِنْ كَانَتْ مُوَقَّتَةً وَلَمْ يَفْعَلْ فِيهِ يَحْنَثُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ إنْ كَانَ الْإِمْكَانُ بَاقِيًا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ وَإِلَّا لَا.
(حَلَّفَهُ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ (وَالٍ) أَيْ حَلَّفَهُ مَالِكُ أَمْرِ بَلَدٍ رَجُلًا (لَيُعْلِمَنهُ بِكُلِّ دَاعِرٍ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ فَاسِقٍ خَبِيثٍ مُفْسِدٍ أَتَى بِالْبَلَدِ (تُقَيَّدُ) الْيَمِينُ (بِحَالِ وِلَايَتِهِ) بِالْكَسْرِ أَيْ بِزَمَانِ تَسَلُّطِهِ هَذَا عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِعْلَامِ دَفْعُ شَرِّ الدَّاعِرِ وَغَيْرِهِ بِزَجْرِهِ فَلَا يُفِيدُ فَائِدَتَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْوِلَايَةِ، وَالزَّوَالُ بِالْمَوْتِ وَكَذَا بِالْعَزْلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَمْ يَجِبْ الْإِعْلَامُ لَوْ عَادَ إلَى الْوِلَايَةِ كَمَا لَمْ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ حَتَّى مَاتَ أَوْ عُزِلَ فَقَدْ حَنِثَ.
وَفِي الْفَتْحِ وَلَوْ حَكَمَ بِانْعِقَادِ هَذِهِ لِلْفَوْرِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا نَظَرًا إلَى الْمَقْصُودِ، وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ لِزَجْرِهِ وَدَفْعِ شَرِّهِ فَالدَّاعِي يُوجِبُ التَّقْيِيدَ بِالْفَوْرِ وَفَوْرُ عِلْمِهِ بِهِ.
وَفِي الْبَحْرِ لَوْ حَلَّفَ رَبُّ الدَّيْنِ غَرِيمَهُ أَوْ الْكَفِيلَ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَنْ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا بِإِذْنِهِ تُقَيَّدُ بِالْخُرُوجِ حَالَ قِيَامِ الدَّيْنِ، وَالْكَفَالَةِ.
وَفِي حَلِفِهِ (لَيَهَبَنهُ فَوَهَبَ وَلَمْ يَقْبَلْ بَرَّ) الْحَالِفُ فِي يَمِينِهِ خِلَافًا لِزُفَرَ.
(وَكَذَا الْقَرْضُ، وَالْعَارِيَّةُ، وَالصَّدَقَةُ) ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالْإِقْرَارُ (بِخِلَافِ الْبَيْعِ) وَنَظِيرُهُ الْإِجَارَةُ، وَالصَّرْفُ، وَالسَّلَمُ، وَالرَّهْنُ، وَالنِّكَاحُ، وَالْخُلْعُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَنَظَائِرَهَا تَبَرُّعٌ فَيَتِمُّ بِالْمُتَبَرِّعِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةً فَاقْتَضَى الْعِوَضَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
وَفِي حَلِفِهِ (لَا يَشُمُّ رَيْحَانًا فَهُوَ) يَقَعُ (عَلَى مَا لَا سَاقَ لَهُ فَلَا يَحْنَثُ بِشَمِّ الْوَرْدِ، وَالْيَاسَمِينَ) قَصْدًا؛ لِأَنَّ الرِّيحَانِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا لِسَاقِهِ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ كَمَا لِوَرَقِهِ وَقِيلَ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْعِرَاقِ اسْمٌ لِمَا لَا سَاقَ لَهُ مِنْ الْبُقُولِ مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ مُسْتَلَذَّةٌ وَقِيلَ اسْمٌ لِمَا لَيْسَ لَهُ شَجَرٌ وَعَلَى كُلٍّ فَلَيْسَ الْوَرْدُ، وَالْيَاسَمِينُ مِنْهُ وَقَيَّدْنَا بِالْقَصْدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَ رِيحَهُ بِلَا قَصْدٍ وَوَصَلَتْ الرَّائِحَةُ إلَى دِمَاغِهِ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقِيلَ يَحْنَثُ بِشَمِّهِمَا فِي حَلِفِهِ لَا يَشُمُّ رَيْحَانًا؛ لِأَنَّ الرَّيْحَانَ اسْمٌ لِمَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ مِنْ النَّبَاتِ عُرْفًا فَيَحْنَثُ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَفِي حَلِفِهِ (لَا يَشُمُّ وَرْدًا أَوْ بَنَفْسَجًا فَهُوَ) يَقَعُ (عَلَى وَرَقَةٍ) دُونَ الدُّهْنِ فِي عُرْفِنَا كَمَا فِي الْكَافِي وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ أَيْضًا لِعُمُومِ الْمَجَازِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ فَكَانَ فِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ بَائِعُ الْوَرَقِ لَا يُسَمَّى بِالْبَنَفْسَجِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ بَائِعَ الدُّهْنِ، ثُمَّ صَارَ كَمَا يُسَمَّى بِهِ فِي أَيَّامِ الْكَرْخِيِّ فَقَالَ بِهِ وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَيَجِبُ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ إلَّا عَلَى نَفْسِ النَّبَاتِ فَلَا يَحْنَثُ بِالدُّهْنِ أَصْلًا كَمَا فِي الْوَرْدِ، وَالْحِنَّاءِ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى شِرَائِهِمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْوَرَقِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْمٌ لِلْوَرَقِ، وَالْعُرْفُ يُقَرِّرُ لَهُ بِخِلَافِهِ فِي الْبَنَفْسَجِ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ وَفِي الْبَنَفْسَجِ وَلَوْ رُدَّ يُعْتَبَرُ عُرْفُ بَلَدِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ تَأَمَّلْ.
وَفِي حَلِفِهِ (لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ تَنَاوَلَ الْمِلْكَ، وَالْإِجَارَةَ)