الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ عَدَمِ الْفَصَاحَةِ النَّبَطُ جِيلٌ مِنْ النَّاسِ بِسَوَادِ الْعِرَاقِ الْوَاحِدُ نَبَطِيٌّ.
وَفِي الْإِصْلَاحِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الْغَضَبِ تَأْبَى عَنْ قَصْدِ التَّشْبِيهِ فِيمَا يُوصَفُ بِهِ فِي الْأَوَّلِ كَمَا تَأْبَى عَنْ الْقَصْدِ إلَى مَعْنَى الصُّعُودِ فِي زَنَأْت فِي الْجَبَلِ انْتَهَى.
لَكِنْ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ اسْتِعْمَالُهُ لِذَلِكَ الْقَصْدِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُرَادُ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ التَّهَكُّمَ بِهِ عَلَيْهِ (أَوْ لَسْت بِعَرَبِيٍّ) فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ لِمَا مَرَّ.
وَفِي الْمِنَحِ لَوْ قَالَ لَسْت لِأَبٍ، أَوْ لَسْت وَلَدَ حَلَالٍ فَهُوَ قَذْفٌ، وَلَوْ قَالَ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ أَنْتَ أَزَنَى مِنِّي حُدَّ الرَّجُلُ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا، وَلَيْسَتْ هِيَ قَاذِفَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنْتَ أَعْلَمُ مِنِّي بِالزِّنَى، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ زَنَى بِك زَوْجُك قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَك فَهُوَ قَاذِفٌ، وَلَوْ قَالَ زَنَى فَخِذُك، أَوْ ظَهْرُك فَلَيْسَ بِقَاذِفٍ.
[قَذْفِ الْمَيِّتِ الْمُحْصَنِ]
(وَيُحَدُّ بِقَذْفِ الْمَيِّتِ الْمُحْصَنِ) أَوْ الْمَيِّتِ الْمُحْصَنَةِ (إنْ طَالَبَ بِهِ الْوَالِدُ) ، أَوْ جَدُّهُ، وَإِنْ عَلَا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْوَالِدِ اتِّفَاقِيٌّ إذْ الْأُمُّ كَذَلِكَ (أَوْ الْوَلَدُ، أَوْ) وَلَدُ (وَلَدِهِ) ، وَإِنْ سَفَلَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ طَالَبَ بِهِ الْأُصُولُ، وَالْفُرُوعُ، وَإِنْ عَلَوْا أَوْ سَفَلُوا؛ لِأَنَّ الْعَارَ يَلْحَقُ بِهِمْ فَيَكُونَ الْقَذْفُ مُتَنَاوِلًا لَهُمْ مَعْنًى.
وَقَالَ زُفَرُ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ لَيْسَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ ذَلِكَ (وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (مَحْرُومًا عَنْ الْإِرْثِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ يُورَثُ عِنْدَهُ فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَارِثٍ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ وَعِنْدَنَا لَا بَلْ يَثْبُتُ لِمَنْ يَلْحَقُ بِهِ الْعَارُ؛ وَلِهَذَا يَثْبُتُ لِلْمَحْرُومِ عَنْ الْإِرْثِ بِالْكُفْرِ، وَالرِّقِّ وَغَيْرِهِمَا خِلَافًا لِزُفَرَ.
(وَكَذَا) أَيْ: يُحَدُّ إنْ طَالَبَ بِهِ (وَلَدُ الْبِنْتِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى أَبِيهِ لَا إلَى أُمِّهِ فَلَا يَلْحَقُهُ الشَّيْنُ بِزِنَى أَبِي أُمِّهِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الشَّيْنَ يَلْحَقُهُ إذْ النَّسَبُ ثَابِتٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَفِيهِ خِلَافٌ عَنْ مُحَمَّدٍ تَأَمَّلْ.
(وَلَا يُطَالِبُ وَلَدٌ أَبَاهُ وَلَا) يُطَالِبُ (عَبْدٌ سَيِّدَهُ بِقَذْفِ أُمِّهِ) الْمُحْصَنَةِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُعَاقَبَانِ بِسَبِّهِمَا، وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ الْفَرْعُ، وَإِنْ سَفَلَ وَبِالْأَبِ الْأَصْلُ، وَإِنْ عَلَا ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى فَلَوْ كَانَ لَهَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ أَبٌ وَنَحْوُهُ، وَلَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْحَدِّ لِوُجُودِ السَّبَبِ وَعَدَمِ الْمَانِعِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
[مَا يَبْطُلُ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ]
(وَيَبْطُلُ) حَدُّ الْقَذْفِ (بِمَوْتِ الْمَقْذُوفِ) سَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْحَدِّ، أَوْ بَعْدَهُ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَبْطُلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِرْثَ يَجْرِي عِنْدَهُمْ كَحُقُوقِ الْعِبَادِ وَعِنْدَنَا لَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الشَّرْعِ غَالِبٌ فِيهَا فَلَا يَجْرِي الْإِرْثُ فِيهِ (لَا) يَبْطُلُ (بِالرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ) يَعْنِي مَنْ أَقَرَّ بِقَذْفٍ، ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ لِلْمَقْذُوفِ حَقًّا فِيهِ فَيُكَذِّبُهُ فِي الرُّجُوعِ بِخِلَافِ حُدُودٍ هِيَ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إذْ لَا مُكَذِّبَ لَهُ فِيهَا.
[الْعَفْوُ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ]
(وَلَا يَصِحُّ الْعَفْوُ) عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ (وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) أَيْ: أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا جَرَيَانَ فِي حَقِّ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ غَالِبٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَلَوْ عَفَا الْمَقْذُوفُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْحَدِّ لَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ لَا لِصِحَّةِ عَفْوِهِ بَلْ لِتَرْكِ طَلَبِهِ حَتَّى لَوْ عَادَ وَطَلَبَ يُحَدُّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الدَّعْوَى فِي إقَامَتِهِ وَلَمْ تَبْطُلْ الشَّهَادَةُ
بِالتَّقَادُمِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَيُقِيمُهُ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فِي أَيَّامِ قَضَائِهِ، وَكَذَا لَوْ قَذَفَهُ بِحَضْرَتِهِ (وَلَوْ قَالَ زَنَأْت فِي الْجَبَلِ وَعَنَى الصُّعُودَ) أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ قَائِلًا أَرَدْت بِهِ الصُّعُودَ (حُدَّ) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْنِ الصُّعُودَ يُحَدُّ اتِّفَاقًا (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا يُحَدُّ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ لَفْظِهِ؛ لِأَنَّ زَنَأَ بِالْهَمْزَةِ يَجِيءُ بِمَعْنَى صَعِدَ وَذِكْرُ الْجَبَلِ يُقَرِّرُ مُرَادَهُ، وَفِي مُسْتَعْمَلٌ بِمَعْنَى عَلَى وَلَهُمَا إنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ دَالٌّ عَلَى الْفَاحِشَةِ وَهَمْزَتُهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَقْلُوبَةً مِنْ الْحَرْفِ اللَّيِّنِ كَمَا يُلَيَّنُ الْمَهْمُوزُ وَدَلَالَةُ الْحَالِ دَاعِيَةٌ إلَى إرَادَةِ الْقَذْفِ وَذِكْرُ الْجَبَلِ إنَّمَا يَتَعَيَّنُ الصُّعُودُ مُرَادًا إذَا كَانَ مَقْرُونًا بِكَلِمَةِ عَلَى إذْ هُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِيهِ فَلِذَا لَوْ قَالَ زَنَأْت عَلَى الْجَبَلِ قِيلَ لَا يُحَدُّ وَقِيلَ يُحَدُّ.
وَفِي الْغَايَةِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدِي إذَا كَانَ هَذَا الْكَلَامُ خَرَجَ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ، وَالسِّبَابِ يَجِبُ الْحَدُّ وَإِلَّا فَلَا وَقَيَّدَ بِالْهَمْزَةِ إذْ لَوْ كَانَ بِالْيَاءِ وَجَبَ الْحَدُّ اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ زَنَأْت يُحَدُّ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَإِنْ قَالَ) رَجُلٌ لِآخَرَ (يَا زَانٍ وَعَكَسَ) عَلَيْهِ الْآخَرُ بِأَنْ قَالَ لَا بَلْ أَنْتَ زَانٍ (حُدَّا) أَيْ الْقَائِلَانِ بِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَذَفَ صَاحِبَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ مَثَلًا يَا خَبِيثُ فَقَالَ بَلْ أَنْتَ تَكَافَآ وَلَا يُعَزَّرُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (وَلَوْ قَالَ لَهُ لِامْرَأَتِهِ وَعَكَسَتْ حُدَّتْ) الْمَرْأَةُ فَقَطْ (وَلَا لِعَانَ) عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُمَا قَاذِفَانِ وَقَذْفُهُ يُوجِبُ اللِّعَانَ وَقَذْفُهَا يُوجِبُ الْحَدَّ.
وَفِي الْبِدَايَةِ بِالْحَدِّ إبْطَالُ اللِّعَانِ؛ لِأَنَّ الْمَحْدُودَ فِي الْقَذْفِ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهُ وَلَا إبْطَالَ فِي عَكْسِهِ أَصْلًا فَيَحْتَالُ لِلدَّرْءِ إذْ اللِّعَانُ فِي مَعْنَى الْحَدِّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ يَا زَانِيَةَ بِنْتِ زَانِيَةٍ فَخَاصَمَتْ الْأُمُّ أَوَّلًا فَحُدَّ الرَّجُلُ سَقَطَ اللِّعَانُ، وَلَوْ خَاصَمَتْ الْمَرْأَةُ أَوَّلًا فَلَاعَنَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، ثُمَّ خَاصَمَتْ الْأُمُّ يُحَدُّ الرَّجُلُ.
(وَلَوْ قَالَتْ) فِي جَوَابِ قَوْلِهِ لَهَا يَا زَانِيَةُ (زَنَيْت بِك)، أَوْ مَعَك (بَطَلَ الْحَدُّ أَيْضًا) أَيْ: كَمَا بَطَلَ اللِّعَانُ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا أَرَادَتْ الزِّنَى قَبْلَ النِّكَاحِ فَيَجِبُ الْحَدُّ لَا اللِّعَانُ وَاحْتِمَالُ أَنَّهَا أَرَادَتْ زِنَايَ هُوَ الَّذِي كَانَ مَعَك بَعْدَ النِّكَاحِ لِأَنِّي مَا مَكَّنْت أَحَدًا غَيْرَك، وَهُوَ الْمُرَادُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَعَلَى هَذَا يَجِبُ اللِّعَانُ لَا الْحَدُّ لِوُجُودِ الْقَذْفِ مِنْهُ لَا مِنْهَا فَجَاءَ الشَّكُّ هَذَا إذَا اقْتَصَرَتْ عَلَى هَذِهِ، وَلَوْ زَادَتْ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك تُحَدُّ الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا وَقَيَّدَ بِكَوْنِهَا امْرَأَتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَعَ أَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يُحَدَّ هُوَ، بَلْ هِيَ؛ لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ، وَلَوْ قَالَتْ فِي جَوَابِهِ أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي حُدَّ الرَّجُلُ وَحْدَهُ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) رَجُلٌ (بِوَلَدٍ ثُمَّ نَفَاهُ) أَيْ: نَفَى نَسَبَهُ (يُلَاعِنُ) ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ وَبِالنَّفْيِ بَعْدَهُ صَارَ قَاذِفًا فَيَجِبُ اللِّعَانُ.
(وَإِنْ عَكَسَ) أَيْ: نَفَاهُ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ (حُدَّ) أَيْ: الْمُنَافِي؛ لِأَنَّهُ كَذَّبَ نَفْسَهُ بَعْدَمَا نَفَاهُ (وَالْوَلَدُ لَهُ) أَيْ: ثَبَتَ نَسَبُهُ لِلرَّجُلِ (فِي الْوَجْهَيْنِ) لِإِقْرَارِهِ سَابِقًا وَلَاحِقًا (وَلَا شَيْءَ) أَيْ: لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ (إنْ قَالَ) رَجُلٌ (لَيْسَ بِابْنِي وَلَا ابْنِك) ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْوِلَادَةَ وَبِهِ لَا يَصِيرُ قَاذِفًا.
(وَلَا حَدَّ بِقَذْفِ امْرَأَةٍ لَهَا وَلَدٌ)
سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا (لَا يُعْلَمُ لَهُ أَبٌ، أَوْ لَاعَنَتْ بِوَلَدٍ) لِقِيَامِ أَمَارَةِ الزِّنَى، وَهِيَ وِلَادَةُ وَلَدٍ لَا أَبَ لَهُ فَلَا يُوجَدُ الْعِفَّةُ عَنْ الزِّنَى وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ اللِّعَانِ حَتَّى لَوْ بَطَلَ بِإِكْذَابِ نَفْسِهِ، ثُمَّ قَذَفَهَا رَجُلٌ حُدَّ وَإِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقْطَعَ الْقَاضِي نَسَبَ الْوَلَدِ حَتَّى لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ وَلَمْ يَقْطَعْ الْقَاضِي النَّسَبَ وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى قَاذِفِهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ (بِخِلَافِ) قَذْفِ (مَنْ لَاعَنَتْ بِغَيْرِهِ) أَيْ: الْوَلَدِ لِانْعِدَامِ أَمَارَةِ الزِّنَى.
(وَلَا) حَدَّ (بِقَذْفِ رَجُلٍ وَطِئَ حَرَامًا لِعَيْنِهِ كَوَطْءِ) امْرَأَةٍ (فِي غَيْرِ مِلْكِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ مِنْ وَجْهٍ كَوَطْءِ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ) فَإِنَّ الْوَطْءَ فِي الصُّورَتَيْنِ حَرَامٌ لِعَيْنِهِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ وَطِئَ وَطْئًا حَرَامًا لِعَيْنِهِ لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِقَذْفِهِ لِفَوَاتِ الْعِفَّةِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ جَارِيَةَ ابْنِهِ، وَالْمَنْكُوحَةَ نِكَاحًا فَاسِدًا، وَالْأَمَةَ الْمُسْتَحَقَّةَ، وَالْمُكْرَهَ عَلَى الزِّنَى، وَالثَّابِتَ حُرْمَتُهَا بِالْمُصَاهَرَةِ أَوْ تَزَوَّجَ مَحَارِمَهُ وَدَخَلَ بِهِنَّ أَوْ جَمَعَ الْمَحَارِمَ، أَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ (أَوْ) وَطِئَ (مَمْلُوكَةً حَرُمَتْ أَبَدًا كَأَمَتِهِ الَّتِي هِيَ أُخْتُهُ رَضَاعًا) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِثُبُوتِ التَّضَادِّ بَيْنَ الْحِلِّ، وَالْحُرْمَةِ.
(وَلَا) حَدَّ (بِقَذْفِ مُسْلِمٍ زَنَى فِي كُفْرِهِ) لِتَحَقُّقِ الزِّنَى مِنْهَا شَرْعًا لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ، وَالزِّنَى حَرَامٌ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (أَوْ) بِقَذْفِ (مُكَاتَبٍ، وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (كَانَ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ) أَيْ: تَرَكَ مَا لَا يَفِي بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - اخْتَلَفُوا فِي مَوْتِهِ حُرًّا وَعَبْدًا فَأَوْرَثَ شُبْهَةً وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَفَاءٍ لَا حَدَّ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى قَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ لَا وَجْهَ لِإِدْرَاجِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ مَسَائِلِ وَطْءِ الْحَرَامِ لِعَيْنِهِ وَوَطْءِ الْحَرَامِ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَلَّقُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ انْتَهَى.
لَكِنْ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ مَعْلُومٌ؛ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يُحَدُّ بِقَذْفِ رَجُلٍ وَطِئَ حَرَامًا لِعَيْنِهِ لَا يُحَدُّ بِقَذْفِ مُكَاتَبٍ تَأَمَّلْ.
(وَيُحَدُّ بِقَذْفِ مَنْ وَطِئَ حَرَامًا لِغَيْرِهِ كَوَطْءِ أَمَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ، أَوْ) وَطِئَ (امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ) ، وَكَذَا الْمُظَاهَرُ مِنْهَا، وَالْمُحَرَّمَةُ بِالْيَمِينِ، وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ غَيْرِهِ، وَالْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَالْمُشْتَرَاةُ شِرَاءً فَاسِدًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَطْءَ لَيْسَ بِالزِّنَى فَكَانَ مُحْصَنًا.
(وَكَذَا) أَيْ: يُحَدُّ بِقَذْفِ (وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَتَحْرِيمُهَا عَارِضٌ فَهِيَ كَالْحَائِضِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) وَزُفَرَ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ زَائِلٌ فِي حَقِّ الْوَطْءِ بِدَلَالَةِ وُجُوبِ الْعُقْرِ عَلَيْهِ.
(وَيُحَدُّ مَنْ قَذَفَ مُسْلِمًا كَانَ قَدْ نَكَحَ مُحَرَّمَةً فِي كُفْرِهِ) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ نِكَاحَ الْكَافِرِ مُحَرَّمَةً صَحِيحٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ.
(وَيُحَدُّ مُسْتَأْمَنٌ قَذَفَ مُسْلِمًا فِي دَارِنَا) ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ، وَقَدْ الْتَزَمَ إيفَاءَ حُقُوقِ الْعِبَادِ.
(وَيَكْفِي حَدٌّ) وَاحِدٌ (لِجِنَايَاتٍ اتَّحَدَ جِنْسُهَا) كَمَا إذَا زَنَى مَرَّاتٍ