الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي سَفَرٍ فَإِنْ كَانَ بُعْدُهَا عَنْ مِصْرِهَا الَّذِي نَشَأَتْ مِنْهُ أَوْ عَنْ مَقْصِدِهَا مَسِيرَةَ سَفَرٍ وَعَنْ الْآخَرِ أَقَلَّ مِنْ مَسِيرَةِ سَفَرٍ تَتَوَجَّهُ الْمَرْأَةُ إلَى آخِرِ الْأَقَلِّ مِصْرًا كَانَ أَوْ مَقْصِدًا كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ.
(وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ (فِي مِصْرٍ) مِنْ الْأَمْصَارِ الْوَاقِعَةِ فِي الطَّرِيقِ وَالْمُرَادُ مَوْضِعُ الْإِقَامَةِ وَلَوْ قَرْيَةً وَبُعْدُهَا عَنْ كُلٍّ مِنْ الْمِصْرِ وَالْمَقْصِدِ مَسِيرَةَ سَفَرٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ثُمَّ تَخْرُجُ إنْ كَانَ لَهَا مَحْرَمٌ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ إلَى مَا دُونَ السَّفَرِ يَجُوزُ بِلَا مَحْرَمٍ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ مَا لَمْ تَعْتَدَّ (ثُمَّ تَخْرُجُ إنْ كَانَ لَهَا مَحْرَمٌ) عِنْدَ الْإِمَامِ لَكِنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمَفَازَةِ سَارَتْ إلَى أَدْنَى الْبِقَاعِ الْآمِنَةِ إلَيْهَا (وَقَالَا إنْ كَانَ مَعَهَا مَحْرَمٌ جَازَ الْخُرُوجُ قَبْلَ الِاعْتِدَادِ) ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْخُرُوجِ مُبَاحٌ دَفْعًا لِأَذَى الْغُرْبَةِ وَوَحْشَةِ الْوَحْدَةِ فَهَذَا عُذْرٌ وَإِنَّمَا الْحُرْمَةُ لِلسَّفَرِ، وَقَدْ ارْتَفَعَتْ بِالْمَحْرَمِ، وَلَهُ إنَّ الْعِدَّةَ أَمْنَعُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ عَدَمِ الْمَحْرَمِ فَإِنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَخْرُجَ إلَى مَا دُونَ السَّفَرِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَلَيْسَ لِلْمُعْتَدَّةِ ذَلِكَ فَلَمَّا حَرُمَ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ إلَى السَّفَرِ بِغَيْرِ الْمَحْرَمِ فَفِي الْعِدَّةِ أَوْلَى.
[بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ]
لَمَّا كَانَ مِنْ آثَارِ الْحَمْلِ ذَكَرَهُ عَقِيبَ الْعِدَّةِ (أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] فَبَقِيَ لِلْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ (وَأَكْثَرُهَا) كَثِيرًا (سَنَتَانِ) وَغَالِبُهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَرْبَعُ سِنِينَ وَعَنْ مَالِكٍ وَعَبَّادٍ خَمْسُ سِنِينَ وَعَنْهُ وَرَبِيعَةَ سَبْعُ سِنِينَ وَعَنْ الزُّهْرِيِّ سِتُّ سِنِينَ وَتَمَسَّكُوا فِي ذَلِكَ بِحِكَايَاتٍ مِنْهَا مَا رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ الْمَاجِشُونِيَّ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَهَذِهِ عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي نِسَاءِ مَاجِشُونِ أَنَّهُنَّ تَلِدُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَرُوِيَ أَنَّ الضَّحَّاكَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ بَعْدَمَا نَبَتَتْ ثَنِيَّتَاهُ وَهُوَ يَضْحَكُ فَسُمِّيَ ضَحَّاكًا وَكَذَا هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرُهُمْ وَلَنَا قَوْلُ عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ رضي الله عنها الْوَلَدُ لَا يَبْقَى فِي الْبَطْنِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَلَوْ بِظِلِّ مِغْزَلٍ أَيْ بِقَدْرِ ظِلِّ مِغْزَلٍ، وَفِي رِوَايَةٍ وَلَوْ بِفَلْكَةِ مِغْزَلٍ أَيْ بِقَدْرِ دَوْرَانِ فَلْكَةِ مِغْزَلٍ.
وَظِلُّ الْمِغْزَلِ مَثَلٌ لِقِلَّتِهِ لِأَنَّ ظِلَّهُ حَالَ الدَّوْرَانِ أَسْرَعُ زَوَالًا مِنْ سَائِرِ الظِّلَالِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَالَتْهُ سَمَاعًا إذْ الْعَقْلُ لَا يَهْتَدِي إلَى الْمَقَادِيرِ، وَالْحِكَايَاتُ مُحْتَمِلَةٌ لِلْغَلَطِ؛ لِأَنَّ عَادَةَ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا تَحْتَسِبُ مُدَّةَ الْحَمْلِ مِنْ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَالِانْقِطَاعُ كَمَا يَكُونُ بِالْحَبَلِ يَكُونُ بِعُذْرٍ آخَرَ فَجَازَ أَنْ يَنْقَطِعَ الدَّمُ بِالْمَرَضِ بَعْدَ سَنَتَيْنِ ثُمَّ حَبِلَتْ فَبَقِيَ إلَى سَنَتَيْنِ (وَمَنْ قَالَ إنْ نَكَحْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ فَنَكَحَهَا فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ نَكَحَهَا لَزِمَهُ) أَيْ الزَّوْجَ
(نَسَبُهُ) أَيْ نَسَبُ الْوَلَدِ (وَمَهْرُهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ وَكَّلَا بِالنِّكَاحِ وَالْوَكِيلَانِ نَكَحَهَا فِي لَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَالزَّوْجُ وَطِئَهَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَوُجِدَ الْعُلُوقُ وَلَا يُعْلَمُ أَنَّ النِّكَاحَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعُلُوقِ أَمْ مُؤَخَّرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الْمُقَارَنَةِ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى اللِّعَانِ فَلَمَّا لَمْ يَنْتَفِ الْوَلَدُ بِاللِّعَانِ فَلَيْسَ عَلَيْنَا نَفْيُهُ عَنْ الْفِرَاشِ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِمْكَانِ كَمَا فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَالْمِنَحِ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ لَا لِعَانَ بِنَفْيِ الْحَمْلِ قَبْلَ وَضْعِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَلَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ إلَى قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا يُلَاعِنُ إنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي اللِّعَانِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ إنْ أَتَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَكَذَا بَعْدَ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ شَرْطٌ فِي اللِّعَانِ وَبَعْدَهُ لَا يَبْقَى أَثَرُ النِّكَاحِ فَكَيْفَ يُقَدَّرُ عَلَى النَّفْيِ تَدَبَّرْ.
(وَإِذَا أَقَرَّتْ الْمُطَلَّقَةُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ أَيَّةَ مُعْتَدَّةٍ كَانَتْ كَمَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي الْعِنَايَةِ ذَكَرَ الْمَرْغِينَانِيُّ وَقَاضِي خَانْ أَنَّ الْآيِسَةَ لَوْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ ثَبَتَ النَّسَبُ فَلَمْ يَتَنَاوَلْ كُلَّ مُعْتَدَّةٍ تَتَبَّعْ (ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ) كَمَا فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَعَلَى هَذَا مَا وَقَعَ فِي أَكْثَرِ نُسَخِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ سَهْوٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ تَدَبَّرْ.
(ثَبَتَ نَسَبُهُ) لِظُهُورِ كَذِبِهَا بِيَقِينٍ هَذَا إذَا جَاءَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْهُمَا لَا يَثْبُتُ وَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ فَلْيُطَالَعْ (وَإِنْ) وَلَدَتْ (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ (لَا) يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَثْبُتُ؛ لِأَنَّ حَمْلَ أَمْرِهَا عَلَى الصَّلَاحِ مُمْكِنٌ فَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ، وَفِي ضِدِّهِ حَمْلُهُ عَلَى الزِّنَا وَهُوَ مُنْتَفٍ عَنْ الْمُسْلِمِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَلَى الْوَلَدِ بِإِبْطَالِ حَقِّهِ فِي النَّسَبِ فَيُرَدُّ إقْرَارُهَا، وَلَنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ أَمِينَةٌ فِي الْإِخْبَارِ عَمَّا فِي رَحِمِهَا كَمَا إذَا أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَوَجَبَ قَبُولُ خَبَرِهَا حَمْلًا لِكَلَامِهَا عَلَى الصِّحَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَطْعِهِ عَنْهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ.
(وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ) الْمُطَلَّقَةُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (يَثْبُتُ) النَّسَبُ (إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ) بِلَا دَعْوَةٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْوَلَدِ قَائِمًا وَقْتَ الطَّلَاقِ فَلَا يَتَيَقَّنُ بِزَوَالِ الْفِرَاشِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ احْتِيَاطًا.
(وَإِنْ) وَلَدَتْ (لِسَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا) يَثْبُتُ النَّسَبُ لِحُدُوثِ الْحَمْلِ بَعْدَ الطَّلَاقِ يَقِينًا وَفِيهِ أَبْحَاثٌ قَرَّرَهَا يَعْقُوبُ بَاشَا فِي حَاشِيَتِهِ فَلْيُطَالَعْ.
(إلَّا فِي) الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيِّ وَيَكُونُ) الْوَلَدُ (رَجْعَةً) يَعْنِي إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ كَانَ مُرَاجَعًا مَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْهُ وَإِنْ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ حَمْلًا بِحَالِهِمَا عَلَى الْأَحْسَنِ وَالْأَصْلَحِ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ لِوُجُودِ الْعُلُوقِ فِي النِّكَاحِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ
وَلَا يَصِيرُ مُرَاجِعًا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْعُلُوقَ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَبَعْدَهُ فَلَا يَصِيرُ مُرَاجِعًا بِالشَّكِّ، وَفِيهِ كَلَامٌ قَرَّرَهُ يَعْقُوبُ بَاشَا فِي حَاشِيَتِهِ فَلْيُنْظَرْ.
(بِخِلَافِ الْبَائِنِ) وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مُكَرَّرًا مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لِسَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ) أَيْ الزَّوْجُ نَسَبَهُ (فَيَثْبُتُ) النَّسَبُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْبَائِنِ إذَا وَلَدَتْ لِسَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَثْبُتُ فِي الرَّجْعِيِّ (وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ) بَيَانُهُ أَنَّهُ الْتَزَمَ النَّسَبَ بِدَعْوَتِهِ لَهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ شَرْعِيٌّ بِأَنَّ وَطْأَهَا بِشُبْهَةٍ (فِي الْعِدَّةِ) وَالنَّسَبُ يُحْتَاطُ فِي إثْبَاتِهِ فَيَثْبُتُ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهَكَذَا ذَكَرُوهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَبْتُوتَةَ بِالثَّلَاثِ إذَا وَطِئَهَا الزَّوْجُ بِشُبْهَةٍ كَانَ شُبْهَةً فِي الْفِعْلِ وَفِيهَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَإِنْ ادَّعَاهُ فَكَيْفَ أُثْبِتُ بِهِ النَّسَبَ هُنَا انْتَهَى. وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ التَّوْجِيهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا وُجُودُهُ فِي بَعْضِ الْمَوَادِّ لَا فِي الْكُلِّ فَإِنَّ فِي مُعْتَدَّةِ الْكِنَايَاتِ إنْ ادَّعَى الزَّوْجُ وِلَادَتَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ تَدَبَّرْ.
وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا ادَّعَاهُ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ تَصْدِيقُ الْمَرْأَةِ فِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى لِكُلِّ الْأَوْجُهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهُ مُمَكَّنٌ مِنْهُ وَقَدْ ادَّعَاهُ وَلَا مُعَارِضَ لَهُ وَكَذَا فِي الْمُعْتَدَّةِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ مِنْ أَسْبَابِ الْفُرْقَةِ.
(وَإِنْ كَانَتْ الْمُبَانَةُ مُرَاهِقَةً) وَكَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُرَاهِقَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ كَثِيرٍ بِالصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَاهِقَةَ هِيَ الَّتِي تَلِدُ لَا مَا دُونَهَا تَدَبَّرْ (فَإِنْ أَتَتْ بِهِ) أَيْ بِالْوَلَدِ (لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ) مِنْهُ طَلَّقَهَا بَائِنًا كَانَ أَوْ رَجْعِيًّا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي الْعِدَّةِ (يَثْبُتُ) نَسَبُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ بَلْ أَتَتْ بِهِ لِتَمَامِهَا (فَلَا) يَثْبُتُ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْأَشْهُرِ شَرْعًا فَإِذَا ثَبَتَ فِي الْإِقْرَارِ الْمُحْتَمَلِ فَفِيمَا لَا يُحْتَمَلُ أَوْلَى، وَهَذَا إذَا لَمْ تَدَّعِ الْحَبَلَ فَإِنْ ادَّعَتْ فَهِيَ كَالْكَبِيرَةِ فِي حَقِّ ثُبُوتِ النَّسَبِ فَيَثْبُتُ فِي الْبَائِنِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ.
وَفِي الرَّجْعِيِّ لِأَقَلَّ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ دَخَلَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ لَا يَثْبُتُ لِحُصُولِ الْعُلُوقِ، وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ كَمَا فِي الْغَايَةِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَائِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَلَمْ تَدَّعِ الْحَبَلَ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ يَثْبُتُ، وَإِنْ جَاءَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَمَجِيءِ الْوَلَدِ بِمُدَّةِ حَبَلٍ تَامٍّ كَمَا فِي الْبَحْرِ فَعَلَى هَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَلَّ بِهَذِهِ الْقُيُودِ وَهِيَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي الْإِخْلَالُ بِهَا تَدَبَّرْ.
وَأَمَّا مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّهُ قَالَ إذَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةٍ لَا يَثْبُتُ، غَلَطٌ. وَالصَّوَابُ إبْدَالُ السِّتَّةِ بِالتِّسْعَةِ تَأَمَّلْ. (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَثْبُتُ) النَّسَبُ (فِيمَا دُونَ سَنَتَيْنِ) .
وَفِي الْإِصْلَاحِ أَمَّا إذَا لَمْ تُقِرَّ بِشَيْءٍ فَعِنْدَهُ سُكُوتُهَا كَإِقْرَارِهَا بِالْحَبَلِ حَيْثُ لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَالْبُلُوغُ قَدْ يَكُونُ بِالْحَبَلِ فَتَعَيَّنَ
فَيَثْبُتُ فِي الْبَائِنِ إلَى سَنَتَيْنِ.
وَفِي الرَّجْعِيِّ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ (وَمَنْ مَاتَ عَنْهَا) زَوْجُهَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْ الْمُتَوَفَّى (إنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ) .
وَقَالَ زُفَرُ إذَا وَلَدَتْهُ لِتَمَامِ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ حِينِ مَاتَ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الَّتِي مَاتَ زَوْجُهَا (مُرَاهِقَةً فَلِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ) فَسَاعَةٌ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَأَدْنَى مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ هَذِهِ تَيَقُّنًا أَنَّ الْعُلُوقَ فِي الْعِدَّةِ.
وَفِي الْغَايَةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ وَفَاةِ الزَّوْجِ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ سُكُوتَهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالْحَبَلِ عِنْدَهُ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَسُكُوتُهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا ذَاتُ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْحَبَلَ لِصِغَرِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَلَمْ تَأْتِ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ فِي الْكَبِيرَةِ بَلْ لِسَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ تَأْتِ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فِي الْمُرَاهِقَةِ بَلْ أَتَتْ بِهِ لِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ (فَلَا) يَثْبُتُ النَّسَبُ (وَلَا تَثْبُتُ وِلَادَةُ الْمُعْتَدَّةِ) مُطْلَقًا عِنْدَ الْإِنْكَارِ (إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْإِلْزَامَ عَلَى الْغَيْرِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ ثُمَّ قِيلَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّجُلَيْنِ وَلَا يُفَسَّقَانِ بِالنَّظَرِ إلَى الْعَوْرَةِ إمَّا لِكَوْنِهِ قَدْ يَتَّفِقُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ نَظَرٍ وَلَا تَعَمُّدٍ أَوْ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي تَحَمُّلِ شَهَادَةِ الزِّنَا (وَعِنْدَهُمَا تَكْفِي شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ) وَفُسِّرَ فِي الْكَافِي بِالْقَابِلَةِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَامَ بِقِيَامِ الْعِدَّةِ وَهُوَ مُلْزِمٌ وَالْحَاجَةُ إلَى تَعْيِينِ الْوَلَدِ فِيهِ فَيَتَعَيَّنُ بِشَهَادَتِهَا.
وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً حُرَّةً عَدْلَةً.
(وَإِنْ كَانَ) بِهَا (حَبَلٌ ظَاهِرٌ أَوْ اعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِهِ) أَيْ الْحَبَلِ (تَثْبُتُ) الْوِلَادَةُ (بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا) عِنْدَهُ لِثُبُوتِ النَّسَبِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ بِبَقَاءِ الْفِرَاشِ فَلَا احْتِيَاجَ إلَى الشَّهَادَةِ (وَعِنْدَهُمَا لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ امْرَأَةٍ) .
وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِتَعْيِينِ الْوَلَدِ اتِّفَاقًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ غَيْرَ هَذَا الْمُعَيَّنِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي ثُبُوتِ نَفْسِ الْوِلَادَةِ بِقَوْلِ الْمُعْتَدَّةِ فَعِنْدَهُ ثَبَتَ إذَا تَأَبَّدَ بِمُؤَيِّدٍ مِنْ ظُهُورِ حَبَلٍ أَوْ اعْتِرَافٍ وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ.
(وَإِنْ ادَّعَتْهَا) أَيْ الْوِلَادَةَ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ فَصَدَّقَهَا الْوَرَثَةُ صَحَّ فِي حَقِّ الْإِرْثِ وَالنَّسَبِ) أَيْ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ بِتَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ أَمَّا فِي حَقِّ الْإِرْثِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهِمْ وَيَثْبُتُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ أَيْضًا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَ الْمَيِّتِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ نَسَبِهِ بِاعْتِبَارِ فِرَاشِهِ فِي الْحَقِيقَةِ وَهُوَ بَاقٍ بَعْدَ مَوْتِهِ لِبَقَاءِ الْعِدَّةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ وَيَثْبُتُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ أَيْضًا إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ كَانَ فِيهِمْ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عُدُولٌ فَيُشَارِكُ الْمُصَدَّقِينَ وَالْمُكَذَّبِينَ جَمِيعًا وَهَلْ يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ، الصَّحِيحُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَلِهَذَا شَرَطَ
الْمُصَنِّفُ التَّصْدِيقَ دُونَ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فَقَالَ (هُوَ الْمُخْتَارُ) ؛ لِأَنَّ الثُّبُوتَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ تَبَعٌ لِلثُّبُوتِ فِي حَقِّهِمْ وَالتَّبَعُ يُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ الْمَتْبُوعِ لَا شَرَائِطُ نَفْسِهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ فَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا فِي الْفَرَائِدِ مِنْ أَنَّهُ قَالَ لَفْظٌ هُوَ الْمُخْتَارُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ تَتَبَّعْ.
(وَمَنْ نَكَحَ) امْرَأَةً (فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا) مِنْ وَقْتِ تَزَوَّجَهَا (ثَبَتَ) نَسَبُهُ (مِنْهُ إنْ أَقَرَّ بِالْوِلَادَةِ أَوْ سَكَتَ) ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ قَائِمٌ وَالْمُدَّةُ تَامَّةٌ.
(وَإِنْ جَحَدَ) الْوِلَادَةَ (حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ فَبِشَهَادَةٍ) أَيْ فَيَثْبُتُ بِشَهَادَةِ (امْرَأَةٍ) وَاحِدَةٍ عَدْلَةٍ (فَإِنْ نَفَاهُ) أَيْ الزَّوْجُ (لَاعَنَ) وَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّ اللِّعَانَ لَزِمَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ النَّسَبُ يَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ الْقَائِمِ وَاللِّعَانُ إنَّمَا لَزِمَ بِالْقَذْفِ الثَّابِتِ فِي ضِمْنِ نَفْيِ الْوَلَدِ لَا بِنَفْيِ الْوَلَدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ.
(وَإِنْ) أَتَتْ بِهِ (لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مُنْذُ تَزَوَّجَهَا (لَا يَثْبُتُ) النَّسَبُ مِنْهُ لِسَبْقِ الْعُلُوقِ عَلَى الْعَقْدِ (فَإِنْ ادَّعَتْ نِكَاحَهَا مُنْذُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَادَّعَى) الزَّوْجُ (الْأَقَلَّ فَالْقَوْلُ لَهَا مَعَ الْيَمِينِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهَا فَإِنَّهَا تَلِدُ ظَاهِرًا مِنْ نِكَاحٍ لَا مِنْ سِفَاحٍ وَيَجِبُ أَنْ تُسْتَحْلَفَ عِنْدَهُمَا (وَعِنْدَ الْإِمَامِ بِلَا يَمِينٍ) وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ.
(وَإِنْ عُلِّقَ طَلَاقُهَا بِالْوِلَادَةِ) أَيْ قَالَ الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ إذَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَتْ وَلَدْت (فَشَهِدَتْ بِهَا) أَيْ بِالْوِلَادَةِ (امْرَأَةٌ) قَابِلَةٌ عَدْلَةٌ (لَا تَطْلُقُ) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ حُجَّةٌ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ؛ وَلِأَنَّهَا لَمَّا قَبِلَتْ عَلَى الْوِلَادَةِ تَقْبَلُ فِيمَا يُبْتَنَى عَلَيْهَا، وَهُوَ الطَّلَاقُ وَلَهُ أَنَّهَا ادَّعَتْ الْحِنْثَ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ، وَهَذَا لِأَنَّ شَهَادَتَهُنَّ ضَرُورِيَّةٌ فِي الْوِلَادَةِ فَلَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَكُّ عَنْهَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَطْلُقُ بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَعِنْدَ مَالِكٍ بِامْرَأَتَيْنِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ بِامْرَأَةٍ بِنَاءً عَلَى الْأُصُولِ الْمُقَرَّرَةِ عِنْدَهُمْ.
(وَإِنْ اعْتَرَفَ) الزَّوْجُ (بِالْحَبَلِ) سَوَاءٌ قَبْلَ التَّعْلِيقِ أَوْ بَعْدَهُ (تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ إقْرَارٌ بِمَا يُفْضِي إلَيْهِ وَهِيَ مُؤْتَمَنَةٌ كَمَا فِي تَعْلِيقِ الْحَيْضِ (وَعِنْدَهُمَا لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ امْرَأَةٍ) فَلَا يَقَعُ بِدُونِهَا لِدَعْوَاهَا الْحِنْثَ فَلَا بُدَّ مِنْ حُجَّةٍ وَشَهَادَتُهَا حُجَّةٌ.
(وَمَنْ نَكَحَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا) بَعْدَ الدُّخُولِ طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ رَجْعِيَّةً (فَاشْتَرَاهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ شِرَاهَا لَزِمَهُ)
الْوَلَدُ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِهِ أَوْ نَفَاهُ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ سَابِقٌ عَلَى الشِّرَاءِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَلِدْ لِأَقَلَّ بَلْ وَلَدَتْ لِتَمَامِهَا أَوْ أَكْثَرَ (فَلَا) ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ الْمَمْلُوكَةِ إذْ الْحَادِثُ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ وَقْتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ دَعْوَتِهِ قَيَّدْنَا بِالدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ مِنْهُ لَزِمَهُ إذَا وَلَدَتْهُ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ لَا يَلْزَمُهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَيَّدْنَا بِالْوَاحِدَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ ثِنْتَيْنِ يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لِلْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ فَلَا يُضَافُ الْعُلُوقُ إلَّا إلَى مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ بِالشِّرَاءِ (وَمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك وَلَدٌ فَهُوَ مِنِّي) فَقَالَتْ وَلَدْت (فَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ) عَدْلَةٌ (بِالْوِلَادَةِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ) هَذَا إذَا وَلَدْته لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ مَقَالَتِهِ وَإِلَّا فَلَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ بَعْدَ مَقَالَةِ الْمَوْلَى فَلَمْ يَكُنْ الْمَوْلَى مُدَّعِيًا هَذَا الْوَلَدَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِتَيَقُّنِنَا بِقِيَامِهِ فِي الْبَطْنِ بَعْدَ الْقَوْلِ فَتَيَقَّنَّا بِالدَّعْوَى وَقُيِّدَ بِالتَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ هَذِهِ حَامِلٌ مِنِّي يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَى سَنَتَيْنِ حَتَّى يَنْفِيَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَمَنْ قَالَ: الْغُلَامُ هُوَ ابْنِي وَمَاتَ) الْقَائِلُ (فَقَالَتْ أُمُّهُ) أَيْ أُمُّ الْغُلَامِ (أَنَا امْرَأَتُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَهُوَ ابْنُهُ يَرِثَانِهِ) بِالْبُنُوَّةِ وَالزَّوْجِيَّةِ إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَبِكَوْنِهَا أُمَّ الْغُلَامِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِذَلِكَ وَضْعًا وَعَادَةً (فَإِنْ جُهِلَتْ حُرِّيَّتُهَا وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ أَنْتِ أُمُّ وَلَدِهِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا)