الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَ) وَلَدُهَا حَالَ كَوْنِهِ (مِنْ زَوْجِهَا مِلْكٌ لِسَيِّدِهَا) ؛ لِأَنَّ مَاءَهَا مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهَا فَتَحَقَّقَتْ الْمُعَارَضَةُ فَرَجَّحْنَا جَانِبَهَا لِمَا تَقَدَّمَ، وَالزَّوْجُ قَدْ رَضِيَ بِرِقِّ وَلَدِهِ حَيْثُ أَقْدَمَ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ فَلِهَذَا قَالُوا فَوَلَدُ الْعَامِّيِّ مِنْ الشَّرِيفَةِ لَيْسَ بِشَرِيفٍ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لِلتَّعْرِيفِ وَحَالُ الرِّجَالِ مَكْشُوفٌ دُونَ النِّسَاءِ (وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ حُرٌّ بِقِيمَتِهِ) وَهُوَ مَا إذَا تَزَوَّجَ حُرٌّ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ اشْتَرَى أَمَةً عَلَى أَنَّهَا مِلْكُ الْبَائِعِ فَوَلَدَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَدًا فَظَهَرَ أَنَّ الْأُولَى أَمَةٌ وَالثَّانِيَةَ مِلْكٌ لِغَيْرِ الْبَائِعِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْوَلَدَيْنِ حُرًّا بِالْقِيمَةِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَغْرُورُ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ عَبْدًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَقَالَا أَوْلَادُهُمْ أَرِقَّاءُ لِحُصُولِهِمْ بَيْنَ رَقِيقَيْنِ فَلَا وَجْهَ لِحُرِّيَّتِهِمْ.
[بَابُ عِتْقِ الْبَعْضِ]
ِ أَخَّرَهُ عَنْ إعْتَاقِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ الْكُلِّ أَفْضَلُ وَأَكْثَرُ ثَوَابًا أَوْ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ وُقُوعًا (وَمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ) سَوَاءٌ عَيَّنَ ذَلِكَ الْبَعْضَ بِأَنْ قَالَ رُبْعُك حُرٌّ أَوْ أَبْهَمَهُ بِأَنْ قَالَ بَعْضُك حُرٌّ لَكِنْ لَزِمَهُ بَيَانُهُ (صَحَّ) إعْتَاقُهُ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ خَاصَّةً عِنْدَ الْإِمَامِ (وَسَعَى) الْعَبْدُ لِلْمَوْلَى (فِي بَاقِيهِ) وَفِي الْمَنَافِعِ أَيْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ الْقَدْرِ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ حَقِيقَةَ الْعِتْقِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ ثُبُوتُ أَثَرِهِ وَهُوَ زَوَالُ الْمِلْكِ إلَيْهِ أُشِيرَ فِي الْمَبْسُوطِ، فَإِنْ قِيلَ إزَالَةُ الْمِلْكِ لَا تُسَمَّى إعْتَاقًا كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ أُجِيبَ بِأَنَّهَا تُسَمَّى بِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ عَاقِبَتِهَا وَتَرَتَّبَ الْعِتْقُ عَلَيْهَا بِطُرُقِهِ (وَهُوَ) أَيْ مُعْتَقُ الْبَعْضِ بِقَدْرِ مَا تَعَيَّنَ فِي حَقِّ السِّعَايَةِ بِاخْتِيَارِهَا الْمَوْلَى (كَالْمُكَاتَبِ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَسْعِيَ عِنْدَهُ كَالْمُكَاتَبِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ السِّعَايَةَ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ عَنْ الْبَعْضِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْمَالِكِيَّةِ فِي كُلِّهِ إذْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ بَقَاءِ الْمِلْكِ فِي بَعْضِهِ وَبَقَاءُ الْمِلْكِ فِي الْبَعْضِ يَمْنَعُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فَقُلْنَا بِالْمَالِكِيَّةِ يَدًا لَا رَقَبَةً عَمَلًا بِالدَّلِيلَيْنِ وَهُوَ حُكْمُ الْمُكَاتَبِ، وَالسِّعَايَةُ كَبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَهُ وَلَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ إذْ الْمُكَاتَبُ مَحَلُّ الْإِعْتَاقِ (إلَّا أَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِي الرِّقِّ لَوْ عَجَزَ) بِخِلَافِ الْكِنَايَةِ الْمَقْصُودَةِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ ثَمَّةَ عَقْدٌ يَحْتَمِلُ
الْفَسْخَ وَهُنَا السَّبَبُ إزَالَةُ الْمِلْكِ لَا إلَى أَحَدٍ فَلَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ (وَقَالَا يُعْتَقُ كُلُّهُ وَلَا يَسْعَى) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَتَجَزَّأُ بِالِاتِّفَاقِ فَكَذَا الْإِعْتَاقُ عِنْدَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ الْعِتْقِ كَالْكَسْرِ مَعَ الِانْكِسَارِ فَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَجَزُّؤِ اللَّازِمِ وَهُوَ الْعِتْقُ عَدَمُ تَجَزُّؤِ مَلْزُومِهِ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ، لَكِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ الْإِعْتَاقُ إزَالَةُ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَالِكِ إلَّا إزَالَةُ حَقِّهِ وَهُوَ الْمِلْكُ وَالْمِلْكُ مُتَجَزِّئٌ فَكَذَا إزَالَتُهُ، فَإِعْتَاقُ الْبَعْضِ إثْبَاتُ شَطْرِ الْعِلَّةِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْمَعْلُولُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ تَمَامُ الْعِلَّةِ وَهُوَ إزَالَةُ الْمِلْكِ كُلِّهِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْإِعْتَاقَ يُوجِبُ زَوَالَ الْمِلْكِ عِنْدَهُ وَهُوَ مُتَجَزِّئٌ، وَعِنْدَهُمَا يُوجِبُ زَوَالَ الرِّقِّ وَهُوَ غَيْرُ مُتَجَزِّئٌ وَأَمَّا نَفْسُ الْإِعْتَاقِ أَوْ الْعِتْقِ لَا يَتَجَزَّأُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ ذَاتُ الْقَوْلِ وَهُوَ الْعِلَّةُ وَحُكْمُهُ وَهُوَ نُزُولُ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ التَّجَزُّؤُ وَكَذَا الرِّقُّ لَا يَتَجَزَّأُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ ضَعْفٌ حُكْمِيٌّ وَالْحُرِّيَّةُ قُوَّةٌ حُكْمِيَّةٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَأَبُو حَنِيفَةَ اعْتَبَرَ جَانِبَ الرِّقِّ فَجُعِلَ كُلُّهُ رَقِيقًا عَلَى مَا كَانَ وَقَدْ قَالَ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ الْبَعْضِ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْبَعْضُ حُرًّا وَهُمَا اعْتَبَرَا جَانِبَ الْحُرِّيَّةِ فَصَارَ كُلُّهُ حُرًّا.
(وَإِنْ أَعْتَقَ شَرِيكٌ) فِي عَبْدٍ (نَصِيبَهُ مِنْهُ) كَالنِّصْفِ وَغَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ (فَلِلْآخَرِ) أَيْ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ (أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يُدَبِّرَ أَوْ يُكَاتِبَ) نَصِيبَهُ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ مُتَجَزِّئٌ عِنْدَ الْإِمَامِ فَنَصِيبُهُ مَمْلُوكٌ لَهُ (أَوْ يَسْتَسْعِي) أَيْ يَطْلُبُ الْآخَرُ سِعَايَةَ الْعَبْدِ فِي قِيمَةِ نَصِيبِهِ يَوْمَ الْعَتَاقِ، وَلَوْ كَانَ الْآخَرُ صَبِيًّا فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ فَالْخِيَارُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَصَّبَ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا أَوْ يَنْتَظِرُ بُلُوغَهُ، (وَالْوَلَاءُ لَهُمَا) أَيْ لِلْمُعْتِقِ وَلِلْآخَرِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا الْمُعْتِقَانِ (أَوْ يَضْمَنُ) الشَّرِيكُ الْآخَرُ (الْمُعْتِقَ) يَوْمَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى نَصِيبِهِ بِمَا مَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِمَا عَدَا الْعَتَاقَ وَتَوَابِعَهُ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ لِيَوْمِ الْعَتَاقِ فَلَوْ أَيْسَرَ ثُمَّ أَعْسَرَ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ يُحَكَّمُ الْحَالُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْخُصُومَةِ، وَلِلْعِتْقِ مُدَّةٌ يَخْتَلِفُ فِيهَا الْأَحْوَالُ فَالْقَوْلُ لِلْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا يُقَوَّمُ لِلْحَالِ وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَالْقَوْلُ لِلْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَإِلَى أَنَّهُ لَهُ خِيَارُ الِاسْتِسْعَاءِ وَالتَّضْمِينِ، لَكِنْ لَوْ اخْتَارَ الِاسْتِسْعَاءَ لَمْ يَرْجِعْ إلَى التَّضْمِينِ كَمَا لَوْ اخْتَارَ التَّضْمِينَ لَمْ يَرْجِعْ إلَى الِاسْتِسْعَاءِ، وَعَنْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَّا إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ: وَإِلَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَكَ بَيْنَ جَمَاعَةٍ جَازَ أَنْ يُعْتِقَ بَعْضُهُمْ نَصِيبَهُ وَيَخْتَارَ بَعْضٌ الضَّمَانَ وَبَعْضٌ الْإِعْتَاقَ وَبَعْضٌ السِّعَايَةَ وَكَذَا إذَا مَاتَ السَّاكِتُ فَلِوَرَثَتِهِ إحْدَى الْخِيَارَاتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَ مُوَرِّثِهِمْ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ لَيْسَ لَهُمْ إلَّا الِاجْتِمَاعُ (لَوْ) كَانَ (مُوسِرًا) مَالِكًا مِقْدَارَ نَصِيبِ السَّاكِتِ مِنْ الْمَالِ وَالْغَرَضِ سِوَى مَلْبُوسِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ وَسُكْنَاهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْلِكْ هَذَا الْمِقْدَارَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا بَلْ إنْ شَاءَ الْآخَرُ أَعْتَقَ أَوْ اسْتَسْعَى وَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ بِمَا يُؤَدِّي بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى لِفِكَاكِ رَقَبَتِهِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُؤَجَّرُ مِنْ رَجُلٍ وَلَوْ صَغِيرًا يَعْقِلُ فَأَخَذَ مِنْ أُجْرَتِهِ كَمَا يُؤَجَّرُ الْمَدْيُونُ،
وَفِي الْمُخْتَارِ وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ السَّاكِتُ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ إلَّا التَّضْمِينُ وَلَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ يُؤْخَذُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ الْعِتْقُ فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ فِي الْمَرَضِ فَلَا شَيْءَ فِي تَرِكَتِهِ بَلْ يَسْعَى الْعَبْدُ عِنْدَهُ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (وَيَرْجِعُ بِهِ) أَيْ بِمَا ضَمِنَهُ (الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ) لِقِيَامِهِ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مَقَامَ الْآخَرِ وَقَدْ كَانَ لِلْآخَرِ الِاسْتِسْعَاءُ (وَالْوَلَاءُ) كُلُّهُ (لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ كُلَّهُ مِنْ جِهَتِهِ حَيْثُ مَلَكَهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ (وَقَالَا لَيْسَ لِلْآخَرِ إلَّا الضَّمَانُ مَعَ الْيَسَارِ وَالسِّعَايَةِ مَعَ الْإِعْسَارِ) وَلَيْسَ لَهُ السِّعَايَةُ غَنِيًّا وَلَا الْإِعْتَاقُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا إذْ الْإِعْتَاقُ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا.
(وَلَا يَرْجِعُ الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ لَوْ ضَمِنَ وَالْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ (فِي الْحَالَيْنِ) وَمَبْنِيُّ هَذَا الْخِلَافِ عَلَى أَصْلَيْنِ أَحَدُهُمَا تَجَزُّؤُ الْإِعْتَاقِ وَعَدَمُهُ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ وَالثَّانِي أَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ لَا يَمْنَعُ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ عِنْدَهُ وَيَمْنَعُ عِنْدَهُمَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ نَصِيبَهُ إنْ كَانَ غَنِيًّا ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يَسْعَى فِي حِصَّةِ الْآخَرِ» قَسَمَ أَيْ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام هَذَا الْحُكْمَ وَالْقِسْمَةُ تَقْتَضِي قَطْعَ الشَّرِكَةِ، وَلَهُ أَنَّ مَالِيَّةَ نَصِيبِهِ اُحْتُبِسَتْ عِنْدَ الْعَبْدِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ كَمَا إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ بِثَوْبِ إنْسَانٍ وَأَلْقَتْهُ فِي صِبْغِ غَيْرِهِ حَتَّى انْصَبَغَ بِهِ فَعَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ قِيمَةُ صِبْغِ الْآخَرِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا فَكَذَا هُنَا، إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ فَقِيرٌ فَيَسْتَسْعِيَهُ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمُوسِرِ كَقَوْلِهِمَا، وَفِي الْمُعْسِرِ يَبْقَى مِلْكُ شَرِيكِهِ كَمَا كَانَ فَلَهُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَعِتْقُهُ سِوَى السِّعَايَةِ.
(وَلَوْ شَهِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ الْحَاضِرَيْنِ (بِإِعْتَاقِ شَرِيكِهِ) نَصِيبَهُ فَأَنْكَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ (سَعَى) الْعَبْدُ (لَهُمَا) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (فِي حَظِّهِمَا) مُطْلَقًا مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّ صَاحِبَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَكَانَ كَالْمُكَاتَبِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ اسْتِرْقَاقُهُ فَيُصَدَّقُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَتَعَيَّنَ السِّعَايَةُ لَهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ التَّضْمِينُ مَعَ الْيَسَارِ لِإِنْكَارِهِ الْإِعْتَاقَ (وَالْوَلَاءُ) يَكُونُ (بَيْنَهُمَا كَيْفَ مَا كَانَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ عِتْقُ نَصِيبِ شَرِيكِي بِإِعْتَاقِهِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَعِتْقُ نَصِيبِي بِالسِّعَايَةِ وَوَلَاؤُهُ لِي فَيَكُونُ الْأَمْرُ فِي حَقِّهِمَا عَلَى مَا زَعَمَا وَلِهَذَا لَا يُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ حَتَّى يُوَفِّيَهُمَا بِالسِّعَايَةِ (وَقَالَا يَسْعَى لِلْمُعْسِرَيْنِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدَّعِي
السِّعَايَةَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ شَرِيكِي أَعْتَقَ إذْ هُوَ مُعْسِرٌ (لَا) أَيْ لَا يَسْعَى (لِلْمُوسِرَيْنِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَبَرَّأُ مِنْ السِّعَايَةِ وَيَدَّعِي الضَّمَانَ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ يَسَارَ الْعِتْقِ يَمْنَعُ السِّعَايَةَ عِنْدَهُمَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ سَبَبَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي.
(وَلَوْ) كَانَ (أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا يَسْعَى لِلْمُوسِرِ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ الْمُوسِرَ يَدَّعِي السِّعَايَةَ دُونَ الضَّمَانِ وَهِيَ لَهُ وَالْمُعْسِرُ لَمَّا ادَّعَى الضَّمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ فَقَطْ تَبَرَّأَ عَنْ السِّعَايَةِ وَلَا يَثْبُتُ الضَّمَانُ لِإِنْكَارِ سَبَبِهِ (وَالْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ) أَيْ فِي يَسَارِهِمَا وَلَا يَثْبُتُ الضَّمَانُ لِإِنْكَارِ سَبَبِهِ (وَالْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ) أَيْ فِي يَسَارِهِمَا وَإِعْسَارِهِمَا وَيَسَارِ أَحَدِهِمَا وَإِعْسَارِ الْآخَرِ (حَتَّى يَتَصَادَقَا) ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّ صَاحِبَهُ هُوَ الْمُعْتِقُ وَيَنْفِي الْوَلَاءَ عَنْ نَفْسِهِ وَلِهَذَا تَوَقَّفَ الْوَلَاءُ إلَى أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إعْتَاقِ أَحَدِهِمَا.
وَفِي الْفَتْحِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَّفِقَا وَجَبَ أَنْ يَأْخُذَهُ بَيْتُ الْمَالِ (وَلَوْ عَلَّقَ أَحَدُهُمَا) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (عِتْقَهُ) أَيْ الْعِتْقَ الْمُشْتَرَكَ (بِفِعْلٍ غَدًا) فَقَالَ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ هَذِهِ الدَّارَ غَدًا فَهُوَ حُرٌّ (وَالْآخَرُ بِعَدَمِهِ فِيهِ) فَقَالَ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا فَهُوَ حُرٌّ وَلَوْ قَالَ فِي وَقْتِ مَكَانَ قَوْلِهِ غَدًا لَكَانَ أَشْمَلَ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْغَدِ أَوْ الْيَوْمِ أَوْ الْأَمْسِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (فَمَضَى) الْغَدُ (وَلَمْ يَدْرِ) أَنَّهُ دَخَلَ أَمْ لَا (عَتَقَ نِصْفُهُ) أَيْ الْعَبْدِ مَجَّانًا لِلتَّيَقُّنِ بِحِنْثِ أَحَدِهِمَا (وَسَعَى فِي نِصْفِهِ لَهُمَا) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَجَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ إنَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ هُوَ نَصِيبِي وَالسَّاقِطُ هُوَ نَصِيبُك (مُطْلَقًا) أَيْ مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَلَا سِعَايَةَ) لِمَا مَرَّ.
(وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَفِي نِصْفِهِ) أَيْ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) كَمَا هُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ.
(وَ) يَسْعَى (فِي كُلِّهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِالسِّعَايَةِ مَجْهُولٌ فَلَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَجْهُولِ فَيَسْعَى لَهُمَا (وَإِنْ) كَانَا (مُخْتَلِفَيْنِ) أَيْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا (يَسْعَى لِلْمُوسِرِ فَقَطْ فِي رُبْعِهِ) أَيْ فِي رُبْعِ قِيمَتِهِ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَ) يَسْعَى لِلْمُعْسِرِ (فِي نِصْفِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) لِمَا قَرَّرْنَاهُ (وَلَوْ حَلَفَ كُلُّ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا (بِعِتْقِ عَبْدِهِ) عَلَى حِدَةٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ غَدًا فَعَبْدِي حُرٌّ فَقَالَ الْآخَرُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ (وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا) فَمَضَى الْغَدُ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ دَخَلَ أَمْ لَا (لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ) مِنْ الْعَبْدَيْنِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمَقْضِيِّ وَالْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ الْقَضَاءُ لِتَفَاحُشِ الْجَهَالَةِ، وَفِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِسُقُوطِ نِصْفِ السِّعَايَةِ مَعْلُومٌ وَهُوَ الْعَبْدُ وَالْمَقْضِيُّ بِهِ وَهُوَ سُقُوطُ نِصْفِ السِّعَايَةِ مَعْلُومٌ أَيْضًا وَالْمَجْهُولُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْحَانِثُ فَغُلِّبَ الْمَعْلُومُ الْمَجْهُولَ وَقُيِّدَ بِكَوْنِ الْمُعَلَّقِ مُتَعَدِّدًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَكُنْ فُلَانٌ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ الْيَوْمَ ثُمَّ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ دَخَلَ الْيَوْمَ عَتَقَ الْعَبْدُ وَطَلُقَتْ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّ بِالْيَمِينِ الْأُولَى صَارَ مُقِرًّا بِوُجُودِ شَرْطِ الطَّلَاقِ وَبِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ صَارَ مُقِرًّا بِوُجُودِ شَرْطِ الْعِتْقِ وَقِيلَ لَمْ يُعْتَقْ وَلَمْ تَطْلُقْ وَتَمَامُهُ
فِي الْبَحْرِ فَلْيُطَالَعْ.
(وَمَنْ مَلَكَ ابْنَهُ) أَوْ غَيْرَهُ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ حَالَ كَوْنِ الْمَالِكِ شَرِيكًا (مَعَ) شَخْصٍ (آخَرَ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ عَتَقَ حَظُّهُ) مِنْهُ نِصْفًا أَوْ غَيْرَهُ (وَلَا يَضْمَنُ) الْأَبُ لِشَرِيكِهِ وَلَوْ مُوسِرًا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِإِفْسَادِ نَصِيبِهِ كَمَا إذَا أَذِنَ لَهُ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً؛ لِأَنَّهُ شَارَكَهُ فِيمَا هُوَ عِلَّةُ الْعِتْقِ وَهُوَ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْقَرِيبِ إعْتَاقٌ (وَلِشَرِيكِهِ) الْخِيَارُ بَيْنَ (أَنْ يُعْتِقَ) نَصِيبَهُ (أَوْ يَسْتَسْعِيَ) لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ كَالْمُكَاتَبِ كَمَا مَرَّ (سَوَاءٌ عَلِمَ الشَّرِيكُ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ لَا) وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الرِّضَاءِ يَتَحَقَّقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ يُدَارُ عَلَى السَّبَبِ، وَعَنْهُ أَنَّهُ ضَمِنَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ وَصَلَ قَوْلُهُ سَوَاءٌ إلَى آخِرِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَضْمَنُ لَكَانَ أَنْسَبَ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ تَدَبَّرْ (وَقَالَا يَضْمَنُ الْأَبُ) نَصِيبَ الشَّرِيكِ (إنْ كَانَ) الْأَبُ (مُوسِرًا) وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْقَرِيبِ إعْتَاقٌ عَلَى الْأَصْلِ فَقَدْ أَفْسَدَ نَصِيبَ الشَّرِيكِ بِالْإِعْتَاقِ فَصَارَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ (وَعِنْدَ إعْسَارِهِ) أَيْ الْأَبِ (يَسْعَى الِابْنُ) فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ لِاحْتِبَاسِ مَالِهِ عِنْدَ الْعَبْدِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ بَقِيَ مِلْكُهُ بَاعَ أَوْ فَعَلَ بِهِ مَا شَاءَ كَمَا مَرَّ.
(وَكَذَا الْحُكْمُ وَالْخِلَافُ) بَيْنَ الْأَئِمَّةِ (لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدٍ) لَمْ يَقُلْ عَتَقَهُ لِعَدَمِ التَّأْثِيرِ لِخُصُوصِيَّةِ الِابْنِ وَلَا لِكَوْنِهِ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ (بِشِرَاءِ بَعْضِهِ) بِأَنْ قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ إنْ مَلَكْت شِقْصًا مِنْك فَأَنْتَ حُرٌّ (ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدَ (مَعَ) رَجُلٍ (آخَرَ) بِالِاشْتِرَاكِ (أَوْ اشْتَرَى نِصْفَ ابْنِهِ) وَلَوْ قَالَ نِصْفَ قَرِيبِهِ لَكَانَ أَشْمَلَ (مِمَّنْ يُمْلَكُ كُلُّهُ) أَيْ كُلُّ الِابْنِ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ لِبَائِعِهِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ شَارَكَهُ فِي الْعِلَّةِ وَهُوَ الْبَيْعُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ عِلَّةَ دُخُولِ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَقَدْ يُشَارِكُهُ فِيهِ، فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى، وَقَالَا إنْ كَانَ الْقَرِيبُ الْمُشْتَرِي مُوسِرًا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَقُيِّدَ بِكَوْنِهِ مِمَّنْ يَمْلِكُ ابْنَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى نِصْفَ ابْنِهِ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مُوسِرٌ لَزِمَهُ الضَّمَانُ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَبِعْ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي الْعِلَّةِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَلَوْ اشْتَرَى الْأَجْنَبِيُّ نِصْفَهُ) أَيْ الِابْنِ (ثُمَّ) اشْتَرَى (الْأَبُ بَاقِيَهُ) حَالَ كَوْنِهِ (مُوسِرًا ضَمِنَ الشَّرِيكُ) أَيْ فَلِلْأَجْنَبِيِّ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَبَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِإِفْسَادِ نَصِيبِهِ (أَوْ) إنْ شَاءَ (يَسْتَسْعِي) الِابْنَ فِي حَظِّهِ احْتِبَاسُ مَالِيَّتِهِ عِنْدَهُ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (وَقَالَا يَضْمَنُ) الْأَبُ (فَقَطْ) ؛ لِأَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ يَمْنَعُ السِّعَايَةَ عِنْدَهُمَا كَمَا مَرَّ.
(وَلَوْ مَلَكَاهُ بِالْإِرْثِ فَلَا ضَمَانَ إجْمَاعًا)
لِعَدَمِ الِاخْتِيَارِ فِيهِ كَمَا إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَمٌّ وَلَهُ جَارِيَةٌ فَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ مَاتَ الْعَمُّ فَوَرِثَاهُ عَتَقَ الْوَلَدُ عَلَى الْأَبِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِالْإِرْثِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَوْلَدَ أَمَةً بِالنِّكَاحِ ثُمَّ وَرِثَهَا مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَ ثَمَّةَ يَصِيرُ مُتَمَلِّكًا مِنْ شَرِيكِهِ نَصِيبَهُ وَضَمَانُ التَّمَلُّكِ لَا يَعْتَمِدُ الصُّنْعَ كَمَا فِي الْكَافِي.
(عَبْدٌ) كَانَ (لِمُوسِرِينَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لَكِنَّ تَقَيُّدَهُ بِيَسَارِ الثَّلَاثَةِ لَيْسَ بِمُفِيدٍ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْمُدَبِّرِ وَالْمُعْتِقِ وَأَمَّا السَّاكِتُ فَلَا اعْتِبَارَ بِحَالِهِ مِنْ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (دَبَّرَهُ أَحَدُهُمْ) نَصِيبَهُ (وَأَعْتَقَهُ آخَرُ) وَالثَّالِثُ سَاكِتُ (ضَمَّنَ) بِالتَّشْدِيدِ (السَّاكِتُ مُدَبِّرَهُ) أَيْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ تَضْمِينَ قِيمَةِ نَصِيبِهِ فَإِنْ اخْتَارَهُ ضَمَّنَ الْمُدَبِّرَ لَا الْمُعْتِقَ.
(وَ) ضَمَّنَ (الْمُدَبِّرُ مُعْتِقَهُ ثُلُثَهُ) أَيْ ثُلُثَ قِيمَتِهِ حَالَ كَوْنِهِ (مُدَبِّرًا لَا) أَيْ لَا يُضَمِّنُ الْمُدَبِّرُ مُعْتِقَهُ (مَا ضُمِّنَ) أَيْ لَا يُضَمِّنُ قِيمَةَ مَا مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ مِنْ جِهَةِ السَّاكِتِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ثَبَتَ مُسْتَنِدًا وَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ التَّضْمِينِ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ مُنَجَّزٌ عِنْدَهُ كَالْإِعْتَاقِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى نَصِيبِهِ، لَكِنَّهُ أَفْسَدَ نَصِيبَ شَرِيكَيْهِ فَأَحَدُهُمَا اخْتَارَ إعْتَاقَ حِصَّتِهِ فَتَعَيَّنَ حَقُّهُ فِيهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ اخْتِيَارُ أَمْرٍ آخَرَ كَالتَّضْمِينِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ لِلسَّاكِتِ تَوَجَّهَ سَبَبَانِ ضَمَانُ التَّدْبِيرِ وَالْإِعْتَاقِ لَكِنَّ ضَمَانَ التَّدْبِيرِ ضَمَانُ مُعَاوَضَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلِانْتِقَالِ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ وَضَمَانُ الْمُعَاوَضَةِ هُوَ الْأَصْلُ فَيُضَمِّنُ الْمُدَبِّرَ ثُمَّ لِلْمُدَبِّرِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُعْتِقَ ثُلُثَ قِيمَةِ الْعَبْدِ مُدَبَّرًا.
وَفِي الْبَحْرِ لَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ حَرَّرَهُ الْآخَرُ فَلِلْمُدَبِّرِ تَضْمِينُ الْمُعْتِقِ ثُلُثَهُ مُدَبَّرًا إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَفِي عَكْسِهِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْمُدَبِّرُ الْعَبْدَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّهُ بِالتَّدْبِيرِ اخْتَارَ تَرْكَ الضَّمَانِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّهمَا أَوَّلَ فَإِنَّ لِلْمُدَبِّرِ تَضْمِينَ الْمُعْتِقِ رُبْعَ الْقِيمَةِ وَاسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ فِي رُبْعِ الْقِيمَةِ وَيَرْجِعُ الْمُعْتِقُ بِمَا ضُمِّنَ عَلَى الْعَبْدِ وَكَذَا لَوْ صَدَرَ الْإِعْتَاقُ وَالتَّدْبِيرُ مِنْهُمَا مَعًا عِنْدَ الْإِمَامِ.
(وَالْوَلَاءُ ثُلُثَاهُ لِلْمُدَبِّرِ وَثُلُثُهُ لِلْمُعْتِقِ) ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ عَلَى مِلْكِهِمَا عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْغَايَةِ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَصَبَةِ الْمُدَبِّرِ وَالْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَثْبُتُ لِلْمُدَبِّرِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهُ لَكِنْ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ غَلَطٌ وَبَيَّنَ وَجْهَهُ فَلْيُطَالَعْ (وَقَالَا ضَمِنَ مُدَبِّرُهُ لِشَرِيكَيْهِ) ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ كَالْإِعْتَاقِ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا فَحِينَ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمْ صَارَ الْكُلُّ مُدَبَّرًا لَهُ وَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْآخَرِ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ فَيَضْمَنُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِشَرِيكِهِ.
(وَلَوْ مُعْسِرًا) ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ فَلَا يَخْتَلِفُ بِالْإِعْسَارِ وَالْيَسَارِ بِخِلَافِ ضَمَانِ الْإِعْتَاقِ فَإِنَّهُ ضَمِنَ جِنَايَةً، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لَهُمَا لَوْ مُوسِرًا وَلَوْ مُعْسِرًا يُعْتَقُ نَصِيبُهُمَا (وَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُدَبِّرِ وَهَذَا ظَاهِرٌ (وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ ثُلُثَا قِيمَتِهِ قِنًّا) وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْمَمْلُوكِ ثَلَاثَةٌ: الِاسْتِخْدَامُ وَالِاسْتِرْبَاحُ بِوَاسِطَةِ الْبَيْعِ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى، وَبِالتَّدْبِيرِ يَفُوتُ الِاسْتِرْبَاحُ وَبَقِيَ لَهُ آخَرَانِ وَفِي