الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَفَسَدَ النِّكَاحُ إلَّا أَنْ فِي الْأُولَى يَسْقُطُ الْمَهْرُ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَا (وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ وَالْوَلَاءُ لَهَا وَيَصِحُّ عَنْ كَفَّارَتِهَا لَوْ نَوَتْ بِهِ) أَيْ لَوْ نَوَتْ بِهَذَا الْإِعْتَاقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ.
وَعِنْدَ زُفَرَ النِّكَاحُ وَيَقَعُ الْوَلَاءُ عَنْ الْمَأْمُورِ وَأَصْلُهُ أَنَّهُ يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْآمِرِ عِنْدَنَا حَتَّى يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ وَلَوْ نَوَى بِهِ الْكَفَّارَةَ يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ وَعِنْدَهُ يَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ أَنْ يُعْتِقَ الْمَأْمُورُ عَبْدَهُ عَنْهُ وَهَذَا مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ فَلَمْ يَصِحَّ الطَّلَبُ فَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمَأْمُورِ وَلَنَا أَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِتَقْدِيمِ الْمِلْكِ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ إذْ الْمِلْكُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعِتْقِ عَنْ الْآمِرِ فَيَصِيرُ قَوْلُهُ أَعْتِقْ طَلَبَ التَّمْلِيكِ مِنْ الْمَوْلَى بِالْأَلْفِ، ثُمَّ أَمْرُهُ بِالْإِعْتَاقِ عِنْدَ الْآمِرِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ أَعْتَقْتُ تَمْلِيكًا مِنْ الْآمِرِ، ثُمَّ الْإِعْتَاقُ عَنْ الْآمِرِ وَإِذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْآمِرِ فَسَدَ النِّكَاحُ لِلتَّنَافِي بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (وَإِنْ لَمْ تَقُلْ) الْحُرَّةُ (بِأَلْفٍ لَا يَفْسُدُ) النِّكَاحُ (وَالْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) هُوَ يَقُولُ هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ هُنَا بِطَرِيقِ الْهِبَةِ وَتَسْتَغْنِي الْهِبَةُ عَنْ الْقَبْضِ وَهُوَ شَرْطٌ كَمَا يَسْتَغْنِي الْبَيْعُ عَنْ الْقَبُولِ وَهُوَ رُكْنٌ، وَلَهُمَا: الْقَبُولُ رُكْنٌ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ كَمَا فِي التَّعَاطِي وَأَمَّا الْقَبْضُ فَلَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ فِي الْهِبَةِ بِحَالٍ.
(وَلِلْمَوْلَى إجْبَارُ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ عَلَى النِّكَاحِ) وَمَعْنَى الْإِجْبَارِ أَنْ يَنْفُذَ نِكَاحُ الْمَوْلَى بِغَيْرِ رِضَاهُمَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ هَذَا إذَا كَانَا كَبِيرَيْنِ وَإِنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عِنْدَهُ أَيْضًا (دُونَ مُكَاتَبِهِ وَمُكَاتَبَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُمَا الْتَحَقَا بِالْأَحْرَارِ فِي التَّصَرُّفِ فَيُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا.
[بَابُ نِكَاحِ الْكَافِرِ]
ِ وَالْمُنَاسَبَةُ ظَاهِرَةٌ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الرِّقَّ أَثَرُ الْكُفْرِ إلَّا أَنَّ الْكَافِرَ أَدْنَى مِنْهُ وَالتَّعْبِيرُ بِالْكَافِرِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ بَعْضِهِمْ بِنِكَاحِ أَهْلِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْكِتَابِيَّ (وَإِذَا)(تَزَوَّجَ كَافِرٌ بِلَا شُهُودٍ، أَوْ فِي عِدَّةِ كَافِرٍ آخَرَ) ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ مُسْلِمٍ فَسَدَ النِّكَاحُ بِالْإِجْمَاعِ.
(وَ) الْحَالُ أَنَّ (ذَلِكَ جَائِزٌ فِي دِينِهِمْ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَدِينُوا جَوَازَهُ لَمْ يُقِرَّا عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ (ثُمَّ أَسْلَمَا)(أُقِرَّا) أَيْ تُرِكَا (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ وَلَمْ يُجَدَّدْ عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا حَقًّا لِلشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالْفُرُوعِ وَلَاحِقًا لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُهَا (خِلَافًا لَهُمَا فِي الْعِدَّةِ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا أَحْكَامَنَا بِجَمِيعِ اخْتِلَافَاتِهَا لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ قَدْ قَرَّرْنَاهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ تَتَبَّعْ.
وَقَالَ زُفَرُ: النِّكَاحُ فَاسِدٌ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ تَبَعٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ وَهُمْ لَا يُجَوِّزُونَ نِكَاحَهُمْ بِغَيْرِ شُهُودٍ
وَفِي عِدَّةِ غَيْرِهِ، وَكَذَا أَهْلِ الذِّمَّةِ.
وَفِي النِّهَايَةِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُرَافَعَةُ، أَوْ الْإِسْلَامُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَمَّا بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَلَا يُفَرَّقُ اتِّفَاقًا.
(وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمَجُوسِيُّ مَحْرَمَهُ) كَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمَحَارِمِ (ثُمَّ أَسْلَمَا) مَعًا (أَوْ أَحَدُهُمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) بِالْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ فَيَسْتَوِي فِيهِ الِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ، فَكَمَا لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءٌ فِي الْإِسْلَامِ فَكَذَا لَا يَجُوزُ بَقَاءٌ فِيهِ.
(وَكَذَا) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا (لَوْ تَرَافَعَا) أَيْ الْمَحْرَمَانِ (إلَيْنَا) أَيْ عَرَضَا أَمْرَهُمَا إلَيْنَا وَهُمَا عَلَى الْكُفْرِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَا تَبِينُ بِلَا تَفْرِيقِ الْقَاضِي لَكِنْ فِي الْمُنْيَةِ تَبِينُ (وَبِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا لَا يُفَرَّقُ) عِنْدَ الْإِمَامِ إذْ بِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْآخَرِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ وِلَايَةُ إلْزَامِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ يُفَرَّقُ عِنْدَهُمَا بِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا كَإِسْلَامِهِ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وُجِدَ التَّرَافُعُ أَوْ لَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إنْ وُجِدَ التَّرَافُعُ.
(وَالطِّفْلُ) الَّذِي لَا يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ وَلَا يَصِفُهُ فَاللَّامُ لِلْعَهْدِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، لَكِنْ أَفْتَى شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَإِنْ كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ (مُسْلِمٌ إنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمًا) فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا التَّعْمِيمُ وَلَا وُجُودَ لِنِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ مَعَ كَافِرٍ قُلْنَا: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْبَقَاءِ بِأَنْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَى الزَّوْجِ (أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ أَنْظَرُ لَهُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ الدَّارُ بِأَنْ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَ الْوَالِدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالْوَالِدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ لَا يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ وَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (وَ) الطِّفْلُ (كِتَابِيٌّ إنْ كَانَ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ نَظَرٍ لَهُ حَتَّى فِي الْآخِرَةِ بِنُقْصَانِ الْعِقَابِ فَإِنَّ الْمَجُوسِيَّ وَمِثْلَهُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ شَرٌّ مِنْ الْكِتَابِيِّ.
(وَلَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَةُ الْكَافِرِ) كِتَابِيًّا، أَوْ لَا (أَوْ زَوْجُ الْمَجُوسِيَّةِ) وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهَا لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً فَلَا عَرْضَ وَلَا تَفْرِيقَ (عُرِضَ الْإِسْلَامُ عَلَى الْآخَرِ) فَلَوْ كَانَ مَنْ يُعْرَضُ عَلَيْهِ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ الْأَدْيَانَ يُنْتَظَرُ عَقْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ غَايَةً مَعْلُومَةً، وَلَوْ كَانَ مَجْنُونًا لَا يُنْتَظَرُ بَلْ يُعْرَضُ عَلَى أَبَوَيْهِ فَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ بَقِيَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْمُسْلِمَ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْفَتْحِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُعْرَضُ، وَتَبِينُ الْمَرْأَةُ فِي الْحَالِ إنْ كَانَ الْإِسْلَامُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ الْعِدَّةِ (فَإِنْ أَسْلَمَ) مَنْ عُرِضَ لَهُ الْإِسْلَامُ فَهِيَ أَيْ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ لَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ (فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ فَرَّقَ الْقَاضِي بِإِبَائِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ.
وَفِي الْكَنْزِ إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِعَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْآخَرِ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ يَسْتَقِيمُ فِي الْمَجُوسِيَّيْنِ
وَأَمَّا إذَا كَانَا كِتَابِيَّيْنِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ فَهِيَ كَذَلِكَ وَإِنْ أَسْلَمَ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ هِيَ كِتَابِيَّةً وَالزَّوْجُ مَجُوسِيًّا لَكِنَّ صَاحِبَ الْكَنْزِ قَالَ بَعْدَ عِدَّةِ أَسْطُرٍ، وَلَوْ أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ بَقِيَ نِكَاحُهُمَا فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا مَا لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا وَكُفْرِ الْآخَرِ فَيَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ، تَدَبَّرْ.
(فَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ) الْكَافِرُ عَنْ الْإِسْلَامِ (فَالْفُرْقَةُ طَلَاقٌ) وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ حَتَّى يَنْقَضِيَ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ وَهُوَ إبَاؤُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ مِنْهُ تَفْوِيتُ الْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ فَتَعَيَّنَ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ وَالْإِحْسَانُ بِالتَّسْرِيحِ أَنْ يُوَفِّيَهَا مَهْرَهَا وَنَفَقَةَ عِدَّتِهَا كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا تَكُونُ طَلَاقًا بَلْ فَسْخًا حَتَّى لَا يَنْتَقِصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ (لَا إنْ أَبَتْ هِيَ) أَيْ لَا تَكُونُ الْفُرْقَةُ طَلَاقًا إنْ أَبَتْ الْمَجُوسِيَّةُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ مِنْ النِّسَاءِ حَتَّى يَنُوبُ الْقَاضِي مَنَابَهَا (وَلَهَا الْمَهْرُ) سَوَاءٌ كَانَ الْإِبَاءُ مِنْ قِبَلِهِ، أَوْ مِنْ قِبَلِهَا (لَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ) لِتَأَكُّدِهِ بِالدُّخُولِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِبَاءُ بَعْدَ الدُّخُولِ بَلْ قَبْلَهُ (فَنِصْفُهُ لَوْ أَبَى) الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَلَا شَيْءَ لَوْ أَبَتْ) وُجُودَ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا كَالْمُطَاوَعَةِ لِابْنِ زَوْجِهَا.
(وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ إسْلَامُ زَوْجَةِ الْكَافِرِ أَوْ زَوْجِ الْمَجُوسِيَّةِ (فِي دَارِهِمْ لَا تَبِينُ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثًا) إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فَلَوْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ لِصِغَرٍ، أَوْ كِبَرٍ فَلَا تَبِينُ إلَّا بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ قَالَ لَا تَبِينُ إلَّا بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ أَوْ بِمُضِيِّ مِقْدَارِ الْعِدَّةِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِوَضْعِ الْحَمْلِ (قَبْلَ إسْلَامِ الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْفُرْقَةِ وَعَرْضُ الْإِسْلَامِ مُتَعَذِّرٌ لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْفُرْقَةِ رَفْعًا لِلْفَسَادِ فَأَقَمْنَا شَرْطَهَا وَهُوَ مُضِيُّ الْحَيْضِ مَقَامَ السَّبَبِ كَمَا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ وَهَذِهِ الْحِيَضُ لَا تَكُونُ عِدَّةً؛ وَلِهَذَا يَسْتَوِي فِيهَا الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا، ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ بَعْدَهُ فَكَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ (وَإِنْ أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ بَقِيَ نِكَاحُهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا ابْتِدَاءً فَالْبَقَاءُ أَوْلَى (وَتَبَايُنُ الدَّارَيْنِ سَبَبُ الْفُرْقَةِ) ؛ لِأَنَّ مَنْعَ التَّبَايُنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا لِانْتِظَامِ مَصَالِحِ النِّكَاحِ وَمِنْ التَّبَايُنِ لَا يَنْتَظِمُ فَشَابَهُ الْمَحْرَمِيَّةَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: سَبَبُ الْفُرْقَةِ السَّبْيُ دُونَ التَّبَايُنِ (لَا السَّبْيُ فَلَوْ) تَفْرِيعٌ لِقَوْلِهِ: وَتَبَايُنُ الدَّارَيْنِ (خَرَجَ أَحَدُهُمَا إلَيْنَا مُسْلِمًا) ، أَوْ ذِمِّيًّا، أَوْ أَسْلَمَ، أَوْ عَقَدَ الذِّمَّةَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (أَوْ أُخْرِجَ) أَحَدُهُمَا إلَيْنَا (مَسْبِيًّا بَانَتْ) زَوْجَتُهُ لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ.
(وَإِنْ سُبِيَا مَعًا) تَفْرِيعٌ لِقَوْلِهِ لَا السَّبْيُ (لَا) تَبِينُ عِنْدَنَا لِعَدَمِ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ خِلَافًا
لِلشَّافِعِيِّ.
(وَمَنْ هَاجَرَتْ إلَيْنَا) مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً أَيْ تَرَكَتْ أَرْضَ الْحَرْبِ وَهَاجَرَتْ إلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ (بَانَتْ) مِنْ زَوْجِهَا (وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا) عِنْدَ الْإِمَامِ إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَا تُنْكَحُ قَبْلَ الْوَضْعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ النِّكَاحُ وَلَا يَقْرَبُهَا الزَّوْجُ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا (خِلَافًا لَهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بِالدُّخُولِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَيَلْزَمُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ وَلَهُ أَنَّ الْعِدَّةَ لِحُرْمَةِ مِلْكِ النِّكَاحِ وَبِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ لَمْ يَبْقَ النِّكَاحُ فَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي أَنَّ الْحَرْبِيَّةَ إذَا دَخَلَتْ دَارَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَلْزَمْ الْحَرْبِيَّ وَلَدُهَا لِعَدَمِ الْعِدَّةِ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُ إلَى سَنَتَيْنِ لِقِيَامِ الْعِدَّةِ لَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْعِدَّةِ كَوْنُهَا تَحْتَ كَافِرٍ لَا غَيْرُ كَمَا فِي الْكَافِي، قَيَّدَ بِالْمُهَاجِرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ هَاجَرَ زَوْجُهَا لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا اتِّفَاقًا.
(وَارْتِدَادُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ تَبَدُّلُ اعْتِقَادِ الْإِسْلَامِ بِالْكُفْرِ حَقِيقَةً عَلَى أَحَدِهِمَا كَمَا إذَا تَمَجَّسَ، أَوْ تَنَصَّرَ، أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا قَالَ بِالِاخْتِيَارِ مَا هُوَ كُفْرٌ بِالِاتِّفَاقِ (فُسِخَ) أَيْ رُفِعَ لِفَقْدِ النِّكَاحِ حَتَّى لَا يَنْتَقِصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْطُوءَةً، أَوْ غَيْرَهَا (فِي الْحَالِ) بِدُونِ الْقَضَاءِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا تَبِينُ مِنْهُ حَتَّى تَمْضِيَ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ وَإِنْ قَبْلَ الدُّخُولِ تَبِينُ فِي الْحَالِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ارْتِدَادُ الرَّجُلِ طَلَاقٌ) وَهُوَ يَعْتَبِرُهُ بِالْإِبَاءِ وَأَبُو يُوسُفَ مَرَّةً عَلَى أَصْلِهِ فِي الْإِبَاءِ وَهُوَ أَنَّ إبَاءَ الزَّوْجِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ فَكَذَا الرِّدَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَوَجْهُهُ أَنَّ الرِّدَّةَ مُنَافِيَةٌ لِلنِّكَاحِ وَالطَّلَاقَ رَافِعٌ فَتَعَذَّرَتْ الرِّدَّةُ أَنْ يُجْعَلَ طَلَاقًا بِخِلَافِ الْإِبَاءِ، قَيَّدَ بِرِدَّتِهِ؛ لِأَنَّ رِدَّتَهَا فَسْخٌ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَشَايِخِ بَلْخِي وَسَمَرْقَنْدَ كَانُوا يُفْتُونَ بِعَدَمِ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ حَسْمًا لِبَابِ الْمَعْصِيَةِ وَعَامَّتُهُمْ يَقُولُونَ يَقَعُ الْفَسْخُ وَلَكِنْ يُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَمَشَايِخُ بُخَارَى كَانُوا عَلَى هَذَا.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَتُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَتُعَزَّرُ بِضَرْبٍ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَوْطًا وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ إلَّا بِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ وَلِكُلِّ قَاضٍ أَنْ يُجَدِّدَ بَيْنَهُمَا بِمَهْرٍ يَسِيرٍ، وَلَوْ دِينَارًا رَضِيَتْ أَوْ أَبَتْ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ لَكِنْ إنْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ لَا تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ بَعْدَ إسْلَامِهِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَا رِدَّةَ لِلطِّفْلِ إذْ لَا اعْتِقَادَ لَهُ بِخِلَافِ آبَائِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إنَّ رِدَّتَهُ صَحِيحَةٌ كَإِبَائِهِ (وَلِلْمَوْطُوءَةِ الْمَهْرُ) أَيْ كُلُّ الْمَهْرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ سَوَاءٌ ارْتَدَّ أَوْ ارْتَدَّتْ؛ لِأَنَّهُ تَأْكِيدٌ بِالدُّخُولِ فَلَا يُتَصَوَّرُ سُقُوطُهُ (وَلِغَيْرِهَا) أَيْ الْمَوْطُوءَةِ الْمَذْكُورَةِ (نِصْفُهُ) أَيْ الْمَهْرِ (إنْ ارْتَدَّ) الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ تُوجِبُ نِصْفَ الْمَهْرِ هَذَا إذَا كَانَ مُسَمًّى وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْمُتْعَةُ (وَلَا شَيْءَ لَهَا) مِنْ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ