الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهِ الْمَاءُ.
(وَإِنْ كَانَ مَعَ رَفِيقِهِ مَاءٌ طَلَبَهُ) مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِعَدَمِ الْمَانِعِ غَالِبًا (فَإِنْ مَنَعَهُ يَتَيَمَّمُ) لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ وَإِذَا صَلَّى بَعْدَ الْمَنْعِ ثُمَّ أَعْطَاهُ يُنْقَضُ تَيَمُّمُهُ الْآنَ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا قَدْ صَلَّى.
(وَأَنْ يُتَيَمَّمَ قَبْلَ الطَّلَبِ) أَجْزَأَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ مِنْ مِلْكِ الْغَيْرِ، وَقَالَا: لَا يُجْزِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَبْذُولٌ عَادَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمَاءَ مَبْذُولٌ فِي الْفَلَوَاتِ فَلَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي الْفَلَوَاتِ مِنْ أَعَزِّ الْأَشْيَاءِ فَلَمْ يَكُنْ مَبْذُولًا عَادَةً وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ مَبْذُولٌ فِي الْعُمْرَانَاتِ فَالتَّقْرِيبُ غَيْرُ تَامٍّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْخَلَوَاتِ تَدَبَّرْ (أَوْ الْجُنُبُ فِي الْمِصْرِ) أَيْ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ فِي الْمِصْرِ (لِخَوْفِ الْبَرْدِ جَازَ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ ثَابِتٌ حَقِيقَةً فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهِ ثُمَّ إنْ رُخْصَةَ التَّيَمُّمِ بِسَبَبِ الْبَرْدِ ثَابِتَةٌ لِلْمُحْدِثِ أَيْضًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ فَلَا رُخْصَةَ لَهُ.
وَفِي الْحَقَائِقِ الصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ (خِلَافًا لَهُمَا) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.
[الْجَمْعُ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ]
(وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْخَلَفِ بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَسُؤْرِ الْحِمَارِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَتَأَدَّى بِأَحَدِهِمَا لَا بِهِمَا فَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا لِمَكَانِ الشَّكِّ (فَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ الْأَعْضَاءِ) أَيْ أَكْثَرُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ (جَرِيحًا) فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ أَوْ أَكْثَرُ جَمِيعِ بَدَنِهِ فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ (يَتَيَمَّمُ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَغْسِلَ الصَّحِيحَ وَيَمْسَحَ الْجَرِيحَ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لِمَ يَكُنْ أَكْثَرُ الْأَعْضَاءِ جَرِيحًا بَلْ مُسَاوِيًا أَوْ أَكْثَرُ الْأَعْضَاءِ صَحِيحًا (غَسَلَ الصَّحِيحَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَرِيحِ) إنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَإِلَّا فَعَلَى الْخِرْقَةِ، وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ.
[بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]
لَمَّا فَرَغَ عَنْ التَّيَمُّمِ الَّذِي هُوَ خَلَفٌ عَنْ جَمِيعِ الْوُضُوءِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْمَسْحِ الَّذِي هُوَ خَلَفٌ عَنْ بَعْضِهِ، وَهُوَ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ وَوَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا الْبَابِ كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَسْحًا وَرُخْصَةً مُؤَقَّتَةً وَوَجْهُ تَأْخِيرِهِ عَنْهُ أَنَّهُ بَدَلٌ نَاقِصٌ وَهُوَ بَدَلٌ تَامٌّ (يَجُوزُ بِالسُّنَّةِ) وَلَمْ يَقُلْ يَثْبُتُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ ثُبُوتَهُ عَلَى وَجْهِ الْجَوَازِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ
وَمَا قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ أَنَّ الثَّابِتَ بِالسُّنَّةِ مِقْدَارُهُ لَيْسَ بِسَدِيدٍ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَشْتَمِلُ الْقَوْلَ وَالْفِعْلَ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَابِ الْمَسْحِ حِكَايَةُ فِعْلِهِ كَرِوَايَةِ مُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام فِي سَفَرٍ وَكُنْت أَصُبُّ الْمَاءَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَامِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ ذَيْلِهِ وَمَسَحَ خُفَّيْهِ فَقُلْت نَسِيت غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ فَقَالَ بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي» وَرَوَى الْجَمَاعَةُ عَنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام بَالَ وَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ كَانَ يُعْجِبُنِي هَذَا؛ لِأَنَّ إسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ لَكِنْ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنْ كَانَ رُؤْيَتُهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَإِخْبَارُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَرِوَايَةُ قَوْلِهِ كَرِوَايَةِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام يَأْمُرُنَا إذَا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَوْ مُسَافِرِينَ أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا إلَّا عَنْ جَنَابَةٍ» وَالْأَخْبَارُ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ كَثِيرَةٌ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ قَالَ مَا قُلْت بِالْمَسْحِ حَتَّى جَاءَنِي مِثْلُ ضَوْءِ النَّهَارِ، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ الْمُتَوَاتِرِ حَتَّى قَالَ الْكَرْخِيُّ مَنْ أَنْكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْمَسْحِ لِشُهْرَتِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّهَا نَسْخٌ مِنْ وَجْهٍ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِالسُّنَّةِ إلَى أَنَّ نَصَّ الْكِتَابِ سَاكِتٌ عَنْهُ رَدًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ قِرَاءَةَ الْجَرِّ فِي " أَرْجُلِكُمْ " تَدُلُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] يَدْفَعُهُ؛ لِأَنَّهُ نَصٌّ فِي الْغَايَةِ وَمَسْحُ الْخُفِّ غَيْرُ مُغَيَّا هَذَا بَحْثٌ طَوِيلٌ فَيُطْلَبُ مِنْ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا (مِنْ كُلٍّ حَدَثٍ مُوجِبُهُ الْوُضُوءُ لَا لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ) لِحَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ عَلَى مَا رَوَيْنَاهُ آنِفًا وَلِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَا تَتَكَرَّرُ عَادَةً فَلَا حَرَجَ فِي النَّزْعِ بِخِلَافِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: الْجِنَايَةُ أَلْزَمَتْهُ غَسْلَ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَمَعَ الْخُفِّ لَا يَتَأَدَّى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ غَسْلَ أَعْضَاءَ يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْحِ الْخُفِّ انْتَهَى قَالَ الْفَاضِلُ قَاضِي زَادَهْ: فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَسْحِ الْخُفِّ وَبَيْنَ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ غَسْلًا حَقِيقِيًّا فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَيْفَ وَمِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ الرِّجْلَانِ فَلَا يَتَحَقَّقُ غَسْلُهُمَا غَسْلًا حَقِيقِيًّا إلَّا بِإِسَالَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِمَا لَا بِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ الْمَلْبُوسَيْنِ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَسْحِ الْخُفِّ وَبَيْنَ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ غَسْلًا حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا وَمَسْحُ الْخُفِّ غَسْلٌ حُكْمِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُسْلًا حَقِيقِيًّا فَهُوَ مُسَلِّمٌ لَكِنْ يَتَأَدَّى الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ وَبَيْنَ غَسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي صُورَةِ الْجَنَابَةِ أَيْضًا فَلَا يَتِمُّ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ انْتَهَى
أَقُولُ: هَذَا لَيْسَ بِوَارِدٍ؛ لِأَنَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ مُخْتَلِفَةٌ حَقِيقَةً وَعُرْفًا أَمَّا حَقِيقَةً فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عُرْفًا فَلِأَنَّهَا لَا تُغْسَلُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَبِهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْحِ الْخُفِّ، وَلَا كَذَلِكَ الْغُسْلُ فَإِنَّ جَمِيعَ الْأَعْضَاءِ مُتَّحِدٌ فَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ تَدَبَّرْ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ دُونَ الْمُغْتَسَلِ لَكَانَ