الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَمْدًا تَكَاسُلًا فَاسِقٌ يُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ وَقِيلَ: يُضْرَبُ حَتَّى يَسِيلَ مِنْهُ الدَّمُ مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ وَلَوْ كَانَ التَّارِكُ صَبِيًّا وَسِنُّهُ عَشْرُ سِنِينَ لَوَجَبَ الضَّرْبُ عَلَى تَرْكِهَا لِقَوْلِهِ عليه السلام «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ» وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ فَاعِلِهَا بِالْجَمَاعَةِ وَلَا تَجْزِي فِيهَا النِّيَابَةُ أَصْلًا.
(وَلَوْ ارْتَدَّ) وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى (عَقِيبَ فَرْضِ صَلَاةٍ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْوَقْتِ لَزِمَهُ إعَادَتُهُ) عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
(وَلَا يَلْزَمُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ زَمَانَ الرِّدَّةِ) يَعْنِي إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ عَلَى رِدَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ فِيهَا مِنْ الْفَرَائِضِ عِنْدَنَا وَيَجِبُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ.
(وَلَا) يَلْزَمُ (قَضَاءُ مَا فَاتَهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إنْ جَهِلَ فَرْضِيَّتَهُ) يَعْنِي إذَا أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَعْلَمْ وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَمَكَثَ زَمَانًا ثُمَّ عَلِمَ بِهِ لَا يَلْزَمُ قَضَاؤُهُ عِنْدَنَا أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالشَّرَائِعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا دَارُ الْعِلْمِ وَشُيُوعُ الْأَحْكَامِ فَلَا يَكُونُ مَعْذُورًا فِي تَرْكِ الْعِلْمِ وَقَالَ زُفَرُ: يَلْزَمُهُ فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ.
[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ]
ِ إضَافَتُهُ إلَى السَّبَبِ وَهِيَ الْأَصْلُ وَالسَّهْوُ غَفْلَةُ الْقَلْبِ عَنْ الشَّيْءِ الْمَعْلُومِ فَيَتَنَبَّهُ لَهُ بِأَدْنَى تَنْبِيهٍ بِخِلَافِ النِّسْيَانِ فَإِنَّهُ زَوَالُ الْمَعْلُومِ فَيُسْتَأْنَفُ تَحْصِيلُهُ لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا وَكَذَا لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّكِّ وَالْأُدَبَاءُ عَرَّفُوا الشَّكَّ بِأَنَّهُ تَسَاوِي الْأَمْرَيْنِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَالظَّنَّ تَسَاوِيهُمَا وَجِهَةُ الصَّوَابِ أَرْجَحُ وَالْوَهْمَ تَسَاوِيهُمَا وَجِهَةُ الْخَطَأِ أَرْجَحُ (إذَا سَهَا) الْمُصَلِّي (بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ سَجَدَ) لِلسَّهْوِ (سَجْدَتَيْنِ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْوَقْتُ صَالِحًا حَتَّى أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ إذَا لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ بَعْدَ السَّلَامِ الْأَوَّلِ سَقَطَ السُّجُودُ (بَعْدَ التَّسْلِيمَتَيْنِ) بَيَانٌ لِمَحِلِّهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ قَبْلَ السَّلَامِ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ قَبْلَ السَّلَامِ وَبَعْدَهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام مِثْلُ الْمَذْهَبَيْنِ قَوْلًا وَفِعْلًا لَكِنْ ذَكَرَ الْمَقْدِسِيُّ كَرَاهَتَهُ قَبْلَهُ تَنْزِيهًا.
(وَقِيلَ بَعْدَ) تَسْلِيمَةٍ (وَاحِدَةٍ) كَمَا هُوَ مُخْتَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبُ الْإِيضَاحِ وَصَاحِبُ الْكَافِي وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ.
وَفِي الْمُجْتَبَى وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي الْمُحِيطِ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ يُكْتَفَى بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ اخْتَارَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ قَالَ عليه الصلاة والسلام: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَ السَّلَامِ» وَالْمُتَعَارَفُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ قَوْلُ كِبَارِ الصَّحَابَةِ كَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَالْأَخْذُ بِرِوَايَةِ أَصْحَابٍ كَانُوا قَرِيبِينَ فِيهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام أَوْلَى وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ عَائِشَةَ وَكَانَتْ مِنْ صَفِّ النِّسَاءِ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَكَانَ مِنْ الصِّبْيَانِ فَيُحْمَلُ
عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَسْمَعَا وَسَوْقُ كَلَامِ الْفَرِيقَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لِلْإِمَامِ.
وَفِي الْمَجْمَعِ نَسَبَ الثَّانِيَ إلَى مُحَمَّدٍ وَالْأَوَّلَ إلَيْهِمَا كَمَا فِي الدُّرَرِ وَقِيلَ: لِلْمُنْفَرِدِ تَسْلِيمَتَانِ وَلِلْإِمَامِ تَسْلِيمَةٌ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ رُبَّمَا اشْتَغَلَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ بِمَا يُنَافِي فِي الصَّلَاةِ وَعَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ عَلَى هَذَا التَّرَاعِي الرِّوَايَتَانِ (وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَيَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام وَالدُّعَاءُ فِي قَعْدَةِ السَّهْوِ هُوَ الصَّحِيحُ) لِأَنَّ مَوْضِعَهُمَا آخِرُ الصَّلَاةِ هَذَا احْتِرَازٌ عَمَّا قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي الْقَعْدَتَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا آخِرُ وَقِيلَ: قَبْلَ السُّجُودِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بَعْدَهُ لِأَنَّ سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ يُخْرِجُهُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ وَظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّهُ أَيْ قَوْلَ الطَّحَاوِيِّ أَحْوَطُ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةَ وَالسَّهْوُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْمَكْتُوبَةِ وَاحِدٌ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ لِئَلَّا يَقَعَ النَّاسُ فِي فِتْنَةٍ.
(وَيَجِبُ) فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِرَفْعِ نَقْصٍ تَمَكَّنَ فِي الصَّلَاةِ وَرَفْعُ ذَلِكَ وَاجِبٌ.
وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ وَيُسَنُّ عِنْدَ غَيْرِهِ (إنْ قَرَأَ) آيَةً (فِي رُكُوعٍ أَوْ قُعُودٍ) أَوْ سُجُودٍ أَوْ قَوْمَةٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا لَيْسَ بِمَحِلِّ الْقِرَاءَةِ فَيَكُونُ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ غَيْرَ وَاقِعٍ فِي مَحَلِّهِ فَيَجِبُ (أَوْ قَدَّمَ رُكْنًا) عَلَى مَحَلِّهِ وَرُكْنُ الشَّيْءِ جُزْءُ مَاهِيَّتِه فَرُكْنُ الصَّلَاةِ الْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَأَمَّا الْقَعْدَةُ فَشَرْطٌ لِصِحَّةِ الْخُرُوجِ (أَوْ أَخَّرَهُ) عَنْ مَحَلِّهِ (أَوْ كَرَّرَهُ) أَيْ الرُّكْنَ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ وَاجِبًا لَمْ يَجِبْ السَّهْوُ لَكِنَّ فِي الْخِزَانَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّ تَكْرَارَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ يُوجِبُ السَّهْوَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ التَّكْرَارَ لَمْ يُوجِبْ بَلْ تَرْكَ السُّورَةِ فَإِنَّهَا تَجِبُ أَنْ تَلِيَ الْفَاتِحَةَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِالْفَرَائِضِ لِأَنَّ تَكْرَارَ الْفَاتِحَةِ فِي النَّوَافِلِ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (أَوْ غَيَّرَ وَاجِبًا أَوْ تَرَكَهُ) رَأْسًا سَاهِيًا وَقَيَّدْنَا بِسَاهِيًا لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ عَامِدًا قِيلَ: يَأْثَمُ لِأَنَّهُ ذَنْبٌ عَظِيمٌ لَا تَرْفَعُهُ السَّجْدَتَانِ وَقِيلَ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ تَرْكُ الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَالْفِكْرُ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ بَعْدَ الشَّكِّ حَتَّى شَغَلَهُ عَنْ رُكْنٍ فَإِنَّهُمَا مَعَ الْعَمْدِ يُوجِبَانِ سَجْدَةَ الْعُذْرِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
وَفِي الْيَنَابِيعِ نَقْلًا عَنْ النَّاطِفِي لَا سَهْوَ فِي الْعَمْدِ إلَّا فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلُ تَأْخِيرُ إحْدَى سَجْدَتَيْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ وَالثَّانِي تَرْكُ الْقَعْدَةِ الْأُولَى انْتَهَى فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ لَا فِي وَضْعَيْنِ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَمْثِلَةِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى التَّرْتِيبِ فَقَالَ: (كَرُكُوعٍ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ) فَإِنَّ تَقْدِيمَهَا عَلَى الرُّكُوعِ وَاجِبٌ لَا فَرْضٌ خِلَافًا لِزُفَرَ وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْقِيَامِ عَلَى الرُّكُوعِ وَالرُّكُوعِ عَلَى السُّجُودِ فَرْضٌ كَمَا فِي الدُّرَرِ (وَتَأْخِيرِ الْقِيَامِ إلَى الثَّلَاثَةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى التَّشَهُّدِ) وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِزِيَادَةِ حَرْفٍ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُشِيرُ إلَى هَذَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِقَدْرِ رُكْنٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجِبُ
حَتَّى يَقُولَ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَفِي الزَّاهِدِي وَعِنْدَهُمَا لَا سَهْوَ عَلَيْهِ أَصْلًا وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ أَهْلِ زَمَانِنَا.
وَفِي الْمُحِيطِ وَاسْتَقْبَحَ مُحَمَّدٌ السَّهْوَ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(وَرُكُوعَيْنِ) فَإِنَّ الِاقْتِصَارَ وَاجِبٌ فَفِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ تَرْكُهُ (وَالْجَهْرِ فِيمَا يَخْفَى) وَكَذَا الْمُخَافَتَةُ فِيمَا يُجْهَرُ.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي الْمِقْدَارِ وَالْأَصَحُّ قَدْرُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فِي الْفَصْلَيْنِ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مِنْ الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَعَنْ الْكَثِيرِ مُمْكِنٌ وَمَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ كَثِيرٌ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ آيَةٌ وَاحِدَةٌ وَعِنْدَهُمَا ثَلَاثُ آيَاتٍ لَكِنَّ هَذَا عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ وَأَمَّا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَيَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ بِهِمَا مُطْلَقًا أَيْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ تَتَبَّعْ وَهَذَا فِي حَقِّ الْإِمَامِ دُونَ الْمُنْفَرِدِ لِأَنَّ الْجَهْرَ وَالْمُخَافَتَةَ مِنْ خَصَائِصِ الْجَمَاعَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
(وَتَرْكِ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ) دُونَ الثَّانِي فَإِنَّهُ مُفْسِدٌ (وَقِيلَ) قَائِلُهُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ (كُلُّهُ) أَيْ كُلُّ مَا ذُكِرَ تَقْدِيمُ الرُّكْنِ وَتَأْخِيرُهُ وَتَكْرِيرُهُ وَتَغْيِيرُ الْوَاجِبِ وَتَرْكُهُ (يَئُولُ) أَيْ يَرْجِعُ (إلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَلِكَ فَإِذَا فَعَلَ فَقَدْ تَرَكَ الْوَاجِبَ فَصَارَ تَرْكُ الْوَاجِبِ شَامِلًا لِلْكُلِّ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ لَا غَيْرَ.
(وَإِنْ تَشَهَّدَ فِي الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ لَا يَجِبُ) لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ مَحَلٌّ لِلثَّنَاءِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ تَشَهَّدَ فِي قِيَامِهِ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَبَعْدَهَا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَإِنْ سَهَا مِرَارًا يَكْفِيه سَجْدَتَانِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «سَجْدَتَانِ بَعْدَ السَّلَامِ تَجْزِيَانِ عَنْ كُلِّ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ» .
(وَيَلْزَمُ) سُجُودُ السَّهْوِ (الْمُقْتَدِي) أَيْ الْمُؤْتَمَّ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ كَاللَّاحِقِ (بِسَهْوِ إمَامِهِ إنْ سَجَدَ) وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ لِسَهْوِهِ لَا يَسْجُدُ الْمُؤْتَمُّ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِإِمَامِهِ وَبِسُجُودِهِ بِدُونِهِ يَصِيرُ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السَّهْوِ مِنْ الْإِمَامِ حَالَةَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ أَوْ قَبْلَهَا لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ إذَا تَقَرَّرَ فِي حَقِّ الْأَصْلِ يَتَقَرَّرُ عَلَى التَّبَعِ حَسْبَ تَقَرُّرِهِ عَلَى الْأَصْلِ وَلِهَذَا يَلْزَمُ الْأَرْبَعُ بِاقْتِدَائِهِ بِالْمُقِيمِ أَوْ بِنِيَّةِ إمَامِهِ الْإِقَامَةَ (لَا بِسَهْوِهِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ سُجُودُ السَّهْوِ بِسَهْوِ الْمُقْتَدِي لَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَى إمَامِهِ لِأَنَّهُ إنْ سَجَدَ وَحْدَهُ خَالَفَ إمَامَهُ وَإِنْ سَجَدَ الْإِمَامُ مَعَهُ انْقَلَبَ الْمَتْبُوعُ تَابِعًا وَالتَّابِعُ مَتْبُوعًا وَهُوَ قَلْبُ الْمَوْضُوعِ وَنَقْضُ الْمَشْرُوعِ (وَالْمَسْبُوقُ يَسْجُدُ مَعَ إمَامِهِ) تَبَعًا لَهُ وَلَا يُسَلِّمُ (ثُمَّ يَقْضِي) مَا فَاتَهُ وَلِهَذَا قِيلَ: الْأَوْلَى أَنْ لَا يَقُومَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَلَوْ قَامَ قَبْلَهُ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَلَمْ يَسْجُدْ فَسَجَدَ الْإِمَامُ لِسَهْوِهِ يُتَابِعُهُ فِيهِ لِعَدَمِ تَأَكُّدِ انْفِرَادِهِ وَيَقْعُدُ مَعَهُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يُعِيدُ الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ لِارْتِفَاضِهِمَا بِمُتَابَعَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ وَقَيَّدَ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ سَجَدَ قَبْلَ سُجُودِ إمَامِهِ لَا يُتَابِعُهُ لِتَأَكُّدِ
انْفِرَادِهِ وَيَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لِسَهْوِ الْإِمَامِ اسْتِحْسَانًا لِالْتِزَامِهِ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَهُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.
وَفِي الْبَدَائِعِ خِلَافُهُ فَلَا تَفْسُدُ بِتَرْكِ الْمُتَابَعَةِ وَلَوْ سَهَا فِيمَا يَقْضِي سَجَدَ ثَانِيًا إنْ كَانَ تَابِعَ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَفَاهُ سَجْدَتَانِ وَتَنْتَظِمُ الثَّانِيَةُ بِالْأُولَى وَلَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا سَهْوَ وَلَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى.
(سَهَا) الْمُصَلِّي (عَنْ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ) فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ أَوْ الثَّلَاثِ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُصَلِّي (إلَيْهِ) أَيْ الْقُعُودِ (أَقْرَبُ) مِنْ الْقِيَامِ إلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَرْفَعْ رُكْبَتَيْهِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَقِيلَ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَوَى النِّصْفِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ كَانَ رَافِعَ الْأَلْيَةِ وَالرُّكْبَةِ أَوْ أَحَدَاهُمَا وَقِيلَ: بِأَنْ لَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الْأَصَحُّ قَدَّمَ مَفْعُولَ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ تَوَسُّعًا (عَادَ) إلَى الْقُعُودِ وَتَشَهَّدَ لِأَنَّ مَا يَقْرَبُ إلَى الشَّيْءِ يَأْخُذُ حُكْمَهُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةُ السَّهْوِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ: تَجِبُ لِأَنَّ بِالْقِيَامِ وَإِنْ قَلَّ يُؤَخِّرُ الْقَعْدَةَ الْوَاجِبَةَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَيْهِ أَقْرَبُ بِأَنْ رَفَعَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ بِأَنْ كَانَ مُسْتَوَى النِّصْفِ الْأَسْفَلِ دُونَ الْأَعْلَى أَوْ بِأَنْ اسْتَوَى قَائِمًا (لَا) أَيْ لَا يَعُودُ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَعْنًى فَكَانَ كَالْقَائِمِ حَقِيقَةً وَلَوْ عَادَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ رَفَضَ فَرْضًا بَعْدَ الشُّرُوعِ لِمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ.
وَفِي الْمِنَحِ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ إذَا قَامَ سَاهِيًا فَإِنَّهُ يَعُودُ وَيَقْعُدُ لِأَنَّ الْقُعُودَ فَرْضٌ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْمُتَابَعَةِ (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ وَهُوَ الْقُعُودُ الْأَوَّلُ.
(وَإِنْ سَهَا عَنْ) الْقُعُودِ (الْأَخِيرِ) حَتَّى قَامَ لِرَكْعَةٍ أُخْرَى (عَادَ) إلَى الْقُعُودِ لِإِصْلَاحِ صَلَاتِهِ (مَا لَمْ يَسْجُدْ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) لِتَأْخِيرِهِ فَرْضًا وَأَرَادَ بِالْأَخِيرِ الْقُعُودَ الْمَفْرُوضَ لِيَشْمَلَ الثَّانِيَ وَالثُّنَائِيَّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: سُمِّيَ أَخِيرًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ آخِرُ الصَّلَاةِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْمُشَاكَلَةِ (فَإِنْ سَجَدَ) سَجْدَةً تَامَّةً (بَطَلَ فَرْضُهُ) عِنْدَنَا ثُمَّ الْفَسَادُ (بِرَفْعِهِ) أَيْ الرَّأْسِ مِنْ السُّجُودِ (عِنْدَ مُحَمَّدٍ) لِأَنَّ تَمَامَ الشَّيْءِ بِآخِرِهِ وَهُوَ الرَّفْعُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ أَقْيَسُ وَأَوْفَقُ (وَبِوَضْعِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) لِأَنَّهُ سُجُودٌ كَامِلٌ فَإِذَا أَحْدَثَ فِيهِ لَا يَبْنِي عِنْدَهُ وَيَبْنِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ كَمَا بَيَّنَ فِي مَحَلِّهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى بِمَسْأَلَةِ زِهْ بِالزَّايِ الْمَكْسُورَةِ الْخَالِصَةِ وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُ الْأَعَاجِمُ عِنْدَ اسْتِحْسَانِ شَيْءٍ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي التَّهَكُّمِ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ عِنْدَ بُلُوغِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ: زِهْ صَلَاةٌ فَسَدَتْ يُصْلِحُهَا الْحَدَثُ (وَصَارَتْ) أَيْ انْقَلَبَتْ صَلَاتُهُ (نَفْلًا) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِأَنَّ فَسَادَ وَصْفِ الْفَرْضِيَّةِ لَا يُبْطِلُ أَصْلَ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ (فَيَضُمُّ سَادِسَةً إنْ شَاءَ) فَلَوْ لَمْ يَضُمَّ صَارَ الشَّفْعُ الْأَوَّلُ نَفْلًا وَبَطَلَ الثَّانِي وَلَا يَلْزَمُ قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ مَظْنُونٌ وَالْمَظْنُونُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ كَمَا فِي التَّسْهِيلِ.
وَفِي الدُّرَرِ وَيُضَمُّ فِي الرُّبَاعِيِّ رَكْعَةً سَادِسَةً إنْ شَاءَ وَفِي الثُّلَاثِيِّ الصَّائِرِ أَرْبَعًا لَا يَحْتَاجُ الضَّمَّ إذْ
الرَّكَعَاتُ الثَّلَاثُ بِضَمِّ الرَّابِعَةِ إلَيْهَا تَحَوَّلَتْ إلَى النَّفْلِ فَحَصَلَتْ الصَّلَاةُ التَّامَّةُ وَفِي الثُّنَائِيِّ الصَّائِرِ ثَلَاثًا وَهُوَ الْفَجْرُ لَا يَضُمُّ رَابِعَةً لِيَكُونَ الْكُلُّ نَفْلًا لِأَنَّ النَّفَلَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَكْثَرَ مِنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ مَكْرُوهٌ انْتَهَى.
وَفِي النِّهَايَةِ وَفِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَقْطَعُ سَوَاءً قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الثَّانِيَةِ أَوْ لَمْ يَقْعُدْ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَهُ مَكْرُوهٌ سِوَى رَكْعَتَيْهَا.
وَقَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ: فِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قَطَعَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَلَمْ يَضُمَّ إلَيْهِ رَكْعَةً هَلْ يَكُونُ نَفْلًا عِنْدَهُمَا كَمَا فِي غَيْرِهِ أَوْ يَبْطُلُ أَصْلًا إنْ قِيلَ: يَبْطُلُ أَصْلًا يَكُونُ مُخَالِفًا لِأَصْلِهِمَا وَإِنْ قِيلَ: يَكُونُ نَفْلًا يَلْزَمُ التَّنَفُّلُ بَعْدَ الصُّبْحِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَهُوَ لَا يَجُوزُ انْتَهَى أَقُولُ فِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ الْجَوَازِ لِأَنَّ عَدَمَ جَوَازِ التَّنَفُّلِ بِالْوِتْرِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْقَصْدِ وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَا وَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَوْ قَطَعَهُ عَلَى أَنَّهُ فِي صُورَةِ الْقُعُودِ عَلَى رَأْسِ الثَّانِيَةِ فِي الْفَجْرِ تَتِمُّ صَلَاةُ الْفَجْرِ وَتَبْطُلُ الرَّكْعَةُ عِنْدَ الْقَطْعِ أَمَّا فِي صُورَةِ عَدَمِ الْقُعُودِ فَيَبْطُلُ أَصْلًا بِتَرْكِ الْقُعُودِ فَلَا مُخَالَفَةَ لِأَصْلِهِمَا لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْقُعُودِ الْأَخِيرِ فَافْتَرَقَا تَأَمَّلْ.
(وَإِنْ قَعَدَ) قَدْرَ التَّشَهُّدِ (فِي) الرَّكْعَةِ (الرَّابِعَةِ ثُمَّ قَامَ) سَهْوًا (عَادَ) إلَى الْقُعُودِ (وَسَلَّمَ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ حَالَ الْقِيَامِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ (مَا لَمْ يَسْجُدْ) فِي الْخَامِسَةِ.
(وَإِنْ سَجَدَ تَمَّ فَرْضُهُ) لِأَنَّ الْفَائِتَةَ عَنْهُ إصَابَةُ لَفْظِ السَّلَامِ فِي الْأَخِيرَةِ وَهُوَ لَيْسَ بِفَرْضٍ عِنْدَنَا (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) رَاجِعٌ إلَى كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا عَادَ وَسَلَّمَ فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ أَخَّرَ الْوَاجِبَ وَهُوَ السَّلَامُ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِجَبْرِ نُقْصَانِ النَّفْلِ بِالدُّخُولِ فِيهِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمَسْنُونِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِنُقْصَانِ الْفَرْضِ بِتَرْكِ السَّلَامِ مِنْهُ.
وَقَالَ الْمَاتُرِيدِيُّ: الْأَصَحُّ أَنْ يَجْعَلَ السُّجُودَ جَبْرًا لِلنَّقْصِ الْمُتَمَكِّنِ فِي الْإِحْرَامِ فَيَنْجَبِرُ النَّقْصُ الْمُتَمَكِّنُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ جَمِيعًا.
(وَيَضُمُّ سَادِسَةً) هَذَا الضَّمُّ آكَدُ مِنْ الْأَوَّلِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ إنْ شَاءَ (وَالرَّكْعَتَانِ نَفْلٌ) إنْ كَانَ الْفَرْضُ رُبَاعِيًّا لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام نَهَى عَنْ الْبُتَيْرَاءِ» (وَلَا عُهْدَةَ لَوْ قَطَعَ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ ظَانٌّ فِيهَا لَكِنَّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُضِيفَ سَادِسَةً وَكَلِمَةُ عَلَى لِلْإِيجَابِ إلَّا أَنْ يُقَالَ كَلِمَةُ عَلَى تُسْتَعْمَلُ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْآكَدِيَّةِ لَا لِلْإِيجَابِ وَلَكِنْ خِلَافُ الظَّاهِرِ تَدَبَّرْ (وَلَا تَنُوبَانِ عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ) عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى السُّنَّةِ إنَّمَا كَانَتْ بِتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ (وَمَنْ اقْتَدَى بِهِ) أَيْ بِالسَّاهِي (فِيهِمَا) أَيْ فِي إحْدَى هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ (صَلَّاهُمَا فَقَطْ) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ هَذَا قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا اسْتَحْكَمَ خُرُوجُهُ عَنْ الْفَرْضِ فَصَارَ كَتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ.
(وَلَوْ أَفْسَدَ) الْمُقْتَدِي إيَّاهُمَا (قَضَاهُمَا) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ السُّقُوطَ بِعَارِضٍ يَخُصُّ الْإِمَامَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَا نَصَّ عَنْ الْإِمَامِ لَكِنْ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ أَنَّ هَذَا قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.
(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُصَلِّي سِتًّا) وَهُوَ أَقْيَسُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْكَافِي لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَعَ فِي تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ لَزِمَهُ مَا أَدَّى بِهِ الْإِمَامُ وَقَدْ أَدَّى سِتًّا (وَلَا قَضَاءَ) عَلَى الْمُقْتَدِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ (لَوْ أَفْسَدَ) اعْتِبَارًا بِالْإِمَامِ.
(وَلَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ فِي شَفْعِ التَّطَوُّعِ لَا يَبْنِي) شَفْعًا آخَرَ (عَلَيْهِ) كَيْ لَا يَقَعُ سُجُودُهُ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ إذْ السَّجْدَةُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ لَمْ تُشْرَعْ.
(وَلَوْ بَنَى صَحَّ) لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ وَيُعِيدُ سُجُودَ السَّهْوِ فِي الْمُخْتَارِ وَفِي السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبِنَاءُ.
(وَسَلَامُ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ) خُرُوجًا (مَوْقُوفًا) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (إنْ سَجَدَ) لِلسَّهْوِ (عَادَ إلَيْهَا) أَيْ إلَى الصَّلَاةِ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ (لَا) أَيْ لَا يَعُودُ إلَيْهَا لِأَنَّ السَّلَامَ مُحَلِّلٌ وَالْحَاجَةَ إلَى أَدَاءِ السُّجُودِ مَانِعَةٌ عَنْ التَّحْلِيلِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ سُجُودٌ عَمِلَ السَّلَامُ عَمَلَهُ (فَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ سَلَامِهِ) الْأَوَّلُ قَبْلَ سُجُودِ السَّهْوِ لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ مِنْ حِينِ سَلَّمَ وَتَنْقَطِعُ بِهِ التَّحْرِيمَةُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (وَيَصِيرُ فَرْضُهُ) أَيْ فَرْضُ الْمُسَافِرِ (أَرْبَعًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
(وَيَبْطُلُ وُضُوءُهُ بِقَهْقَهَةٍ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (إنْ سَجَدَ) لِلسَّهْوِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلسَّهْوِ (فَلَا) أَقُولُ فِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ لِلْجَمِيعِ مِنْ قَوْلِهِ فَيَصِحُّ إلَى هُنَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ السَّلَامِ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِأَنَّ السَّجْدَةَ لِلسَّهْوِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ لَمْ تُشْرَعْ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا فَلَا يَتَغَيَّرُ فَرْضُهُ أَرْبَعًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَكَذَا لَا يَبْطُلُ وُضُوءُهُ بِقَهْقَهَةٍ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهَا لَمْ تُصَادِفْ حُرْمَةَ الصَّلَاةِ إذْ الْقَهْقَهَةُ قَاطِعَةٌ لِلتَّحْرِيمَةِ لِأَنَّهَا كَلَامٌ فَيَتَحَقَّقُ خُرُوجُهُ عَنْ الصَّلَاةِ فَكَيْفَ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَلْ قَيَّدَ لِقَوْلِهِ فَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ سَلَامِهِ فَقَطْ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ لَمْ تُسَاعِدْهُ بَلْ هُوَ سَهْوٌ تَتَبَّعْ فَإِنَّهُ مِنْ مَزَالِقِ الْأَقْدَامِ.
(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) وَزُفَرٍ (لَا يُخْرِجُهُ) أَصْلًا لِأَنَّ السُّجُودَ وَجَبَ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي إحْرَامِ الصَّلَاةِ لِيَتَحَقَّقَ الْجَبْرُ (فَتَثْبُتُ الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ) مِنْ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَصَيْرُورَةِ فَرْضِهِ أَرْبَعًا وَبُطْلَانِ وُضُوئِهِ بِقَهْقَهَةٍ (سَجَدَ أَوْ لَا) أَيْ سَوَاءٌ سَجَدَ لِلسَّهْوِ أَوْ لَا لَكِنْ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ بَلْ يَتْرُكُهُ وَيَقُومُ لِأَنَّهُ لَوْ سَجَدَ لَبَطَلَ سُجُودُهُ لِوُقُوعِهِ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ.
(وَلَوْ سَلَّمَ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ بِنِيَّةِ أَنْ لَا يَسْجُدَ بَطَلَتْ نِيَّتُهُ) لِأَنَّهَا غَيْرُ الْمَشْرُوعِ فَلَغَتْ كَنِيَّةِ الظُّهْرِ سِتًّا (وَلَهُ أَنْ يَسْجُدَ) لِلسَّهْوِ لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ مَا لَمْ يَفْعَلْ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ.
(وَإِنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ) أَنَّهُ (كَمْ صَلَّى إنْ كَانَ أَوَّلَ مَا عَرَضَ لَهُ) فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْفَضْلِ.
وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ: إنْ كَانَ أَوَّلَ مَا وَقَعَ لَهُ فِي عُمْرِهِ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: إنْ كَانَ السَّهْوُ لَيْسَ بِعَادَةٍ لَهُ وَهُوَ أَشْبَهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ (اسْتَقْبَلَ) ثُمَّ الِاسْتِقْبَالُ لَا يُتَصَوَّرُ