الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ الْمُحَرَّمَاتِ]
لَمَّا كَانَتْ الْمُحَلَّلَةُ شَرْطًا مِنْ شَرَائِطِ النِّكَاحِ احْتَاجَ أَنْ يُبَيِّنَ الْمُحَرَّمَاتِ فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ لِيَمْتَازَ بِمَعْرِفَتِهَا الْمُحَلَّلَاتُ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ يُمْكِنُ حَصْرُهُنَّ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَا عَدَاهُ يَحِلُّ وَأَسْبَابُ حُرْمَتِهِنَّ تَتَنَوَّعُ إلَى تِسْعَةِ أَنْوَاعٍ: الْقَرَابَةُ وَالْمُصَاهَرَةُ وَالرَّضَاعُ وَالْجَمْعُ وَتَقْدِيمُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ وَقِيَامُ حَقِّ الْغَيْرِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ عِدَّةٍ وَالشِّرْكُ وَمِلْكُ الْيَمِينِ وَالطَّلَاقُ الثَّلَاثَةُ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمَتْنِ مُفَصَّلًا (يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أُمُّهُ وَجَدَّتُهُ وَإِنْ عَلَتْ) فَاسِدَةً كَانَتْ، أَوْ صَحِيحَةً (وَبِنْتُهُ وَبِنْتُ وَلَدِهِ) ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى (وَإِنْ سَفَلَتْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: 23] فَثَبَتَتْ حُرْمَةُ الْجَدَّاتِ وَالْبَنَاتِ بِالنَّصِّ لِأَنَّ الْأُمَّ الْأَصْلُ فِي اللُّغَةِ وَالْبِنْتَ هِيَ الْفَرْعُ وَمِنْهُ يُقَالُ لِمَكَّةَ: أُمُّ الْقُرَى وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران: 7] إلَّا أَنَّ الْأَوْهَامَ تَتَصَرَّفُ إلَى الْأَقْرَبِ الْمَعْرُوفِ فَعَلَى هَذَا يَتَنَاوَلُ النَّصُّ الْجَدَّاتِ وَالْبَنَاتِ حَقِيقَةً فَيَكُونُ الِاسْمُ مِنْ قَبِيلِ الْمُشَكِّكِ، أَوْ بِالْإِجْمَاعِ وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي حُرْمَةِ بَنَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ لَمْ يَثْبُتْ إطْلَاقُ لَفْظِ الْبِنْتِ عَلَى الْفَرْعِ حَقِيقَةً أَوْ بِدَلَالَةِ النَّصِّ، أَوْ بِعُمُومِ الْمَجَازِ وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي إضَافَةِ التَّحْرِيمِ إلَى الْأَعْيَانِ فَقِيلَ مَجَازٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ وَرَجَّحُوا كَوْنَهُ حَقِيقَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ نِكَاحُ أُمِّهِ وَالْحُرْمَةُ تَجُوزُ أَنْ تُفَسَّرَ بِالْبُطْلَانِ وَالْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي بَابِ النِّكَاحِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَمَا فِي الْعِمَادِيِّ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي نِكَاحِ الْمَحَارِمِ أَنَّهُ بَاطِلٌ وَفَاسِدٌ لَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ.
(وَ) يَحْرُمُ (أُخْتُهُ) لِأَبٍ وَأَمٍّ، أَوْ لِأَحَدِهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَخَوَاتُكُمْ} [النساء: 23] (وَبِنْتُهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: 23](وَابْنَةُ أَخِيهِ) لِأَبٍ وَأَمٍّ، أَوْ لِأَحَدِهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبَنَاتُ الأَخِ} [النساء: 23] .
(وَإِنْ سَفَلْنَ) لِعُمُومِ الْمَجَازِ، أَوْ دَلَالَةِ النَّصِّ، أَوْ الْإِجْمَاعِ كَمَا بَيَّنَّاهُ (وَعَمَّتُهُ وَخَالَتُهُ) لِأَبٍ وَأَمٍّ، أَوْ لِأَحَدِهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ} [النساء: 23] وَتَدْخُلُ فِي الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ أَوْلَادُ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَإِنْ عَلَوْا، وَكَذَا عَمَّةُ جَدِّهِ وَخَالَتُهُ وَعَمَّةُ جَدَّتِهِ وَخَالَتُهَا.
وَفِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ عَمَّةَ الْعَمَّةِ لَا تَحْرُمُ إنْ كَانَتْ عَمَّتُهُ أُخْتًا لِأَبِيهِ مِنْ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ وَكَذَا الْخَالَةُ لِأَبٍ لَا تَحْرُمُ خَالَتُهَا كَبَنَاتِ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالِ وَالْخَالَةِ (وَأَمُّ امْرَأَتِهِ) حَرَامٌ (مُطْلَقًا) أَيْ لَمْ يُقَيَّدْ بِشَرْطِ الدُّخُولِ بِالْمَرْأَةِ بَلْ تَحْرُمُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] وَتَدْخُلُ فِي الْأُمَّهَاتِ جَدَّاتُهَا مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا، أَوْ أُمِّهَا وَإِنْ عَلَوْنَ فَمَنْ قَيَّدَهُ بِشَرْطِ الدُّخُولِ فَقَدْ غَيَّرَ النَّصَّ بِلَا دَلِيلٍ وَلَا يُقَالُ أَنَّ الْكَلِمَاتِ الْمَعْطُوفَةَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ إذَا ذُكِرَ فِي آخِرِهَا شَرْطٌ يَنْصَرِفُ إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَقَدْ شُرِطَ الدُّخُولُ فِي الْمَعْطُوفِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَهِيَ وَرَبَائِبُكُمْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَعْطُوفِ لَيْسَ شَرْطًا؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ اسْمُ الْمَعْدُومِ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ بَلْ وَصْفُهَا بِصِفَةٍ مُتَحَقِّقَةٍ فِي الْحَالِ وَهِيَ أَنْ تَكُونَ مِنْ نِسَاءٍ دَخَلَ بِهِنَّ فَيَكُونُ هَذَا تَحْرِيمَ شَخْصٍ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ مَعْطُوفًا عَلَى شَخْصٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ
وَعَطْفُ الْمَوْصُوفِ عَلَى غَيْرِ الْمَوْصُوفِ لَا يَقْتَضِي ذِكْرَ الصِّفَةِ فِي غَيْرِ الْمَوْصُوفِ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يَعُودُ إلَى الْجَمِيعِ إذَا أَمْكَنَ وَلَمْ يُمْكِنْ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَصِيرَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ مَعْمُولًا بِعَامِلَيْنِ وَذَا لَا يَجُوزُ (وَبِنْتُ امْرَأَةٍ دَخَلَ بِهَا)، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَلَّ لَهُ تَزَوُّجُ الرَّبِيبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23] وَالدُّخُولُ كِنَايَةٌ عَنْ الْجِمَاعِ وَذِكْرُ الْحِجْرِ فِي الْآيَةِ أُخْرِجَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ لَا لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهِ وَتَدْخُلُ فِي الرَّبِيبَةِ بَنَاتُهَا وَبَنَاتُ أَبْنَائِهَا وَإِنْ سَفَلْنَ (وَامْرَأَةُ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا) أَيْ امْرَأَةُ أَجْدَادِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ.
وَفِي الشُّمُنِّيِّ: وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ الْأَبَ وَطِئَهَا وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ جَارِيَةٌ وَقَالَ قَدْ وَطِئْتُهَا لَا يَحِلُّ لِابْنِهِ وَطْؤُهَا وَلَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ يَحِلُّ إلَّا أَنْ يُصْدِقَ أَبَاهُ.
(وَ) امْرَأَةُ (ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ) دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: 23] وَذَكَرَ الْأَصْلَابَ لِإِخْرَاجِ ابْنِ الْمُتَبَنَّى فَإِنَّ حَلِيلَتَهُ لَا تَحْرُمُ لَا لِإِحْلَالِ حَلِيلَةِ الِابْنِ مِنْ الرَّضَاعِ لِأَنَّهَا حَرَامٌ.
(وَ) يَحْرُمُ (الْكُلُّ) أَيْ كُلُّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ (رَضَاعًا) فَيَكُونُ مَفْعُولًا لَهُ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّهُ يَحِلُّ أُخْتُ وَلَدِهِ وَأُمُّ أَخِيهِ وَأُخْتِهِ وَجَدَّةُ وَلَدِهِ رَضَاعًا وَيَحْرُمُ نَسَبًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى لَكِنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ قَالُوا لَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ حُرِّمَ فِي النَّسَبِ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِيهِ وَيَحْرُمُ فَرْعُ الْمُزَنِيَّةِ رَضَاعًا، وَكَذَا فَرْعُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْمَسَّةِ وَالْمَنْظُورِ إلَى فَرْجِهَا الدَّاخِلِ بِشَهْوَةٍ وَأَصْلُهُنَّ رَضَاعًا.
(وَ) يَحْرُمُ (الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) وَلَوْ رَضَاعًا (نِكَاحًا) أَيْ مِنْ جِهَةِ النِّكَاحِ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: 23](وَلَوْ فِي عِدَّةٍ مَنْ بَائِنٍ) ؛ لِقِيَامِ النِّكَاحِ بِقِيَامِ حُقُوقِهِ (أَوْ رَجْعِيٍّ) ؛ لِأَنَّ قِيَامَ الْحُقُوقِ فِيهِ أَظْهَرُ فَيَكُونُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَلَوْ اقْتَصَرَ بِالْأَوَّلِ لَكَانَ أَخْصَرَ هَذَا فِي الْبَيْنُونَةِ أَمَّا لَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا بَعْدَ يَوْمٍ جَازَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ فَتَزَوَّجَ الْخَامِسَةَ بَعْدَ يَوْمٍ جَازَ (أَوْ وَطْئًا) احْتِرَازًا عَنْ الْجَمْعِ بِمِلْكِ يَمِينٍ بِدُونِ الْوَطْءِ (بِمِلْكِ يَمِينٍ) سَوَاءٌ كَانَتَا مَمْلُوكَتَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مَنْكُوحَةً لِعُمُومِ آيَةِ الْجَمْعِ (فَلَوْ تَزَوَّجَ) بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ تَفْرِيعٌ لِمَا قَبْلَهُ (أُخْتَ أَمَتِهِ الَّتِي وَطِئَهَا) صَحَّ النِّكَاحُ لِصُدُورِ رُكْنِ التَّصَرُّفِ مِنْ الْأَهْلِ مُضَافًا إلَى الْمَحَلِّ لَكِنْ (لَا يَطَأُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا
حَتَّى يُحْرِمَ) بِالتَّخْفِيفِ الْمَرْأَةَ (الْأُخْرَى) ، فَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً فَحُرْمَتُهَا بِالطَّلَاقِ، أَوْ الْخُلْعِ، أَوْ الرِّدَّةِ مَعَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ مَمْلُوكَةً فَحُرْمَتُهَا بِالشِّرَاءِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا، أَوْ بِالْإِعْتَاقِ أَوْ التَّزْوِيجِ، أَوْ الْكِتَابَةِ مَعَ الِاسْتِبْرَاءِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ تَحِلُّ الْمَنْكُوحَةُ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْمَوْقُوفَةِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ وَطْئِهَا قَدْ ثَبَتَتْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِ حَقِّ التَّحْرِيمِ.
(وَلَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدَيْنِ) مُتَعَاقِبَيْنِ إذْ لَوْ كَانَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، أَوْ بِعَقْدَيْنِ مَعًا بَطَلَا يَقِينًا وَلَمْ تَسْتَحِقَّ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ إلَّا مَنْ وَطِئَهَا فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى مِنْ مَهْرِ الْمِثْل وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ (وَلَمْ تُعْلَمْ الْأُولَى) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عُلِمَتْ فَالْعَقْدُ الْأَوَّلُ جَائِزٌ وَالثَّانِي فَاسِدٌ (فَرَّقَ) أَيْ فَرَّقَ الْقَاضِي وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ طَلَاقٌ حَتَّى يَنْقُصَ الْعَدَدُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَى التَّعْيِينِ لِعَدَمِ الْأَوَّلِيَّةِ وَلَا لِلتَّصْحِيحِ فِي إحْدَاهُمَا لَا بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ الَّتِي هِيَ حِلُّ الْقُرْبَانِ لِلزَّوْجِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ مَعَ الْجَهَالَةِ وَلِلضَّرَرِ فِي حَقِّهِمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَبْقَى مُعَلَّقَةً لَا ذَاتَ زَوْجٍ وَلَا مُطَلَّقَةً فَتَعَيَّنَ التَّفْرِيقُ.
وَفِي الدِّرَايَةِ لَوْ زَنَى بِإِحْدَى الْأُخْتَيْنِ لَا يَقْرَبُ الْأُخْرَى حَتَّى تَحِيضَ الْأُخْرَى بِحَيْضَةٍ (وَلَهُمَا) أَيْ لِلْأُخْتَيْنِ (نِصْفُ مَهْرٍ) إنْ كَانَ مَهْرَاهُمَا مُتَسَاوِيَيْنِ وَهُوَ مُسَمًّى فِي الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ يُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِرُبْعِ مَهْرِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى فَالْوَاجِبُ مُتْعَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمَا بَدَلًا عَنْ نِصْفِ الْمَهْرِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْفُرْقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا الْأُولَى وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا أَمَّا إذَا قَالَتْ لَا نَدْرِي أَيَّ النِّكَاحَيْنِ أَوَّلَ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا مَا لَمْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَخْذِ نِصْفِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ وَجَبَ لِمَجْهُولَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الدَّعْوَى وَالِاصْطِلَاحِ لِيُقْضَى بِهِمَا وَأَمَّا إذَا بَرْهَنَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَى السَّبْقِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ بَيْنَهُمَا بِالِاتِّفَاقِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ الْقَضَاءِ لِجَهَالَةِ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرٌ تَامٌّ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِصِحَّةِ نِكَاحِ إحْدَاهُمَا وَالنِّكَاحُ الصَّحِيحُ يُوجِبُ كَمَالَ الْمَهْرِ كَمَا فِي الْكَافِي لَكِنَّ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ إنَّمَا يُوجِبُ كَمَالَ الْمَهْرِ إذَا دَخَلَ بِهَا، أَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّفْرِيقِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلِذَا وَجَبَ نِصْفُ الْمَهْرِ بَيْنَهُمَا؛ إذْ كَمَالُ الْمَهْرِ فِي صُورَةِ الِاصْطِلَاحِ، أَوْ فِي صُورَةِ ادِّعَاءِ الْأَوَّلِيَّةِ بِلَا بَيِّنَةٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلَّلَ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَمَّا بَرْهَنَتْ وَاسْتَحَقَّتْ نِصْفَ الْمَهْرِ لَزِمَ كَمَالُ الْمَهْرِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
(وَ) يَحْرُمُ (الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لَوْ فُرِضَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى) سَوَاءٌ كَانَتْ لِنَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، أَوْ خَالَتِهَا أَوْ بِنْتِ أُخْتِهَا، أَوْ بِنْتِ أَخِيهَا وَلَا بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَّةٌ لِلْأُخْرَى وَلَا بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا خَالَةٌ لِلْأُخْرَى لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا وَلَا عَلَى ابْنَةِ أَخِيهَا وَلَا عَلَى ابْنَةِ أُخْتِهَا»
وَهَذَا الْحَدِيثُ يَصْلُحُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَخْصُوصَةٌ بِالْبِنْتِ وَالْعَمَّةِ مِنْ الرَّضَاعِ وَبِالْمُشْرِكَةِ فَيَجُوزُ تَخْصِيصُهَا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مَعَ أَنَّهُ مَشْهُورٌ.
وَفِي الْبَحْرِ وَالْمُرَادُ بِالْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةُ أَمَّا الْمُؤَقَّتَةُ فَلَا تَمْنَعُ وَلِذَا لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً، ثُمَّ لَوْ تَزَوَّجَ سَيِّدَتَهَا جَازَ؛ لِأَنَّهَا حُرْمَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بِزَوَالِ مِلْكِ الْيَمِينِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ تَزَوُّجُ السَّيِّدَةَ عَلَيْهَا نَظَرًا إلَى مُطْلَقِ الْحُرْمَةِ (بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَبِنْتِ زَوْجِهَا) فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ أَمَّا لَوْ فُرِضَتْ بِنْتُ زَوْجٍ ذَكَرًا كَانَ ابْنَ الزَّوْجِ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةُ أَبِيهِ (لَا مِنْهَا) .
وَقَالَ الْبَاقَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الْبَهْنَسِيِّ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إذْ بِنْتُ الزَّوْجِ لَا تَكُونُ مِنْهَا بَلْ يُوهِمُ جَوَازَ الْجَمْعِ إنْ كَانَتْ مِنْهَا انْتَهَى، لَكِنْ فِي الْإِبْهَامِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ ذَكَرَ حُرْمَةَ الْجَمْعِ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَبِنْتِهَا آنِفًا وَالْمَفْهُومُ لَا يُعَارِضُ الْمَنْطُوقَ، تَدَبَّرْ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَلَى صِيغَةِ الْحَصْرِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَامْرَأَةِ ابْنِهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ فُرِضَتْ ذَكَرًا لَحَرُمَ عَلَيْهِ التَّزَوُّجُ بِامْرَأَةِ ابْنِهِ وَلَوْ فُرِضَتْ امْرَأَةُ الِابْنِ ذَكَرًا لَجَازَ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا كَمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ ابْنَتَيْ الْعَمَّيْنِ، أَوْ الْعَمَّتَيْنِ أَوْ الْخَالَيْنِ، أَوْ الْخَالَتَيْنِ قَالُوا وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً وَيَتَزَوَّجَ ابْنُهُ أُمَّهَا، أَوْ بِنْتَهَا.
(وَالزِّنَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ) حَتَّى لَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُصُولُهَا وَفُرُوعُهَا وَحُرِّمَتْ الْمُزَنِيَّةُ عَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، وَلَا تَحْرُمُ أُصُولُهَا وَفُرُوعُهَا عَلَى ابْنِ الْوَاطِئِ وَأَبِيهِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ لِلسَّرَخْسِيِّ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُوجِبُهَا؛ لِأَنَّ الْمُصَاهَرَةَ نِعْمَةٌ فَلَا تُنَالُ بِحَرَامٍ.
وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ، لَنَا عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] وَلِأَنَّ كُلَّ تَحْرِيمٍ تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ الْحَرَامِ وَلِأَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ كَالْحَلَالِ وَفِيهِ رَمْزٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَتَاهَا فِي دُبُرِهَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ فُرُوعُهَا عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِطْلَاقِهِ بَلْ لَوْ أَتَاهَا فِي دُبُرِهَا فَأَنْزَلَ أَمَّا إذَا لَمْ يُنْزِلْ فَتَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ اللَّمْسَ بِشَهْوَةٍ يُوجِبُهَا إذَا لَمْ يُنْزِلْ فَالْإِتْيَانُ فِي دُبُرِهَا يُوجِبُهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مَعَ عَدَمِ الْإِنْزَالِ فَعَلَى هَذَا لَوْ وَطِئَهَا فَأَفْضَاهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ أُمُّهَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِ كَوْنِهِ فِي الْفَرْجِ إلَّا إذَا حَبِلَتْ وَعُلِمَ كَوْنُهُ مِنْهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ كُرِهَ لَهُ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ التَّنَزُّهُ أَحَبُّ إلَيَّ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يُوجِبُهَا مُطْلَقًا وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيّ.
(وَكَذَا) يُوجِبُهَا (الْمَسُّ) وَلَوْ بِحَائِلٍ وَوُجِدَ حَرَارَةُ الْمَمْسُوسِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا، أَوْ خَطَأً أَوْ كُرْهًا حَتَّى لَوْ أَيْقَظَ زَوْجَتَهُ لِيُجَامِعَهَا فَوَصَلَتْ يَدُهُ ابْنَتَهُ مِنْهَا فَقَرَصَهَا بِشَهْوَةٍ وَهِيَ مِمَّنْ تُشْتَهَى لِظَنِّ أَنَّهَا أُمَّهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْأُمُّ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً وَلَكَ أَنْ تُصَوِّرَهَا مِنْ جَانِبِهَا بِأَنْ أَيْقَظَتْهُ هِيَ كَذَلِكَ فَقَرَصَتْ ابْنَهُ مِنْ غَيْرِهَا، وَفِي مَسِّ الشَّعْرِ رِوَايَتَانِ
وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مُشْتَهَاةً حَالًا، أَوْ مَاضِيًا فَتَثْبُتُ بِمَسِّ الْعَجُوزِ بِشَهْوَةٍ وَلَا تَثْبُتُ بِمَسِّ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَالْمَسُّ شَامِلٌ لِلتَّفْخِيذِ وَالتَّقْبِيلِ وَالْمُعَانَقَةِ لَكِنَّ ثُبُوتَ الْحُرْمَةِ بِالْمَسِّ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَصْدُقَهَا الرَّجُلُ أَنَّهُ بِشَهْوَةٍ فَإِنَّهُ لَوْ كَذَبَهَا وَأَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَمْ تَحْرُمْ، وَفِي التَّقْبِيلِ وَالْمُعَانَقَةِ حَرُمَتْ مَا لَمْ يَظْهَرْ عَدَمُ الشَّهْوَةِ كَمَا فِي حَالَةِ الْخُصُومَةِ وَيَسْتَوِي فِيهَا أَنْ يُقَبِّلَ الْفَمَ أَوْ الذَّقَنَ، أَوْ الْخَدَّ، أَوْ الرَّأْسَ وَقِيلَ إنْ قَبَّلَ الْفَمَ يُفْتَى بِهَا وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ بِلَا شَهْوَةٍ وَإِنْ قَبَّلَ غَيْرَهُ لَا يُفْتَى بِهَا إلَّا إذَا ثَبَتَتْ الشَّهْوَةُ (بِشَهْوَةٍ) فَلَوْ مَسَّ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ ثُمَّ اشْتَهَى عَنْ ذَلِكَ الْمَسِّ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَمَا ذُكِرَ فِي حَدِّ الشَّهْوَةِ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنْ تَنْتَشِرَ الْآلَةُ، أَوْ تَزْدَادَ انْتِشَارًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَبِهِ يُفْتَى فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ لَمْ يَشْتَرِطُوا سِوَى أَنْ يَمِيلَ إلَيْهَا بِالْقَلْبِ وَيَشْتَهِيَ أَنْ يُعَانِقَهَا.
وَفِي الْغَايَةِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَفَائِدَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِي الشَّيْخِ وَالْعِنِّينِ وَاَلَّذِي مَاتَتْ شَهْوَتُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَثْبُتُ وَعَلَى الثَّانِي تَثْبُتُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ هَذَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَأَمَّا فِي حَقِّ النِّسَاءِ فَالِاشْتِهَاءُ بِالْقَلْبِ (مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ) ، وَفِي الْمُضْمَرَاتِ أَنَّ شَهْوَةَ أَحَدِهِمَا كَافِيَةٌ إذَا كَانَ الْآخَرُ مَحَلَّ الشَّهْوَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا بَالِغَيْنِ.
(وَ) كَذَا يُوجِبُهَا (نَظَرُهُ إلَى فَرْجِهَا الدَّاخِلِ) وَهُوَ الْمُدَوَّرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَلَوْ مِنْ زُجَاجٍ، أَوْ مَاءٍ هِيَ فِيهِ بِخِلَافِ النَّظَرِ إلَى عَكْسِهِ فِي الْمِرْآةِ وَالْمَاءِ وَقِيلَ إلَى الْخَارِجِ وَهُوَ الطَّوِيلُ وَقِيلَ إلَى الْعَانَةِ وَهِيَ مَنَابِتُ الشَّعْرِ وَقِيلَ إلَى الشَّقِّ.
وَفِي النَّظْمِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ مُتَّكِئَةً وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قَاعِدَةً مُسْتَوِيَةً أَوْ قَائِمَةً فَلَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ عَلَى الصَّحِيحِ (وَ) كَذَا يُوجِبُهَا (نَظَرُهَا إلَى ذَكَرِهِ بِشَهْوَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالنَّظَرِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُوجِبُهَا؛ لِأَنَّ الْمَسَّ وَالنَّظَرَ لَيْسَا فِي مَعْنَى الدُّخُولِ وَلِهَذَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا فَسَادُ الصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ وَوُجُوبُ الِاغْتِسَالِ فَلَا يَلْحَقَانِ بِهِ وَلَنَا أَنَّهُمَا دَاعِيَانِ إلَى الْوَطْءِ فَيَقُومَانِ مَقَامَهُ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ احْتِيَاطًا (وَمَا) أَيْ صَغِيرَةٌ (دُونَ تِسْعِ سِنِينَ غَيْرُ مُشْتَهَاةٍ وَبِهِ يُفْتَى) أَمَّا بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ فَقَدْ تَكُونُ مُشْتَهَاةً وَقَدْ لَا تَكُونُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ مُشْتَهَاةٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَبِنْتُ خَمْسٍ غَيْرُ مُشْتَهَاةٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَبِنْتُ ثَمَانٍ، أَوْ سَبْعٍ، أَوْ سِتٍّ إنْ كَانَتْ ضَخْمَةً مُشْتَهَاةً وَإِلَّا فَلَا وَاعْلَمْ أَنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ تَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ وَإِنْ كَانَ بِطَرِيقِ الْهَزْلِ فِي الْمُخْتَارِ وَلَا يَصْدُقُ فِي تَكْذِيبِ نَفْسِهِ.
(وَلَوْ أَنْزَلَ مَعَ الْمَسِّ) ، أَوْ النَّظَرِ (لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِإِنْزَالِهِ أَنَّهُ غَيْرُ دَاعٍ إلَى الْوَطْءِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْجُزْئِيَّةِ وَ (هُوَ الصَّحِيحُ)