الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَلَوَاتٍ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ مَا لَمْ يَمْضِ مَكَانُ مَا لَمْ يَدْخُلْ لَكَانَ أَوْلَى تَأَمَّلْ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ حَصَلَ الْإِغْمَاءُ بِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ كَشُرْبِ الْخَمْرِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ اتِّفَاقًا وَلَوْ حَصَلَ بِالْبَنْجِ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَسْقُطُ وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا يَسْقُطُ.
[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]
لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقْتَرِنَ بِسُجُودِ السَّهْوِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَجْدَةٌ لَكِنْ لَمَّا كَانَ صَلَاةُ الْمَرِيضِ بِعَارِضٍ سَمَاوِيٍّ كَالسَّهْوِ ذُكِرَ عَقِيبَهُ لِشِدَّةِ الْمُنَاسَبَةِ فَتَأَخَّرَ هَذَا الْبَابُ ضَرُورَةً وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالسَّمَاعِ بَيَانًا لِلسَّبَبَيْنِ مَعَ أَنَّ السَّمَاعَ سَبَبٌ أَيْضًا لِأَنَّ التِّلَاوَةَ لَمَّا كَانَتْ سَبَبًا لِلسَّمَاعِ كَانَ ذِكْرُهَا مُشْتَمِلًا عَلَى السَّمَاعِ مِنْ وَجْهٍ فَاكْتَفَى بِهِ.
وَفِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ أَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّ السَّامِعِ التِّلَاوَةُ فِي الْأَصَحِّ بِشَرْطِ السَّمَاعِ فَلَا إشْكَالَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ إلَى السَّبَبِ الْخَاصِّ (يَجِبُ) أَيْ سُجُودُ التِّلَاوَةِ عِنْدَنَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ سُنَّةٌ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَرَأَ وَلَمْ يَسْجُدْ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا أَوْ عَلَى مَنْ تَلَاهَا» وَكَلِمَةُ عَلَى لِلْوُجُوبِ وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَأْخِيرِ الْأَدَاءِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ (عَلَى مَنْ تَلَا آيَةً) تَامَّةً أَوْ أَكْثَرَهَا أَوْ نِصْفَهَا مَعَ كَلِمَةِ السَّجْدَةِ عَلَى الْخِلَافِ وَلَوْ قَرَأَهَا وَحْدَهَا فَلَا تَجِبُ بِكِتَابَةٍ وَلَا بِقِرَاءَةِ هِجَاءٍ (مِنْ أَرْبَعَ عَشَرَ آيَةً فِي) آخِرِ (الْأَعْرَافِ) وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْآخِرِ لِأَنَّ مَا فِي أَوَّلِهِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلسَّجْدَةِ اتِّفَاقًا وَالْآخِرُ بِمَعْنَى النِّصْفِ الْآخِرِ فَلَا يَكُونُ الشَّيْءُ ظَرْفًا لِنَفْسِهِ وَالْأَعْرَافُ عَلَمٌ لِلسُّورَةِ ظَاهِرًا وَقَدْ جَوَّزَهُ سِيبَوَيْهِ كَمَا جَوَّزَ هُوَ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْعَلَمَ سُورَةُ الْأَعْرَافِ وَحَذْفُ الْجُزْءِ جَائِزٌ بِلَا الْتِبَاسٍ وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ بَاقِي السُّوَرِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَالرَّعْدِ وَالنَّحْلِ وَالْأَسْرَى وَمَرْيَمَ وَالْحَجِّ أَوَّلًا) أَيْ أَوَّلَ مَا ذُكِرَ فِيهِ السُّجُودُ لِأَنَّ مَا فِي الثَّانِيَةِ لِلصَّلَاةِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: فِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَانِ (وَالْفُرْقَانِ وَالنَّمْلِ وَالَمْ تَنْزِيلُ وَصِّ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ فِي سُورَةِ (ص) سَجْدَةٌ (وَفُصِّلَتْ) وَاخْتُلِفَ فِي مَوْضِعِ السَّجْدَةِ بِهِ فَعِنْدَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هُوَ قَوْلُهُ {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَعِنْدَ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَوْلُهُ لَا يَسْأَمُونَ فَأَخَذْنَا بِهِ احْتِيَاطًا فَإِنَّ تَأْخِيرَ السَّجْدَةِ جَائِزٌ لَا تَقْدِيمَهَا (وَالنَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَالْعَلَقِ) وَقَالَ مَالِكٌ: سُورَةُ النَّجْمِ وَمَا بَعْدَهَا لَيْسَتْ مِنْ مَوَاضِعِ السُّجُودِ.
(وَ) تَجِبُ (عَلَى مَنْ سَمِعَ وَلَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ فَهِمَ أَوْ لَا لَكِنْ فِي الْعَرَبِيَّةِ عَلَيْهِ السُّجُودُ بِكُلِّ حَالٍ وَفِي الْفَارِسِيَّةِ كَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا أَنَّ السَّامِعَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ قُرْآنٌ فَعَلَيْهِ السُّجُودُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا بُدَّ
أَنْ يَكُونَ السَّامِعُ أَهْلًا لِوُجُوبِ صَلَاةٍ عَلَيْهِ حَتَّى تَجِبَ عَلَى جُنُبٍ إذَا سَمِعَ هُوَ دُونَ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ كَمَا فِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ سَمِعَ مِنْ كَافِرٍ أَوْ صَبِيٍّ عَاقِلٍ أَوْ حَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ جُنُبٍ وَجَبَتْ وَلَوْ سَمِعَهَا مِنْ مَجْنُونٍ أَوْ نَائِمٍ لَا لِأَنَّ التِّلَاوَةَ صَدَرَتْ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ وَلَا تَمْيِيزٍ وَلَوْ قَرَأَهَا سَكْرَانُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ سَمِعَهَا مِنْهُ.
وَفِي الْفَتَاوَى إذَا سَمِعَهَا مِنْ مَجْنُونٍ تَجِبُ وَكَذَا مِنْ النَّائِمِ الْأَصَحُّ الْوُجُوبُ أَيْضًا انْتَهَى هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُحِيطِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ.
(وَعَلَى الْمُؤْتَمِّ بِتِلَاوَةِ إمَامِهِ) وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا بِأَنْ قَرَأَهَا الْإِمَامُ سِرًّا أَوْ جَهْرًا وَالْمَأْمُومُ بَعِيدٌ عَنْهُ أَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ قِرَاءَتِهَا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ يَلْزَمُ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالتَّبَعِ فَلَا تَجُوزُ.
(وَلَا يَجِبُ) السُّجُودُ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُؤْتَمِّ الْقَارِئِ وَلَا الْمُؤْتَمِّ الَّذِي هُوَ غَيْرُ ذَلِكَ الْمُؤْتَمِّ (بِتِلَاوَتِهِ) أَيْ بِتِلَاوَةِ الْمُؤْتَمِّ (أَصْلًا) لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا هَذَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَسْجُدُونَهَا إذْ فَرَغُوا وَأَمَّا مَا قَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ أَصْلًا لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا لَا عَلَى الْمُؤْتَمِّ وَلَا عَلَى الْإِمَامِ فَلَا يَخْلُو عَنْ قُصُورٍ تَدَبُّرٍ (إلَّا عَلَى سَامِعٍ لَيْسَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ) فَيَسْجُدُ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْحَجْرَ مِنْ السَّجْدَةِ عِنْدَ تِلَاوَةِ الْمُؤْتَمِّ إنَّمَا ثَبَتَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي فَلَا يَعْدُوهُمَا.
(وَلَوْ سَمِعَهَا الْمُصَلِّي مِمَّنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ لَا يَسْجُدُ فِي الصَّلَاةِ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ لِأَنَّ سَمَاعَهُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ.
(وَيَسْجُدُ بَعْدَهَا) لِتَحَقُّقِ سَبَبِهَا وَهُوَ السَّمَاعُ لِتِلَاوَةٍ صَحِيحَةٍ (فَإِنْ سَجَدَ فِيهَا لَا تَجُوزُ) فَيُعِيدُهَا لِأَنَّ فِعْلَهَا فِي الصَّلَاةِ وَقَعَ نَاقِصًا لِكَوْنِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ) وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ زِيدَتْ فِي الصَّلَاةِ كَزِيَادَةِ سَجْدَةٍ تَطَوُّعًا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
وَفِي النَّوَادِرِ تَفْسُدُ لِأَنَّهُ اشْتَغَلَ فِيهَا بِمَا يُفْعَلُ بَعْدَهَا.
(وَلَوْ سَمِعَهَا مِنْ إمَامٍ) قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ (فَاقْتَدَى بِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ) لِلتِّلَاوَةِ (سَجَدَ مَعَهُ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْمَعْهَا يَسْجُدُ مَعَهُ تَبَعًا لَهُ فَهَاهُنَا أَوْلَى.
(وَإِنْ اقْتَدَى بَعْدَ مَا سَجَدَ) الْإِمَامُ (فَإِنْ) كَانَ (فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ) الَّتِي تُلِيَتْ فِيهَا آيَةُ السَّجْدَةِ (لَا يَسْجُدُ أَصْلًا) وَلَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا لِأَنَّهُ صَارَ مُدْرِكًا لِلسَّجْدَةِ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ فَيَصِيرُ مُؤَدِّيًا لَهَا.
وَفِي الْخُلَاصَةِ مَنْ سَمِعَ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ سَجَدَ بَعْدَ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا.
(وَإِنْ فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ الَّتِي تُلِيَتْ فِيهَا آيَةُ السَّجْدَةِ (سَجَدَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ) لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ وَهُوَ السَّمَاعُ لِتِلَاوَةٍ صَحِيحَةٍ (كَمَا لَوْ لَمْ يَقْتَدِ) بِالْإِمَامِ بَعْدَمَا سَمِعَهَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُهَا لِتَقَرُّرِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ وَعَدَمِ الْمَانِعِ.
(وَلَا تَقْتَضِي الصَّلَاتِيَّةُ) لَحْنٌ وَالصَّوَابُ الصَّلَوِيَّةُ بِرَدِّ أَلِفِهِ وَاوًا وَحَذْفِ التَّاءِ لَكِنْ فِي الْعِنَايَةِ أَنَّهُ خَطَأٌ مُسْتَعْمَلٌ وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ خَيْرٌ مِنْ صَوَابٍ نَادِرٍ (خَارِجَهَا) لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ
أَفْضَلُ فَلَمْ يَجُزْ أَدَاؤُهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْكَامِلَ لَا يَتَأَدَّى بِالنَّاقِصِ إلَّا إذَا فَسَدَتْ الصَّلَاةُ فَيَسْجُدُ خَارِجَهَا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ وُجُوبَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُقْتَضَى فَأَسَاءَ بِتَرْكِهَا.
وَفِي الْخِزَانَةِ إنْ تَلَا آيَةَ سَجْدَةٍ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ فِي وَسَطِ الْقِرَاءَةِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَرْكَعَ أَوْ يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ فِي الْحَالِ غَيْرَ رُكُوعِ الصَّلَاةِ وَغَيْرَ سُجُودِهَا ثُمَّ يَقُومَ وَيَقْرَأَ وَيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَأَمَّا إنْ قَرَأَ بَعْدَهَا آيَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ لِصَلَاتِهِ جَازَ وَسَقَطَتْ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ عَنْهُ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَقْطَعُ الْفَوْرَ وَلَوْ رَكَعَ لِصَلَاتِهِ عَلَى الْفَوْرِ وَسَجَدَ تَسْقُطُ عَنْهُ السَّجْدَةُ نَوَى فِي السَّجْدَةِ التِّلَاوَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ تَتَأَدَّى بِسَجْدَةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لِلتِّلَاوَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرُّكُوعِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: لَا بُدَّ لِلرُّكُوعِ مِنْ النِّيَّةِ حَتَّى يَنُوبَ عَنْ السَّجْدَةِ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ وَإِنْ قَرَأَ بَعْدَ السَّجْدَةِ ثَلَاثَ آيَاتٍ وَرَكَعَ لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لَا يَنُوبُ الرُّكُوعُ عَنْ السَّجْدَةِ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ يَقْطَعُ الْفَوْرَ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: لَا يَقْطَعُ (تَلَاهَا) أَيْ آيَةَ السَّجْدَةِ وَلَمْ يَسْجُدْ (ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَأَعَادَهَا) أَيْ أَعَادَ تِلَاوَةَ تِلْكَ الْآيَةِ (وَسَجَدَ كَفَتْهُ عَنْ التِّلَاوَتَيْنِ) لِأَنَّ غَيْرَ الصَّلَاتِيَّةِ صَارَتْ تَبَعًا لِلصَّلَاتِيَّةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَسْجُدْ فِيهَا سَقَطَتْ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْإِعَادَةُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حَتَّى يَصِيرَ وِفَاقِيًّا وَإِلَّا يَنْبَغِي أَنْ يَتَدَاخَلَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي التَّسْهِيلِ.
وَفِي النَّوَادِرِ يَسْجُدُ أُخْرَى بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ لِأَنَّ لِلْأُولَى قُوَّةَ السَّبْقِ فَاسْتَوَتَا قُلْنَا: لِلثَّانِيَةِ قُوَّةُ اتِّصَالِ الْمَقْصُودِ فَتَرَجَّحَتْ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(وَإِنْ سَجَدَ لِلْأُولَى ثُمَّ شَرَعَ) فِي الصَّلَاةِ (وَأَعَادَهَا) فِي الصَّلَاةِ (يَسْجُدُ) مَرَّةً (أُخْرَى) لِأَنَّ الصَّلَاتِيَّةَ أَقْوَى فَلَا يَكُونُ تَبَعًا لِلْأَضْعَفِ.
(وَلَوْ كَرَّرَ) تِلَاوَةَ (آيَةٍ وَاحِدَةٍ) أَوْ سَمِعَهَا مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ (فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ كَفَتْهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ مَبْنَى السُّجُودِ عَلَى التَّدَاخُلِ مَا أَمْكَنَ وَإِمْكَانُهُ عَلَى اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ جَامِعًا لِلْمُتَفَرِّقَاتِ فِيمَا يَتَكَرَّرُ لِلْحَاجَةِ كَمَا فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَغَيْرِهِ وَالْقَارِئُ مُحْتَاجٌ إلَى التَّكْرَارِ لِلْحِفْظِ وَالتَّعْلِيمِ وَالِاعْتِبَارِ فَإِلْزَامُ التَّكْرَارِ فِي السَّجْدَةِ مُفْضٍ إلَى الْحَرَجِ لَا مَحَالَةَ وَهُوَ مَدْفُوعٌ وَالتَّدَاخُلُ قَدْ يَكُونُ فِي الْأَسْبَابِ بِأَنْ يَنُوبَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَمَّا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ أَلْيَقُ بِالْعِبَادَةِ لِأَنَّ تَرْكَهَا مَعَ وُجُودِ سَبَبِهَا شَنِيعٌ وَقَدْ يَكُونُ فِي الْأَحْكَامِ وَهُوَ أَلْيَقُ بِالْعُقُوبَاتِ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِلزَّجْرِ فَهُوَ يَنْزَجِرُ بِوَاحِدَةٍ فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الثَّانِيَةِ.
(وَإِنْ بَدَّلَهَا) أَيْ آيَةَ السَّجْدَةِ (أَوْ الْمَجْلِسَ لَا) أَيْ لَا تَكْفِيهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ الْمَجْلِسُ لَا يَخْتَلِفُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ وَلَا بِخُطْوَةٍ أَوْ خُطْوَتَيْنِ وَلَا بِالِانْتِقَالِ مِنْ زَاوِيَةٍ إلَى زَاوِيَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا كَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقِيلَ: خِلَافُهُ وَلَا يَأْكُلُ لُقْمَةً وَلَا يَشْرَبُ شَرْبَةً فَلَا يَلْزَمُ تَكْرَارُ السَّجْدَةِ بِتَكْرَارِهَا وَأَمَّا إذَا تَلَا فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ عَمِلَ كَثِيرًا أَوْ أَخَذَ فِي عَقْدِ بَيْعٍ ثُمَّ تَلَا فَتَلْزَمُهُ سَجْدَةٌ
أُخْرَى اسْتِحْسَانًا (وَتَسْدِيَةُ الثَّوْبِ) أَيْ تَسْوِيَةُ سَدَاهُ يَغْرِزُ فِي الْأَرْضِ خَشَبَاتٍ ثُمَّ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ مَعَ الْغَزْلِ لِيُسَوِّيَ السَّدَى (وَالدِّيَاسَةُ وَالِانْتِقَالُ مِنْ غُصْنِ) شَجَرَةٍ (إلَى) غُصْنٍ (آخَرَ) سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا (تَبْدِيلٌ) فَلَا تَكْفِي سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْمَكَانَ تَبَدَّلَ حَقِيقَةً وَقِيلَ: تَكْفِيهِ فِي الِانْتِقَالِ مِنْ غُصْنٍ إلَى غُصْنٍ آخَرَ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِأَصْلِ الشَّجَرِ وَهُوَ وَاحِدٌ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ السِّبَاحَةُ فِي الْمَاءِ وَلَوْ كَرَّرَهَا عَلَى الدَّابَّةِ وَهِيَ تَسِيرُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ تَتَكَرَّرُ السَّجْدَةُ لِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ يُضَافُ إلَى رَاكِبِهَا وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكْرَارِهَا فِي السَّفِينَةِ لِأَنَّ سَيْرَ السَّفِينَةِ غَيْرُ مُضَافٍ إلَى رَاكِبِهَا وَإِنَّمَا جَرَيَانُهَا بِالْمَاءِ وَالرِّيحِ فَصَارَ عَيْنُ السَّفِينَةِ مَكَانَ رَاكِبِهَا وَأَنَّهُ مُتَّحِدٌ.
وَلَوْ كَرَّرَ الْمُصَلِّي فِي رَكْعَةٍ كَفَتْهُ سَجْدَةٌ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا لِاتِّحَادِ الْمَجْلِسِ وَلَوْ فِي رَكْعَتَيْنِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.
(وَلَوْ تَبَدَّلَ مَجْلِسُ السَّامِعِ تَكَرَّرَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ وَإِنْ اتَّحَدَ مَجْلِسُ التَّالِي) بِاتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ لِأَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّهِ السَّمَاعُ عَلَى مَا قِيلَ وَمَجْلِسُهُ مُتَعَدِّدٌ.
(وَإِنْ تَبَدَّلَ مَجْلِسُ التَّالِي وَاتَّحَدَ مَجْلِسُهُ لَا) أَيْ لَا يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَفِي السِّرَاجِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لَكِنْ هَذَا عَلَى أَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّ السَّامِعِ هُوَ السَّمَاعُ لَا التِّلَاوَةُ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّ السَّامِعِ التِّلَاوَةُ أَيْضًا وَالسَّمَاعُ شَرْطٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي التَّكْرَارِ وَعَدَمِهِ تَبَدُّلُ مَجْلِسِ التَّالِي وَعَدَمُهُ كَمَا فِي الْمِنَحِ.
(وَكَيْفِيَّتُهُ) أَيْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ (أَنْ يَسْجُدَ بِشَرَائِطِ الصَّلَاةِ) اعْتِبَارًا بِسَجْدَةِ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَإِنَّهُ يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ (بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ) وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْوَضْعِ وَأُخْرَى عِنْدَ الرَّفْعِ (مِنْ غَيْرِ رَفْعِ يَدٍ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقُولُ: إنَّهَا عِبَادَةٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا فَاعْتُبِرَ لَهَا مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ هُوَ السُّجُودُ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا بِالرَّأْيِ (وَلَا تَشَهُّدٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ إلَّا فِي الْقُعُودِ وَلَا قُعُودَ عَلَيْهِ.
(وَلَا سَلَامٍ) لِأَنَّهُ لِلتَّحْلِيلِ وَهُوَ يَقْتَضِي سَبْقَ التَّحْرِيمَةِ وَهِيَ مُنْعَدِمَةٌ فَإِذَا أَرَادَ السُّجُودَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقُومَ فَيَسْجُدُ لِأَنَّهُ مَأْثُورٌ.
(وَكُرِهَ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً وَيَدَعَ آيَةَ السَّجْدَةِ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِنْكَافَ عَنْهَا وَذَا لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ (لَا عَكْسُهُ) وَهُوَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَيَدَعَ مَا سِوَاهَا لِأَنَّهُ مُبَادِرٌ إلَيْهَا حَتَّى قِيلَ مَنْ قَرَأَ آيَ السَّجْدَةِ كُلَّهَا فِي مَجْلِسٍ سَجَدَ لِكُلٍّ كَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا أَهَمَّهُ.
(وَنُدِبَ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ قَبْلَهَا) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى إيهَامِ تَفْضِيلِ آيَةٍ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَبْلِهَا لِمُوَافَقَةِ عِبَارَةِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ