الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ لَكِنَّ الْأَحْوَطَ مَا فِي الْكَافِي أَنَّ الْأَيَّامَ تَابِعَةٌ لِلَّيَالِيِ وَمِنْ الظَّنِّ تَرْجِيحُ قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ بِتَذْكِيرِ عَشْرٍ فِي قَوْله تَعَالَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] فَإِنَّ الْمُمَيَّزَ إذَا حُذِفَ جَازَ تَذْكِيرُ الْعَدَدِ.
[عِدَّةُ الْأَمَةِ الَّتِي تَحِيضُ]
(وَعِدَّةُ الْأَمَةِ) الَّتِي تَحِيضُ لِلطَّلَاقِ أَوْ الْفَسْخِ وَالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ لِلْمَوْتِ أَوْ الْفُرْقَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ قِنَّةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُعْتَقَةَ الْبَعْضِ عِنْدَ الْإِمَامِ (حَيْضَتَانِ) كَامِلَتَانِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «طَلَاقُ الْأَمَةِ طَلْقَتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» وَقَدْ تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ فَجَازَ تَخْصِيصُ الْعُمُومَاتِ بِهِ؛ وَلِأَنَّ الرِّقَّ مُنَصَّفٌ وَالْحَيْضَةُ لَا تَتَجَزَّأُ وَكَمُلَتْ فَصَارَتْ حَيْضَتَانِ (وَفِي الْمَوْتِ وَعَدَمُ الْحَيْضِ نِصْفُ مَا لِلْحُرَّةِ) فَلِلَّتِي لَمْ تَحِضْ لِصِغَرٍ أَوْ لِكِبَرٍ أَوْ بُلُوغٍ بِالسِّنِّ شَهْرٌ وَنِصْفٌ وَلِلَّتِي مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ لِقَبُولِ التَّنْصِيفِ فِيهِمَا.
[عِدَّةُ الْحَامِلِ]
(وَعِدَّةُ الْحَامِلِ وَضْعُ الْحَمْلِ مُطْلَقًا) وَإِنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ سَقْطًا اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ شَامِلٌ لِلْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ مُطَلَّقَةً أَوْ مُتَارَكَةً فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا.
وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ فَلْيُرَاجَعْ.
(وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (مَاتَ عَنْهَا) زَوْجٌ (صَبِيٌّ) لَمْ يَبْلُغْ اثْنَيْ عَشْرَ سَنَةً وَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ وَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ مِنْ نِفَاسِهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يُقَرُّ بِهَا قَبْلَهُ كَمَا فِي الْحَيْضِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (إنْ مَاتَ عَنْهَا صَبِيٌّ فَعِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ) أَيْ بِأَنْ تَعْتَدَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا كَحَادِثٍ بَعْدَ مَوْتِ الصَّغِيرِ لِتَيَقُّنِ الْبَرَاءَةِ عَنْ مَاءِ الصَّغِيرِ وَلَهُمَا أَنَّ الْعِدَّةَ شُرِعَتْ لِقَضَاءِ حَقِّ النِّكَاحِ لَا لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مُتَحَقِّقٌ فِي الصَّبِيِّ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْحَمْلِ الْحَادِثِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ وُجُودُهُ وَقْتَ الْمَوْتِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ بِالْأَشْهُرِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِحُدُوثِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِهَذَا قَالَ.
(وَإِنْ حَمَلَتْ بَعْدَ مَوْتِ الصَّبِيِّ) بِأَنْ وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا عَلَى مَا هُوَ الْأَصَحُّ (فَعِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ إجْمَاعًا وَلَا نَسَبَ فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ فِيمَا إذَا حَبِلَتْ قَبْلَ مَوْتِ الصَّبِيِّ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا مَاءَ لَهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْعُلُوقُ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ الصَّبِيِّ فِي الْوَجْهَيْنِ إلَّا إذَا وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَيُحْكَمُ بِانْقِضَائِهَا قَبْلَ الْوَضْعِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
وَفِي الْمِنَحِ إنَّ الْحَامِلَ مِنْ الزِّنَا إذَا تَزَوَّجَتْ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا
فَعِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ مِنْ الزِّنَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ؛ وَلِهَذَا صَحَّحْنَا نِكَاحَهَا لِغَيْرِ الزَّانِي وَإِنْ حَرُمَ الْوَطْءُ (وَمَنْ طَلُقَتْ فِي مَرَضِ مَوْتٍ رَجْعِيًّا كَالزَّوْجَةِ) يَعْنِي تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ إجْمَاعًا.
(وَإِنْ) كَانَ الطَّلَاقُ فِي مَرَضِ الْمَوْت (بَائِنًا) أَوْ ثَلَاثًا (تَعْتَدُّ بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ) أَيْ الْعِدَّتَيْنِ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا حَتَّى إذَا أَبَانَهَا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ شَهْرٍ فَتَمَّ لَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ وَلَمْ تَرَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ إلَّا حَيْضَةً وَاحِدَةً فَعَلَيْهَا حَيْضَتَانِ أُخْرَيَانِ لِتَسْتَكْمِلَ فِي الْعِدَّةِ ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَهَذَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ بَقِيَ فِي حَقِّ الْإِرْثِ فَلَأَنْ يَبْقَى فِي حَقِّ الْعِدَّةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مِمَّا يُحْتَاطُ فِيهَا فَيَجِبُ أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَالرَّجْعِيِّ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ انْقَطَعَ بِالطَّلَاقِ وَلَزِمَهَا الْعِدَّةُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ إلَّا أَنَّهُ بَقِيَ أَثَرُهُ فِي الْإِرْثِ لَا فِي تَغْيِيرِ الْعِدَّةِ بِخِلَافِ الرَّجْعِيِّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُصَنَّفِ كَالرَّجْعِيِّ سَهْوٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ وَالصَّوَابُ ثَلَاثُ حِيَضٍ تَأَمَّلْ.
(وَمَنْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ) طَلَاقٍ (رَجْعِيٍّ تَتِمُّ) عِدَّتَهَا (كَالْحُرَّةِ) أَيْ انْتَقَلَتْ عِدَّتُهَا إلَى عِدَّةِ الْحَرَائِرِ لِقِيَامِ النِّكَاحِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَإِنْ) عَتَقَتْ (فِي عِدَّةِ بَائِنٍ) أَوْ ثَلَاثٍ (أَوْ) فِي عِدَّةِ (مَوْتٍ فَ) تَتِمُّ (كَالْأَمَةِ) فِيهِمَا وَلَمْ تَنْتَقِلْ عِدَّتُهَا لِزَوَالِ النِّكَاحِ بِالْبَيْنُونَةِ وَالْمَوْتِ.
(وَإِنْ اعْتَدَّتْ الْآيِسَةُ) أَيْ الْبَالِغَةُ إلَى خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى أَوْ خَمْسِينَ سَنَةً وَبِهِ يُفْتَى الْيَوْمَ أَوْ سِتِّينَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَعَنْهُ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى مُجْتَهِدِ الزَّمَانِ وَقَدَّرَ بَعْضٌ بِعَدَمِ رُؤْيَةِ الدَّمِ مَرَّةً وَقِيلَ مَرَّتَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقِيلَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ فَلَوْ قَضَى بِهِ قَاضٍ نَفَذَ، وَكَذَا فِي مُمْتَدَّةِ الطُّهْرِ، وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ.
وَفِي الزَّاهِدِيِّ أَنَّهُ لَوْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ إنْ كَانَ بِهَا حَبَلٌ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَهَا، وَبِهِ أَخَذَ مَالِكٌ وَيُفْتِي بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (بِالْأَشْهُرِ) كَمَا هِيَ عَادَتُهَا
(ثُمَّ عَادَ دَمُهَا عَلَى عَادَتِهَا) الْمَعْرُوفَةِ مِنْ أَلْوَانِ الْحَيْضِ (بَطَلَتْ عِدَّتُهَا وَتَسْتَأْنِفُ بِالْحَيْضِ) ؛ لِأَنَّ عَوْدَهَا يُبْطِلُ الْيَأْسَ (هُوَ الصَّحِيحُ) فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَلَفًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْخَلَفِيَّةِ تَحَقُّقُ الْيَأْسِ، وَذَلِكَ بِاسْتِدَامَةِ الْعَجْزِ إلَى الْمَمَاتِ كَالْفِدْيَةِ فِي حَقِّ الشَّيْخِ الْفَانِي فَعُلِمَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ مِنْ قَوْلِهِ فَقَبْلَ انْقِضَائِهَا كَأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ وَالصَّوَابُ بَعْدَ انْقِضَائِهَا كَمَا فِي الدُّرَرِ وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ وَغَيْرُهُ وَكَانَ صَدْرُ الشَّهِيدِ يُفْتِي بِبُطْلَانِ الِاعْتِدَادِ بِالْأَشْهُرِ إنْ رَأَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَشْهُرِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَلَا.
وَفِي الْمُجْتَبَى وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فَعَلَى هَذَا عِبَارَةُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ تَكُونُ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَ هَذَا وَيَكُونُ مُرَادُ تَاجِ الشَّرِيعَةِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ عِدَّةِ الْأَشْهُرِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي عِدَّةِ الْأَشْهُرِ فَلَا سَهْوَ تَدَبَّرْ.
وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ فَلْيُطَالَعْ (وَكَذَا تَسْتَأْنِفُ الصَّغِيرَةُ إذَا حَاضَتْ فِي خِلَالِ الْأَشْهُرِ) تَحَرُّزًا عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْبَدَلِ فَلَا تَسْتَأْنِفُ إذَا حَاضَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْأَشْهُرِ (وَمَنْ اعْتَدَّتْ الْبَعْضَ) أَيْ بَعْضَ الْعِدَّةِ (بِالْحَيْضِ ثُمَّ آيَسَتْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ) وَفِي الْإِصْلَاحِ.
وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ حَاضَتْ حَيْضَةً ثُمَّ آيَسَتْ اعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ بَعْدَ الْحَيْضَةِ؛ لِأَنَّ إكْمَالَ الْأَصْلِ فِي الْبَدَلِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْنَافِ، وَلَا مَجَالَ لِاحْتِسَابِ وَقْتِ الْحَيْضَةِ مِنْ الْعِدَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ وَقْتٌ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَادَ بِالْأَشْهُرِ لِلْآيِسَةِ، وَهِيَ لَيْسَتْ بِآيِسَةٍ وَقْتَئِذٍ (وَإِذَا وُطِئَتْ الْمُعْتَدَّةُ) لِلطَّلَاقِ أَوْ الْفَسْخِ وَغَيْرِهِمَا (بِشُبْهَةٍ) مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ (وَجَبَتْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ أُخْرَى) لِلْوَطْءِ لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ وَفِيهِ إشَارَةٌ لِي أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا مَبْتُوتَةً مُقِرًّا بِالطَّلَاقِ لَمْ تَسْتَأْنِفْ الْعِدَّةَ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ تَسْتَأْنِفُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَتَدَاخَلَتَا) أَيْ تَشَارَكَ الْعِدَّتَانِ فِي دُخُولِ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ، وَكَانَ السَّبَبُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَقَعَا مَعًا فِي الْوَقْتِ الثَّانِي فَتَعْتَدُّ مِنْهُ (وَمَا تَرَاهُ) الْمَرْأَةُ مِنْ الْحَيْضِ بَعْدَ الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ (يُحْتَسَبُ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْعِدَّتَيْنِ جَمِيعًا (فَتَتِمُّ) الْعِدَّةَ (الثَّانِيَةَ إنْ تَمَّتْ) الْعِدَّةُ (الْأُولَى قَبْلَ تَمَامِهَا) فَلَوْ وُطِئَتْ قَبْلَ حُدُوثِ الْحَيْضِ كَانَ مَا رَأَتْ مِنْ الْحِيَضِ
الثَّلَاثِ مَحْسُوبَةً عَنْهُمَا فَتَنُوبُ عَنْ سِتِّ حِيَضٍ وَإِنْ وُطِئَتْ بَعْدَ حَيْضَةٍ فَهِيَ مِنْ الْعِدَّةِ الْأُولَى وَحَيْضَتَانِ بَعْدَهَا تُحْسَبَانِ مِنْ الْعِدَّتَيْنِ وَعَلَيْهَا حَيْضَةٌ أُخْرَى لِلْعِدَّةِ الثَّانِيَةِ وَلَا نَفَقَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا عِدَّةُ الْوَطْءِ لَا عِدَّةُ النِّكَاحِ وَإِنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَيُحْتَسَبُ مَا تَرَاهُ مِنْ الْحَيْضِ فِيهَا مِنْ الْعِدَّةِ الثَّانِيَةِ تَحْقِيقًا لِلتَّدَاخُلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَهَذَا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّعَرُّفُ عَنْ فَرَاغِ الرَّحِمِ، وَقَدْ حَصَلَ بِالْوَاحِدَةِ فَتَدَاخَلَانِ يَعْنِي أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ تَعَرُّفُ الْفَرَاغِ وَهُوَ وَإِنْ حَصَلَ بِالْحَيْضَةِ لَكِنَّ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ لِلتَّعَرُّفِ وَالثَّانِيَةَ لِحُرْمَةِ النِّكَاحِ وَالثَّالِثَةَ لِفَضِيلَةِ الْحُرْمَةِ، وَلَوْ اكْتَفَى بِالْوَاحِدَةِ لَمْ تَحْصُلْ هَذِهِ الْمَقَاصِدُ فَلَا يُرَدُّ نَظَرُ الْعِنَايَةِ بِأَنَّهُ لَوْ جَازَ التَّدَاخُلُ لَجَازَ التَّدَاخُلُ فِي أَوَانِ عِدَّةٍ وَاحِدَةٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَبَقِيَ ضَرَرُ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَنْهَا تَدَبَّرْ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَتَدَاخَلَانِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ الْعِدَّتَانِ مِنْ رَجُلَيْنِ إذْ لَوْ كَانَتَا مِنْ وَاحِدٍ تَنْقَضِيَانِ بِمُدَّةٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بِالسَّبَبِ الثَّانِي أَصْلًا فَلَا تَتَصَوَّرُ الْخِلَافَ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ.
(وَابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ فِي الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ عَقِيبَهُمَا) لِإِطْلَاقِ النَّصِّ وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَبَبٌ فَيُعْتَبَرُ الْمُسَبَّبُ مِنْ حِينِ وُجُوبِ السَّبَبِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ نِكَاحٌ مُتَأَكِّدٌ بِالدُّخُولِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ تَدَبَّرْ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ تَعْلَمْ) الْمَرْأَةُ (بِهِمَا) أَيْ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ حَتَّى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْهَا وَبَلَغَهَا خَبَرُ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا بَعْدَمَا رَأَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ أَوْ مَوْتَهُ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أَكَانَتْ عِدَّتُهَا مُنْقَضِيَةً، وَفِي الْغَايَةِ إذَا أَتَاهَا خَبَرُ مَوْتِ زَوْجِهَا وَشَكَّتْ فِي وَقْتِ الْمَوْتِ تَعْتَدُّ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي تَسْتَيْقِنُ فِيهِ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ يُؤْخَذُ فِيهَا بِالِاحْتِيَاطِ.
(وَ) ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ (فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ عَقِيبَ التَّفْرِيقِ) مِنْ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا (أَوْ) إظْهَارِ (الْعَزْمِ) مِنْ الزَّوْجِ (عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ) بِأَنْ يَقُولَ تَرَكْتُك أَوْ خَلَّيْت سَبِيلَك وَنَحْوُ ذَلِكَ لَا مُجَرَّدُ الْعَزْمِ.
وَقَالَ زُفَرُ مِنْ آخِرِ الْوَطَآتِ حَتَّى لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّفْرِيقِ ثَلَاثَ حِيَضٍ انْقَضَتْ إذْ الْمُؤَثِّرُ فِي إيجَابِهَا الْوَطْءُ لَا الْعَقْدُ وَلَنَا أَنَّ سَبَبَ الْعِدَّةِ شُبْهَةُ النِّكَاحِ وَرُفِعَ هَذِهِ بِالتَّفْرِيقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ الْمُتَارَكَةِ لَا يُحَدُّ وَبَعْدَهُ يُحَدُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (وَمَنْ قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي بِالْحَيْضِ) وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ فِي إخْبَارِهَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (فَالْقَوْلُ لَهَا مَعَ الْيَمِينِ) ؛ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِيمَا تُخْبِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ هَلَاكَهَا (إنْ مَضَى عَلَيْهَا سِتُّونَ يَوْمًا) عِنْدَ الْإِمَامِ كُلُّ حَيْضٍ عَشْرَةٌ وَكُلُّ طُهْرٍ خَمْسَةَ
عَشْرَ هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (وَعِنْدَهُمَا إنْ مَضَى تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَثَلَاثُ سَاعَاتٍ) كُلُّ حَيْضٍ ثَلَاثَةٌ، وَكُلُّ طُهْرٍ خَمْسَةَ عَشْرَ.
(وَإِنْ نَكَحَ مُعْتَدَّتَهُ مِنْ) طَلَاقٍ (بَائِنٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَ مَهْرٌ كَامِلٌ وَعِدَّةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّهَا مَقْبُوضَةٌ فِي يَدِهِ بِالْوَطْأَةِ الْأُولَى لِبَقَاءِ أَثَرِهِ وَهُوَ الْعِدَّةُ فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا ثَانِيًا نَابَ ذَلِكَ عَنْ الْقَبْضِ الثَّانِي كَالْغَاصِبِ إذَا اشْتَرَى الْمَغْصُوبَ، وَهُوَ فِي يَدِهِ يَصِيرُ قَابِضًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَيَكُونُ طَلَاقًا بَعْدَ الدُّخُولِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) يَجِبُ (نِصْفُ مَهْرٍ، وَإِتْمَامُ الْعِدَّةِ الْأُولَى) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَقَالَ زُفَرُ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ أَوْ الْمُتْعَةُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا عِنْدَ زُفَرُ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ الْأُولَى بَطَلَتْ بِالتَّزَوُّجِ وَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّانِي لِإِكْمَالِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ كَذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ إكْمَالَ الْعِدَّةِ وَجَبَ بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ حُكْمُهُ حَالَ التَّزَوُّجِ لِبَقَاءِ أَثَرِهِ، وَهُوَ الْعِدَّةُ فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا ثَانِيًا نَابَ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ عَنْ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالثَّانِي هَذَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ الثَّانِي صَحِيحًا أَمَّا لَوْ كَانَ فَاسِدًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَلَا اسْتِقْبَالُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهَا إتْمَامُ الْعِدَّةِ الْأُولَى بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَاسِدًا وَالثَّانِي صَحِيحًا فَهُوَ كَمَا كَانَ صَحِيحًا (وَلَا عِدَّةَ فِي طَلَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] (وَلَا) عِدَّةَ (عَلَى ذِمِّيَّةٍ) أَوْ كِتَابِيَّةٍ (طَلَّقَهَا) أَوْ مَاتَ عَنْهَا (ذِمِّيٌّ) عِنْدَ الْإِمَامِ إذَا اعْتَقَدُوا عَدَمَ وُجُوبِ الِاعْتِدَادِ؛ لِأَنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَعْتَقِدُونَ وَعَنْهُ أَنَّهُ لَا يَطَأُ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ، وَعَنْهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا إلَّا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنَّمَا قَالَ ذِمِّيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا مُسْلِمٌ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ (أَوْ حَرْبِيَّةٍ خَرَجَتْ إلَيْنَا) مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةٍ أَوْ مُسْتَأْمَنَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ أَوْ صَارَتْ ذِمِّيَّةً (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ قَالَا عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ