الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة ذكرى ووفاء
فجعت الكويت بوفاة عالمها لهذا العصر شيخنا العَلَّامة الفقيه محمد بن سليمان بن عبد الله الجراح الحَنْبَليّ في الثالث عشر من جمادي الأُولى سنة 1417 هـ، وقد كان -سَقَى الله ثراه صَيِّب غفرانه وجعله في أعلى جنانه- منارة علم وتقوى في الكويت، متبحرًا في فقه الحنابلة وعلم الفرائِض، وكم كان رحمه الله تعالى يفرح إِذا أخبرته بخروج كتاب من كتب الحنابلة سواء أكان مختصرًا أو من المطولات فهو أعظم بشارة يخبر بها، وقد ورثَ علم شيخه العلَّامة عبد الله بن خلف بن دحيان خصوصًا في الفقه والفرائض، كما أنَّه كان رحمه الله تعالى عَارِفًا بدقائق المذهب موضِّحًا لما أشكل من عبارته، فجزاه الله عنا خيرًا وأغدق عليه وابل المغفرة والرحمات، كما نسأله سبحانه وتعالى أن يجمعنا به في فسيح الجنات، وإنا لله وإِنا إِليه راجعون (1).
26 صفر 1419 هـ
(1) أصدر الأخ الشيخ وليد المنيس كتابًا جامعًا عن أحوال شيخنا وسيرته، وقد طبعته وزارة الأوقاف بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الكويتية وذلك سنة 1418 هـ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله خالق البريّات، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له باريء النَّسمات، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى محاسن الشِّيَم والفضائل والخيرات، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه خير من تحلَّى بالآداب والعبادات، ووفِّقَ لصالح الأعمال فلهم الحسنى وزيادات.
أما بعد:
فإن العلَّامة شمس الدين البَلْباني قد ألَّف مختصرًا نافعًا في فقه الحنابلة، ألا وهو "أخصر المختصرات" ثُمَّ أتبعه بكتاب آخر زادًا للعُبَّاد والصالحين، وتيسيرًا لعامة الناس الراغبين، وإعانة لمن قصرت هممهم عن مطولات الكتب الكبار، وقد ابتدأه بربع العبادات ثُمَّ أتبعه بأحكام الجهاد والبيوع والمعاملات، وأردفه بالأخلاق والآداب التي يتصف بها أهل العلم وطلابه بل كل مسلم متَّبِعٍ لأمر ربه من طاعة للوالدين وصلة للأرحام، وآداب وأحكام الكسب والتجارة، والنكاح والنظر، ثُمَّ بما ينبغي للمسلم فعله في اليوم والليلة من قراءة القرآن
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأذكار تربطه بخالقه ومولاه، كما اشتمل على بعض اللطائف والإِشارات المهمة لطالب العلم في سلوكه لهذا الطريق السويّ من توقيره لشيخه وتبجيله له، والصفات التي يجب أن يتحلى بها العالم والمتعلم، إلى غير ذلك من الفوائد والفرائد مما يطول ذِكره، وختم الكتاب بعد ذلك بالعقيدة وما يتعلق بها.
يقول العلَّامة عبد القادر بن بدران الدِّمشقي في أثناء ذكره لمؤلفات البلباني: "وأما "مختصر الإِفادات" فقد صدّره أولًا بربع العبادات، فجعل الكلام عليه وسطًا بين الإِسهاب والإِيجاز، مستمدًا من "الإِقناع" ثُمَّ ذكر أحكام البيع والربا، ثم أتبعه بقوله: كتاب الآداب، وفصَّله فصولًا، ثُمَّ أتبعه بفضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضل ذكر الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإِخلاص، ثُمَّ أتبع ذلك بعقيدته التي اختصر بها، نهاية المبتدئين" لابن حمدان، ثُمَّ ختم الكتاب بوصيّة نافعة. وبالجملة فهذا الكتاب كافٍ ووافٍ للمتعبِّدين" (1).
وكفى بهذا الثناء العاطر من عالمٍ عارفٍ بكتب المذهب ومكنونه.
هذا وقد بذلت في تحقيقه الجهد، وعلى الله حسن القصد،
(1) المدخل لابن بدران ص 445.
ومنه سبحانه وتعالى أسأل القبول والرضا، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
محمد بن ناصر العجمي
الكويت الجهراء المَحروسَة
28/ صفر الخير/ 1419 هـ
23/ 6/ 1998 م