الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الحَجِّ
هو فَرْضُ كِفَايَةٍ كلَّ عَامٍ، وهو والعُمْرَةُ واجِبَانِ في العُمْرِ مَرَّةً بِخَمْسَةِ شُروطٍ:
الإِسلامُ، والعَقْلُ، والبُلُوغُ، وكمالُ الحُريَّة، لكن يَصِحَّانِ من الرَّقِيقِ والصَّغِيرِ ولا يُجزئانِ عن حَجَّةِ الإِسْلامِ وعُمْرَتِهِ إلَّا أن يَعْتِقَ أو يبلُغَ في الحَجِّ قَبْلَ الوُقُوفِ أو بَعْدَهُ، وتقِفَ في وقْتِهِ، وفي العُمْرَةِ قَبْلَ طَوافِها فَيُجْزِئُهُمَا ما لم يكونَا سَعَيَا مع طَوافِ القُدُومِ، وَقَبْلَ الوقوفِ فلا يُجْزِئُهُمَا الحجُّ، ولو أعادا السَّعْيَ بَعْدَ الوقُوفِ.
ولا يَصِحُّ إحرامُ مُمَيِّزٍ إلَّا بإذنِ وَليِّهِ في مَالِهِ، ويُحْرِمُ الوَلِيُّ عن من لم يُمَيز ولو مُحْرِمًا أولم يَحُجَّ، ويَفْعَلُ ما يَعْجِزَانِ عَنْهُ، ويَبْدَأُ بالرَّمْيِ عن نفْسِهِ ولا يُعْتَدُّ برَمْيٍ حَلالٍ، ويُطَافُ به رَاكِبًا أو مَحْمُولًا لِعَجْزٍ، ويعتبر نِيّة طَائِفٍ بِهِ وكَوْنُهُ يَصِحُّ أن يعقد لَهُ الإِحْرامُ لا كونُهُ طافَ عن نَفْسِهِ ولا مُحْرِمًا.
وَكَفَّارَةُ الحَجِّ وما زادَ على نَفَقَةِ الحَضَرِ في مَالِ وَليِّهِ إن أنْشَأَ السَّفَرَ بِهِ تَمْرِينًا على الطَّاعة، وإلَّا فلا شَيءَ على الوَليِّ كما لو سافَرَ بِهِ لِيُقِيمَ بمكةَ لِعِلْمٍ أو غيره.
وعمدُ صَغِيرٍ ومجنُونٍ خَطَأٌ، ولا يُحْرِمُ قِنٌّ بِنَفْلٍ إلَّا بإذنِ سَيِّدِه، وينعقِدَانِ بنَذْرِهِ ويلزمَانِهِ، والمرأَةُ لا تُحْرِمُ بنفلٍ إلَّا بإِذنٍ الزَّوْجِ، فإن أَحْرَمَت هي أو القِنُّ بِنَفْلٍ بلا إِذنٍ فَلِزَوْجٍ وسَيدٍ تحليلُهُما، وعليهما الامتثالُ، ويكونانِ كَمُحْصَرٍ.
وَلَيْسَ له مَنْعُها من حَجِّ فَرْضٍ كَمُلَت شُرُوطُه أوْ لا، أَحْرَمَتْ به بإذنه أوْ لا، أو مَنْ أَحْرَمَتْ بِوَاجِبٍ فَحَلَفَ زَوْجُها ولو بالطَّلاقِ الثَّلاثِ لا تَحَجُّ ذا العَامِ لم يَجُز أن تُحِلَّ، وإن أفْسَدَ قِنٌّ حَجَّهُ بوطءٍ مضى وقضى، وليسَ لسيدِهِ مَنْعُهُ إن كان شَرَعَ فيما أفْسَدَهُ بإذنه، ولِكُلٍّ من أَبَوَيْ بَالِغٍ منعُهُ من إحرامٍ بنَفْلى كجِهَادٍ، ولا يُحلِّلانِهِ، ولا غريمٌ مَدينًا، وليسَ لِوَليِّ سفيهٍ مُبذِّرٍ مَنْعُهُ من حَجِّ الفَرْضِ ولا تحليلُهُ، ويدفَعُ نفقتَهُ إلى ثِقَةٍ يُنْفِقُ عليه في الطَّرِيقِ.
الخَامِسُ: الاستِطَاعَةُ، وهي مِلْكُ زَادٍ يحتاجُهُ ووعائِهِ، ولا يَلْزَمُهُ حملُهُ إن وَجَدَهُ يُبَاعُ بالمَنَازِل بثَمَنِ مِثْلِهِ في الغَلاءِ والرُّخْصِ، أو بزيادةٍ يَسيرةٍ، وإلَّا لَزِمَهُ.
ومِلْكُ راحِلَةٍ بآلتِهَا يَصْلُحَانِ لِمثْلِهِ لِمَسَافَةِ قَصْرٍ لا دونَها، إلَّا
لِعَاجِزٍ، ولا يَلْزَمُه حَبْوًا ولو أَمْكَنَهُ، أو مِلْكُ ما يقدِرُ بِهِ على تَحْصِيلِ ذَلِكَ فَاضِلًا عَمَّا يحتاجُهُ من كُتُبٍ، ومَسْكَنٍ، وخَادِمٍ، وما لا بدَّ منه. لكِنْ إن فَضَلَ عنه، وأَمْكَن بَيْعُهُ وشرى ما يكفِيهِ، ويَفْضُلُ ما يَحُجُّ بِهِ، لَزِمَهُ. وأن يكُونَ فَاضِلًا عن قَضَاءِ دَيْنِهِ ومؤْنَتِهِ، ومؤْنَةِ عيالِهِ على الدَّوَامِ من عَقَارٍ، أو بِضَاعَةٍ أو صِنَاعَةٍ ونحوِها.
ولا يَصِيرُ مُسْتَطِيعًا بِبَذْلِ غيرِهِ لَهُ، ومنها سَعَةُ وقْتٍ، وأَمْنُ طَرِيقٍ يُمْكِنُ سُلُوكُهُ ولو بَحْرًا، أو غَيْرَ مُعْتَادٍ بلا خَفَارَةٍ، ويُوجَدُ فيه الماءُ والعَلَفُ على المُعْتَادِ، ودَليلٌ لِجَاهِلٍ، وقائدٌ لأَعْمَى، ويلزمُهُمَا أُجْرَةُ المِثْلِ لَهُمَا، فمن كَمُلَ لَهُ ذَلِكَ وَجَبَ عليهِ السَّعْيُ فَوْرًا.
والعَاجِزُ لِكِبَرٍ أَو مَرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤهُ، أو ثِقَلٍ لا يَقْدِرُ مَعَهُ على الرُّكُوبِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، أو لِكَوْنِهِ نِضْوَ الخِلْقَةِ لا يَثْبُتُ (1) على الرَّاحِلَةِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ غَيْرِ مُحْتَمَلَةٍ يَلْزَمُهُ أن يُقِيمَ مَنْ يَحُجُّ عنه ويَعْتَمِر فَوْرًا من بَلَدِهِ. ويُجْزِئَانِ عَمَّنْ عُوفِيَ بَعْدَ إحرامِ النَّائِب لا قبلَهُ، ويَسْقُطَانِ عَمَّنْ لم يجد نَائِبًا.
ومن لَزِمَاهُ فَتُوفِّي ولو قبل التَّمَكنِ أُخْرِجَ عنه من جَمِيع مَالِهِ حَجَّةٌ وعُمْرَةٌ من حيثُ وجَبَا.
(1) في (ب): "لا ثبت".
ويُجْزِئُ من أَقْرَبِ وطنَيهِ، ومن خَارِجِ بَلَدِهِ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ، ويسْقُطُ بِحَجِّ أَجْنبيٍّ عنه لاعن حَيٍّ (1) بلا إذنه، ويقع عن نفسِهِ ولو نفلًا.
وَمَنْ ضَاقَ مَالُهُ أو لَزِمَهُ دينٌ أُخِذَ لِحَجٍّ بِحِصَّتِهِ، وحُجَّ بِهِ من حيثُ يَبْلُغُ، وإن ماتَ هو أو نائِبُهُ بطريقِ الحَجِّ حُجَّ عنه من حيثُ مَاتَ فيما بقِيَ مَسَافَةً وفِعْلًا، وإن صُدَّ فَعَلَ ما بَقِيَ.
وإن وَصَّى بِحَجِّ نَفْلٍ وأَطْلَقَ جَازَ من ميقَاتِهِ ما لم تمنَعْ قَرِينَةٌ.
ولا يَصِحُّ مِمَّن لم يَحُجَّ عن نفسِهِ أن يَحُجَّ عن غيرِهِ ولا نَذْرِهِ ولا نافلتِهِ، فإن فَعَلَ انْصَرَفَ إلى حَجَّةِ الإِسلامِ.
ولو أَحْرَمَ بِنَذْرٍ أو نَفْلٍ مَن عليه حَجَّةُ الإِسلامِ وَقَعَ عنها، والتائِبُ كالمنُوبِ عنه. ويَجُوزُ للقَادِرِ وغيرِهِ أن يستَنِيبَ في نَفْلِ حَجٍّ وبعْضِهِ. والنَائِبُ أَمِينٌ فِيمَا أُعْطِيَهُ لِيحُجَّ منه، ويَضْمَنُ على ما زَادَ على نَفَقَةِ المعروفِ، أو عَلَى طريقٍ أقْرَبَ بلا ضَرَرِ ويَردُّ ما فَضَلَ، وتَجِبُ لَهُ نفقَةُ رجُوعِهِ وخَادِمِه إن لم يَخْدُمْ نَفْسَه مثلُهُ، ويَرْجِعُ بما استدانَهُ لِعُذْرٍ، وبِمَا أَنْفَقَ على نفسِهِ بنيةِ الرُّجُوعِ، وما لَزِمَ النَّائِبَ بمخالفتِهِ فمنه.
(1) في (ب): "حَجٍّ".