الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
غَسْلُهُ مَرَّةً أوْ تَيمُّمٌ لِعُذْرٍ هو الواجِبُ إلَّا شهيدَ المَعْرَكَة والمَقْتُولَ ظُلْمًا ولو أُنْثى أو غيرَ مُكَلَّفٍ فيحرمُ غَسلهما، ويَجِبُ مع مُوجِبهِ عليهِمَا قبل مَوْتٍ كجنَابَةٍ أو حَيْضٍ أو نِفَاسٍ أو إسلامٍ.
وإذا أخَذَ في غُسْلِهِ سَتَرَ عَوْرَتَه وجُوبًا إلَّا مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعٍ، ثُمَّ جَرَّدَهُ من ثيابِهِ نَدْبًا، إلَّا النبي صلى الله عليه وسلم. وَسُنَّ سَتْرُهُ عن العُيونِ تَحْتَ سِتْرٍ أو سَقْفٍ ونحوِه.
ويُكْرَهُ النَّظَرُ إليهِ بِلا حاجَةٍ، وأن يَحْضُرَهُ غيرُ من يُعينُ في غَسْلِهِ، إلَّا وَلِيَّه.
ويُسَنُّ خَضْبُ شعر لِحْيَةِ رَجُلٍ وَرَأْسِ امرأةٍ بِحناء، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بِرِفْقٍ في أول غَسْلة، إلى قُرْبِ جُلُوسِهِ، ولا يَشُقُّ عليه، وَيَعْصِرُ بَطْنَ غَيْرِ حامِلٍ بِيَدِهِ عَصْرًا رَفِيقًا، وَيُكْثِرُ صَبَّ الماءِ حينئِذٍ ويكونُ ثَمَّ بَخورٌ، ثُمَّ يَلُفُّ على يَدِهِ خِرْقَةً خَشِنَةً أويُدْخِلُها في كيسٍ فَيُنْجِيِّ بها أحَدَ فَرْجَيْهِ، ثُمَّ ثَانية للفَرْجِ الثَّاني.
ويَحْرُمُ (1) مَسُّ عَوْرَةِ مَن لَهُ سَبْعُ سِنِينَ والنَّظَرُ إليها، ويُسَنّ أن لا يَمَسَّ سائِرَ بَدَنِهِ إلَّا بِخِرْقَةٍ.
ولا يَجِبُ فِعْلُ الغَسْلِ، فلو تُرِكَ تَحْتَ مِيزابٍ ونحوِه، وحَضَرَ
(1) في نسخة (ب): "ويحل"!
أَهْلٌ لغَسْلِهِ ونَوَى، ومَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ غَسْلُهُ فيه، صَحَّ، ثُمَّ يَنْوي غَسْلَه ويُسَمِّي، وحُكْمُهُمَا كفِي غُسْلِ حَيٍّ، ثُمَّ يَغْسِلُ كَفيْهِ، ويُعْتبَرُ غَسْلُ ما عَلَيْهِ من نَجاسَةٍ، ولا يَكْفِي مَسْحُها.
وَيُسَنُّ أن يُدْخِلَ سَبَّابَتَهُ وإِبْهامَهِ، وعَليهمَا خِرْقَةٌ خَشِنَةٌ مَبْلُولَةٌ بِماءٍ بين شَفَتَيْهِ، فيَمْسَحُ أسْنَانَهُ، وَمِنْخَرَيْهِ ويُنَظِّفُهُمَا، ولا يُدخِلُ الماءَ فيهما. ويتَتَبَّعُ ما تَحْتَ أظْفَارِه بعُودٍ إن لم يَكُنْ قَلَّمَها.
ويُسَنُّ أن يُوضِّئَه في أَوَّل غَسَلاتِهِ، كوُضُوءِ حَدَثٍ، إلَّا المَضمَضَةَ، والاسْتِنْشاقَ، إن لم يَخْرُجْ مِنْهُ شيءٌ، فإن خَرَجَ أُعِيدَ وضوءُهُ.
ويُجْزِئُ غَسْلُهُ مَرَّةً، مع الكَراهَةِ، وكذا لو نَوَى وسَمَّى وغمَسَهُ في ماءٍ كثيرٍ واحدةً.
ويُسَنُّ ضَرْبُ سِدْرٍ ونحوِه، فَيَغْسِلُ بِرَغْوتِه رَأْسَه ولِحْيَتَه فقط، وبَدَنَهُ بالثُّفْلِ، ويقومُ خِطْمِيٌّ ونحوُه مقامَهُ، ويكونُ السِّدْرُ في كُلِّ غَسْلَةٍ.
ويُسَنُّ تَيَامُنُه فيَغْسل شِقَّهُ الأَيْمنَ من نحوِ رَأْسِهِ إلى نحوِ رِجْلَيْهِ، ويَبدأُ بصَفْحَةِ عُنُقه، ثُمَّ إلى الكَتِفِ، ثُمَّ إلى الرِّجْلِ، ثُمَّ الأَيْسَرَ كَذلِكَ، ويَقلِّبُهُ على جَنْبِهِ مع غَسْلِ شِقَّيْهِ، فيرْفَعُ جانِبَه الأَيمَنَ ويَغْسِلُ ظَهْرَهُ وَوَرِكَهُ وفخِذَهُ، ويفعَلُ بِجَانبهِ الأَيْسَرَ كَذَلِكَ، ولا يَكُبُّه على وَجْهِه، ثُمَّ يُفيضُ المَاء القَرَاحَ على جميع بَدَنِهِ، فيكونُ ذلك غَسْلَةً
واحِدةً، يجْمَعُ فيها بيْنَ السِّدْرِ والمَاءِ القَرَاحِ. يَفْعَلُ ذَلِكَ ثلاثًا، إلَّا أنَّ الوُضُوء في الأُولى فقط، يُمِرُّ في كُلِّ مَرَّةٍ يَدَه على بَطْنِهِ. فإن لم يَنْقَ بالثَّلاثِ، غَسَّلَه إلى سَبع، فإن لم يَنْقَى بِسَبْعٍ، فالأَوْلَى غَسْلُهُ حَتَّى يُنَقَّى. ويَقْطَعُ على وِتْرٍ من غيرِ إعادةِ وُضُوءٍ.
وإن خَرَجَ شيءٌ بعدَ الثَّلاثِ أُعِيدَ وضوءُهُ، وَوَجَبَ غَسْلُهُ كُلّما خَرَجَ إلى سَبعٍ.
وإن خَرَجَ شيءٌ من السَّبِيلَيْن أو غيرهما بَعْدَ السَّبْع، غُسِلَتِ النَّجَاسَةُ، وَوُضِّئَ فقط، وَيَحْشُوهُ بالقُطْنِ أو يُلَجَّم بِهِ كما تَفْعَلُ المُسْتَحاضَةُ، فإن لم يُمْسِكْهُ ذلك، حُشِيَ بالطِّينِ الحُرِّ.
وإن خِيفَ خُروجُ شيءٍ من مَنَافِذِ وجْهِهِ، فلا بَأْسَ أن يُحْشَى بقُطْنٍ. وإن خَرَجَ مِنْهُ شيءٌ بَعْدَ وضْعِهِ في أكْفَانِهِ وَلَفِّها عليْه، حُمِلَ ولم يُعَدْ غسلٌ ولا وُضوءٌ مُطْلقًا.
ويُسَنُّ أن يُجْعَلَ في الأَخِيرَةِ كافورٌ وَسِدْرٌ، والماءُ البَاردُ أفْضَلُ. ويُزيلُ ما بأنْفِهِ وصِمَاخَيْهِ من أَذَى.
وكُرِهَ الخِلالُ والأُشْنانُ، والماءُ الحَارُّ بِلا حَاجَةٍ، وتسريحُ شَعْرِهِ، وإن جَعَلَ على رأْسِهِ قُطْنٌ فَحَسَنٌ.
وإن كانَ المَيِّتُ مُشنَّجًا (1) أو بِهِ حَدَبٌ أو نحوُ ذَلِكَ، وأمْكَنَ
(1) الشَّنَجُ: تَقبُّضٌ في الجلد "الصحاح" للجوهري (1/ 325 - شَنَج).
تمْديدُهُ بالتَّلْيينِ والماءِ الحارِّ، فَعَلَ ذَلِكَ، وإن لم يُمْكِنْ ذَلِكَ إلَّا بِعَسْفٍ، تَرَكَه بحَالِه، فإن كانَ على صِفَةٍ لا يُمْكِنُ تَرْكُهُ على النَّعْشِ إلَّا على وَجْهٍ يَشْتَهِرُ بِالمُثْلَةِ، تُرِكَ في تابُوتٍ أو تَحْتَ مِكَبَّة، كما يُصْنَعُ بالمرْأَةِ.
ويُسَنُّ قَصُّ شَارِبِهِ، وتقليمُ أَظْفارِهِ، وأخذُ شَعْرِ إبْطَيْهِ إن طالت ما لم يَكُن مُحْرِمًا، وجَعْلُ ذَلِكَ مَعهُ كَعضوٍ سَاقِطٍ.
وحَرُمَ حَلْقُ رأْسِهِ وأَخْذُ عانتِهِ وخَتْنُهُ.
وإن كَانَ المَيِّتُ مَقْطوعَ الرَّأْس أو الأَعْضاءِ لُفِّقَ بعضُها إلى بَعْضٍ بالتَّقْمِيطِ والطِّينِ الحُرِّ، حَتَّى لا يَتبَيَّنَ تَشْويهُه، ويُبْقَى عَظْم نَجِسٌ جُبِرَ به مع خَوفِ مُثْلَة.
ويُمْسَحُ على الجبيرةِ إن خِيفَ مُثْلَة بقلعِهَا، ويُنْزَعُ خَاتمٌ وحَلْقَة ونحوُهما ولو ببَرْدِهِ، لا أَنفُ ذَهَب.
ويُسَنُّ ضَفْرُ شَعْرِ المرْأَةِ ثلاثَ ضَفَائِرَ قَرْنَيْها ونَاصيتِها، ويُسْدَلُ خَلْفَها.
فإذا فَرَغَ مِن غَسْلِهِ، نَشَّفَه بثَوْبٍ نَدْبًا.
ويُجَنَّبُ مُحْرِمٌ ماتَ ما يُجَنَّبُ حَيًّا لبقاءِ الإحرامِ، لكن لا يَجِبُ الفِدَاءُ على الفَاعِل به ما يُوجبُ الفِدْيَةَ. ويُسْتَرُ على نَعْشِهِ بشيءٍ، ويُكَفَّنُ في ثوبَيْه، وتَجوزُ الزِّيادةُ كَحلالٍ، فَيُغَسَّلُ بماءٍ وسِدْرٍ، ولا
يُلْبَسُ ذَكَرٌ المَخِيطَ، ولا يُغَطَّى رأسُهُ ولا وجْهُ أنْثَى، ولا يُقَرَّبُ طِيبًا، ولا تُمْنَعُ منه مُعْتَدَّةٌ، ولا يُوقَفُ بعَرَفَةَ، ولا يُطافُ بِهِ.
ويَجِبُ بقاءُ دَمِ شهيدٍ عليه إلَّا أن يخالِطَهُ نَجاسَةٌ فَيُغْسَلا، ودفنُهُ في ثيابِهِ التي قُتِلَ فيها بعد نَزع لامَةِ حَرْبٍ ونحو فَرْوةٍ وخُفٍّ، ومن سَقَطَ من شاهِقٍ، أو دابةٍ لا بفعلِ العَدوِّ، أو ماتَ بِرَفْسَةٍ أو حَتْفَ أَنْفِهِ، أو وُجِدَ مَيِّتًا ولا أثرَ به، أو عادَ سَهْمُهُ عليه، أو حُمِلَ فَأَكَلَ أو شَرِبَ أو نَامَ أو بَالَ أو تَكَلَّمَ، أو عَطَسَ، أو طَالَ بقاؤُهُ عُرْفًا فكغيرِهِ.
وسِقْطٌ لأَكْثَرَ من أرْبَعَةِ أَشْهُرٍ - كمولودٍ - حَيًّا، وتُسَنُّ تسمِيَتُهُ ولو وُلِدَ قبلها، وإن جُهِلَ أذكَرٌ أم أُنْثَى سُمِّيَ بصَالح لهما؛ كَطَلْحَةَ وهِبَةُ اللَّهِ، ويُصَلَّى على طفلٍ حُكِمَ بإسلامِهِ.
ومن يُمِّمَ لِعَدمِ الماءِ وصُلِّىَ عليه ثُمَّ وُجِدَ قَبْلَ دفنِهِ وَجبَ غُسْلُهُ، وإن وُجِدَ فيها بَطَلَتْ.
فَائِدَةٌ: والشُّهداء غيرُ شهيد المَعْرَكَةِ بِضْعَةٌ وعِشْرُونَ كُلُّهم يُغسَّلُونَ ويُصَلَّى عَليهم وهم: المَطْعُونُ، والمَبْطُونُ، والغَرِيقُ، والشَّرِيقُ، والحَرِيقُ، وصَاحِبُ الهَدْمِ، وذاتُ الجَنْبِ، والسِّلِّ، وصَاحِبُ اللَّقْوَةِ، والصَّابِرُ في الطَّاعُونِ، والمُتَردِّي من رُؤُوسِ الجِبَالِ، ومَن مَاتَ في سَبيلِ اللَّهِ، ومَن طَلَبَ الشَّهادَةَ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ، ومَوْتُ المُرَابِطِ، وأُمَناءُ الَّله في الأَرْضِ، والمجْنُونُ، والنُّفسَاءُ،