المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في ذكر بعض الآثار في فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم - مختصر الإفادات في ربع العبادات والآداب وزيادات

[ابن بلبان الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌كلمة ذكرى ووفاء

- ‌ترجمة المؤلف

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ومشايخه:

- ‌ثناء العلماء عليه والآخذون عنه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌وصف النسخ المعتمدة في التحقيق

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌بَابُ المِيَاهِ

- ‌فَصْلٌ في الآنِيَةِ

- ‌بَابُ الاسْتِنْجَاءِ

- ‌بَابُ السِّوَاكِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الوُضُوءِ

- ‌بَابُ مَسْحِ الخُفَّيْنِ

- ‌بَابُ نَواقِصِ الوُضُوءِ

- ‌بَابُ الغُسْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الحَيْضِ

- ‌كتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ الأَذانِ والإِقامَةِ

- ‌بَابُ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌باب آداب المشي إلى الصلاة

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهُوِ

- ‌فَصْلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ صَلاةِ التَّطَوُّعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ في النَّفْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ صَلاةِ الجَمَاعَةِ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ صَلاةِ أَهْلِ الأَعْذَارِ

- ‌بَابُ القَصْرِ

- ‌بَابُ الجَمْعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ صَلاةِ الجُمُعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ صَلاةِ العِيدَيْنِ

- ‌بَابُ صَلاةِ الكُسُوفِ

- ‌بَابُ صَلاةِ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌كَتَابُ الجَنَائِزِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في الكَفَنِ

- ‌فَصْلٌ في الصَّلاةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ في حَمْلِهِ ودَفْنِهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكاةِ السَّائِمَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الخَارِجِ مِنَ الأَرْضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الأَثْمَانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ زَكَاةِ العُرُوضِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الفِطْرِ

- ‌بَابُ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ أَهْلِ الزَّكاةِ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في المُفَطِّراتِ

- ‌فَصْلٌ فيما يُكْرَهُ فيه وحُكْمُ قَضَائِهِ

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌بَابُ الاعْتِكَافِ

- ‌فَصْلٌ في حُكْمِ المَسْجِدِ

- ‌كِتَابُ الحَجِّ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ المَواقِيتِ

- ‌بَابُ الإحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَحْظُورَاتِ الإحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الفِدْيةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ

- ‌بَابُ صَيْدِ الحَرَمَيْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ صِفَةِ الحَجِّ والعُمْرَةِ

- ‌فَصْلٌ في زِيَارَةِ قَبْرِهِ الشَّريفِ عليه السلام وَقَبْرِ صاحبيهِ، رضي الله عنهما

- ‌فَصْلٌ في صِفَةِ العُمْرَةِ

- ‌فَصْلٌ في أَرْكَانِ الحَجِّ والعُمْرَةِ وَوَاجِبَاتِهِمَا

- ‌بَابُ الفَواتِ والإحْصَارِ

- ‌بَابُ الهَدْي والأَضَاحِي

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كتابُ الجهاد

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ البَيْعِ

- ‌فَصْل

- ‌فَصْلٌ

- ‌‌‌فَصْل

- ‌فَصْل

- ‌‌‌فَصْل

- ‌فَصْل

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الآدَابِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا جَاءَ في فَضْلِ الاشْتِغَالِ تَعَلُّمًا وَتَعْلِيمًا

- ‌فَصْلٌ في ذِكْرِ شَيءٍ مِن آدابِ طَالِبِ العِلْمِ

- ‌بَابُ حُكْمِ السَّلامِ والمُصَافَحَةِ والتَّثاؤبِ والعُطَاسِ والاسْتِئْذانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْل

- ‌فَصْلٌ فيما يُسْتَحب فِعْلُهُ بيمينِهِ وما يُستحب فِعْلُهُ بشمالِهِ

- ‌بَابُ آدَابِ الأَكْلِ والشُّرْبِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الوَليمَةِ

- ‌فَصْلٌ في الكَسْبِ

- ‌بَابُ آدابِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْل

- ‌فَصْلٌ

- ‌آدابُ الجِمَاعُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ نَظَرِ الرِّجَالِ إِلى النِّساءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ آدابِ النَّوْمِ والاستيقاظِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌بابٌ في اللَّعِبِ المُبَاحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في حُكْمِ الكَلْبِ

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الحَيوانِ

- ‌فَصْلٌ في بِرِّ الوَالدينِ وصِلَة الرَّحِمِ

- ‌فَصْلٌ في الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ الآثَارِ في فَضْلِ الصَّلاة عليه صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في الذِّكْر

- ‌فَصْلٌ في فَضْلِ حِلَقِ الذِّكْرِ والنَّدْبِ إِلى مُلازَمَتِها والنَّهيِ عن مُفارَقَتِها لِغَيْرِ عُذْرٍ

- ‌فَصْلٌ فِي الأَمْرِ بالمعروفِ والنَّهيِّ عَنِ المُنْكرِ

- ‌فَصْلٌ في الإِخلاص

- ‌خَاتِمَةٌ: في مَعْرِفَة الله تعالى وما يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ مِنَ الاعْتِقادِ

- ‌البَابُ الأَوّل: في مَعْرِفَةِ اللهِ تعالى

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في أسماءِ الله تعالى وصفاته

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في الرؤية

- ‌الباب الثاني: في الأَفعال

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌البَابُ الثَّالِثُ: في الأَحكام

- ‌فَصْلٌ في الإسلامِ والإيمانِ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌البَابُ الرَّابعِ: في بَقِيَّةِ السَّمْعياتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌البَابُ الخَامِسُ: في النُّبُوّةِ والإمَامَةِ

- ‌فَصْلٌ في النُّبُوّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌‌‌فَصْلٌفي الإِمَامِةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في المُرْتَدِ

- ‌وصيَّة نافعة إن شاء الله تعالى

الفصل: ‌فصل في ذكر بعض الآثار في فضل الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم

حَصلَ لِيَ هُنَالِكَ، عَلِمْتُ أنَّها رؤيا حَقٍّ وفَتْوى صِدْقٍ، فاعتقدتُ من حيني وجُوبَها عليَّ كُلَّما ذُكِرَ، وتأكيدها عليَّ كُلَّما اسمُهُ الشَّريفُ نُشِرَ، وهذا اعتقادي فيها إن شاء الله إلى المماتِ، راجيًا بذلك مُضاعَفَةَ الأَجْرِ مِنْ رَبِّ الأَرْضِ والسَّمواتِ، والدُّخولِ في شَفَاعتِهِ عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ وَأَتَمُّ التَّسْليماتِ.

فَائِدَةٌ: واعلم أَنَّهُ لَيْسَ اعتمادي في ذَلِكَ على المَنامِ المذكورِ؛ لأَنَّهُ لا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، لكن يُسْتأْنَسُ به، وإِنَّما اعتمادي على ظاهرِ الأَدِلَّةِ المذكورةِ.

فَائِدَةٌ: ذَكرَ أبو عيسى التَّرمذيُّ في جامِعِهِ عِنْدَ ذَمِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عليه إذا ذُكِرَ عن بَعْضِ أهلِ العِلْمِ أَنَّهُ قال: إذا صَلَّى عليه مَرَّة في المَجْلِسِ أَجْزَأَ عنه ما كان في ذَلِكَ المَجْلِس، نقله عنه الإمام النَّووي في كتابه "الأَذكار" وأَقَرِّهُ (1).

‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ الآثَارِ في فَضْلِ الصَّلاة عليه صلى الله عليه وسلم

فَمِنْ ذَلِكَ ما رُوِيَ عن علي بن أبي طالب كَرّمَ الله وَجْهَهُ أنَّه قال: لولا أن أَخَافَ أن أنسى ذِكْرَ الله ما تَقَرَّبْتُ إِليه إِلَّا بالصَّلاة على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك ما رواه سيدنا عليّ كرم الله

(1)"جامع الترمذي"(5/ 551)، و "الأذكار" للنَّووي (ص 207).

ص: 434

وجهه عن صاحبه وشيخه الثِّقَةِ عِنْدَهُ وعِنْدَ غيرِهِ خليفةِ الرَّسول وأفْضَلِ أصحابِهِ بل وجميعِ الخَلْقِ غَيْرِ الأَنْبِياءِ سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنهما وعن جميع الصحابة والأَزواجِ وذَوِي القَرابَةِ أنَّه قال: الصَّلاةُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمْحَقُ للخَطَايا مِنَ الماءِ للنَّارِ، والسَّلامُ عليه أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ الرِّقَابِ، وحُبُّهُ أَفْضَلُ مِنْ مُهَجِ الأَنْفُس أي من بَذْلِ الأَرواحِ، أو قال: مِنْ ضَرْبِ السَّيفِ في سبيلِ الله (1).

وفي روايةٍ أُخرى عنه رضي الله عنه أنه قال: إن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أَمْحَقُ للذُّنُوبِ مِنَ الماءِ للنَّارِ، وأَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ الرِّقَابِ، ومن مُهَجِ الأَنْفُسِ في سبيل الله، وإنَّ حُبَّهُ أَفْضَلُ من ضَرْبِ السَّيْفِ في سبيل الله.

وروي من حديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صَلَّى الله عليه عَشْرًا، وَمَنْ صَلَّى عليَّ عَشْرًا صلَّى الله عليه مَائَةً، وَمَن صلَّى عليَّ مائة صلَّى الله عليه ألفًا، وَمَنْ زادَ صَبَابَةً وَشَوْقًا كُنْتُ لَهُ شفيعًا وَشَهيدًا يَوْمَ القِيامَةِ". وفي روايةٍ: "وَمَنْ صَلَّى عليَّ ألفًا حَرَّمَ اللَّهُ لَحْمَهُ وعِظَامَهُ على النَّارِ"(2).

(1) قال الحافظ السخاوي في "القول البديع"(ص 177)، عن هذا اللفظ والذي بعده:"رواه النميري وابن بشكوال موقوفًا، وهو عند التيمي في "ترغيبه" (1653)، وساق اللفظ الثاني ثم قال: "وسنده ضعيف".

(2)

قال الحافظ السخاوي في "القول البديع"(ص 153) وفي آخر كلامه يفهم منه =

ص: 435

وعند الطبراني في "معجميه الأَوسط والصَّغير"، من حديث أنس مثله، لكن فيه:"ومَنْ صَلَّى عليَّ مائَة كَتَبَ الله لَهُ بين عَيْنَيْهِ بَرَاءَةً مِنَ النِّفَاقِ، وَبَرَاءَةً مِنَ النَّارِ، وَأَسْكَنَهُ يَوْمَ القِيامَةِ مَعَ الشُّهَداءِ"(1).

وقال عبد الله بن عمرو بن العاص الصحابيُّ ابن الصحابيِّ: "مَنْ صَلَّى عليه صلى الله عليه وسلم واحِدةً، صَلَّى الله وملائكتُه عليه سَبْعِينَ صَلَاةً"(2)، إِسناده صحيح، ومِثْلُهُ لا يقالُ إِلَّا عن توقيفٍ فهو في حُكْمِ المرفوعِ.

وفي حديث عنه عليه الصلاة والسلام أنَّه قَالَ: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ في يومٍ -وفي روايةٍ - في يَوْمِ الجُمُعَةِ أَلْفَ مَرَّةٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى

= شكه في صحة هذا الحديث: "أخرجه أبو موسى المديني بسند قال فيه الشيخ مغلطاي: لا بأس به، فالله أعلم".

(1)

أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين"(8/ 22) وفي "الصغير"(2/ 47)؛ وإسناده ضعيف؛ فيه إبراهيم بن سالم الهجيمي، قال المنذري:"لا أعرفه بعدالة ولا جرح""الترغيب"(2/ 491) كما أن في السند عبد العزيز بن قيس القرشي مقبول، أي لين الحديث إذ لم يتابع عليه.

(2)

أخرجه أحمد (2/ 172، 187)، وإسناده ليس بصحيح كما قال المصنف بل ضعيف؛ وذلك لأن فيه عبد الرحمن بن مُرَيح وهو مجهول كما قال الذهبي في "الميزان"(2/ 589) وغيره، وعبد الله بن لهيعة سيّء الحفظ وبهذا سقط الاحتجاج بهذا الأثر.

ص: 436

مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ" (1).

وروى أبو موسى المديني في "ترغيبه" أَنَّ خَلَّادَ بن كثيرٍ كان في النَّزْع فوجدوا عِنْدَ رَأْسِهِ رُقْعَة أي ورَقَة مكتوبٌ فيها: هذه بَراءَةٌ مِنَ الله لخلَّاد بن كثير، فسألوا عنه أهلَهُ ما كان عملُهُ فقيل: إِنَّه كان يُصَلِّي على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كُلَّ جُمُعَةٍ أَلْفَ مَرَّةٍ: اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ (2).

وروى أبو القاسم الأَصبهاني في "ترغيبه" أن ابن مسعود الصحابي قال لزيد بن وَهْبٍ: لا تَدَعْ هذا يوْمَ الجُمُعَةِ (3).

وفي حديث نَبَوِيٍّ: "مَنْ صَلَّى عليَّ حِينَ يُصْبِحْ عَشْرًا، وَحِينَ يُمْسِي عَشْرًا، أَدْرَكْتُهُ شفاعتي يَوْمَ القِيامَة"(4).

وفي آخر: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وَكُلَّ لَيْلَةٍ

(1) أخرجه ابن شاهين في "الترغيب في فضائل الأعمال"(ص 91)، من حديث أنس بن مالك، وذكره السخَّاوي في "القول البديع" (ص 185) وأعلَّه ثم قال في آخره:"بالجملة فهو حديث منكر كما قاله شيخنا، يعني ابن حجر".

(2)

ذكره السخَّاوي (ص 286): وقال: "لم أقف على أصله".

قلت: وكتاب المديني في "الترغيب" مظنة للأحاديث الضعيفة والمنكرة؛ فقد ساق جملة منها السخاوي في "القول البديع" وحكم عليها بالضعف والنَّكارة.

(3)

أخرجه أبو القاسم التيمي الأصبهاني في "الترغيب"(1654) وقال الحافظ السخَّاوي (ص 283): "وفي سنده لين".

(4)

تقدم تخريج هذا الحديث (ص 429).

ص: 437

ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؛ حُبًّا لِي وَشَوْقًا إِليَّ كان حَقًّا عَلَى الله أَنْ يَغْفِرَ لَهُ ذُنُوبَهُ ذَلِكَ اليَوْمَ، وَتِلْكَ اللَّيْلَةَ" (1).

وفي آخر: "لَيَرِدَنَّ عَليَّ -يعني الحَوْضَ- أَقْوامٌ ما أَعْرِفُهُم إلَّا بِكَثْرَةِ صَلَاتِهِم عَلَيَّ"(2).

وروى أبو الشيخ، وأبو القاسم الأَصْبَهانيان، وغيرُهما من طريق مالك بن دينار، وأبان بن صالح، عن أنس بن مالك عنه عليه الصلاة والسلام أنَّه قال:"مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً فَتَقُبِّلَتْ مِنْهُ محا الله عَنْهُ ذُنوبَ ثَمَانينَ سَنَةً"(3).

(1) أخرجه ابن أبي عاصم في "فضل الصلاة"(62)، والعقيلي في "الضعفاء"(3/ 450، 451)، والطبراني في "الكبير"(18/ 261، 262) من حديث أبي كاهل، قال الهيثمي في "المجمع" (4/ 219):"وفيه الفضل بن عطاء ذكره الذهبي وقال: إسناده مظلم" وقال المنذري في "الترغيب"(2/ 499، 500): "هو بهذا اللفظ منكر" وأفاض في ذكر من أعله السخاوي في "القول البديع"(ص 172).

(2)

قال الحافظ السخَّاوي في "القول البديع"(ص 182): "لم أقف على سنده".

(3)

أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب"(1669)؛ وإسناده ضعيف جدًّا؛ فيه محمد بن رزام متهم بالوضع كما قال الذهبي في "الميزان"(3/ 545)، وعفا الله عن المصنف فقد بدأ بذكر جملة من الأحاديث الصحيحة في فضل الصَّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فكان ذلك مناسبًا، ولكنه بآخر هذا الفصل بدأ بذكر هذه الأحاديث المنكرة والضعيفة فالله يجزيه خيرًا على نيته الحسنة.

ص: 438

وَأَسْنَدَ القُشَيرِيُّ في رسالتِهِ إِلى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أَوْحى الله إلى مُوسى عليه السلام: أَحَبُّ ما تَكونُ إِليّ وَأَقْرَبُه إِذا أَكثرتَ الصَّلاة على مُحَمَّدٍ.

وقال إِمامُ الأَئَمَّةِ الشَّافعيُّ رضي الله عنه: أُحِبُّ كَثْرَةَ الصَّلاةِ على النِّبيِّ صلى الله عليه وسلم في كُلِّ حَالٍ، وأنا في يَوْمِ الجُمُعَة وَلَيْلَتِها أَشَدُّ استحبابًا.

وفي "المُنْتَخَبِ من كتاب الثَّواب" لأَبي الشيخ، و"الترغيب" لأَبي موسى المديني، عن سيدنا علي رضي الله عنه قال: مَنْ صَلَّى على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بهؤلاءِ الكَلِمَاتِ في كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ويومِ الجُمُعَةِ مَائَةَ مَرَّةٍ يَقولُ: صَلواتُ الله وملائكتِهِ وأنبيائِهِ ورُسُلِه، وجميعِ خَلْقِهِ على مُحَمَّدِ، وعلى آل مُحَمَّدٍ وَعَلَيه وَعَلَيْهِم السَّلامُ ورحمةُ الله وبركاتُهُ، فَقْدَ صَلَّى عليه بِصَلاةِ جَمِيعِ الخَلائِقِ، وحُشِرَ يَوْمَ القيامَةِ في زُمْرَتِهِ، وَأَخَذَ بيده حَتَّى يدْخِلَهُ الجَنَّةَ.

وقال الحافظ طَاهِرُ بن مُحمَّدٍ الحَدادِيّ في كتابه "عُيُون المَجَالِسِ": سمعت أبا عبد الله الطرائفيّ يقول: خَرَجَ رَجلٌ مِنَ الصَّالحِينَ في أيَّامِ الرَّبيع فَرَأَى خُضْرَةَ الدُّنيا وبَهْجَتَها، فقال (1): يا رَبِّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ بِعَدَدِ وَرَقِ هذِهِ الأَشْجَارِ، وصلِّ عليه بِعَدَدِ رَمْلِ القِفَارِ، وَصَلِّ عليه بِعَدَدِ قَطْرِ البِحَارِ، وصَلِّ عليه بِعَدَدِ الوَرْدِ والنّوَّارِ،

(1) في هامش نسخة (أ): "بَلَغَ مُقَابَلَةً على نُسْخَةِ مُؤَلِّفِهِ".

ص: 439

وصَلِّ عليه بِعَدَدِ دَوَابِّ البرِّ والبِحَارِ، فلما نامَ هَتَفَ بِهِ هاتِفٌ: يا هذا، أتْعَبْتَ الحَفَظَةَ عَنْ كَتْبِ ثَواب هذا إلى آخِرِ الدَّهْرِ والأَعمارِ، واسْتَوْجَبْتَ من الله الكريم البَار جنَّاتِ عدنٍ فَنِعْمَ عُقْبى الدَّارِ.

وقال سَهْل بن عبد الله التُّستَري قَدَّسَ الله سِرَّهُ: إنَّ الصَّلاة عليه صلى الله عليه وسلم أفضلُ العبادات، قال: لِأَن الله تعالى تولاها هو وملائكتُه ثُمَّ أَمَرَ بها المؤمنين، وسائرُ العبادات ليست كذلك، ذَكرَ ذَلِكَ شَيْخُ الإسلام العلَّامة برهان الدِّين أبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ مُحمَّدٍ النَّاجِي في كتابه الذي سماه:"كَنْزُ الرَّاغِبينَ العُفاة في الرَّمْزِ إلى المَوْلدِ المُحَمَّدي والوَفَاة"(1).

وذكر فيه أيضًا عن الشيخ أبي سليمان الديراني أَنَّ من أَرَادَ أن يَسْأَلَ اللهَ حاجَةً فَلْيَبْدَأ بالصَّلاةِ على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يسأل حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَخْتِم بالصَّلاةِ عليه، فإِنَّ الله سبحانه بكرمه يَقْبَلُ الصَّلاتينِ، وهو أَكْرَمُ من أن يدعَ بينهما (2).

وعن أبي الدّرْداءِ عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "إِذا سَأَلْتُمُ اللهَ حاجَةً فابدؤوا بالصَّلاةِ عليّ، فإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمُ من أن يُسْأَلَ حاجتينَ فيقضي إحداهما ويَرُدَّ الأُخرى"(3).

(1)(11/ أوب- نسخة شهيد علي بالسليمانية بتركيا).

(2)

"كنز الراغبين العفاة" للناجي (9/ ب).

(3)

قال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء"(1/ 307): "لم أجده مرفوعًا؛ وإنما هو موقوف على أبي الدرداء".

ص: 440

وقال العراقي: هو موقوفٌ على أبي الدَّرْداءِ.

وقال ابن مسعود: إِذا أَرادَ أَحَدُكُم أن يَسْأَلَ اللَّهَ شيئًا، فَلْيَبْدَأْ بِحَمْدِهِ والثَّنَاءِ عليه بِمَا هو أَهْلُهُ، ثُمَّ يصلِّي على النّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَسْأَل؛ فإِنَّهُ أَجْدَرُ أن يَنْجَحَ (1).

وفي هذا المعنى وأشباهِهِ أحاديثُ كثيرةٌ، وآثارٌ شهيرةٌ، وفي هذا القدر كفاية لأَهل الذوق والبصيرة.

وفي الجُمْلَةِ والتَّفْصيلِ فَضْلُ الصَّلاة على النَّبِيِّ الكريمِ عليه أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَأَتَمُّ التَّسليمِ أَشْهَرُ من أن يُشْهَرَ، وأظْهرُ من أن يُذْكَرَ، وأكْثَرُ من أن يُحْصَرَ؛ إذ هي من أَفْضَل الأَعمالِ، وبها يُنالُ الفوزُ في الحالِ والمآلِ، وقد أُفْرِدَ لها مصنفاتٌ طِوالٌ صدَرَتْ من فحولِ الرِّجال الذين عليهم الاعتمادُ في الأَقوال والأَفعال، فَجَزاهُمُ اللَّهُ بِفَضْلِه خَيْرَ الجَزاءِ، وحَشَرَهُم تحتَ لواءِ نَبِيِّهِم المصطفى، وألحقني، ومن أحبني بِهِمْ؛ إِنَّه لا يخيبُ من له رجاء، ولعفوه سأل وإِليه التجأ.

لكن الاعتماد فيها، وفي غيرها من الأَعمالِ على الإخلاصِ كما نطق بِذَلِكَ الكِتَابُ والسُّنَّةُ على الإطلاقِ.

(1) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(10/ 441)، والطبراني في "الكبير"(9/ 171)، وإسناده منقطع إذ لم يسمع أبو عبيدة من والده عبد الله بن مسعود.

ص: 441

فلا يَجوزُ الاغترارُ بما يلهجُ به كثير مِنَ النَّاس، ويتداولونه بينهُم من غير مُسْتَنَدٍ أن كُلَّ الأَعمالِ منها المقبول، ومنها المردود، إلَّا الصَّلاةَ على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فإنها مقبولة غير مردودةٍ، فإن هذا الكلام مردودٌ غير مقبولٍ، لأَن كَلِمَةَ التَّوحيدِ أعظمُ منها وأفضل، ولا تقبلُ مِن كثيرٍ مِمَّن يدعي أنّه من أهلها، وليس هو في الحقيقةِ كذلك، فهي وغيرها من سائر الأَعمال لا تفيدُ، ولو أَتى بها بشُرُوطها إلَّا أن يوفق الله ويتفضلَ بالقبول!

لكن ينبغي للعاقِلِ العارفِ مع العَمَلِ والاجتهاد والإخلاصِ أن يخاف الرَّدَّ ويترجى القبول، وقد قال فَضالة بن عبيد الصحابي: لأَنْ أكونَ أعلمُ أن الله قد تقبَّلَ مِني مِثْقَالَ حبةٍ من خَرْدَلٍ أحبُّ إليَّ مِنَ الدُّنيا وما فيها؛ لأَن الله تعالى يقول {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)} [المائدة: 27].

وروي عن سيدنا عبد الله بن عمر نحوه، ويؤيد قولَهما رضي الله عنهما قولُه تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون: 60]، أي: يعطون ما أعطوه من الصَّدَقَاتِ وقلوبهُمُ خائِفَةٌ ألَّا تُقْبَلَ منهم. وَقُرِئَ: (يَأْتُونَ) بفتح الياء (ما أَتَوْا) بِقَصْرِ الهَمْزَةِ؛ أي يفعلون ما فعلوا من الطَّاعاتِ وقلوبهم خائفة ألَّا تقبل، وأن لا تَقَع على الوجه اللائِقِ فيؤاخذوا به.

والحاصل أن قَبُولَ الأَعمالِ مع الإخلاصِ موقوفٌ على

ص: 442