المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل فيما جاء في فضل الاشتغال تعلما وتعليما - مختصر الإفادات في ربع العبادات والآداب وزيادات

[ابن بلبان الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌كلمة ذكرى ووفاء

- ‌ترجمة المؤلف

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌مولده ومشايخه:

- ‌ثناء العلماء عليه والآخذون عنه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌وصف النسخ المعتمدة في التحقيق

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌بَابُ المِيَاهِ

- ‌فَصْلٌ في الآنِيَةِ

- ‌بَابُ الاسْتِنْجَاءِ

- ‌بَابُ السِّوَاكِ وَغَيْرِهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الوُضُوءِ

- ‌بَابُ مَسْحِ الخُفَّيْنِ

- ‌بَابُ نَواقِصِ الوُضُوءِ

- ‌بَابُ الغُسْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الحَيْضِ

- ‌كتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ الأَذانِ والإِقامَةِ

- ‌بَابُ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌باب آداب المشي إلى الصلاة

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهُوِ

- ‌فَصْلُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ صَلاةِ التَّطَوُّعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ في النَّفْلِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ صَلاةِ الجَمَاعَةِ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ صَلاةِ أَهْلِ الأَعْذَارِ

- ‌بَابُ القَصْرِ

- ‌بَابُ الجَمْعِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ صَلاةِ الجُمُعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ صَلاةِ العِيدَيْنِ

- ‌بَابُ صَلاةِ الكُسُوفِ

- ‌بَابُ صَلاةِ الاسْتِسْقَاءِ

- ‌كَتَابُ الجَنَائِزِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في الكَفَنِ

- ‌فَصْلٌ في الصَّلاةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ في حَمْلِهِ ودَفْنِهِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكاةِ السَّائِمَةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الخَارِجِ مِنَ الأَرْضِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الأَثْمَانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ زَكَاةِ العُرُوضِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الفِطْرِ

- ‌بَابُ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ أَهْلِ الزَّكاةِ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصِّيَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في المُفَطِّراتِ

- ‌فَصْلٌ فيما يُكْرَهُ فيه وحُكْمُ قَضَائِهِ

- ‌بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

- ‌بَابُ الاعْتِكَافِ

- ‌فَصْلٌ في حُكْمِ المَسْجِدِ

- ‌كِتَابُ الحَجِّ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ المَواقِيتِ

- ‌بَابُ الإحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَحْظُورَاتِ الإحْرَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الفِدْيةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ

- ‌بَابُ صَيْدِ الحَرَمَيْنِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ صِفَةِ الحَجِّ والعُمْرَةِ

- ‌فَصْلٌ في زِيَارَةِ قَبْرِهِ الشَّريفِ عليه السلام وَقَبْرِ صاحبيهِ، رضي الله عنهما

- ‌فَصْلٌ في صِفَةِ العُمْرَةِ

- ‌فَصْلٌ في أَرْكَانِ الحَجِّ والعُمْرَةِ وَوَاجِبَاتِهِمَا

- ‌بَابُ الفَواتِ والإحْصَارِ

- ‌بَابُ الهَدْي والأَضَاحِي

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كتابُ الجهاد

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ البَيْعِ

- ‌فَصْل

- ‌فَصْلٌ

- ‌‌‌فَصْل

- ‌فَصْل

- ‌‌‌فَصْل

- ‌فَصْل

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الآدَابِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا جَاءَ في فَضْلِ الاشْتِغَالِ تَعَلُّمًا وَتَعْلِيمًا

- ‌فَصْلٌ في ذِكْرِ شَيءٍ مِن آدابِ طَالِبِ العِلْمِ

- ‌بَابُ حُكْمِ السَّلامِ والمُصَافَحَةِ والتَّثاؤبِ والعُطَاسِ والاسْتِئْذانِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْل

- ‌فَصْلٌ فيما يُسْتَحب فِعْلُهُ بيمينِهِ وما يُستحب فِعْلُهُ بشمالِهِ

- ‌بَابُ آدَابِ الأَكْلِ والشُّرْبِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ الوَليمَةِ

- ‌فَصْلٌ في الكَسْبِ

- ‌بَابُ آدابِ النِّكَاحِ

- ‌فَصْل

- ‌فَصْلٌ

- ‌آدابُ الجِمَاعُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ نَظَرِ الرِّجَالِ إِلى النِّساءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ آدابِ النَّوْمِ والاستيقاظِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌بابٌ في اللَّعِبِ المُبَاحِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في حُكْمِ الكَلْبِ

- ‌فَصْلٌ فِي حُكْمِ الحَيوانِ

- ‌فَصْلٌ في بِرِّ الوَالدينِ وصِلَة الرَّحِمِ

- ‌فَصْلٌ في الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ الآثَارِ في فَضْلِ الصَّلاة عليه صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في الذِّكْر

- ‌فَصْلٌ في فَضْلِ حِلَقِ الذِّكْرِ والنَّدْبِ إِلى مُلازَمَتِها والنَّهيِ عن مُفارَقَتِها لِغَيْرِ عُذْرٍ

- ‌فَصْلٌ فِي الأَمْرِ بالمعروفِ والنَّهيِّ عَنِ المُنْكرِ

- ‌فَصْلٌ في الإِخلاص

- ‌خَاتِمَةٌ: في مَعْرِفَة الله تعالى وما يَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِينَ مِنَ الاعْتِقادِ

- ‌البَابُ الأَوّل: في مَعْرِفَةِ اللهِ تعالى

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في أسماءِ الله تعالى وصفاته

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في الرؤية

- ‌الباب الثاني: في الأَفعال

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌البَابُ الثَّالِثُ: في الأَحكام

- ‌فَصْلٌ في الإسلامِ والإيمانِ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌البَابُ الرَّابعِ: في بَقِيَّةِ السَّمْعياتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌البَابُ الخَامِسُ: في النُّبُوّةِ والإمَامَةِ

- ‌فَصْلٌ في النُّبُوّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌‌‌فَصْلٌفي الإِمَامِةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ في المُرْتَدِ

- ‌وصيَّة نافعة إن شاء الله تعالى

الفصل: ‌فصل فيما جاء في فضل الاشتغال تعلما وتعليما

‌كِتَابُ الآدَابِ

‌فَصْلٌ فِيمَا جَاءَ في فَضْلِ الاشْتِغَالِ تَعَلُّمًا وَتَعْلِيمًا

أعلم أنَّه قَدْ تَظاهَرت الآياتُ والأَخبارُ والآثَارُ، وتَطَابقَتِ الدَّلائِلُ الصَّريحَةُ وتَوافَقَتْ على فضيلةِ الاشْتِغَالِ بالعِلْمِ، والحَثِّ على تحصيلِهِ والاجتهادِ في اقتباسِهِ.

فَمِنْ ذَلِكَ قول الله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9]، وقوله تعالى:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)} [طه: 114]، وقوله تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]، وقوله تعالى:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، إلى غيرِ ذَلِكَ من الآياتِ الكثيراتِ.

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْه في الدينِ"، متفق عليه (1).

(1) البخاري (1/ 164)، ومسلم (2/ 719) من حديث معاوية بن أبي سفيان.

ص: 315

وقال عليه السلام لِعَليٍّ: "فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِن حُمْرِ النَّعَمِ"، متفق عليه (1).

وقال عليه السلام لمعاذ لمّا بَعَثَهُ إلى اليمن: "لأَنَّ يَهْدِي اللهُ بِكَ رَجُلًا واحدًا خَيْرٌ لَكَ من الدُّنيا وما فيها"، رواه أحمد (2).

وقال عليه السلام: "مَنْ دَعَا إلى هُدى، كانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أجورِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أجورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إلى ضَلالَةٍ، كانَ عَلَيْه مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ من آثامِهِمْ شَيْئًا"، رواه مسلم (3).

وقال عليه السلام: "لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَينِ: رَجُلٌ آتاهُ اللهُ مالًا فَسَلَّطَهُ على هَلَكَتِهِ في الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتاهُ اللهُ الحِكْمَةَ فهو يَقْضِي بها"، متفق عليه (4).

وقال عليه السلام: "إذا مَاتَ ابنُ آدمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا من ثَلاث: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدِ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ"، رواه مسلم (5).

(1) البخاري (6/ 144، 145)، ومسلم (4/ 1872) من حديث سهل بن سعد.

(2)

أخرجه أحمد (5/ 238) من طريق ذويد بن نافع عن معاذ، وقال الهيثمي في "المجمع" (5/ 334):"رجاله ثقات إلَّا ذويد بن نافع لم يدرك معاذًا"، فعلى هذا يكون سند الحديث منقطعًا.

(3)

مسلم (4/ 2060) من حديث أبي هريرة.

(4)

البخاري (1/ 165)، ومسلم (2/ 558) من حديث ابن عمر.

(5)

(3/ 1254) من حديث أبي هريرة.

ص: 316

وقال عليه السلام: "مَنْ خَرَجَ في طَلَبِ العِلْمِ فَهُوَ في سَبِيْلِ اللهِ حَتَّى يَرْجِعَ"(1).

وقال عليه السلام: "فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدناكم"، ثُمَّ قال:"إنَّ اللهَ وملائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمواتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الحُوْتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمي النَّاسِ الخَيْرَ"، رواهُما التِّرمِذي (2).

وقال عليه السلام: "فَقيهٌ واحِدٌ أَشَدُّ على الشَّيطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ"، رواه ابن ماجه والترمذي (3).

(1) أخرجه الترمذي (2647)، والعقيلي في "الضعفاء"(2/ 17) والطبراني في الصغير (1/ 136)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 290) من حديث أنس، وإسناده ضعيف؛ فيه أبو جعفر الرازي صدوق سيء الحفظ، وبقية رجاله قد وثقوا، وله شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (227) والحاكم (1/ 91) وصحح إسناده البوصيري في "مصباح الزجاجة"(2/ 95) فيكون الحديث به حسنًا، والله أعلم.

(2)

أخرجه الترمذي (2685)، والطبراني في "الكبير"(8/ 278) من حديث أبي أُمامة، وإسناده ضعيف؛ فيه الوليد بن جميل-ويقال: داود بن جميل- فيه كلام، وأخرجه الدارمي (1/ 88، 97) من مرسل الحسن البصري، والسند إليه صحيح، كما أنه يشهد لبعضه حديث أبي الدرداء الآتي قريبًا.

(3)

أخرجه الترمذي (2681)، وابن ماجه (222) من حديث ابن عباس، وإسناده ضعيف؛ فيه روح بن جناح ليس بالقوي، وقد أورد الذهبي حديثه هذا في "الميزان"(2/ 58).

ص: 317

وقال عليه السلام: "لِكُلِّ شيءٍ عِمَادٌ، وعِمَادُ هذا الدينِ الفِقْه، وما عُبدَ الله بشيءٍ أفضلَ من فقهٍ في الدِّين"، رواه الدارقطني (1).

وقال عليه السلام: "أَلا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُون ما فِيهَا إلَّا ذِكْرَ اللهِ، وما والاهُ، وعَالِمًا أَوْ مُتَعَلمًا"، رواه الترمذي (2).

وقال عليه السلام: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغي فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلى الجَنَّةِ، وإنَّ المَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطالِبِ العِلْمِ رِضَىً بِمَا يَصْنَعُ، وإِنَّ العَالِمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ من في السَّمَواتِ وَمَنْ في الأَرْضِ حَتَّى الحِيتَانُ فِي المَاءِ، وَفَضلُ العَالِمِ على العابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ على سَائِرِ الكَواكِبِ، وإن العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِياءِ، وإِنَّ الأَنبياءَ لم يُوَرِّثُوا دينارًا ولا دِرْهَمًا، وإنَّما وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وافِرٍ"، رواه التِّرمذي وصححه ابن حِبَّان (3).

(1) أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "المجمع"(1/ 121)، والآجري في "أخلاق العلماء" ص 22، والدارقطني (3/ 79) من حديث أبي هريرة، وإسناده ضعيف جدًّا؛ قال الهيثمي:"فيه يزيد بن عياض وهو كذاب".

(2)

أخرجه الترمذي (2322)، وابن ماجه (4112) من حديث أبي هريرة، وقال الترمذي:"حسن غريب" وهو كما قال.

(3)

أخرجه الترمذي (2682)، وأبو داود (3641)، وابن ماجه (223)، والدارمي (1/ 98)، وابن حبان (88) وغيرهم من حديث أبي الدرداء، وإسناده ضعيف فيه داود بن جميل -ويقال: الوليد - وكثير بن قيس وكلاهما ضعيف، وأخرجه من طريق أخرى أبو داود (3642) فيتقوى به الحديث ويكون حسنًا، وقد قواهُ لشواهده الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(1/ 160).

ص: 318

وقال عليه السلام: "مَجْلِسُ فِقْهٍ خَيْرٌ مِنْ عِبادَةِ ستين سنة"(1).

وقال عليه السلام: "يَسيرُ الفِقْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثْرَةِ العِبادَةِ"(2).

وقال عليه السلام: "فَقِيهٌ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ من ألفِ عَابِدٍ"(3).

وقال عليه السلام: "أَفْضَلُ العِبَادة الفِقْه"(4)، رواها الخطيب في كتاب "الفقيه والمتفقه".

وقال عليه السلام: "ما تَصَدَّقَ النَّاسُ بِصَدَقةٍ أَفْضَلُ مِنْ عِلْمٍ يُنْشَرُ"، رواه الطبراني (5).

وقال عليه السلام: "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ المَرْءُ المُسْلِمُ عِلْمًا

(1) أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه"(1/ 14) من حديث ابن عمر وهو موضوع؛ فيه عبد الله بن أذينة يروي الموضوعات، وعبد الوهاب بن مجاهد متروك الحديث وأعله بذلك ابن عراق في "تنزيه الشريعة"(1/ 278).

(2)

أخرجه الطبراني في "الكبير"(1/ 97)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(1/ 15) من حديث عبد الرحمن بن عوف، وقال الهيثمي في "المجمع" (1/ 121):"وفيه خارجة بن مُصعب وهو ضعيف جدًّا" وقال ابن القيم في "مفتاح دار السعادة"(1/ 386): "لا يثبت رفعه".

(3)

أخرجه الخطيب (1/ 18) وهو موضوع؛ فيه سمعان بن مهدي نص الذهبي في "الميزان"(2/ 234) على أنه يروي نسخة موضوعة.

(4)

أخرجه الخطيب (1/ 21) من حديث ابن عمر، وإسناده ضعيف؛ لم يصرح فيه بقية بالتحديث، وليث بن أبي سليم متكلم فيه.

(5)

في "الكبير"(7/ 280) من حديث سمرة بن جندب، وإسناده ضعيف جدًّا؛ فيه عون بن عمارة ضعيف، وأبو بكر الهذلي متروك الحديث.

ص: 319

ثُمَّ يُعَلِّمَهُ أَخَاهْ المُسْلِمَ"، رواه ابن ماجه وصححه (1).

وقال عليه السلام: "ذَنْب العَالِمِ ذَنْبٌ واحدٌ، وَذَنْبُ الجَاهِلِ ذَنْبَانِ"، رواه الديلمي في "الفردوس"(2).

وقال عليه السلام: "اُغْدُ عَالِمًا أو مُتَعَلِّمًا أو مُسْتَمِعًا أو مُحِبًّا، ولا تَكُن الخَامِسَة تَهْلِك"، رواه البزار والطبراني (3).

وقال عليه السلام: "مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، فَلَهُ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهِ، لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ العَامِلِ" رواه ابن ماجه (4).

وقال عليه السلام: "مَنْ طَلَبَ العِلْمَ تَكَفَّلَ الله بِرِزْقِهِ" رواه الخطيب (5).

(1) أخرجه ابن ماجه (243) ولم يصححه، وليس من عادته الكلام على الحديث، وإسناده ضعيف أفاض في ذكر علله الحافظ البوصيري في "مصباح الزجاجة"(1/ 105).

(2)

أخرجه الديلمي في "الفردوس"(2988) من حديث ابن عباس، وقال العلامة المناوي في "فيض القدير" (3/ 565):"فيه جويبر بن سعيد، قال الذهبي: قال الدارقطني وغيره: متروك".

(3)

أخرجه البزار (134 - كشف الأستار)، والطبراني في "الصغير"(2/ 9) من حديث أبي بكرة، وإسناده ضعيف؛ فيه عطاء بن مسلم الخفاف، ليس بالقوي.

(4)

(240) من حديث أنس وإسناده ضعيف، وانظر:"مصباح الزجاجة" للبوصيري (1/ 103).

(5)

أخرجه الخطيب في "تاريخه"(3/ 180) واستغربه من حديث زياد بن الحارث الصدائي، وإسناده ضعيف؛ فيه يونس بن عطاء لا يجوز الاحتجاج به؛ وبه أعله المناوي في "الفيض"(6/ 175).

ص: 320

وقال عليه السلام: "مَنْ طَلَبَ العِلْمَ فهو في سبيل الله حَتَّى يَرْجِعَ"(1) رواه أبو نُعَيْم.

تَنْبِيهُ: وليحذَرِ العَالِمُ غَايةَ الحَذَرِ من الوقوع في الذُّنُوبِ صَغَائِرِها وكَبائِرِها، فلا يُرَخِّصُ لِنَفْسِهِ في أَدْنَى شيء منها بل يَشُدُّ زِمَامَها ما أمكَنَهُ وإلَّا تُهْلِكُهُ وهو لا يَشْعُرُ، فإنَّ ذَنْبَهُ أَشَدُّ مِنْ ذَنْبِ الجَاهِلِ بكثيرٍ؛ لأَنَّه يفعلُهُ على بصيرةٍ وعِلْمٍ، ولأَنَّهُ يُقتَدى به. فكثيرًا ما تكونُ معصيتُهُ وسيلةً إلى معصيةِ غَيْرِهِ فيكونُ عليه وزرانِ: وِزْرُ معصيتِهِ، ومثلُ وِزْرِ من اقتدَى به.

فَيَجِبُ على العَالِمِ إذا حَدَّثَتْهُ نفسُهُ بالذَّنْبِ أن يخافَ هذه العاقِبَةَ، ويجتهدَ على مَنْعِها منه؛ لأَنَّه لو لم يكن فيه إلَّا هذا المَحْذُورُ العَظِيمُ لكانَ الواجِبُ عليه كَفَّها عنه بأي وجهٍ أمكنَ، وألا يكونَ عاصيًا ومُتَسَبِّبًا لمعصيةِ المَلِكِ الجَليلِ. قال الإمامُ أحمد: العَالِمُ يُقْتَدى بِهِ، لَيْسَ العَالِمُ مِثلَ الجَاهِلِ. ومعناه لابن المبارك وغيره.

وقال الفضيل بن عياض: يُغْفَرُ لسبعينَ جاهِلًا قَبْلَ أن يُغْفَرَ لِعالِمٍ واحدٍ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: أَشَدُّ النَّاسِ عَذابًا يوم القيامة عَالِمٌ لم يَنْفَعْهُ اللهُ بِعِلْمِهِ، فَذَنْبُهُ مِنْ جِنْسِ ذَنْبِ اليَهُودِ.

(1) تقدم تخريجه ص 317.

ص: 321

وفي الجُمْلَةِ العِلْمُ أَفْضَلُ الأَعْمالِ، وَأَقْرَبُ العلماءِ إلى اللهِ أولاهُم بِه، وأكثرهُم لَهُ خَشيةً، وأعظمهم مُوافَقَةً، وأحسنُهم سِيرَةً، وَأَشَدُّهُم اتباعًا لهدي النَّبِيِّ عليه السلام وطريقةِ صَحْبِهِ وسَلَفِ أُمتهِ الكِرام.

وقال عليه السلام: "كُونُوا لِلْعِلْمِ رُعاةً، ولا تكُونوا له رواة"(1).

وقال علي رضي الله عنه: قَصَمَ ظَهْرِي رَجُلانِ: عَالِمٌ مُتَهَتِّكٌ، وَجَاهِلٌ مُتَنَسِّكٌ، فالجَاهِلُ يَغُرُّ النَّاسَ بِتَنَسُّكِهِ، والعَالِمُ يُنَفِّرُهُم بتهتُّكِهِ.

إذا عَرَفْتَ هذا فاعلم أيضًا أَن الآثار الواردةَ عن السَّلَفِ الصَّالح في فَضْل العِلْمِ وأهله كثير جدًّا، منها ما قاله على كَرَّم اللهُ وجهه: كَفَى بالعِلْمِ شَرَفًا أن يَدَّعِيَه من لا يُحْسِنُهُ، وَيَفْرَحَ إِذا نُسِبَ إليه، وَكَفى بالجَهْلِ ذَمًّا أنَّه يتبرأُ مِنْه من هو فيه.

وقال معاذ رضي الله عنه: تَعلَّموا العِلْمَ، فإن تَعلُّمَهُ لَكَ حَسَنَةٌ، وطلبَهُ عِبادَةٌ، ومذاكرتَهُ تَسْبيحٌ، والبحثَ عنه جِهادٌ، وتعليمَهُ من لا يَعْلَمُ صَدَقَةٌ، وبذْلَهُ لأَهْلِهِ قُرْبَةٌ.

(1) أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس"(4742) من حديث ابن عباس، والعزو إلى "مسند الفردوس" مُؤذِنٌ بالضعف، وقد رمز السيوطي لضعفه في "الجامع الصغير"(5/ 57 - من فيض القدير).

ص: 322

وقال أبو مسلم الخولاني رحمه الله تعالى: مَثَلُ العُلماءِ كالنُّجُوم في السماءِ، إذا بَدَتْ للنَّاسِ اهْتَدَوْا، وإذا خَفِيَتْ عنهم تَحَيَّروا.

وقال وهب بن منبه رضي الله عنه: يَتَشَعَّبُ مِن العِلْمِ الشَّرَفُ وإن كانَ صاحبه دنيئًا، والعِزُّ وإن كان مهينًا، والقُرْبُ وإن كان قصيًّا، والغِنَى وإن كان فقيرًا، والنُّبْلُ وإن كان حَقيرًا، والمهابَةُ وإن كان وضيعًا.

وقال الشَّافعيُّ رضي الله عنه: طَلَبُ العِلْمِ أَفْضَلُ من صَلاةِ النَّافِلَة.

وقال: لَيْسَ بعد الفَرائِضِ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ العِلْم.

وقال: من أرادَ الدُّنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخِرَةَ فعليه بالعِلْمِ.

وقال: من لا يُحِبُّ العِلْمَ لا خَيْر فيه، ولا يكونُ بيْنَكَ وبينَهُ معرِفَةٌ ولا صداقةٌ.

وقال: العِلْمُ مُرُوءةٌ، مَنْ لا عِلْمَ لَهُ لا مُروءَةَ له.

وقالَ: إن لم يكن الفُقَهَاءُ، وفي روايةٍ: العامِلونَ أولياءَ فَلَيْسَ للهِ وليٌّ.

وقال: ما أَحَدٌ أورعَ لِخَالِقِهِ من الفُقهاء.

ص: 323

وقال: من تَعَلَّمَ القُرآنَ عَظُمَتْ قيمتُهُ، ومن نَظَرَ في الفِقْهِ نَبُلَ قَدْرُهُ، ومن نَظَرَ في اللُّغَةِ رَقَّ طَبْعُهُ، ومن نَظَرَ في الحِسابِ جَزُلَ رأيُهُ، ومن كَتَبَ الحديثَ قَويت حُجَّتُهُ، ومن لم يَصُنْ نفسَهُ لم ينفَعْهُ علمُهُ.

وقال أبو الدرداء: ما نحنُ لولا كَلِماتُ الفُقَهاءِ.

وقال علي رضي الله عنه: العَالِمُ أَعْظَمُ أَجْرًا من الصَّائِمِ القَائِمِ الغَازِي في سَبيلِ اللهِ.

وقال أبو ذَرٍّ وأبو هريرة رضوان الله عنهما: بابٌ مِنَ العِلْمِ نتعلمُهُ أَحَبُّ إلينا من ألفِ رَكْعَةٍ، وبابٌ مِنَ العِلْمِ نُعَلِّمُهُ عُمِلَ بِهِ أولم يُعْمَلْ أَحَبُّ إلينا من مائةِ رَكْعَةٍ تطوعًا.

وقالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا جَاءَ المَوْتُ طَالِبَ العِلْمِ وهو على هذه الحَالَةِ ماتَ شَهيدًا"(1).

وقال أبو هريرة أيضًا: لأَنَّ أعْلَم بَابًا مِنَ العِلْمِ في أَمْرٍ وَنَهْيٍ أَحَبُّ إليَّ من سبعين غزوةً في سبيل اللهِ.

وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: مذاكرةُ العِلْمِ ساعةً خير من قيام ليلة.

(1) أخرجه البزار (138 - كشف)، وقال الهيثمي في "المجمع" (1/ 124):"فيه هلال بن عبد الرحمن الحنفي، وهو متروك".

ص: 324

وقال الحسن البصري: لأَنَّ أَتَعلَّم بابًا مِنَ العِلْمِ فَأُعَلِّمَه أحبُّ إِليَّ من أن تكونَ ليَ الدُّنيا كُلُّها في سبيل اللهِ.

وقال: يحيى بن أبي كثير: دِراسَةُ العِلْمِ صلاةٌ.

وقال سفيان الثَّوْرِيُّ: ليسَ شيءٌ بَعْدَ الفرائضِ أَفْضَلَ من طَلَبِ العِلْمِ.

وقيل لأَحمدَ بنِ حنبل: أيُّ شيءٍ أَحَبُّ إِليكَ: أجْلِسُ باللَّيلِ أنسخُ أو أُصلي تطوعًا؟ قال: نَسْخُكَ تَعْلَمُ به أمرَ دينكَ فهو أَحَبُّ إليَّ.

وقال مكحول: ما عُبِدَ اللهُ بأفضلَ من الفقِهِ.

وقال الزُّهريُّ: ما عِنْدَ اللهِ مِثْلُ الفِقْهِ.

وقال سعيدُ بن المُسَيَّب: ليست عبادةُ الله بالصَّوْمِ ولا بالصَّلاةِ، ولكن بالفِقه في دينه، يعني أعظمَهَا وأفضلَها.

وقال ابن أبي فروة (1): أَقْرَبُ النَّاسِ من دَرَجَةِ النُّبُوةِ أَهْلُ العِلْمِ، وَأَهْلُ الجِهَادِ، فالعلماءُ دَلوا النِّاس على ما جاءت به الرُّسُلُ، وأهلُ الجِهادِ جاهدوا على ما جاءت به الرُّسُلُ.

وقال سفيان بن عُيينةَ: أَرْفَعُ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ منزلةً من كانَ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ عِبَادِهِ، وهم الرُّسُلُ والعُلَماءُ.

(1) هو إسحاق بن محمد شيخ البخاري.

ص: 325